الثلاثاء، 27 فبراير 2018


تحرّكات دوليّة وعربيّة عاجلة تجاه غزّة لوقف الانهيار ومنع الانفجار
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — دفعت الأوضاع الإنسانيّة والصحيّة المتردّية في قطاع غزّة بالعديد من الدول العربيّة إلى تقديم مساعدات ماليّة عاجلة لمنع حالة الانهيار التي يشهدها قطاع غزّة، فيما ناشدت الأمم المتّحدة ومؤسّسات حقوقيّة كالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، بلدان العالم إلى إنقاذ غزّة ومنع وقوع كارثة إنسانيّة، وسط تحذيرات فصائلية فلسطينية في 20 فبراير الجاري، من حدوث انفجار وشيك إذا استمرّت الأوضاع على ما هي عليه.

التحرّكات العربيّة بدأت بتقديم الإمارات العربيّة المتّحدة مبلغ 2 مليون دولار في 7 شباط/فبراير الجاري لقطاع غزة، لتتبعها قطر بعد يوم واحد وتقدّم 9 ملايين دولار لدعم القطاع الصحيّ في غزّة وشراء وقود وأدوية للمستشفيات، وهو دعم لاقى ترحيباً أميركيّاً وأمميّاً. أمّا مصر من جانبها فأعادت الاتصالات مع حركتيّ "حماس" و"فتح" من أجل السير في ملف المصالحة الداخليّة، والمساعدة في تقديم حلول سريعة إلى الأزمة الإنسانيّة.

إسرائيل هي الأخرى وافقت في 21 فبراير الجاري، على إصدار 3000 تصريح عمل لتجار غزة، والسماح بزيادة مساحة الصيد في بحر غزة من 6 أميال إلى 9 أميال ابتداءً من 1 أبريل المقبل، كما وسمحت بإدخال العديد من السلع والمواد بكميات كبيرة عبر المعابر إلى غزة كالأخشاب والاسمنت والأجهزة الطبية.

وكان مجلس الأمن الدوليّ انعقد في 14 شباط/فبراير الجاري في جلسة مغلقة بدعوة من دولتيّ الكويت وبوليفيا للبحث في الأوضاع الإنسانيّة المتفاقمة في غزّة، فيما عزا المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتّحدة استيفان دوغريك في تصريحات بـ15 شباط/فبراير الجاري، الأوضاع الإنسانيّة المزرية في القطاع إلى إغلاق المعابر ونقص تمويل وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيّين في الشرق الأدنى "الأونروا" وغياب المصالحة الفلسطينيّة الداخليّة.

وأكّد عضو اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" عبّاس زكي لـ"المونيتور" أنّ الفلسطينيّين يقدّرون أيّ تحرّك يجري لوقف استمرار الكارثة الإنسانيّة في غزّة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ المساعدات الطارئة لن تحلّ الأزمة، بل تعمل على تأجيلها إن لم يتمّ العمل على حلّها بشكل كامل، ويكون ذلك برفع الحصار الإسرائيليّ المفروض على غزّة.

وأشار عبّاس زكي إلى أنّ استمرار الأوضاع في غزّة بهذا التدهور قد يدفع إلى انفجارها، وقال: إنّ غزّة مسؤوليّة الجميع في هذا العالم، بما فيه المؤسّسات الدوليّة، التي دعاها إلى سرعة التحرّك وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات تحذيريّة ومناشدات فقط.

من جهته، اعتبر المتحدّث باسم "حماس" حازم قاسم في حديث لـ"المونيتور" أنّ الأوضاع الكارثيّة في غزّة هي نتيجة الحصار الإسرائيليّ المفروض عليها منذ سنوات، وبفعل إجراءات السلطة الفلسطينيّة العقابيّة التي اتّخذت من قبل الرئيس محمود عبّاس في نيسان/إبريل من العام الماضي، مشيراً إلى أنّ التحرّكات العربيّة والدوليّة التي تتمّ في هذه الأيّام جاءت لقناعة تلك الأطراف بأنّ استمرار الأوضاع بهذا السوء سيؤدّي إلى انفجار غزّة، موضحاً أنّ "حماس" رغم تركها الحكومة إلاّ أنّ مسؤوليها يجرون اتصالات ولقاءات بشكل يوميّ للمساعدة في وقف الكارثة.

أمّا المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتّحدة رياض منصور فدعا في تصريحات صحافيّة من نيويورك في 14 شباط/فبراير الجاري أعضاء مجلس الأمن الدوليّ إلى زيارة قطاع غزّة في أسرع وقت ممكن لرؤية المعاناة التي يعانيها سكّان غزّة.

وأشارت الإحصائيّات التي نشرتها اللجنة الشعبيّة لكسر الحصار عن غزّة في 9 شباط/فبراير الجاري، إلى أنّ نسبة الفقر في قطاع غزّة، الذي تجاوز تعداد سكّانه الـ2 مليون نسمة، وصلت إلى 80 بالمئة، فيما تجاوزت نسبة البطالة الـ50 بالمئة.

مستشار رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة يوسف الغزيز أكد لـ"المونيتور"، أن زيارة السفير القطري محمد العمادي إلى الأراضي الفلسطينية والتي بدأها في 18 فبراير الجاري، جاءت لتقديم المنحة المالية التي أعلن عنها أمير دولة قطر والبالغة 9 ملايين دولار، وافتتاح بعض مشاريع الإعمار.

وأوضح الغزيز أن 2.5 مليون دولار من تلك المنحة قدمت لانعاش قطاع الصحة في غزة، فيما وزعت باقي المنحة على مشاريع الإعمار والمشاريع الإغاثية لسكان قطاع غزة، مشيراً إلى أن قيمة ما تنفذه اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة خلال عام 2018، من مشاريع (إعادة إعمار ومساعدات إنسانية وإغاثة عاجلة) 90 مليون دولار.

هذا واجتمع رئيس الوزراء الفلسطينيّ رامي الحمد الله مع منسّق شؤون المناطق في الجيش الإسرائيليّ يؤاف بولي مردخاي في 15 شباط/فبراير الجاري برام الله، وبحث الطرفان، بحضور مبعوث الأمم المتّحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، في الأزمة الإنسانيّة بغزّة، واتّفقا على إعادة تقييم آليّة الإعمار بهدف تسريعها لإعادة بناء كلّ المنازل التي دمّرت في حرب عام 2014.

من جهته، رأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة أكرم عطا الله في حديث مع "المونيتور" أنّ الأزمة في غزّة بلغت ذروتها بانعدام أبسط مقوّمات الحياة من دواء وطعام، لافتاً إلى أنّ الدعم الماليّ من بعض الدول العربيّة يمثل حلولاً ترقيعيّة للأزمة ولن يحلّها ما لم تكن هناك جهود متواصلة وذات جدوى.

وأبدى أكرم عطا الله قناعته بأنّ الجميع في هذا العالم بات على يقين بأنّ انفجار غزّة أصبح قريباً للغاية، ويريد منع الانفجار أو تأجيله على الأقلّ، متسائلاً: "أين الدول العربيّة الأخرى غير قطر والإمارات من تقديم الدعم إلى غزّة، فلماذا يتركونها تصارع الموت؟".

بدوره، قال المحلّل السياسيّ والكاتب العمود في صحيفة "فلسطين" المحليّة عصام شاور لـ"المونيتور": "تخشى الأطراف كافّة من غضب غزّة ومفاجآت المقاومة فيها. ولهذا، تبحث عن حلول عاجلة، والضغوط الظاهرة إنّما هي لابتزاز بعض التنازلات لا أكثر قبل انهيار الحصار".

وأشار إلى أنّ إسرائيل والمجتمع الدوليّ أبديا قلقهما من الحصار وتدهور الأوضاع الإنسانيّة، وما المساعدات والتحرّكات الأخيرة إلاّ مقدّمات لإنهائه (الحصار) بصورة تدريجيّة، فغزّة لم تعد صالحة للحياة باعتراف غالبيّة المؤسّسات الدوليّة كالأمم المتحدة في تقرير نشرته بتاريخ 11 يوليو 2017.

حتّى اللحظة ما قدّم من دعم عربيّ ودوليّ لوقف الكارثة الإنسانيّة في غزّة لا يرقى إلى الحدّ الأدنى، في ظلّ نفاد الوقود اللاّزم لتشغيل المولّدات الكهربائيّة في المستشفيات واستمرار إضرابات عمّال النظافة فيها لعدم حصولهم على مستحقّاتهم الماليّة ونفاد أصناف كثيرة من الأدوية، ناهيك عن انهيار القوّة الشرائيّة في الأسواق من جرّاء انعدام السيولة النقديّة في أيدي المواطنين، واضطرار عشرات الأسر إلى النوم في الطرق لعدم قدرتها على دفع الإيجار الشهريّ.



الاثنين، 26 فبراير 2018


ردود فعل فلسطينيّة متباينة بعد الاحتجاج الذي واجهه السفير القطريّ أثناء زيارته لغزّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أظهرت حادثة الاحتجاج التي قام بها بعض الفلسطينيّين أمام السفير القطريّ في الأراضي الفلسطينيّة محمّد العمادي أثناء زيارته لقطاع غزّة في 19 شباط/فبراير الجاري ردود فعل متباينة في الشارع الفلسطينيّ، فيما استغلّت وسائل إعلام عربيّة، وتحديداً تلك المقاطعة لقطر، الحادثة وأظهرتها على أنّها رفض فلسطينيّ للدعم القطريّ المقدّم إلى غزّة.

وتجلّت الواقعة بقيام عمّال نظّافة غاضبين في مستشفى "الشفاء" بمدينة غزّة لم يتقاضوا رواتبهم منذ 5 أشهر، بالصراخ والتدافع أمام سيّارة محمّد العمادي عقب انتهاء مؤتمر صحافيّ عقده في فناء المستشفى للإعلان عن المنحة التي قدمها أمير دولة قطر لقطاع غزة، وذلك كرسالة احتجاج على عدم التطرّق إلى قضيّتهم خلال مؤتمره، فيما سارعت قوى الأمن إلى إخراجه من المكان.

هذا وتتعاقد وزارة الصحة الفلسطينية مع شركات نظافة خاصة، تتولى مهمة النظافة في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية في قطاع غزة، وبعد أن سلمت حركة حماس الوزارات إلى حكومة التوافق عقب الاتفاق الذي وقع في القاهرة بين حركتي حماس وفتح في 12 أكتوبر 2017، توقفت الوزارة في غزة عن دفع المستحقات المالية لتلك الشركات على أن تتكفل الحكومة بدفعها، ولكن الحكومة رفضت تسديدها تحت ذريعة أن وزارة الصحة في غزة لا تقوم بتوريد أموال الجباية لخزية الحكومة، وبالتالي لن تقوم بتسديد أي مستحقات مالية على الوزارة في غزة.

وسارعت شركات النظافة المتعاقدة مع وزارة الصحة في غزة إلى تدارك الحادثة، وأصدرت بياناً في 19 شباط/فبراير الجاري عبّرت فيه عن استنكارها لما حدث من قبل بعض العمّال لديها، واعتبرت الواقعة عملاً فرديّاً وسلوكاً غير مسؤول وغير لائق بحقّ العمادي، وقدّمت إليه اعتذاراً رسميّاً نيابة عن العمّال.

وأكّد الناطق باسم وزارة الصحّة في غزة أشرف القدرة لـ"المونيتور" أنّ حصة مستشفيات غزة من المنحة القطريّة البالغة 9 مليون دولار والتي أعلن عن تفاصيلها العمادي خلال زيارته الأخيرة لغزة بلغت 2.5 مليون دولار لشراء وقود للمستشفيات وأدوية أعادت الحياة إلى المرافق الصحيّة والمستشفيات في غزّة، معبّراً عن شكر وزارته على تلك المساعدات.

وأشار أشرف القدرة إلى أنّ حادثة الاحتجاج التي حدثت أثناء تواجد العمادي كانت عفويّة من قبل عمّال نظافة كانوا يقومون بوقفة احتجاجيّة أثناء وصوله إلى المستشفى، نافياً حدوث أيّ اعتداء على العمادي، كما روّج بعض وسائل الإعلام.

من جهته، ذكر أحد عمّال النظافة الذين تواجدوا أثناء الحادثة، فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفاً من طرده من الشركة حيث يعمل، لـ"المونيتور" أنّ ما جرى هو حالة احتجاج وصلت إلى حدّ الصراخ والتدافع من قبل عمّال غلب عليهم القهر من الأوضاع الماديّة الصعبة التي يعانون منها بسبب عدم تلقّيهم رواتبهم من قبل وزارة الصحة.

وقال: "بمجرّد أن أعلن الأمير تميم بن حمد آل ثاني عن المنحة الماليّة في 9 شباط/فبراير الجاري، انتشرت أحاديث وشائعات بين عمّال النظافة في المستشفيات أنّ السفير العمادي سيخصّص جزءاً من المبلغ المقدّم إلى المستشفيات لدفع رواتب عمّال النظافة، ولكن عندما أنهى السفير القطريّ مؤتمره الصحافيّ من دون التطرّق إلى مشكلتهم انفجر بعض العمّال وبدأ بالصراخ واعترض سيّارة السفير".

وسأل العامل: "أين تذهب ملايين الدولارات التي تقدّمها الدول المانحة ومن ضمنها قطر؟ الشعب لا يرى إلاّ الفتات"، متمنّياً ألاّ يؤثر ما حدث على المساعدات القطريّة لغزّة.

وبدأ عمّال النظافة في مستشفيات قطاع غزّة، والبالغ عددهم 835 موظّفاً، إضراباً عن العمل في 10 شباط/فبراير الجاري، بسبب عدم تلقّيهم مستحقّاتهم الماليّة، وهو الأمر الذي أدّى إلى انتشار القمامة في مرافق المستشفيات وتأجيل أكثر من 860 عمليّة جراحيّة خلال الأيّام الماضية وتحذير وزارة الصحّة من انتشار الأوبئة والأمراض، فيما ترفض حكومة التوافق الفلسطينيّة تقديم أيّ دعم ماليّ إلى الوزارات في غزّة قبل أن تلتزم وزارة الماليّة في غزّة بتوريد كلّ ما تتمّ جبايته إلى وزارة الماليّة في رام الله والتي تقدر بـ 20 مليون دولار شهرياً.

وفي السياق ذاته، اعتبر الناطق باسم اللجنة الشعبيّة لكسر الحصار عن قطاع غزّة أدهم أبو سلميّة في حديث مع "المونيتور" أنّ ما حدث أمام العمادي لا يعبّر إطلاقاً عن أصالة الشعب الفلسطينيّ، مشيراً إلى أنّ مثيري شغب تسلّلوا بين عمّال النظافة وأثاروا بلبلة أثناء تواجد العمادي، وهو الأمر الذي تعاملت معه الأجهزة الأمنيّة في غزّة وقامت بمحاسبتهم.

وأشار إلى أنّ العمادي تفهّم ما حدث، بعد أن قام باستيضاح الصورة من مستشاريه والجهات الحكوميّة في غزّة، مؤكّداً أنّ حلّ مشكلة أولئك العمّال هو في يدّ حكومة التوافق وليس في يدّ قطر.

والتقى وزير الأشغال الفلسطينيّ في غزة مفيد الحساينة وقادة من الفصائل الفلسطينيّة كلّاً على حدة بالعمادي في 20 شباط/فبراير الجاري، بمقرّ إقامته في غزّة، وقدّموا إليه الاعتذار عمّا جرى، وأشادوا بالدور القطريّ في مساعدة سكّان قطاع غزّة، فيما نفّذت هيئات شعبيّة وشبابيّة وقفات أمام مقرّ إقامته في فندق الموفمبيك غرب مدينة غزة لتعبّر عن شكرها لقطر.

ورأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة أكرم عطا الله في حديث مع "المونيتور" أنّ كلّ الدعم الذي قدّمته قطر إلى قطاع غزّة لم يؤثّر حتّى اللحظة في معالجة الأوضاع الإنسانيّة الصعبة التي يعاني منها السكّان.

واستبعد أن تؤثّر تلك الحادثة على دور قطر في مواصلة دعمها لقطاع غزّة، مشيراً إلى أن دور قطر ليس مستقلاًّ في ما تقدّمه من دعم، والدليل على ذلك ما ذكره المبعوث الأميركيّ لعمليّة السلام جيسون غرينبلات في 9 شباط/فبراير الجاري أنّ جهود قطر، بالتعاون مع إسرائيل، يمكنها أن تساهم في انفراج الأوضاع الإنسانيّة بقطاع غزّة". 

جميع المساعدات والأموال التي تقدمها قطر لغزة يتم إدخالها عبر المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل وذلك بعد موافقة الأخيرة التي تدقق وتتابع أوجه صرف تلك المساعدات والأموال كي لا يتسرب شيء منها إلى حركة حماس كما يقول السفير العمادي في مقابلة مع رويترز بتاريخ 22 فبراير الجاري.

أمّا أستاذ الإعلام في جامعة الأقصى بغزّة خالد الحلبي فاعتبر في حديث مع "المونيتور" أنّ التغطية الإعلاميّة الكبيرة والمقصودة من قبل بعض وسائل الإعلام الخليجيّة لما حدث للعمادي في غزّة هي اصطياد في الماء العكر بهدف إظهار أنّ حالة الاحتجاج هي بمثابة رفض فلسطينيّ لدور قطر في غزّة.

ودعا خالد الحلبي وسائل الإعلام، التي نقلت صورة مغلوطة عمّا حدث، للالتفات إلى معاناة أهالي غزّة، وإعداد موادّ إعلاميّة تبرز معاناة الغزيّين للعالم بهدف المساعدة في حلّها، لافتاً إلى أنّ استمرار تلك الوسائل الإعلاميّة في تشويه الحقائق يضعف مصداقيّتها لدى الشارع الفلسطينيّ.

ويأمل الشارع الفلسطينيّ في غزّة بشكل خاص ألاّ يؤثر ذلك الحادث على الدعم القطريّ لغزّة، والذي يعدّ أكبر دعم عربيّ قدّم إلى الفلسطينيّين خلال السنوات الأخيرة بمبلغ يقارب على نصف مليار دولار منذ عام 2012 وحتى شباط/فبراير 2018، توزعت على إعادة الإعمار والإغاثة الانسانية، فيما غرّد نشطاء فلسطينيّون في 19 شباط/فبراير الجاري على هاشتاغ #شكراً_قطر للتعبير عن امتنانهم للدور القطريّ في إغاثة شعبهم.



الخميس، 1 فبراير 2018


تنصّت الأجهزة الأمنيّة على المكالمات الهاتفيّة يثير جدلاً في الشارع الفلسطينيّ ودعوات إلى محاسبة المتورّطين
أحمد أبو عامر – المونيتور

قطاع غزّة، مدينة غزّة – أثارت التقارير الإعلاميّة المدعّمة بالوثائق والصور والتي نشرتها بعض وسائل الإعلام الفلسطينيّة في 10 كانون الثاني/يناير الجاري، حول تنصّت الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة على هواتف بعض الشخصيّات والمواطنين الفلسطينيّين، والتي قالت تلك المواقع إنّ ضابطاً فلسطينيّاً كشفها بعد ترك عمله في جهاز الأمن الوقائيّ التابع إلى السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، جدلاً واسعاً في الشارع الفلسطينيّ. وتتضمن الوثائق رسالة اعتذار من الضابط إلى شعبه وأهله يؤكد فيها توبتة لعل ذلك يكفر عن عمله السابق في هذا الجانب.

وأظهرت الوثائق المنشورة تسجيلات لمكالمات هاتفيّة ورسائل نصّيّة للعديد من المواطنين الفلسطينيّين وشخصيّات نقابيّة، إضافة إلى تعقّب قيادات فلسطينيّة ومحادثاتها في قطاع غزّة بعد التنصّت على مكالماتها، وفي مقدّمتها اتّصالات حركة حماس بالمخابرات المصريّة في أعقاب جولات المصالحة الأخيرة.

كما وشملت الوثائق تقارير استخباراتية عن محادثات هاتفية بين كبار قادة حماس، مثل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وخالد مشعل، وغيرهم من القادة البارزين. كما تضمنت تقارير عن محادثات هاتفية بين مسؤولين أمنيين من حماس وكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فضلا عن محادثة بين اسماعيل هنية وأمير قطر.

وأكّدت الوثائق تنصت الأجهزة الأمنية على هواتف عدد من أعضاء مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين والذين نفذوا احتجاجات في 8 نوفمبر 2017، ردا ًعلى اعتقال الأجهزة الأمنية لأحد المحامين من محكمة في مدينة نابلس أثناء مرافعته في إحدى القضايا، ناهيك عن احتواء تلك الوثائق على تنصت الأجهزة الأمنية على أنصار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان ومتابعة تحركاتهم.

مؤسّسة الحقّ لحقوق الإنسان طالبت في 20 كانون الثاني/يناير الجاري، النائب العامّ الفلسطينيّ بالتحقيق في المعلومات وحوادث التنصّت غير القانونيّة وتقديم المتورّطين إلى العدالة وتعويض المواطنين والشخصيّات المتضرّرة من القضيّة.

فيما تقدّمت نقابة المحامين الفلسطينيّين والتي كشفت التسريبات أنّ التنصّت طال أعضاء مجلس إدارتها، ببلاغ رسميّ إلى النائب العامّ الفلسطينيّ في 18 كانون الثاني/يناير الجاري، تطالبه بالتحقيق في التنصّت الذي طال نقيبها جواد عبيدات، مؤكّدة في بيان صادر عنها صحّة جزء من تلك المكالمات والمحادثات الهاتفيّة المنشورة على بعض وسائل الإعلام، والتي تمحورت حول تصعيد نقابة المحامين لفعالياتها الاحتجاجية رداً على اعتقال أحد المحامين الفلسطينيين.

رفض أمين سرّ نقابة المحامين داوود درعاوي في حديث إلى "المونيتور" اتّهام جهاز أمنيّ فلسطينيّ بعينه في القضيّة، مطالباً النائب العامّ بسرعة اتّخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة حول القضيّة، ومحمّلاً في الوقت ذاته الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة المسؤوليّة في كشف الجهة التي تورّطت في الحادثة.

وشدّد درعاوي على أنّ بلاغ النقابة أكّد حدوث عمليّات تنصّت واعتراض بعض المكالمات واقتطاع أحاديث من تلك المحادثات الصوتيّة لنقيب المحامين، واستخدام بعض ما حوته تلك المكالمات الصوتيّة في مواضع وسياقات غير التي قيلت فيها، بهدف الإساءة إلى بعض أعضاء مجلس النقابة.

وبيّن درعاوي أنّ نقابته لم تتلقّ حتّى اللحظة أيّ ردّ من النائب العامّ الفلسطينيّ على ما تقدّمت به من بلاغ، مشيراً إلى أنّ نقابة المحامين ستستكمل باقي الإجراءات في القضيّة المرفوعة للضغط على جميع أطراف القضيّة لكشف ملابسات عمليّة التنصّت وتقديم المتورّطين إلى المحاكمة.

نفى مسؤول في الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة فضّل عدم الكشف عن هويّته وعدم ذكر اسم الشعبة الأمنية التي يعمل بها لـ"المونيتور" أن تكون عمليّات التعقّب والتنصّت تتمّ بالصورة التي روّجت لها بعض وسائل الإعلام والشخصيّات الفلسطينيّة، رفض تسميتها، مؤكّداً في الوقت ذاته وجود عمليّات تعقّب ومراقبة في حالة ضيّقة جدّاً لمن توجد حولهم شبهات أمنيّة أو جنائيّة.

وبيّن أنّ عمليّات التعقيب تتمّ بعد الحصول على موافقة خطّيّة من قبل النائب العامّ الفلسطينيّ، مشدّداً على أنّ حالات التعقّب تلك تتمّ بصورة سرّيّة، ولا يتمّ نشر أيّ من المكالمات الصوتيّة أو الرسائل النصّيّة التي تتمّ مراقبتها.

واعتبرت الأجهزة الأمنيّة في بيان رسميّ صادر عنها في 14 كانون الثاني/يناير الجاري، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية وفا أنّ ما روّجت له وسائل الإعلام يأتي ضمن ما أسمته بـ"المؤامرة التي تستهدف النظام السياسيّ الفلسطينيّ ومؤسّسته الأمنية، وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها قضيّتنا وما تتعرّض إليه من مؤامرة تستهدف تصفيتها".

تواصل مراسل "المونيتور" مع مكتب النائب العامّ الفلسطينيّ أحمد البرّاك وشركة الهواتف المحمولة "جوّال" للتعقيب على القضيّة، إلّا أنّه لم يتلقّ أيّ جواب حتّى إعداد هذه المقالة.

هذا وينصّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ المعدّل لعام 2003، في مادّته رقم 32 على أنّ "كلّ اعتداء على أيّ من الحرّيّات الشخصيّة أو حرمة الحياة الخاصّة وغيرها من الحقوق والحرّيّات العامّة التي يكفلها القانون الأساسيّ أو القانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائيّة ولا المدنيّة الناشئة عنها بالتقادم، وتضمن السلطة الوطنيّة تعويضاً عادلاً إلى من وقع عليه الضرر".

من جهته طالب مدير عام الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان عمّار دويك بتحقيق رسميّ يتم إعلان نتائجه بعد الانتهاء منه. وأكد أن بعض المعلومات الواردة في الوثائق صحيحة وتثبت عملية التنصت، ولكنه أبدى قناعته أن بعض تلك المحادثات حرفت عن مقصدها الأصلي لا سيما وأن المحادثات الصوتية حملت شتائم وألفاظاً لاذعة وغير لائقة بحق الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان الذي يرأسها الدويك بسبب موقفها الضعيف من عملية اعتقال المحامي.

وشدّد دويك على أنّ عمليّات التعقّب الهاتفيّ والإلكترونيّ في حاجة إلى موافقة قضائيّة بناء على طلب النائب العامّ في ضوء التحقيق في جريمة واقعة أو محتملة، ولا يجوز في أيّ حال من الأحوال أن تكون عمليّات التعقّب مكشوفة ومن دون أيّ مبرّر أو رقابة قضائيّة، لأنّ ذلك ينتهك القانون.

من جانبه، أكّد أستاذ القانون في جامعة الخليل معتزّ قفيشة لـ"المونيتور" أنّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ يمنع حالات انتهاك خصوصيّة الأفراد، ومن ضمنها التنصّت على المكالمات الهاتفيّة، إلّا في حالات محدّدة ولوقت محدّد على الأشخاص أو الجهات التي تكون حولها شبهة جنائيّة.

ورأى أنّه في حال ثبتت صحّة ما نشرته وسائل الإعلام من عمليّات تنصّت قامت بها أجهزة أمنيّة فلسطينيّة، فإنّه يتوجّب على النائب العامّ العسكريّ التحقيق في القضيّة وتقديم المتورّطين إلى المحاكمة وإيقاع العقوبة في حقّهم، لأنّ ذلك يعتبر مخالفاً لقانون العقوبات الثوريّ لعام 1979.

وأوضح قفيشة أنّ شركات الهاتف المحمول (جوال والوطنية) لها الحقّ في الامتناع عن تزويد الجهات الأمنيّة بأيّ معلومات عن المشتركين من دون موافقة القضاء، محذّراً من أنّ قيام الشركة بكشف معلومات عن أيّ مشترك من دون سند قضائيّ يعرّضها إلى الملاحقة القانونيّة، وفي حال وقوع ضرر على أيّ مشترك، يلزمها تعويضه ماليّاً.

قضيّة التنصّت تلك والتي شغلت الشارع الفلسطينيّ، ينتظر الجميع رد النائب العام الفلسطيني على ما تقدمت به المؤسسات الحقوقية ونقابة المحامين من شكاوى بفتح تحقيق في القضية، أم سيتم اهمالها لا سيما وأن الشكاوى رفعت أمام النائب العام منذ أسبوعين تقريباً.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...