المحرّر
علان: لا قيمة لأيّ صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل لا تشمل الإفراج عن الأسرى المرضى
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزة، قطاع غزة – اعتبر الأسير الفلسطينيّ المحرّر محمّد
علان، الّذي خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمرّ 66 يوماً أنّ أيّ صفقة تبادل
للأسرى بين المقاومة الفلسطينيّة وإسرائيل لا قيمة لها، إذا لم تشمل الأسرى المرضى والقدامى، والّذين يعانون في شكل كبير
نتيجة ظروف احتجازهم في المعتقلات الإسرائيليّة.
وكشف في حديث
لـ"المونيتور" أنّ قرار خوضه للإضراب أقدم عليه بقناعة ودراسة مسبقة،
ويعلم تبعات ذلك القرار الّذي كاد أن يودي بحياته، مشدّداً على أنّه لن يتردّد
للحظة واحدة في العودة إلى الإضراب عن الطعام إذا أعاد الجيش الإسرائيليّ اعتقاله إداريّاً.
ويعدّ علان واحداً من بين عدد
قليل من الأسرى الفلسطينيّين، الّذين خاضوا إضرابات مفتوحة عن الطعام بسبب ظروف
احتجازهم، وهو الأمر الّذي كاد أن يودي بحياة بعضهم.
والأسير المحرر محمّد علان من مواليد 5 أغسطس 1984، ويسكن في
مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، أعزب، ويعمل في مهنة المحاماة.
المونيتور: ما هي أسباب اعتقالك من قبل الجيش
الإسرائيليّ؟ وهل وجّهت إليك أيّ تهم رسميّة؟
علان: اعتقلت من قبل الجيش الإسرائيليّ ثلاث مرّات، الأولى
كانت في عام 2006، حيث اقتحم عشرات الجنود منزلي في قرية عينابوس بنابلس واقتادوني
إلى مكتب المحاماة الخاص بي، وقاموا بتفتيشه وإتلاف محتوياته، واقتادوني بعد ذلك
إلى سجن مجدو لأمضي ثلاث سنوات ويطلق سراحي في 31 مارس 2009. أمّا اعتقالي الثاني
فكان في عام 2011، وبقيت في السجن 50 يوماً. واعتقالي الثالث كان في 6 تشرين
الثاني/نوفمبر من عام 2014، حيث لم توجّه السلطات الإسرائيليّة إليّ أيّ تهمة.
وطوال فترة اعتقالي، لم أسأل إلاّ سؤالين فقط، هما: لماذا لم أتزوّج حتّى اليوم؟
وهل أشكّل خطراً على دولة إسرائيل؟. ثمّ قامت المخابرات الإسرائيليّة بتحويلي
للاعتقال الإداريّ لمدّة ستّة أشهر في 11 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014. ومع
قرب إنتهاء الـ6 أشهر، قامت مصلحة السجون الإسرائيليّة بتمديد الإعتقال الإداريّ
بحقّي 6 أشهر جديدة، بدأت في 5 أيّار/مايو من عام 2015 على أن تنتهي في 4 تشرين
الثاني/نوفمبر من عام 2015. وأيضاً، جاء التّمديد من دون أسباب. ورفضت المحكمة
الاستئناف الّذي تقدّمت به من خلال محام فلسطينيّ لعدم تمديد اعتقالي الإداريّ.
المونيتور: لماذا شرعت في الإضراب عن الطعام أثناء فترة
اعتقالك؟
علان: بعد تمديد اعتقالي إداريّاً لـ6 أشهر جديدة ونقلي
إلى سجن النقب الصحراويّ في جنوب إسرائيل شعرت بأنّ كرامتي أصبحت ممتهنة، وبأنّه
يتمّ التّعامل معي وفق أهواء أناس عاديّين، وليس من حقّي أن أمارس حياتي في شكل طبيعيّ،
فشعرت بنوع من الذلّ والعبوديّة.
طرقت أبواب المحاكم الإسرائيليّة أكثر من مرّة
لوقف الإعتقال الإداريّ والإفراج عنّي، ولكن من دون جدوى، فإنّ القضاة
الإسرائيليّين هم عبارة عن دمية يحرّكها جهاز الشاباك الإسرائيليّ، ولم يتبقّ أمامي إلاّ
الدخول في الإضراب عن الطعام. وبعد إعلاني في شكل رسميّ الإضراب بتاريخ 17 يونيو
2015، نقلت إلى العزل الانفراديّ في سجن إيل في بئر السبع بجنوب إسرائيل، ثمّ نقلت
إلى سجن إيشل.
وبعد تدهور وضعي الصحيّ في منتصف فترة الإضراب، نقلت إلى مستشفى
الرملة. وعندما أصبحت بين الحياة والموت، نقلت إلى وحدة العناية المكثّفة في
مستشفى برزيلاي بجنوب إسرائيل، وذلك في 10/8/2015.
المونيتور: كيف تعاملت معك سلطات السجون الإسرائيليّة
أثناء الإضراب؟ في تمّوز/يوليو، صادق الكنيست على قانون
يسمح للحكومة بإجبار المضربين عن الطعام بالتغذية القسريّة إذا تعرّضت حياتهم
للخطر، فهل سبق لك أن تعرّضت للتغذية القصريّة؟
علان: إنّ تعامل مصلحة السجون الإسرائيليّة معي، هي كما
تعاملها مع أيّ أسير فلسطينيّ، شتم وإهانات وأحياناً ركل وضرب، وضغوط نفسيّة
وجسديّة.
لقد تعرّضت لأكثر من مرّة خلال فترة الإضراب عن الطعام إلى تفتيش عار من
قبل السجّانين الإسرائيليّين، وهدّدت أكثر من مرّة بأنّني سأتعرّض للتغذية
القسريّة إن لم أنه إضرابي عن الطعام، وكانت أولى تلك التّهديدات في 7 آب/أغسطس
الماضي، بعد أن أعلنت مصلحة السجون الإسرائيليّة عن نيّتها تقديم طلب إلى المحكمة
الإسرائيليّة للمباشرة بتطبيق قانون التغذية القسريّة، الّذي أقرّه الكنيست في
تمّوز/يوليو الماضي، إلاّ أنّ ذلك الطلب لم ينفّذ.
وبعد الضغوط الداخليّة
والخارجيّة الّتي تعرّضت لها إسرائيل في ما يتعلق بقضيّة تغذيتي قسريّاً، قرّروا
نقلي من مستشفى سوروكا حيث كنت أمكث، إلى مستشفى برزيلاي، أملاً في أن يقوم أطباؤه
بإجراء فحوص طبيّة إجباريّة لي ومحاولة تغذيتي قسريّاً، بعد أن رفض الأطباء في
مستشفى سوروكا فعل ذلك.
المونيتور: ما هي بنود الصفقة الّتي أجريتها مع مصلحة
السجون الإسرائيليّة للإفراج عنك؟
علان: أبرمت خلال فترة اعتقالي الأخير صفقتين، وتمّ
الإخلال بهما من قبل مصلحة السجون الإسرائيليّة. الأولى: كانت إنهاء إضرابي عن
الطعام مقابل إكمال فترة إعتقالي، ثمّ الإفراج عنّي وعدم تجديد إعتقالي إداريّاً،
ولكنّي رفضت ذلك، وطالبت بالحريّة الكاملة، واستمررت في الإضراب حتّى رضخت المحكمة
الإسرائيليّة وقمت بإنهاء إضرابي بتاريخ 19 أغسطس 2015، وفضّل أهلي أن أبقى في
المستشفيات الإسرائيليّة أتلقّى العلاج لفترة من الوقت. وعندما شاهد الإسرائيليّون
وضعي الصحيّ قد تحسّن، ولضغوط في الشارع الإسرائيليّ الّذي كان ينظر إلى القضيّة
على أنّ فلسطينيّاً استطاع الانتصار على دولة، أعادوا اعتقالي.
الثانية: بعد أن شرعت في إضرابي الثاني بتاريخ 16 سبتمبر
2015 عقب اعتقالي من مستشفى إسرائيلي، وخلال 3 أيّام تدهور وضعي الصحيّ في
الإضراب لأنّني لم أتعاف جسديّاً من آثار الإضراب الأوّل، وعرضت عليّ المحكمة
الإسرائيليّة ضمانات عدّة للإفراج عنّي فور انتهاء مدّة اعتقالي وعدم تجديد
اعتقالي إداريّاً. وعندما رأت ألاّ مبرّر لاستمرار اعتقالي أفرجت عني، وأصبحت حراً
في 4 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2015.
المونيتور: إذا اعتقلك الجيش الإسرائيليّ مرّة أخرى، فهل
ستعود إلى الإضراب عن الطعام مجدّداً؟
علان: بكلّ تأكيد، لن أتردّد مطلقاً في العودة إلى
الإضراب عن الطعام إن تمّ اعتقالي مجدّداً، وهذا لا يعني أنّني أعشق الإضراب عن
الطعام، بل سألجأ قبل ذلك إلى كلّ الطرق الأخرى، كما فعلت من قبل للحيلولة دون
اعتقالي إداريّاً مجدّداً، ولكن إن لم تنجح الطرق الأخرى فسأعود إلى الإضراب، وأنا
بكامل الجهوزيّة النفسيّة والعقليّة أنّني قد أفقد حياتي بسببه.
المونيتور: ما هي رسالة الأسرى إلى الشعب الفلسطينيّ
والفصائل والقيادة الفلسطينيّة؟
علان: الأسرى يعلمون جيّداً أنّ ما قدّموه من تضحيات وما
يواجهونه من اعتقال هو بسبب مقاومتهم للإحتلال الإسرائيليّ، ولكن الشعور الّذي
ينتابهم أنّ القيادة والفصائل الفلسطينيّة مقصرتان في حقّهم وفي الإفراج عنهم، لا
سيّما المرضى منهم. الأمّة الّتي تنسى أسراها في السجون لا تستحقّ أيّ حريّة أو
أيّ كرامة، وأيّ صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينيّة وإسرائيل لا تشمل
الأسرى المرضى تحديداً لا قيمة لها.
المونيتور: كيف تنظر وينظر الأسرى إلى إنتفاضة الشعب الفلسطينيّ؟
علان: حال من الارتياح الممزوج بنوع من الخوف على
الإنتفاضة الفلسطينيّة، يأملون أن تحقّق تلك الإنتفاضة ما عجزت المفاوضات عن
تحقيقه، إضافة إلى أملهم في أن تنجح هذه الإنتفاضة في رأب الصدع والإنقسام
الفلسطينيّ الداخليّ الّذي دخل عامه التاسع.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2015/11/palestinian-prisoner-released-swap-deal-israel-hunger-strike.html#ixzz6Exsr8jsu
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2015/11/palestinian-prisoner-released-swap-deal-israel-hunger-strike.html#ixzz6Exsr8jsu