أحمد
أبو عامر - المونيتور
مدينة
غزة، قطاع غزة – وقع وزير الجيش الإسرائيلي بني غانتس في 31 ديسمبر الماضي، أمراً
بمصادرة 2.6 مليون شيكل (830 ألف دولار أمريكي) تعود ملكيتها لحركة حماس في قطاع
غزة، وتقوم بإدارتها من خلال شركة للصرافة في غزة تسمى "المتحدون".
ونقلت
صحيفة إسرائيل
اليوم في 31 ديسمبر الماضي، عن مسؤولين في
وزارة الجيش الإسرائيلية قولها إن العملية تعد الأكبر في الاستيلاء على أموال حركة
حماس خلال السنوات الأخيرة من خلال العملات الرقمية.
وأوضحت
الصحيفة أنه تم الكشف عن شبكة التمويل في عملية مشتركة شاركت فيها مخابرات الجيش
الإسرائيلي، والمقر الوطني لمكافحة "الإرهاب" الاقتصادي في وزارة الجيش،
وقسم الجرائم الإلكترونية في وحدة الجرائم الكبرى "لاهاف" 443 بالشرطة
الإسرائيلية، ووحدة الإنترنت في مكتب المدعي العام.
عملية
مصادر الأموال التابعة لحركة حماس في العملات الرقمية تعد الثانية من قبل إسرائيل،
فقد صادرت
الأخيرة في يوليو الماضي 150 حساباً تعود لشركة المتحدون في غزة.
فيما
أعلنت
وزارة العدل الأمريكية في 10 أغسطس 2020، عن مصادرة 2.3 مليون دولار، من حسابات
عملات رقمية تابعة لثلاث جماعات وصفتها بـ"الإرهابية"، ومن ضمنها الجناح
المسلح لحركة حماس، في عملية وصفتها الأكبر في هذا الإطار.
مسؤول
في حركة حماس طلب عدم الكشف عن هويته قال لـ"المونيتور": "ليس كل
ما تعلن عنه إسرائيل بشأن العملات الرقمية صحيحاً، بل إن إسرائيل تبالغ في كثير من
الأحيان بشأن الأرقام المذكورة أو حتى الحسابات التي يتم الاستيلاء عليها".
وأضاف:
"لا ننكر أن بعض الحسابات المصادرة يتم استقبال التبرعات عبرها من كافة أنحاء
العالم، إلا أن جزءاً ليس بالقليل من تلك الحسابات هي لأشخاص لا علاقة لهم بحركة
حماس لا من قريب أو بعيد".
واعتبر
أن ما يجري هي عملية قرصنة إسرائيلية جديدة، مستبعداً أن تؤثر تلك الخطوة بشكل
كبير على الدعم الذي تستقبله الحركة من المناصرين من كافة أنحاء العالم، والذي
يشهد تصاعداً ملحوظاً لا سيما بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة والتي اندلعت في
مايو الماضي.
ورفض
المسؤول الحمساوي إعطاء رقم لحجم الأموال التي تلقتها حماس وجناحها العسكري من
خلال العملات الرقمية، مؤكداً أنها مبالغ ليست بالكبيرة كما تروج إسرائيل.
مراسل
"المونيتور" تواصل مع أشخاص في شركة "المتحدون" للصرافة لأخذ
موقفهم من الاتهام الإسرائيلي لهم بإدارة الحسابات التي صادرتها، إلا أنهم رفضوا
التحدث، وقال أحد العاملين في الشركة "لدينا قرار إداري بمنع الحديث لوسائل
الإعلام".
لجأت
حركة حماس ولأول مرة لاستخدام العملات الرقمية في نهاية يناير 2019، للتغلب على الحصار
المالي الذي تفرضه إسرائيل وبالتعاون من
غالبية دول العالم على تحويل الأموال أو جمع التبرعات التي كانت تصل لحركة حماس، وهو
ما أدخلها في ضائقة مالية خانقة تعاني منها إلى اليوم.
وأعلن
"أبو عبيدة" الناطق العسكري باسم الجناح المسلح للحركة كتائب عز الدين
القسام في 31 يناير 2019، عن بدء استقبال التبرعات
عبر عملة "البيتكوين"، ونشر رابط المحفظة التي يتم استقبال التبرعات
عبرها، الأمر الذي دفع بشركة بينانس (أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم) لإغلاق
المحفظة مرات عدة.
صحيفة
وول
ستريت جورنال نقلت عن مسؤول في حركة
حماس لم تكشف هويته في 2 يونيو 2021، قوله إن حماس شهدت زيادةً في التبرعات بعملة
البيتكوين منذ اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة
في مايو الماضي، وتحديداً للحسابات التابعة للجناح المسلح لحماس.
وأكد
المسؤول أنه "يتم استخدام بعض الأموال لأغراض عسكرية للدفاع عن الحقوق
الأساسية للفلسطينيين".
وزارة
الخزانة الأمريكية كانت قد أعلنت
في أغسطس 2019، أن الحرس الثوري الإيراني نقل للجناح المسلح لحركة حماس خلال
السنوات الأربع التي سبقت ذلك التاريخ 200 مليون دولار، وفرضت الخزانة عقوبات على
ثلاث شخصيات من حماس وحزب الله اتهمهم بأنهم مسؤولين عن التحويلات المالية لحماس.
فيما أعلنت إسرائيل وخلال السنوات الأخيرة عن
ضبط العديد من شبكات
تحويل الأموال لحركة حماس عبر البنوك،
الأمر الذي دفع الحركة في السنوات الثلاث الأخيرة للتوجه للعملات الرقمية في جمع
وتحويل الأموال كونها أسهل للمتبرعين وكذلك في إيصال الأموال للحركة.
أستاذ
الأسواق المالية في قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة النجاح الوطنية معاذ أسمر
استبعد في حديث مع "المونيتور" أن تنجح إسرائيل في إحباط جميع محاولات
حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى استخدام المنصات الرقمية وجمع الأموال عبرها.
وأرجع
الأسمر السبب في ذلك إلى السرية والتشفير العالي لتلك العملات، هذا بالإضافة إلى
أن حماس وغيرها من الأشخاص يمكنهم إنشاء آلاف الحسابات الرقمية لجمع وإدارة
الأموال تحت أسماء وعناوين مختلفة، وهو ما يصعب على إسرائيل السيطرة عليها
جميعاً.
وبين
أن إسرائيل وحتى شركات التداول الرقمي يمكنها الانتباه لأمر التحويلات المالية
لحماس عندما تصل الأموال إلى وجهتها النهائية فقط، مشيراً إلى أن حماس تقوم بشراء
بضائع وسلع بتلك العملات الرقمية وبيعها في بعض الأسواق العالمية والعربية ومن ثم
تحصل على ثمنها مقابل نقدي.
من
جانبه توقع المختص في الشؤون المالية ورئيس تحرير موقع "البوصلة نت"
الاقتصادي مصطفى رضوان في حديث مع "المونيتور" أن تجبي حماس مبالغ كبيرة
من خلال المنصات الرقمية، منوهاً إلى أن الجهة الوحيدة التي تعلم حجم تلك المبالغ
هي حماس فقط.
ورأى
رضوان أن الكثير من المتبرعين والداعمين لحماس والفصائل الفلسطينية يلجؤون إلى
إرسال الأموال عبر تلك المنصات الرقمية كونها أكثر أماناً ويصعب تعقب المتبرع، لا
سيما إذا كان التبرع عبر محافظ لحماس ولكنها غير معلن عنها بشكل رسمي.
الراجح
أن حماس ستواصل جمع الأموال عبر المنصات الرقمية، والتي رأت أنها ساحة جديدة لا
يمكن إغفالها في ظل الحصار المالي الذي تتعرض له منذ سنوات واضطر منذ عام 2014،
إلى صرف نصف
راتب أو أكثر بقليل لموظفيها في الحكومة
ومؤسساتها الخاصة.