إسرائيل
تبدأ بمخاطبة الفلسطينيّين من خلف قيادتهم فهل تنجح؟
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – أطلقت إسرائيل في بداية آب/أغسطس
الجاري وحدة إعلامية لمخاطبة
الفلسطينيّين في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة عبر وسائل إعلامية تقليدية (التلفاز والصحف) وأخرى حديثة
(منصات التواصل الإجتماعيّ)، بعيداً عن القيادة الفلسطينيّة، خصوصاً في الأمور الحياتيّة ولتوضيح
وجهة النظر الإسرائيليّة تجاه
الفلسطينيّين، ورصدت لعمل تلك الوحدة التي تقف خلفها وزارة الدفاع بالتعاون مع
الإدارة المدنية الإسرائيلية ملايين الشواقل، ويترأسها منسّق شؤون الحكومة
الإسرائيليّة في المناطق الفلسطينيّة آلون مردخاي.
وذكر موقع "واللا" الإسرائيليّ
في 5 آب/أغسطس الجاري أنّ استحداث الوحدة، جاء بعد توصية من قبل الجهات الأمنيّة
الإسرائيليّة، وأنّ هذه الوحدة يعمل فيها العديد من الخبرات المهنيّة والكوادر
الفنيّة الإسرائيليّة المتخصّصة"، فيما أشار الموقع إلى أنّ إسرائيل لا تنتظر
إجراء حوار سياسيّ جديد مع رئيس السلطة محمود عبّاس، بل تريد التواصل مع
الفلسطينيّين مباشرة.
عمل الوحدة تلك ترجم على أرض الواقع من خلال إطلاق تلك الوحدة
لصفحة باسم "المنسّق"، والّتي تنشر
تصريحات آلون مردخاي باللّغة العربيّة وتستهدف فيها الفلسطينيّين بالضفّة
الغربيّة وقطاع غزّة، بالإضافة إلى ما أعلن عنه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان
في 18 آب/أغسطس الجاري من أن تلك الوحدة ستطلق قريباً موقعاً إلكترونياً باللغة
العربية يزوره يومياً 400 ألف شخص.
وفي هذا الإطار، اعتبر الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينيّة
وعضو اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير واصل أبو يوسف في حديث مع
"المونيتور" أنّ إنشاء إسرائيل لهذه الوحدة يأتي لفرض الوقائع على الأرض
في التّعامل مع المواطنين الفلسطينيّين وتجاوز السلطة الفلسطينيّة، موضحاً أنّ
إسرائيل تهدف من تلك الخطوة إلى زعزعة الوضع الداخليّ الفلسطينيّ، ومحاولة استغلال
الحاجات الحياتيّة الملحّة للفلسطينيّين من سفر أو علاج أو تصريح عمل، ناهيك عن
أنّها تمثل رسالة من الحكومة الإسرائيليّة للقيادة الفلسطينيّة عن أنّه يمكنها
العمل من دونها في الأراضي الفلسطينيّة.
وجاءت الخطوة الإسرائيليّة في 9 آب/أغسطس الجاري بإصدار 8 آلاف تصريح عمل للفلسطينيّين للعمل في إسرائيل،
وتوزيع تلك التصاريح على العمّال في الضفّة الغربيّة بشكل مباشر، بعيداً عن وزارة
الشؤون المدنيّة الفلسطينيّة المختصّة بالتواصل مع
الإسرائيليّين لتسيير الأمور الحياتيّة للفلسطينيّين، لتكشف مزيداً من التوجّهات الإسرائيليّة
في التعامل مع الفلسطينيّين، بعيداً عن السلطة الفلسطينيّة.
ومن جهته، اعتبر المدير الاستراتيجيّ والناطق باسم الحكومة
الفلسطينيّة للإعلام الأجنبيّ جمال دجاني أنّ هناك جانباً آخر لتلك الوحدة
الإسرائيليّة غير ذلك الّذي تظهره إسرائيل، وهو بثّ الدعاية المضادّة في أنحاء
العالم بهدف مكافحة منظّمات المقاطعة العالميّة (التي تفضح الممارسات القمعية
الإسرائيلية ضد الفلسطينيين)، وتحديداً BDS
ضدّ إسرائيل، والّتي تأسّست في عام 2005، رغم فشل إسرائيل خلال محاولات سابقة في الحدّ من
نشاط منظّمات المقاطعة، والّتي كانت عبر وسائل إعلاميّة عدّة
كالتلفاز والراديو والصحف.
وقال لـ"المونيتور": "إنّ تلك الوحدة
الإسرائيليّة هي جزء من قسم البروباغندا الإسرائيليّة، الّتي تبثّ دعايتها في
أنحاء العالم، بما في ذلك الأراضي الفلسطينيّة لمحاولة تجميل صورة إسرائيل بعد كلّ
جريمة أو حرب تقوم بها في الأراضي الفلسطينيّة، رغم
قناعة الإسرائيليّين بأنّ خطوات كهذه لمخاطبة الفلسطينيّين لن تجدي
نفعاً في ظلّ المعاناة الّتي يعيشها 60 في المئة من الشعب الفلسطينيّ من جراء
إجراءات إسرائيل في الأراضي الفلسطينيّة".
وعن الخطوات الّتي يمكن أن تقوم بها المؤسّسات الحكوميّة
الإعلاميّة الفلسطينيّة بعد إطلاق إسرائيل لتلك الوحدة، لفت جمال دجاني إلى أنّ
الإمكانات الفلسطينيّة تبقى محدودة مقابل ما تمتلكه إسرائيل، مشيراً إلى أنّهم في
مركز الإعلام الحكوميّ يصدرون بيانات وتقارير بلغات عدّة، وأطلقوا صفحات عدة (الصفحة الرسمية لمكتب رئيس
الوزراء عبر فيسبوك، والحساب الرسمي عبر تويتر) عبر وسائل
التواصل الإجتماعيّ لتوضيح الموقف الفلسطينيّ في قضايا مختلفة ودحض الدعاية
الإسرائيليّة الخاطئة.
إنّ الخطوة الإسرائيليّة تلك في مخاطبة الفلسطينيّين جاءت على
ما يبدو، بعد قيام الناطق باسم الجيش الإسرائيليّ أفخاي أدرعي باستقطاب مئات
الآلاف من العرب والفلسطينيّين في صفحته على
"فيسبوك" باللّغة العربيّة، والّتي تقترب من مليون متابع عبر استخدامه لصور ومصطلحات شرق أوسطية وفلسطينية وذكره لبعض آيات من القرآن الكريم،
وتقديمه التهاني للفلسطينيين في أعيادهم، فيما ظهرت دعوات بين الفلسطينيّين خلال الحرب
الإسرائيليّة على غزّة في عام 2014، تطالب العرب والفلسطينيّين بإلغاء متابعتهم لأفخاي
أدرعي.
وبدوره، قال أستاذ الإعلام في جامعة "النّجاح"
بمدينة نابلس فريد أبو ظهير لـ"المونيتور": إنّ إطلاق إسرائيل وحدة لمخاطبة
الفلسطينيّين، جاء بعد النجاحات الّتي حقّقها بعض حسابات وصفحات الناطقين
الرسميّين الإسرائيليّين باللّغة العربيّة عبر وسائل التواصل الإجتماعيّ، وقد
تعدّى في دعايته الأراضي الفلسطينيّة ليصل إلى الجمهور في
العديد من الدول العربيّة.
أضاف: "منذ 15 عاماً، بدأت مؤشّرات الانفتاح الإعلاميّ
والإتصاليّ الّذي يشهده العالم هذه الأيّام، والّذي تجاوز الحدود المكانيّة
والقيود المفروضة من قبل أيّ جهة رقابيّة في العالم على منع بثّ أيّ
دعاية".
وأشار إلى أنّ الخطوات الإسرائيليّة لمخاطبة الفلسطينيّين عبر
تلك الوحدة وإظهار نوع من التعاطف الإسرائيليّ مع الفلسطينيّين لن تأتي بالنتيجة
المرجوّة فكلّ فلسطينيّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة يعاني من إسرائيل.
ولفت إلى أنّ هناك رسائل سياسيّة إسرائيليّة على أرض الواقع
تحاول أن توصلها إسرائيل للسلطة الفلسطينيّة، في ظلّ تلويح السلطة بوقف العمل بالإتفاقيّات مع
إسرائيل.
أمّا المحلّل السياسيّ والكاتب الصحافيّ في صحيفة
"الأيّام" الفلسطينيّة أكرم عطالله فرأى أنّ المحاولة الإسرائيليّة
المتمثّلة في إنشاء تلك الوحدة والرسائل الّتي يبثّها مردخاي للفلسطينيّين محاولة
عبثيّة لن يكتب لها النجاح لأنّ إسرائيل تحاول أن تبرّئ نفسها من الوضع الكارثيّ
الّذي يعيشه الفلسطينيّون في غزّة والضفّة الغربيّة، وقال في مقال صحافي نشر على موقع
"نبأ" برس في 8 آب/أغسطس من عام 2016: "أصغر فلسطينيّ يعرف
ماذا يعني احتلال، ماذا يعني أن يقوم جيش عسكريّ مسلّح لدولة أخرى ويتحكّم في
الماء والدواء والهواء لشعب آخر، فلن تنجح كلّ تلك المحاولات التجميليّة،
فالاحتلال قبيح، ولا تصلح كلّ مساحيق التجميل في إحداث أيّ لمسة جماليّة على من
يحتلّ شعباً آخر، فهذا وهم".
وحول متابعة الفلسطينيين لصفحة "المنسق"، يقول
الصحفي الفلسطيني معتز عبد العاطي من غزة لـ"المونيتور"، إنه من
المعارضين جداً لمتابعة أي من الصفحات الرسمية الإسرائيلية, "وخاصةً تلك التي
تبث دعاية موجهة للفلسطينيين كصفحة المنسق وصفحة أدرعي وصفحة الناطق باسم رئيس
الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان لأنها تعمل على تجميل صورة إسرائيل التي تقتل
وتحاصر وتنتهك أبسط حقوق الفلسطينيين".
أما التاجر الفلسطيني زياد لبد فيقول لـ"المونيتور"،
"أتابع منذ أسبوعين فقط صفحة المنسق الإسرائيلي عبر فيسبوك من خلال الحساب
الشخصي لابني لحاجتي معرفة حركة المعابر وتحديداً البضائع التي تدخل خاصة المواد
الكهربائية التي أعمل بها، فأنا لا أملك حساباً عبر فيسبوك ولا أحب استخدام
الانترنت".
إسرائيل، الّتي بدأت بخطواتها تلك الهادفة إلى تجاوز التنسيق
مع السلطة الفلسطينيّة في ما يتعلّق بالأمور الحياتيّة الفلسطينيّة ومعاقبتها
(السلطة) على استمرارها رفض العودة إلى طاولة المفاوضات والتوجّه للانضمام إلى المؤسّسات الدوليّة، تجد
صعوبة في ترويج روايتها فلسطينّياً.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/08/israeli-government-facebook-page-address-palestinians.html#ixzz6EzChByMk
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/08/israeli-government-facebook-page-address-palestinians.html#ixzz6EzChByMk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.