الثلاثاء، 30 أبريل 2019


هل اخترقت "حماس" الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة، في 23 نيسان/إبريل الجاري، عن أنّ الأجهزة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة تمكّنت من كشف وإحباط مخطّط لحركة "حماس" يهدف إلى اختراق تلك الأجهزة، وقامت باعتقال عدد من الضبّاط بتهمة التجسّس لصالح "حماس".

وذكرت الصحيفة أنّ الخطّة التي تقف خلفها قيادة "حماس" في قطاع غزّة والخارج، اكتشفت قبل أشهر عدّة، وتمّ اطلاع قيادة السلطة الفلسطينيّة وحركة "فتح" على نتائج التحقيقات التي جرت مع الضبّاط الموقوفين، الذين نجحت "حماس" في تجنيدهم للعمل لصالحها سواء عبر الإغواء بالمال أم بالتهديد والضغط على أقاربهم الذين يقيمون في قطاع غزّة.

وأكّد الناطق باسم المؤسّسة الأمنيّة الفلسطينيّة عدنان الضميري في تصريحات لوكالة الأنباء الفلسطينيّة الرسميّة "وفا" بـ23 نيسان/إبريل الجاري، اعتقال اثنين من عناصر الأجهزة الأمنيّة منذ عامين بتهمة تسريب معلومات لحركة "حماس"، نافياً في الوقت ذاته أن يكون عدد من تمّ اعتقالهم بالعشرات، كما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيليّة.

واعتبر أنّ المعلومات، التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيليّة عن الأجهزة الأمنيّة، تثير لديهم بعض الشكوك حول الأهداف من وراء نشر تلك المعلومات.

المدّة الزمنيّة، التي حدّدها عدنان الضميري لتاريخ كشف العناصر الأمنيّة التي تتعاون مع "حماس"، تتقارب مع ما نشرته وسائل إعلام فلسطينيّة من تقارير إعلاميّة مدعّمة بالوثائق والصور في كانون الثاني/يناير من عام 2018، تثبت تنصّت الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة على هواتف شخصيّات فلسطينيّة، في مقدّمتها قيادات حركة "حماس"، كشفها ضابط في جهاز الأمن الوقائيّ التابع للسلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة بعد ترك عمله.

وينصّ قانون العقوبات الثوريّ لمنظّمة التحرير لعام 1979، في مادّته رقم 151 على الآتي: "من كان في حيازته بعض الوثائق أو المعلومات (..) فأبلغها أو أفشاها دون سبب مشروع عوقب بالأشغال الشاقّة".

من جهته، لفت مسؤول أمنيّ فلسطينيّ، فضّل عدم الكشف عن هويّته، في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ جهاز المخابرات العامّة الفلسطينيّ استطاع في بداية العام الماضي، اكتشاف عدد من العناصر الأمنيّة التي تعمل في جهازيّ المخابرات العامّة والأمن الوقائيّ سرّبت معلومات لحركة "حماس" في قطاع غزّة.

وبيّن أنّ التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنيّة أثبتت أنّ "حماس" كانت تركّز في عملية الاختراق على الجانب التقنيّ بهدف اختراق الأجهزة الإلكترونيّة لقادة وضباط الأجهزة الأمنيّة والاستحواذ على وثائق ومعلومات فيها.

ولم يستبعد المسؤول الأمنيّ أن تكون هناك عناصر ما زالت تعمل لصالح حركة "حماس" في صفوف الأجهزة الأمنيّة بالضفّة الغربيّة، لافتاً إلى أنّهم استفادوا من المعلومات التي قدّمها الموقوفون، وذلك لإحباط أيّ محاولات جديدة من قبل حركة "حماس" لاختراق الأجهزة الأمنيّة أو أيّ من مؤسّسات السلطة الفلسطينيّة.

في المقابل، تمكّنت حركة "حماس" من اعتقال ومحاكمة العديد من عناصر الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة في قطاع غزّة خلال السنوات الأخيرة بتهمة "التخابر مع السلطة الفلسطينيّة في رام الله"، والقيام بجمع معلومات عن حركة "حماس" والفصائل الفلسطينيّة المسلّحة في قطاع غزة، وإيصالها إلى الأجهزة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة.

ونفى القياديّ في حركة "حماس" ورئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعيّ يحيى موسى خلال حديث مع "المونيتور" أن تكون حماس قد اخترقت الأجهزة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة، وقال: "إنّ وسائل الإعلام الإسرائيليّة تحاول أن تزيد من حالة الفرقة في الساحة الفلسطينيّة من خلال نشر تلك المعلومات التي لا أساس لها من الصحّة".

وأوضح أنّه رغم قناعتهم بأنّ الأجهزة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة تنسّق أمنيّاً واستخباريّاً مع إسرائيل ضدّ الفصائل الفلسطينيّة، وفقاً لاتفاق أوسلو؛ إلاّ أنّهم لم يقوموا بعمليّات تجسّس واختراق في تلك الأجهزة.

واشتملت المادّة الثانية من اتفاقيّة "غزّة أريحا"، التي وقّعت بين منظّمة التحرير الفلسطينيّة وإسرائيل خلال عام 1994، كملحق لاتفاقيّة أوسلو، على تفاصيل التعاون الأمنيّ بين إسرائيل والفلسطينيّين وتبادل كلّ طرف المعلومات الأمنيّة مع الطرف الآخر على مدار الساعة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أيضاً عن مصادر أمنيّة في السلطة الفلسطينيّة قولها إنّ حركة "حماس" تحاول إعادة تجنيد عناصر أخرى، مستغلّة في ذلك حاجة العناصر الأمنيّة إلى المال من جرّاء صرف السلطة الفلسطينيّة نصف راتب لموظّفيها منذ شهرين بفعل الأزمة الماليّة التي تعاني منها الحكومة الفلسطينيّة بعد رفضها في 27 شباط/فبراير الماضي استلام أموال المقاصّة من إسرائيل بسبب اقتطاع الأخيرة مبلغ 502 مليون شيكل (138 مليون دولار) من إيرادات المقاصّة الفلسطينيّة.

وأوضح مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيليّ والفلسطينيّ في رام الله علاء الريماوي خلال حديث مع "المونيتور" أنّ الطرفين (السلطة الفلسطينيّة وحركة حماس) يحاولان اختراق كلّ منهما الآخر، لافتاً إلى أنّ عمليّة الاختراق التي تقوم بها السلطة الفلسطينيّة أكبر وأوضح، وذلك بفعل التزامها باتفاقيّة أوسلو التي تلزمها بمحاربة أيّ عمل مسلّح أو مقاوم ينطلق من الأراضي الفلسطينيّة. وبالتالي، فهي تقوم بعمليّة متابعة أمنيّة مستمرّة لحركة "حماس" وغيرها من الفصائل الفلسطينيّة.

ولفت إلى أنّ تجذّر الانقسام الفلسطينيّ الداخليّ زاد من حالة الشكّ وعدم الثقة بين الطرفين، وهو ما فاقم من حدوث عمليّات الاختراق بينهما، متوقّعاً أن تكون "حماس" قد نجحت بالفعل في تحقيق بعض الاختراقات الإلكترونيّة في السلطة الفلسطينيّة كونها تمتلك بنية استخباريّة قويّة استطاعت من خلالها اختراق هواتف جنود في الجيش الإسرائيليّ أكثر من مرّة.

بدوره، توقّع أستاذ الدراسات الأمنيّة في أكاديميّة الإدارة والسياسة للدراسات العليا في غزّة إبراهيم حبيب خلال حديث مع "المونيتور" أن تكون العمليّة التي قامت بها حركة "حماس" اختراقاً إلكترونيّاً بمساعدة بعض العناصر في الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة.

وتوافق إبراهيم حبيب مع سابقه في أنّ حالة العداء بين "حماس" والسلطة الفلسطينيّة، التي تفاقمت مع سنوات الانقسام، عزّزت من الجهد الأمنيّ من كلّ طرف تجاه الآخر، إلاّ أنّه لم يستبعد في الوقت ذاته اتّخاذ السلطة الفلسطينيّة تلك الذريعة هدفاً لطرد كلّ عنصر أمن في الأجهزة الأمنيّة تشكّ في أنّه مقرّب من "حماس".



الخميس، 18 أبريل 2019


هل يؤثر تغيير نظام الحكم في السودان على طرق تهريب السلاح إلى "حماس"؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: أثار تبدّل نظام الحكم في السودان وقيام وزير الدفاع السودانيّ المحال للتقاعد عوض بن عوف بالتحفّظ على الرئيس السودانيّ عمر البشير وتولّي إدارة شؤون البلاد ليوم واحد فقط في 11 نيسان/إبريل الجاري، حالة من الترقب الحذر لدى الفلسطينيّين، وتحديداً حركة "حماس"، التي التزمت الصمت بفعل ضبابيّة المشهد السياسيّ في السودان، ولم تعقّب على خلع عمر البشير، الذي كانت تربطه علاقات قويّة مع الحركة.

إنّ السودان بالنسبة إلى حركة "حماس" دولة مهمّة، لا سيّما أنّها تعدّ واحدة من أهمّ المسارات الجغرافيّة لنقل السلاح إلى قطاع غزّة، ناهيك عن العلاقات الجيّدة التي تربط الحركة بالشعب السودانيّ والنظام السابق، الذي تفاخر بدعمه السياسيّ للحركة، وسمح بتواجد عناصر من "حماس" على أراضيه.

إسرائيل، وفي مرّات عدّة، اتّهمت السودان بأنّه يفتح أراضيه وموانئه لتجميع السلاح المهرّب من إيران وليبيا لحركة "حماس" في قطاع غزّة، فذلك السلاح يصل إلى السودان برّاً من ليبيا، وبحراً أو جوّاً من إيران قبل أن يتمّ شحنه مجدّداً برّاً إلى سيناء، ثمّ إلى قطاع غزّة.

السودان غضّ الطرف خلال السنوات الماضية عن تهريب السلاح إلى "حماس"، إلاّ أنّ تبدّل أنظمة الحكم العربيّة، وتحديداً في مصر، أثّر بشكل كبير على تهريب السلاح إلى الحركة، فالنظام المصريّ الجديد عمل على تدمير الأنفاق الأرضيّة بغالبيّتها بين مصر وقطاع غزّة، والتي كان يتمّ إدخال السلاح منها إلى الفصائل الفلسطينيّة، وهو الأمر الذي دفع بالتنظيمات الفلسطينيّة إلى محاولة التهريب عبر البحر.

وحاكمت إسرائيل في 7 نيسان/إبريل الجاري، اثنين من الصيّادين الفلسطينيّين بتهمة نقل كميّات كبيرة من الموادّ المتفجّرة المهرّبة إلى حركة "حماس" عبر البحر من مصر.

وأكّد القياديّ في حركة "حماس" والمسؤول العسكريّ السابق في جناحها العسكريّ محمود مرداوي لـ"المونيتور" أنّ التغيّرات السياسيّة، التي تشهدها المنطقة العربيّة منذ 10 سنوات، أثّرت بشكل كبير على الدعمين الماليّ والعسكريّ للفصائل الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها حركة "حماس".

وبيّن أنّ "حماس"، وبسبب ذلك التأثير وتراجع الدعم، اعتمدت في السنوات الأخيرة على تصنيع سلاحها بغالبيّته بشكل ذاتيّ، رافضاً في الوقت ذاته التحدّث عن طرق التهريب، وتحديداً عبر السودان، قائلاً: "إنّ طرق التهريب أمور سريّة، ولا يمكن لأحد في الحركة التحدّث عنها في الإعلام".

من جهته، قال قائد عسكريّ سودانيّ متقاعد، فضّل عدم الكشف عن هويّته، في حديث لـ"المونيتور": "إنّ النظام السودانيّ السابق لم يقدّم أيّ أسلحة إلى حركة حماس، بل كان يغضّ الطرف عن تهريب السلاح من خلال أراضيه إلى حماس في قطاع غزّة".

وأوضح أنّ أعضاء المجلس العسكريّ السودانيّ بغالبيّتهم، والذين تدرّجوا في مناصب عدّة بالجيش والأجهزة الأمنيّة، كانوا يعلمون بكلّ صغيرة وكبيرة على مستوى تهريب السلاح إلى "حماس" بغضّ النظر إذا كانوا يوافقون على ذلك أم يعارضون، مستبعداً أن يقوم المجلس العسكريّ، الذي يمسك بزمام الأمور في البلاد، بأيّ عمل مخالف للنظام السابق في قضيّة دعم الفلسطينيّين، وتحديداً حركات المقاومة الفلسطينيّة، فالمستويات الرسميّة والشعبيّة تعتبر دعم القضيّة الفلسطينيّة من أهمّ الأولويّات.

إسرائيل حاربت تهريب السلاح إلى "حماس" عبر السودان بطرق عدّة، أهمّها اغتيال مسؤول تهريب السلاح في الحركة محمود المبحوح أثناء زيارته لدبي في كانون الثاني/يناير من عام 2010، والقيام بغارة جويّة في آذار/مارس من عام 2009 شرق السودان استهدفت قافلة أسلحة من 17 شاحنة كانت في طريقها إلى قطاع غزّة، فيما نفّذت غارة أخرى على مصنع للأسلحة في العاصمة الخرطوم في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2012. 

كما سيطرت البحريّة الإسرائيليّة في آذار/مارس من عام 2014 على سفينة أسلحة في البحر الأحمر بين السودان وإريتريا اتّهمت إيران بإرسالها إلى قطاع غزة، ناهيك عن الغارات الجويّة الإسرائيليّة المتواصلة لإحباط تهريب شحنات الأسلحة في سيناء.

وأشار رئيس هيئة الأركان الإسرائيليّ السابق غادي أيزنكوت، في كانون الثاني/يناير الماضي، إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ استطاع منذ تولّيه المنصب خلال عام 2015، تدمير 15 ألفاً إلى 20 ألف صاروخ كانت في طريقها إلى حركة "حماس" في قطاع غزّة، وذلك عبر غارات جويّة في سيناء وغيرها من الدول.

لم تكتف إسرائيل بالجهد العسكريّ لمحاربة تدفّق السلاح لـ"حماس" عبر السودان، بل سعت في السنوات الأخيرة إلى إقامة علاقات ديبلوماسيّة سريّة مع الخرطوم بهدف إبعادها عن إيران ووقف تدفّق السلاح لـ"حماس"، فيما كشف موقع "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسيّ لشؤون الاستخبارات في 2 أيّار/مايو من عام 2018، أنّ إسرائيل أقامت قنوات اتصال مع الجنرال الليبيّ خليفة حفتر لتبادل المعلومات بهدف وقف نقل الأسلحة إلى حركة "حماس" من ليبيا عبر السودان. 

وسبق أن اعتقلت عناصر أمنية تابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبي في طرابلس 4 فلسطينيين في أكتوبر 2016، وأجرت لهم محاكمة في شباط 2019، بتهمة نقل سلاح لحركة حماس من ليبيا إلى قطاع غزة مروراً بالسودان وجزيرة سيناء. وهي محاكمة اعتبرتها حماس بأن هدفها التقريب من أمريكا وإسرائيل.

واستبعد الخبير العسكريّ واللواء الفلسطينيّ المتقاعد يوسف الشرقاوي في حديث لـ"المونيتور" أن يؤثّر تبدّل نظام الحكم في السودان على تدفّق الأسلحة للفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ الكثير من شحنات الأسلحة التي تصل إلى قطاع غزّة تتمّ بصورة سريّة، وبعضها يأتي من دون علم السلطات السودانيّة، وقال: إنّ الموقع الجغرافيّ المميّز للسودان يحتّم على حركة "حماس" إبقاء علاقاتها جيّدة مع أيّ نظام حكم في تلك الدولة، فهي تريد إبقاء طريق تهريب السلاح يعمل، رغم المحاولات الإسرائيليّة المتكرّرة لإغلاقه بفعل عسكريّ من جانب، وبفعل ديبلوماسيّ من جانب آخر.

تبقى أعين "حماس" على السودان وما ستؤول إليه الأوضاع السياسيّة في البلاد، علّه يأتي بقيادة جديدة تسير على خطى النظام السابق في غضّ الطرف عن تهريب السلاح إلى الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة.



الأربعاء، 3 أبريل 2019


رفض حماس قرار ترامب حول الجولان هل يساهم في عودة علاقتها مع سوريا؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة: تواصل حركة حماس ترميم علاقاتها مع المحور الذي يضم سوريا وإيران وحزب الله، وذلك بعد الفتور الذي أصاب تلك العلاقة جراء موقف الحركة الحيادي من الصراع الداخلي في سوريا، وخروج قيادات حماس من دمشق عام 2012، بعد أن كانت الحركة أحد الأطراف المهمة في ذلك المحور منذ العام 2001.

نجحت حماس بعد انتخاب قيادتها الجديدة في مايو 2017، بترميم علاقاتها مع حزب الله اللبناني، واستقرت قيادات وازنة في حماس بالضاحية الجنوبية لبيروت والتي تعد معقل حزب الله وفي مقدمتهم صالح العاروري واثنين آخرين، كما ونجحت حماس بترميم علاقاتها مع إيران بعد زيارات متكررة قامت بها قياداتها لطهران عامي 2017 و 2018، أثمرت عن إعادة طهران دعمها المالي للحركة بعد أن كانت قد خفضته بشكل كبير عام 2012.

بيد أن إعادة حماس لعلاقتها بالنظام السوري تواجهه عقبات عدة، جراء حالة الغضب الذي ما يزال النظام السوري يحمله تجاه حماس، بعد أن رفع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في ديسمبر 2012، علم المعارضة السورية خلال مهرجان مركزي لحماس في قطاع غزة، والاتهامات السورية للحركة بدعم المعارضة السورية بالسلاح، وهو ما نفته حماس مراراً.

قيادة حماس الجديدة سعت في مناسبات عدة تمهيد الطريق أمام عودة العلاقة مع النظام السوري عبر تصريحات إعلامية تجاه سوريا، والتي كان آخرها رفض رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 25 و 27 مارس الجاري، لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان في 25 مارس الجاري.

وقال هنية في 25 مارس: "الجولان سوف يبقى جزءاً لا يتجزأ من الأرض السورية، وإننا نقف إلى جانب سوريا أمم هذه الغطرسة الأمريكية التي لا تحترم الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية".

مسئول إيراني فضل عدم الكشف عن هويته، أكد لـ"المونيتور" أن إيران شرعت منذ نهاية عام 2017، بوساطة بين النظام السوري وحركة حماس، مشيراً إلى أن لقاءات عدة عقدتها القيادة الإيرانية مع قيادة حماس بالخصوص، والأخيرة أبدت رغبتها بعودة العلاقات مع النظام السوري.

وبين أن النظام السوري ما يزال ينظر إلى خطوة قيادة حماس الخروج من دمشق عام 2012، والاستقرار في قطر وتركيا، وتصريحات بعض قيادتها المنحازة لصالح المعارضة السورية بأنها طعنة في الظهر، منوهاً إلى أن الوساطة الإيرانية ومن بعدها الوساطة التي قام بها حزب الله خففت من حدة الاحتقان من قبل النظام السوري تجاه حماس.

وشدد على أن الوقت ما يزال مبكراً لعقد لقاء بين الطرفين، متوقعاً أن يساهم اعتراف الرئيس الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان، واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، ووجود قيادة جديدة لحماس في اختصار الوقت لإعادة العلاقة بينهما.

ومنذ انتخاب قيادة حماس الجديدة وبدء الوساطة الإيرانية بين الطرفين تراجعت حدة الهجوم الإعلامي من قبل النظام السوري تجاه حماس، بل وأعلنت المستشارة السياسية والإعلامية للنظام السوري بثينة شعبان في 8 يناير الماضي، أن فلسطين هي القضية المركزية الأولى للجمهورية السورية، مبديةً استعداد سوريا استقبال جرحى مسيرات العودة وكسر الحصار، والتي كان لحماس الجهد الأكبر في إطلاقها من قطاع غزة نهاية مارس 2018.

القيادي في حركة حماس وعضو مكتب العلاقات السياسية والعربية فيها علي بركة اعتبر في حديث مع "المونيتور" أن موقف حماس في إدانة القرار الأمريكي من قضية الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان هو موقف مبدئي تجاه أي أرض عربية يقع عليها عدوان.

ورفض بركة الحديث عن الجهود التي تبذلها إيران أو حزب الله لإعادة العلاقة بين حماس والنظام السوري، إلا أنه أكد وجود تنسيق عالي المستوى بين "محور المقاومة" للتصدي للمخططات الأمريكية ضد المنطقة العربية.

صحيفة رأي اليوم ذكرت في 17 مارس الجاري، أن الوساطة التي يبذلها حزب الله أثمرت عن اتفاق أولي يقضي بقبول النظام السوري أن يكون نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري وحدة اتصال بين حماس والنظام السوري من أجل التباحث في عودة العلاقات بين الجانبين، وبإمكان العاروري زيارة دمشق والالتقاء بالمسئولين السوريين ولكن بعيداً عن وسائل الإعلام.

"المونيتور" تواصل مع أكثر من مسئول سوري للتعقيب على موقف حماس الرافض للقرار الأمريكي حول الجولان إلا أنهم رفضوا التحدث.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية البرفسور عبد الستار قاسم ذكر في حديث مع "المونيتور" أن حزب الله يعمل باستمرار من أجل إعادة العلاقة بين حماس والنظام السوري، منوهاً إلى أن المصالحة وعودة العلاقة بين الطرفين ليست بعيدة في ظل حاجة كل طرف للآخر بسبب الخطوات الأمريكية تجاه سوريا والفلسطينيين.

وأضاف قاسم: "ما أمتلكه من معلومات يؤكد أن ضباط سوريين حضروا إلى قطاع غزة قبل اندلاع الصراع في سوريا وقاموا بتدريب عناصر حماس والجهاد الإسلامي عسكرياً، وأمد النظام حماس بالصواريخ الموجهة المضادة للدبابات".

وأوضح أن النظام السوري ينظر إلى القضية الفلسطينية كقضية مركزية، وليس من عنوان فلسطيني أمام النظام السوري للتعامل معه في جانب مقاومة إسرائيل سوى حماس والجهاد الإسلامي واللتان تعدان أكبر الفصائل الفلسطينية المسلحة، منوهاً إلى وثيقة حماس السياسية الجديدة 2017، والتي تشير إلى فك ارتباط التنظيمي بجماعة الإخوان المسلمين ساهمت في تهدئة النظام السوري قليلاً تجاه حماس لأن النظام لا يثق بالإخوان المسلمين مطلقاً.

من جانبه، توقع المحلل السياسي المقرب من حماس شرحبيل الغريب أن يساهم موقف حماس من قضية الجولان في الدفع باتجاه تقريب وجهات النظر بين الجانبين، مشيراً إلى أن الأمر مرهون بمدى تجاوب النظام السوري مع الاشارات التي تطلقها حماس بين حين وآخر لإعادة العلاقة.

وأوضح في حديث مع "المونيتور" أن محدودية حلفاء حماس في المنطقة العربية يجعل الحركة في حالة رغبة قوية لإعادة العلاقات مع النظام السوري.

تراهن حماس على عامل الوقت والأحداث التي قد تندلع في الأراضي الفلسطينية بعد طرح الإدارة الأمريكية خطة السلام المعروفة بـ"صفقة القرن" عقب الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة في أبريل المقبل، في تلاقي مصالح سوريا مع الفلسطينيين لمواجهة تلك الخطة.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...