أحمد أبو عامر - المونيتور
مدينة غزة، قطاع غزة: أثارت زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة في 9 مارس
الجاري، غضباً في أوساط حركة حماس التي انتقد الزيارة ورفضتها، فيما هاجم أنصار
الحركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا والتي تعد الأولى منذ
15 عاماً، جاءت بدعوة من أردوغان بهدف تحسين العلاقة بين الجانبين بعد أن شهدت نوعاً من
التراجع والقطيعة في بعض الأحيان جراء الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
حماس والتي تنظر لتركيا على أنها واحدة من أهم حلفائها
في المنطقة، عبرت عن بالغ قلقها من الزيارة، وقالت في بيان أصدرته في 9 مارس الجاري: "تابعت حماس بقلق بالغ زيارات
مسؤولي الكيان الصهيوني وقادته لعدد من الدول العربية والإسلامية، وآخرها زيارات
رئيس الكيان الصهيوني يتسحاق هرتسوغ لعدد من دول المنطقة".
وأضافت: "نعبر عن أسفنا من تلك الزيارات لأشقائنا
في الدول العربية والإسلامية، التي نعدها عمقاً استراتيجياً لشعبنا الفلسطيني
وقضيته الوطنية العادلة"، مشددةً على موقفها من الرافض لكل أشكال التواصل مع
إسرائيل.
تركيا تستضيف العدد الأكبر من قيادات حركة حماس وكوادرها وذلك بعد
توتر العلاقات بين الحركة والعديد من الدول العربية وفي مقدمتها مصر والأردن
وسوريا، ويأتي بحكم العلاقة الأيديولوجية بين الحركة والحزب الحاكم في تركيا كون
أن الطرفان مرجعيتهم الفكرية جماعة الإخوان المسلمين.
وخلال السنوات الماضية أفرد النظام التركي مساحات واسعة
للعمل للحركة، وتحديداً بعد توتر العلاقة بين إسرائيل وأنقرة جراء الحصار والحروب الإسرائيلية على
قطاع غزة، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى.
ودفعت حادثة قتل الجيش الإسرائيلي لعشرة من المتضامنين الأتراك في 31
مايو 2010، خلال محاولتهم كسر الحصار عن قطاع غزة عبر البحر، إلى وصول العلاقات
بين الجانبين حد القطيعة، وسحب السفراء وتعليق الاتفاقيات العسكرية بينهما، وهي
الحادثة التي جاءت في صالح حركة حماس التي عقد قادتها لقاءات رسمية مع الرئيس
التركي.
وأسفرت اللقاء الذي عقده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية
في أغسطس 2020، مع الرئيس التركي إلى منح عدد من قيادات حركة حماس في إسطنبول الجنسية التركية، وهي شخصيات تقول إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
إنهم نشطاء في الجناح المسلح لحماس ويخططون لهجمات ضد إسرائيل من تركيا.
وكشفت عدد من الصحف ووسائل الإعلام التركية في 15 فبراير
الماضي، أن السلطات التركية تسعى لطرد القيادات والنشطاء العسكريين لحماس والذين يتواجدون على
أراضيها، وذلك في إطار تقارب النظام التركي مع إسرائيل.
وسبق أن طردت تركيا نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والقائد
السابق في جناحها العسكري صالح العاروري من أراضيها بعد طلب إسرائيلي واتهام
العاروري بأنه يخطط ويدعم أنشطة مسلحة ضد إسرائيل، وهو ما دفع بالعاروري للتوجه إلى
قطر واستقر به المطاف في الضاحية الجنوبية لبيروت -معقل حزب الله-.
مسؤول في العلاقات الخارجية لحركة حماس طلب عدم الكشف عن
هويته ذكر لـ"المونيتور" أن موقف الحركة مبدئي في قضية التطبيع مع
إسرائيل وهو رفضه وانتقاد كل نظام عربي أو إسلامي يقوم به، وهو ما جرى مؤخراً مع
تركيا.
وأوضح المسؤول أن إسرائيل تسعى من خلال علاقاتها المتصاعدة
مع الأنظمة العربية والإسلامية وقف أي دعم سياسي أو مالي أو عسكري للفصائل
الفلسطينية المسلحة وفي مقدمتها حركة حماس.
ونفى طلب السلطات التركية من كوادر الحركة خلال السنوات
الأخيرة أو حتى بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي مغادرة الأراضي التركية حتى اللحظة،
مشيراً إلى أنه لا أنشطة لحماس تخالف قوانين البلدان التي تتواجد بها.
ولم يجزم المسؤول بألا تنعكس المباحثات والاتفاقيات بين
السلطات التركية وإسرائيل خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي على تواجد قيادات وكوادر
الحركة هناك، قائلاً: "علينا أن ننتظر قليلاً لنرى ما هي النتيجة التي
أحدثتها تلك الزيارة".
هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" ذكرت في 10
مارس الجاري، أن الرئيس هرتسوغ طلب من الرئيس أردوغان العمل ضد نشطاء حركة حماس على
الأراضي التركية، مشيرةً إلى أن إسرائيل طرحت هذه القضية عدة مرات في الماضي.
الفلسطينيون بمن فيهم نشطاء في حركة حماس هاجموا زيارة
الرئيس الإسرائيلي لأنقرة، وغردوا على هاشتاجات #التطبيع_خيانة و#فلسطين_قضيتي، والتي حمل عبارات قاسية ضد تركيا والرئيس التركي.
فيما نشر رسام الكاريكاتير المقرب من حركة حماس بهاء
ياسين كاريكاتيراً ينتقد فيه الزيارة، والذي اعتبر فيها أن تركيا تشارك
إسرائيل في الاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون وتحديداً في مدينة القدس.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة تيسير
محسين استبعد في حديث مع "المونيتور" أن تؤثر زيارة الرئيس هرتسوغ على
موقف الدولة التركية تجاه القضية الفلسطينية وتواجد الفلسطينيين على أراضيها بمن
فيهم قادة ونشطاء حركة حماس.
واعتبر محيسن أن التخوفات التي تنظر إليها حركة حماس
بشأن الزيارة مشروعة لا سيما في ظل تقليص وجود الحركة في العديد من الدول العربية،
واقتصار تواجدها الأساسي في تركيا وقطر.
من جانبه، رأى المحلل السياسي المقرب من حركة حماس
والكاتب في صحيفة فلسطين المحلية إياد القرا في حديث مع "المونيتور" أن
الضغوط الإسرائيلية على تركيا وبلدان عربية عدة بشأن تواجد حركة حماس على أراضيها
لم يتوقف يوماً.
واستبعد القرا في الوقت ذاته، أن تقدم تركيا على تقليص
تواجد قيادات ونشطاء حركة حماس على أراضيها، وذلك أن موقف هكذا سيؤثر على صورة
وحضور تركيا في القضية الفلسطينية والمنطقة العربية.