الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016


"التيّار الإصلاحيّ" يبدأ خطواته الفعليّة لمواجهة مؤتمر "فتح" السابع
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - لا يزال الصراع يحتدم داخل حركة "فتح" بين تيّار محسوب على الرئيس محمود عبّاس وآخر على القياديّ المفصول محمّد دحلان، في أعقاب إقصاء جميع من هم محسوبون على الأخير من المشاركة في المؤتمر السابع، الذي ستعقده حركة "فتح" في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بمدينة رام الله.

تيّار دحلان أو ما يعرف بـ"التيّار الاصلاحي" رفض منذ البداية الدعوة إلى عقد المؤتمر السابع، في ظلّ رفض محمود عبّاس الجهود العربيّة للتصالح مع محمّد دحلان، وحرمان كلّ القيادات والشخصيّات المحسوبة على تيّاره (دحلان) المشاركة في المؤتمر الذي جاء عدد أعضائه (1400)، وهو عدد أقلّ بكثير من أعضاء المؤتمر السادس للحركة (2355)، الذي عقد في آب/أغسطس من عام 2009.

وهدّد أنصار ذلك التيّار بخطوات تصعيديّة في محاولة لوقف خطوات إبعادهم عن الحركة عبر حرمانهم من المشاركة في مؤتمر حركة "فتح" السابع، وكشف أشرف جمعة، وهو النائب المقرّب من محمّد دحلان، لـ"المونيتور" عن البدء بتحضيرات لعقد مؤتمر موازٍ للمؤتمر السابع، الذي ستعقده حركة "فتح" في رام الله نهاية الشهر الجاري، وسيطلق عليه أيضاً "المؤتمر السابع لحركة فتح".

وأوضح أنّ الشخصيّات التي ستشارك في المؤتمر هي من كلّ مستويات حركة "فتح" التنظيميّة التي تمّ إقصاؤها، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ موعد انعقاد المؤتمر لم يحدّد بعد، مرجّحاً عقده في إحدى الدول العربيّة ( يقصد مصر) أو الأوروبيّة، إذا تعذّر انعقاده في قطاع غزّة.

وشدّد على أنّ "التيّار الإصلاحيّ" في جعبته العديد من المفاجآت، التي سيتمّ الكشف عنها خلال وبعد المؤتمر المزمع عقده، والذي وصفه بأنّه المؤتمر السابع الحقيقيّ لحركة "فتح"، لافتاً إلى أنّ شخصيّة فتحاويّة كبيرة - فضّل عدم الكشف عن هويّتها في هذا الوقت- ستترأس المؤتمر الذي سيناقش ملفات الحركة التنظيمية والخلافات التي تعصف بالحركة.

من جهتها، قالت النائبة المفصولة من حركة "فتح" نعيمة الشيخ علي لـ"المونيتور": "لجأنا إلى خيار عقد مؤتمر موازٍ، بعد فشل كلّ الجهود العربيّة والفصائليّة في رأب الصدع بين الرئيس عبّاس والقياديّ المفصول محمّد دحلان، قبل الشروع بالتجهيز للمؤتمر السابع الذي يشهد غياباً كاملاً لكلّ صوت يعارض الرئيس عبّاس". ويرفض عباس مصالحة دحلان خوفاً من أن تؤدي تلك المصالحة إلى تعزيز فرص دحلان في خلافته (عباس) بالرئاسة.

ولم تستبعد نعيمة الشيخ علي أن تواجه قيادات "التيّار الإصلاحيّ" وكوادره في الضفّة الغربيّة مضايقات كبيرة من اعتقال ومنع من السفر وقطع للرواتب مع الإعلان عن المؤتمر، الذي يعدّ له التيّار الإصلاحيّ، كاشفة عن قيام أجهزة الأمن في بعض مخيّمات الضفّة الغربيّة، وتحديداً مخيّمات مدينة نابلس، بفرض الإقامة الجبريّة على بعض الشخصيّات المحسوبة على "التيّار الإصلاحيّ"، واعتقال بعضها في 21 نوفمبر الجاري بعد أن تمّ قطع رواتبها عرف منهم؛ أحمد جابر، هاني أبو سلوم، حازم التتر.

وقلّلت حركة "فتح" من تلك الخطوة التي يعدّ لها "التيّار الإصلاحيّ"، وقال عضو المجلس الاستشاريّ للحركة أحمد عبد الرحمن لـ"المونيتور": "الدعوة إلى عقد مؤتمر مواز في إحدى الدول العربيّة أو الأوروبيّة لا قيمة لها، وهدف كلّ تلك الخطوات من قبل بعض الشخصيّات المفصولة من حركة فتح إظهار أنّ فتح تعاني انشقاقاً تنظيميّاً".

أضاف: "من أراد أن يشكّل تنظيماً لوحدة فليفعل. حركة فتح شهدت العديد من الانشقاقات التنظيميّة في السابق ولم تؤثر على مسيرتها التي تزيد عن 50 عاماً".

واستغرب، في الوقت ذاته، إصرار بعض القيادات المفصولة (كماجد أبو شمالة وغيره) على طلب العودة إلى الحركة في ظلّ خطواتها للانفصال عنها ومهاجمة قياداتها الحاليّة.

وقال: لا مكان داخل حركة "فتح" للخارجين عن قوانينها، والتي يقف على رأسها القرار المستقلّ والبعيد عن أيّ تدخّل خارجيّ.
وأشار إلى أنّ حركته ترفض أن يتدخّل العرب في شؤونها الداخليّة، كما هي ترفض التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول العربيّة.

ورأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر بغزّة مخيمر أبو سعدة خلال حديثه مع "المونيتور" أنّ عقد المؤتمر الموازي، الذي يدعو إليه أنصار "التيّار الإصلاحيّ" في حركة "فتح" يدلّ على أنّ الحركة دخلت مرحلة الانشطار التنظيميّ بين تياريّ دحلان وعبّاس، مستبعداً في الوقت ذاته أن تحدث أيّ مصالحات بين التيّارين، في ظلّ وجود عبّاس على رأس الهرم في حركة "فتح".

وتوقّع أن تكون إحدى المفاجآت، التي يعدّ لها "التيّار الإصلاحيّ" في حركة "فتح" إلى جانب عقد المؤتمر الموازي، هي المشاركة في الحوار الوطنيّ الفلسطينيّ الذي ستدعو إليه القاهرة عقب الانتهاء من المؤتمر السابع لحركة "فتح"، وسط توقّعات بألاّ يحضر التيّار المحسوب على عبّاس ذلك الحوار.

واستبعد أن تنجح أيّ خطوات يمكن أن يقدم عليها التيّار المحسوب على عبّاس لإفشال الجهود التي يقوم بها تيّار دحلان، مشيراً إلى أنّ كلّ الأوراق التي في يدّ تيّار عبّاس هي فصل من يثبت انتماؤه إلى تيّار دحلان أو اعتقاله أو قطع راتبه.

وفي السياق ذاته، اعتبر المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة أكرم عطا الله في حديث مع "المونيتور" كشف التيّار الإصلاحيّ في حركة "فتح" عن تجهيزات لعقد مؤتمر موازٍ للمؤتمر السابع يظهر حال الطلاق البائن بين التيّارين (تيّار عبّاس وتيّار دحلان)، والذي بدأت إرهاصاته الواضحة خلال الأسابيع الماضية مع الإعلان بشكل رسميّ عن عقد المؤتمر السابع واستبعاد القيادات والكوادر المحسوبة على التيّار الإصلاحيّ.

وتوقّع أن تشهد الفترة القريبة المقبلة صراعات تنظيميّة وإعلاميّة بين التيّارين، تهدف إلى محاولة زعم كلّ تيّار بأنّه هو الممثل الحقيقيّ لحركة "فتح"، مرجّحاً أن تقف دول عربيّة عدّة خلف تيّار دحلان ودعمه على حساب تيّار عبّاس، في ظلّ رفض الأخير كلّ الجهود العربيّة لمصالحة دحلان.




شرائح اتّصال إسرائيليّة تغزو أسواق غزّة وتحذيرات من استخدامها
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - عادت شرائح الاتّصال الإسرائيليّة للتداول من جديد في الأسواق الفلسطينيّة بقطاع غزّة، بعد اختفائها في شكل شبه كامل من أسواق قطاع غزّة في تسعينيّات القرن الماضي، من جراء الرغبة المتزايدة من قبل الفلسطينيّين في خدمات الجيل الثالث (3G)، والتي لا تتوافر لدى شركات الاتّصالات الفلسطينيّة التي لا تزال تعمل بخدمات (2G)، إلاّ أنّ العديد من الجهات الرسميّة والأمنيّة الفلسطينيّة حذّرت من تداولها واستخدامها لطبيعة المخاطر الأمنيّة التي يمكن أن تحتويها، في ظلّ انتشارها بكثرة في الأسواق الفلسطينيّة من دون معرفة مصدر إدخالها إلى قطاع غزّة، إضافة إلى قيام شركات الاتّصالات الإسرائيليّة بزيادة قوّة بثّ أبراج الاتّصالات على الحدود مع قطاع غزّة لتغطّي مساحة جغرافيّة أكبر.

وذكر موقع "المجد الأمني" المقرّب من المقاومة الفلسطينيّة أنّ تلك الشرائح يتمّ إدخالها إلى قطاع غزّة بطريقة غير مشروعة سواءً أكان عبر المعابر أم عبر السياج الحدوديّ مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّ تلك الشرائح تمثّل مخاطر أمنيّة كبيرة فهي عبارة عن شرائح تجسّس لكلّ ما تقوم به من اتّصالات عبر هاتفك أو ما يدور حولك من حوارات في البيت أو العمل.

وأكّد المدير العام للترخيص في وزارة الاتّصالات الفلسطينيّة بغزّة زياد ديب لـ"المونيتور" أنّ أجهزة الاتّصالات الإسرائيليّة حظّر تداولها وإدخالها إلى الأراضي الفلسطينيّة من قبل السلطة الفلسطينيّة، بما فيها شرائح الاتّصال منذ أن تأسّست شركة الاتّصالات الفلسطينيّة (بالتل) في عام 1997، وقال: إنّ تلك الشرائح اختفت من السوق في شكل شبه كامل مع بدء عمل شركة الاتّصالات الفلسطينيّة، إلاّ أنّها عادت لتظهر من جديد في قطاع غزّة تحديداً خلال الأيّام الماضية، بصورة لا يعلمون كيفيّة إدخالها إلى القطاع، رغم وجود طواقم من وزارته على تلك المعابر لمنع تهريب أيّ أجهزة اتّصال إسرائيليّة.

وأشار إلى أنّ وزارة الاتصالات تتواصل في شكل مستمرّ مع الجهات المختصّة (الأجهزة الأمنية) لوقف التداول بها من قبل الشركات والمحال التجاريّة والأفراد كون ذلك يخالف القانون، هذا إضافة إلى أنّها تشكّل منافساً لشركة الاتّصالات الفلسطينيّة التي تقدّم خدمات جيّدة.

ومن جهته، قدّر المدير التنفيذيّ لمجموعة الاتّصالات الفلسطينيّة عمّار العكر خلال مؤتمر صحافي في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري عدد الشرائح الإسرائيليّة التي يمتلكها الفلسطينيّون في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة بأكثر من 370 ألف شريحة بصورة غير قانونية وقبل أن يتم تهريب الشرائح الجديدة خلال الأيام الماضية، وهو ما يكبّد قطاع الاتّصالات الفلسطينيّة خسائر سنويّة تقدّر بـ100 مليون دولار.

وينصّ قانون الاتّصالات السلكيّة واللاسلكيّة الفلسطينيّ رقم 3 لسنة 1996، في مادّته رقم 98، وبالنصّ نفسه في قانون الهيئة الفلسطينيّة لتنظيم قطاع الاتّصالات لعام 2009، في مادّته رقم 60، على ما يلي: "كلّ من أدخل إلى مناطق السلطة الفلسطينيّة أو تاجر بطريقة غير مشروعة أو احتفظ بأجهزة اتّصالات مخالفة للمواصفات الفنيّة المعتمدة أو تحمل بيانات أو معلومات غير صحيحة يعاقب بالحبس مدّة لا تقلّ عن 3 أشهر، ولا تزيد عن سنة أو بغرامة ماليّة لا تقلّ عن 1000 دينار ولا تزيد عن 10000 آلاف دينار أو بكلتا العقوبتين ومصادرة الأجهزة المضبوطة".

وعزا أستاذ أمن المعلومات في جامعة الأقصى بغزّة حازم الباز في حديثه مع "المونيتور" سبب عودة تلك الشرائح للتداول، وخصوصاً بين جيل الشباب في قطاع غزّة، للاستفادة من خدمات الجيل الثالث التي توفّرها شركات الاتّصالات الإسرائيليّة ولا تتوافر في الأراضي الفلسطينيّة.

ولفت إلى أنّ عمل تلك الشرائح لا يكون بجودة عالية، إلاّ قرب المناطق الحدوديّة لقطاع غزّة مع إسرائيل، أو في بعض المناطق المرتفعة من قطاع غزّة، لكنّ شركات الاتّصالات الإسرائيليّة عملت على زيادة قوّة بثّ أبراج الاتّصالات القريبة من قطاع غزّة وأصبحت تغطّي مساحة أكبر.

وأشار إلى أنّ هدف الشركات الإسرائيليّة من تلك الخطوة هو جانب تجاريّ من جرّاء حال التنافس بين شركات الاتّصال الإسرائيليّة، وتحديداً "سيلكوم" والشركات الأخرى، إضافة إلى سهولة التجسّس على المكالمات واختراق الهواتف التي توضع فيها تلك الشرائح.

واستغرب البائع المتجوّل (ع. ل)، الذي فضّل كشف الحرف الأوّل من اسمه، خوفاً من الملاحقة الأمنيّة، التحذيرات التي أطلقتها الجهات الحكوميّة لمنع استخدام تلك الشريحة وتداولها قائلاً لـ"المونيتور": "لماذا كلّ هذه التحذيرات؟ هي شريحة اتّصال كالشرائح الفلسطينيّة، بل إنّها تتيح خدمة الـ(3G)، التي لا تتوافر في قطاع غزّة، هذا إضافة إلى أنّ سعرها منخفض (12 دولاراً)، مقابل الخدمات التي تقدّمها (اتّصالات وإنترنت)".

أضاف: "الحديث عن مخاطر أمنيّة من تلك الشرائح مبالغ فيه، فالشرائح الفلسطينيّة يمكن اختراقها والتجسّس على مستخدميها من قبل شركات صغيرة مختصّة في أمن المعلومات. وبالتّالي، لن يصعب على أجهزة استخبارات قويّة كالتي تمتلكها إسرائيل من اختراقها".

من جهته، قال المتخصّص الأمنيّ إسلام شهوان لـ"المونيتور": "إنّ مخاطر تلك الشرائح متعدّدة، في ظلّ الهجمة التقنيّة التي تشنّها الاستخبارات الإسرائيليّة على الفلسطينيّين في قطاع غزّة بهدف جمع معلومات عن المقاومة الفلسطينيّة عبر اختراق أكبر عدد ممكن من الهواتف المحمولة".

وبيّن أنّ تلك المحاولة الإسرائيليّة جاءت في ظلّ نقص المعلومات الاستخباريّة لدى أجهزة المخابرات الاسرائيليّة بعد الحملات الأمنيّة التي قامت بها الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة على المتعاونين مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّ التركيز الأكبر على التجسّس يكون في المناطق الحدوديّة التي تشهد أعمالاً سريّة للمقاومة الفلسطينيّة من حفر للأنفاق أو تخزين للأسلحة.

وطالب الأجهزة الأمنيّة في قطاع غزّة بتكثيف حملات التحذير من تلك الشرائح عبر وسائل الإعلام أو من خلال إغلاق كلّ المنافذ التي يمكن أن تصل من خلالها تلك الشرائح إلى قطاع غزّة.

وفي ظلّ الجدل المثار حول تلك الشرائح وما يمكن أن تحمله من مخاطر على أمن الفرد، يبقى عدم وجود بدائل حديثة لخدمات الجيل الثالث المبرّر الأبرز لمروّجي تلك الشرائح، في ظلّ توقّعات بتوفير تلك الخدمة بداية العام المقبل في الأراضي الفلسطينيّة.



الخميس، 17 نوفمبر 2016


نزلاء في غزّة ينسخون القرآن الكريم أملاً في تخفيف مدّة محكوميّتهم
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – شرع عدد من النزلاء الفلسطينيّين في مركز الإصلاح والتأهيل الرئيسيّ في غرب مدينة غزّة في منتصف تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، في مشروع نسخ القرآن الكريم يدويّاً بالرسم العثمانيّ، في محاولة منهم للتكفير عن الأخطاء التي ارتكبوها، وأملاً في الحصول على امتيازات داخل السجن وتخفيف فترة محكوميّتهم.

ويشارك في المشروع الذي جاء برعاية من مؤسّسة دار القرآن الكريم والسنّة في مدينة غزّة 9 نزلاء، أتقنوا رسم الخطّ العثمانيّ. ويتوقّع القائمون على نسخ القرآن أن ينتهي المشروع مع نهاية العام الجاري.

ويعدّ مشروع نسخ القرآن الكريم أحد مشاريع عدّة قامت بها مراكز الإصلاح والتأهيل للنزلاء في قطاع غزّة، بهدف تعديل سلوكهم، ودفعهم إلى استغلال وقتهم أثناء قضاء فترة محكوميّتهم، ونتيجة لذلك قامت إدارات مراكز التأهيل والإصلاح إلى اطلاق سراح الكثيرين منهم، بعد قضائهم ثلثي مدّة محكوميّتهم مع إثباتهم حسن السير والسلوك.

وقال مسؤول قسم الوعظ والإرشاد الدينيّ في مراكز التأهيل والإصلاح في قطاع غزّة، والمشرف على المشروع مسعود أبو رأس لـ"المونيتور": "جاءت الفكرة بعد سلسلة من البرامج التي قام بها النزلاء خلال الأشهر الأخيرة، وشهدت تجاوباً كبيراً منهم، كالتحاق بعضهم ببرامج محو الأميّة، وإكمال آخرين دراستهم الجامعيّة، وحفظ بعضهم القرآن الكريم كاملاً، ممّا دفعنا إلى إطلاق هذا المشروع".

وبيّن أبو رأس أنّ النزلاء الـ9 الذين يشاركون في المشروع تلقّوا دورات تدريبيّة متعدّدة في قواعد الرسم العثمانيّ، وتمكّن 3 منهم اتّقان رسم ذلك الخطّ، فيما يتفرّغ الباقون إلى تشكيل الحروف وتجهيز الأوراق والمعدّات للعمل كلّ يوم.

وأوضح أنّ العديد من النزلاء في مركز التأهيل والإصلاح الرئيسيّ في مدينة غزّة ومراكز التأهيل الفرعيّة في محافظات قطاع غزة طالبوا بالالتحاق بالمشروع، إلّا أنّ حجم المشروع الصغير نسبيّاً بسبب ضعف التمويل جعلهم يكتفون بالعدد الحاليّ، متوقّعاً أن يتمّ الانتهاء من المشروع مع نهاية العام الجاري.

ويتميّز المشروع بأنّه الأوّل من نوعه في مراكز التأهيل والإصلاح على مستوى قطاع غزّة، ويبلغ حجم الصفحة التي يتمّ نسخ القرآن الكريم عليها 70 سم في 50 سم، وعدد صفحاته 611 صفحة على أن يتمّ جمعها في كتاب واحد بعدما يتمّ التدقيق بها من قبل مختصّين، ليوضع بعد ذلك في مكتبة مركز التأهيل والإصلاح الرئيسي.

من جانبه، قال مدير العلاقات العامّة والإعلام في مركز التأهيل والإصلاح في غرب مدينة غزّة محمّد حسنين لـ"المونيتور": "إنّ مشاركة النزلاء في ذلك المشروع جاء بمحض إرادتهم"، مشيراً إلى أنّهم وجدوا تجاوباً كبيراً منهم، وتمّ بعد ذلك اختيار النزلاء الذين يشاركون في المشروع وفق معايير معيّنة.

وأشار حسنين إلى أنّ النزلاء الذين يتجاوبون مع المشاريع والبرامج التي يتمّ طرحها للنزلاء، ويكون سلوكهم جيّداً خلال قضاء فترة محكوميّتهم يمنحون بعض الامتيازات عن النزلاء الآخرين، وهو ما حدث مع المشاركين في مشروع نسخ القرآن الكريم من زيادة في إجراء واستقبال المكالمات الهاتفيّة، ومنحهم زيارات عائلة خاصّة يلتقون فيها بأبنائهم وزوجاتهم داخل غرفة خاصة بالسجن، وليس من وراء حاجز زجاجي كما باقي النزلاء.

وأوضح أنّ النزلاء في هذا المشروع تحديداً ستتمّ دراسة ملفّاتهم بعد الانتهاء من المشروع من قبل إدارة مركز التأهيل والإصلاح، بحيث يتمّ الإفراج عنهم بعد قضاء ثلثي مدّة محكوميّتهم، أو أن يمحنوا إفراجاً مشروطاً في المناسبات العامّة يذهبوا فيها إلى منازلهم على أن يعودوا في نهاية المدّة المسموح لهم بها والتي تتراوح بين يوم و3 أيّام.

أوضح النزيل دياب. ك والمحكوم بالسجن 4 أعوام، وهو أحد المشاركين في المشروع، لـ"المونيتور" أنّ مشاركته في المشروع جاءت بعدما عرض عليه مسؤول قسم الوعظ والإرشاد الدينيّ في السجن الفكرة، فاستحسنها وطلب المشاركة فيها، لا سيّما وأنّه يجيد رسم الخطّ العثمانيّ.

وأكّد أنّه بمجرّد البدء بالمشروع، منحتهم إدارة المركز العديد من الامتيازات التي يرغبون فيها كنزلاء، من مكالمات هاتفيّة في شكل مفتوح، وزيارات عائليّة بعدد أكبر من السابق، ويتمّ خلالها الالتقاء بالأهل داخل السجن والجلوس معهم، من دون أيّ حاجز زجاجي، كما يحدث مع باقي النزلاء.

فيما قال النزيل سمير. ح والمحكوم بـ12 عاماً لـ"المونيتور": "في بداية مشروع نسخ القرآن، كنّا نعمل من 4 إلى 5 ساعات يوميّاً، إلّا أنّه بعد مرور أيّام عدّة، طلبنا من إدارة المركز منحنا ساعات أكثر للعمل، رغبة منّا في استغلال الوقت الفارغ لدينا يوميّاً، وهو ما وافقت عليه إدارة المركز، وأصبحنا نعمل من 8 إلى 10 ساعات يوميّاً".

وأوضح أنّه شارك في العديد من البرامج والمشاريع التي أطلقها المركز، بهدف إشغال النزلاء في برامج هادفة تحسّن من سلوكهم أثناء فترة المحكوميّة وبعدها، متمنّياً أن يتمّ تخفيف مدّة محكوميّته التي قضى منها 4 سنوات فقط بعد الانتهاء من مشروع نسخ القرآن الكريم.

من جانبه، اعتبر مدير جمعيّة الرعاية اللاحقة للسجناء "إدماج" بمدينة غزة إياد سلمان في حديثه إلى "المونيتور" أنّ مشروع نسخ القرآن وغيره من المشاريع، تهدف إلى تعديل سلوك النزيل، وهي مرحلة معالجة ورعاية النزيل وتأهيله، ليكون فرداً صالحاً في المجتمع بعد انتهاء فترة محكوميّته.

وبيّن سلمان أنّهم كمؤسّسة مختصّة في رعاية النزلاء اجتماعياً وصحياً وجدوا فرقاً كبيراً بين سلوك النزيل قبل مشاركته في تلك المشاريع، وبعد الانتهاء منها في اتّجاه الجانب الإيجابيّ، ممّا دفعهم إلى التعاون مع مراكز التأهيل والإصلاح لتكثيف البرامج والمشاريع التشغيليّة وتنويعها.

وشدّد على أنّ تلك البرامج تتنوّع بين النفسيّة والدينيّة والتشغيليّة، وكانت آخرها مشاريع المخابز الآليّة التي تمّ افتتاحها للنزلاء في مدينة غزّة ومدينة دير البلح بالمحافظة الوسطى، وأخرى لحياكة الملابس في جنوب قطاع غزّة، بحيث يقوم النزلاء بالعمل في تلك المصانع مقابل أجر ماديّ.

تبقى المشاريع والبرامج التي شهدت تصاعداً في السنوات الأخيرة جرّاء توافر الدعم الماليّ من قبل بعض الجهّات المانحة العربيّة، محدودة، بسبب قلّة الدعم الماليّ المقدّم من قبل الحكومة الفلسطينيّة.



الأحد، 13 نوفمبر 2016


المؤتمر السابع لحركة فتح بين واقع التشظّي ومستقبل الانشطار
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – يحظى المؤتمر السابع لحركة فتح والذي سيعقد في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في مدينة رام الله، باهتمام فلسطينيّ كبير، لا سيّما في ظلّ ما تمرّ به الحركة من حالة تفكّك وصراعات داخلية بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة، بفصل رئيس الحركة محمود عبّاس في 28 سبتمبر الماضي المزيد من قيادات الحركة وكوادرها بتهمة التجنّح، وحرمان آخرين من الراتب في 25 أكتوبر الماضي للتهمة ذاتها.

المؤتمر الذي سيشارك فيه 1300 من قيادات الحركة وكوادرها، جاء الإعلان عن موعد انعقاده بعد تأجيل استمرّ لعامين كاملين بسبب الخلافات الداخليّة، وعدم اكتمال التجهيزات اللوجستيّة، حيث ينصّ النظام الأساسيّ للحركة في مادّته رقم 43 على أن "ينعقد المؤتمر في دورة انعقاد عاديّة مرّة كلّ خمس سنوات بدعوة من اللجنة المركزيّة، ويجوز تأجيل انعقاده لظروف قاهرة بقرار من المجلس الثوريّ".

وتنبع أهميّة المؤتمر من كونه أعلى سلطة تشريعيّة في الحركة، يقرّ القوانين والأنظمة واللوائح الحركيّة والبرامج السياسيّة، ويناقش تقارير اللجنة المركزيّة وقراراتها السابقة، إضافة إلى أنّه ينتخب لجان الحركة التنفيذيّة، وعلى رأسها المجلس الثوريّ (الذي يتابع تنفيذ قرارات المؤتمر العام، ويراقب عمل الأجهزة الحركية، ويناقش قرارات وأعمال اللجنة المركزية) وهو الحلقة الوسيطة بين المؤتمر العامّ وبين اللجنة المركزيّة التي تنتخب أيضاً من قبل المؤتمر، وهي أعلى سلطة تنفيذيّة في الحركة.

اللافت في التحضيرات لذلك المؤتمر هو العدد القليل لمن ستتمّ دعوتهم للحضور مقارنة بمؤتمرات الحركة السابقة، والتي كان آخرها المؤتمر السادس الذي عقد في بيت لحم في آب/أغسطس 2009، بمشاركة 2355 شخصاً. وعزت مصادر فتحاويّة إلى صحيفة العربي الجديد في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري السبب في ذلك إلى أنّ غالبيّة الأسماء الـ1300 التي تضمّها القائمة لحضور المؤتمر، ستصبّ في التوجّه الذي يرغب به الرئيس عبّاس خلال المؤتمر في شكل يفتّت أيّ تكتّل محتمل لأنصار القياديّ دحلان، يمكن أن يظهر خلال جلسات المؤتمر.

فصّل أمين سرّ المجلس الثوريّ لحركة فتح أمين مقبول لـ"المونيتور" الفئات التي ستحضر المؤتمر العامّ السابع، وجاءت على النحو التالي: أعضاء اللجنة المركزيّة، أعضاء المجلس الثوريّ، أعضاء المجلس الاستشاريّ، ممثّلو الأقاليم المنتخبون، أعضاء الحركة العسكريّون بما لا تزيد نسبتهم عن 20% من أعضاء المؤتمر، عدد من كوادر الحركة العاملون في المنظّمات الشعبيّة والمهنيّة، أعضاء هيئات القيادة للمفوّضيّات العاملون في دوائر دولة فلسطين ومنظّمة التحرير، عدد من معتمدي الحركة في الدول، عدد من الكفاءات الحركيّة بما لا يزيد عن 10% من أعضاء المؤتمر.

وأوضح أنّ الرئيس عبّاس أجرى اتّصالات خلال الأيّام الماضية لضمان حضور جميع القيادات والكوادر الحركيّة المدعوّة إلى المؤتمر، وتتواجد حاليّاً خارج الأراضي الفلسطينيّة وقطاع غزّة، لافتاً إلى أنّ المؤتمر سيشهد مناقشة قضايا هامّة على الصعيد الداخليّ للحركة، وانتخاب الهيئات القياديّة، والوضع الفلسطينيّ في شكل عام، إضافة إلى مناقشة تعديلات عدّة ستطرأ على النظام الداخليّ للحركة، أهمّها تعديل شروط اختيار أعضاء المجلس الثوريّ في حال وفاة عضو أو شغور المنصب.

وشدّد مقبول على أنّ المؤتمر لن يناقش قضيّة من تمّ فصلهم بتهمة التجنّح، معتبراً أنّ فصل عضو أو عشرة (في إشارة إلى من تمّ فصلهم بسبب انتمائهم إلى تيّار دحلان) لن يؤثّر على حركة عمرها أكثر من 50 عاماً.

الأمر ذاته توقّعه القياديّ المفصول من حركة فتح بتهمة التجنّح عبد الحميد المصريّ، واستبعد في حديثه إلى "المونيتور" أن يناقش مؤتمر حركة فتح السابع ملفّ من تمّ فصلهم بتهمة التجنّح، واصفاً المؤتمر بأنّه إقصائيّ وتدميريّ، وسيشكّل انعقاده في ظلّ ما تعيشه الحركة من خلافات داخليّة كبيرة وحرمان تيّار واسع من المشاركة، خطوة إضافيّة في اتّجاه التفسّخ الداخليّ.

وحمّل المصري الرئيس عبّاس والمسؤولين المحيطين به مسؤوليّة حالة التفكّك والخلافات التي تعيشها حركة فتح، نافياً في الوقت ذاته الأحاديث الإعلاميّة التي تتحدّث عن تحضير تيّار القياديّ المفصول دحلان، مؤتمراً لأنصاره، كردّ على مؤتمر الحركة السابع، مستدركاً: "خياراتنا في هذا الاتّجاه كثيرة ولن يتمّ الكشف عنها في هذا الوقت".

كما اعتبر النائب الفتحاويّ المقرّب من القياديّ المفصول دحلان، أشرف جمعة في تصريحات إلى صحيفة فلسطين المحليّة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أنّ انعقاد المؤتمر في ظلّ عدم لملمة شتات حركة فتح، وعدم الأخذ بتوصيات المؤتمر السابق، والتي أهمّها أن ينعقد المؤتمر العام على قاعدة عدم إقصاء أيّ شخصيّة فتحاويّة كانت، يمثّلان كارثة وطنيّة حقيقيّة يدفع ثمنها الجميع في حركة فتح.

حالة الانشقاق داخل حركة فتح والتي يتخوّف منها البعض عقب انتهاء المؤتمر، رآها مختصّون سياسيّون أنّها أقرب إلى الواقع، وهو ما تؤيّده الشواهد على الأرض. وتوقّع أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأقصى في غزّة رياض الأسطل أن تذهب حركة فتح بعد المؤتمر في اتّجاه الانشطار الكامل في بنيتها التنظيميّة، في ضوء رفض القيادات الشابّة والقريبة من القياديّ دحلان سيطرة الحرس القديم على قيادة الحركة، مرجّحاً أن يلجأ التيّار الرافض للمؤتمر السابع إلى عقد مؤتمر موازٍ.

وأوضح الأسطل لـ"المونيتور" أنّ القرارات التي سيخرج بها المؤتمر السابع ستكون محسومة لصالح قيادة فتح الحاليّة، والتي تميل إلى التخلّص من التيّار الآخر (تيّار دحلان)، محذّراً من أنّ حركة فتح برئاسة الرئيس عبّاس ستواجه صعوبات جديدة في العلاقات مع الرباعيّة العربيّة (السعوديّة ومصر والأردن والإمارات العربيّة المتّحدة) التي تدعم عودة دحلان إلى حركة فتح.

من جانبه، رأى المحلّل السياسيّ محسن أبو رمضان أنّ أهميّة القرارات التي سيخرج بها مؤتمر حركة فتح السابع ستكون لها انعكاساتها على الوضع الداخليّ للحركة التي تعاني خلافات عميقة، إضافة إلى النظام السياسيّ الفلسطينيّ والعلاقة مع إسرائيل.

واستبعد أبو رمضان أن تكون هناك أيّ مساحة للتفاهم والحوار بين قيادة حركة فتح الحاليّة وتيّار دحلان، والذي بدوره ينعكس على مؤسّسات حركة فتح وقواعدها، وظهر ذلك جليّاً في الأحداث الذي شهدتها مخيّمات الضفّة الغربيّة أخيراً من اشتباكات بين كوادر تناصر القيادي دحلان والأجهزة الأمنية التي تأمر بأوامر الرئيس عباس، وهو ما يؤكّد أنّ العلاقات داخل حركة فتح تتّجه نحو الفرقة وليس التصالح بعد ذلك المؤتمر.

نهاية الشهر الجاري موعد الاختبار الحقيقيّ لحركة فتح، التي يجمع كثيرون على أنّها ستشهد أكبر حالة انشطار تنظيميّ منذ تأسيسها في عام 1965، في ظلّ رفض الرئيس عبّاس التجاوب مع أيّ جهد للتصالح مع القياديّ المفصول دحلان.



الخميس، 3 نوفمبر 2016


دائرة الرقابة المالية.. هل تحد من عشوائية مكاتب الصرافة في غزة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – شرعت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني في 26 أكتوبر الماضي باستحداث دائرة الرقابة على محال وشركات الصرافة في قطاع غزة، وذلك في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994، والتي ستعمل بالتنسيق الكامل مع سلطة النقد الفلسطينية.

وجاء استحداث تلك الدائرة بهدف تنظيم مهنة الصرافة التي بلغت عدد محالها وشركاتها في قطاع غزة فقط 600، مسجل منها بشكل قانوني من 30-40 محل وشركة فقط، فيما الغالبية تعمل بشكل عشوائي ودون الحصول على موافقة رسمية من سلطة النقد ووزارة الاقتصاد المختصة بتسجيل الشركات والمحال التجارية.

وينص قانون الشركات الفلسطينية لعام 1929، مروراً بتعديلاته المتعددة حتى عام 2010، وصولاً إلى المرسوم الرئاسي رقم 41 لعام 2016، في مادته رقم 3 "يحظر على أي شخص ممارسة أعمال الصرافة دون الحصول على ترخيص من سلطة النقد".

وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية أيمن عابد أكد لـ"المونيتور" أن الدائرة بدأت عملها في 1 نوفمبر 2016، بفتح باب التسجيل لمحال وشركات الصرافة غير المسجلة بشكل قانوني في قطاع غزة، على أن يستمر العمل بتسجيل تلك المحال والشركات في مدة أقصاها شهر واحد فقط من تاريخ فتح باب التسجيل (1 نوفمبر)، مشيراً إلى أن الاقبال جيد للتسجيل من قبل الشركات ومحال الصرافة غير المرخصة.

وأوضح أن استحداث الدائرة جاء بتنسيق كامل مع سلطة النقد الفلسطينية، وتتمثل مهمتها في الاشراف على تسجيل ومراقبة شركات الصرافة المنتشرة في قطاع غزة، والحد من حالة الفوضى في هذه المهنة وحماية أموال وودائع المواطنين الذين يستثمرون أموالهم في تلك شركات.

وتتمثل حالة الفوضى في تلك المهنة عبر تلاعب بعض الصرافين بأسعار العملات بشكل غير تلك الأسعار التي تحددها سلطة النقد الفلسطينية بشكل يومي، وأخذ مبالغ كبيرة على الحوالات المالية التي يقوم بها المواطنين جراء عدم وجود رقابة على تلك الشركات والمحال.

وبين عابد أنه سيتم التعامل وفق القانون مع محال وشركات الصرافة التي ترفض التسجيل للحصول على رخصة مزاولة المهنة وسيتم إغلاقها فقانون الشركات الفلسطيني لعام 2008 ينص في مادته رقم 60 على أنه "لا يجوز للشركة المباشرة بأعمالها إلا بعد صدور شهادة تسجيلها من قبل المسجل"، مشيراً إلى أن وزارته وبعد مشاورات مع سلطة النقد الفلسطينية ستقدم بعض التسهيلات لتسجيل وعمل تلك المحال والشركات، وتحديداً في قيمة رأس المال الذي قلص إلى 100 ألف دينار أردني للشركة الواحدة بعد أن كان ينص قانون الشركات لعام 2008، في مادته رقم 94 على ألا يقل رأس المال عن 200 ألف دينار أردني، وذلك نتيجةً للظروف الاقتصادية والمالية الصعبة في قطاع غزة.

سلطة النقد من جانبها، نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 أكتوبر الماضي، قراراً بخصوص استقبال طلبات ترخيص شركات الصرافة، وجاء فيه "استناداً لأحكام المرسوم الرئاسي رقم 41 بشأن نظام ترخيص ورقابة مهنة الصرافة في فلسطين، والتعليمات الصادرة بموجبه وفي اطار الجهود المبذولة من سلطة النقد للنهوض والرقي في القطاع المصرفي وتطوير أعماله، وتبعاً لاحتياجات السوق المبنية على دراسات متخصصة، تعلن استمرارها استلام طلبات ترخيص شركات صرافة جديدة، إضافةً إلى ترخيص فروع جديدة لشركات قائمة".

إجراءات الترخيص والرقابة تلك لاقت ترحيباً من بعض تلك الشركات والمحال واستياء البعض الآخر، وخصوصاً تلك التي تعمل بدون ترخيص، وذلك وفق أحاديث منفصلة أجراه "المونيتور" مع عدد من أصحاب تلك المحال والشركات.

تامر بارود صاحب شركة جينيف للصرافة والحوالات المالية في غزة، رحب بتلك الخطوات، واعتبر أنها ضرورية لتنظيم قطاع الصراف في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الشركات والمحال التي تعمل في السوق بدون ترخيص تؤثر على عملهم جراء تلاعبها بأسعار صرف العملات تحديداً.

وأوضح بارود لـ"المونيتور" أن شركته والشركات المرخصة الأخرى تعمل وفق نظام مالي مقر من سلطة النقد الفلسطينية، يقوم على عرض تعاملاتهم المالية مع الزبائن والعملاء بشكل أسبوعي، وهو ما يشكل حالة من الثقة بينهم وبين المواطن الذي يودع أمواله أو يقوم بصرف العملات، وذلك بعكس الشركات غير القانونية.

كما ورأى أسامة أبو سيدو صاحب شركة الامارات للصرافة والحوالات المالية في غزة خلال حديثه لـ"المونيتور" أن مثل تلك الخطوات تجبر العاملين في تلك المهنة إلى الالتزام بالقانون والتعاملات المالية لأن سلطة النقد تفرض عليهم (الصرافين) إرسال نسخاً من البيانات المالية المدققة لنشاطاتهم.

وشدد على أن تهرب الشركات غير المرخصة من دفع رسوم الترخيص والضرائب الشهرية والتي تقدر بـ 1000 دولار أمريكي شهرياً على الشركات التي يبلغ رأس مالها 250 ألف دولار، إلى التلاعب بأسعار صرف العملات صعوداً أو هبوطاً، وهو ما ينعكس على عمل الشركات المرخصة سلباً.

من جانبه رفض أحد أصحاب الشركات غير المرخصة والذي فضل اخفاء هويته لـ"المونيتور" تلك الاجراءات، واعتبر أن الهدف منها فقط جباية الأموال والضرائب من قبل وزارة الاقتصاد، موضحاً أنه في حال قرر ترخيص شركته بشكل رسمي فإنه سيضطر لدفع قرابة الـ 2000 دولار أمريكي شهرياً كضرائب لوزارة الاقتصاد، فرأس مال شركته قرابة النصف مليون دولار أمريكي.

وقال: "تهربي من الترخيص يرجع إلى صعوبة الأوضاع المالية في قطاع غزة جراء الركود الاقتصادي بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006، وبالتالي صعوبة التعاملات المالية بين شهر وآخر، فأحياناً بالكاد أستطيع صرف مرتبات العاملين لدي".

هذا ودفعت حالة التخوف التي سيطرت على البنوك الفلسطينية في قطاع غزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، خوفاً من اتهامها بدعم "الإرهاب" ووقف بعض المؤسسات المالية حول العالم كويسترن يونيون تعاملاتها مع مصارف قطاع غزة إلى انتعاش مهنة الصرافة، وزيادة عدد العاملين فيها، بعد اقبال المواطنين عليها لسهولة التعاملات المالية عبرها جراء تحررها من الخوف الذي يوجد عند البنوك والنابع من إمكانية اتهامها بدعم "الإرهاب" بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، والتي تصنف من قبل بعض الدول الغربية وتحديداً الاتحاد الأوروبي على أنها حركة "إرهابية".

معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة أوضح لـ"المونيتور" أن قطاع الصرافة الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص يعاني من حالة فوضى وعدم رقابة من قبل سلطة النقد أو وزارة الاقتصاد، ومحاولة ضبطه ومراقبته وإن جاءت متأخرة تعد مطلب لكل مواطن فلسطيني.

وبين أن الكثير من الحوالات المالية التي تأتي إلى قطاع غزة من الخارج تدفع ببعض أصحاب تلك الشركات غير المرخصة إلى جباية رسوم إضافية من المواطن على تلك الحوالات، بالإضافة إلى إجبار المواطن على تبديل مبلغ الحوالة من عملة إلى أخرى كي يأخذ من المواطن ثمن تبديل العملة.

المواطن الفلسطيني الذي يعد الأكثر تضرراً من عمل غالبية الشركات والمحال بشكل غير القانونية، يأمل في أن تنجح تلك الخطوة في تعزيز ثقته بتلك الشركات، وضبط حالة التلاعب بأسعار صرف العملات المنتشرة منذ سنوات طويلة.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...