الجمعة، 23 أكتوبر 2015


بعد طرد العشرات... تسريح "صامت" للعمّال الفلسطينيّين من أماكن العمل الإسرائيليّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – بدأت الأحداث الّتي تشهدها الأراضي الفلسطينيّة منذ بداية أكتوبر الجاري تلقي بظلالها على كلّ مناحي الحياة، لا سيّما الإقتصاديّة منها، وتحديداً على فئة العمّال الّذين باتوا أوّل من دفع ثمن ما يجري، وذلك بعد أن سرّح العشرات منهم من أماكن عملهم في المستوطنات الإسرائيليّة بالضفّة الغربيّة وإسرائيل، فيما يخشى عشرات آلاف آخرون من أن يلتحقوا بمن سبقهم في التّسريح من العمل.

وجاء تسريح العمّال، عقب قرار مجلس المستوطنات في الضفّة الغربيّة بتاريخ 14 أكتوبر الجاري والقاضي بمنع دخول العمّال الفلسطينيّين للعمل في المستوطنات، وهو القرار الّذي لم يطبّق في شكل كامل على أرض الواقع، إلاّ أنّ العديد من العمّال الفلسطينيّين الّذين تحدّث إليهم "المونيتور" أكّدوا أنّ أرباب العمل في بعض مستوطنات الضفّة وإسرائيل طلبوا منهم مغادرة أماكن عملهم بلا عودة.

وفي هذا المجال، أكّد العامل محمّد سعيد 33 عاماً من سكّان مدينة رام الله في وسط الضفّة الغربيّة، والّذي يعمل في مصنع للألومنيوم بمستوطنة بيت إيل الواقعة شمال شرق رام الله، في حديث لـ"المونيتور" أنّ صاحب المصنع الّذي يعمل فيه قام بطرده من العمل، في الثامن من أكتوبر أي بعد أسبوع واحد من اندلاع الأحداث في المناطق الفلسطينيّة.

وأوضح أنّ طرده وعدد آخر من العمّال في المصنع ذاته جاء بسبب خوف المستوطنين الإسرائيليّين من حدوث عمليّات ينفّذها بعض العمّال الفلسطينيّين، وترافق ذلك مع وضع المستوطنين حراسات مشدّدة على مدخل المستوطنة لمنع دخول العمّال، وهو ما جعله الآن عاطلاً عن العمل.

أمّا العامل معاذ شلودي 30 عاماً من مدينة القدس فأكّد أنّ صاحب مغسلة السيّارات حيث يعمل في مدينة القدس قام بتسريحه عن العمل بعد أن استجاب (معاذ) لدعوة أطلقها فلسطينيّون في القدس بأن يكون الثلثاء في 13 أكتوبر الجاري يوم إضراب، احتجاجاً على ممارسات الإحتلال بحقّ المقدسيين، مشدّداً على أنّ صاحب العمل هدّده بالفصل إذا شارك في الإضراب، وهذا ما حدث.

وأشار إلى أنّ عمله في تلك المغسلة كان محفوفاً بالمخاطر لأنّ غالبيّة من يأتون إلى غسل سيّاراتهم هم من الإسرائيليّين، وقال: "عندما يعلم الإسرائيليّون أنّ من يقوم بغسل سيّارتهم فلسطينيّ ينظرون إليه نظرة دونيّة، ويكون التّعامل معه باستعلاء".

وفي السّياق ذاته، سرّحت الفلسطينيّة وفاء أبو جمعة من حيّ الطور في مدينة القدس من عملها في دار للمسنين، بعد أن اتّهمتها إدارة الدار بالمشاركة في فعاليّات نصرة للمسجد الأقصى قبل وأثناء الانتفاضة، وقالت لـ"المونيتور": "كنت أعمل في مجال الخدمة الإجتماعيّة بدار المسنين منذ 4 سنوات، وكانت تربطني علاقة قويّة وجيّدة مع زملائي والمسنّين هناك، إلاّ أنّ أحد الإسرائيليّين الّذين يعملون معي، قام بالتقاط صورة لي خلسة وأنا أشارك في فعاليّات بالمسجد الأقصى، وتمّ تحويلي للتّحقيق في مركز شرطة إسرائيليّ، وأبلغت بقرار تسريحي عن العمل".

وشدّدت على أنّها سرّحت وأربعة آخرين من زملائها الفلسطينيّين، حيث اتّهم أحدهم بأنّه وضع على صفحته على "فيسبوك" منشوراً تحريضيّاً.

أمّا العامل أسامة شتات، الّذي يسكن في قرية بديا بقضاء نابلس فأكّد أنّ تسريحه من العمل في مستوطنة أرائيل، أكبر مستوطنات الضفّة الغربيّة، جاء بعد اندلاع المواجهات بأيّام قليلة، حيث تفاجأ عند وصوله إلى باب المستوطنة برجال الأمن يبلغونه بسحب تصريحه وإيقافه عن العمل من دون إبداء أيّ أسباب، وقال في حديثه لـ"المونيتور": "في الأيّام الأولى لاندلاع المواجهات في الضفّة الغربيّة والقدس، اختلف تعامل الإسرائيليّين معنا كعمّال بشكل كبير، وكانت نظراتهم لنا مخيفة، لدرجة أنّنا كنّا نخاف الذهاب لشراء الطعام من المتجر في المستوطنة، خوفاً من أن يتعرّضوا لنا".

وأشار إلى أنّه يعلم بتسريح العشرات من العمّال الّذين كانوا يعملون معه في مجال البناء، فيما امتنع اثنان من أبناء عمومته من الذهاب إلى العمل في المستوطنة ذاتها، خوفاً من أن تتعرّض حياتهما للخطر من قبل المستوطنين.

وتؤكّد تلك الروايات ما ذهبت إلى إعلانه القناة العاشرة الإسرائيليّة في 18 أكتوبر الجاري من أنّ أعداداً كبيرة من مقاولي البناء الإسرائيليّين في ورطة حقيقيّة من جراء رفض أصحاب المباني والعمارات الإسرائيلية الّتي هي قيد الإنشاء، وجود فلسطينيّين بين العمّال ما سيكبدهم خسائر كبيرة.

وفيما اتّخذت السلطات المحليّة في إسرائيل قراراً في 18 أكتوبر بحظر دخول العمّال الفلسطينيّين إلى المدارس، فيما ستسمح لعمّال النّظافة الفلسطينيّين بدخولها بعد نهاية الدوام الرسميّ، وبمرافقة مسؤولي تلك المدارس.

وبحسب تقرير صادر عن بنك إسرائيل المركزيّ في بداية مارس الماضي، فإنّ نسبة العمالة الفلسطينيّة من الضفّة الغربيّة في إسرائيل في عام 2014 بلغت 2.2 بالمئة من إجماليّ عدد الموظّفين والعاملين في إسرائيل. كما بلغ عدد العمّال الفلسطينيّين داخل إسرائيل 92 ألف عامل.

من جهته، أوضح الأمين العام لإتّحاد نقابات عمّال فلسطين شاهر سعد لـ"المونيتور" أنّه لم تصله إحصائيّة بأرقام العمّال الفلسطينيّين الّذين تمّ تسريحهم من العمل، مشيراً إلى أنّ الدلائل المتوافرة لديه تبيّن أنّ حالات التّسريح ليست بالكبيرة.

وأشار إلى أنّ العدد الأكبر من العمّال الّذين تمّ تسريحهم هم من القدس وبعض مستوطنات الضفّة الغربيّة كمستوطنة بيت إيل وأرئيل، بسبب سخونة الأحداث في تلك المناطق، مناشداً في الوقت ذاته الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس الانضمام إلى منظّمة العمل الدوليّة لمساعدة العمّال الفلسطينيّين في الحصول على حقوقهم.

واعتبر أستاذ الإقتصاد في جامعة "النجاح الوطنيّة" محمود أبو الربّ أنّ تسريح العمّال الفلسطينيّين من عملهم في المستوطنات أو من داخل إسرائيل سينعكس سلباً على أوضاع العمّال الفلسطينيّين وسيلحقهم بطابور البطالة.

ولم يستبعد في حديث مع "المونيتور" أن يمتدّ التّسريح ليطال عشرات آلاف العمّال الّذين يعملون في إسرائيل والمستوطنات بالضفّة، إذا استمرّت الأحداث مشتعلة في المناطق الفلسطينيّة، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنّ المصانع الإسرائيليّة ستتضرّر، ولن تستطيع تحمّل الخسائر الإقتصاديّة الناجمة عن تسريح العمّال.

وطالب محمود أبو الربّ المؤسّسات الحكوميّة وغير الحكوميّة بتحمّل مسؤوليّاتها تجاه من يتمّ تسريحه من العمل ومساعدته في توفير قوت يومه.

وستحمل الأيّام المقبلة بين طيّاتها ما ستؤول إليه أمور العمّال الفلسطينيّين الّذين يعملون في المستوطنات الإسرائيليّة وداخل إسرائيل، رغم القناعة السائدة بأنّ إسرائيل لا يمكنها الاستغناء عن العمالة الفلسطينيّة، وتحديداً الّتي تعمل في مجال البناء.



الاثنين، 19 أكتوبر 2015


رفض العمل في متحف جنيف... أمهر نحّاتي غزّة يقلّد آثار الحضارات ليحافظ على الأصل
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزّة - على سطح أحد منازل مخيّم الشاطئ غرب مدينة غزّة، تقع غرفة صغيرة سقفها من الصفيح ونوافذها من البلاستيك، هي عبارة عن ورشة النحّات الفلسطينيّ نافذ عابد، والتي ما إن تدخلها حتّى تنبهر بالأشكال والمنحوتات الأثريّة التي قام بصناعتها والتي يعود تاريخ صناعة بعضها إلى عشرات السنوات.

فالنحّات عابد والبالغ من العمر 55 عاماً بدأ موهبته تلك أثناء اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيليّ خلال الانتفاضة الأولى في عام 1988، حيث بدأ بنحت بعض الأعمال الفنيّة داخل السجن. وما إن خرج في عام 1989 حتّى بدأ يشقّ طريقه إلى حرفته شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح من أمهر النحّاتين في غزّة.

اتّقانه وحرفيّته في تقليد الآثار القديمة وترميمها دفعا بالسلطة الفلسطينيّة إلى توظيفه في وزارة السياحة والآثار في عام 1994، وتدرّج في مناصبها حتّى وصل إلى منصب نائب مدير قسم ترميم الآثار في الوزارة، وسافر بعد ذلك إلى العديد من البلدان كفرنسا والأردن ليستفيد من بعض الخبرات هناك.

حظيت ورشة النحّات نافذ المتواضعة بشرف زيارة العديد من الشخصيّات الدوليّة لها، منهم مدير متحف جنيف الذي وجّه إليه دعوة للإقامة في سويسرا والعمل في المتحف بعدما أعجب كثيراً بأعماله، وذلك أثناء زيارته غزّة في عام 2005، إلّا أنّ عابد رفض ذلك وآثر البقاء في غزّة يرمّم آثارها.

رمّم عابد الذي يعمل في حرفته منذ 35 عاماً الكثير من الآثار التي تنتمي إلى عصور مختلفة منها اليونانيّ والرومانيّ والبيزنطيّ والإسلاميّ وقلّدها، إضافة إلى مهارته في سكّ العملات القديمة وصناعة لوحات الفسيفساء والتي تتطلّب صناعة القطعة الواحدة منها ما يقارب الـ3 أسابيع من العمل المتواصل.

وبيّن أنّ كلّ ما يستخدمه في عمله من موادّ أوّليّة متوافر في غزّة، ولا يحتاج إلى استيراده من الخارج. وتتمثّل أهمّ تلك الموادّ في الفخّار والصلصال والرصاص وبعض السبغات التي يستخدمها في طلاء الآثار، ناهيك عن اقتنائه أكثر من 500 قطعة أثريّة قديمة تعود إلى العصر اليونانيّ وغيرها من العصور، والتي يقوم بتقليد الكثير منها.

وعلى الرغم من جمال ما يقوم عابد بصناعته، إلّا أنّ الإقبال على شراء ما يقوم بصناعته من قطع مقلّدة ضعيف للغاية بسبب عزوف السيّاح من شتّى أنحاء العالم عن زيارة قطاع غزّة بفعل الحصار الإسرائيليّ المفروض عليه منذ عام 2007، إضافة إلى الوضع الاقتصاديّ الصعب لأهالي سكّان القطاع الذين يفضّلون شراء مستلزمات الحياة الضروريّة، بدلاً من شراء تلك المقتنيات التي تعتبر بالنسبة إليهم أشياء ثانويّة.

وتمنّى عابد أن يجد من يرعى موهبته ويساعده في افتتاح متحف صغير لصناعة تلك الآثار في شكل أكبر ولنقل خبرته إلى الراغبين في تعلّم تلك الحرفة، والتي يحتاجها الفلسطينيّون للحفاظ على تراثهم وآثارهم القديمة.

وناشد النحّات عابد أثناء حديثه إلى "المونيتور" الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس بإعادة راتبه الذي قطعته وزارة الماليّة في رام الله بعد الانقسام الفلسطينيّ في أواخر عام 2007 من دون معرفة أسباب قطع راتبه.

أكّد مدير عام الآثار في وزارة السياحة والآثار في غزّة جمال أبو ريدة استعداد وزارته لاستيعاب مثل تلك الكفاءات ورعايتها، مشيراً إلى أنّ كلّ من طرق باب الوزارة وجد كلّ ترحيب.

وقال لـ"المونيتور": "مواهب كتلك محلّ اهتمام لدينا كونها تساهم في التعريف بالآثار والثقافة الفلسطينيّة، ويفترض أن نقوم بعرض ما يقومون بتقليده على الجمهور بدل أن يتمّ عرض قطع أثريّة أصليّة. وهو ما تقوم به أغلب بلدان العالم، وذلك لتتمّ المحافظة على الأصل من التخريب أو التلف أو السرقة، ولنشجّع الأعمال الحرفيّة التي تختصّ في مجال النحت وترميم الآثار".

وأوضح أنّ أيّ معرض أو متحف سيقومون بافتتاحه لأولئك النحّاتين أو لأعمالهم يحتاج إلى مبالغ ماليّة كبيرة، وهو ما تعجز عن توفيره الوزارة في ظلّ عدم وجود ميزانيّات تشغيليّة، بسبب الخلاف السياسيّ بين حكومة التوافق وحركة حماس التي يسيّر موظّفوها شؤون قطاع غزّة، ناهيك عن أنّ الدور الأكبر في إقامة مثل تلك المعارض أو المتاحف هو من اختصاص وزارة الثقافة.

من جانبها، قالت وزارة الثقافة إنّها تعمل على رعاية تلك المواهب وتدعم أيّ مشروع فنّي، وهو ما قامت به خلال الفترة الماضية كدعم بعض المعارض الفنيّة ووضع بعض النصب التذكاريّة في شوارع مدينة غزّة.

وأرجع مدير عام الوزارة سامي أبو وطفة في حديث إلى "المونيتور" ركود تجارة بيع القطع الأثريّة والمقتنيات المقلّدة التي يقوم بها الحرفيّون والنحّاتون إلى صعوبة الوضع الاقتصاديّ، حيث أنّ المواطن في غزّة يفضّل شراء الموادّ الأساسيّة على شراء المنحوتات والمقتنيات، حتّى وإن كانت أسعار بعضها زهيدة.

ويعاني سكّان قطاع غزّة من أوضاع اقتصاديّة غاية في السوء بسبب الحصار الإسرائيليّ المفروض عليه منذ سنوات وشنّ 3 حروب عليه خلال أعوام قليلة، دمّر خلالها الاقتصاد الفلسطينيّ ووصل معدّل الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.

وصف عميد كليّة الآداب ورئيس قسم التاريخ والآثار في جامعة الأزهر في غزّة رياض الأسطل عمل عابد بأنّه عملّ فنّي رائع، يجيد من خلاله ترميم الآثار القديمة وتقليدها في محاولة لحفظ الآثار الفلسطينيّة والمحافظة على الآثار الأصليّة.

ودعا الأسطل وزارة الثقافة إلى رعاية تلك المواهب والاستفادة منها في ترميم الآثار الحقيقيّة وصناعة آثار مقلّدة يكون الهدف منها التعريف بحضارة فلسطين وبيع تلك القطع إلى من يرغب في اقتنائها، وتصحيح التاريخ الفلسطينيّ الذي عملت إسرائيل على تزييفه طوال عشرات السنوات عبر التدمير خلال الحروب المتلاحقة على غزّة أو السرقة وغيرها.

وأرجع الأسطل في حديث إلى "المونيتور" إهمال استيعاب تلك الكفاءات إلى عدم وجود وزارة سياحة وآثار موحّدة تتولّى عمليّة إدارة الآثار الموجودة في غزّة بطريقة مركزيّة وتوفير ميزانيّة تشغيليّة للوزارة في غزّة لرعاية تلك الآثار والكفاءات، وتروّج للآثار المقلّدة وتعرّف الجمهور بالتاريخ والثقافة الفلسطينيّة الصحيحة.

وتعرّضت الكثير من المواقع الأثريّة الفلسطينيّة إلى التدمير خلال العدوان الإسرائيليّ الأخير في عام 20014، على الرغم من أنّ كلّ المواثيق الدوليّة الخاصّة بحماية الآثار تلزم إسرائيل كقوّة احتلال بحماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...