الخميس، 25 مايو 2017


لماذا تقدّمت القوائم المستقلّة والعشائريّة وتراجعت القوائم الحزبيّة في الانتخابات المحلّيّة بالضفّة الغربيّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أظهرت النتائج النهائيّة للانتخابات المحلّيّة الفلسطينيّة التي جرت في 13 أيّار/مايو الماضي تقدّماً ملحوظاً للقوائم المستقلّة والعشائريّة على حساب القوائم الحزبيّة لبعض الفصائل التي شاركت في تلك الانتخابات، ومنها قوائم حركة فتح واليسار الفلسطينيّ، في حين قاطعت كلّ من حماس والجهاد الإسلاميّ والجبهة الشعبيةّ لتحرير فلسطين تلك الانتخابات.

وجاءت مقاطعة الفصائل الثلاثة للانتخابات جرّاء اقتصارها على الضفّة الغربيّة دون قطاع غزّة، وذلك في أعقاب رفض حماس إجراءها في غزّة، احتجاجاً على إلغاء محكمة العدل العليا الفلسطينيّة في 8 أيلول/سبتمبر 2016، الانتخابات المحلّيّة التي كان من المقرّر أن تجري في تشرين الأوّل/أكتوبر 2016، وذلك بعد قبول المحكمة دعوى رفعها المحامي الفلسطينيّ نائل الحوح، وطالب فيها وقف تلك الانتخابات لعدم شرعيّة المؤسّسات التي ستشرف على الانتخابات في قطاع غزّة، ويعمل فيها موظّفون من حماس، وتشكيل الرئيس محمود عبّاس محكمة الانتخابات المحلّيّة في 10 كانون الثاني/يناير 2017، من دون التشاور مع الفصائل الفلسطينيّة.

وبلغت نسبة ما حصلت عليه القوائم المستقلّة 65% من عدد المقاعد، وذلك من أصل 536 قائمة ترشحت في الانتخابات، فيما بلغت نسبة قوائم حركة فتح 27,6% وقوائم الجبهة الديمقراطيّة 2,77% وقوائم ائتلاف بين أحزاب عدّة 2,77%، والمبادرة الوطنيّة الفلسطينيّة 0,58%، والاتّحاد الديمقراطيّ الفلسطينيّ 0,45% والتحالف الديمقراطيّ 0,32% وجبهة النضال الشعبيّ الفلسطينيّ 0,26% وحزب الشعب الفلسطينيّ 0,19% من عدد المقاعد.

وعلى الرغم من التقدّم الذي أحرزته القوائم المستقلّة والعشائريّة، إلّا أنّ نسبة المشاركة الشعبيّة في تلك الانتخابات شهدت انخفاضاً ملحوظاً (53,4%) مقارنة مع الانتخابات المحلّيّة في عام 2005، والتي بلغت نسبة المشاركة فيها 82,5%، وهي آخر انتخابات محلّيّة شاركت فيها الفصائل الفلسطينيّة كافّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

وأكّد المدير التنفيذيّ للجنة الانتخابات المركزيّة الفلسطينيّة هشام كحيل لـ"المونيتور" أنّ العمليّة الانتخابيّة جرت كما خطّط لها، وانتهت من دون أيّ مشاكل تذكر، مشيراً إلى أنّ بعض الخروق والمخالفات الانتخابيّة التي قام بها بعض القوائم مستقلة وعشائرية وحزبية كانت بسيطة كاستمرار الدعاية الانتخابية في بعض الدوائر، ولم تؤثّر على العمليّة الانتخابيّة.

وبيّن كحيل أنّ اللافت في هذه الانتخابات تقدّم القوائم المستقلّة والعشائريّة، مقابل تراجع القوائم الحزبيّة، موضحاً أنّ نسبة المشاركة الشعبيّة في الانتخابات الأخيرة تقارب النسبة التي شاركت في الانتخابات المحلّيّة في عام 2012 في الضفّة الغربيّة.

وأوضح مدير الحملة الانتخابيّة لقائمة التحالف الوطنيّ العشائريّة في بلدة إذنا في الخليل في جنوب الضفّة الغربيّة يوسف طميزة لـ"المونيتور" أنّ القائمة التي يدير حملتها الانتخابيّة حصدت 10 مقاعد من أصل 13 مقعداً، وضمّت القائمة تحالفاً عائليّاً من 7 عائلات في مدينة الخليل هي: طميزة، أسليمية، أبو جحيشة، خلاوة، أبو زلطة، عوّاد وأبو أسعد، علما أن المقاعد الثلاثة المتبقية فاز بها المستقلون.

وأشار طميزة لـ"المونيتور" إلى أنّ عمليّة اختيار المرشّحين في القائمة تتمّ في صورة منظّمة، فكلّ عائلة من العائلات السبع السابقة قدّمت أفضل الشخصيّات العائليّة لديها لتكون مرشّحة في القائمة، وهو الأمر الذي أثار إعجاب الناخبين لأن الشخصيات التي ترشحت مشهورة في تلك البلدة وهي من الكفاءات ولديها خبرة في العمل المؤسساتي.

وبيّن طميزة أنّ العمليّة الانتخابيّة في العشيرة تشابه تماماً العمليّة الانتخابيّة وخطواتها تلك التي تقوم بها الأحزاب الفلسطينية والقوائم المستقلّة من إنشاء لجنة انتخابات داخل العائلات والعشائر وتعبئة للسجلّ الانتخابيّ وفرزه والترشّح ولجنة دعاية انتخابيّة وغيرها. كما وحققت القوائم العشائرية في العديد من بلدات جنوب الضفة الغربية كـ"بيت أولا، وتفوح وبيت كاحل، وسعير" وغيرها فوزاً بتلك الانتخابات.

من جانبه، ذكر عضو قائمة نابلس الموحّدة التي تضمّ في غالبيّتها شخصيّات مستقلّة محمّد النشّار لـ"المونيتور" أنّ قائمته حصدت 11 مقعداً من أصل 15 مقعداً مخصّصاً لمجلس نابلس البلديّ، مشيراً إلى أنّه وعلى الرغم من النسبة المتدنّية للمشاركة الشعبيّة في الانتخابات في المدينة (20% ممّن يحقّ لهم الانتخاب)، إلّا أنّ قائمته نالت 75% من أصوات الناخبين.

وأرجع النشّار سبب اختيار الناخب القوائم المستقلّة أو العشائريّة في كثير من محافظات الضفّة الغربيّة وقراها إلى نفوره من الأحزاب الفلسطينيّة ومناكفاتها السياسيّة التي دائماً ما كانت تؤثّر سلباً على مصالح المواطنين، هذا إضافة إلى قناعة الناخب بأنّ القائمة الحزبيّة التي تفوز لا تطبّق برنامجها الانتخابيّ الذي انتخبت من أجله.

اعتبر أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة النجاح الوطنيّة البروفيسور عبد الستّار قاسم في حديثه مع "المونيتور" فوز القوائم العشائريّة في الكثير من المجالس البلديّة في الانتخابات المحلّيّة نذير خطر على الشعب الفلسطينيّ بسبب عودة ما أسماه بالتحوصل العشائريّ على حساب المصلحة الوطنيّة العامّة، موضحاً أنّ فقدان المواطن الثقة بالأحزاب الفلسطينيّة هو السبب في ذلك.

وقال لـ"المونيتور": "هناك فراغ قياديّ كبير في الساحة الفلسطينيّة من الناحيتين الاجتماعيّة والسياسيّة، ولا بدّ من وجود أحد يملأ ذلك الفراغ، فكانت العائلات والعشائر التي نجحت في شغله"، مضيفاً: "العشائريّة هي تركيبة اجتماعيّة افتراقيّة وليست وحدويّة، فكلّ عائلة تحرص على مصالحها الخاصّة بغضّ النظر عن المصالح العامّة، وهنا يكمن الخطر الكبير الذي يداهم الشعب الفلسطينيّ، فالانقسام الاجتماعيّ والسياسيّ سيصبح بين الأفراد والأسر في البلدة الواحدة بعد أن كان بين فتح وحماس".

وناشد قاسم الخبراء والمفكّرين والأكاديميّين الفلسطينيّين إلى المبادرة إلى إخضاع الحالة الفلسطينيّة وما وصلت إليه من تدهور سياسيّ واجتماعيّ إلى النقاش والبحث والخروج بتصوّر علميّ وعمليّ، بعيداً عن القيادة السياسيّة الحاليّة والأحزاب الفلسطينيّة التي اعتبر أنّها السبب الرئيسيّ في الانقسامات المختلفة التي يشهدها المجتمع الفلسطينيّ.

وتوافق رئيس قسم العلوم السياسيّة في جامعة الخليل عماد البشتاوي مع سابقه في حديث مع "المونيتور" أنّ حالة الملل واليأس التي دخل فيها المواطن في السنوات الأخيرة من الأحزاب السياسية الفلسطينيّة دفعته إلى البحث عن البديل، وهو ما أظهرته نتائج الانتخابات المحلّيّة الأخيرة.

وأوضح البشتاوي لـ"المونيتور" أنّ العديد من الفصائل والأحزاب الفلسطينيّة لجأت إلى التحالف مع بعض العشائر في الانتخابات المحلّيّة بعد قناعتها بأنّ المواطن فقد الثقة بها، محذّراً في الوقت ذاته من أنّ الخطر الذي يداهم المجتمع الفلسطينيّ يكمن في قناعة الناخب بأنّ اختياره ابن العشيرة حتّى وإن كان أقلّ كفاءة، مقدّماً على المرشّح المستقلّ أو الحزبيّ وإن كان كفوءاً. بشتاوي يقصد أن التعصب القبلي يمكن أن يدفع القبيلة لاختيار ابنها حتى وإن كانت قدراته المهنية أقل من المرشح المقابل.

وأرجع البشتاوي السبب في الحالة السابقة تلك إلى الخلل الذي يصيب النظام السياسيّ الفلسطينيّ واستشراء الفساد في المؤسّسات الفلسطينيّة كافة، منوّهاً بأنّ الوضع الفلسطينيّ الحاليّ في حاجة إلى معالجة بهدف إيجاد مشروع جديد يلتفّ حوله الشارع الفلسطينيّ عبر تحالف تقوم به المؤسّسات الأهليّة وشخصيّات مستقلّة.

النتائج التي أفرزتها الانتخابات المحلّيّة الفلسطينيّة أظهرت أنّ المواطن الفلسطينيّ يرسل رسائل احتجاج على الوضع السياسيّ والمؤسّساتيّ والحزبيّ في الأراضي الفلسطينيّة، وهو ما يحتّم على تلك الجهّات إعادة النظر في سياساتها.



الثلاثاء، 16 مايو 2017


الثاني من نوعه... ما هدف المرسوم الرئاسيّ الفلسطينيّ بإعفاء مواطني غزّة من الضرائب؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - في خطوة جديدة للتضييق على حركة "حماس" في غزّة، أصدر الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس مرسوماً رئاسيّاً في 20 نيسان/إبريل الماضي يعفي بموجبه المواطنين في قطاع غزّة بشكل كامل من رسوم الخدمات، التي تقدّمها وزارات السلطة الفلسطينيّة ومؤسّساتها وهيئاتها، بما فيها رسوم الخدمات المنجزة للمرّة الأولى، والتي تذهب إلى خزينة وزارة الماليّة التي تديرها حركة "حماس" في قطاع غزّة.

إنّ المرسوم الرئاسيّ، الذي جاء في 9 موادّ، استثنى ضريبة الدخل على الشركات والأفراد وعمليّات الاستيراد للبضائع الواردة من الخارج وعمليّات الشراء والبيع بموجب فواتير المقاصّة، ورخص المهن للشركات المرخّصة في المحافظات الجنوبيّة (قطاع غزّة) والتي تمارس عملاً في المحافظات الشماليّة (الضفّة الغربيّة) وتذهب أموالها إلى خزينة الماليّة في رام الله.

ويعدّ المرسوم الرئاسيّ هذا، الثاني من نوعه، إذ أصدر محمود عبّاس مرسوماً مشابهاً في 26 حزيران/يونيو من عام 2007، عقب سيطرة "حماس" على قطاع غزّة أعفى بموجبه المواطنين في غزّة من رسوم الخدمات بهدف التضييق على حكم "حماس"، إلاّ أنّه لم يجد له طريقاً للتطبيق على أرض الواقع من جرّاء سيطرة "حماس" على غزّة، وهو ما سيواجه المرسوم الجديد وفق المسؤولين الحكوميّين في غزّة.

وأكّد الناطق باسم حكومة التوافق طارق رشماوي لـ"المونيتور" أنّ لديهم تعليمات حكوميّة عليا (رفض الكشف عنها) بعدم التعليق على المرسوم الرئاسيّ، مكتفياً بالقول: "إنّ سلطة الأمر الواقع في غزّة (حماس) تحول دون تقديم الحكومة خدماتها إلى المواطنين، كما يجب في قطاع غزّة".

أمّا نائب المدير العام للجمارك والمكوس وضريبة القيمة المضافة في وزارة الماليّة برام الله ناصر الجيعان فاعتبر في حديث لـ"المونيتور" أنّ الهدف من المرسوم الرئاسيّ هو التخفيف عن المواطنين في قطاع غزّة من جرّاء الأوضاع الصعبة التي يعيشونها بفعل الحصار الإسرائيليّ.

وشدّد على أنّ أيّ ضريبة تؤخذ من المواطنين في غزّة من قبل المؤسّسات الحكوميّة، التي تديرها "حماس" في غزّة، بعد صدور المرسوم الرئاسيّ، هي أموال تؤخذ بصورة غير قانونيّة.

من جهته، أكّد رئيس القطاع الماليّ في اللجنة الإداريّة بغزّة يوسف الكيالي خلال تصريحات لوكالة "الرأي" الحكوميّة في 10 أيّار/مايو الجاري أنّ المرسوم الرئاسيّ في حكم المنعدم ولن يتمّ تطبيقه، مشيراً إلى أنّ المرسوم يشمل الخزينة الماليّة في غزّة فقط، بينما لا يعفي أيّ مواطن من دفع تلك الضرائب للخزينة العامّة في رام الله. القرار استهدف المواطنين في غزة فقط كي يحرم خزينة المالية في غزة من أموال الضرائب، في المقابل لم يعفى المواطنين في الضفة من الضرائب كي تستمر الأموال بالتدفق على الخزينة في رام الله.

واستبعد يوسف الكيالي أن يكون للمرسوم الرئاسيّ أيّ أثر سلبيّ على الإيرادات المحليّة من جراء التزام المواطنين والتجّار بدفع تلك الضرائب، موضحاً أنّ حديث السلطة الفلسطينيّة عن عدم قانونيّة تحصيل الضرائب في غزّة يأتي في سياق المناكفات السياسيّة.

وبرّر الكيالي عدم تطبيق المرسوم لعدم قانونيّته كونه لم يعرض على المجلس التشريعيّ ولم يصادق عليه، هذا إضافة إلى أنّ الهدف منه زيادة الضغط على المؤسّسات الحكوميّة في غزّة عبر استهداف إيراداتها المحليّة.

وقال مدير عام الجمارك في وزارة الماليّة برام الله لؤي حنش في تصريح صحفي بتاريخ 8 مايو الجاري إنّ قيمة المبالغ، التي تجبيها وزارة الماليّة في غزّة من المواطنين، تتراوح بين 70-80 مليون شيقل شهريّاً، فيما قالت وزارة الماليّة في غزّة إنّ وزارة الماليّة في رام الله تجبي من غزّة قرابة الـ100 مليون دولار شهريّاً وتتمّ جباية غالبيّتها (الضرائب) عن طريق البضائع التي يتمّ إدخالها إلى قطاع غزّة.

وكان عبّاس هدّد في 12 نيسان/إبريل الماضي و5 أيّار/مايو الجاري حركة "حماس" في غزّة باتّخاذ إجراءات مؤلمة وغير مسبوقة بهدف دفعها إلى إلغاء اللجنة الإداريّة التي شكّلتها لإدارة غزّة وتمكين حكومة التوافق من العمل بحريّة في القطاع والذهاب إلى إنتخابات رئاسيّة وتشريعيّة، فيما أكّدت حركة "حماس" أنّ اللجنة الإداريّة ستعتبر منحلّة بمجرّد تولّي حكومة التوافق مهامها في غزّة.

واستبعد أستاذ الإقتصاد والمال في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم في حديث لـ"المونيتور" أيّ تأثير للمرسوم الرئاسيّ بسبب غياب أيّ سلطة للحكومة الفلسطينيّة على قطاع غزّة، معتبراً أنّ هدف القرار هو الضغط على "حماس" في إطار حزمة الإجراءات التي توعّد بها عبّاس الحركة في قطاع غزّة، والعمل على تجفيف منابع الأموال المحليّة التي تستفيد منها المؤسّسات الحكوميّة التي تديرها "حماس".

وأعلن عن قناعته بأنّ عبّاس سيمضي في إجراءاته العقابيّة ضدّ "حماس"، محذّراً في الوقت ذاته من أن تلك الإجراءات تمسّ المواطنين في غزّة، إلى جانب "حماس"، وذلك لصعوبة الفصل بين الطرفين، فالخصومات على رواتب الموظّفين العموميين في غزّة أضرّت بالموظّفين أكثر من حركة "حماس"، وكذلك حرمان غزّة من الكهرباء. المقصود طلب السلطة من إسرائيل وقف خصم فاتورة الكهرباء الشهرية لقطاع غزة من أموال المقاصة الفلسطينية، إلا أن إسرائيل رفضت الطلب الفلسطيني واستمرت إمداد غزة بالكهرباء خوفاً من تفجر الوضع الأمني في غزة.

ولفت إلى أنّ استمرار الإجراءات العقابيّة مجتمعة يمكن أن يؤثّر على الموارد الماليّة الحكوميّة لـ"حماس" في غزّة، وبالتّالي يؤثر على المصاريف التشغيليّة للوزارات ورواتب الموظّفين التابعين لها، هذا إضافة إلى تأثير تلك الإجراءات على الإقتصاد في غزّة عموماً وحرمانه من السيولة النقديّة التي تعمل على تنشيطه بين شهر وآخر.

وتوافق أستاذ الإقتصاد في جامعة الأزهر بغزّة معين رجب مع سابقه في عدم قدرة الحكومة الفلسطينيّة على تطبيق ذلك المرسوم في غزّة من جرّاء غياب أيّ سلطة لها، معتبراً أنّ الحلّ الوحيد لتطبيق ذلك القرار يتمثّل في إنهاء الانقسام وتمكين حكومة التوافق من مهامها في غزّة، وقال في حديث لـ"المونيتور": "رغم حال الارتياح، التي قد يبديها المواطن لذلك المرسوم، والذي يخفّف عنه جزءاً من أعبائه الماليّة، إلاّ أنّه لن يستطيع الالتزام به لقناعته بأنّ الجهات الحكوميّة في غزّة لن تقدّم إليه الخدمات بشكل مجانيّ، فهي أعلنت أنّها لن تطبّق المرسوم الرئاسيّ في غزّة".

ورغم قناعة الخبراء الإقتصاديّين بصعوبة تطبيق المرسوم في غزّة، إلاّ أنّ المواطن يبقى الحلقة الأضعف في الصراع السياسيّ بين حركتي "فتح" و"حماس"، ويضطرّ إلى دفع ثمن ذلك الصراع المستمرّ منذ 10 سنوات.



الجمعة، 12 مايو 2017


داخليّة غزّة تنفّذ حملة ضدّ مروّجي الإشاعات بينهم صحافيّون
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – في خطوة هي الأولى من نوعها، نفّذت وزارة الداخليّة في غزّة في 26 نيسان/أبريل الماضي حملة ضدّ من أسمتهم "مروّجي الإشاعات"، أوقفت بموجبها 17 صحافيّاً وناشطاً فلسطينيّاً لساعات عدّة قبل أن تفرج عنهم بعد توقيعهم على إقرار خطّيّ بعدم نشر أيّ أخبار، من دون التحقّق منها أو الرجوع إلى مصادر رسميّة لتؤكّد أيّ خبر يتعلّق بالشأن الفلسطينيّ الداخليّ أو تنفيه.

جاءت تلك الحملة في أعقاب تصاعد وتيرة الخلافات بين الرئيس محمود عبّاس وحركة حماس، وبعد يوم واحد فقط من تحذير وزارة الداخليّة في غزّة من أنّها ستتّخذ إجراءات حاسمة ضدّ مروّجي الإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، قائلة: "بعض الناشطين يتعمّدون نشر الإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ من أجل إرباك الساحة الفلسطينيّة، وإثارة البلبلة بين المواطنين".

فيما ذكر موقع المجد الأمنيّ المقرّب من حركة حماس في 25 نيسان/أبريل الماضي أنّ أجهزة أمن المقاومة الفلسطينيّة التابعة لحماس وضعت يدّها على مخطّط خطير تقف خلفه جهّات أمنيّة واستخباريّة معادية (لم يسمّها) لإغراق قطاع غزّة بالإشاعات، بهدف خلق حالة من البلبلة والفوضى وتعكير الأمن في قطاع غزّة.

وانتشرت في الأيام التي سبقت الحملة الأمنية موجة اشاعات واسعة في قطاع غزة، جزء منها كان يقف خلفه حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثت عن جرائم قتل وسرقة في قطاع غزة، وهو ما ثبت عدم صحته بعد ساعات فقط على نشر تلك الاشاعات.

وأكّد الناطق باسم الداخليّة في غزّة إياد البزم لـ"المونيتور" أنّ الحملة جاءت في ظلّ أحداث وقعت في غزّة كاعتقال عشرات المتعاونين مع إسرائيل أمنياً وبث شائعات حول مجريات التحقيق بعد اغتيال القياديّ في حركة حماس مازن فقها في 24 مارس الماضي، وفي ظلّ ازدياد الضغط والحصار الذي يتعرّض إليه قطاع غزّة ومحاولة بعض الجهّات الفلسطينيّة (يقصد السلطة في رام الله) استغلال الواقع المعيشيّ الصعب في غزّة، بهدف الضغط على نفسيّات المواطنين عبر بثّ تلك الإشاعات والأخبار الكاذبة.

وقال البزم: "قمنا بواجبنا واتّخذنا إجراءات قانونيّة تجاه بعض مروّجي الإشاعات، وخصوصاً تلك المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ"، مضيفاً: "في المقابل، أطلقنا مجموعة إرشادات للمواطنين بهدف التحذير من تلك الإشاعات". وتتخلص في الاعتماد على المصادر الرسمية في استقاء المعلومات المتعلقة بالشأن العام، وعدم نقل معلومات عن مصادر مجهولة وإعادة نشرها على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة.

وأوضح البزم أنّ وزارة الداخليّة أوقفت 17 ناشطاً وصحافيّاً قاموا بترويج الإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، وبعد احتجازهم لساعات عدّة، وقّعوا على تعهّدات بعدم نشر الإشاعات والتحقّق من المعلومات قبل نشرها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ الحملة مستمرّة ووزارته ستحوّل من يعود إلى نشر تلك الإشاعات إلى النيابة العامّة لإنزال عقوبة أشدّ في حقّه، اي المحاكمة والحبس.

قال الصحافيّ الفلسطينيّ محمّد ظاهر، أحد المعتقلين بتهمة ترويج الإشاعات، لـ"المونيتور": "نشرت خبراً من خلال الحساب الخاصّ بي على موقع "فيسبوك" حول قضيّة داخليّة في المنطقة التي أقطن فيها وسط مدينة غزّة، وبموجبها تمّ اعتقالي"، مشدّداً على أنّ تلك القضيّة الذي فضّل عدم الكشف عنها تثبّت من صحّتها قبل نشرها.

وأوضح ظاهر أنّ عناصر من الشرطة حضرت إلى منزله في 28 نيسان/أبريل الماضي بهدف اعتقاله قبل أن يقوم بتسليم نفسه، وأفرجت عنه في 29 نيسان/أبريل الماضي، منوّهاً بأنّه خضع خلال الساعات الـ22 التي احتجز خلالها إلى 3 جلسات تحقيق حول القضيّة التي نشرها، ومن ثمّ تمّت إعادة استدعائه في 1 أيّار/مايو الجاري للتوقيع على تعهّد بعدم نشر أيّ أخبار تتعلّق بالشأن الداخليّ، إلّا بعد الرجوع إلى مصادر رسميّة.

أمّا رئيس الشبكة الفلسطينيّة للصحافة والإعلام ومدير موقع نداء الوطن الصحافيّ نصر أبو فول فقال لـ"المونيتور": "تمّ توقيفي في 25 نيسان/أبريل الماضي من قبل الأجهزة الأمنيّة في غزّة بتهمة نشر الإشاعات وبثّ الأخبار الكاذبة وتأليب الشارع على الحكومة، إلّا أنّني نفيت كلّ تلك التهم".

وأضاف: "بعد توقيفي لساعات عدّة والتحقيق معي، تمّ الإفراج عنّي في 26 أبريل الماضي عقب توقيعي على تعهّد باحترام القانون والنظام"، منوّهاً بأنّ الأجهزة الأمنيّة صادرت جهاز الحاسوب وحساب الـ"فيسبوك" الخاصّين به، مؤكداً في الوقت ذاته أنه تلقى معاملة جيدة خلال فترة التحقيق.

من جانبه، عبّر نائب نقيب الصحافيّين الفلسطينيّين تحسين الأسطل في حديث إلى "المونيتور" رفض نقابته حملة الاعتقالات التي قامت بها الأجهزة الأمنيّة في غزّة في حقّ عدد من الصحافيّين، مشيراً إلى أنّهم تواصلوا مع نقابة المحامين والمنظّمات الحقوقيّة في غزّة إلى أنّ تمّ الإفراج عنهم.

وأوضح أنّ موقف نقابته ثابت في رفض اعتقال أيّ من الصحافيّين، مبيّناً أنّ المادة 19 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ كفلت حريّة الرأي والتعبير، ومعتبراً أنّ ما قامت به الأجهزة الأمنيّة في غزّة منافٍ لكلّ المواثيق والقوانين المحلّيّة والدوليّة الخاصّة بحرّيّة الرأي.

وكان عدد من طلبة الإعلام في الجامعات الفلسطينيّة في غزّة، وتحديداً جامعة القدس المفتوحة نفّذوا حملة إلكترونيّة في 11 نيسان/أبريل الماضي استمرّت 5 أيّام تحت عنوان #سيبك_من_تحليلك، بغرض التوعية التثقيفيّة لمنع نشر الإشاعات والتحليلات التي تؤثّر على المجتمع وتخدم إسرائيل.

ورأى أستاذ الإعلام في جامعة الأقصى في غزّة خالد الحلبي في حديثه إلى "المونيتور" أنّ الإشاعات وانتشارها تؤثّر على الحالة النفسيّة للمواطن الفلسطينيّ، مطالباً الصحافيّين والنشطاء بالتروّي والتأكّد من أيّ معلومة قبل نشرها بعيداً عن حالة السبق الصحافيّ التي تسعى إليه الكثير من وسائل الإعلام الفلسطينيّة.

وطالب الحلبي الصحافيّين في شكل أساسيّ إلى التحقّق من المعلومة قبل نشرها، لا سيّما في ظلّ عدد القضايا الضبابيّة التي تعصف بالساحة الفلسطينيّة جرّاء الانقسام الداخليّ من جانب، وإسرائيل من جانب آخر.

وشدّد على أنّ انتشار وسائل التواصل الاجتماعيّ جعل من الصعب السيطرة على حجم المعلومات الكبيرة التي تتدفّق إلى المواطن، منوّهاً بأنّ فئة الصحافيّين من السهل السيطرة عليها في منع نشر تلك الأخبار غير الصحيحة، إلّا أنّه في المقابل لا يمكن السيطرة على الكثير من الحسابات الوهميّة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ والتي تنشر الإشاعات.

وعلى ما يبدو، فقد نجحت تلك الحملة في الحدّ من الإشاعات التي انتشرت أخيراً في قطاع غزّة، لا سيّما تلك التي تتعلّق بالجانب الأمنيّ، وظهر ذلك في عدم تسجيل نقابة الصحافيّين والمؤسّسات الحقوقيّة أيّ حالة اعتقال على تلك التهمة منذ الإفراج عن الصحافييّن والناشطين الـ17 المتّهمين بترويج لتلك الإشاعات.



الأربعاء، 10 مايو 2017



هل تنجح حماس بوثيقتها الجديدة في فتح أبواب العواصم المغلقة أمامها؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أعلن رئيس المكتب السياسيّ السابق لحركة حماس خالد مشعل في 1 أيّار/مايو الجاري وثيقة "المبادئ والسياسات العامّة" الجديدة لحركة حماس، وذلك خلال مؤتمر صحافيّ عقده في فندق شيراتون في العاصمة القطريّة الدوحة، في حضور قيادات من الحركة وشخصيّات إعلاميّة وسياسيّة فلسطينيّة وعربيّة.

وجاءت الوثيقة في 42 بنداً، كان أهمّها تعريف بالحركة، وإعلانها في شكل رسميّ قبول حماس دولة فلسطينيّة على حدود حزيران/يونيو 1967، من دون التنازل عن باقي الأراضي المحتلّة في عام 1948، إضافة إلى تقديم الحركة نفسها كحركة تحرّر ومقاومة وطنيّة فلسطينيّة، من دون الإشارة إلى مرجعيّتها التنظيميّة والفكريّة لجماعة الإخوان المسلمين.

وذكر مشعل في تصريحات له نشرتها وكالة قدس برس في 5 أيّار/مايو أنّ الوثيقة الجديدة لحماس تريح حلفاءها (تركيا وقطر وبعض الدول والأحزاب حول العالم)، وتسهّل عليهم مهمّة حمل تلك الوثيقة إلى كلّ المنابر الإقليميّة والدوليّة. وذلك في إشارة إلى بعض المواقف اللينة التي وضعتها حماس في الوثيقة وكانت بعض الدول الحليفة تطالبها بتبنيها كالقبول بدولة فلسطينية على حدود حزيران 1967.

ووصف الرئيس التركيّ رجب طيّب إردوغان في 8 أيّار/مايو الجاري خلال كلمة له في مؤتمر القدس المنعقد في اسطنبول، الوثيقة بأنّها خطوة مهمّة سواء من أجل القضيّة الفلسطينيّة أم من أجل التوافق بين حركتي حماس وفتح، معتبراً أنّ الطريق الوحيد لحلّ الصراع الفلسطينيّ–الإسرائيلي هو إقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة ذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقيّة، ضمن حدود الـ1967.

كشف القياديّ في حركة حماس سامي خاطر لـ"المونيتور" أنّ إعداد الوثيقة الجديدة استغرق 4 سنوات، شاركت في صياغتها وإقرارها مؤسّسات الحركة الشوريّة والتنفيذيّة، وجاءت كتعبير عن تطوّر فكر حركة حماس السياسيّ وأدائها خلال سنوات طويلة (30 عاماً).

وشدّد خاطر على أنّ الوثيقة الجديدة تمثّل خارطة طريق وحاكمة لسلوك القيادة الجديدة للحركة، مشيراً إلى أنّ الهدف العامّ من الوثيقة هو التعبير عن مبادئ الحركة وسياساتها، والخروج بورقة سياسيّة جديدة في ظلّ السنوات الطويلة الماضية التي لم تصدر خلالها الحركة أيّ وثيقة سياسيّة. فحماس منذ انطلاقتها أصدرت وثيقة سياسية واحدة أطلق عليها اسم "ميثاق حماس" عام 1988، وكانت تحمل بين دفتيها مواقف الحركة من القضايا المختلفة السياسية والاجتماعية والدينية، واكتفت بها إلى أن أطلقت وثيقتها السياسية الجديدة قبل أيام.

ونفى خاطر أن يكون لإطلاق الوثيقة أيّ علاقة بطرح حماس نفسها كبديل عن حركة فتح أو منظّمة التحرير الفلسطينيّة لقيادة المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ، معتبراً ردود الفعل الرسميّة وغير الرسميّة محلّيّاً وإقليميّاً وعالميّاً على الوثيقة، أمراً طبيعيّاً، وتحديداً ما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ قد عبّر عن جام غضبه من الوثيقة التي قام بتمزيقها وإلقائها في سلّة القمامة خلال مقطع فيديو مصوّر له نشره الناطق باسمه أوفير جندلمان في 7 أيّار/مايو الجار. ووصف نتنياهو الوثيقة بأنّها خدعة من حماس إلى العالم، وبأنّ هدف الحركة هو إقامة دولة فلسطينيّة على حدود الـ1967، بهدف تدمير دولة إسرائيل.

فيما قالت الخارجية الأمريكية وعلى لسان مصدر لم تكشف هويته لوكالة الأناضول التركية في 2 مايو الجاري: "موقفنا من حماس لم يتغير، حماس ما زالت مدرجة كمنظمة إرهابية"، فيما رأى رئيس لجنة العلاقات البرلمانية الأوروبية مع فلسطين "نيوكليس سيلكيوتيسان" لوكالة الأناضول في 4 مايو الجاري أن التغيير في موقف حماس يساعدهم على العمل لرفع الحصار الذي أدى إلى وضع كارثي على السكان، مضيفاً: "علينا أن ننهي هذا الحصار".

أمّا أحمد يوسف المستشار السياسيّ السابق لرئيس الوزراء الفلسطينيّ اسماعيل هنية، فأوضح أنّ وثيقة حماس الجديدة تقدّم رؤية يتجسّد فيها البعد الإنسانيّ والحضاريّ والأخلاقيّ لحركة تحرّر وطنيّ، بما تمثّله من خلفيّات إسلاميّة، مشيراً إلى أنّ التغيّرات الدوليّة والإقليميّة تحديداً، وما خسرته الحركة من حلفاء خلال العقد الأخير كـ(سوريا) تحتاج إلى تقديم رؤية سياسيّة جديدة بهدف ترميم تلك العلاقة وكسب حلفاء جدد.

وبيّن يوسف لـ"المونيتور" أنّ القوانين الأوروبيّة والغربيّة التي سنّت ووضعت حماس على قوائم الإرهاب تحتاج إلى أن تقوم قيادة حماس الجديدة بجهد كبير من خلال تلك الوثيقة، وحملها إلى عواصم العالم بهدف تسوقيها لنزع كلّ التهم التي ألصقت بالحركة، وأدّت إلى وضعها على قوائم الإرهاب.

ولفت يوسف إلى أنّ حماس ومنذ دخولها السلطة الفلسطينيّة بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006، ساد على خطابها الطابع السياسيّ أكثر من الدينيّ، وهو ما انعكس على سلوك الحركة وأكسبها خبرة سياسيّة دفعها في النهاية إلى تقديم وثيقة سياسيّة تتماشى مع المتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، بهدف إنقاذ القضيّة الفلسطينيّة التي أصبح الاهتمام بها ضعيفاً.

من جانبه، توقّع المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة الأيّام المحلّيّة أكرم عطا الله في حديثه إلى "المونيتور" نجاح حماس بوثيقتها الجديدة في أن تكون مقبولة أكثر من الماضي لدى العديد من دول العالم، لا سيّما الغربيّة منها، مشيراً إلى أنّ حماس بتلك الوثيقة انتقلت من إيديولوجيا الميثاق القديم ونصوصه التي أخذت الطابع الدينيّ كـالارتباط بجماعة الاخوان المسلمين وصبغ كثير من المواقف فيه بآيات قرآنية وأحاديث نبوية إلى ممارسة السياسة البحتة.

وبيّن أنّ شروط دول العالم كي تكون حماس جزءاً من النظام الدوليّ هي أبعد ما تكون عن تلك الوثيقة، إلّا أنّ الأخيرة تشكّل أرضيّة مناسبة للعديد من الدول لفتح حوارات مع الحركة للضغط على الأخيرة كي تقدّم المزيد من المرونة، منوّهاً بأنّ تلك الوثيقة ستفتح بعض أبواب العواصم المغلقة أمام حماس وليس كلّها، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدولة العظمى.

واستحسن عطا الله اختيار اسماعيل هنيّة في 6 أيّار/مايو الجاري من قبل حماس لقيادتها، في ظلّ إطلاق الوثيقة الجديدة، قائلاً: "وثيقة جديدة في حاجة إلى قيادة جديدة يكون في مقدورها حمل تلك الوثيقة والعمل على تسويقها إقليميّاً وعالميّاً بهدف النجاة بالحركة، في ظلّ معاداة الدول الغربيّة، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأميركيّة، منظّمات الإسلام السياسيّ في المنطقة العربيّة".

أمّا أستاذ العلاقات الدوليّة والسياسيّة في الجامعة الإسلاميّة في غزّة تيسير محيسن فرأى في حديث إلى "المونيتور" أنّه من السابق لأوانه القول إنّ وثيقة حماس السياسيّة ستحدث نقلة نوعيّة في طريقة تعاطي المجتمع الدوليّ والدول الغربيّة مع حماس، وفي صورة مغايرة للتعامل الذي يجرى معها الآن.

واعتبر محيسن أنّ المؤشّرات الأوّليّة الغربيّة والأوروبيّة مع الوثيقة تعطي دلالة على أنّه على الرغم من المحاولات المرنة التي قدّمتها حماس، إلّا أنّ المجتمع الدوليّ يريد المزيد من المرونة، وهو ما يحتمّ على حماس القيام بحملة دبلوماسيّة كبيرة ومركّزة لتسويق الوثيقة في شكل جيّد إلى دول العالم المختلفة.

وتحمل الأشهر القليلة المقبلة في طيّاتها الأجوبة التي تنتظرها حركة حماس في مدى قدرة الوثيقة السياسيّة والقيادة الجديدة لحماس على تحقيق ما تسعى إليه الحركة، على الرغم من أنّ التوقّعات السائدة فلسطينيّاً أنّ تلك الوثيقة ستفتح بعض الأبواب المغلقة في وجه حماس وليس كلّها.



الثلاثاء، 9 مايو 2017


السلطة الفلسطينية تبلغ إسرائيل وقف دعم كهرباء غزة عبر الخطوط الإسرائيلية
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – كشفت وسائل إعلامية إسرائيلية عدة ومنها القناة العاشرة الإسرائيلية في 27 أبريل الماضي أن السلطة الفلسطينية أبلغت منسق شؤون المناطق الإسرائيلي يوآف مردخاي بوقف تمويل كهرباء قطاع غزة الموردة عبر الخطوط الإسرائيلية، والتي يبلغ عددها 10 خطوط وتغذي قطاع غزة بـ 30 بالمائة من إجمالي ما يحتاجه القطاع من الكهرباء.

وقالت القناة العاشرة إن السلطة تقدمت بطلب رسمي لوقف التمويل، والذي تبلغ قيمته 40 مليون شيكل (12 مليون دولار) شهرياً، والذي تقتطعه إسرائيل من أموال الضرائب الفلسطينية، إلا أن إسرائيل لم تستجب للطلب الفلسطيني واستمرت في امداد غزة بالكهرباء.

وجاء ذلك الطلب ضمن الخطة التي تنفذها السلطة الفلسطينية ضد حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بهدف التضييق عليها لدفعها إلى تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، فيما خرجت مسيرات جماهيرية حاشدة في غزة تنديداً بالطلب الفلسطيني الذي كشفت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وأكد نائب رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية في غزة فتحي الشيخ خليل لـ"المونيتور" أنهم تواصلوا مع جهات إسرائيلية على علاقة بالأمر وأكدوا لهم تقديم السلطة الفلسطينية لذلك الطلب، وتواصل "المونيتور" مع العديد من المسئولين في السلطة والحكومة الفلسطينية للتعقب على الأمر إلا أنهم رفضوا الإدلاء بأي تصريحات.

ولم يستبعد القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة في الحكومة الفلسطينية ظافر ملحم في تصريحات أدلى بها في 28 أبريل الماضي لصحيفة الأيام المحلية إمكانية أن تقوم السلطة الفلسطينية بوقف تمويل كهرباء قطاع غزة بالكامل، وذلك في حال ما أسماه "مواصلة القائمين على شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة بتحصيل الجابية دون أن يقوموا بتحويل ما يتم جبايته إلى خزينة السلطة الفلسطينية في رام الله".

وأوضح الشيخ خليل أن الخطوط الإسرائيلية الـ 10 التي تغذي قطاع غزة بـ 120 ميجاوات هي الوحيدة التي توفر الكهرباء لقطاع غزة حالياً بعد توقف الخطوط المصرية في 20 أبريل الماضي جراء أعمال الصيانة الدورية عليها، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة بغزة في 16 أبريل الماضي عن العمل جراء نفاذ الوقود ورفض سلطة الطاقة في 9 أبريل الماضي شراء الوقود بالضرائب التي تفرضها الحكومة الفلسطينية عليه.

وحذر نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة من أنه في حال أقدمت إسرائيل مستقبلاً على إيقاف إمداد غزة بالكهرباء عبر الخطوط الإسرائيلية والتي توفر 30 بالمائة من احتياجات غزة للطاقة والبالغ مجملها 450 – 500 ميحا وات يومياً فإن غزة ستغرق في ظلام دامس وستؤدي إلى خلق كوارث بيئة وصحية في القطاع. فساعات وصل الكهرباء التي تصل المنازل حالياً تتراوح بين 3-4 ساعات يومياً فقط، فيما يلجأ بعض المواطنين إلى تشغيل المولدات الصغيرة للحصول على ساعات إضافية من الكهرباء.

وبين أن سلطته تجري ومنذ أيام اتصالات مع العديد من الدول والجهات المانحة منها قطر وتركيا لحل مشكلة الكهرباء والضغط على السلطة الفلسطينية لتوريد وقود محطة الكهرباء في غزة بدون أي ضرائب، حيث تفرض السلطة الفلسطينية ضرائب باهظة على الوقود المورد لمحطة توليد الكهرباء تصل قيمتها إلى 270 بالمائة فوق سعر الوقود الأصلي.

وسبق طلب السلطة وقف دعم كهرباء غزة تصريحات لضابط في الجيش الإسرائيلي أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت في 25 أبريل الماضي أن قطاع غزة سيعيش بدون كهرباء خلال أيام مقبلة، مضيفاً: "من المهم معرفة كيفية ستتصرف حماس بعد توقف الكهرباء، هل ستواصل تقوية بنيتها العسكرية أو أنها ستحول جهودها لحل مشكلة الكهرباء".

من جانبه اعتبر الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم الأنباء الإسرائيلية عن تلقيها طلب بوقف إمداد غزة بالكهرباء عبر الخطوط الإسرائيلية بالتطور الخطير والذي يؤشر على انحدار الخصومة السياسية من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاه أهالي قطاع غزة.

وحذر قاسم في حديثه لـ"المونيتور" إسرائيل من الاستجابة لطلب السلطة الفلسطينية، لأن ذلك سيدخل غزة في أزمات كبيرة، مطالباً السلطة الفلسطينية بوقف تشديد الحصار على قطاع غزة والتعامل معه كجزء من الوطن الفلسطيني.

وتعتمد غزة في مصادر الكهرباء على محطة التوليد المتوقفة جراء نفاذ الوقود وكانت تمد غزة بـ 60 ميغاوات يومياً، والخطوط الإسرائيلية تمد غزة بـ 120 ميغاوات، فيما توفر الخطوط المصرية 32 ميغاوات وهي متوقفة الآن، وهو ما يعني وصول التيار الكهربائي للمواطنين حالياً من 3-4 ساعات يومياً فقط.

المحلل السياسي ومدير شبكة المنظمات الأهلية سابقاً محسن أبو رمضان رأى في حديثه مع "المونيتور" أن لدى إسرائيل سياسة ثابتة تتمثل في عدم تشديد التضييق على قطاع غزة وإدخاله في أزمات عميقة، لأن ذلك التشديد سيؤدي إلى نتائج غير محمودة عليها، ويمكن أن يؤدي إلى ردات فعل ذات طابع عنيف من قبل حماس تجاه إسرائيل.

واستبعد أبو محسن أن تنجح ضغوط السلطة الفلسطينية على حماس والتي كان آخرها وقف دعم الكهرباء الموردة إلى غزة في 27 أبريل الماضي، وسبقها اقتطاع 30 بالمائة من رواتب موظفي السلطة بهدف الضغط على حماس لتسليم قطاع غزة.

وأوضح أبو رمضان أن البدائل التي تمتلكها حماس وسلطة الطاقة في غزة غير مجدية والمتمثلة في مصادر الطاقة البديلة (مولدات كهربائية كبيرة وخلايا شمسية) والتي هي شحيحة للغاية، معتبراً أن الحل الجذري للمشكلة يتمثل في تخلي حماس عن سيطرتها لقطاع غزة مقابل تخلي فتح عن سيطرتها على النظام السياسي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير) وإدخال حماس في منظمة التحرير والاطار القيادي المؤقت وتعظيم الشراكة بين الطرفين.

أما المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة فلسطين المحلية سابقاً مصطفى الصواف فرجح أن يكون السبب الذي دفع إسرائيل إلى عدم الاستجابة لمطلب السلطة وقف إمداد غزة بالتيار الكهربائي عبر الخطوط الإسرائيلية هو الخوف من تفجر الأوضاع في قطاع غزة باتجاه إسرائيل، فالأخيرة تريد تجنب ذلك الانفجار والتي ليست على استعداد لمواجهته حالياً.

وأوضح لـ"المونيتور" أن قيادة حماس تجري اتصالات مستمرة مع العديد من الدول المانحة (تركيا وقطر وبعض الدول الأوروبية) التي ترى في إجراءات الرئيس عباس تجاه أهالي قطاع غزة غير إنسانية.

والراجح لدى الكثير من المتابعين في الساحة الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس سيواصل إجراءاته ضد قطاع غزة وحركة حماس، فيما حذرت جهات محلية ودولية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن استمرار أزمة الكهرباء في غزة ستؤدي إلى كوارث صحية وبيئية.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...