الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016


القضاء... ساحة المواجهة الجديدة بين عبّاس ودحلان
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – لم تمض ساعات على قرار الرئيس محمود عبّاس في 12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، رفع الحصانة عن 5 نوّاب في المجلس التشريعيّ، وفي مقدّمتهم النائب المفصول من حركة فتح محمّد دحلان، تمهيداً للتحقيق معهم في تهم "اختلاس أموال وتجارة أسلحة"، حتّى سارعت محكمة الفساد الفلسطينيّة في 14 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، بتوجيه تهمة الاختلاس إلى النائب دحلان، والحكم بسجنه 3 سنوات وتغريمه 16 مليون دولار.

جاء قرار المحكمة الذي لم يكن مفاجئاً للكثيرين في الشارع الفلسطينيّ نتيجة تفاقم الخلاف يين الرئيس عبّاس وخصمه دحلان الذي بدأ بعد وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات 2004،على إثر تبادل اتهامات بين الطرفين بالقيام بإغتيالات وأعمال فساد والتعامل مع إسرائيل، ليصبّ المزيد من الزيت على نار الخلافات بين الرجلين، ممّا دفع الأخير إلى رفض ذلك القرار المفاجئ عبر تصريح لموقع "أمد" المقرب منه بتاريخ 14 ديسمبر الجاري، ومطالبته بتشكيل لجنة تحقيق وطنيّة ومحايدة للبحث في الاتّهامات التي وجّهتها إليه المحكمة، مع تسليمه سلفاً بالقرارات التي ستتّخذها في حقّه.

واتّهم دحلان في 14 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري من خلال تصريحات صحفية له نشرتها الكثير من وسائل الإعلام الفلسطينية الرئيس عبّاس باختلاس 6 ملايين دولار من أحد البنوك الفلسطينيّة عنوة، والتي كانت جزءاً من مبلغ 20 مليون دولار تبرّعت به إحدى الدول العربيّة التي لم يسمّها كدعم للأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة لشراء معدّات، حيث كان يعمل دحلان آنذاك منسّقاً للشؤون الأمنيّة في الرئاسة الفلسطينيّة في عامي 2007 و2008.

ونشر موقع فلسطين الآن الإخباريّ في 16 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري وثيقة يعود تاريخها إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، مرسلة من هيئة مكافحة الفساد في رام الله إلى الرئيس الفلسطينيّ عبّاس تطالب فيها موافقته على إجراءات الإسراع في تجهيز ملفّ الاتّهام ضدّ دحلان ومحاكمته.

أكّد النائب المفصول من حركة فتح عبد الحميد المصري، وهو إحدى الشخصيّات المقرّبة من دحلان، لـ"المونيتور" أنّ النائب دحلان سيخرج خلال أيّام قليلة للإعلام، ليردّ على اتّهامات محكمة الفساد له، والتي اعتبرها أداة في يدّ الرئيس عبّاس.

وقال المصري: "منذ فترة طويلة، يوظّف عبّاس القضاء وكلّ أجهزة السلطة الفلسطينيّة ومنظّمة التحرير لأهدافه الشخصيّة، ولم يتورّع يوماً عن استخدام القضاء والأجهزة الأمنيّة، وكلّ مقوّمات السلطة ضدّ خصومه".

وأضاف: "الرئيس عبّاس وأبناؤه هم أكثر الناس اختلاساً لأموال السلطة الفلسطينيّة"، مشيراً إلى أنّ العام الجاري شهد إساءة كبيرة من قبل الرئيس عبّاس إلى القضاء الفلسطينيّ، عبر تشكيله المحكمة الدستوريّة والتي منحته الأحقّية في رفع الحصانة عن نوّاب المجلس التشريعيّ، على الرغم من أنّ ذلك الأمر يتعارض مع القانون الأساسيّ الفلسطينيّ.

أمّا عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح عبّاس زكي فكشف لـ"المونيتور" أنّ العديد من التقارير والملفّات التي تحمل تهماً ضدّ عدد من نوّاب المجلس التشريعيّ وصلت إلى القضاء، ممّا دفع المحكمة الدستوريّة إلى منح الرئيس عبّاس صلاحيّة رفع الحصانة عن النوّاب المتّهمين من أجل التحقيق معهم.

وأوضح أنّه في حال لم تثبّت على النائب تهم من التي ذكرت في حقّه، فستتم إعادة الحصانة البرلمانيّة إليه، مشيراً إلى أنّ كلّ دول العالم تتعامل بهذا الأسلوب، ومشدّداً على أنّه لا يجوز أن يكون النائب فوق القانون.

من جانبه، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ حسن خريشة لـ"المونيتور": "تلقّينا بصدمة كبيرة رفع الرئيس عبّاس الحصانة عن 5 نوّاب، وبعدها بيوم واحد إدانة نائب بالسجن 3 سنوات وبغرامة ماليّة كبيرة تقدّر بـ16 مليون دولار".

وأضاف: "كلّ التوقّعات كانت تشير إلى أنّ مرسوم الرئيس عبّاس في 3 نيسان/أبريل الماضي تشكيل محكمة دستوريّة هدفه حلّ المجلس التشريعيّ، أو القيام بخطوات أخرى تتعلّق بتعديل القوانين، من دون الرجوع إلى المجلس التشريعيّ، إلّا أنّ الرئيس عبّاس فاجأ الجميع وذهب في اتّجاه رفع الحصانة عن بعض النوّاب الذين يشكّلون خصوماً سياسيّين له".

وشدّد على أنّه لا يوجد في القانون الأساسيّ الفلسطينيّ أيّ مسوّغ قانونيّ يعطي للرئيس عبّاس الأحقّية في رفع الحصانة عن أيّ نائب، داعياً جميع نوّاب المجلس التشريعيّ إلى التحرّك في شكل جماعيّ لوقف تلك الممارسات غير القانونيّة التي يقوم بها الرئيس عبّاس.

وتنصّ المادّة 53 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ على أنّه "لا يجوز لعضو المجلس التشريعيّ التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس، ولا تسقط الحصانة بانتهاء العضويّة، وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدّة العضويّة".

اعتبر المختصّ القانونيّ ومدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجيّة – مسارات صلاح عبد العاطي لـ"المونيتور" أنّ رفع الحصانة عن النوّاب، ومحاكمة النائب دحلان بتهمة الاختلاس لا يجوزان قانوناً، فهناك نصوص واضحة في القانون الأساسيّ الفلسطينيّ تخصّ حصانة النوّاب، وأنّه لا يجوز رفع الحصانة عن أيّ نائب أو مساءلته أمام القضاء أو استجوابه في دعوى مدنية أو جنائية.

وبيّن أنّ حصانة النوّاب لا تنتهي بولاية المجلس التشريعيّ، بل تنتهي بتشكيل مجلس تشريعيّ جديد، وهو ما لم يحدث منذ آخر انتخابات تشريعيّة في عام 2006، جرّاء الانقسام الفلسطينيّ، معتبراً محاكمة نائب في المجلس التشريعيّ بعد رفع الحصانة عنه تغوّل من السلطة التنفيذيّة على السلطتين التشريعيّة والقضائيّة.

وحذّر من أنّ استمرار تفرّد الرئيس عبّاس بإصدار المراسيم والقرارات من دون الرجوع إلى المؤسّسات الرسميّة الفلسطينيّة أو القانون، يهدّد النظام السياسيّ الفلسطينيّ برمّته، والتي كانت آخر فصولها محاكمة نائب بعد يوم واحد فقط من رفع الحصانة عنه.

من جانبه، استغرب أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأقصى في غزّة رياض الأسطل محاكمة دحلان ورفع الحصانة عنه وعن 4 نوّاب آخرين في خلاف، هو في الأصل تنظيميّ، ويخصّ حركة فتح داخليّاً ولا علاقة للمؤسّسات العامّة به، مشيراً إلى أنّه لا مبرّر لسحب أيّ مناصب يشغلها النوّاب خارج التنظيم، كون الشعب هو من أعطاهم هذه المناصب عبر الانتخابات.

ورأى الأسطل في حديثه إلى "المونيتور" أنّ قرار محكمة الفساد في حقّ النائب دحلان، هو محاولة جديدة من قبل الرئيس عبّاس لإقصاء خصومه عن طريق القضاء، مشيراً إلى أنّ الشرخ داخل حركة فتح يزداد مع تلك الخطوات والتي توقّعها البعض بعد المؤتمر السابع لحركة فتح والذي عقد نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ذهبت التساؤلات المثارة في الشارع الفلسطينيّ في اتّجاه ما إذا كانت السلطة الفلسطينيّة تقدم على تقديم طلب للإنتربول الدوليّ لاعتقال النائب دحلان والذي يستقرّ في الإمارات العربيّة المتّحدة حاليّاً، وذلك في حال نجحت السلطة الفلسطينيّة في الانضمام إلى تلك المؤسّسة الدوليّة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...