الجمعة، 20 سبتمبر 2019

الفلسطينيّون يبدؤون إجراءات التحكيم الدوليّ لتعديل بروتوكول باريس الاقتصاديّ


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – تحثّ الحكومة الفلسطينيّة خطواتها العمليّة للانفكاك الاقتصاديّ عن إسرائيل، عبر محاولة تعديل بروتوكول باريس الاقتصاديّ الذي يحكم العلاقة الاقتصاديّة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، وذلك بعد اتّهامات متلاحقة من قبل الفلسطينيّين لإسرائيل بانتهاك بنود البروتوكول.

وأعلن وزير الماليّة والتخطيط الفلسطينيّ شكري بشارة في 3 أيلول/سبتمبر الجاري أنّ الحكومة الفلسطينيّة بدأت إجراءات التحكيم الدوليّ في شأن 11 قضيّة تجاريّة وماليّة عالقة مع إسرائيل ستنظر فيها المحكمة العليا للتحكيم الدوليّ في لاهاي في الشهر المقبل، وفي مقدّمتها بروتوكول باريس الاقتصاديّ، بهدف تعديله، متّهماً إسرائيل بالتحايل في تطبيقه وقيامها بإجراءات أحاديّة الجانب.

وقال بشارة: "البرتوكول جعل من الاحتلال الإسرائيليّ مشروعاً مربحاً بامتياز، ففي عام 1994، كان حجم الاقتصاد الإسرائيليّ 76 مليار دولار، وارتفع في عام 2017 إلى 369 مليار دولار، ونعتقد أنّ جزءاً مهمّاً من هذا النموّ، … هو نتيجة منظومة بروتوكول باريس".

البروتوكول الذي وقّع بين الجانبين في عام 1994، ويشمل الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة خلال الفترة الانتقاليّة التي أقرّتها اتّفاقيّة أوسلو ومدّتها 5 سنوات، ينظم العلاقة الاقتصادية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في 4 قطاعات هي: العمل والعلاقات التجارية والعلاقات المالية والترتيبات النقدية للسلطة الفلسطينية.

أصبح مطلب تعديل البروتوكول ملحّاً لدى الفلسطينيّين، بعدما اقتطعت إسرائيل في عام 2017 قرابة الـ1.29 مليار شيكل (368.5 ملايين دولار) من أموال المقاصة التي تقوم بجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينيّة، من خلال المعابر الإسرائيليّة، على البضائع المصدّرة والمستوردة للفلسطينيّين.

وتبرّر إسرائيل الاقتطاع المستمرّ من تلك الأموال بأنّ ما تقتطعه تقدّمه السلطة الفلسطينيّة كرواتب إلى الأسرى الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة، أو إلى أسر الفلسطينيّين الذي نفّذوا عمليّات مسلّحة ضدّ الإسرائيليّين.

وينصّ البرتوكول في بنده رقم 15 على: "إنّ مقاصة الإيرادات من كلّ ضرائب الاستيراد والرسوم الأخرى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة (..)، فإنّ هذه الإيرادات الضريبيّة ستخصّص للسلطة الفلسطينيّة (..) وسيتمّ تخليص هذه الإيرادات خلال ستّة أيام عمل من يوم جباية الضرائب والرسوم المذكورة".

وكان وزير الخارجيّة الفلسطينيّ رياض المالكي قد كشف في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2018، عن موافقة فرنسا –الراعية للبروتوكول- على طلب رسميّ فلسطينيّ بفتح البروتوكول بهدف تعديله، فيما أعلن الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس في 28 كانون الأوّل/ديسمبر 2018، تلقّي السلطة الفلسطينيّة موافقة إسرائيليّة مبدئيّة على مراجعة البروتوكول، وذلك بعدما تقدّمت السلطة الفلسطينيّة بطلب رسميّ إلى إسرائيل في بداية كانون الأوّل/ديسمبر 2018، في هذا الخصوص.

أكّد رئيس قسم السياسات في وزارة الاقتصاد الوطنيّ الفلسطينيّة عزمي عبد الرحمن لـ"الموينتور" أنّ توجّه القيادة الفلسطينيّة إلى إعادة النظر في الاتّفاقيّات الموقّعة مع إسرائيل، جاء بسبب إخلال الأخيرة بالتزاماتها تجاه تلك الاتّفاقيّات، وفي مقدّمتها بروتوكول باريس الاقتصاديّ، الذي يفترض أنّه في عداد المنتهي منذ أيّار/مايو 1999.

وبيّن أنّ خسائر الاقتصاد الفلسطينيّ نتيجة الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة وبعض بنود الاتّفاقيّات، ومنها برتوكول باريس، تقدّر بـ7 مليارات دولار سنويّاً، منها 3.4 مليارات دولار سنويّاً نتيجة عدم استغلال الأراضي الفلسطينيّة الواقعة في منطقة "C"، والتي تخضع إلى السيطرة الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة، وعدم سماح إسرائيل للفلسطينيّين باستخراج مواردهم الطبيعيّة كحقول الغاز أمام سواحل غزّة واستغلالها.

وأوضح عبد الرحمن أنّ أهمّ انتهاكات إسرائيل للبروتوكول تتعلّق أيضاً باللجنة الاقتصاديّة المشتركة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين التي يفترض أن تجتمع مرّة كلّ 6 أشهر لبحث أيّ تعديلات على البروتوكول، لافتاً إلى أنّ اللجنة لم تجتمع منذ سنوات طويلة بسبب تجميد إسرائيل لها بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.

وينصّ بروتوكول باريس في البندين الثاني واالثالث على تشكيل الطرفين لجنة اقتصاديّة هدفها الاجتماع كلّ 6 أشهر لمتابعة تنفيذ الاتّفاق ومراجعة بنوده إذا رغب أحد الأطراف في ذلك، ولكنّ تلك اللجنة لم تجتمع منذ عام 2000 وحتّى اليوم سوى مرّة واحدة كانت في أيلول/سبتمبر 2009.

من جانبه، اعتبر وزير الماليّة والتخطيط الفلسطينيّ السابق ورئيس معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ–ماس نبيل قسّيس في حديث إلى "المونيتور" أنّ البروتوكول من وجهة نظر الفلسطينيّين أصبح مكلفاً لهم ومربحاً لإسرائيل، في ظلّ عدم التزام الأخيرة ببنوده.

وبيّن قسّيس أنّ الأصل هو إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينيّة، وإفساح المجال أمام الفلسطينيّين لبناء اقتصادهم في شكل حرّ، مستدركاً: "إلّا أّن الاتّفاق يوجد به بعض البنود التي هي مفيدة للفلسطينيّين، أهمّها تصدير السلع والمنتوجات الفلسطينيّة إلى دول العالم، وجلب مصادر الطاقة من دول أخرى غير إسرائيل".

وأوضح وزير الماليّة والتخطيط السابق أنّ الفلسطينيّين في حاجة إلى الكثير من الخطوات التي يمكن اتّخاذها للنهوض باقتصادهم الوطنيّ، إلى جانب تعديل البروتوكول، والمتمثّلة في دعم القطاعات الصناعيّة والزراعيّة والسياحيّة، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتيّ من غالبيّة السلع والمنتوجات.

وتركّز الحكومة الفلسطينيّة الجديدة جهودها في اتّجاه النهوض بالاقتصاد الفلسطينيّ، عبر دعم الصناعات المحلّيّة وتشجيعها، وكذلك قطاع الزراعة، ومحاولات تعزيز التعاون بين القطاعين الحكوميّ والعامّ بهدف بناء اقتصاد فلسطينيّ قويّ، استعداداً للانفكاك الاقتصاديّ عن إسرائيل.

اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنيّة بكر اشتيّة في حديث إلى "المونيتور" أنّ البروتوكول فيه بعض البنود الجيّدة للفلسطينيّين والأخرى المجحفة، لافتاً إلى أنّ كلّ ما يطالب به الفلسطينيّون هو تعديل البنود المجحفة ووقف الخروق المستمرّة من قبل إسرائيل للبروتوكول.

ورأى اشتيّة أنّ أهمّ البنود المجحفة تتمثّل في الغلاف الجمركيّ الموحّد، والذي تربط من خلاله إسرائيل الأراضي الفلسطينيّة بها في النظام الجمركيّ، وتجبي الضرائب على السلع الواردة إلى الفلسطينيّين على أنّها سلع واردة إلى إسرائيليّين، وبذلك تحرم الفلسطينيّين من الكثير من الضرائب التي تجبى على السلع التي يستوردها التجّار الفلسطينيّون.

وطالب أستاذ الاقتصاد القيادة الفلسطينيّة بالإصرار، خلال مباحثات تعديل البروتوكول، على وضع تمثيل فلسطينيّ (موظّفين) على المعابر والموانئ البرّيّة التي تربط الأراضي الفلسطينيّة بإسرائيل، بهدف محاربة التهريب الضريبيّ، والذي يكلّف الاقتصاد الفلسطينيّ قرابة الـ505 ملايين دولار سنويّاً.

وعلى الرغم من قناعة الفلسطينيّين بأنّ تعديل البروتوكول هو حقّ لهم، إلّا أنّهم يشكّكون في نجاح محاولات تعديله، بسبب تحكّم إسرائيل في غالبيّة مناحي الحياة الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها المعابر التي يتمّ من خلالها استيراد المنتوجات للفلسطينيّين وتصديرها، واستمرار سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينيّة.



الاثنين، 16 سبتمبر 2019

فتح "الأراضي الوقفية" الفلسطينية أمام المستثمرين


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – خطوات جديدة تخطوها الحكومة الفلسطينية في خطتها التي أقرتها في مايو 2019، للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في 3 سبتمبر الجاري، عن فتح الأراضي الوقفية في الضفة الغربية أمام المستثمرين.

وأراضي الوقف هي عبارة عن مساحات من الأرض لا يجوز لأحد استملاكها وفق الشرع الإسلامي، وإنما يتم تأجيرها ويذهب ريعها لوزارة الأوقاف الفلسطينية حصراً، وقد سجلت جميع تلك الأراضي باسم الوزارة وفقاً للمادة 57 من قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني رقم 26 لعام 1966، والمعمول به في الضفة الغربية حالياً.

إعلان اشتية جاء خلال افتتاحه أول عنقود زراعي فلسطيني في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، والتي خصصت لها الحكومة الفلسطينية 23 مليون دولار، بهدف استصلاح أراضيها الزراعية، وافتتاح آبار مياه جديدة، وزراعة كافة المساحات المخصصة للزراعة فيها.

رئيس سلطة الأراضي الفلسطينية موسى شكارنة ذكر لـ"المونيتور" أن الأراضي الوقفية تبلغ مساحتها من 7-9 بالمائة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أن كل مستثمر يريد الاستفادة من تلك الأراضي عليه التوجه لوزارة الأوقاف التي لها الصلاحية الكاملة على تلك الأراضي.

ويقدر البنك الدولي خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء عدم استغلال الأراضي الوقفية بنحو 3 مليارات دولار سنوياً. وهذه آخر إحصائية منشورة.

مسؤول فلسطيني في رئاسة الوزراء الفلسطينية فضل عدم الافصاح عن هويته كشف لـ"المونيتور" أن الهدف الأساسي من قرار فتح أراضي الوقف أمام المستثمرين جاء للاستفادة منها في المساهمة بالاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى حمايتها من المصادرة الإسرائيلية وتحديداً تلك الواقعة في المنطقة المصنفة C بالضفة الغربية والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وفق اتفاق أوسلو 1993.

وأقرت الحكومة الفلسطينية في 19 أغسطس الماضي، تقديم منحة مالية للخريجين الفلسطينيين الذين لديهم الاستعداد للسكن والعمل في مشاريع انتاجية بمنطقة الأغوار المهددة بالمصادرة من قبل إسرائيل.

واستبقت القرارات الحكومية الفلسطينية، إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 10 سبتمبر الجاري، نيته فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات الإسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية والمقامة على أراضي فلسطينية، وكذلك فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، في حال فوزه بالانتخابات البرلمانية المقبلة في 17 سبتمبر الجاري، وهو ما حذر منه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في 10 سبتمبر الجاري، واتهم نتنياهو بأنه المدمر الرئيسي لعملية السلام.

واستخدمت إسرائيل قانون أملاك الغائبين لسنة 1950، وقانون استملاك الأراضي لسنة 1953، في مصادرة الأراضي الفلسطينية داخل إسرائيل وبعض مناطق الضفة الغربية بهدف بناء الكتل الاستيطانية عليها أو استخدامها كمناطق عسكرية، وتسمح تلك القوانين لإسرائيل الاستيلاء على الأراضي والعقارات التي كانت مملوكة لفلسطينيين ولكنهم أجبروا على تركها بفعل الصراعات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووضعتها تحت مسمى "أراضي دولة".

وكيل وزارة الزراعة الفلسطينية عبد الله لحلوح أكد لـ"المونيتور" أن قرار فتح أراضي الوقف الفلسطينية أمام المستثمرين جاء كخطوة من قبل الحكومة الفلسطينية لتشجيع الاستثمار الداخلي الفلسطيني بهدف مساهمته في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وصولاً لخطوة الانفكاك الكامل عن الاقتصاد الإسرائيلي.

وبين لحلوح أن الحكومة أولت الزراعة أهمية كبيرة في خطتها الاقتصادية التي أقرتها في مايو الماضي، مشيراً إلى أن الهدف هو الوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي من المنتوجات الزراعية وتصدير الفائض إلى الخارج.

وكشف أن الأراضي الفلسطينية تصدر منتوجاتها الزراعية والصناعية لـ 100 دولة حول العالم، مشيراً إلى أن مساحة الأراضي المزروعة في الضفة الغربية وقطاع غزة تبلغ مليون ونصف دونم، منها مليون وربع دونم في الضفة الغربية.

وكانت الحكومتان الفلسطينية والأردنية وقعتا اتفاقية شراكة في أغسطس 2018، لإنشاء شركة حكومية رأس مالها 18 مليون دولار بهدف تسويق المنتوجات الزراعية الفلسطينية حول العالم، ونوه لحلوح إلى أن كلا الحكومتين ساهمتا حتى اللحظة بـ 50 بالمائة من رأس المال.

وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية حسام أبو الرب ذكر لـ"المونيتور" أن الأراضي الفلسطينية يتوفر بها مساحات كبيرة من أراضي الوقف الصالحة للزراعة، والتي يمكن الاستثمار بها بدل تركها مهملةً أو عرضةً للمصادرة من قبل إسرائيل.

وبين أبو الرب أن الوزارة تضع شروط عدة أمام المستثمرين، تتمثل في أن تستخدم تلك الأراضي في مشاريع تنموية كالزراعة والصناعة ولا تخالف الشرع الإسلامي كأن يستخدمها بعض المستثمرين في زراعة التبغ على سبيل المثال الذي يعتبر اسهلاكه مخالف للشريعة الإسلامية."

وأوضح أن المدة الزمنية التي تمنحها الوزارة أمام المستثمرين لاستئجار الأرض يصل سقفها إلى 25 عاماً، باستثناء الأراضي الزراعية التي ستستخدم في زراعة النخيل والتي يتم تأجيرها لمدة 40 عاماً، وتتواجد تلك الأراضي الزراعية في مدينة أريحا، منوهاً إلى أن سعر إيجار الدونم الواحد في العام يتراوح بين 50-400 دينار أردني وتحديداً للمشاريع الزراعية، أما المشاريع الصناعية فيتراوح سعر تأجير الأرض من 2000-3000 آلاف دينار أردني للدونم الواحد في العام.

ويشكو المزارعون الفلسطينيون من ضعف الدعم والخطط المنفذة من قبل وزارة الزراعة الفلسطينية تجاههم، وهو ما يبرره وزير الزراعة الفلسطيني رياض العطاري في مقابلة مع صحيفة القدس الفلسطينية بداية سبتمبر الجاري، بضعف الميزانية الممنوحة لهم من قبل الحكومة الفلسطينية. في عام 2018، خصصت الحكومة مبلغ 150 مليون شيكل (42 مليون دولار) كموازنة وزارة الزراعة الفلسطينية، منها 42 مليون شيكل (12 مليون دولار) لدعم المشاريع الزراعية.

أما العام الحالي وبسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية فلم يتم إقرار الموازنة العامة، وتعمل الحكومة منذ مارس الماضي، بموازنة طوارئ –لم يتم نشر تفاصيلها للإعلام-، ويقول وزير الزراعة رياض العطاري إن وزارته تقوم بوضع خطة عمل كل 3 أشهر وتحصل على الدعم المالي لتلك الخطة من قبل الحكومة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع مؤسسات دولية تنشط في مجال الزراعة.

أستاذ التسويق الزراعي في جامعة الخليل طلعت رجب اعتبر في حديث مع "المونيتور" فتح أراضي الوقف أمام المستثمرين خطوة جيدة، مستدركاً: إلا أنها بحاجة لتنظيم من قبل وزارة الزراعة المطالبة بتوجيه المزارعين لزراعة بعض أنواع النباتات التي يحتاجها السوق الفلسطيني كالباذنجان والبطاطس والثوم والجزر وغيرها، بدل أن تستخدم تلك الأراضي لزراعة أصناف نباتية يكتفي السوق منها.

ودعا رجب الحكومة الفلسطينية إلى تأهيل البنية التحتية في المناطق الزراعية الفلسطينية، وتوفير مصادر مياه مستمرة لضمان نجاح المشاريع الزراعية المتوقع انشاؤها، هذا بالإضافة إلى دعم وتشجيع الصناعات اللاحقة لما سيتم زراعته، وكذلك وضع خطط تسويقية مناسبة لتسويق المنتوجات الزراعية والصناعية الجديدة.

تأمل الحكومة الفلسطينية أن تنجح مع القطاع الخاص في بناء منظومة زراعية وصناعية فلسطينية تمكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواطن الفلسطيني في احتياجاته الاستهلاكية، إلى جانب رفع مساهمة القطاعين الزراعي والصناعي في الناتج القومي الفلسطيني، إذ تساهم الزراعة حالياً بـ 4 في المائة فقط من الناتج القومي، فيما تساهم الصناعة بـ 14 بالمائة.



الخميس، 5 سبتمبر 2019

الحكومة الفلسطينيّة تفتح باب المنافسة أمام البنوك لجباية الإيرادات الحكوميّة


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – تواصل الحكومة الفلسطينيّة خطواتها للنهوض بالاقتصاد الفلسطينيّ وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأقرّت في 26 آب/أغسطس الجاري، قراراً قضى بفتح باب المنافسة أمام البنوك الفلسطينيّة لتحصيل الإيرادات الماليّة من مديريّات وزارة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة.

وتهدف تلك الخطوة، التي من المقرّر أن تتنافس عليها البنوك الفلسطينيّة المرخّصة كافّة، والتي يصل عددها إلى 14 بنكاً في الأراضي الفلسطينيّة، إلى تقديم خدمة أفضل للمواطن وتسهيل عمليّة دفع الأموال التي تتمّ مقابل المعاملات الحكوميّة في العديد من المديريّات التابعة لوزارة النقل والمواصلات، ناهيك عن فتح باب المنافسة للبنوك في تقديم أفضل ما لديها من خدمات إلى المواطنين.

لأن وزارة النقل والمواصلات تعد من أكثر الوزارات التي تورد الأموال لخزينة الحكومة، أيضاً الحكومة تخطط لتطبيق الأمر على الوزارات الأخرى لاحقاً.

وكشف الناطق باسم الحكومة الفلسطينيّة إبراهيم ملحم لـ"المونيتور" أنّ تلك الخطوة جاءت للحيلولة دون احتكار بنك دون آخر لتلك الخدمة، وفتح المجال أمام المواطن لدفع الرسوم الماليّة في أيّ من البنوك الفلسطينيّة.

وبيّن أنّ الحكومة أعطت وزارة النقل والمواصلات مدّة أسبوعين من تاريخ 26 آب/أغسطس الجاري، بهدف تجهيز خطّة لتطبيق القرار، وإبلاغ البنوك من خلال الحكومة بشكل رسميّ كي تبدأ بعمليّة الجباية.

من جهته، أكّد المدير العام للشؤون الماليّة في وزارة النقل والمواصلات برام الله وائل راشد لـ"المونيتور" أنّ من ضمن أهداف ذلك القرار، تحسين عمليّة الجباية وخلق نوع من التدقيق والشفافيّة في التعامل بين المواطن والجهات الحكوميّة، وقال: "إنّ مجموع ما تتمّ جبايته من خلال المديريّات التابعة للنقل والمواصلات المنتشرة في الضفّة الغربيّة، والتي يبلغ عددها: 13 مديريّة رئيسيّة واثنتان فرعيّتان، يصل إلى 300 مليون شيكل سنويّاً (85.7 مليون دولار)، أيّ ما يعادل 25 مليون شيكل شهريّاً (7.1 مليون دولار)".

إنّ الحكومة الفلسطينيّة، ومنذ عام 1997، وقّعت اتفاقيّة مع بنك الأردن – فرع فلسطين، يقوم بموجبها البنك بجباية الإيرادات الماليّة من مديريّات النقل والمواصلات في المحافظات الفلسطينيّة من خلال موظّفين منتدبين في 14 فرعاً رئيسيّاً.

وإنّ قرار الحكومة الفلسطينيّة، جاء رغم لقاء عقد بين وزير النقل والمواصلات الفلسطينيّ عصام سالم والمدير التنفيذيّ لبنك الأردن حاتم فقهاء في 11 حزيران/يونيو الماضي، والذي تمّ التباحث فيه بزيادة عدد موظّفي البنك داخل مديريّات النقل والمواصلات وتمديد ساعات الدوام للتخفيف عن المواطنين.

وأوضح مدير العمليّات المركزيّة في بنك الأردن محمود درس خلال حديث لـ"المونيتور" أنّهم لم يتبلّغوا بشكل رسميّ القرار من قبل الحكومة بفتح باب المنافسة أمام البنوك لجباية أموال وزارة النقل والمواصلات، لافتاً إلى أنّ الاتفاقيّة الموقّعة بين البنك والحكومة الفلسطينيّة منذ عام 1997 في هذا الخصوص والتي تجدّد سنويّاً، ما زالت سارية المفعول حتّى اليوم.

وأبدى محمود درس ترحيب بنك الأردن بفتح باب المنافسة أمام البنوك الفلسطينيّة الأخرى لتحصيل الأموال من وزارة المواصلات أو غيرها من المعاملات الحكوميّة الأخرى، مشيراً إلى أنّ المنافسة تفسح المجال أمام البنوك كافّة لتقديم خدمة أفضل إلى المواطن الفلسطينيّ.

وكانت وزارة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة رفعت في آب/أغسطس من عام 2014، قيمة عمولة بنك الأردن على كلّ معاملة يقوم بها موظّفو البنك في مديريّات النقل من 1 شيكل (0.28 دولار) إلى 3 شواكل (0.85 دولار)، علماً بأنّ آلاف المواطنين يراجعون تلك المديريّات بشكل يوميّ لإجراء معاملاتهم.

ورحّب رئيس نقابة النقل والمواصلات في الضفّة الغربيّة أحمد جابر خلال حديث لـ"المونيتور" بالقرار الحكوميّ الفلسطينيّ، متوقّعاً أن يساهم ذلك القرار في تقديم خدمة أفضل إلى أصحاب سيّارات التاكسي العموميّة والخاصّة، وإن كانت بشكل محدود.

وشدّد على أنّه في المقابل ستشكّل تلك الخطوة فائدة أكبر للبنوك الفلسطينيّة، مشيراً إلى أنّ الضفّة الغربيّة تضمّ قرابة 228 ألف سيّارة، منها 9488 سيّارة تاكسي ما بين عموميّة وخاصّة، وتقوم تلك السيّارات بإجراءات معاملاتها بشكل سنويّ أو نصف سنويّ، وتسدّد رسومها عبر بنك الأردن الذي يحتكر عمليّة الجباية في مديريّات النقل والمواصلات.

وبيّن أحمد جابر أنّ الحكومة رفعت رسوم المعاملات التي تقدّم للبنك في مديريّات النقل والمواصلات إلى ثلاثة أضعاف، وقال: "إنّ المشكلة الأكبر التي تواجهنا تتمثل في قيمة ما تفرضه الحكومة الفلسطينيّة من ضرائب على ترخيص السيّارات في الضفّة الغربيّة". 660 شيكل سنوياً (188 دولار أمريكي) للسيارة العمومي.

كما يترافق القرار مع الخطّة الوطنيّة التي أقرّتها الحكومة الفلسطينيّة في حزيران/يونيو من عام 2018، لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في التعاملات اليوميّة وشراء السلع، وقيام البنوك بتقديم العديد من العروض مثل نقاط وجوائز لمن يستخدم بطاقات الدفع الالكتروني في التعاملات المالية اليومية والإغراءات إلى المواطنين لاستخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ.

من جهته، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة "النّجاح الوطنيّة" بكر اشتيّة خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ المستفيد الأوّل من القرار الحكوميّ هو البنوك الفلسطينيّة التي تبحث عن العمولة الماليّة التي يدفعها المواطن، مشيراً إلى أنّ الأخير هو آخر المستفيدين من ذلك القرار في الجانب المالي.

وبيّن أن تحصيل البنوك تلك الإيرادات وتوريدها إلى الحكومة بشكل شهريّ على الأقلّ يمكّن تلك البنوك من الاستفادة من تلك الأموال عبر تشغيلها بشكل شهريّ، من دون أن يكون للخزينة الحكوميّة أيّ نسبة من المبالغ الإضافيّة التي تجنيها البنوك بفعل تشغيلها تلك الأموال.

ودعا بكر اشتيّة الحكومة إلى التحرّك باتّجاه رفع الخدمات المقدّمة إلى المواطن وليس إلى البنوك، وتحديداً لجهة تخفيض ما تتمّ جبايته على المعاملات الحكوميّة المختلفة.

يبدو أنّ القرار، الذي من المتوقّع أن يدخل حيّز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيشعل حالة من التنافسيّة الكبيرة بين البنوك الفلسطينيّة، لا سيّما في ظلّ قيام بعض تلك البنوك بتقديم بعض الخدمات الإضافيّة بهدف جذب المراجعين ليسدّدوا من خلالها.



الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

"إن شئت كما في السماء" يمثّل فلسطين في "أوسكار 2020"

أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: بلغة صامتة وأداء ساخر، يلعب المخرج الفلسطينيّ إيليّا سليمان دور البطل في فيلمه الروائيّ الجديد "إن شئت كما في السماء"، الذي اختارته وزارة الثقافة الفلسطينيّة ليمثّل فلسطين عن فئة أفضل فيلم عالميّ طويل في حفل جوائز "الأوسكار"، خلال دورته الثانية والتسعين لعام 2020، والمقرّر انعقاده في 9 شباط/فبراير المقبل، بولاية لوس أنجلوس الأميركيّة.

الفيلم الذي يتميّز بلغته البصريّة الجذّابة، يمتدّ لساعة و37 دقيقة، وتدور فكرته حول فلسطينيّ هارب من وطنه باحثاً عن وطن بديل، لكنّ فلسطين تطالعه في كلّ المدن التي هرب إليها، وذلك بسبب ممارسات رجال الأمن والشرطة في تلك المدن وانتشار السلاح ومظاهر العسكرة والقمع، وهي ما تعيد إلى ذاكرته الممارسات التي يقوم بها الجيش الإسرائيليّ في بلده.

صوّر الفيلم في 3 مدن، الأولى مدينة الناصرة في إسرائيل، والتي تمثّل وطنه الأم، ومدينة باريس الفرنسيّة التي ذهب إليها كمحطّة أولى في بحثه عن الوطن البديل، فيما جاءت مدينة نيويورك الأميركيّة كمحطّة ثانية، ليتركها بعد ذلك ويعود يائساً إلى مسقط رأسه.

وكان الفيلم نافس على جائزة السعفة الذهبيّة في مهرجان "كان" السينمائيّ، الذي عقد في أيّار/مايو من عام 2019، وحاز على تنويه خاص من لجنة التحكيم. كما حاز الفيلم على جائزة الاتّحاد الدوليّ للنقّاد السينمائيّين في المهرجان.

ويأتي الفيلم امتداداً لـ3 أفلام روائيّة أخرى لإيليّا سليمان، الذي بدأ رحلته مع الإخراج في عام 1990، وأنتج فيلمه الأوّل بعنوان "مقدّمة لنهاية جدال"، الذي حاز على جائزة أفضل فيلم تجريبيّ في مهرجان "أطلنطا" السينمائيّ في العام ذاته، فيما أخرج خلال عام 1991 فيلمه الثاني بعنوان "تكريم بالقتل".

وشكّل عام 1996 انعطافة مهمّة في تاريخ الإخراج لدى سليمان، حيث اتّجه لإنتاج الأفلام الروائيّة الطويلة، وأنتج فيلمه الروائيّ الأوّل في العام ذاته تحت عنوان "سجل اختفاء"، والذي حصل على جائزة العمل الأوّل في مهرجان "فينيسيا" السينمائيّ. وفي عام 2002، أخرج فيلمه الروائيّ الثاني بعنوان "يدّ إلهية" وحاز أيضاً على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان "كان". أمّا فيلمه الروائيّ الثالث، الذي أخرجه خلال عام 2009، فجاء تحت عنوان "الزمن الباقي".

ذكرت مديرة دائرة السينما في وزارة الثقافة الفلسطينيّة لينا بخاري لـ"المونيتور" أنّ الشروط التي وضعتها اللجنة المشكّلة لاختيار الفيلم الفلسطينيّ الذي سيمثّل فلسطين في جوائز أوسكار 2020، أهّلت فيلمين اثنين فقط، هما: "إن شئت كما في السماء" للمخرج الفلسطينيّ إيليّا سليمان و"مفك" للمخرج الفلسطينيّ بسّام جرباوي.

وأوضحت أنّ الشروط تمثّلت في أن يكون محتوى الفيلم إبداعيّاً وقصّته أصيلة وأن يكون السيناريو مرتبطاً بفلسطين، ناهيك عن حرفيّة الإنتاج والتصوير والإخراج وأمور تقنيّة أخرى.

وبيّنت لينا بخاري أنّ اللجنة التي ضمّت 7 مخرجين فلسطينيّين، اختارت فيلم سليمان ليمثّل فلسطين في جوائز الأوسكار، مع إشادة اللجنة بالفيلم المنافس.

يستوحي سليمان الفكرة الرئيسيّة للأفلام التي أخرجها من واقع المعاناة التي عاشها بسبب ممارسات الجيش الإسرائيليّ الذي اعتقله عندما كان في الـ17 من العمر، بتهمة الانتماء إلى منظّمة التحرير الفلسطينيّة، ليهاجر بعدها إلى بريطانيا، ثمّ ينتقل إلى أميركا وفرنسا. وأخيراً، عاد إلى مسقط رأسه في الناصرة بشكل موقّت لتصوير مشاهد فيلمه الأخيرة "إن شئت كما في السماء".

ورأى عضو لجنة التحكيم المخرج الفلسطينيّ جورج خليفي في حديث لـ"المونيتور" أنّ الاحترافيّة العالية التي غلبت على الفيلم من ناحية النصّ والانتاج والإخراج والتصوير، أهّلته من قبل غالبيّة أعضاء اللجنة ليمثّل فلسطين، ناهيك عن أنّ الفيلم حاصل على جوائز عالميّة.

وشدّد على أنّ اللجنة اهتمّت بشكل أساسيّ في اختيار أقوى ما أنتجته السينما الفلسطينيّة خلال العام الجاري، وذلك بسبب المنافسة القويّة بين الأفلام العالميّة الطويلة المشاركة في أوسكار 2020، ومنها: الفيلم الجزائريّ Papicha للمخرجة منية مندور والفيلم الإيرانيّ Finding Farideh من إخراج أزاده موسوي وكوروش عطائي، وغيرهما من الأفلام.

وبيّن جورج خليفي أنّ سليمان استطاع نقل القضيّة الفلسطينيّة إلى العالم بأسلوب شيّق وجذّاب، وذلك رغم واقع السينما الفلسطينيّ البائس، بسبب غياب الدعم الرسميّ، إذ بلغت ميزانيّة وزارة الثقافة خلال عام 2018، (0.15 في المائة) فقط من الميزانيّة العامّة، ناهيك عن الظروف السياسيّة التي تعيشها الأراضي الفلسطينيّة.

وكشف مصدر قريب من سليمان، فضّل عدم الكشف عن هويّته، لـ"المونيتور"، أنّ الدعم الماليّ الأبرز لإنتاج الفيلم جاء من مؤسّسة الدوحة للأفلام، وكذلك صندوق الثقافة العربيّ.

ومع هذا الاختيار، تكون فلسطين تقدّمت بـ12 فيلماً لتمثيلها في حفل الأوسكار عن فئة الأفلام العالميّة الطويلة منذ عام 2003، وكانت مشاركتها الأخيرة في الأوسكار العام الجاري عن فيلم "اصطياد أشباح" للمخرج الفلسطينيّ رائد أنضوني.

وأوضح وزير الثقافة الفلسطينيّ السابق ورئيس المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة إيهاب بسيسو لـ"المونيتور" أنّ الأعمال السينمائيّة التي قدّمها العديد من المخرجين الفلسطينيّين حول العالم، وفي مقدّمهم سليمان بأفلامه الروائيّة الطويلة، مثّلت إنجازاً سينمائيّاً وثقافيّاً جديداً يضاف إلى رصيد السينما الفلسطينيّة.

وشدّد إيهاب بسيسو على أنّ الإنسان الفلسطينيّ المبدع إذا توافرت أمامه المساحات المطلوبة للعمل، وكذلك الإمكانيّات الماديّة، فسيقدّم منتجاً تفخر به الإنسانيّة عموماً، وليس فقط الفلسطينيّين.

من جهته، رأى رئيس تحرير مجلّة "رمان" الثقافيّة الفلسطينيّة سليم البيك في حديث لـ"المونيتور" أنّ الفيلم يعدّ مرحلة متطوّرة في الأعمال التي قام بها سليمان، وذلك من ناحية السينماتوغرافيا أو المضمون الذي انتقل به سليمان إلى العالم، معتبراً الفيلم ذروة الإنتاج السينمائيّ الفلسطينيّ حتّى اليوم.

وأشار سليم البيك إلى أنّ حالة الصمت التي ظهر بها سليمان في الفيلم تمثّل أسلوباً وامتداداً لفيلمه الأوّل "سجل اختفاء"، إذ يعتبر سليمان الصمت أحد أساليب المقاومة، وهو ما بدا واضحاً في فيلمه الأخير، حيث كان يراقب المسلّحين حوله في المدن الثلاث التي صوّر فيها الفيلم، في سياق ساخر وناقد بحدّة.



الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

مهرجان "الباذنجان"... تقليد سنويّ وفرصة لتسويق المنتج الفلسطينيّ


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – يشكل نبات الباذنجان الفلسطيني الذي يتميز بلونه الفاتح ومذاقه الحلو وجمه الصغير أحد المكونات الرئيسية في المطبخ الفلسطيني، ويدخل في صناعة العديد من الأكلات الشعبية الفلسطينية، ومنها "المقلوبة والمسقّعة والمحاشي والمتبّل والمطبّق والفتّة".

ويقيم الفلسطينيون في قرية بتير غرب مدينة بيت لحم جنوبيّ الضفّة الغربيّة، في 17 آب/أغسطس الجاري، على مدار يومين، مهرجان "الباذنجان" الفلسطينيّ، الذي يصنّف من أهمّ المحصولات الزراعيّة والتراثية التي تشتهر بها الأراضي الفلسطينيّة.

وكانت القرية قد حصلت في عام 2011 على جائزة "ميلينا مركوري" التابعة لـ"اليونسكو"، وذلك تقديراً لنجاحها في حفظ تراثها القديم وصيانته.

وأدرجت قرية بتير، التي يبلغ تعدادها السكانيّ 7 آلاف نسمة، في قائمة منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للتراث العالميّ المعرّض للخطر، في حزيران/يونيو من عام 2014 وتحديداً بعد الشروع في أعمال بناء الجدار العازل، ويخشى الفلسطينيّون أن تستأنف إسرائيل بناء الجدار العازل داخل قريتهم وتهديد مزارعهم، وذلك رغم حصولهم على قرار عام 2015 من المحكمة العليا الإسرائيليّة بوقف بناء الجدار داخل القرية.

وبدأت إسرائيل في أغسطس 2018، بشق طريق حول القرية وثلاث قرى أخرى غرب مدينة بيت لحم بهدف تسهيل مرور المستوطنين الإسرائيليين لمستوطنة "بيتار عليت" القريبة من القرية، وهو ما آثار مخاوف القرويين الفلسطينيين.

المهرجان، الذي أصبح تقليداً سنويّاً يعدّ فرصة لتسويق محصول الباذنجان الفلسطينيّ ومشتقّاته في السوق المحليّة، وكذلك الأسواق العالميّة. ولقد شهد المهرجان هذا العام حضوراً لافتاً لعشرات السيّاح الأجانب، وغالبيّتهم من الدول الأوروبيّة، والذين أقبلوا على شراء الباذنجان الفلسطينيّ المعلّب لاصطحابه إلى بلدانهم.

وأوضح رئيس المجلس القرويّ لقرية بتير حسن البطمة لـ"المونيتور" أنّ الهدف من المهرجان السنويّ هو تسويق المنتج الفلسطينيّ، وكذلك اطلاع الجهات الرسميّة والأهليّة التي تشارك فيه على الصعوبات والمعوقات التي يعاني منها المزارعون في القرية بهدف مساعدتهم في التغلّب عليها وتقديم الدعم المطلوب إليهم.

ولفت إلى أنّ مهرجان الباذنجان، الذي يعقد بشكل سنويّ في الفترة الممتدّة بين تمّوز/يوليو وآب/أغسطس من كلّ عام، يعدّ وجهة إلى الكثير من الفلسطينيّين من مدن الضفّة الغربيّة، وكذلك الفلسطينيّين الذين يقطنون في إسرائيل، وتحديداً في مدينة القدس، ناهيك عن وفود السيّاح الأجانب التي تقصد القرية لمشاهدة الآثار التي تحتويها.

وشدّد على أنّ الإقبال الكبير على شراء المحصول دفع بالمجلس القرويّ إلى مساعدة المزارعين عبر منحهم 12 ألف شتلة من الباذنجان المحسّن، والذي تمّ تهجينه هذا العام للمرّة الأولى في مشاتل زراعيّة خاصّة بهدف زيادة المحصول وتجويده.

وأوضح حسين القيسي، وهو أحد مزارعي قرية بتير، في حديث لـ"المونيتور"، أنّه تمكّن من بيع قرابة 70 كيلوغراماً من الباذنجان في أقلّ من 3 ساعة خلال المهرجان، وذلك من جرّاء الإقبال الكبير من قبل المواطنين والسيّاح على اقتناء المحصول، مشيراً إلى أنّ سعر الكيلو الواحد يتراوح بين 12 و15 شيكلاً (3.4- 4.2 دولار).

وأبدى انزعاجه من ضعف الدعم المقدّم إليهم من قبل وزارة الزراعة الفلسطينيّة، وتحديداً في جانب تأهيل قنوات الريّ، وكذلك تقديم الأسمدة العضويّة اللاّزمة للزراعة، والتي تكلّف المزارع مبالغ ماليّة كبيرة.

من جهته، قال المزارع حسن عوينة لـ"المونيتور": إنّ المهرجان أعاد اهتمام المستهلك المحليّ الفلسطينيّ باقتناء الباذنجان، الذي تتمّ زراعته في القرية بشكل خاص والأراضي الفلسطينيّة بشكل عام، ناهيك عن توفيره لعائد ماديّ مقبول للمزارعين، والذين وصلت أوضاعهم الماديّة خلال السنوات الأخيرة إلى مستويات صعبة.

ودعا الجهات الرسميّة الفلسطينيّة إلى القيام بخطوات ملموسة لتشجيع المزارعين وتثبيتهم في أرضهم، في وجه الاعتداءات الإسرائيليّة التي تتمّ بين حين وآخر، وتحديداً تخريب المحصولات من قبل المستوطنين الإسرائيليّين بهدف بناء بؤرة استيطانيّة جديدة والتي كان آخرها في ديسمبر 2018، إذا أقدم عشرات المستوطنين بوضع منازل متنقلة على أراضي القرية وذلك تحت حماية من الجيش الإسرائيلي، وكذلك العمل على حماية ذلك المنتج الذي وصفه بـ"الأثريّ".

وبيّن عضو مجلس إدارة جمعيّة "بتير التعاونيّة الزراعيّة خالد أبو حسن في حديث مع "المونيتور" أنّ الباذنجان الفلسطينيّ يعدّ أحد النباتات المفضّلة التي يطلب السائح تناولها عند زيارته للأراضي الفلسطينيّة، وتحديداً قرية بتير موطن زراعته، مشيراً إلى أنّ عدد السيّاح الذين يزورون القرية أصبحوا بعشرات الآلاف بعد ضمّ القرية إلى قائمة التراث العالميّ لافتاً إلى أنّ موسم الباذنجان يشكّل فرصة موسميّة للعاطلين عن العمل للمشاركة في زراعته وقطافه وبيعه.

وتشكّل المعوقات الإسرائيليّة لتسويق المنتج الفلسطينيّ بشكل عام والمنتوجات الزراعيّة بشكل خاص عقبة أمام تطوّر الاقتصاد الفلسطينيّ، إذ يتكبّد المزارع الفلسطينيّ خسائر فادحة في عمليّة نقل المنتج من مكان إلى آخر من جرّاء تلف المحصول قبل الوصول إلى أماكن تسويقه، وهو ما اضطرّ المزارعين إلى المشاركة في المهرجانات الزراعيّة، والحديث هنا لأستاذ التسويق الزراعيّ في جامعة الخليل طلعت أبو رجب الذي تحدّث لـ"المونيتور".



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...