الخميس، 15 سبتمبر 2016


وسط رفض فصائليّ... لماذا وافق عبّاس على لقاء نتنياهو في موسكو؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أكّدت وزارة الخارجيّة الروسيّة في 8 أيلول/سبتمبر الجاري أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو وافقا من حيث المبدأ على لقاء يجمعهما في موسكو، من دون تحديد موعد للقاء، وذلك في مسعى لاستئناف الإتّصالات السياسيّة بين الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ والمتوقّفة منذ أواخر عام 2010، بسبب مواصلة إسرائيل البناء الإستيطانيّ في الضفّة الغربيّة والقدس.

وكانت القيادة الفلسطينيّة قد وضعت 3 شروط لإعادة المفاوضات السياسيّة مع الإسرائيليّين، وتتمثّل بوقف البناء في مستوطنات القدس والضفّة الغربيّة وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة، وتحديد جدول زمنيّ سقفه عام لإنهاء الإحتلال الإسرائيليّ خلال مدّة لا تتجاوز نهاية عام 2017.

إسرائيل رفضت تلك الشروط، وأكّدت في أكثر من مرّة رغبتها بعودة المفاوضات مع الفلسطينيّين من دون شروط مسبقة، واتّهم محمود عبّاس في 6 أيلول/سبتمبر الجاري بنيامين نتنياهو بطلب تأجيل اللّقاء، فيما ردّت إسرائيل على ذلك الاتّهام بنشر القناة الحكوميّة الإسرائيليّة الأولى في 7 أيلول/سبتمبر الجاري وثائق قالت فيها: "إنّ الرئيس عبّاس كان يعمل جاسوساً للمخابرات السوفياتيّة في سوريا خلال ثمانينيّات القرن الماضي"، وهو ما أثار غضب السلطة الفلسطينيّة، واعتبرت أنّ الهدف من تلك الأنباء إضعاف جهود الروس في استئناف المفاوضات.

ونفى عضو اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة أحمد مجدلاني أن تكون لموافقة عبّاس الجلوس مع نتنياهو علاقة بتفادي الخطط الإسرائيليّة لتهميشه سياسيّاً وميدانيّاً، مشيراً إلى أنّ الموافقة جاءت لفضح الموقف الإسرائيليّ المراوغ الّذي يمارسه نتنياهو أمام القيادة الروسيّة، والّذي ظهر جليّاً بعد تلكئه في إعطاء ردّ على لقاء عبّاس بموسكو.

وكشف لـ"المونيتور" عن تفاهم جرى بين القيادتين الفلسطينيّة والروسيّة ينصّ على أن يكون اللّقاء ذا برنامج محدّد ويحقّق نتائج ملموسة، موضحاً أنّ القيادة الروسيّة أكّدت أن ذلك هدفها من عقد اللّقاء، وليس عقد لقاء علاقات عامّة، وإلاّ سيفشل كما فشلت من قبل المبادرات الأميركيّة الّتي كانت منحازة لإسرائيل.

وشدّد على أنّ اللّقاء لا يأتي كبديل للجهود الفرنسيّة لاستئناف المفاوضات، بل هو بمثابة خطوة تساعد في فتح الأبواب وإقناع نتنياهو بالمشاركة في المؤتمر الدوليّ الّذي تدعو إليه المبادرة الفرنسيّة، وهو ما أكّده الروس.

أمّا عضو اللّجنة المركزيّة للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين رباح مهنّا فقال: "إنّ قبول الرئيس عبّاس بالجلوس مع نتنياهو في موسكو خطأ جديد يرتكبه عبّاس في إطار سياساته الخاطئة".

أضاف: "إنّ هذه اللقاءات لن تؤدّي إلى أيّ نتائج إيجابيّة للقضيّة الفلسطينيّة، خصوصاً أنّ من يمسكون بزمام الحكم في إسرائيل هم من اليمين المتطرّف، الّذي لا يؤمن بالسلام أو بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينيّ في إقامة دولته وتقرير مصيره".

وطالب رباح مهنّا في حديثه لـ"المونيتور" عبّاس بالإبتعاد عن هذا الطريق (المفاوضات مع الإسرائيلييّن)، وأن يتّجه إلى توحيد الصفّ الفلسطينيّ عبر تشكيل قيادة موحّدة تستند إلى مقاومة إسرائيل، لافتاً إلى أنّ الضغوط الّتي تمارس على عبّاس والشعب الفلسطينيّ من أجل المشاركة في هكذا لقاءات متواصلة منذ زمن، وتهدف إلى نزع تنازل عن الحدّ الأدنى من المطالب الفلسطينيّة والمتمثلة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين إلى المناطق التي هجروا منها عام 1948، داعياً عبّاس إلى عدم الاستجابة لتلك الضغوط.

وتوافق الأمين العام للمبادرة الوطنيّة الفلسطينيّة مصطفى البرغوثي مع سابقه على ألاّ جدوى من هذه اللقاءات طالما أنّ نتنياهو يرفض وقف الاستيطان والاعتراف بالدولة الفلسطينيّة والانسحاب إلى حدود عام 67، وقال: "إلاّ أنّ موافقة الرئيس عبّاس على هذا اللّقاء أظهرت المرونة الفلسطينيّة في التّجاوب مع المبادرات الدوليّة للسلام".

واستبعد مصطفى البرغوثي أن ينتج من ذلك اللقاء أيّ نتائج ملموسة كون عبّاس ذاهباً إليه متسلّحاً بالموقف الّذي أقرّه المجلس المركزيّ الفلسطينيّ في 28 نيسان/إبريل من عام 2014، والّذي ينصّ على ألاّ مفاوضات من دون وقف الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى ووضع سقف زمنيّ لإنهاء الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة.

وطالب البرغوثي في حديثه لـ"المونيتور" المجتمع الدوليّ بالضغط على الحكومة الإسرائيليّة للالتزام بالقرارات الدوليّة المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة كي يشهد تقدّماً في المفاوضات الفلسطينيّة – الإسرائيليّة، إن عادت بين الجانبين.

إنّ المفاوضات بين الطرفين، والّتي لم تنتج في مراحلها كافّة أيّ إنجاز حقيقيّ للفلسطينيّين، دفعت بأستاذ العلوم السياسيّة في جامعة بيرزيت صالح عبد الجواد خلال حديثه مع "المونيتور" إلى القول: "الشعب والقيادة الفلسطينيّة لم يتعلّما الدروس من فشل جولات المفاوضات السابقة والتي كان آخرها خطة "خارطة الطريق" الأمريكية عام 2003، ومؤتمر "أنابوليس" في أمريكا عام 2007، وجولة المفاوضات برعاية أمريكية عام 2009".

أضاف: "الحقوق الفلسطينيّة لن تعود عن طريق المفاوضات الّتي بدأتها السلطة الفلسطينيّة منذ عام 1994، والقيادة الفلسطينية مقتنعة بذلك، إلاّ أنّه لا خيار أمامها سوى طريق المفاوضات".

وعزا قبول عبّاس بالجلوس مع نتنياهو، رغم الشروط الفلسطينيّة قبل أيّ لقاء، إلى قناعة عبّاس بهذا المسار وهو ما تقوم عليه سياسته (المفاوضات والسلام فقط)، هذا إضافة إلى خوفه من أن يظهر أمام العالم أنّه لا يريد السلام إن رفض لقاء نتنياهو.

أمّا أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر بغزّة ناجي شراب فقال لـ"المونيتور": "الفلسطينيون لا يوجد أمامهم إلاّ الموافقة على المشاركة في هكذا لقاءات، لا سيما بعد تخوف القيادة الفلسطينيّة من أن تستغل الحكومة الإسرائيليّة تراجع الاهتمام الدولي بالملف الفلسطيني بسبب الانشغال بالصراعات الدامية بالشرق الأوسط، وتحديداً سوريا، وتنفيذ (الحكومة الإسرائيلية) خططاً لتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية".

ولفت إلى أنّ هناك قناعة عند بعض الدول الّتي تتحرك في الآونة الأخيرة، وخصوصاً فرنسا وروسيا، بأنّ إيجاد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة عبر منح الفلسطينيّين حكماً ذاتيّاً أو ربط الضفّة مع الأردن وغزّة مع مصر يمثّل الحلّ الأقرب للتّطبيق في ظلّ فشل الجهود الأميركيّة على مدار سنوات طويلة وانشغال الأميركيّين حاليّاً بالإنتخابات الرئاسيّة.

إنّ الأيّام المقبلة تحمل في طيّاتها ما سيثمر عنه ذلك اللّقاء، رغم قناعة الفلسطينيّين بأنّه سيكون كسابقه من اللّقاءات الّتي جرت بينهم وبين الإسرائيليّين ولم تسفر عن أيّ إنجاز للقضيّة الفلسطينيّة.

الرابط الأصلي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...