الجمعة، 22 فبراير 2019


كيف تدخل إسرائيل معدّاتها التجسسيّة إلى قطاع غزّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – لا تزال ارتدادات العمليّة الاستخباريّة الإسرائيليّة الفاشلة شرق مدينة خانيونس - جنوب قطاع غزّة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، تتواصل مع ضبط الأجهزة الأمنيّة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزّة بـ16 شباط/فبراير الجاري، شرائح تعقّب إلكترونيّة مخفيّة بشكل جيّد داخل أحذية عسكريّة دخلت إلى قطاع غزّة عبر معبر كرم أبو سالم التجاريّ.

وتعتقد الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة في غزّة أن إسرائيل هي من حاولت تهريب شرائح التعقب الإلكترونية إلى قطاع غزة، وذلك استناداً إلى معلومات انتزعها جهاز الأمن الداخليّ التابع لحركة "حماس" من قبل أحد المشتبه بهم في تقديم الدعم اللوجستيّ إلى القوّة الإسرائيليّة عقب دخولها إلى قطاع غزّة.

وذكر المشتبه به (م. ش) في اعترافاته التي نشرت في 11 شباط/فبراير الجاري أن ضابطاً في المخابرات الإسرائيليّة طلب منه في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2018، التوجّه إلى معبر كرم أبو سالم واستلام جهازيّ مراقبة وتتبّع (GPS) كانا داخل إحدى حاويات البضائع التي دخلت إلى قطاع غزّة من إسرائيل، زاعماً أنّ أحد الموظّفين التابعين للسلطة الفلسطينيّة في المعبر سهّل له الدخول والخروج من دون القيام بأيّ إجراءات تفتيشيّة.

من جهته، كشف أبو محمّد، وهو الناطق الإعلاميّ باسم كتائب شهداء الأقصى - الجناح المسلّح لحركة "فتح" – لواء العامودي في غزّة، لـ"المونيتور" أنّ أحد مقاتليهم اشترى حذاء عسكريّاً من أحد المحال التجاريّة لبيع الأحذية في مدينة غزّة بداية شباط/فبراير الجاري، بسعر زهيد يقدّر بـ50 شيكلاً (13.5 دولار)، في حين أنّ سعره الحقيقيّ من المنشأ يتراوح بين 160 و180 شيكلاً (43 و49 دولاراً)، وهو الأمر الذي أثار الشكوك لدى المقاتل الذي قام بفحصه وعثر داخل نعله على شريحة تعقّب إلكترونيّة.

وإثر تلك الاعترافات، فرضت الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة في 12 شباط/فبراير الجاري، إجراءات أمنيّة داخل المعبر وخارجه وطلبت من الموظّفين العاملين فيه والتابعين للسلطة الفلسطينية، وعددهم 70 موظّفاً، التوقيع على استبيان أمنيّ وأخذ بصماتهم للمساعدة في التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنيّة، إلاّ أنّ الموظّفين رفضوا ذلك وغادروا المعبر، ما دفع بالأجهزة الأمنية التي تديرها حماس إلى السيطرة على المعبر في 17 شباط/فبراير الجاري.

الأجهزة الأمنيّة التي تديرها حماس دخلت إلى المعبر، وقامت بتفتيش كلّ حاويات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزّة من إسرائيل، وضبطت بمساعدة الكلاب البوليسيّة شرائح تعقّب إلكترونيّة داخل أحذية عسكريّة كانت مخبّأة داخل حاوية لأحد التجّار.

وذكر الناطق باسم وزارة الداخليّة في غزّة إياد البزم خلال حديث مع "المونيتور" أنّ الإجراءات الأمنيّة التي اتّخذتها الأجهزة الأمنيّة التي تديرها حركة حماس على معبر كرم أبو سالم - جنوب قطاع غزّة جاءت من أجل تأمين الحالة الأمنيّة في قطاع غزّة وضبطها، وذلك في أعقاب الحوادث الأمنيّة التي شهدها قطاع غزّة خلال الأشهر الماضية.

وأوضح إياد البزم أنّ العاملين في المعبر، الذين يتبعون للسلطة الفلسطينيّة في رام الله، رفضوا التعاون مع الأجهزة الأمنيّة في قطاع غزّة وانسحبوا من المعبر، الأمر الذي دفع بالأجهزة الأمنيّة في غزّة إلى تأمين المعبر والقيام بعمليّة تنظيم دخول الشاحنات.

ورفض الناطق باسم الداخليّة الإفصاح عن أيّ معلومات أمنيّة تتعلّق بشرائح التعقّب الإلكترونيّة الإسرائيليّة، التي ضبطت على المعبر، قائلاً: "نتحفّظ في هذا الوقت على ذكر أيّ معلومات في هذا الجانب".

وتواصل "المونيتور" مع العديد من المسؤولين في هيئة المعابر والحدود التابعة للسلطة الفلسطينيّة لأخذ تعقيبهم على الأمر، إلاّ أنّهم رفضوا الإدلاء بأيّ تصريحات.

وفي السياق ذاته، كشف مصدر أمنيّ فلسطينيّ في غزة، فضّل عدم الإفصاح عن هويّته، لـ"المونيتور" أنّ التحقيقات المتواصلة التي تجريها الأجهزة الأمنيّة في غزّة أثبتت أنّ معبر كرم أبو سالم هو الممرّ الرئيس الذي تستخدمه الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة لإدخال معدّات تجسسيّة أو لوجستيّة أو أموال للمتعاونين معها في غزّة، لافتاً إلى أنّ العاملين التابعين للسلطة الفلسطينية في المعبر بغالبيّتهم كانوا لا يعلمون ذلك.

وبيّن أنّ اعترافات بعض المتعاونين أثناء التحقيقات أفادت الأجهزة الأمنيّة في طريقة إخفاء وتمويه تلك المعدّات والأجهزة داخل حاويات البضائع الواردة إلى قطاع غزّة عبر إسرائيل، الأمر الذي دفع بالأجهزة الأمنيّة إلى وضع خطّة أمنيّة مشدّدة لتفتيش كلّ البضائع التي تدخل إلى غزّة.

وأوضح أنّ الضربات الأمنيّة المتلاحقة، التي نفّذتها الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة في أعقاب العمليّة الإسرائيليّة الفاشلة شرق خانيونس، شدّدت الخناق على عمل الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة في قطاع غزّة، من خلال القبض على عشرات المتعاونين معها.

إسرائيل، وفي أعقاب الإخفاقات العسكريّة التي تكبّدتها خلال الحرب على قطاع غزّة في عام 2014، أقرّت بأنّ السبب الأبرز لتلك الإخفاقات يعود إلى ضعف المعلومات الاستخباريّة التي تمتلكها عن الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة ومعدّاتها العسكريّة، وهو ما دفعها إلى تكثيف جهدها الاستخباريّ بعد الحرب.

ورأى أستاذ الدراسات الأمنيّة في أكاديميّة الإدارة والسياسة للدراسات العليا في غزة إبراهيم حبيب خلال حديث مع "المونيتور" أنّ النجاحات الفلسطينيّة لا تعني أنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة ستتوقّف عن محاولاتها اختراق الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة في قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ الحرب الاستخباريّة بين الطرفين طويلة ومستمرّة.



الأربعاء، 20 فبراير 2019


"حماس" تعزز علاقتها بمشيخة الأزهر
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: تواصل حركة "حماس" جهودها لتطوير علاقتها مع جمهوريّة مصر العربيّة، وزار وفد منها بقيادة رئيس مكتبها السياسيّ إسماعيل هنيّة في 7 شباط/فبراير الجاري، مقرّ مشيخة الأزهر – أعلى سلطة دينيّة في مصر- والتقى بشيخها أحمد الطيّب في زيارة هي الأولى لقيادة "حماس" للأزهر منذ نهاية عام 2012.

وكانت الزيارة الأخيرة، التي أجرتها قيادة "حماس" لمشيخة الأزهر في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2012، حيث شهدت العلاقات المصريّة - الحمسويّة تطوّراً كبيراً في أعقاب تولّي الرئيس المصريّ السابق محمّد مرسي الرئاسة في مصر، إلاّ أنّ تلك العلاقة لم تستمرّ طويلاً، وشهدت حالة من الانقطاع والتوتّر في أعقاب عزل محمّد مرسي في تموز/يوليو من عام 2013، وتولّي الرئيس عبد الفتّاح السيسي الرئاسة في مصر.

وأعطت الزيارة إشارة إيجابيّة إلى تطوّر العلاقة بين النظام المصريّ وقيادة حركة "حماس"، والتي بدأت في التحسّن بعد انتخاب قيادة جديدة للحركة في شباط/فبراير من عام 2017، والزيارات المتكرّرة لقيادة "حماس" للقاهرة، وما تبع ذلك من خطوات بناء ثقة بين الجانبين تمثّلت في ضبط حركة "حماس" الحدود مع مصر عبر إنشاء منطقة عازلة ونشر أبراج مراقبة. وفي المقابل، فتحت السلطات المصريّة معبر رفح بين حين وآخر لسفر الفلسطينيّين.

وجاءت زيارة الأزهر على هامش زيارة تقوم بها قيادة حركة حماس لمصر، منذ 3 فبراير الجاري، تباحث فيه وفد حماس مع مسئولي جهاز المخابرات المصري الأوضاع في قطاع غزة، وناقشا مباحثات التهدئة المتعثرة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل بوساطة مصرية، وزار الوفد مؤسسات مصرية أخرى كمقر صحيفة المصري اليوم في 12 فبراير الجاري، بهدف تغيير الصورة السلبية التي رسمها الإعلام المصري عن حركة حماس على مدار سنوات سابقة.

وتطوّرت تلك العلاقة بشكل كبير بين الجانبين مع بدء جهاز المخابرات المصريّ في منتصف أيّار/مايو من عام 2018، وساطة بين الحركة وإسرائيل لتهدئة الأوضاع في قطاع غزّة ومنع اندلاع مواجهة عسكريّة من جرّاء الأوضاع الإنسانيّة والاقتصاديّة الصعبة في قطاع غزّة، وتقريب وجهات النظر بين الجانبين للتوصّل إلى اتفاق تهدئة يرضي الطرفين.

وأشار أحد المسؤولين في مشيخة الأزهر، والذي فضّل عدم الكشف عن هويّته، خلال حديث لـ"المونيتور"، إلى أنّ الزيارة جاءت بعد طلب قيادة حركة "حماس" من الأجهزة السياديّة المصريّة زيارة مشيخة الأزهر، وذلك ضمن جدول الزيارة التي تقوم بها قيادة الحركة لمصر.

وبيّن المسؤول أنّ اللقاء الذي ساده جوّ من الإيجابيّة بحث فيه أحمد الطيّب مع قيادة "حماس" في آليّات تخفيف المعاناة الإنسانيّة التي يعاني منها سكّان قطاع غزّة، وما تتعرّض له الأماكن المقدّسة في القدس من اعتداءات إسرائيليّة، ودعا خلاله الطيّب قيادة "حماس" إلى سرعة إنهاء الانقسام الفلسطينيّ الداخليّ مع حركة "فتح".

وأوضح المسؤول أنّ الأزهر الشريف وشيخه يقفان على مسافة واحدة من أبناء الشعب الفلسطينيّ والفصائل المتعدّدة. تحديداً من قضية الانقسام الفلسطيني الداخلي.

وكانت مشيخة الأزهر سيّرت قافلة مساعدات طبيّة وإغاثيّة في 15 أيّار/مايو من عام 2018، وذلك في أعقاب سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى الفلسطينيّين برصاص الجيش الإسرائيليّ على طول حدود قطاع غزّة مع إسرائيل، احتجاجاً على القرار الأميركيّ نقل السفارة الأميركيّة من تلّ أبيب إلى القدس في 14 أيّار/مايو من عام 2018، وهي خطوة شكرها هنية في اتصال هاتفي مع الطيب في 21 مايو 2018.

وأكّد القياديّ في حركة "حماس" محمود مرداوي لـ"المونيتور" أنّ اللقاء مع الطيّب جاء بمبادرة من حركة "حماس"، مشيراً إلى أنّ الحركة تلقّت استجابة وترحاباً من مشيخة الأزهر لعقد اللقاء، الذي تباحث فيه الطرفان في العديد من الملفّات التي تعزّز العلاقات المصريّة - الفلسطينيّة.

ولفت إلى أنّ حركة "حماس"، في إطار جهودها لتعزيز علاقاتها مع مصر وتطويرها، فإنّها تسعى إلى الالتقاء بالمؤسّسات المصريّة المختلفة كصحيفة المصري اليوم، مشيراً إلى أنّ أهميّة الأزهر بالنّسبة إلى الحركة تأتي من خلال مواقفه الداعمة للقضيّة الفلسطينيّة على مدار السنوات الماضية، ورفضه التساوق مع أيّ مبادرات دوليّة أو إقليميّة تهدف إلى الالتفاف على القضيّة الفلسطينيّة، باعتباره مرجعيّة دينيّة معتدلة، وله تأثيره الدينيّ على كلّ العرب.

وأوضح أنّ الطيّب أبدى استعداده القيام بأيّ جهد لمساعدة الأجهزة السياديّة المصريّة وتحديداً جهاز المخابرات المصريّ، لإنهاء الانقسام الداخليّ الفلسطينيّ، مشدّداً على أنّ الأزهر سيواصل تقديم دعمه الإنسانيّ إلى سكّان قطاع غزّة.

من جهته، شدّد وزير الأوقاف الفلسطينيّ يوسف ادعيس في حديث لـ"المونيتور" على دور الأزهر ووقوفه على مسافة واحدة من الأطراف الفلسطينيّة ودعواته المتواصلة إلى رأب الانقسام الفلسطينيّ بهدف حماية القضيّة الفلسطينيّة من الأخطار التي تهدّدها، وتحديداً ممّا يسمّى بـ"صفقة القرن".

آخر اجتماع بين الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح محمود عباس مع شيخ الأزهر كان في 14 يناير 2015، وتباحثا في الاقتحامات التي يتعرض لها المسجد الأقصى.

وشكّل الخطاب الذي ألقاه اسماعيل هنيّة من على منبر جامع الأزهر في القاهرة خلال شباط/فبراير من عام 2012، علامة فارقة في علاقة حركته بالعديد من الدول، لا سيّما سوريا، والذي أعلن خلاله هنيّة وقوف حركته إلى جانب الشعب السوريّ في احتجاجاته الشعبيّة التي بدأها عام 2011.

ورأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأمّة بغزّة حسام الدجني خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ زيارة وفد "حماس" للأزهر جاءت في مسارين متوازيين: الأوّل سياسيّ من خلال خطوات "حماس" في الانفتاح على كلّ مكوّنات الشعب المصريّ. أمّا المسار الثاني فهو دينيّ من خلال مكانة مشيخة الأزهر في العالمين العربيّ والإسلاميّ ودورها في دعم القضيّة الفلسطينيّة.

وبيّن أنّ "حماس" تعي أنّ التقرّب من الأزهر والمرجعيّات الدينيّة العربيّة والإسلاميّة يساعد الفلسطينيّين كثيراً في حماية المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة من الأخطار التي تتهدّدها من جرّاء السياسات الإسرائيليّة، خصوصاً ما يجري في المسجد الأقصى من اقتحامه من قبل الإسرائيليّين.

من جهته، اعتبر المحلّل السياسيّ ورئيس التحرير السابق لصحيفة "فلسطين" المحليّة مصطفى الصوّاف في حديث مع "المونيتور" أنّ الزيارة تدلّل على أنّ العلاقة المصريّة مع "حماس" آخذة في التطوّر، انطلاقاً من استشعار الطرفين ضرورة تعزيزها خدمة للقضيّة الفلسطينيّة.

ولفت إلى أنّ "حماس" تحتاج إلى تطوير تلك العلاقة لقناعتها بدور مصر المحوريّ في المنطقة العربيّة وحملها العديد من الملفّات التي تخصّ القضيّة الفلسطينيّة كملف المصالحة، وضمان استمرار عمل معبر رفح لسفر المواطنين والتخفيف من الضغط الذي يعاني منه القطاع من جرّاء الحصار الإسرائيليّ المتواصل منذ عام 2007.

تعدّ مؤسّسة الأزهر إحدى المؤسّسات المصريّة القليلة، التي بقيت خارج الصراع السياسيّ بين حركة "حماس" من جانب، والأنظمة المصريّة المتعاقبة من جانب آخر، فيما ثمّنت الحركة في محطّات عدّة مواقف مشيخة الأزهر تجاه القضيّة الفلسطينيّة، والتي كان أهمّها رفضها قرار نقل السفارة الأميركيّة إلى القدس.



الجمعة، 15 فبراير 2019


إسرائيل تشيّد سياجاً فولاذيّاً على طول الحدود مع قطاع غزّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: تسابق إسرائيل الزمن في إكمال مشروع بناء الجدار العازل على طول حدودها مع قطاع غزّة، وبدأ الجيش الإسرائيليّ في 3 شباط/فبراير الجاري، المرحلة الثالثة والأخيرة من بناء الجدار، عبر إقامة سياج فولاذيّ بطول 65 كيلومتراً وارتفاع 6 أمتار.

وبدأ الجيش الإسرائيليّ في أيلول/سبتمبر من عام 2016، ببناء جدار عازل مع قطاع غزّة يتكوّن من 3 مراحل: المرحلة الأولى تتمثّل في بناء حاجز تحت الأرضّ بطول 60 كيلومتراً لمحاربة أنفاق الفصائل الفلسطينيّة التي تخترق الأراضي الإسرائيليّة (بدأت في سبتمبر 2016، وتشارف على الانتهاء)، والمرحلة الثانية بناء حاجز بحريّ بطول 200 متر وارتفاع 6 أمتار على الحدود البحريّة الشماليّة لقطاع غزّة (بدأت في مايو 2018 وانتهت في 1 يناير 2019)، والمرحلة الثالثة بناء سياج فولاذيّ على طول الحدود الإسرائيليّة مع قطاع غزّة.

وتبلغ تكلفة المشروع بمراحله الثلاث حوالى 3 مليارات شيكل (833 مليون دولار)، واستخدم الإسرائيليون في بناءه الخرسان المسلح وأجهزة الاستشعار.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في تغريدة عبر "تويتر" بـ3 شباط/فبراير الجاري: "خلال عطلة نهاية الأسبوع، بدأنا ببناء حاجز فوق الأرض على طول حدود قطاع غزّة، والذي سيحول دون وصول الإرهابيّين من غزّة إلى أراضينا".

أضاف: "إذا لم يتمّ الحفاظ على الهدوء في غزّة، فإنّنا لن نتردّد في التصرّف".

واتّخذ الجيش الإسرائيليّ تدابير أمنيّة تتمثل في نشر قوات عسكرية قرب العمال وطائرات بدون طيار في المناطق التي بدأ عمّال إسرائيليّون العمل فيها لبناء الجدار، وذلك بعد تخوّفات من محاولات فصائل فلسطينيّة استهداف العاملين في بناء ذلك الجدار، الذي من المتوقّع الانتهاء من بنائه نهاية عام 2019.

وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في 3 شباط/فبراير الجاري، أنّ الجدار الذي سيزن 20 ألف طنّ من الفولاذ سيقام على بعد عشرات الأمتار من السياج الحدوديّ الحاليّ، الذي سيبقى مكانه ولن تتمّ إزالته عقب الانتهاء من السياج الجديد.

وأكّد القائد العسكريّ البارز في لجان المقاومة الشعبيّة الفلسطينيّة في غزة المعروف بـ"أبو أحمد" خلال حديث لـ"المونيتور" أنّهم في الفصائل الفلسطينيّة لديهم من الإمكانيّات العسكريّة والهندسيّة ما يمكّنهم من اختراق ذلك الجدار، سواء أكان تحت الأرض أم فوقها.

وأوضح أنّ الفصائل الفلسطينيّة استطاعت خلال السنوات الماضية تجاوز الكثير من العقبات التي وضعها الجيش الإسرائيليّ أمامها لمنع تنفيذ عمليّات مسلّحة، والتي كان أبرزها تحصين مواقعه العسكريّة على طول الحدود مع قطاع غزّة أمام القذائف الصاروخيّة الموجّهة، عبر زراعة آلاف الأشجار التي تحجب الرؤية أمام الفلسطينيّين.

وشكّلت عمليّة استهداف الباص، الذي يقلّ عدداً من الجنود الإسرائيليّين في موقع عسكريّ إسرائيليّ شمال شرق قطاع غزّة بـ13 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، بصاروخ موجّه أطلقته عناصر مسلّحة من الجناح المسلّح لحركة "حماس"، تحدّياً جديداً أمام الجيش الإسرائيليّ.

وذكر القياديّ في حركة "حماس" حماد الرقب خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ المقاومة تعرف جيّداً كيف تتغلّب على ذلك الجدار وغيره من الإجراءات التي اتّخذها الجيش الإسرائيليّ على طول الحدود مع قطاع غزّة، وقال: "بناء الجدار له أهداف أخرى غير الجوانب العسكريّة تتمثّل في تأكيد إسرائيل سلوكها العنصريّ تجاه الشعب الفلسطينيّ، من خلال نظام الفصل العنصريّ الذي بدأته في الضفّة الغربيّة عبر بناء الجدار العازل هناك لخنق الفلسطينيّين وسرقة أرضهم. وحاليّاً، بناء الجدار العازل على طول الحدود مع قطاع غزّة هو نظام مشابه تماماً لنظام الفصل العنصريّ، الذي كان في جنوب إفريقيا".

أضاف: "إسرائيل، بعد إتمامها ذلك الجدار، تكون قد أحكمت حصارها البريّ والبحريّ المتواصل على قطاع غزّة منذ عام 2007، والذي أصابت أضراره (الحصار) كلّ فئات وقطاعات الفلسطينيّين في قطاع غزّة".

ولفت إلى أنّ الشعب الفلسطينيّ قرّر أن يكسر ذلك الحصار بالطرق السلميّة عبر "مسيرات العودة وكسر الحصار"، التي بدأها في نهاية آذار/مارس من عام 2018.

ورغم امتداح بعض الإسرائيليّين مشروع الجدار العازل، إلاّ أنّ مسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيليّ أكّدوا لصحيفة "هآرتس" في 13 أيلول/سبتمبر من عام 2018 أنّ الجدار لن ينهي تهديد أنفاق "حماس" الأرضيّة بالكامل، ولم يستبعدوا أن تقوم الحركة باختراقه مستقبلاً.

واستبعد رئيس كليّة العودة الجامعة للدراسات الأمنيّة في قطاع غزّة هشام المغاري خلال حديث لـ"المونيتور" أن يشكّل السياج الأمنيّ، الذي بدأت إسرائيل بتشييده، عائقاً أمام الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة في تنفيذ عمليّات عسكريّة مستقبلاً، وقال: "لدى الفصائل الفلسطينيّة الأدوات العسكريّة، التي من خلالها يمكن التغلّب على ذلك الجدار، سواء أكان تحت الأرض أم فوقها أم في البحر".

الفصائل الفلسطينية لم تكشف عن أدواتها.. ولكن الخبراء يرجحون تفجير الجدار أو ضربه بالصواريخ الموجهة.

واعتبر أنّ أحد أهداف إسرائيل من الإعلان عن بدء بناء السياج يعود إلى تحقيق أهداف سياسيّة تتمثل في إرسال رسالة إلى الفلسطينيّين بأنّها تقوم بترسيم حدود دائمة لها، وذلك على غرار ما قامت به على طول حدودها مع مصر والأردن وسوريا ولبنان من تشييد سياج فولاذيّ.

أمّا الخبير العسكريّ واللواء الفلسطينيّ المتقاعد يوسف الشرقاوي فأوضح في حديث لـ"المونيتور" أنّ العمليّات المسلّحة، التي نفّذتها الفصائل الفلسطينيّة خلال حرب عام 2014، وتحديداً حركة "حماس"، أجبرت إسرائيل على التفكير في بناء ذلك الجدار العازل، منعاً لتكرار تلك العمليّات المسلّحة.

وتوافق يوسف الشرقاوي مع سابقه في عدم نجاعة ذلك الجدار بالقضاء على أنفاق الفصائل الفلسطينيّة أو عمليّاتها المسلّحة، متوقعاً أنّ تقوم الفصائل الفلسطينيّة بالعمل على استراتيجية من شأنها التغلب على أي حاجز يشيده الجيش الإسرائيلي.



الأربعاء، 6 فبراير 2019


بين التعديل أو الإلغاء.. الفلسطينيّون والإسرائيليّون يستعدّون لمراجعة "بروتوكول باريس الاقتصاديّ"
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — أعلن الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس، في 27 كانون الثاني/يناير الجاري، تلقّي السلطة الفلسطينيّة موافقة إسرائيليّة مبدئيّة على مراجعة بروتوكول باريس الاقتصاديّ، وذلك بعد أن تقدّمت السلطة الفلسطينيّة بطلب رسميّ لإسرائيل في كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018.

وقال محمود عبّاس في تصريحات مقتضبة خلال زيارته لمقرّ جهاز الإحصاء المركزيّ الفلسطينيّ في رام الله: "قلنا للإسرائيليّين بينا وبينكم اتفاقيّات كثيرة تبدأ من اتفاقيّة أوسلو 1993، إذا رغبتم في أن نستمرّ في علاقتنا معكم على أسس صحيحة وقانونيّة، وإلاّ فسنتخلّى عن هذه الاتفاقيّات وأوّلها بروتوكول باريس... رفض الإسرائيليّون في البداية أن يجري أيّ تعديل عليه، لكنّ الآن قبلوا من حيث المبدأ بأن نجلس ونناقشه".

وذكرت صحيفة "تايمز أف اسرائيل"، في 28 كانون الثاني/يناير الجاري، أنّ الناطقين باسم رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجيّة الإسرائيليّة رفضوا التعليق على ما ذكره عبّاس.

وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قد أعلن في 8 كانون الأوّل/ ديسمبر من عام 2018، أن فرنسا وافقت على طلب السلطة الفلسطينية إعادة النظر في بروتوكول باريس الاقتصادي.

ويعدّ بروتوكول باريس الاقتصاديّ، الذي وقّع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة في 29 أبريل/نيسان من عام 1994، بمثابة اتفاق تعاقديّ يحكم العلاقات الاقتصاديّة بين الجانبين ويشمل الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة خلال الفترة الانتقاليّة التي أقرّتها اتفاقيّة أوسلو ومدتها خمس سنوات والتي جاءت كفترة زمنية للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني للاتفاق خلالها على قضايا الحل النهائي كالحدود واللاجئين والقدس وغيرها. كما نصّ البروتوكول في بنديه الثاني والرابع على تشكيل الطرفين لجنة اقتصاديّة هدفها الاجتماع كلّ 6 أشهر لمتابعة تنفيذه ومراجعة بنوده إذا رغب أحد الأطراف في ذلك، إلاّ أنّها لم تجتمع منذ عام 2000 حتّى اليوم سوى مرّة واحدة في أيلول/سبتمبر من عام 2009.

وأكّد مستشار الرئيس الفلسطينيّ للشؤون الاقتصاديّة محمّد مصطفى خلال حديث مع "المونيتور" أنّ طلب مراجعة البروتوكول بهدف تعديله أو إلغائه جاء لتحرير الاقتصاد الفلسطينيّ وتحسين البيئة التجاريّة والاقتصاديّة الفلسطينيّة التي أضحت مقيّدة ببنود البروتوكول من جرّاء عدم تطبيق إسرائيل الشروط الأساسيّة للاتفاق، والتي تشمل حريّة حركة وتنقّل الأفراد والبضائع التجاريّة.

وكشف محمّد مصطفى أنّ المؤسّسات الحكوميّة الفلسطينيّة تقوم حاليّاً بوضع برنامج اقتصاديّ شامل لدعم الصمود الفلسطينيّ من خلال بناء القدرة الذاتيّة في قطاعات مهمّة كالطاقة والزراعة والصحّة وخلق فرص عمل للشاب وخفض العجز في الميزان التجاريّ مع إسرائيل عن طريق خفض الواردات وتنوّع مصادرها.

وإنّ طلب السلطة الفلسطينيّة فتح البروتوكول، جاء تنفيذاً لقرارات المجلسين المركزيّ والوطنيّ الفلسطينيّين، اللذين أقرّا في 29 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2018 إنهاء التزامات منظّمة التحرير والسلطة الفلسطينيّة تجاه الاتفاقيّات الموقّعة مع إسرائيل، وتحديداً تلك التي تشمل الفترة الانتقاليّة، ويعدّ بروتوكول باريس أحدها والذي يبلغ مدته خمس سنوات، بسبب ما أسمته تنكّر إسرائيل لتلك الاتفاقيّات.

وأكّد عضو المجلس المركزيّ الفلسطينيّ محسن أبو رمضان في حديث مع "المونيتور" أنّ طلب الفلسطينيّين فتح البروتوكول ومراجعته جاء بسبب الانتهاكات الإسرائيليّة المستمرّة لبنوده، إضافة إلى انتهاك إسرائيل الكثير من الاتفاقيّات الموقّعة مع السلطة الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها اتفاق أوسلو واقتحامها العسكريّ المستمرّ للمناطق الفلسطينيّة وحجز أموال المقاصّة الفلسطينيّة، وهو ما يعني فقدان السلطة الفلسطينيّة 70 في المئة من مواردها الماليّة.

وأشار إلى أنّ البروتوكول عمّق ظاهرة التبعيّة الاقتصاديّة الفلسطينيّة للاقتصاد الإسرائيليّ وأضعف إمكانيّة إقامة بنية إنتاجيّة اقتصاديّة فلسطينيّة قويّة، لافتاً إلى أنّ طلب مراجعة البروتوكول جاء كترجمة لقرارات المجلسين المركزيّ والوطنيّ الفلسطينيّين للانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة وما تتطلّبه تلك العمليّة من استحقاقات بما فيها الانفكاك الاقتصاديّ عن إسرائيل.

وتمثّل أهمّ انتهاكات البروتوكول، التي قامت بها إسرائيل أخيراً، في اقتطاع وحجز مئات ملايين الدولارات خلال عام 2018 من أموال المقاصّة الفلسطينيّة لتعويض عائلات القتلى والجرحى الإسرائيليّين بفعل العمليّات المسلّحة الفلسطينيّة، وهو ما يشكّل مخالفة لبنود البرتوكول.

وينصّ بروتوكول باريس الاقتصاديّ في بنده رقم 15 على الآتي: "إنّ مقاصّة الإيرادات من كلّ ضرائب الاستيراد والرسوم الأخرى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة (..)، فإنّ هذه الإيرادات الضريبيّة ستخصّص للسلطة الفلسطينيّة (..) وسيتمّ تخليص هذا الإيراد خلال ستّة أيّام عمل من يوم جباية الضرائب والرسوم المذكورة".

وذكر وزير الماليّة الفلسطينيّ السابق ورئيس "معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ – ماس" نبيل قسيس في حديث لـ"المونيتور" أنّ طلب السلطة الفلسطينيّة مراجعة بروتوكول باريس الاقتصاديّ جاء بسبب خنق إسرائيل الكثير من بنوده، ناهيك عن أنّ البروتوكول فيه الكثير من الإجحاف بحقّ الفلسطينيّين اقتصاديّاً.

وبيّن أنّ الأصل هو إنهاء احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينيّة، وليس تعزيز اتفاقيّات قائمة معها، وذلك بهدف المضي قدماً في الانفكاك الاقتصاديّ عنها، وقال: "ذلك لا يعني أنّه لا يوجد في بروتوكول باريس الاقتصاديّ بنود يمكن الاستفادة منها فلسطينيّاً، إذا جلس الطرفان وقرّرا تعديله، وليس إلغاءه".

ويعتمد الاقتصاد الفلسطينيّ بسبب تلك الاتفاقيّة على إسرائيل بشكل رئيسيّ، حيث تأتي 59 في المئة (2.93 مليار سنويّاً) من واردات السلطة الفلسطينيّة عبر إسرائيل، فيما تصدّر السلطة الفلسطينيّة 81 في المئة (770 مليون دولار سنويّاً) من منتوجاتها لإسرائيل، وذلك وفقاً لإحصائية صادرة عن مرصد التعقيد الاقتصاديّ لعام 2016 .

واستبعد أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزّة معين رجب في حديث مع "المونيتور" أن تنجح السلطة الفلسطينيّة في إيجاد بديل لبروتوكول باريس الاقتصاديّ من جرّاء عدم قدرة الفلسطينيّين على الاستثمار في مواردهم الطبيعيّة برّاً وبحرّاً بفعل سيطرة إسرائيل على تلك الموارد، وتحديداً المعابر التجاريّة وحقول الغاز أمام البحر المتوّسط.

وحمّل معين رجب المؤسّسات الحكوميّة الفلسطينيّة المسؤوليّة عن بقاء الاقتصاد الفلسطينيّ مرتبطاً بشكل شبه كليّ بالاقتصاد الإسرائيليّ من جرّاء عدم قيامها بدراسات جديّة وحقيقيّة لحصر القدرات والإمكانيّات الفلسطينيّة لتنفيذ عمليّة الانفكاك الاقتصاديّ عن إسرائيل، والذي تلوّح به السلطة الفلسطينيّة بين حين وآخر.

ويعدّ بروتوكول باريس الاقتصاديّ من أكثر الاتفاقات التي وقّعتها السلطة الفلسطينيّة انتقاداً من قبل الفلسطينيّين، الذين ما انفكّوا يطالبون السلطة الفلسطينيّة بإنهائه بشكل كامل، وليس تعديله، وذلك في ظلّ تكبيل ذلك البروتوكول للاقتصاد الفلسطينيّ وتكبيده خسائر بلغت 9.46 مليار دولار خلال عام 2015.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...