الأربعاء، 7 ديسمبر 2016


قلق رسميّ فلسطينيّ... هل تعيد مصر افتتاح قنصليّتها في غزّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - أثارت التسريبات الإعلاميّة، التي نشرتها وسائل إعلام مقرّبة من القياديّ المفصول من حركة "فتح" محمّد دحلان كموقع "صوت فتح الإخباري" في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن أنّ مصر هدّدت الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس بنقل مقرّ السفارة المصريّة من مدينة رام الله إلى غزّة، في حال رفض تأجيل المؤتمر السابع لحركة "فتح"، الذي انطلقت أعماله في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إلى حين إتمام المصالحة مع محمّد دحلان، التكهّنات حول مدى إمكانيّة قيام مصر بتلك الخطوة.

التسريبات تلك سبقها افتتاح مقرّ القنصليّة المصريّة في غرب مدينة غزّة بـ21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وذلك للمرّة الأولى منذ إغلاقها في عام 2007 بعد سيطرة حماس على غزة، للقيام بأعمال تنظيفات وترميمات في داخلها. وهي خطوة تدلل على أنها قد تفتتح في أي لحظة وقد تسهل على المواطنين الفلسطينيين قضية السفر عبر معبر رفح وتسهل التعاملات اليومية للجالية المصرية في غزة.

فيما طالب مقرّر المؤتمر الشعبيّ لإنهاء الانقسام ورئيس وفد القطاعات المجتمعيّة في مؤتمر "عين السخنة 2" عاكف المصريّ في 7 نوفمبر الماضي الحكومة المصريّة بإعادة فتح القنصليّة المصريّة في قطاع غزّة.

وتواصل "المونيتور" مع السفارة المصريّة في رام الله لأخذ موقفها على تلك التسريبات، إلاّ أنّها رفضت الإدلاء بأيّ تصريحات حول القضيّة، فيما نقلت صحيفة "الخليج أون لاين" في 26 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن مسؤول في وزارة الخارجيّة المصريّة، لم تكشف عن اسمه، أنّ هناك توجّهاً مصريّاً لإعادة افتتاح القنصليّة في غزّة.

وقال عبد الحميد المصريّ، وهو من الشخصيّات المقرّبة من محمّد دحلان لـ"المونيتور": "إنّ مقرّ القنصليّة المصريّة في غزّة لا يزال موجوداً، وإعادة افتتاحه قريباً من دون التأثير على العلاقات المصريّة الرسميّة بمنظّمة التحرير أو عمل السفارة المصريّة في رام الله، أمر وارد جدّاً".

أضاف: "المعطيات التي لدينا في التيّار الإصلاحيّ لحركة فتح أنّ وفداً أمنيّاً وسياسيّاً مصريّاً سيصل إلى غزّة خلال الأيّام المقبلة (إذ مصر تنتظر ما سينتج عن مؤتمر فتح السابع من قرارات وقيادة جديدة للحركة) بهدف الاطّلاع على الأوضاع في قطاع غزّة والتشاور مع الفصائل في خطوات النهوض بالقضيّة الفلسطينيّة وتحقيق المصالحة الداخليّة".

وتابع: في حال أقدمت مصر على إعادة عمل قنصليّتها في غزّة، وطبّقت ما تعهّدت به من تسهيلات لقطاع غزّة من تطوير معبر رفح البري وزيادة أيام عمل المعبر للسماح بسفر أكبر قدر من الفلسطينيين وإقامة منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر، فيعني ذلك بداية تعامل جديدة من مصر تجاه قطاع غزّة، بعد سنوات من حال الاستقطاب والخلاف السائدة، وتحديداً مع حركة "حماس"، التي تحكم القطاع.

من جهته، قال أحمد مجدلاني عضو اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير والشخصيّة المقرّبة من عبّاس في تعليقه على تسريبات افتتاح القنصليّة المصريّة في غزّة لـ"المونيتور": "إنّ الوضع في غزّة غير طبيعيّ، وفيه حكومة أمر واقع وغير شرعيّة (يقصد حماس)، وأيّ تعامل معها غير مقبول".

أضاف: "إنّ سفارتنا في القاهرة تقوم بكلّ ما يلزم من أجل سفر المواطنين من قطاع غزّة وإليه عبر معبر رفح".

واعتبر مجدلاني أنّ شائعات توجّه مصر إلى إعادة عمل قنصليّتها في غزّة، بعد تفاقم الخلافات بين عبّاس والرباعيّة العربيّة بسبب المصالحة مع دحلان هي أوهام ينشرها البعض في الإعلام بهدف الإيحاء بأنّ مصر تقف بجانب شخص (يقصد دحلان)، مقابل سلطة شرعيّة هي السلطة الفلسطينيّة المعترف بها عربيّاً ودوليّاً، وقال: في حال فكّرت مصر بإعادة عمل قنصليّتها في غزّة، فستتعامل مع من يسيطر على غزّة، وهي حماس، وليس مع محمّد دحلان الذي لا يحظى بنفوذ قويّ في غزّة. ولفت إلى أنّ التسهيلات التي تقوم بها مصر تجاه قطاع غزّة هي محلّ احترام القيادة الفلسطينيّة وتقديرها.

لقد شهدت العلاقات بين مصر وقطاع غزّة خلال الأسابيع الماضية حالاً من الانفراجة، في ظلّ دعوة مصر لوفود فلسطينيّة سياسيّة وإقتصاديّة وإعلاميّة من قطاع غزّة إلى زيارة مصر للتباحث في الوضع الفلسطينيّ الداخليّ، ومحاولة عقد حوار وطنيّ فلسطينيّ برعاية القاهرة، فيما قال القياديّ في حركة "حماس" خليل الحيّة خلال تصريحات صحافيّة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي: "هناك رؤية مصريّة جديدة تجاه قطاع غزّة هدفها مدّ جسور التخفيف من وطأة الحصار المفروض على سكّان غزّة".

ومن جهته، قال الديبلوماسيّ في وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة بغزّة والمحلّل السياسيّ حسام الدجني في حديثه مع "المونيتور": من ناحية العرف الديبلوماسيّ يحقّ لأيّ دولة افتتاح مقرّ سفارتها في منطقة ما، وإلحاقها بممثليّات في مناطق أخرى من تلك الدولة، وهو ما ينطبق على الوضع الفلسطينيّ، وتحديداً في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة، حيث بينهما فاصل جغرافيّ (إسرائيل).

وأوضح أنّ ذلك الانفصال الجغرافيّ يعطي الكثير من الدول كقطر وأخرى لألمانيا وأخرى للسويد التي لها سفارات لدى السلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربية، ومنها مصر، مبرّراً بأن تعيد افتتاح قنصليّتها في غزّة، والتي تتبع للسفارة المصريّة في رام الله، إلاّ أنّ الحديث المتصاعد عن إعادة عملها جاء في سياق الخلافات المتصاعدة بين عبّاس ودحلان، وقال: مهما كانت المبرّرات لإعادة افتتاحها، فإنّها ستخدم سكّان غزّة والجالية المصريّة فيها.

وتوقّع حسان الدجني أن يشهد شهر ديسمبر/كانون الأوّل الجاري تطبيق ما وعدت به مصر من تسهيلات لغزّة، وتحديداً في قضيّة إنشاء المنطقة التجاريّة الحرّة على الحدود بين مصر وغزّة، إضافة إلى تطوير معبر رفح البريّ وزيادة أيّام تشغيله في الشهر الواحد.

وبدوره، استبعد أستاذ العلاقات الدوليّة في الجامعة الإسلاميّة بغزّة تيسير محيسن في حديثه مع "المونيتور" أن تقدم مصر على إعادة فتح قنصليّتها بغزّة في هذا الوقت تحديداً، وقال: في عرف العلاقات الدوليّة، إنّ القيام بخطوة افتتاح قنصليّة ما في منطقة تشهد خلافات داخليّة يمثّل انحيازاً لطرف على آخر.

وتوقّع أن تصطدم تلك الخطوة، إن تمّت، برفض رسميّ فلسطينيّ.

وشدّد على أنّ مصر لا تزال تنظر إلى قطاع غزّة، الذي تحكمه "حماس"، على أنّه مصدر تهديد أمنيّ لها، رغم الخطوات والتسهيلات المصريّة الأخيرة التي قدّمت إلى غزّة، والتي تهدف من خلالها إلى محاولة رسم معالم جديدة في العلاقات مع الفلسطينيّين، في ظلّ فشل تطبيق خارطة الطريق العربيّة لإنهاء الخلافات الفتحاويّة الداخليّة بسبب رفض عبّاس المصالحة مع دحلان، والخلافات بين "فتح" و"حماس".

الأيّام المقبلة تحمل في طيّاتها الإجابة عمّا إذا كانت مصر ستقدم على خطوة افتتاح قنصليّتها في غزّة التي تتوقع زيارة الوفد المصري لقطاع غزة في أي لحظة، وهو ما سيعني انحيازها لصالح تيّار دحلان في مواجهة عبّاس، الذي لا يزال مصرّاً على رفض المصالحة مع دحلان. فلأول مرة مصر لم ترسل وفداً رسمياً للمشاركة في مؤتمر فتح السابع، ومن حضر هو وزير الخارجية الأسبق محمد عرابي وألقى كلمة خلال المؤتمر بصفته الشخصية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...