دائرة
الرقابة المالية.. هل تحد من عشوائية مكاتب الصرافة في غزة؟
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزة، قطاع غزة – شرعت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني
في 26 أكتوبر الماضي باستحداث دائرة الرقابة على
محال وشركات الصرافة في قطاع غزة، وذلك في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إنشاء
السلطة الفلسطينية عام 1994، والتي ستعمل بالتنسيق الكامل مع سلطة النقد
الفلسطينية.
وجاء استحداث تلك الدائرة بهدف تنظيم مهنة الصرافة التي بلغت
عدد محالها وشركاتها في قطاع غزة فقط 600، مسجل منها بشكل قانوني من 30-40 محل
وشركة فقط، فيما الغالبية تعمل بشكل عشوائي ودون الحصول على موافقة رسمية من سلطة
النقد ووزارة الاقتصاد المختصة بتسجيل الشركات والمحال التجارية.
وينص قانون الشركات الفلسطينية لعام 1929، مروراً
بتعديلاته المتعددة حتى عام 2010، وصولاً إلى المرسوم الرئاسي رقم 41 لعام
2016، في مادته رقم 3 "يحظر على أي شخص ممارسة أعمال الصرافة دون الحصول على
ترخيص من سلطة النقد".
وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية أيمن عابد أكد
لـ"المونيتور" أن الدائرة بدأت عملها في 1 نوفمبر 2016، بفتح باب
التسجيل لمحال وشركات الصرافة غير المسجلة بشكل قانوني في قطاع غزة، على أن يستمر
العمل بتسجيل تلك المحال والشركات في مدة أقصاها شهر واحد فقط من تاريخ فتح باب
التسجيل (1 نوفمبر)، مشيراً إلى أن الاقبال جيد للتسجيل من قبل الشركات ومحال الصرافة
غير المرخصة.
وأوضح أن استحداث الدائرة جاء بتنسيق كامل مع سلطة النقد
الفلسطينية، وتتمثل مهمتها في الاشراف على تسجيل ومراقبة شركات الصرافة المنتشرة
في قطاع غزة، والحد من حالة الفوضى في هذه المهنة وحماية أموال وودائع المواطنين
الذين يستثمرون أموالهم في تلك شركات.
وتتمثل حالة الفوضى في تلك المهنة عبر تلاعب بعض الصرافين بأسعار العملات بشكل غير تلك
الأسعار التي تحددها سلطة النقد
الفلسطينية بشكل يومي، وأخذ مبالغ كبيرة على الحوالات المالية التي يقوم
بها المواطنين جراء عدم وجود رقابة على تلك الشركات والمحال.
وبين عابد أنه سيتم التعامل وفق القانون مع محال وشركات
الصرافة التي ترفض التسجيل للحصول على رخصة مزاولة المهنة وسيتم إغلاقها فقانون الشركات الفلسطيني لعام 2008
ينص في مادته رقم 60 على أنه "لا يجوز للشركة المباشرة بأعمالها إلا بعد صدور
شهادة تسجيلها من قبل المسجل"، مشيراً إلى أن وزارته وبعد مشاورات مع سلطة
النقد الفلسطينية ستقدم بعض التسهيلات لتسجيل وعمل تلك المحال والشركات،
وتحديداً في قيمة رأس المال الذي قلص إلى 100 ألف دينار أردني للشركة الواحدة بعد
أن كان ينص قانون الشركات لعام 2008، في مادته رقم 94 على ألا يقل
رأس المال عن 200 ألف دينار أردني، وذلك نتيجةً للظروف الاقتصادية والمالية الصعبة
في قطاع غزة.
سلطة النقد من جانبها، نشرت في الجريدة الرسمية
بتاريخ 27 أكتوبر الماضي، قراراً بخصوص استقبال طلبات ترخيص شركات الصرافة، وجاء
فيه "استناداً لأحكام المرسوم الرئاسي رقم 41 بشأن نظام ترخيص ورقابة مهنة
الصرافة في فلسطين، والتعليمات الصادرة بموجبه وفي اطار الجهود المبذولة من سلطة
النقد للنهوض والرقي في القطاع المصرفي وتطوير أعماله، وتبعاً لاحتياجات السوق
المبنية على دراسات متخصصة، تعلن استمرارها استلام طلبات ترخيص شركات صرافة جديدة،
إضافةً إلى ترخيص فروع جديدة لشركات قائمة".
إجراءات الترخيص والرقابة تلك لاقت ترحيباً من بعض تلك الشركات
والمحال واستياء البعض الآخر، وخصوصاً تلك التي تعمل بدون ترخيص، وذلك وفق أحاديث
منفصلة أجراه "المونيتور" مع عدد من أصحاب تلك المحال والشركات.
تامر بارود صاحب شركة جينيف للصرافة والحوالات المالية في غزة، رحب
بتلك الخطوات، واعتبر أنها ضرورية لتنظيم قطاع الصراف في قطاع غزة، مشيراً إلى أن
الشركات والمحال التي تعمل في السوق بدون ترخيص تؤثر على عملهم جراء تلاعبها بأسعار صرف العملات تحديداً.
وأوضح بارود لـ"المونيتور" أن شركته والشركات
المرخصة الأخرى تعمل وفق نظام مالي مقر من سلطة النقد الفلسطينية، يقوم على عرض
تعاملاتهم المالية مع الزبائن والعملاء بشكل أسبوعي، وهو ما يشكل حالة من الثقة
بينهم وبين المواطن الذي يودع أمواله أو يقوم بصرف العملات، وذلك بعكس الشركات غير
القانونية.
كما ورأى أسامة أبو سيدو صاحب شركة الامارات للصرافة والحوالات
المالية في غزة خلال حديثه لـ"المونيتور" أن مثل تلك الخطوات تجبر
العاملين في تلك المهنة إلى الالتزام بالقانون والتعاملات المالية لأن سلطة النقد
تفرض عليهم (الصرافين) إرسال نسخاً من البيانات المالية المدققة لنشاطاتهم.
وشدد على أن تهرب الشركات غير المرخصة من دفع رسوم الترخيص
والضرائب الشهرية والتي تقدر بـ 1000 دولار أمريكي شهرياً على الشركات التي يبلغ
رأس مالها 250 ألف دولار، إلى التلاعب بأسعار صرف العملات صعوداً أو هبوطاً، وهو
ما ينعكس على عمل الشركات المرخصة سلباً.
من جانبه رفض أحد أصحاب الشركات غير المرخصة والذي فضل اخفاء
هويته لـ"المونيتور" تلك الاجراءات، واعتبر أن الهدف منها فقط جباية
الأموال والضرائب من قبل وزارة الاقتصاد، موضحاً أنه في حال قرر ترخيص شركته بشكل
رسمي فإنه سيضطر لدفع قرابة الـ 2000 دولار أمريكي شهرياً كضرائب لوزارة الاقتصاد،
فرأس مال شركته قرابة النصف مليون دولار أمريكي.
وقال: "تهربي من الترخيص يرجع إلى صعوبة الأوضاع المالية
في قطاع غزة جراء الركود الاقتصادي بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006،
وبالتالي صعوبة التعاملات المالية بين شهر وآخر، فأحياناً بالكاد أستطيع صرف
مرتبات العاملين لدي".
هذا ودفعت حالة التخوف التي سيطرت على
البنوك الفلسطينية في قطاع غزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام
2006، خوفاً من اتهامها بدعم "الإرهاب" ووقف بعض المؤسسات المالية حول العالم كويسترن يونيون
تعاملاتها مع مصارف قطاع غزة إلى انتعاش مهنة الصرافة، وزيادة
عدد العاملين فيها، بعد اقبال المواطنين عليها لسهولة التعاملات المالية عبرها
جراء تحررها من الخوف الذي يوجد عند البنوك والنابع من إمكانية اتهامها بدعم
"الإرهاب" بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، والتي تصنف من قبل بعض الدول
الغربية وتحديداً الاتحاد الأوروبي على أنها حركة "إرهابية".
معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة أوضح لـ"المونيتور"
أن قطاع الصرافة الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص يعاني من حالة
فوضى وعدم رقابة من قبل سلطة النقد أو وزارة الاقتصاد، ومحاولة ضبطه ومراقبته وإن
جاءت متأخرة تعد مطلب لكل مواطن فلسطيني.
وبين أن الكثير من الحوالات المالية التي تأتي إلى قطاع غزة من
الخارج تدفع ببعض أصحاب تلك الشركات غير المرخصة إلى جباية رسوم إضافية من المواطن
على تلك الحوالات، بالإضافة إلى إجبار المواطن على تبديل مبلغ الحوالة من عملة إلى
أخرى كي يأخذ من المواطن ثمن تبديل العملة.
المواطن الفلسطيني الذي يعد الأكثر تضرراً من عمل غالبية
الشركات والمحال بشكل غير القانونية، يأمل في أن تنجح تلك الخطوة في تعزيز ثقته
بتلك الشركات، وضبط حالة التلاعب بأسعار صرف العملات المنتشرة منذ سنوات طويلة.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/11/gaza-money-exchange-shops-oversight-department.html#ixzz6EzeScvSN
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/11/gaza-money-exchange-shops-oversight-department.html#ixzz6EzeScvSN
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.