الأربعاء، 20 ديسمبر 2017


ما الرسائل التي أرادت إيران توجيهها من خلال الكشف عن اتصال "سليماني" بالمقاومة الفلسطينية؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

دينة غزة، قطاع غزة – لم تمر أيام على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان مدينة القدس عاصمةً لإسرائيل في 6 ديسمبر الجاري، حتى سارعت إيران إلى رفض ذلك القرار، وهاتف رئيس فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في 11 ديسمبر الجاري لأول مرة قادة الجناح العسكري لحركتي حماس والجهاد الإسلامي لعرض تقديم الدعم العسكري الشامل للفصائل الفلسطينية في خطوة اعتبرها البعض رسالة تحمل طابع تحدٍ لأمريكا وإسرائيل من قبل إيران رداً على قرار ترامب.

وكشفت قناة الميادين اللبنانية في 11 ديسمبر الجاري أن سليماني أكد خلال الاتصال الهاتفي على جهوزية كافة حركات المقاومة في المنطقة العربية، مثل حزب الله وتنظيمات ظهرت حديثاً خلال الحرب الدائرة في سوريا، للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، ودعم إيران الكامل والشامل لقوات المقاومة الفلسطينية.

وسبق ذلك الاتصال بساعات قليلة دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب له محور المقاومة إلى وضع استراتيجية موحدة لمواجهة إسرائيل، فيما هاتف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الرئيس الإيراني حسن روحاني وبحث معه قرار ترامب الذي اعتبره هنية في بيان صادر عن حماس عدواناً على الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية.

ممثل حماس في طهران خالد القدومي أكد لـ"المونيتور" أن الاتصالات بين فصائل المقاومة والجمهورية الإيرانية لم تنقطع في يوم من الأيام، مشيراً إلى أن الاتصال الذي أجراه سليماني مع القادة العسكريين في غزة يأتي في سياق الموقف الإيراني الرافض لقرار ترامب، بالإضافة إلى التأكيد على روح الشراكة في مواجهة العدو المشترك (إسرائيل).

وبين القدومي أن الجمهورية الإيرانية ممثلةً بالمرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني والشعب الإيراني كان لهم موقف رافض لقرار ترامب، وحذروا من أنه سيزيد من حالة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وأكدوا في الوقت ذاته على عروبة وإسلامية مدينة القدس.

فيما نفى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب لـ"المونيتور" ما ذكرته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن سليماني طلب من الفصائل الفلسطينية التصعيد عسكرياً مع إسرائيل خلال ذلك الاتصال في إشارة إلى تصاعد وتيرة اطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه مستوطنات غلاف غزة، قائلاً: "إيران لم تطلب أو تتدخل في الماضي أو الحاضر بعمل المقاومة الميداني".

وبين حبيب أن المواقف الإيرانية تأتي في اطار الدعم والتشجيع العسكري والسياسي لفصائل المقاومة الفلسطينية، مؤكداً على أن إيران تشاركهم الرأي والموقف بشأن خطورة إسرائيل على المنطقة العربية والإسلامية.

وتوافق ممثل حماس في طهران مع حبيب في أن سليماني لم يطلب منهم تصعيداً عسكرياً، قائلاً: "نحن في حماس أصحاب القضية الفلسطينية ومن حقنا الرد بأقصى ما أوتينا، مع مراعاة مصلحة شعبنا وفي الوقت نفسه نحترم كل الدول ولا نتدخل في شؤونها، وفي المقابل الدول التي تقدم لنا الدعم تبادلنا نفس الأمر، ولم تطلب منا في يوم من الأيام طلب من هذا القبيل، فالمقاومة ومؤسساتها هي من تقرر وقت التصعيد والدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي هو حق لنا كلفته لنا القوانين الدولية".

من جانبه، أكد مستشار الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد وأستاذ الدراسات الفلسطينية في جامعة طهران مجتبى رحماندوست لـ"المونيتور" استعداد الجمهورية الإيرانية للعمل العسكري إذا ما انتقلت أمريكا من القول إلى الفعل في تنفيذ قرار ترامب اعلان القدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.

وأوضح رحماندوست أن ذلك القرار ليس الذنب الكبير الأول الذي ارتكبه ترامب ولكنه يعد أخطرها، متوقعاً أن تزيد الجمهورية الإسلامية الإيرانية من دعمها المالي والعسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية بعد ذلك القرار الذي يعد عملاً عدائياً من قبل أمريكا وإسرائيل تجاه المسلمين.

واعتبر أن الاتصالات التي قام بها شخص بحجم الجنرال سليماني دليل على التواجد العسكري الإيراني في المنطقة والذي له رسائل عدة أهمها؛ أن إيران جاهزة للدفاع عن حلفائها عسكرياً ولا تكتفي بردود الفعل السياسية.

صحيفة الجريدة الكويتية نقلت في 13 ديسمبر الجاري، عن أحد مستشاري سليماني (لم تذكر اسمه) أن الأخير طلب من القادة العسكريين لحماس والجهاد بدء تجنيد عناصر فلسطينية في الضفة الغربية كون أن تسليح الضفة بات أولوية إيرانية، وأكد لهم أن بمجرد إعطائهم الضوء الأخضر لإيران لجاهزيتهم تسلم الأسلحة وتأمين الأماكن اللازمة لتخزينها فإن الأخيرة سترسلها لفتح جبهة مسلحة ضد إسرائيل. وادعت الصحيفة أن سليماني اجتمع مع عملاء إيران في سوريا ولبنان لتهريب الأسلحة وطالبهم بالعمل والبحث عن طرق تمكنهم من ايصال أسلحة نوعية إلى الفلسطينيين بالضفة الغربية.

وكانت حماس والجهاد الإسلامي قد أمتنعتا عن التعليق على هذه معلومات يعتبرونها أمنية وحساسة ولا يمكن التصريح بها لوسائل الإعلام.

الكاتب والباحث الإيراني صابر كل عنبري رأى في حديث مع "المونيتور" أن سليماني أراد توصيل رسائل عدة في أكثر من اتجاه؛ الأولى للفلسطينيين بأنهم ليسوا لوحدهم في معركتهم ضد أمريكا وإسرائيل بشأن القدس، والثانية لإسرائيل مفادها أن إيران لا تولي أي اهتمام للضجيج الذي تحدثه إسرائيل بشأن دعم الجمهورية الإيرانية للمقاومة في الأراضي الفلسطينية أو لبنان أو سوريا، وثالثاً للسعودية والمحور العربي المطبع مع إسرائيل بهدفهم إحراجهم أمام شعوبهم بفعل مواقفهم التطبيعية، ورابعاً لترامب أن إيران ستقوي المقاومة الفلسطينية رداً على قراره.

فيما اعتبر اللواء العسكري الفلسطيني المتقاعد واصف عريقات في حديث مع "المونيتور" أن إيران أرادت من خلال نشر خبر الاتصال الهاتفي بين سليماني والمقاومة الفلسطينية إرسال رسائل تحدٍ في اتجاهات عدة بعد قرار ترامب، متوقعاً أن تزيد إيران من دعمها العسكري والسياسي للفلسطينيين في المرحلة المقبلة.

وتجدر الإشارة إلى أن ةسائل إعلام تابعة للسلطة الفلسطينية أفادت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي توجه في 16 ديسمبر/ كانون الأول إلى قطر بدعوة رسمية، تلقى في 17 ديسمبر" كانون الثاني دعوة رسمية من الرئيس الإيراني حسن روحاني لزيارة إيران نهاية الأسبوع الجاري. وإن تمت زيارة عباس لطهران فستُعتب بمثابة عدم رضا من السلطة الفلسطينية بشأن الموقف السعودي على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، في ظل ما تنشره بعض وسائل الإعلام من تواطء سعودي مع أمريكا بشأن ذلك القرار.

وبعد كشف السلطة الفلسطينية عن تلقيها دعوة رسمية لزيارة طهران، وجهت السعودية في 17 ديسمبر الجاري، بشكلٍ عاجل دعوة للرئيس عباس لزيارتها والتباحث مع القيادة السعودية بشأن قرار الرئيس الأمريكي حول مدينة القدس.



الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017


فرصٌ ضئيلة أمام السلطة الفلسطينية في إيجاد راعٍ جديد لعملية السلام بديلاً عن أمريكا
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة – أثار قرار الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركيّة إليها، حالة غضب عارمة في أوساط الفلسطينيّين الذين قرّروا البحث عن راعٍ جديد لعمليّة السلام بديلاً عن الولايات المتّحدة الأميركيّة واعتبروا أنّ قرار دونالد ترامب جرّدها من أهليّتها كراعية لعمليّة السلام في الشرق الأوسط.

وقال الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس في كلمة أمام القمّة الإسلاميّة الطارئة، التي عقدت في 13 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري باسطنبول: "إنّ إعلان ترامب انتهاك صارخ للقانون الدوليّ والاتفاقيّات الموقّعة، وأؤكّد رفضنا لهذا القرار الباطل الذي صدمتنا به الولايات المتّحدة، وجاءت لنا ليس بصفقة العصر، بل بصفعة العصر، لتكون قد اختارت أن تفقد أهليّتها كوسيط، وإنّنا لن نقبل بأن يكون لها دور في عمليّة السلام لأنّها منحازة كل الانحياز لإسرائيل".

وسبقت موقف محمود عبّاس ذلك، تصريحات لوزير الخارجيّة الفلسطينيّ رياض المالكي، الذي قال في كلمة أمام الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجيّة العرب الذي عقد في 9 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري بالقاهرة: "ترامب استسهل القرار فرفضه العالم، وبرّر خطيئته ببدع دينيّة فعزل نفسه وبلده عن لعب أيّ دور محتمل في عمليّة السلام، أكان اليوم أم في المستقبل".

من جهته، أكّد عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة أحمد مجدلاني لـ"المونيتور" أنّ السلطة الفلسطينيّة لا يمكنها العودة إلى الرعاية الأميركيّة المنفردة لعمليّة السلام والمنحازة لإسرائيل في كلّ مواقفها.

وبيّن أحمد مجدلاني أنّهم كقيادة فلسطينيّة يبحثون مع الدول العربيّة وبعض دول العالم عن راعٍ جديد، ومن ضمن ما يمكن أن يذهبوا إليه في هذا الاتجاه لجنة الرباعيّة الدوليّة، بعد العمل على توسعتها وضمّ بعض الدول العربيّة التي ترغب بالمشاركة في تلك العمليّة، إليها.

ولم يستبعد مجدلاني أن تتعرّض السلطة لضغوط سياسيّة وماليّة كبيرة، مشيراً إلى أنّ الكونغرس الأميركيّ وافق بالإجماع على تعليق المساعدات الماليّة للسلطة الفلسطينيّة تحت ذريعة ذهاب تلك الأموال لأسر الشهداء والأسرى، واعتبر ذلك ابتزازاً غير مقبول.

وفي السياق ذاته، رأى عضو اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" عبّاس زكي في حديث مع "المونيتور" أنّ خيارات الفلسطينيّين في الردّ على قرار ترامب عديدة، ومن ضمنها: القرار النهائيّ بعدم لقاء الرئيس الفلسطيني أو أي من المسئولين في السلطة لنائب الرئيس الأميركيّ مايك بنس الذي كان من المقرّر أن يصل إلى الشرق الأوسط في نهاية الشهر الجاري قبل أن يؤجل زيارته حتى منتصف شهر كانون الثاني/يناير، ووقف أي اتصالات مع الإدارة الأميركيّة إلى حين التراجع عن قرار ترامب، والسعي للانضمام إلى المنظّمات الدوليّة، إضافة إلى التصعيد الميدانيّ ضدّ إسرائيل، وصولاً إلى العصيان المدنيّ.

وأوضح أنّ السلطة الفلسطينيّة تعي أنّ لكلّ تلك الخيارات ثمناً، وفي مقدّمتها وقف الدعم الماليّ من قبل أميركا وبعض الدول المانحة التي تتماها سياساتها مع الولايات المتّحدة، مشيراً إلى أنّ السلطة تبحث منذ اليوم عن بدائل عربيّة وإسلاميّة لسدّ أيّ عجز ماليّ قد يحدثه وقف المساعدات الماليّة من أميركا وغيرها من الدول.

هذا وأقرّ مجلس النوّاب الأميركيّ بالإجماع في 5 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري مشروع قانون (تايلور فورس) لوقف المساعدات الماليّة الأميركيّة للسلطة الفلسطينيّة، والتي تقدّر بـ300 مليون دولار سنويّاً، ما لم تتّخذ الأخيرة خطوات لوقف تحويل جزء من تلك الأموال لأهالي الشهداء والأسرى الفلسطينيّين.

واعتبر أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر بغزّة ناجي شراب في حديث مع "المونيتور" أنّ إيجاد بديل عن أميركا كراعية للسلام في الشرق الأوسط غير ممكن، لا سيّما أنّ كلّ الأطراف التي يمكن أن تقوم بهذا الدور أدوارها في الأصل مكمّلة للدور الأميركيّ، وتحديداً الرباعيّة الدوليّة، وقال: إنّ قرار ترامب قد يفقد أميركا القيام بدورها في عمليّة السلام، ولكن لا يمكن إيجاد بديل عن الدور الأميركيّ. وبالتّالي، قد نشهد تجميداً متواصلاً لعمليّة السلام لسنوات قادمة.

وتوقّع أن يحدث ضغط كبير من بعض دول العالم كروسيا والصين والاتحاد الأوروبيّ وتركيا وفرنسا على الولايات المتّحدة لجعل مواقفها أكثر واقعيّة وحياديّة وفعاليّة في عمليّة السلام مستقبلاً كي لا تتفجّر المنطقة العربيّة.

أمّا في ما يتعلّق بالمساعدات الماليّة للسلطة الفلسطينيّة، فرأى ناجي شراب أنّ أميركا يمكن أن تتفهّم الغضب الفلسطينيّ على قرار ترامب، إذا ما بقي الموقف الفلسطينيّ في إطار الغضب ولم يترجم إلى سياسات ومواقف ضدّ أميركا وإسرائيل؛ وإلاّ فإنّ الأخيرتين قد تقومان بخطوات قويّة ضدّ السلطة، منها قطع كلّ المساعدات والدعم الماليّ المقدّمة إليها والتضييق عليها.

وتوافق الكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة والمحلّل السياسيّ أكرم عطاالله مع سابقه في عدم قدرة السلطة الفلسطينيّة على إيجاد بديل آخر عن الولايات المتّحدة الأميركيّة في رعاية عمليّة السلام، كون الأخيرة هي الوحيدة في العالم من تملك القدرة على الضغط على إسرائيل لتجبرها على العودة إلى عمليّة السلام والالتزام ببعض قراراتها.

وحذّر أكرم عطاالله في حديث مع "المونيتور" السلطة الفلسطينيّة من أنّ الصدام مع الولايات المتّحدة الأميركيّة قد يضرّ أكثر ما ينفع القضيّة الفلسطينيّة، متوقّعاً أن تعطي أميركا تعليمات لبعض الدول التي تدعم السلطة الفلسطينيّة ماليّاً، ومنها دول عربيّة، من أجل وقف ذلك الدعم، ناهيك عن الخوف من إيقاف إسرائيل تحويل أموال الضرائب التي تجبيها للسلطة الفلسطينيّة من خلال الموانئ.

وفي ظلّ شحّ الخيارات أمام السلطة الفلسطينيّة للبحث عن راعٍ جديد، فيبدو أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة ستعمل على تفهّم الغضب الفلسطينيّ والعربيّ من قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وستعمل أيضاً على التخفيف من حدّته عبر تأجيل نقل مقرّ السفارة الأميركيّة إلى القدس إذا ما استمرّ الضغط العربيّ والإسلاميّ على الإدارة الأميركيّة، وهو ما قد يمثّل مخرجاً لائقاً للسلطة الفلسطينيّة بعد ذلك الغضب.



الأحد، 10 ديسمبر 2017


 ماذا وراء اتهامات "فتح" لـ"الجهاد الإسلاميّ" وإيران بتخريب المصالحة الفلسطينيّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: أثارت الاتهامات التي وجّهها عضو اللّجنة المركزيّة لحركة "فتح" ورئيس وفد الحركة لحوارات المصالحة الفلسطينيّة الداخليّة عزّام الأحمد نهاية الشهر الماضي لحركة "الجهاد الإسلاميّ" وإيران بالعمل على تخريب المصالحة الداخليّة حالة من الرفض الداخليّ الفلسطينيّ، لا سيّما من قبل الفصائل الفلسطينيّة (الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، حزب الشعب)، الأمر الذي دفع ببعض قيادات حركة "فتح" إلى إصدار تصريحات إعلاميّة في 2 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري حاولت فيها إصلاح ما خلّفته تصريحات عزّام الأحمد من توتّر في العلاقة بينها وبين حركة "الجهاد الإسلاميّ".

وقال عزّام الأحمد في مقابلات تلفزيونيّة كان آخرها عبر فضائيّة "النجاح" المحليّة بـ30 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي: "بعض قيادات حركة الجهاد الإسلاميّ حاول تخريب المصالحة الفلسطينيّة بين حركتيّ فتح وحماس (..)، فكلّ الفصائل القادمة من غزّة أكّدت خلال حوار القاهرة أنّ هناك عراقيل أمام تمكين الحكومة، باستثناء وفد حركة الجهاد الإسلاميّ لأنّ موقفه سلبيّ تجاه المصالحة".

الاتهامات تلك رفضها القياديّ في حركة "الجهاد الإسلاميّ" أحمد المدلّل خلال حديث مع "المونيتور"، وأكّد أنّها باطلة ولا تستند لأيّ دليل على أرض الواقع، كاشفاً أنّ أسباب اتهامات الأحمد تعود إلى مطالبة حركة الجهاد الإسلاميّ بشكل واضح خلال جلسات المصالحة في القاهرة بـ22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حركة "فتح" بالضغط على الرئيس محمود عبّاس من أجل رفع العقوبات فوراً عن قطاع غزّة، وإبلاغ الفصائل لوفد "فتح" خلال جلسة الحوار تلك رفضها عودة تشغيل معبر رفح وفق اتفاقيّة المعابر 2005، والتي تسمح للإسرائيليّين بمراقبة كلّ من يتنقّل على جانبيّ المعبر.

وأشار أحمد المدلّل إلى أنّ موقفهم الواضح في الجهاد الإسلامي، الذي أبلغوا به وفد "فتح" في القاهرة من أنّ حكومة التوافق استلمت فعليّاً الوزارات والمؤسّسات والمعابر في غزّة ولم يعد هناك مبرّر لعدم رفع الإجراءات العقابيّة عن غزّة، كان له دور في غضب الأحمد وقادة "فتح" الذين يقولون إنّ الحكومة لم تتمكّن من عملها بشكل كامل في غزّة.

وأوضح المدلّل أنّ حركته كانت وستبقى من أكبر الفصائل الفلسطينيّة الداعمة لإنهاء الانقسام الداخليّ وإتمام المصالحة، وفي الوقت نفسه تعمل إلى جانب الفصائل الفلسطينيّة الأخرى لتخفيف الأعباء والضغوط عن سكّان قطاع غزّة، بهدف الالتفات إلى المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ الذي يتمّ التآمر عليه عالميّاً. (يقصد خطّة السلام التي سيقدّمها الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب).

كما اتّهم الأحمد في مقابلة مع قناة "العربيّة" بـ28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إيران بأنّها المموّل الأوّل للانقسام الفلسطينيّ الداخليّ منذ بدايته، مشيراً إلى أنّ إيران أوقفت دعمها الماليّ لحركة "حماس"، واشترطت على الأخيرة البقاء في حالة انقسام فلسطينيّ داخليّ من أجل استئناف الدعم من جديد.

من جهته، رفض مستشار وزارة الخارجيّة الإيرانيّ حسين شيخ الاسلام في حديث مع "المونيتور" الاتهامات التي ساقها الأحمد ضدّ إيران، مؤكّداً أنّ تلك الاتهامات لا دليل عليها، مطالباً حركة "فتح" والسلطة الفلسطينيّة بالتوقّف عن ترويج تلك الاتهامات، لافتاً إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة كانت منذ البداية إلى جانب تحقيق المصالحة الفلسطينيّة الداخليّة، ولم تطلب في يوم من الأيّام أيّ موقف سياسيّ من فصائل المقاومة الفلسطينيّة التي كانت وما زالت تدعمها نصرةً لها في وجه إسرائيل، مؤكّداً أنّ إيران باركت كلّ محطّات المصالحة الفلسطينيّة الداخليّة السابقة.

وكانت صحيفة "العربيّ الجديد" ذكرت في 24 شباط/فبراير الماضي أنّ وليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان طلب من الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس خلال زيارته الأخيرة المفاجئة للسعوديّة بداية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إبعاد حركة "حماس" عن إيران و"حزب الله"، وإقناع الفصائل الفلسطينيّة بدخول تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل مقابل تحمّل الاستحقاقات الماليّة للمصالحة الفلسطينيّة، إلاّ أنّ محمود عبّاس أبلغ محمّد بن سلمان بأنّه لا يملك القدرة على إقناع "حماس" بذلك. –وفقاً للصحيفة-.

بدوره، اعتبر المحلّل السياسيّ في "مركز فلسطين للدراسات والبحوث" بغزّة حسن عبدو في حديث مع "المونيتور" أنّ موقف حركة "الجهاد الإسلاميّ" الذي عبرّت عنه قيادات الحركة في جلسات الحوار بالقاهرة في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من خلال تأكيدها استلام الحكومة مهامها في غزّة، مقابل تلكّؤ الأخيرة وعبّاس في رفع العقوبات عن غزّة، أثار حالة من الغضب في صفوف قيادات حركة "فتح"، وتحديداً الأحمد.

ولفت حسن عبدو إلى أنّ حركة "الجهاد الإسلاميّ" كانت وما زالت مع المصالحة الداخليّة، بل برهنت على موقفها ذلك عبر تأجيلها الردّ العسكريّ على قتل إسرائيل 12 مقاتلاً فلسطينيّاً في أحد الأنفاق التي تعبر الحدود من غزّة إلى إسرائيل عبر قصف ذلك النفق في 30 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، لإفساح المجال أمام استكمال خطوات إتمام المصالحة وكي لا تعطي ذريعة لإسرائيل من أجل التصعيد في غزّة وتخريب جهود المصالحة.

وتوافق المحلّل السياسيّ ابراهيم المدهون في حديث لـ"المونيتور" مع سابقه في أنّ الأحمد هدف من خلال اتهاماته تلك إلى الانتقام من حركة "الجهاد الإسلاميّ" التي كانت لها مواقف واضحة في جلسات المصالحة، مشيراً إلى أنّ الحركة لا تزال تقف على مسافة واحدة من طرفيّ الانقسام "فتح" و"حماس"، رغم مطالبتها حركة "فتح" برفع العقوبات عن غزّة.

وكشف ابراهيم المدهون أنّ حركة "الجهاد الإسلاميّ" قدّمت أكثر من مذكّرة لحركة "حماس" في أيلول/سبتمبر وتشرين الأوّل/أكتوبر الماضيين بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخليّة، وهو ما قابلته "حماس" بمواقف إيجابيّة، وحلّت اللجنة الإداريّة الحكوميّة التي كانت تضعها الحكومة كعقبة أمام فرض المزيد من العقوبات على قطاع غزّة. وفي المقابل، شعرت "الجهاد الإسلاميّ" بنوع من الصدمة والخديعة من قبل حركة "فتح"، التي وعدت الفصائل برفع العقوبات عن غزّة مجرّد حلّ "حماس" للجنة الإداريّة الحكوميّة.

تبقى حالة التشاؤم تسيطر على الشارع الفلسطينيّ، في ظلّ عودة وتصاعد الاتهامات والتراشق الإعلاميّ بين الأطراف الفلسطينيّة حول المصالحة التي بدأت بالعودة التدريجيّة إلى حالة الجمود مع استمرار تأجيل تطبيق ما اتفق عليه في القاهرة بـ12 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، فـ"حماس" تتّهم "فتح" والحكومة بالتلكّؤ في تنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة، فيما تتّهم "فتح" "حماس" بأنّها لم تمكّن الحكومة من عملها بشكل كامل في غزّة.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...