الجمعة، 30 نوفمبر 2018


كتلة حماس البرلمانيّة تستأنف جولاتها في العديد من الدول حول العالم
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – للمرة الأولى منذ خمس سنوات، غادر وفد برلمانيّ من كتلة التغيير والإصلاح التابعة إلى حركة حماس قطاع غزّة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، للشروع في جولة خارجيّة إلى عدد من البلدان العربيّة والإسلاميّة والأفريقية، والتي سيلتقي فيها الوفد كتلاً برلمانيّة وأحزاباً سياسيّة في البلدان التي سيزورها.

ويضمّ وفد حماس البرلمانيّ رئيس كتلتها في المجلس التشريعيّ محمود الزهّار وأعضاء الكتلة النوّاب مشير المصري ومروان أبو رأس ومحمّد الغول.

وأكد مصدر مرافق للوفد فضل عدم الكشوف عن هويته لـ"المونيتور" أن الوفد استهل جولته بزيارة لتركيا في 23 نوفمبر الجاري، والتي التقى فيها قيادة حركة حماس في تركيا برئاسة رئيس حركة حماس في الخارج ماهر صلاح، لبحث بعض الأمور التنظيمية على أن يكمل جولته إلى جنوب أفريقيا والتي من المقرر أن يلتقي بها كتلاً برلمانية بداية ديسمبر المقبل.

وتكتسب الزيارة أهمّيّتها بالنسبة إلى كتلة حماس البرلمانيّة في أنّها تأتي بعد مطالبة المجلس الثوريّ لحركة فتح في 14 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، المجلس المركزيّ الفلسطينيّ، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بحلّ المجلس التشريعيّ الذي تمتلك فيه حماس 76 مقعداً من أصل 132 مقعداً، والدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعيّة جديدة، وذلك في ظلّ تعطّل عمل المجلس التشريعيّ الحاليّ.

ويعتبر المجلس الوطني الفلسطيني السلطة العليا للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، وهو الذي يضع سياسات منظمة التحرير الفلسطينية، فيما يعتبر المجلس المركزي هيئة منبثقة عن المجلس الوطني، وتكون مهمته متابعة وتنفيذ ما يصدر عن المجلس الوطني من قرارات.

وكانت الزيارة البرلمانيّة الخارجيّة الأخيرة التي قام بها أعضاء من كتلة حماس البرلمانيّة في شباط/فبراير 2013، إلى جمهوريّة بلغاريا التي طردت الوفد آنذاك، وبرّرت ذلك الطرد بأنّ الوفد لم توجّه إليه دعوات رسميّة لزيارة بلغاريا، وإنّما حضر أعضاؤه بصفاتهم الشخصيّة، حيث تصنّف دول الاتّحاد الأوروبّيّ حركة حماس كحركة إرهابيّة منذ عام 2003.

ومثّل التوتّر في العلاقة بين حركة حماس والنظام المصريّ الجديد برئاسة عبد الفتّاح السيسي في أعقاب إسقاط الرئيس المصريّ السابق محمّد مرسي في عام 2013، وتصنيف محكمة القضايا المستعجلة المصريّة حماس كمنظّمة إرهابيّة في فبراير 2015، تحدّياً أمام خروج مسؤولي حماس من قطاع غزّة عبر معبر رفح البرّيّ، قبل أن تشهد العلاقة تحسّناً كبيراً في منتصف عام 2017، وتسمح مصر لمسؤولي حركة حماس بالسفر عبر معبر رفح.

أكّد نائب رئيس كتلة حماس البرلمانيّة يحيى موسى في حديث إلى "المونيتور" أنّ الوفد سيلتقي بأحزاب وكتل برلمانيّة في الدول التي سيزورها، والتي تضمّ إيران وجنوب أفريقيا وتونس والجزائر والمغرب ولبنان وتركيا، وذلك بعدما تلقّى الوفد دعوات رسميّة من تلك الكتل البرلمانيّة، متوقعاً أن تستمر الجولة حتى منتصف يناير 2019.

وشدّد على أنّ هدف الزيارة التي يقوم بها الوفد هو فتح آفاق للعلاقات الثنائيّة مع الكتل البرلمانيّة، وحشد الدعم للقضيّة الفلسطينيّة، وشرح المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة والقدس وقطاع غزّة الذي يتعرّض إلى حصار إسرائيليّ متواصل منذ 12 عاماً.

وبيّن أنّ أهمّيّة الزيارة في أنّها جاءت بعد سنوات طويلة من عدم مقدرة أيّ وفد برلمانيّ على مغادرة قطاع غزّة، جرّاء الحصار الإسرائيليّ وإغلاق معبر رفح، متمنّياً أن تثمر الزيارة عن إعادة الحيويّة للعلاقات الثنائيّة بين كتلة حماس البرلمانيّة والكتل والأحزاب البرلمانيّة في الدول التي ستتمّ زيارتها.

وعلى الرغم من فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعيّة في عام 2006، وتشكيلها هيئة المجلس التشريعيّ، إلّا أنّ وضعها على قوائم الإرهاب أميركيّاً وأوروبّيّاً حرمها من تمثيل البرلمان الفلسطينيّ في العديد من الاتّحادات البرلمانيّة حول العالم، وكانت تلك البرلمانات توجّه دعواتها إلى المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ الذي يضمّ في عضويّته جميع أعضاء المجلس التشريعيّ، لإيفاد وفد برلمانيّ لحضور تلك الاجتماعات، بعيداً عن نوّاب حركة حماس.

وتعطّل عمل المجلس التشريعيّ في منتصف عام 2007، في أعقاب توتّر العلاقة بين حركتي فتح وحماس وسيطرة الأخيرة على قطاع غزّة عسكريّاً بعد طرد السلطة الفلسطينيّة، وردّت الأخيرة بإغلاق مقرّ المجلس التشريعيّ في مدينة رام الله، فيما بقيت كتلة حماس البرلمانيّة تعقد الجلسات في قطاع غزّة في شكل مستمرّ.

اعتبر عضو المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ عن حركة فتح وعضو المجلس المركزيّ الفلسطينيّ وليد عسّاف في حديث إلى "المونيتور" أنّ الجولة التي يقوم بها أولئك النوّاب تمثّل كتلة حماس البرلمانيّة بصفتها الحزبيّة ولا تمثّل أيّ صفة رسميّة في هيئة المجلس التشريعيّ، داعياً البرلمانات والكتل البرلمانيّة في الدول التي سيزورها الوفد إلى التواصل مع المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ في ما يتعلّق بالشؤون البرلمانيّة.

وشدّد عسّاف على أنّ المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ هو من يمثّل المجلس التشريعيّ في ظلّ تعطّل الأخير، منوّهاً بأنّ اتّحاد البرلمانات الدوليّ والاتّحاد البرلمانيّ العربيّ وكذلك الاتّحاد البرلمانيّ الأفريقيّ تتواصل مع منظّمة التحرير بصفتها الجهة المعترف بها رسميّاً في تمثيل فلسطين في اجتماعات تلك البرلمانات، وهو ما يحدث منذ 11 عاماً.

ويعتبر المجلس التشريعيّ منتهي الولاية منذ عام 2010، إلّا أنّ تعذّر إجراء انتخابات تشريعيّة في الأراضي الفلسطينيّة بفعل الانقسام الداخليّ، دفع بنوّابه إلى الاستمرار في مناصبهم إلى حين إجراء انتخابات تشريعيّة جديدة، وذلك وفقاً لنصّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ المعدّل لعام 2003، وتعديلاته في عام 2005، في مادّته رقم 47 مكرّر، على أنّ مدّة ولاية المجلس التشريعيّ القائم تنتهي عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوريّة.

وصف الخبير في القانون الفلسطينيّ ومدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجيّة- مسارات صلاح عبد العاطي في حديث إلى "المونيتور" الجولة التي يقوم بها وفد حماس البرلمانيّ بالمهمّة، وتأتي في إطار تعزيز العلاقات مع البرلمانات حول العالم، متمنّياً أن تستثمر تلك العلاقات في تعزيز المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ ودعم القضيّة الفلسطينيّة.

وطالب كلّ كتلة برلمانيّة فلسطينيّة في المجلس التشريعيّ باستثمار علاقاتها الخارجيّة في إعادة تفعيل عمل المجلس التشريعيّ المعطّل منذ عام 2007، مناشداً الرئيس محمود عبّاس وكتلة حماس البرلمانيّة بالالتئام والتوحّد لتفعيل المجلس وهيئاته المختلفة، والكفّ عن إصدار كلّ طرف مراسيم وقوانين بصورة منفردة.

من جانبه، رأى المحلّل السياسيّ شرحبيل الغريب في حديث إلى "المونيتور" أنّ أهمّيّة الزيارة التي يقوم بها الوفد البرلمانيّ تأتي لإعادة القضيّة الفلسطينيّة إلى اهتمامات الدول حول العالم، وتحديداً الدول العربيّة التي سارعت العديد من أنظمتها كسلطنة عمان، إلى إقامة علاقات علنيّة مع إسرائيل.

تأمل كتلة حماس البرلمانيّة التي ترى في تلك الجولة محطّة لتعزيز علاقاتها الخارجيّة مع الدول التي ستزورها، أن تنجح تلك الجولة في فتح المزيد من أبواب العواصم المغلقة في وجه حماس، حيث تعتبرها حركة إرهابيّة، وتحديداً دول الاتّحاد الأوروبّيّ.



الاثنين، 26 نوفمبر 2018


حملة أمنية وتحقيقات فلسطينية لمعالجة الخرق الأمني الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – بدأت الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبالتعاون مع الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة حملةً أمنية في 13 نوفمبر الجاري، لاعتقال أشخاص يشتبه في تقديمهم مساعدة ميدانية ولوجستية لقوة إسرائيلية خاصة دخلت جنوب قطاع غزة في 11 نوفمبر الجاري، قبل أن يتم اكتشافها وقتل أحد عناصرها على يد عناصر مسلحة من حركة حماس.

وجاءت الحملة الأمنية في إطار التحقيقات التي تقوم بها تلك الأجهزة للكشف عن خيوط المهمة التي كانت تنوي القوة الإسرائيلية الخاصة تنفيذها جنوب قطاع غزة، لا سيما في ظل العثور على أجهزة اتصالات متطورة وقطع إلكترونية قرب السيارة التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية وكان يستقلها أفراد القوة الذين نجحوا في الهرب من قطاع غزة عبر مروحية إسرائيلية هبطت قرب الحدود الإسرائيلية جنوب قطاع غزة بعد اشتباكات ضارية مع عناصر من الجناح المسلح لحركة حماس والذين قتل منهم 7 عناصر.

وتشير التقديرات الفلسطينية والإسرائيلية إلى أن هدف تلك القوة الإسرائيلية الخاصة هو القيام بعملية استخبارية لجمع المعلومات عن القدرات العسكرية لحركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى أو زراعة جهاز تجسس في مكان ما بمدينة خانيونس.

وتركزت الحملة الأمنية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في المناطق الشرقية لمدينة خانيونس، وتحديداً قرب الحدود مع إسرائيل، فيما شدد الجناح المسلح لحركة حماس من إجراءاته الأمنية على طول الحدود مع إسرائيل وسير دوريات عسكرية على مدار الساعة تحسباً لهرب أحد المشتبه بهم في مساعدة القوة.

مصدر أمني فلسطيني رفيع المستوى، طلب عدم ذكر اسمه، كشف لـ"المونيتور" عن قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحملة اعتقالات نتج عنها إلقاء القبض على عدد من الفلسطينيين المشتبه بهم في مساعدة القوة الخاصة الإسرائيلية، وتقديم بعض الخدمات الميدانية لها، مشيراً إلى أنه يجري ملاحقة آخرين.

وبين أن اثنان من الأشخاص الذين تثار حولهم شبهات أمنية ألقي القبض عليهم في 13 نوفمبر الجاري، أثناء محاولتهم الفرار باتجاه إسرائيل جنوب قطاع غزة، مشدداً على أن من يجري توقيفهم يتم التحقيق معهم ومن يثبت أن لا علاقة له بالقضية يتم الإفراج عنه ويعود لمنزله.

ورفض المسؤول الأمني الكشف عن أعداد من ثبت تورطهم في مساعدة القوة الخاصة الإسرائيلية أو المعلومات التي أدلوا بها، منوهاً إلى أن جميع تلك المعلومات ولخطورتها ستبقى سرية لحين انتهاء التحقيقات في القضية، لا سيما وأن كاميرات المراقبة ساعدت في معرفة مسار تحرك القوة ونقاط توقفها.

ولفت إلى أن عدد من الذين اعترفوا بارتباطهم بأجهزة المخابرات الإسرائيلية وساعدوا القوة الخاصة لم تكن تدور حولهم أي شبهات تذكر، معتقداً أن الحملة الأمنية التي قامت بها الأجهزة الأمنية ضد من يشبته في تخابرهم مع إسرائيل كانت كبيرة.

ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية في 15 نوفمبر الجاري، عن مصدر في الفصائل الفلسطينية قوله "انه وفق الاعترافات، هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها قوات عسكرية خاصة إلى عمق القطاع، كما أن القوة التي تم اكتشافها مكثت أكثر من 24 ساعة على الأقل قبل الحادث، في منزل يعود إلى أحد العملاء قبل خروجهم لتنفيذ مهمتهم."

ومنذ اكتشاف القوة الخاصة الإسرائيلية نشرت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة عشرات الحواجز الأمنية وقامت بتفتيش السيارات، كما وشددت إجراءاتها الأمنية قرب المعابر الفلسطينية مع إسرائيل وكذلك شاطي البحر، وذلك على ما يبدو لاعتقادها أن آخرين تعاونوا أو شاركوا مع القوة الخاصة الإسرائيلية لا يزالون في قطاع غزة.

الناطق الإعلامي باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البرم أكد لـ"المونيتور" أن وزارة الداخلية أعلنت حالة الاستنفار في صفوفها منذ اكتشاف تسلل القوة الإسرائيلية الخاصة شرق خانيونس، ودخلت في إجراءات أمنية خاصة من ضمنها زيادة عدد الحواجز ونقاط التفتيش في الشوارع الرئيسية والفرعية لقطاع غزة وكذلك المناطق الحدودية مع إسرائيل لمتابعة تلك القضية الأمنية.

وحول عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم وزارة الداخلية للاشتباه في مساعدتهم القوة الإسرائيلية الخاصة قال البزم: "هناك قضية أمنية تتابع من قبل الأجهزة الأمنية المختصة التي قامت بجهود وإجراءات مختلفة، ومن الخطأ الكشف عنها عبر وسائل الإعلام"، مشدداً في الوقت نفسه على أن وزارة الداخلية ستعلن عن نتائج التحقيقات فور الانتهاء منها.

من جانبه، كشف أبو مجاهد الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية لـ"المونيتور" أن الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية شاركت وساعدت حركة حماس والأجهزة الأمنية في غزة في التحقيقات التي تجري للكشف عن خيوط المخطط الذي كانت تنوي قوة إسرائيلية خاصة تنفيذها شرق مدينة خانيونس، مشيراً إلى أن القوة الخاصة الإسرائيلية تقلت دعماً من قبل بعض المتخابرين في قطاع غزة ويجري ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية.

الخرق الأمنيّ الإسرائيليّ لقطاع غزّة ليس الأوّل من نوعه، بل سبقته خروقات أخرى، كان آخرها ما تمّ الكشف عنه غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزّة في 5 أيّار/مايو الماضي، والذي تمثّل في عثور عناصر أمنيّة من حركة "حماس" على جهاز تجسّس إسرائيليّ متطوّر وضع للتنصّت على شبكة اتصالات "حماس" الخاصّة، قبل أن ينفجر الجهاز أثناء محاولة تفكيكه.

وفي المقابل، نجحت الأجهزة الأمنيّة في قطاع غزّة والفصائل الفلسطينيّة في تفكيك العديد من الخلايا الاستخباريّة والأجهزة التي زرعتها إسرائيل في قطاع غزّة، وذلك من خلال الضربات والحملات الأمنيّة التي قامت بها بشكل متكرّر خلال السنوات الماضية، والتي كان أبرزها كشف الخليّة التي اغتالت القياديّ في "حماس" مازن فقها غرب مدينة غزّة في آذار/مارس الماضي، ونفذ حكم الإعدام في 25 مايو الماضي، بحق ثلاثة متورطين في مقتله.

وتوقّع أستاذ الدراسات الأمنيّة في أكاديميّة فلسطين للعلوم الأمنيّة بغزّة إبراهيم حبيب في حديث مع "المونيتور" أن تنجح الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة سواءً الحكوميّة أم تلك التابعة للفصائل الفلسطينيّة في كشف خيوط العمليّة الأمنيّة الإسرائيليّة، التي تمّ إحباطها في جنوب قطاع غزّة.

وأشار إلى أن المتخابرين الفلسطينيين كان لهم دور في كثير من العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، والمعالجة الأمنية المستمرة من قبل وزارة الداخلية الفلسطينية أحبطت الكثير من المخططات التي كانت تنوي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية القيام بها ضد قطاع غزة.

ورغم الإخفاقات، التي تعرّض لها العديد من العمليّات الإسرائيليّة الخاصّة في قطاع غزّة والقبض على عدد من المشبه بهم في تعاونهم مع إسرائيل، لا يبدو أنّ الأخيرة ستتوقّف عن القيام بالمزيد منها، فهي ترى فيها عمليّات مهمّة لمعرفة نوايا الأعداء ولتدمّر قدراتهم العسكريّة قبل استخدامها ضدّها في أيّ مواجهة مقبلة.



الاثنين، 19 نوفمبر 2018


استقالة ليبرمان تعطي "حماس" صورة النصر وتسرّع جهود التهدئة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: أثارت الاستقالة المفاجئة لوزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان من منصبه في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حالة من الابتهاج في الشارع الفلسطينيّ، الذي شهد مسيرات عفويّة في قطاع غزّة، بعد ساعات من استقالته، وتوجّه بعض تلك المسيرات إلى منزل رئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة - غرب مدينة غزّة.

وجاءت استقالة أفيغدور ليبرمان، بعد ساعات من وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة المسلّحة، حيث تراشق الطرفان القصف الصاروخيّ على مدار يومين، وذلك في أعقاب مقتل 7 فلسطينيّين وضابط إسرائيليّ خلال اشتباكات أعقبت كشف عناصر مسلّحة من حركة "حماس" في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، قوّة إسرائيليّة خاصّة كانت تقوم بعمليّة أمنيّة في شرق مدينة خانيونس - جنوب قطاع غزّة.

كتاب الاستقالة الخطيّ قدّمه ليبرمان بشكل رسميّ صباح 15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، إلى رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، الذي استبق تسلّم كتاب الاستقالة بعقد سلسلة مشاورات مع الأحزاب الإسرائيليّة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري لإنقاذ حكومته من السقوط، بعد أن هدّد وزير التعليم الإسرائيليّ وزعيم حزب البيت اليهوديّ نفتالي بينت بالانسحاب من الحكومة إذا لم يحصل على حقيبة وزارة الدفاع.

وأكّد القياديّ السياسيّ البارز في حركة "حماس" محمود الزهّار في حديث مع "المونيتور" أنّ استقالة ليبرمان جاءت من جرّاء الفشل والهزائم المتلاحقة التي تعرّض لها والجيش الإسرائيليّ خلال المواجهات المسلّحة التي اندلعت مع الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة خلال الأشهر الأخيرة.

وحذّر من سيأتي خلفاً لليبرمان من مواجهة المصير ذاته إذا فكّر بالاعتداء العسكريّ على قطاع غزّة.

وعن تأثيرات الاستقالة والمواجهة العسكريّة الأخيرة على جهود التهدئة، توقّع محمود الزهّار أن تسرّع استقالة ليبرمان جهود التهدئة بين حركته وإسرائيل بوساطة مصريّة وقطريّة وأمميّة، مشيراً إلى أنّ الجهود التي تقوم بها مصر لم تتوقّف في هذا الاتّجاه.

ولم يستبعد الزهّار أن تقدم إسرائيل على القيام بعمل عسكريّ مفاجئ ضدّ قطاع غزّة، قائلاً: "معركتنا معهم (الإسرائيليّين) طويلة ولن تنتهي بجولة عسكريّة أو اثنتين".

وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة "الإسرائيليّة الثانية"، ونشرت نتائجه في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أنّ 74 في المئة من الجمهور الإسرائيليّ غير راضٍ عن أداء بنيامين نتنياهو في جولة التصعيد الأخيرة، فيما رأى 49 في المئة أنّ حركة "حماس" هي من انتصرت في الجولة العسكريّة، واعتبر 14 في المئة أنّ إسرائيل هي من انتصرت.

ويخشى الفلسطينيّون من عمل عسكريّ إسرائيليّ مفاجئ، في ظلّ نتائج الاستطلاعات التي أظهرت ضعف القيادة السياسيّة والعسكريّة الإسرائيليّة أمام الفصائل الفلسطينيّة في غزّة واستمرار التظاهرات الليليّة التي يقوم بها الإسرائيليّون في جنوب إسرائيل، احتجاجاً على تدهور الوضع الأمنيّ، وارتفاع حدّة الانتقادات التي توجّهها وسائل الإعلام والأحزاب للحكومة الإسرائيليّة.

وأكّد مصدر عسكريّ في غرفة العمليّات المشتركة التابعة للفصائل الفلسطينيّة، فضّل عدم الكشف عن هويّته، في حديث لـ"المونيتور" أنّ حالة التأهّب التي بدأتها الفصائل الفلسطينيّة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ما زالت مستمرّة، وذلك تحسّباً من أيّ ضربة إسرائيليّة مفاجئة، وقال: "إنّ قيادة غرفة العمليّات المشتركة في حالة انعقاد دائم، وتقيّم الأوضاع العسكريّة والميدانيّة أوّلاً بأوّل".

وحذّر من أنّ الفصائل الفلسطينيّة ما زالت تمتلك الشيء الكثير، الذي يمكنها أن تفاجئ به الجيش الإسرائيليّ في أيّ جولة تصعيد مقبلة.

ولم تقتصر أسباب استقالة ليبرمان على الخلافات مع نتنياهو حول التعامل مع غزّة، بل أيضاً الطمع في الحصول على أصوات أكثر في الانتخابات البرلمانيّة المقبلة. ولقد أظهر استطلاع الرأي، الذي نشرته القناة "الإسرائيليّة الثانية" بعد ساعات من استقالة ليبرمان، ارتفاع عدد المقاعد الذي سيحصل عليها حزبه إلى 7 مقاعد، بعد أن كانت استطلاعات سابقة تمنحه 5 مقاعد فقط.

وتوقّع النائب في الكنيست الإسرائيليّ أحمد الطيبي في حديث مع "المونيتور" أن تسرّع استقالة ليبرمان انهيار الإئتلاف الحكوميّ الإسرائيليّ، لافتا ًإلى أنّ قطار الانتخابات المبكرة انطلق، وأنّ هناك توقّعات بأن تجري الانتخابات في آذار/مارس المقبل، بعد تصاعد دعوات الأحزاب إلى ضرورة إجرائها مبكراً.

وبيّن أحمد الطيبي أنّ النقاش الجديّ الذي شهده اجتماع المجلس الوزاريّ الإسرائيليّ المصغّر في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري حول وقف إطلاق النار الذي وافق عليه نتنياهو كان بمثابة نقطة الافتراق بينه وبين ليبرمان، مشيراً إلى أنّ ليبرمان رأى في موافقة إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار بمثابة خنوع للفصائل في غزّة.

تآكل قوّة الردع الإسرائيليّة ضدّ الفصائل الفلسطينيّة أكثر ما يثير قلق القيادة السياسيّة والعسكريّة الإسرائيليّة، رغم مديات الصواريخ المحدودة التي استخدمتها الفصائل خلال جولة التصعيد الأخيرة، والتي تركّزت في مدى 20 كم من حدود قطاع غزّة، إلاّ أنّ الخسائر البشريّة والماديّة التي أحدثتها صواريخ غزّة كانت كبيرة، وأثارت الشكوك في إسرائيل حول جدوى منظومة القبّة الحديديّة التي لم تعترض سوى 100 صاروخ من أصل 460 أطلقت على إسرائيل خلال جولة التصعيد الأخيرة.

وتوقّع الخبير العسكريّ واللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي في حديث مع "المونيتور" أن تؤجّل إسرائيل أيّ ضربة عسكريّة ضدّ قطاع غزّة لأيّام مقبلة، وذلك للتفرّغ لدراسة الإخفاقات التي لحقت بالجيش الإسرائيليّ في غزّة، وتحديداً فشل العمليّة الأمنيّة التي كانت تقوم بها قوّة إسرائيليّة مختارة جنوب القطاع.

من جهته، رأى عميد كليّة العودة الجامعيّة والخبير الأمنيّ هشام المغاري في حديث مع "المونيتور" أنّ فرص التقدّم في مسار التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة أكبر من فرص التصعيد العسكريّ، وذلك بعد نتائج الجولة العسكريّة الأخيرة التي أثبتت لإسرائيل أنّ كسر الفصائل المسلّحة في قطاع غزّة أصبح صعباً، ناهيك عن استقالة ليبرمان، الذي كان يعدّ من أبرز المعارضين لاتفاق التهدئة في الحكومة الإسرائيليّة.

ورغم حالة التراشق الإعلاميّ والخلافات السياسيّة الدائرة في إسرائيل حول استقالة ليبرمان ونتائج جولة التصعيد الأخيرة مع الفصائل الفلسطينيّة، إلاّ أنّ التخوّف الإسرائيليّ من التورّط في قطاع غزّة وتكبّد خسائر كبيرة أهمّ ما يجعل الحكومة الإسرائيليّة تتردّد في الموافقة على القيام بعمل عسكريّ في غزّة، ناهيك عن عدم وجود أهداف حقيقيّة من ذلك العمل.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...