أحمد أبو عامر - المونيتور
قطاع غزة، مدينة غزة – أثار إعلان حركة حماس في 15 سبتمبر الجاري، إعادة علاقتها بالنظام السوري حالة من الجدل داخل حركة حماس وخارجها، ووصل الأمر إلى المنطقة العربية برمتها التي انقسمت بين مؤيدة لقرار حماس بالعودة وأخرى معارضة.
حماس التي خرجت من سوريا نهاية عام 2011، في أعقاب
اندلاع الصراع الداخلي، شهدت علاقاتها بالنظام السوري حالة من القطيعة في أعقاب دعم قيادات من حماس لمطالب الشعب السوري في الإصلاح، على الرغم من عدم إنكار الحركة للدعم الذي كان يقدم لها من النظام السوري.
مواقف حماس التي كانت تتواجد على الأراضي السورية بقيادة
خالد مشعل أغضبت النظام السوري الذي اعتبر مواقف حماس طعنة له في الظهر،
وقام بمصادرة جميع ممتلكاتها في سوريا، وسجن عدد من كوادرها،
وانسحب الأمر إلى حلفاء سوريا وتحديداً إيران وحزب الله الذين غضبوا أيضاً من
مواقف حماس، وأوقفت إيران دعمها المالي للحركة.
بعد سنوات رأت حماس أنها خسرت بعض الحلفاء والدعم المالي
والعسكري، فانتهجت قيادة الحركة الجديدة التي انتخبت عام 2017، سياسة الانفتاح وترميم علاقاتها مع حزب الله وإيران، وهو ما دفع
بالأخيرة إلى إعادة الدعم المالي والعسكري في مارس 2019، فيما نجح حزب الله
وإيران في تقريب وجهات النظر بين قيادة حماس الجديدة والنظام السوري حتى وصلت إلى
إعلان حماس عودة العلاقات منتصف سبتمبر الجاري.
مسؤول في مكتب العلاقات العربية لحركة حماس وأحد
المشاركين في المباحثات التي أفضت لعودة العلاقات مع النظام السوري طلب عدم
الإفصاح عن هويته كشف لـ"المونيتور" أن قرار عودة العلاقات مع النظام
السوري اتخذ بالإجماع داخل قيادة حماس السياسية والعسكرية ومجلسها الشورى العام،
وذلك بعد نقاشات داخلية منذ أشهر طويلة.
وأكد المسؤول أن النظام السوري رحب بعودة العلاقة، إلا
أنه أبدى فيتو على عودة بعض قيادة حماس التي خرجت من دمشق في بداية الأزمة السورية
وتحديداً خالد مشعل، متوقعاً أن يزور وفد من قيادة حماس دمشق خلال الفترة القريبة
المقبلة.
النظام السوري الذي يلتزم الصمت حتى الآن بشأن إعلان
حماس عودة العلاقات معه، انبرت بعض الصحف السورية التابعة له على مهاجمة الحركة
مجدداً، ونشرت صحيفة الوطن مقالاً مطولاً في 18 سبتمبر الجاري، للكاتب السوري فراس
ديب جاء فيه: "بعد غدرها بالسوريين باتت -حماس- كرتاً يتقاذفهُ من يريد تسجيل
النقاط لا أكثر"، مضيفاً: "الدولة السورية ليست بوارد الرفض أو القبول،
حماس ليست دولة ليتم تبادل سفراء معها، هي مجرد تنظيم يجب النظر إليها من هذا
الباب لا أكثر".
منصات التواصل الاجتماعي عكست حالة الجدل داخل قواعد
حماس وحتى بين أنصارها في الدول العربية من قرار العودة، فقد تبرأ
عيسى الجعبري القيادي في حركة حماس والوزير السابق في الحكومة الفلسطينية
من قرار العودة، وقال: "إني أبرأ إلى الله تعالى مما قررته حركة حماس بشأن
إعادة علاقتها بالنظام السوري المجرم".
كما وانتقد المحلل السياسي المقرب من حركة حماس صالح
النعامي على حسابه عبر تويتر قرار العودة قائلاً: "قرار حماس إعادة العلاقة مع
نظام الطاغية الصغير بشار أسد خطيئة أخلاقية يعكس خلل الأولويات الإستراتيجية
وتخبط سياسي لدى الحركة، هذا القرار لا يتعارض فقط مع سقف توقعات الأمة من الحركة
بل لا يعبر أيضا عن موقف قواعد الحركة والأغلبية الساحقة من نخبها".
أما رئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين المقربة من حماس
مصطفى الصواف فأيد إعادة العلاقات مع النظام السوري، وقال لـ"المونيتور":
"حماس تحاول استثمار الوضع القائم في سوريا، فإيران التي لها تواجد قوي هناك
يمكنها مساعدة الحركة في تسليح الضفة الغربية".
لا يبدو أن العلاقات بين حماس والنظام السوري ستعود كما
كانت عليه قبل اندلاع الصراع الداخلي السوري، فالنظام الذي استجاب لضغوط أبرز
حلفائه -إيران وحزب الله- لا يبدو أنه سيغفر لقيادة حماس مواقفها من الأزمة
السورية.