الخميس، 31 ديسمبر 2015


"المصالح مقدّمة على المبادئ "... قاعدة سياسيّة يخافها الفلسطينيّون هذه الأيّام
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أثارت التسريبات الإسرائيليّة التي نشرتها عدة وسائل إعلامية بتاريخ 17 كانون الأوّل/ديسمبر 2015 حول تخلّي تركيا عن شرط رفع الحصار الإسرائيليّ المفروض على قطاع غزّة منذ 9 سنوات عام 2006، مقابل عودة العلاقات بين الجانبين والتي تأثّرت في شكل كبير عقب الهجوم الإسرائيليّ على سفينة "مافي مرمرة" في 31 أيّار/مايو 2010 والتي جاءت ضمن "أسطول الحريّة 2" لكسر الحصار المفروض على قطاع غزّة، حفيظة الشارع الفلسطينيّ بين قلق من تلك التسريبات ومشكّك فيها.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة عدّة كالقناة العاشرة في 17 كانون الأوّل/ديسمبر 2015 أنّ لقاءات عدّة جرت بين الجانبين في السويد أفضت إلى التوصّل إلى اتّفاق يقضي بتقديم إسرائيل اعتذاراً عن الهجوم على السفينة التركيّة ، والذي أدّى إلى مقتل تسعة أتراك وإصابة عدد آخر، إضافة إلى تقديمها تعويضات لأسر الضحايا الأتراك تقدّر بـ20 مليون دولار وتخلّي تركيا عن شرطها الثالث لعودة العلاقات، والمتمثّل في رفع الحصار الإسرائيليّ عن قطاع غزّة -المشار إليه في الفقرة السابقة-، وهو ما نفته تركيا.

وأكّد أكثر من مسؤول تركيّ في مقدّمتهم رئيس الوزراء التركيّ أحمد داوود أوغلو ونائب رئيس الحكومة التركيّة نعمان كورتولموش أنّ تركيا لن تتخلّى عن شرطها رفع الحصار مقابل عودة العلاقات مع إسرائيل، مشيرين إلى أنّ المباحثات لا تزال مستمرّة بينهم وبين الإسرائيليّين.

وأوضح أوغلو في كلمة أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان التركيّ في 22 كانون الأوّل/ديسمبر 2015 أنّ المحادثات مع إسرائيل تتطوّر في صورة إيجابيّة، لكن لم يتمّ التوصّل إلى نتيجة نهائيّة، وهي التصريحات ذاتها التي ذكرها نائب رئيس الوزراء التركيّ في لقاءات صحافيّة عدّة.

وجدّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في 21 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري موقف حكومته من أنّه لا تغيير في سياسة فرض الحصار البحريّ على قطاع غزّة، على الرغم من المفاوضات الجارية لإعادة تطبيع العلاقات مع تركيا.
انقسم الشارع الفلسطينيّ، والذي ينظر إلى تركيا على أنّها إحدى أكثر الدول في المنطقة التي تقف إلى جانبه، هو الآخر في 

مواقفه بين مشكّك في تلك التسريبات الإسرائيليّة ومقتنع بأنّ تركيا في سبيل تحقيق مصالحها، يمكن أن تتخلّى عن شرطها رفع الحصار أو على الأقلّ تخفيفه في ظلّ الأوضاع التي تعيشها وتوتّر العلاقات بينها وبين دول عدّة، آخرها روسيا، عقب اسقاط تركيا طائرة روسية اخترقت أجوائها من الجانب السوري بتاريخ 24 نوفمبر 2015.

أبدى وجدي المنيراوي (21 عاماً)، وهو طالب جامعيّ من مدينة غزّة في حديث إلى "المونيتور" قناعته بأنّ تركيا لا يمكن لها أن تتخلّى عن شرط رفع الحصار الإسرائيليّ عن غزّة مقابل عودة العلاقات، كون القضيّة الفلسطينيّة تشكّل لتركيا أولويّة في علاقاتها الخارجيّة مع الدول.

وأشار إلى أنّهم كفلسطينيّين تعوّدوا على سياسة التسريبات الإسرائيليّة وبثّ الأخبار المفبركة بهدف إحباط الشارع الفلسطينيّ، وخلق جوّ من العداء بينه وبين الأتراك، الذين كانوا وما زالوا في طليعة الداعمين سياسيّاً ومادّيّاً ومعنويّاً للفلسطينيّين.

وقالت الممرّضة تالين يوسف (32 عاماً) من مدينة غزّة في حديث إلى "المونيتور" إنّها لم تتفاجأ من التسريبات الإسرائيليّة حول تخلّي تركيا عن شرط رفع الحصار مقابل عودة العلاقات، وذلك لقناعتها في أنّ مصالح كلّ دول مقدّمة على كلّ شيء.

ورأت أنّ الكثير من الدول في العالم تتّخذ من القضيّة الفلسطينيّة ورقة تحاول من خلالها أن تقول لشعوبها إنّها تناصر المظلومين الفلسطينيّين في وجه إسرائيل، ولكن في حقيقة الأمر، هي تقيم علاقات قويّة مع إسرائيل في صورة سريّة.

وعبّر مدير هيئة الإغاثة الإنسانيّة التركيّة "IHH" التي تعمل في قطاع غزّة محمّد كايا "للمونتيور" رفض مؤسّسته أيّ اتّفاق قد يبرم بين بلده تركيا وإسرائيل من دون أن يتحقّق شرط رفع الحصار عن قطاع غزّة.

وأوضح كايا أنّه يلمس القلق في الشارع الفلسطينيّ من تلك التصريحات التي تشاع حول تخلّي تركيا عن شرط رفع الحصار، مشيراً إلى أنّ إسرائيل تزعم باستمرار أنّها لا تفرض حصاراً على غزّة وأنّها تدخل البضائع وتسمح بالحركة للسكّان، منوّهاً بأنّ تلك الادّعاءات الإسرائيليّة حول تخفيف الحصار لا أساس لها من الصحّة.

ولفت إلى أنّ جهود هيئة الإغاثة التركيّة كان هدفها منذ البداية -2009- وتحديداً منذ تسيير أسطول الحريّة حتّى الهجوم عليه، كسر الحصار الإسرائيليّ على غزّة، منوّهاً بأنّه لا مانع لديهم كأتراك من عودة العلاقات إذا ما رفع الحصار وأعيد بناء قطاع غزّة وأقيم مطار وميناء له.

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر في غزّة مخيمر أبو سعدة في حديث إلى "المونيتور" أنّ الذي يحكم العلاقات بين الدول هو المصالح وليس المبادئ، موضحاً أنّ تركيا أصبحت معزولة إقليميّاً وعلاقاتها سيّئة مع دول عدّة، كان آخرها روسيا.

وأشار إلى أنّ إسرائيل لا ترى أيّ إشكال في الاعتذار من تركيا ودفع تعويضات جرّاء ما جرى للسفينة "مافي مرمرة"، إلّا أنّها ترفض في شكل تامّ قضيّة رفع الحصار عن غزّة، لأنّها تعتبر رفعه مساساً بالأمن القوميّ الإسرائيليّ، وتضع الذرائع لذلك.

وتوقّع أبو سعدة أن يكون هناك تخفيف للحصار وليس رفعه في شكل كلّيّ، مبيّناً أنّ الشارع الفلسطينيّ لن يهمّه كثيراً تخلّي تركيا عن شرط رفع الحصار كون الشارع الفلسطينيّ يغرق في مشاكل شتّى، اقتصاديّة وسياسيّة وغيرها، وإن بدا عليه نوع من الإحباط من الموقف التركيّ.

أمّا المتخصّص في الشأن التركيّ أنور عطا الله فقال في حديث إلى "المونيتور" إنّ "رئيس الوزراء التركيّ ونائبه أكّدا في تصريحات متعدّدة لهما خلال الأيّام الماضية إنّهما لن يتخلّيا عن مطلب رفع الحصار عن غزّة"، مشدّداً على أنّ تركيا ستأخذ في الاعتبار المطالب الفلسطينيّة، ومستعبداً أن تتنكّر تركيا في شكل كامل لمطلب رفع الحصار كما يروّج الإسرائيليّون.

وتوقّع أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة توقيعاً رسميّاً للاتّفاق الذي تجري حوله المباحثات بين الطرفين هذه الأيّام، مبدياً قناعته بأنّ الشارع الفلسطينيّ سيلحظ تغيّراً جذريّاً في قضيّة الحصار بعد توقيع الاتّفاق.

"لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة"، قاعدة سياسيّة أخرى تدلّل على أنّ العلاقات بين تركيا وإسرائيل في طريقها إلى إعادة التطبيع، لا سيّما في ظلّ الظروف التي تعيشها تركيا وازدياد الأعداء من حولها وحاجتها إلى الغاز الإسرائيليّ، بعد توقّف مشروع الغاز الروسيّ مع تركيا عقب تصاعد الخلافات بين الجانبين في أعقاب اسقاط الطائرة الروسية.



الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015


قلق إسرائيلي من انخراط عناصر أمنية فلسطينية في عمليات مسلحة
أحمد أبو عامر – المونيتور

رام الله، الضفة الغربية - باتت إسرائيل على قناعة تامة أن عناصر وأدوات جديدة في طريقها للدخول بالأحداث التي تشهدها الضفة الغريبة، لا سيما بعد قتلها لمازن عربية العنصر في الاستخبارات الفلسطينية والذي اتهمته بإطلاق النار على حاجز "حزما" العسكري الإسرائيلي شمال شرق القدس أصيب خلاله جندي إسرائيلي في 3 ديسمبر الجاري، حيث تقدم عربية نحو الحاجز وأشهر سلاحه وأخذ بإطلاق النار تجاه الجنود الذين ردوا عليه بالمثل وفق الرواية الإسرائيلية، فيما لم تؤكد الحادثة أي جهة فلسطينية كون المنطقة التي جرى فيها اطلاق النار إسرائيلية.

تلك الحادثة والتي تعد الأولى من نوعها خلال الهبة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية أثارت المخاوف الإسرائيلية من انخراط بعض عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية والذين يمتلكون السلاح بين أيدهم في الأحداث الجارية بالضفة الغربية، وقيامهم بتنفيذ عمليات مسلحة، الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية إلى رفض توصيات الجيش الإسرائيلي قبل تلك الحادثة بأيام وتحديداً في الـ 25 من نوفمبر 2015 بتزويد أجهزة السلطة الأمنية بالسلاح والذخيرة لاستخدامها في ضبط الأوضاع الميدانية في الضفة ومواجهة أي تطورات أمنية قد تحدث من قبل المتظاهرين الفلسطينيين.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية في 5 ديسمبر 2015 أن القلق يهيمن على أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية في أعقاب حادث حزما، وأشارت الصحيفة أن أجهزة السلطة الفلسطينية أبلغت إسرائيل نيتها فتح تحقيق في الحادث واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تكراره، وهو ما نفاه الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية "للمونيتور".

ووفقاً للصحيفة فإن أجهزة السلطة الأمنية ستقوم بالتحقيق السريع في الحادث، والعمل على مراقبة عناصرها عن كثب من خلال وحدات داخلية، وذلك للإسراع بإحباط أي عمليات محتملة ضد إسرائيل، فيما يسود اجماع داخل قيادة القوات الأمنية على اعتقال كل من يفكر بتنفيذ هذه العمليات على اعتبار أن احتواء الموقف الأمني هو بمثابة مصلحة فلسطينية عليا.

الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري اتهم في حديث خاص مع "المونيتور" "إسرائيل بممارسة التحريض ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ سنوات عبر طريقين هما: تحريض في الإعلام من أجل إيصال صورة مشوهة عن الأجهزة الأمنية الفلسطينية للرأي العام الغربي والأجنبي، بالإضافة إلى اقتحامها للمدن الفلسطينية الخاصة للسيطرة الفلسطينية دون سابق إنذار أو تنسيق في بعض الأحيان وهو ما يسبب للأجهزة الأمنية الإحراج أمام المواطن الفلسطيني لعدم قدرتها على منع تلك الاقتحامات".

وحول حادثة قتل الجيش الإسرائيلي لعنصر في الاستخبارات الفلسطينية أوضح الضميري أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي من أذاعت خبر مقتل العنصر الأمني الفلسطيني، ولم تشرك الأجهزة الأمنية الفلسطينية في التحقيق، مشدداً على أن حوادث اطلاق النار على العديد من المواطنين الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي هي رواية إسرائيلية فقط لم تؤكدها جهات أخرى. –وذلك في إشارة منه إلى أن إسرائيل تختلق ذرائع لقتل الفلسطينيين، وترفض مشاركة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في التحقيقات حول تلك الحوادث-.

واعتبر أن إسرائيل تحاول ايجاد مبررات لتدمير المؤسسات الفلسطينية كما فعلت في عام 2002 خلال اجتياحها العسكري للضفة الغربية، بسبب العمليات التفجيرية القوية التي نفذتها فصائل فلسطينية انطلاقاً من الضفة الغربية آنذاك، بالإضافة إلى رفض إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بإدخال معدات وأسلحة عسكرية تبرعت بها العديد من الدول العربية وروسيا لعناصر السلطة وأهمهما 50 مدرعة موجودة في الأردن حتى اليوم كانت بتبرع من روسيا، وترفض إسرائيل إدخالها ناهيك عن المعدات التي لا تعد قتالية كسترات واقية للرصاص.

ونبه الضميري إلى أن الأجهزة الأمنية هي قوات نظامية وليست مليشيا، تأتمر بما يمليه عليها المستوى السياسي الفلسطيني (رئاسة السلطة والحكومة)، وشدد على أنه هدفهم في النهاية هو حماية المواطن الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة. حيث تقتصر مهام الأجهزة الأمنية الفلسطينية على فرض الأمن والنظام وحل النزاعات بين السكان في مدن الضفة الغربية، فيما تلتزم مقراتها الأمنية في حال اقتحم الجيش الإسرائيلي لتلك المدن.

أحد العناصر الأمنية الفلسطينية والذي يعمل في جهاز الأمن الوطني وفضل عدم الكشف عن هويته اعتبر في حديث "للمونيتور" أن مشاعر الغضب على الجيش الإسرائيلي وممارساته تجاه الفلسطينيين بدأت تزداد في الآونة الأخيرة بين العناصر الأمنية، وتحديداً مع تصاعد عمليات اعدام الفلسطينيين بحجة تنفيذ عمليات طعن.

وبين أن العديد من العناصر يمتنعون بشكل قهري من اطلاق النار حتى في الهواء أثناء تشيع جنازات أقاربهم الذين يقتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي خوفاً من العقاب الذي ينتظرهم، مشيراً إلى أنه لا يحدث حتى مجرد حديث جانبي بين العناصر الذي يعمل معهم أن أحدهم يريد تنفيذ أي عمل مسلح تجاه الجيش الإسرائيلي.

وفي ذات السياق، اعتبر العديد من المحللين الإسرائيليين أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بدأت مرحلة التفكك وما حادثة اطلاق النار التي قام بها عنصر الاستخبارات الفلسطيني على حاجز حزما إلا نقطة تحول هامة وبداية التفكك في تلك السلطة، بالإضافة إلى امتناع السلطة الفلسطينية عن إدانة الحادثة التي قام بها عربية.

وتساءل محلل الشئون الفلسطينية في موقع "واللا" الإسرائيلي آفي يسخاروف عن سبب عدم إدانة السلطة للعملية قائلاً في مقاله الذي نشر بتاريخ 8 ديسمبر 2015 "هل لم تعد السلطة تعارض عمليات من تنفيذ عناصر منظمة التحرير وأجهزتها الأمنية؟"، مشيراً إلى أن الخوف الذي يقلق إسرائيل هو قيام عناصر أمنية فلسطينية وبشكل فردي بتنفيذ عمليات توقع عدد كبير من القتلى والجرحى الإسرائيلي.

أما المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل فرأى في حديث مع "المونيتور" أن انخراط عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الأحداث أمر وارد ولكن بشكل فردي وليس منظم، وهو أمر لا ترغبه السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى قناعة إسرائيل أن ما حدث في حاجز حزما وما قد يحدث مستقبلاً هي أعمال فردية.

وبرر عوكل انخراط بعض العناصر في الهبة إن حدث مستقبلاً بسبب حالات القتل والاعتقال والتنكيل التي تطال أقارب عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية من قبل الجيش الإسرائيلي، موضحاً أن القرار في هذه الحالات فردي وليس رسمي، فالسلطة لا ترغب بتصعيد الأمور والدليل على ذلك أن التنسيق الأمني بين الجانبين ما زال فعالاً.

وبين المحلل السياسي أن التخوفات الإسرائيلية هي في اطار التحريض على الأجهزة الأمنية والسلطة وخلق المزيد من المبررات لاستخدام قوة عسكرية أكبر تجاه الشباب الفلسطينيين الذين يشاركون في الهبة.

وتبقى المشاركة الفعلية للأجهزة الأمنية الفلسطينية في هذه الهبة مقتصراً على عملها اليومي الاعتيادي من فرض الأمن والنظام وحل النزاعات بين السكان، بالإضافة إلى حماية المستشفيات الفلسطينية وذلك بعد أن أقدمت وحدات خاصة إسرائيلية من اقتحام مستشفى الأهلي بالخليل في 12 نوفمبر 2015 فأعدمت مواطن واختطفت آخر ما دفع برئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله اصدار تعليماته بوضع حراسة أمنية على المستشفيات.



الخميس، 3 ديسمبر 2015


قرار منع الحفلات في الشوارع العامّة يثير جدلاً في الشارع الغزّي
أحمد أبو عامر – المونيتور

قطاع غزّة – أثار قرار وزارة الداخليّة الفلسطينيّة في قطاع غزّة والصادر بتاريخ 16 نوفمبر 2015 منع إقامة الحفلات في الطرقات العامّة نوعاً من الجدل في أوساط الشارع الفلسطينيّ، والذي ظهر جليّاً على مواقع التواصل الاجتماعيّ والمنتديات، لا سيّما وأنّ القرار يمسّ عادة فلسطينيّة متمثّلة في إقامة الحفلات وبيوت العزاء في الطرقات العامّة وقرب المنازل، حيث يشارك المئات من الأقارب والجيران فيها.

القرار الذي جاء مشابهاً لقرارات سابقة حول منع إقامة الحفلات، والتي صدرت عن وزارة الداخلية كان آخرها في أواخر أبريل 2015، ينتظر الأسابيع المقبلة لقياس مدى التزام المواطنين به وقدرة وزارة الداخليّة على تطبيقه.

مطلع كانون الثاني/يناير 2016 هو الموعد المحدّد لتنفيذ القرار، والذي ترجعه وزارة الداخليّة إلى شكاوى متكرّرة ومتزايدة من قبل المواطنين على تلك الحفلات وما تسبّبه من إزعاج لهم، خصوصاً فئتي المرضى والطلّاب، إضافة إلى إغلاق تلك الحفلات لشوارع رئيسيّة، وهو الأمر الذي قد يؤدّي في بعض الأحيان إلى تعريض حياة المواطنين للخطر، وتحديداً عند تعذر عبور سيارات اسعاف أو اطفاء لتلك الشوارع.

وأكّد الناطق باسم الشرطة في قطاع غزّة أيمن البطنيجي لـ"المونيتور" أنّ القرار يهدف إلى تنظيم الحفلات والجنازات, التي يقيمها المواطنون، وتنظيمها، ومنع أيّ تعدٍّ على الممتلكات العامّة من إغلاق للشوارع لساعات طويلة، أو استخدام مكبّرات الصوت لبث الموسيقى ولأوقات متأخّرة من الليل.

وأوضح أنّ إقامة الحفلات في أماكن مغلقة أو بعيدة عن الشارع العام، ومن دون أن تسبّب إزعاجاً للمواطنين لا يشملها القرار، مشيراً إلى أنّ الشرطة ستقوم بملاحقة المخالفين، وتحديداً من يقومون بتأجير أجهزة الصوت والموسيقى.

تواصل "المونيتور" مع أحد مؤجّري أجهزة الصوت والموسيقى ويدعى ابراهيم القريناوي من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزّة، حيث اعتبر أنّه لا تعارض بين قرار وزارة الداخليّة وعملهم في إحياء الحفلات، مشيراً إلى أنّه لن يشارك في احتفال يعقد في الشارع الرئيسيّ، ويعمل على إغلاقه أو يعيق حركة السير فيه، منعاً لمصادرة الشرطة أجهزة الصوت والموسيقى الخاصّة به.

وتمنّى القريناوي في حديث إلى "المونيتور" ألّا يكون هدف القرار التضييق إلى حدّ كبير على مؤجّري أجهزة الصوت والموسيقى، وصولاً إلى الحدّ من الحفلات الغنائيّة المنتشرة في غزّة، موضحاً أنّ إحياءه الحفلات وتأجيره أجهزة الصوت يمثّلان مصدر رزقه الوحيد، حيث يتقاضى مبلغ 250 شيكل (65 دولاراً) على تأجيره أجهزة الصوت والموسيقى الخاصّة به لمدّة 3 أو4 ساعات فقط.
من جانبه، رأى الناشط الشبابيّ أحمد عبد العال في حديث خاص للمونيتور أنّ ذلك القرار جيّد، ويمثّل في كثير من الأحيان مطلباً لشريحة واسعة من سكّان قطاع غزّة، لا سيّما وأنّ إغلاق الشوارع الرئيسيّة والطرقات بسبب الحفلات أدّى إلى حدوث ضرر لبعض المواطنين، خصوصاً المرضى منهم، وصعوبة مرور سيّارات الإسعاف أو الإطفاء في تلك الأماكن.

ودعا وزارة الداخليّة إلى أن يكون ذلك القرار مقتصراً على الشوارع الرئيسيّة فقط، وألّا يشمل الشوارع الفرعيّة والصغيرة، ذلك أنّ العادات والتقاليد في غزّة درجت على أن تكون الحفلات في الشوارع وقرب المنازل وليس في صالات الأفراح لصعوبة الأحوال الماديّة التي تحول دون قيام الشباب، وخصوصاً الذين يقبلون على الزواج باستئجار صالات للأفراح.

وأوضح عبد الرحمن محمّد من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، وهو أحد الشبّان الذين ينوون إقامة حفلة زفافه بداية العام المقبل، لـ"المونيتور" أنّه مضطرّ لإقامة حفلة زفافه في الشارع القريب من منزله، لعدم قدرته على إقامتها في صالة الأفراح بسبب ارتفاع أسعارها وضيق مساحة منزله.

وأوضح أنّه يقدّر ما تسبّبه الحفلات من إزعاج للجيران بسبب الأصوات المرتفعة لأجهزة الصوت والموسيقى، منوّهاً بأنّه سيعمل جاهداً على أن يكون وقت الاحتفال 3 ساعات فقط، وليس إلى وقت متأخّر، مراعاة لشعور الجيران والطلّاب الذين يكونون على موعد قريب من تقديم امتحاناتهم في الجامعات والمدارس، حيث أن الاحتفالات تبدأ عادةً قبل منتصف الليل بـ 5 ساعات.

واقترح لو تقوم وزارة الشباب والرياضة في غزّة بتخصيص صالات كبيرة قرب الأحياء لعقد مثل تلك الاحتفالات الخاصة بالزواج وتكون أسعارها رمزيّة لتخفيف العبء على الشباب المقبلين على الزواج الذين يقومون بجمع تكاليف حفلاتهم وأعراسهم بشقّ الأنفس لصعوبة الأوضاع الماديّة في شكل عامّ، كون صالات الأفراح تحتاج من 700إلى 1000 دولار مقابل عقد تلك الحفلات، وهو مبلغ كبير جدّاً لا يستطيع المقبلون على الزواج توفيره.

أمّا المواطن عصام بدوان من سكان مدينة غزة فأكّد لـ"المونيتور" أنّه تقدّم في أكثر من مرّة بشكاوى إلى الشرطة في غزّة لإيجاد حلّ للحفلات الصاخبة التي تقام في الحيّ الذي يسكنه بسبب الازعاج الذي تسبّبه، خصوصاً لوالدته التي تعاني من أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والصداع المستمر وتعيش في حالة نفسيّة صعبة كونها تعاني من الاكتئاب، حيث تشكّل تلك الأصوات مصدر ازعاج كبير لها وتؤدّي في كثير من الأحيان إلى قيامها بالصراخ بصوت عالٍ جرّاء الأصوات المرتفعة لآلات الموسيقى والألعاب الناريّة التي تطلق في تلك الحفلات.

وأضاف: "طالبت جيراني في أكثر من مرّة بأن يكون صوت الآلات الموسيقيّة منخفضاً، وأن يتمّ إنهاء الاحتفال في وقت ليس متأخّراً من الليل، مراعاة لظروف والدته الصحيّة، إلّا أنّ ردّ الجيران في بعض الأحيان يكون بأنّ حفلتهم هي لمرّة واحدة في العمر ويريدون أن يفرحوا في هذا اليوم".

وتابع: "لا نجد أيّ خطوة من رجال الشرطة تجاه ذلك، والمبرّر الذي يقدّمه رجال الشرطة في كلّ شكوى أتقدّم بها، هو أنّه لا قرار بمنع الحفلات قرب المنازل، وعندما يكون هناك قرار سيتمّ اتّخاذ الإجراء اللازم".

هذا ويقع منزل المواطن بدوان قرب ساحة كبيرة يلجأ إليها سكّان الحيّ في جنوب مدينة غزة لإقامة حفلاتهم أو بيوت عزائهم، بسبب ضيق الشوارع في ذلك الحيّ، فيجدونها مكاناً مناسباً لاستخدامها في تلك المناسبات.

قرار وزارة الداخلية إن طبق فهذا يعني أن عادة فلسطينية –وإن كانت محط جدل بين الفلسطينيين حولها- فإنها ستتلاشى، وتصبح الحفلات تقام في أماكن مغلقة، إلا أن الواقع في قطاع غزة يبرهن على صعوبة تنفيذ ذلك القرار في الوقت الراهن بسبب صعوبة تخلي المواطنين عن تلك العادة، ولعدم توفر صالات أفراح بشكل كبير وبأسعار مخفضة يمكن أن تستقبل مثل تلك الحفلات.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...