مبادرة
شلح... هل تجد طريقها إلى التطبيق؟ وماذا عن علاقة الجهاد بإيران؟
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – لاقت المبادرة التي أطلقها الأمين العام لحركة الجهاد
الإسلاميّ رمضان شلح في 21 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، لحل الأزمة الداخلية ترحيباً واسعاً من الفصائل
الفلسطينيّة باستثناء حركة فتح التي تحفّظت عليها،
إلّا أنّ الأمر الأهمّ من قبول تلك المبادرة أو التحفّظ عليها، هو مدى إمكان
تنفيذها على أرض الواقع في ظلّ فشل تطبيق المبادرات السابقة كاتّفاق القاهرة 2011، واتّفاق الدوحة 2012، واتّفاق الشاطئ 2014.
وجاءت مبادرة شلح التي أطلقها في كلمته التي بثت بشكل مباشر
عبر فضائية فلسطين اليوم خلال احتفال سنويّ تقيمه الحركة في ذكرى انطلاقتها الـ29
في مدينة غزّة في 10 نقاط، تركّزت حول البدء
بحوار وطنيّ شامل، ودعوة الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس إلى البدء بخطوات حقيقيّة
لتحقيق المصالحة، والعمل على تفعيل الإطار القياديّ لمنظّمة
التحرير الفلسطينيّة ليضمّ الفصائل الفلسطينيّة كافّة والذي تم الاتفاق على تشكيله
خلال اتفاق القاهرة 2005، كخطوة أولى لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
أكّد الناطق باسم حركة الجهاد الإسلاميّ داوود شهاب
لـ"المونيتور" أنّ حركته سلّمت الفصائل الفلسطينيّة في 25 تشرين
الأوّل/أكتوبر الجاري نسخاً مكتوبة للمبادرة، وسترسل نسخة إلى المجلس الوطنيّ
الفلسطينيّ، مشيراً إلى أنّ حركة حماس كانت أولى الفصائل الفلسطينيّة التي ردّت في
شكل إيجابيّ على تلك المبادرة، فيما تنتظر الجهاد باقي الردود المكتوبة من
الفصائل.
وأوضح شهاب أنّ المبادرة مثّلت حلّاً شاملاً لحالة التردّي
التي تعيشها القضيّة الفلسطينيّة جرّاء الانقسام الداخليّ، متمنّياً أن يستجيب
الرئيس عبّاس ويتّخذ خطوات جديّة وسريعة في سبيل إنهاء الخلاف السياسيّ، ومشاركة
أطياف الشعب الفلسطينيّ في اتّخاذ القرارات.
حركة فتح التي تحفّظت على المبادرة، واعتبرت أنّها غير واقعيّة ومبالغ فيها
وغير قابلة للتطبيق، قال الناطق باسمها فايز أبو عيطة لـ"المونيتور":
"من حيث المبدأ، نشجّع أيّ حوار يقوم على أساس إنهاء الانقسام"، مضيفاً:
"تسلّمنا مبادرة شلح مكتوبة، وتتمّ دراستها حاليّاً في أروقة الحركة
ومؤسّساتها".
وأوضح أنّ فتح تطالب بالجديّة في تطبيق اتفاقات المصالحة
السابقة من قبل حركة حماس، رافضاً في الوقت ذاته الكشف عن النقاط التي تتحفّظ
عليها حركته في المبادرة التي أطلقها شلح.
وأكّد النائب في المجلس التشريعيّ عن الجبهة الشعبيّة وعضو
حراك "وطنيّون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة"
جميل المجدلاوي في تصريحات لإذاعة صوت القدس في
23 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري أنّ مبادرة شلح حرّكت الركود القائم في الوسط
السياسيّ الفلسطينيّ، مشيراً إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّ قيادات فتح وحماس ليست
جادّة في تحقيق المصالحة.
كما رحّب القياديّ المفصول من حركة فتح محمّد دحلان بالمبادرة،
واعتبر في تصريحات نشرها عبر صفحته على "فيسبوك" في 22 تشرين
الأوّل/أكتوبر الجاري أنّ تلك المبادرة تحتوي على قواسم مشتركة عدّة بين مختلف
الفصائل الفلسطينيّة، خصوصاً فيما يتعلّق بالوحدة الوطنيّة، داعياً إلى تكثيف
الاتّصالات بين كلّ الفصائل الفلسطينيّة لجمعها في حوار وطنيّ جديد في القاهرة.
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر في غزّة
مخيمر أبو سعدة في حديثه إلى"المونيتور"أنّ لا جديد في المبادرة التي
أطلقها شلح، موضحاً أنّ النقاط التي طرحت في المبادرة تمّ طرحها سابقاً في اتّفاق القاهرة 2005، واتّفاق القاهرة 2011، واتّفاق الدوحة 2012، واتّفاق الشاطئ 2014.
وشدّد أبو سعدة على أنّ المشكلة لا تكمن في المبادرات
وإطلاقها، بل في تطبيق ما تتمّ الدعوة إليه، مستبعداً أن يتمّ تطبيق تلك المصالحة
في ظلّ انشغال حماس بانتخاباتها الداخليّة،
وانشغال فتح بخلافاتها وعقد مؤتمرها السابع قبل نهاية
العام الجاري.
وانتقد أستاذ العلوم السياسيّة مطالبة شلح منظّمة التحرير بوقف
العمل باتّفاق أوسلو، قائلاً: "لا يجوز أن تطلق هكذا دعوات في خطاب جماهيريّ،
بل هي في حاجة إلى دراسة قانونيّة وسياسيّة لتبعات إلغاء أوسلو وسحب الاعتراف
بإسرائيل".
فيما اعتبر المحلّل السياسيّ حسن عبده لـ"المونيتور"
أنّ التحدّي الأبرز يتمثّل في قدرة الفلسطينيّين على تحويل تلك المبادرة من نصوص
إلى برنامج عمل لإنهاء الانقسام الداخليّ، وتوحيد النظام السياسيّ الفلسطينيّ،
مبيّناً أنّ ذلك لا يأتي إلّا من خلال حوار وطنيّ شامل تكون أرضيّته الاتّفاقات
السابقة والمبادرة الجديدة التي أطلقها شلح.
وشدّد على أنّ نجاح المبادرة يتوقّف في شكل أساسيّ على الرئيس
عبّاس ورغبته في القيام بخطوات حقيقيّة للبدء بحوار فلسطينيّ شامل، معتبراً تحفّظ
حركة فتح بشكل مبكر على المبادرة منذ البداية يعيق الذهاب نحو برنامج عمليّ
لتطبيقها.
ولفت إلى أنّ موافقة كلّ الفصائل الفلسطينيّة على المبادرة
تشكّل حالة ضغط على الرئيس عبّاس وحركة فتح من أجل الذهاب إلى تطبيقها، وصولاً إلى
تحقيق مصالحة فلسطينيّة داخليّة.
وفي سياق آخر، طالب شلح في خطابه، الدول
العربيّة بعدم لوم المقاومة الفلسطينيّة على تلقّي الدعم المالي الإيرانيّ،
قائلاً: "لا يحقّ لأحد أن يلومنا على تلقّي الدعم الإيرانيّ، فإيران تكاد
تكون الدولة الوحيدة التي تعلن إصرارها على التمسّك بموقفها الداعم للقضيّة
الفلسطينيّة سياسياً ومالياً وعسكرياً"، مضيفاً: "لم
نكن نتوقّع أن نعيش إلى اليوم الذي تصبح فيه نصرة الفلسطينيّين تهمة وجريمة في
واقعنا العربيّ".
وفي هذا الإطار، قال الناطق باسم الحركة داوود شهاب
لـ"المونيتور" إنّ "شلح وصف الواقع العربيّ في شكل دقيق في تخلّي
الدول العربيّة عن الفلسطينيّين في مواجهة إسرائيل، مقابل إيران التي تواصل تقديم
الدعم إلى المقاومة والشعب الفلسطينيّ".
وسأل شهاب "هل أصبحت المقاومة الفلسطينيّة تهمة لدى
العديد من الدول العربيّة"؟، رافضاً أيّ جهّة تلوم الفلسطينيّين على تلقّي
الدعم الإيرانيّ.
فيما رفض الناطق باسم فتح فايز أبو عيطة في حديثه إلى
"المونيتور" تصريحات الانحياز إلى إيران على حساب الدول العربيّة التي
اعتبرها الداعم الاستراتيجيّ للقضيّة الفلسطينيّة، داعياً الفصائل الفلسطينيّة إلى
المحافظة على أفضل شكل من العلاقات مع الدول العربيّة.
القناعة المترسّخة لدى الفلسطينيّين في أنّ الخروج من حالة
الانقسام الداخليّ والفتور في العلاقات مع الدول العربيّة تكمن في تجديد النظام
السياسيّ الفلسطينيّ الحاليّ عبر انتخابات شاملة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني
يسبقها حوار وطنيّ جادّ.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/11/palestine-ramadan-shalah-initiative-reconciliation-pij.html#ixzz6EzcfmMyw
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/11/palestine-ramadan-shalah-initiative-reconciliation-pij.html#ixzz6EzcfmMyw
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.