قرار
منع الحفلات في الشوارع العامّة يثير جدلاً في الشارع الغزّي
أحمد
أبو عامر – المونيتور
قطاع غزّة – أثار قرار وزارة الداخليّة
الفلسطينيّة في قطاع غزّة والصادر بتاريخ 16 نوفمبر 2015 منع إقامة الحفلات في
الطرقات العامّة نوعاً من الجدل في أوساط الشارع الفلسطينيّ، والذي ظهر جليّاً على
مواقع التواصل الاجتماعيّ والمنتديات، لا سيّما وأنّ القرار يمسّ عادة
فلسطينيّة متمثّلة في إقامة الحفلات وبيوت العزاء في الطرقات العامّة وقرب
المنازل، حيث يشارك المئات من الأقارب والجيران فيها.
القرار الذي جاء مشابهاً لقرارات سابقة حول منع إقامة الحفلات،
والتي صدرت عن وزارة الداخلية كان آخرها في أواخر أبريل 2015، ينتظر الأسابيع
المقبلة لقياس مدى التزام المواطنين به وقدرة وزارة الداخليّة على تطبيقه.
مطلع كانون الثاني/يناير 2016 هو الموعد المحدّد لتنفيذ القرار، والذي ترجعه وزارة
الداخليّة إلى شكاوى متكرّرة ومتزايدة من قبل المواطنين على تلك الحفلات وما
تسبّبه من إزعاج لهم، خصوصاً فئتي المرضى والطلّاب، إضافة إلى إغلاق تلك الحفلات
لشوارع رئيسيّة، وهو الأمر الذي قد يؤدّي في بعض الأحيان إلى تعريض حياة المواطنين
للخطر، وتحديداً عند تعذر عبور سيارات اسعاف أو اطفاء لتلك الشوارع.
وأكّد الناطق باسم الشرطة في قطاع غزّة أيمن البطنيجي
لـ"المونيتور" أنّ القرار يهدف إلى تنظيم الحفلات والجنازات, التي
يقيمها المواطنون، وتنظيمها، ومنع أيّ تعدٍّ على الممتلكات العامّة من إغلاق
للشوارع لساعات طويلة، أو استخدام مكبّرات الصوت لبث الموسيقى ولأوقات متأخّرة من
الليل.
وأوضح أنّ إقامة الحفلات في أماكن مغلقة أو بعيدة عن الشارع
العام، ومن دون أن تسبّب إزعاجاً للمواطنين لا يشملها القرار، مشيراً إلى أنّ
الشرطة ستقوم بملاحقة المخالفين، وتحديداً من يقومون بتأجير أجهزة الصوت
والموسيقى.
تواصل "المونيتور" مع أحد مؤجّري أجهزة الصوت
والموسيقى ويدعى ابراهيم القريناوي من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزّة، حيث اعتبر
أنّه لا تعارض بين قرار وزارة الداخليّة وعملهم في إحياء الحفلات، مشيراً إلى أنّه
لن يشارك في احتفال يعقد في الشارع الرئيسيّ، ويعمل على إغلاقه أو يعيق حركة السير
فيه، منعاً لمصادرة الشرطة أجهزة الصوت والموسيقى الخاصّة به.
وتمنّى القريناوي في حديث إلى "المونيتور" ألّا يكون
هدف القرار التضييق إلى حدّ كبير على مؤجّري أجهزة الصوت والموسيقى، وصولاً إلى
الحدّ من الحفلات الغنائيّة المنتشرة في غزّة، موضحاً أنّ إحياءه الحفلات وتأجيره
أجهزة الصوت يمثّلان مصدر رزقه الوحيد، حيث يتقاضى مبلغ 250 شيكل (65 دولاراً) على
تأجيره أجهزة الصوت والموسيقى الخاصّة به لمدّة 3 أو4 ساعات فقط.
من جانبه، رأى الناشط الشبابيّ أحمد عبد العال في حديث خاص
للمونيتور أنّ ذلك القرار جيّد، ويمثّل في كثير من الأحيان مطلباً لشريحة واسعة من
سكّان قطاع غزّة، لا سيّما وأنّ إغلاق الشوارع الرئيسيّة والطرقات بسبب الحفلات
أدّى إلى حدوث ضرر لبعض المواطنين، خصوصاً المرضى منهم، وصعوبة مرور سيّارات
الإسعاف أو الإطفاء في تلك الأماكن.
ودعا وزارة الداخليّة إلى أن يكون ذلك القرار مقتصراً على
الشوارع الرئيسيّة فقط، وألّا يشمل الشوارع الفرعيّة والصغيرة، ذلك أنّ العادات
والتقاليد في غزّة درجت على أن تكون الحفلات في الشوارع وقرب المنازل وليس في
صالات الأفراح لصعوبة الأحوال الماديّة التي تحول دون قيام الشباب، وخصوصاً الذين
يقبلون على الزواج باستئجار صالات للأفراح.
وأوضح عبد الرحمن محمّد من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، وهو
أحد الشبّان الذين ينوون إقامة حفلة زفافه بداية العام المقبل،
لـ"المونيتور" أنّه مضطرّ لإقامة حفلة زفافه في الشارع القريب من منزله،
لعدم قدرته على إقامتها في صالة الأفراح بسبب ارتفاع أسعارها وضيق مساحة منزله.
وأوضح أنّه يقدّر ما تسبّبه الحفلات من إزعاج للجيران بسبب
الأصوات المرتفعة لأجهزة الصوت والموسيقى، منوّهاً بأنّه سيعمل جاهداً على أن يكون
وقت الاحتفال 3 ساعات فقط، وليس إلى وقت متأخّر، مراعاة لشعور الجيران والطلّاب
الذين يكونون على موعد قريب من تقديم امتحاناتهم في الجامعات والمدارس، حيث أن
الاحتفالات تبدأ عادةً قبل منتصف الليل بـ 5 ساعات.
واقترح لو تقوم وزارة الشباب والرياضة في غزّة بتخصيص صالات
كبيرة قرب الأحياء لعقد مثل تلك الاحتفالات الخاصة بالزواج وتكون أسعارها رمزيّة
لتخفيف العبء على الشباب المقبلين على الزواج الذين يقومون بجمع تكاليف حفلاتهم
وأعراسهم بشقّ الأنفس لصعوبة الأوضاع الماديّة في شكل عامّ، كون صالات الأفراح
تحتاج من 700إلى 1000 دولار مقابل عقد تلك الحفلات، وهو مبلغ كبير جدّاً لا يستطيع
المقبلون على الزواج توفيره.
أمّا المواطن عصام بدوان من سكان مدينة غزة فأكّد
لـ"المونيتور" أنّه تقدّم في أكثر من مرّة بشكاوى إلى الشرطة في غزّة
لإيجاد حلّ للحفلات الصاخبة التي تقام في الحيّ الذي يسكنه بسبب الازعاج الذي
تسبّبه، خصوصاً لوالدته التي تعاني من أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والصداع
المستمر وتعيش في حالة نفسيّة صعبة كونها تعاني من الاكتئاب، حيث تشكّل تلك
الأصوات مصدر ازعاج كبير لها وتؤدّي في كثير من الأحيان إلى قيامها بالصراخ بصوت
عالٍ جرّاء الأصوات المرتفعة لآلات الموسيقى والألعاب الناريّة التي تطلق في تلك
الحفلات.
وأضاف: "طالبت جيراني في أكثر من مرّة بأن يكون صوت
الآلات الموسيقيّة منخفضاً، وأن يتمّ إنهاء الاحتفال في وقت ليس متأخّراً من
الليل، مراعاة لظروف والدته الصحيّة، إلّا أنّ ردّ الجيران في بعض الأحيان يكون
بأنّ حفلتهم هي لمرّة واحدة في العمر ويريدون أن يفرحوا في هذا اليوم".
وتابع: "لا نجد أيّ خطوة من رجال الشرطة تجاه ذلك،
والمبرّر الذي يقدّمه رجال الشرطة في كلّ شكوى أتقدّم بها، هو أنّه لا قرار بمنع
الحفلات قرب المنازل، وعندما يكون هناك قرار سيتمّ اتّخاذ الإجراء اللازم".
هذا ويقع منزل المواطن بدوان قرب ساحة كبيرة يلجأ إليها سكّان
الحيّ في جنوب مدينة غزة لإقامة حفلاتهم أو بيوت عزائهم، بسبب ضيق الشوارع في ذلك
الحيّ، فيجدونها مكاناً مناسباً لاستخدامها في تلك المناسبات.
قرار وزارة الداخلية إن طبق فهذا يعني أن عادة فلسطينية –وإن
كانت محط جدل بين الفلسطينيين حولها- فإنها ستتلاشى، وتصبح الحفلات تقام في أماكن
مغلقة، إلا أن الواقع في قطاع غزة يبرهن على صعوبة تنفيذ ذلك القرار في الوقت
الراهن بسبب صعوبة تخلي المواطنين عن تلك العادة، ولعدم توفر صالات أفراح بشكل
كبير وبأسعار مخفضة يمكن أن تستقبل مثل تلك الحفلات.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2015/12/gaza-interior-ministry-ban-parties-streets.html#ixzz6Exuv2Wly
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2015/12/gaza-interior-ministry-ban-parties-streets.html#ixzz6Exuv2Wly
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.