الثلاثاء، 19 مارس 2019


بين شاملة أو منفردة... الانتخابات أمل الفلسطينيّين للخروج من نفق الانقسام
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — يجمع الشارع الفلسطينيّ على أنّ الحلّ الأمثل للخروج من حالة الانقسام الداخليّة بين حركتي فتح وحماس، هو إجراء انتخابات شاملة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وشرق القدس، وذلك في ظلّ فشل كلّ المحاولات التي قامت بها دول عدّة لإنهاء الانقسام الفلسطينيّ المستمرّ منذ 12 عاماً.

وجاء الحديث عن الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة بعد قرار المحكمة الدستوريّة الفلسطينيّة في مدينة رام الله حلّ المجلس التشريعيّ في 12 كانون الأوّل/ديسمبر 2018، وفسّرت أنّ أحد أهمّ أسباب حلّ المجلس تعطّله عن القيام بعمله منذ عام 2007.

ودعا الرئيس عباّس في 21 كانون الأوّل/ديسمبر 2018، إلى إجراء انتخابات تشريعيّة جديدة في الأراضي الفلسطينيّة خلال 6 أشهر من تاريخ قرار المحكمة الدستوريّة حلّ المجلس التشريعيّ، وشدّد على أنّ موعد إجراء الانتخابات سيتمّ تحديده بعد التأكّد من إمكان إجراء تلك الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة كافّة.

حديث الرئيس عبّاس يعني أنّ قرار إجراء الانتخابات التشريعيّة مرهون بموافقة 3 سلطات هي: السلطة الفلسطينيّة التي تسيطر على الضفّة الغربيّة، وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزّة، وإسرائيل التي تسيطر على شرق القدس.

من جانبها، أعلنت حماس في 7 آذار/مارس الجاري، موافقتها على إجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة في آن واحد وفي الأراضي الفلسطينيّة كافّة، وذلك خلال لقاء عقده رئيس المكتب السياسيّ للحركة اسماعيل هنيّة في قطاع غزّة مع رئيس لجنة الانتخابات المركزيّة الفلسطينيّة حنّا ناصر.

تصطدم موافقة حماس على إجراء انتخابات شاملة مع رؤية حركة فتح التي تريد إجراء انتخابات تشريعيّة فقط، وهو ما يعني دخول الطرفين في حال جدال ومناكفة سياسيّة يصعب معهما إجراء تلك الانتخابات ما لم يتمّ التوافق في ما بينهما.

أكّد المدير التنفيذيّ للجنة الانتخابات الفلسطينيّة هشام كحيل في حديث إلى "المونيتور" جهوزيّة لجنة الانتخابات فنّيّاً لإجراء أيّ نوع من الانتخابات وفي أيّ وقت في الأراضي الفلسطينيّة، مشدّداً على أنّ لجنة الانتخابات مهمّتها القيام بكلّ جهد من أجل ضمان مشاركة كلّ القوى الفلسطينيّة في أيّ انتخابات مقبلة.

وبيّن كحيل أنّ لجنة الانتخابات اجتمعت مع الفصائل الفلسطينيّة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة، واستمعت منها إلى رؤيتها حول الانتخابات المقبلة، منوّهاً بأنّ أكثر من مليوني مواطن فلسطينيّ يحقّ لهم المشاركة في التصويت في الانتخابات المقبلة.

وكانت آخر انتخابات رئاسيّة جرت في الأراضي الفلسطينيّة في عام 2005، حيث فاز فيها الرئيس الفلسطينيّ عبّاس، فيما جرت آخر انتخابات تشريعيّة في عام 2006، حازت بموجبها حركة حماس على غالبيّة مقاعد المجلس التشريعيّ، وحال الانقسام الداخليّ بين حماس وفتح — المستمر منذ العام 2007 بعد سيطرة حماس على غزة — دون إجراء انتخابات رئاسية وتشريعيّة جديدة كلّ 4 سنوات كما ينصّ قانون الانتخابات رقم 9 لعام 2005، في مادّته رقم 2.

أوضح القياديّ في حركة حماس حماد الرقب في حديث إلى "المونيتور" أنّ تمسّك حركته بإجراء انتخابات شاملة رئاسيّة وتشريعيّة في آن واحد جاء بهدف تجديد المؤسّسات الوطنيّة الفلسطينيّة، وإعطاء الفرصة لكلّ مواطن فلسطينيّ لممارسة حقّه في المشاركة في الانتخابات المختلفة واختيار ممثّليه.

وبيّن أنّ تجزئة العمليّة الانتخابيّة بين رئاسيّة بمفردها وتشريعيّة بمفردها يرهق المؤسّسات الفلسطينيّة ومواردها البشريّة والمادّيّة والماليّة، متسائلاً: "لماذا تصرّ حركة فتح على إجراء انتخابات تشريعيّة فقط؟ ولماذا تخشى من الانتخابات الشاملة"؟.

من جانبه، جدّد القياديّ في حركة فتح عبد الله عبد الله في حديث إلى "المونيتور" موقف حركته الداعي إلى إجراء انتخابات تشريعيّة فقط في هذه المرحلة بهدف اختيار الشعب الفلسطينيّ ممثّليه في البرلمان الفلسطينيّ، مستدركاً: "لا يعني ذلك أنّنا ضدّ الانتخابات الشاملة".

وقال: "الانتخابات الرئاسيّة غير مطروحة الآن نتيجة للأخطار التي تمرّ بها القضيّة الفلسطينيّة، والتي كان آخرها اعتراف الولايات المتّحدة الأميركيّة بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2017، وما يحضّر في هذه الأيّام لطرح الخطّة الأميركيّة للسلام والتي يطلق عليها اسم "صفقة القرن"".

وأضاف: "الرئيس عبّاس يواجه المخاطر التي ذكرت سابقاً ومن غير المعقول أو المقبول أن تتمّ الدعوة إلى انتخابات رئاسيّة"، متّهماً حركة حماس بعرقلة إجراء انتخابات تشريعيّة، عبر إصرارها على إجراء انتخابات شاملة.

يلقى إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة اهتماماً دوليّاً، فقد زار المنسّق الخاصّ للأمم المتّحدة لعمليّة السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف في 14 شباط/فبراير الماضي، مقرّ لجنة الانتخابات في الضفّة الغربيّة، واستمع من رئيسها إلى نتائج الجهود المبذولة لإجراء الانتخابات، فيما زارت مبعوثة الاتّحاد الأوروبّيّ لعمليّة السلام في الشرق الأوسط سوزانا تيرستال مقرّ اللجنة في 27 شباط/فبراير الماضي، وأكّدت دعم الاتّحاد الأوروبّيّ للعمليّة الديمقراطيّة في الأراضي الفلسطينيّة.

رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر في غزّة مخيمر أبو سعدة في حديث إلى "المونيتور" أنّ الحلّ الأمثل للخروج من حالة الانقسام الداخليّ هو إجراء انتخابات فلسطينيّة شاملة، مطالباً بضرورة توافر ضمانات محلّيّة ودوليّة للقبول بنتائج تلك الانتخابات.

وتوقّع أبو سعدة أن تكون إسرائيل العقبة الرئيسيّة في عدم إجراء الانتخابات التشريعيّة أو الشاملة لرفضها إجراء تلك الانتخابات في شرق القدس، مشيراً إلى أنّ إجراءها في شرق القدس أهمّ الشروط التي حدّدها الرئيس عبّاس في شباط/فبراير الماضي، لضمان تنفيذ الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة.

من جانبه، توافق المحلّل السياسيّ ورئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين المحلّيّة في قطاع غزّة مصطفى الصوّاف خلال حديث إلى "المونيتور" مع سابقه في أنّ الانتخابات الشاملة هي المخرج من حالة الانقسام الداخليّة، مشيراً إلى أنّ مؤسّسات المجتمع المدنيّ والفصائل الفلسطينيّة كافّة باستثناء حركة فتح، تطالب منذ زمن بإجراء انتخابات شاملة بعد فشل جولات المصالحة والتي كانت آخرها جلسة الحوار التي تمّت في موسكو في 11 شباط/فبراير الماضي.

يخشى الشارع الفلسطينيّ أن يعود ملفّ الانتخابات إلى دائرة الصراع الإعلاميّ والسياسيّ بين حركتي فتح وحماس، في ظلّ اختلاف وجهتي نظر الحركتين في ما يتعلّق بتلك الانتخابات، وهو ما يعني حرمان المواطن الفلسطينيّ من ممارسة حقّه في الانتخابات واختيار ممثّلين جدد له.



الاثنين، 18 مارس 2019


ما هو مصير الموازنة العامّة الفلسطينيّة لعام 2019؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: ناقش مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته التي عقدت في 12 آذار/مارس الجاري، الموازنة العامة لعام 2019، دون أن يتم المصادقة عليها، وإحالتها لجلسة مقبلة لاستكمال المناقشات حولها، وذلك على الرغم من الأيام القليلة التي تفصل حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية عن آخر موعد قانونيّ (31 آذار/مارس الجاري) لإقرار تلك الموازنة، والتي كان يفترض المصادقة عليها في بداية عام 2019.

عدم إقرار الموازنة، جرّ موجة انتقادات واسعة ضدّ الحكومة الفلسطينيّة من قبل مؤسّسات المجتمع المدنيّ، التي اعتبرت عدم إقرارها غير مبرّر، كون أن الحكومة لم تناقش الموازنة سوى مرتين فقط في 12 فبراير الماضي و 12 مارس الجاري.

وينصّ قانون تنظيم الموازنة العامّة والشؤون الماليّة رقم (7) لعام 1998 في مادّته رقم (3) على الآتي: "يقدّم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامّة إلى المجلس التشريعيّ قبل شهرين على الأقلّ من بداية السنة الماليّة". مع العلم أنّ المادّة رقم (1) من القانون ذاته ذكرت أنّ السنة الماليّة تبدأ من أوّل كانون الثاني/يناير وتنتهي في الـ31 من كانون الأوّل/ديسمبر من كلّ سنة ميلاديّة، فيما أعطت المادّة رقم (4) من القانون ذاته مهلة 3 أشهر بعد الموعد المحدّد إذا لم يتيسّر إقرار الموازنة بداية السنة الماليّة.

حكومة التوافق الفلسطينيّة، التي شكّلت خلال عام 2014، لم تعرض على المجلس التشريعيّ الخمس موازنات التي أقرّتها منذ تشكيلها وحتّى حلّ المجلس التشريعيّ بقرار من المحكمة الدستوريّة الفلسطينيّة في كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018، من جرّاء تعطّله عن القيام بمهامه بفعل الانقسام السياسيّ بين حركتيّ "فتح" و"حماس" منذ عام 2007، وتتكفّل الحكومة في رام الله بإقرار الموازنة وترفعها إلى الرئيس محمود عبّاس ليصادق عليها.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا عن وزير الماليّة شكري بشارة قوله في مؤتمر صحافيّ عقده بـ10 آذار/مارس الجاري: "إنّ وزارة الماليّة أعدّت الموازنة الأساسيّة كالمعتاد، وفقاً لمعطيات عام 2018، وكنّا في الطريق الصحيح، لكنّنا وضعنا نقطة، وتوقّفنا ودخلنا في مرحلة جيّدة سنعمل فيها بموجب موازنة طوارئ".

أضاف: "اجتمع الرئيس عبّاس في 9 آذار/مارس الجاري بطاقم ضمّ كلاًّ من نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير صائب عريقات، رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، رئيس الهيئة العامّة للشؤون المدنيّة حسين الشيخ، وزير الخارجيّة رياض المالكي، ونائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، وتبنّى الرئيس عبّاس مبدأ موازنة مبنيّة على مبدأ التقنين النقديّ، وهو ما يعني صرف الموجود من النقد".

عدم إقرار موازنة عام 2019، جاء لسببين أوّلهما: استقالة حكومة التوافق الفلسطينيّة في 29 كانون الثاني/يناير الماضي، واقتطاع إسرائيل في 17 فبراير الماضي، مبلغ 502 مليون شيكل (138 مليون دولار) من إيرادات المقاصّة الفلسطينيّة، وتزعم إسرائيل أن المبلغ المقتطع هو قيمة ما دفعته منظّمة التحرير الفلسطينية خلال عام 2018 كرواتب للأسرى الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة وأهالي الشهداء الفلسطينيّين الذين قتلوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.

وأكّد مسؤول في وزارة الماليّة الفلسطينيّة، فضّل عدم الكشف عن هويّته، لـ"المونيتور" أنّ الموازنة العامّة لعام 2019، التي انتهت الوزارة من صياغتها سيتمّ اعتمادها قريباً من قبل الحكومة، إلاّ أنّ العمل بها سيجمّد حتّى بعد اعتمادها، وذلك بسبب الوضع الماليّ الطارئ، وتحديداً بعد اقتطاع إسرائيل أموال المقاصّة وتراجع المنح الخارجيّة.

وكشف أنّهم يعكفون حاليّاً على وضع موازنة طوارئ تقوم على أساس خفض النفقات وتقنينها، ويتمثّل ذلك في وقف التعيينات والترقيات في الوظيفة العموميّة ووقف استملاك العقارات واستبدال السيّارات الحكوميّة القديمة بأخرى جديدة، لافتاً إلى أنّ العمل بتلك الموازنة سيتواصل إلى حين انتهاء أزمة اقتطاع أموال المقاصّة. ثمّ يمكن العودة إلى الموازنة العامّة لعام 2019.

من جهته، أكّد مستشار مجلس إدارة "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان" عزمي الشعيبي في حديث مع "المونيتور" أنّ كلّ المبرّرات التي ساقتها الحكومة الفلسطينيّة لعدم إقرار الموازنة العامّة لعام 2019، تبقى ضعيفة أمام الخرق القانونيّ المتواصل الذي تقوم به منذ سنوات والمتمثّل في عدم عرض الموازنة على المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ الذي تمّ حلّه أخيراً.

وأوضح أنّ مؤسّسته بذلت جهوداً حثيثة منذ بداية العام الجاري من أجل العثور على نسخة من مشروع الموازنة، إلاّ أنّها فشلت في ذلك بسبب التعليمات الصارمة التي وجّهها شكري بشارة لفريق وزارته بعدم تسريب أيّ شيء يتعلّق بالموازنة، مشدّداً على أنّها ستجد الطريق المناسب للحصول عليها أو على الموازنة الطارئة، وسندعو الفريق الأهليّ لدعم شفافيّة الموازنة العامّة، والذي يضمّ 55 مؤسّسة أهليّة فلسطينيّة، من أجل مناقشتها وإبداء الرأي حولها.

الجدل القائم حول عدم إقرار الموازنة لم يكن مفاجئاً، في ظلّ التنبّؤات الاقتصادية الفلسطينيّة لعام 2019، إذ أظهر تقرير الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ، الذي نشر في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي، تباطؤاً في النمو الاقتصاديّ بنسبة 0.7 في المئة خلال عام 2018. وأضاف التقرير: "من المتوقع ارتفاع قيمة إجمالي الإيرادات الحكومية بنسبة 1%، اضافة الى زيادة قيمة النفقات الحكومية بنسبة 1%، وبالتالي ارتفاع قيمة عجز الموازنة العامة (الحكومة المركزية) بنسبة 1.3%".

واعتبرت منسّقة الفريق الأهليّ لدعم شفافيّة الموازنة العامّة لميس فراج في حديث مع "المونيتور" أنّه بغض النظر عن ظهور أزمة اقتطاع إسرائيل إيرادات المقاصّة لا مبرّر للتأخير من قبل الحكومة الفلسطينيّة في إعداد مشروع الموازنة العامّة لعام 2019، مشيرة إلى أنّه كان يفترض، وحسب القانون، أن يتمّ إعدادها ومناقشتها في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2018، أيّ قبل الشروع في إجراءات استقالة حكومة التوافق أو الاقتطاع من إيرادات المقاصّة.

وإيرادات المقاصّة هي عبارة عن ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينيّة على السلع الواردة إلى الأخيرة من الخارج، ويبلغ المتوسّط الشهريّ لتلك الإيرادات عن شهر يناير 2019، بين 680 و700 مليون شيكل (185 إلى 188 مليون دولار)، وتشكّل تلك الإيرادات قرابة 70 في المئة من الموارد الشهريّة للحكومة الفلسطينيّة، وتدفع منها (550 مليون شيكل) أي ما يعادل (154 مليون دولار) كرواتب للموظّفين العموميّين والبالغ عددهم 180 ألفاً.

بدوره، عزا مدير التخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد بغزّة والخبير الاقتصاديّ أسامة نوفل خلال حديث مع "المونيتور" السبب في عدم اعتماد الموازنة العامّة والحديث عن موازنة طوارئ إلى ضعف في واضعي السياسات الماليّة للسلطة الفلسطينيّة، إضافة إلى حالة الترهّل في القطاع العام، متوقّعاً أن تعمل الحكومة الفلسطينيّة المقبلة على تجاوز العجز الماليّ الذي تعاني منه عبر خفض الإنفاق على القطاعات العامّة وزيادة الجباية المحليّة وإحالة آلاف الموظّفين على التقاعد المبكر في الضفّة الغربيّة، كما جرى في قطاع غزّة خلال العامين الماضيين.



الثلاثاء، 12 مارس 2019


الدعم الماليّ الإيرانيّ لـ"حماس" يتأرجح صعوداً وهبوطاً
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — شهدت العلاقات الإيرانيّة – الحمساويّة حالة من الدفء، وتحديداً بعد انتخاب قيادة جديدة لحركة "حماس" في أيّار/مايو من عام 2017، والتي أعادت توثيق علاقة الحركة مع طهران وحلّ كلّ الخلافات التي نشبت بين الطرفين في أعقاب موقف "حماس" الحياديّ من الصراع في سوريا خلال عام 2012.

وعدّ قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوريّ الإيرانيّ قاسم سليماني خلال فعاليّة أقيمت في مدينة بابل - شمال إيران، بـ21 شباط/فبراير الماضي، حركة "حماس" من ضمن أصدقاء طهران في المنطقة العربيّة، مشيداً بما أسماها "الدعائم الراسخة" لـ"حزب الله" اللبنانيّ وحركة "حماس" الفلسطينيّة مع إيران.

صحيفة "القدس" المحلية نقلت عن مصادر فلسطينيّة لم تسمّها في 4 آذار/مارس الجاري، قولها إنّ إيران أعادت دعمها الماليّ لحركة "حماس"، وستقدّم طهران مبلغ 15 مليون دولار سنويّاً إلى الحركة بشكل مبدئيّ، وهو مبلغ من المتحمل أن يتضاعف في الفترة المقبلة، وفقاً للصحيفة.

وكانت طهران خفّضت بشكل كبير دعمها الماليّ والعسكريّ لحركة "حماس"، في أعقاب مغادرة قيادة الحركة العاصمة السوريّة دمشق في شباط/فبراير من عام 2012، ووقوفها على الحياد بشأن الصراع السوريّ الداخليّ، وإعلانها في آذار/مارس من عام 2015، الوقوف إلى جانب الحكومة الشرعيّة في اليمن المدعومة من المملكة العربيّة السعوديّة.

وكانت تطمح إيران إلى أن تصدر "حماس" مواقف داعمة لها ولـ"محور المقاومة" في المنطقة العربيّة، إلاّ أنّها غضبت من قيادة "حماس" آنذاك وخفّضت علاقاتها ودعمها الماليّ والعسكريّ للحركة، قبل أن تعيده مع انتخاب قيادة جديدة لـ"حماس"، وقيام قيادات وازنة في الحركة بزيارات متكرّرة لطهران خلال الأشهر الماضية، كان آخرها في 22 نوفمبر 2018، التقت فيه قيادات حماس برئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، وبحثوا آخر تطورات القضية الفلسطينية ومسيرات العودة في قطاع غزة، وتعهد لاريجاني بمساندة الفلسطينيين في المحافل الدولية، وأعلنت إيران في 27 نوفمبر الماضي، تبني شهداء وجرحى مسيرات العودة.

وأكّد مسؤول كبير في حركة "حماس"، فضّل عدم الكشف عن هويّته، لـ"المونيتور" أنّ الدعم الإيرانيّ الماليّ والعسكريّ لحركته لم يتوقّف رغم حالة التباين في وجهات النظر من الصراع في سوريا، مشيراً إلى أنّ ذلك الدعم شهد حالة من التذبذب خلال السنوات الماضية.

وأوضح أنّ علاقة "حماس" بطهران في أفضل حالاتها، وذلك بعد الزيارات المتعدّدة التي قامت بها قيادات من "حماس" لإيران في الأشهر الأخيرة، والتي تمكّنت خلالها من تقوية علاقتها مع النظام الإيرانيّ، وأزالت أيّ سوء فهم سابق بسبب الموقف من الصراع في سوريا.

ورفض إعطاء رقم دقيق لما تتلقّاه "حماس" من أموال إيرانيّة سنويّاً، مشدّداً على أنّ إيران كانت وما زالت أبرز الداعمين لـ"حماس" بالمال والسلاح.

وأثّر تراجع الدعم الماليّ الإيرانيّ لـ"حماس" خلال السنوات الماضية على الحركة، وأدخلها في أزمة ماليّة كبيرة، اضطرّت معها إلى إغلاق العديد من مؤسّساتها الإعلاميّة كفضائية القدس والمركز الفلسطيني للإعلام، والتي كان آخرها في شباط/فبراير من عام 2019، وخفّضت قبل ذلك رواتب موظّفيها إلى ما دون النصف.

وكان المبعوث الأميركيّ لعمليّة السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ذكر في تغريدة على "تويتر" بـ4 شباط/فبراير من عام 2018، أنّ إيران تقدّم 100 مليون دولار سنويّاً إلى حركة "حماس" لشراء الأسلحة وبناء الأنفاق لمهاجمة إسرائيل. لم تعلق إيران أو حماس على تصريحات غرينبلات.

وأكّد مستشار وزير الخارجيّة الإيرانيّ حسين شيخ الإسلام لـ"المونيتور" أنّ الدعم الماليّ والعسكريّ الإيرانيّ لـ"حماس" والفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة لم يتوقّف في يوم من الأيّام، مشيراً إلى أنّ طهران تسخّر كلّ إمكانيّاتها المختلفة لمحور المقاومة، وقال: "حماس هي جزء مهمّ من ذلك المحور، والعلاقة معها أصبحت جيّدة في أعقاب انتخاب قيادة جديدة وحكيمة لها".

أضاف: "إنّ إيران مستعدّة لتقديم كلّ الدعم لأيّ حركة تقف في وجه قوى الاستكبار أميركا وإسرائيل والجماعات الإرهابيّة التي تدعمها".

وترجمت إيران تطوّر علاقاتها مع الفصائل الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها حركة "حماس"، مع إعلان قائد قوى الأمن الداخليّ الإيرانيّ حسين أشتري بشكل علنيّ وللمرّة الأولى في 1 كانون الثاني/يناير الماضي استعداد قوّاته لتدريب عناصر الأجنحة المسلّحة للفصائل الفلسطينيّة. (تبقى المعلومات حول التدريب غير معلنة). وسبق ذلك إعلان إيران في 27 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، تبنّيها لضحايا ومصابي مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزّة والتي انطلقت في 30 مارس 2018.

تركّز إيران في تقديم دعمها الماليّ إلى الجناح العسكريّ لحركة "حماس" كتائب عز الدين القسام، الذي أبقى علاقته قويّة مع طهران وحلفائها في المنطقة، وتحديداً "حزب الله" اللبنانيّ، وذلك بعكس الجناح السياسيّ آنذاك، الذي رأت طهران أنّه سبب خروج "حماس" من سوريا، وتوتير العلاقة مع إيران والنظام السوريّ في ما بعد.

واعتبر المحلّل السياسيّ وأستاذ الدراسات الفلسطينيّة في جامعة طهران هادي برهاني خلال حديث مع "المونيتور" أنّ هناك إرادة إيرانيّة قويّة لاستمرار الدعم الماليّ والعسكريّ الذي تقدّمه إلى الفصائل الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها "حماس" و"الجهاد الإٍسلاميّ، والحركات الأخرى في المنطقة كـ"حزب الله" اللبنانيّ.

وأوضح أنّ إيران تتعرّض لضغوط أميركيّة ومن بعض الدول الأوروبيّة من أجل وقف ذلك الدعم أو خفضه على الأقلّ، إلاّ أنّ إيران رفضت ذلك، وأعلنت في أكثر من مرّة أنّها ستواصل دعمها لـ"حماس" و"الجهاد الإسلاميّ" وغيرهما من التنظيمات المسلّحة، رغم أنّ الحصار الاقتصاديّ الأميركيّ قد أثّر على الاقتصاد الإيرانيّ بشكل قويّ.

من جهته، رأى الكاتب والباحث الإيرانيّ في موقع الجزيرة نت صابر كل عنبري في حديث مع "المونيتور" أنّ السياسة الإيرانيّة الخارجيّة، وتحديداً تجاه حركات المقاومة الفلسطينيّة والدعم المقدّم إليها ثابتان، ومن المستبعد أن يتوقّف أو يتراجع بسبب ما تعانيه إيران من عقوبات أميركيّة وغربيّة أثّرت على اقتصادها بشكل فعليّ.

وبيّن أنّ العلاقات بين إيران وحركة "حماس" شهدت تطوّراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وظهر ذلك من خلال تصريحات قاسم سليماني، الذي أشاد بحركة "حماس" وقوّتها في مواجهة إسرائيل، لافتاً إلى أنّ الطرفين في أمس الحاجة إلى تطوير العلاقة بينهما في هذا الوقت تحديداً، وذلك في ظلّ تطبيع أنظمة عربيّة علاقاتها مع إسرائيل.

ورغم تأكيد النظام الإيرانيّ وحركة "حماس" أنّ الدعم الماليّ المقدّم إلى الأخيرة لم يتوقّف، إلاّ أنّ تراجعه في السنوات الأخيرة أثّر على "حماس" بشكل واضح، وذلك في ظلّ شحّ الموارد والتبرّعات التي كانت تجمعها الحركة من بعض الدول العربيّة قبل الربيع العربيّ.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...