الاثنين، 4 يوليو 2016


المشاريع التركية لغزة.. هل تقنع الفلسطينيين بعد تخلي تركيا عن شرط رفع الحصار؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أنهى الإتّفاق التركيّ – الإسرائيليّ، الّذي أعلن عنه في 28 حزيران/يونيو من عام 2016 قطيعةً استمرّت ستّة أعوام بين البلدين، عقب الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"، الّتي كانت ضمن "أسطول الحريّة"، الّذي كان يبحر قبالة شواطئ غزّة في 30 أيّار/مايو من عام 2010، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 10 أتراك وإصابة آخرين بجروح.

تركيا الّتي سارعت آنذاك إلى قطع العلاقات ووضعت 3 شروط لعودتها، تمثّلت في اعتذار إسرائيليّ علنيّ عن الهجوم، دفع تعويضات إلى أهالي الضحايا الأتراك، ورفع الحصار عن قطاع غزّة، تحقّق منها اثنان، فيما تنازلت عن شرط رفع الحصار، مقابل تخفيفه عبر حزمة مساعدات ومشاريع إقتصاديّة وإنسانيّة ستقدّمها إلى غزّة.

الإتّفاق الّذي انقسم حوله الفلسطينيّون ما بين مؤيّد ومعارض ومتحفّظ، جاء ليعطي بصيص أمل إلى أهالي سكّان قطاع غزّة الّذين، وإن تمنّوا أن تنجح تركيا في رفع الحصار الإسرائيليّ عنهم، إلاّ أنّهم أجمعوا على تقديرهم للموقف التركيّ المساند لهم في العديد من المحطّات، والّتي كانت أهمّها المطالبة برفع الحصار وأثناء الحروب الإسرائيليّة على قطاع غزّة، فيما طالبت مؤسّسات فلسطينيّة بضرورة استمرار الجهود لرفع الحصار الإسرائيليّ في شكل كامل.

وفي هذا الإطار، أكّد مدير مكتب المؤسّسة التركيّة للمساعدة الإنسانيّة في غزّة (IHH) محمّد كايا لـ"المونيتور" رفض مؤسّسته الإتّفاق الّذي وقّعته بلاده مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّ القتلى الأتراك على متن سفينة مرمرة سقطوا برصاص إسرائيليّ قبالة بحر غزّة، وكان هدفهم كسر الحصار، لكنّ ذلك لم يتحقّق حتّى اللّحظة.

وشدّد على أنّ مؤسسّته ترفض أيضاً الإعتذار والتعويض الّذي قدّمته إسرائيل إلى بلدها عن الحادثة، لافتاً إلى أنّ هدفها الّذي ستواصل العمل لتحقيقه هو رفع الحصار كاملاً عن قطاع غزّة.

واعتبر أن حزمة المشاريع الاقتصادية والإنسانية التي ستقدمها تركيا لقطاع غزة لن تنجح في رفع الحصار أو التخفيف من وطأته، وذلك من خلال ملامستهم للواقع في غزة والذي لن يغيره نحو الأفضل سوى رفع كامل للحصار.

وحذّر من أنّ قبول تركيا إيصال المساعدات الإنسانيّة إلى الفلسطينيّين في غزة عن طريق ميناء أسدود الإسرائيليّ ومعبر كرم أبو سالم الإسرائيليّ - جنوب قطاع غزّة هو إقرار رسميّ بالحصار المفروض على غزّة.

وأكّدت المؤسّسة في بيانها بـ27 حزيران/يونيو من عام 2016 أنّها لن تسحب الدعوة المقدّمة ضدّ إسرائيل بعد الهجوم على سفينة مافي مرمرة، وقالتً: "عوائل الشهداء تؤكّد عدم تخلّيها عن دعاويها القضائيّة واستمرارها في النضال حتّى إنهاء الحصار، فلا يمكن أبداً القبول بمنطق إسرائيل المغرور اقتل، ثمّ ادفع".

أما رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار عن غزة علاء البطة فقال لـ"المونيتور": "ننظر بإيجابية إلى المشاريع الاقتصادية التركية التي أدرجت ضمن الاتفاق مع إسرائيل، والتي ستعمل على تخفيف الحصار وليس إنهائه"، متمنياً أن تواصل تركيا وجميع الدول المساندة للقضية الفلسطينية الجهود لمساعدة غزة على كسر حصارها المستمر منذ سنوات والذي دمر اقتصادها بشكل شبه كامل.

وأضاف: "حقيقة كنا نتمنى أن لو أثمرت الجهود التركية في كسر الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، ولكن في النهاية الاتفاق شأن تركي إسرائيلي مع تقديرينا لحزمة المشاريع الاقتصادية التي أدرجت ضمن الاتفاق لصالح غزة، والتي أهمها انشاء محطة كهرباء علها تخفف من أزمة الكهرباء المتفاقمة التي تعاني منها غزة منذ عشر سنوات".

وكشف أن اللجنة الحكومية لكسر الحصار على تواصل دائم مع الأتراك لمساعدتها في تنفيذ تلك المشاريع والبدء باستقبال المساعدات الإنسانية التي من المتوقع أن تصل إلى غزة في 3 يوليو عبر معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، حيث ستعمل اللجنة الحكومية على توزيعها لمستحقيها.

من جهته، قال الصحافيّ الفلسطينيّ عبد الله الحمارنة لـ"المونيتور": "كفلسطينيّ أقدّر أي ّجهد من الإقليم العربيّ أو الإسلاميّ لدعم القضيّة الفلسطينيّة ورفع الحصار عن غزّة... صحيح أنّ تركيا لم تنجح في رفع الحصار، وهذا آلمنا كثيراً لأنّنا لم نتوقّع أن توافق تركيا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتتركنا محاصرين، لكن يبقى لها موقفها المشرّف في المطالبة برفعه".

أمّا الناشط في مجال مقاطعة إسرائيل يوسف الجمل فاعتبر في حديثه لـ"المونيتور"، أنّ تطبيع العلاقات مع إسرائيل في الوقت الّذي تشهد فيه مزيداً من العزلة الدوليّة بسبب جرائمها ضدّ الفلسطينيّين يمثّل جريمة لا تغتفر، مشيراً إلى أنّ الأساس هو إجبار إسرائيل على رفع الحصار كاملاً عن غزّة ومن دون شروط.

وفي السياق ذاته، قال عميد كلية التجارة والاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة سمير أبو مدللة، "إن حزمة المشاريع التركية التي أدرجت ضمن الاتفاق التركي الإسرائيلي، يمكن أن تخفف في وطأة الحصار الخانق الذي يشهده قطاع غزة منذ عشر سنوات، ولكن لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تشكل بديلاً لرفع الحصار".

وأوضح أبو مدللة في حديث مع "المونيتور" أن إسرائيل أدرجت ما تريد في الاتفاق بخصوص حصار غزة من خلال نظرتها بأن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية وليست سياسية، لذلك وافقت على إدراج حزمة مشاريع إنسانية واقتصادية طلبتها تركيا ورفضت رفع الحصار الذي هو في الأساس قضية سياسية قبل أن تكون إنسانية.

وأشار أن قطاع غزة يعاني من انهيار في المنظومة الاقتصادية جراء ذلك الحصار وما تخلله من ثلاثة حروب شنتها إسرائيل على غزة خلال السنوات الأخيرة، فارتفعت نسبة البطالة لـ 44 بالمائة، وبلغ عدد الخريجين الذين لا يجدون عملاً قرابة الـ 113 ألفاً من أصل 130 ألف خريج في قطاع غزة.

ورأى أن المخرج الوحيد للتغلب على تلك المشكلات الاقتصادية يكمن في رفع كامل للحصار وليس تقديم بعض المساعدات الانسانية، التي تقدم في الأصل من عديد الدول منذ فرض الحصار على غزة، منوهاً إلى أن غزة بحاجة لمليار دولار سنوياً في حال رفع الحصار كي تتمكن من النهوض الاقتصادي وإعادة بناء البنية التحتية.

أمّا المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة طلال عوكل فقال لـ"المونيتور": "الهدف من الإتّفاق بالمجمل هو عودة تركيا إلى سياستها القائمة على (صفر مشاكل) مع العالم. واليوم، هي مثقلة بالكثير من المشاكل الداخلية كالتفجيرات الإرهابية أو علاقتها المتوترة مع النظام السوري وروسيا وإسرائيل ومصر وتحاول التخلّص منها، ولن تقف قضيّة حصار غزّة حائلاً دون ذلك".

وبيّن أنّ الرهان في قضيّة رفع الحصار عن غزّة من عدمه كان لدى "حماس" بشكل أكبر من جميع الفلسطينيّين لطبيعة العلاقة الّتي تربطهما، لافتاً إلى أنّ الأتراك في النهاية غلّبوا مصلحتهم على تطلّعات الآخرين، ويجب على الفلسطينيّين البحث عن مصالحهم أيضاً.

واعتبر قبول تركيا إدخال المساعدات عبر ميناء أسدود الإسرائيليّ، ثمّ معبر كرم أبو سالم الإسرائيليّ اعترافاً ضمنيّاً بالواقع من قبل تركيا، بما فيه الحصار المفروض على غزّة، مشيراً إلى ألاّ طريق لتركيا تجاه غزّة سوى إسرائيل.

وفي النهاية، يأمل الفلسطينيّون في أن تساهم عودة العلاقات بين الجانبين بالمزيد من تخفيف الحصار الإسرائيليّ المفروض على قطاع غزّة، وصولاً إلى إنهائه في شكل كامل.

الرابط الأصلي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...