الأربعاء، 25 يناير 2017


عبّاس يضع شروطاً لحلّ مشكلة كهرباء غزّة وحماس تتّهمه بافتعال الأزمة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – لا تزال أزمة انقطاع التيّار الكهربائيّ في قطاع غزّة تلقي بظلالها على مناحي الحياة كافّة، وسط تبادل الاتّهامات بين السلطة الفلسطينيّة وسلطة الطاقة في رام الله من جانب، وحركة حماس وسلطة الطاقة في قطاع غزّة من جانب آخر، حول أسبابها، حيث وصلت نسبة العجز إلى أكثر من 50% من كمية الكهرباء التي يحتاجها قطاع غزة يومياً.

تلك الأزمة والتي تشتدّ خلال فصل الشتاء نتيجة الاستهلاك الكبير للكهرباء، بدأت عقب قيام إسرائيل بقصف أجزاء من محطّة الكهرباء الوحيدة في وسط قطاع غزّة، وتدميرها في 28 حزيران/يونيو 2006، ممّا أدخل غالبيّة مدن قطاع غزّة ومخيّماته في الظلام، وحرم أكثر من 700 ألف مواطن من الكهرباء لأيّام طويلة، وهو الأمر الذي أدخل إعادة ترميم تلك المحطّة وغيرها من مصادر الكهرباء وتطويرها، في آتون الصراعات السياسيّة بين الحكومة وحركة حماس.

طالب رئيس الحكومة الفلسطينيّة رامي الحمد الله حركة حماس في مؤتمر صحافيّ عقده في 16 كانون الثاني/يناير الجاري بتسليم القطاعات الحكوميّة كافّة في قطاع غزّة بالكامل إلى حكومة التوافق، بما فيها ملفّ الكهرباء لحلّ المشكلة، وذلك في ردّ على بيان لحركة حماس صادر في 11 كانون الثاني/يناير الجاري، والتي أبدت فيه حماس موافقة على اقتراح الفصائل الفلسطينيّة إعادة تشكيل مجلس إدارة شركة الكهرباء أو تشكيل مجلس أعلى للطاقة في قطاع غزّة.

فيما جاءت تصريحات رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس على هامش مؤتمر صحافيّ في رام الله في 17 كانون الثاني/يناير الجاري، والتي قال فيها: "هناك الكثير من الأخطاء والخطايا تجري في ملفّ الكهرباء في غزّة، أخطاء تتعلّق بالنفط وأخرى بتوزيع الكهرباء وأخرى بجمع الاشتراكات، والتي تتحمّل مسؤوليّتها شركة الكهرباء في غزّة وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزّة"، لتزيد من حدّة الاتّهامات المتبادلة.

وأضاف: "عندما تصحّح كلّ الأمور، نحن جاهزون لأنّ نبذل كلّ ما نستطيع حتّى نوفّر الكهرباء". وهو ما دفع حماس إلى اعتبار تصريحات الرئيس عبّاس تلك أنّها دليل على دوره في افتعال أزمة الكهرباء والتضييق على سكّان قطاع غزّة والتحريض على حماس.

وشهد قطاع غزّة خلال الشهر الجاري تظاهرات احتجاجيّة على استمرار أزمة الكهرباء، وهو ما دفع حركة حماس التي تدير قطاع غزّة إلى البحث عن حلول عاجلة تمثّلت في مباحثات أجراها نائب رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس اسماعيل هنيّة مع الرئاسة التركيّة وأمير قطر، أثمرت عن تبرّع تركيا في 14 يناير الجاري، بـ15 ألف طنّ من السولار الصناعيّ اللازم لتشغيل محطّة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزّة، فيما أوعز أمير قطر في 16 يناير الجاري، بتحويل مبلغ 12 مليون دولار لشراء الوقود أيضاً.

زادت الجهود تلك والتي أثمرت عن حلّ جزئيّ لمشكلة الكهرباء ساعات وصول التيّار الكهربائيّ إلى المواطنين، فيما اعتبرها رئيس سلطة الطاقة في الضفّة الغربيّة ظافر ملحم بتاريخ 16 يناير الجاري، أنّها حلول آنيّة، ولا يمكنها حلّ المشكلة في شكل جذريّ، مطالباً بتمكين حكومة التوافق وسلطة الطاقة في رام الله من العمل بحريّة في غزّة لحلّ المشكلة في شكل جذريّ.

وقال النائب في المجلس التشريعيّ والقياديّ في حركة حماس يحيى موسى لـ"المونيتور": "حلّ مشكلة الكهرباء في يدّ السلطة الفلسطينيّة، فهي الجهّة المعترف بها دوليّاً في عقد الاتّفاقيّات وليس حركة حماس"، مطالباً الرئيس عبّاس بمصارحة الشعب، والاعتراف بأنّه هو من يعطّل توقيع الاتّفاقيّات والمشاريع الدوليّة لحلّ المشكلة منها مشروع قطري لإنشاء محطة للطاقة الشمسية شرق غزة، ومشروع خط الكهرباء المسمى (161) من إسرائيل، ومشروع إماراتي لإنشاء محطة للكهرباء تزود القطاع بـ 500 ميغاوات.

من جانبه، ذكر مدير العلاقات العامّة والإعلام في شركة الكهرباء في غزّة محمّد ثابت لـ"المونيتور" أنّ عدد اشتراكات الكهرباء في غزّة تبلغ 252 ألف اشتراك، ويتخلّف 60 ألف مشترك عن دفع الفاتورة الشهريّة، وهو ما يمكّنهم من تحصيل 48% فقط من فاتورة الكهرباء الشهريّة لقطاع غزّة، والتي تتراوح بين 45 و50 مليون شيكل شهريّاً.

وأوضح أنّ الشركة ستقوم خلال الأيّام المقبلة باتّخاذ إجراءات قانونيّة تلاحق بموجبها المتخلّفين عن سداد الفاتورة، ولديهم القدرة الماليّة على دفعها، معتبراً أنّه في حال التزم المشتركون كافّة بسداد الفاتورة الشهريّة، فإنّهم سيساعدون في حلّ جزء من المشكلة.

وتتنوّع مصادر الكهرباء لقطاع غزّة بين ما يتمّ إنتاجه من محطّة الكهرباء التي تعمل بنصف طاقتها (60 ميغاوات) وأحياناً أقلّ بعد قصفها، فيما توفّر خطوط الكهرباء الواصلة من إسرائيل قرابة الـ120 ميغاوات، والخطوط الواصلة من جمهوريّة مصر العربيّة 32 ميغاوات، وهو ما يعني وصول التيّار الكهربائيّ 8 ساعات يوميّاً، حيث تحتاج غزّة قرابة 400 ميغاوات يوميّاً، وما يصلها الآن هو فقط 212 ميغاوات.

حمّل المحلّل السياسيّ محسن أبو رمضان السلطة الفلسطينيّة المسؤوليّة عن حلّ مشكلة الكهرباء في قطاع غزّة، وذلك لما تملكه من صلاحيّات لتوقيع الاتّفاقيّات مع الدول، مطالباً حماس في الوقت ذاته بتطبيق ما اتّفقت عليه الفصائل الفلسطينيّة خلال ورشة عمل في غزّة في 14 كانون الثاني/يناير، وأهمّها تشكيل هيئة متابعة وطنيّة لحلّ المشكلة، إضافة إلى إلزام المؤسّسات الحكوميّة التي تديرها في قطاع غزّة بدفع ما تقوم باستهلاكه من كهرباء.

وبيّن في حديث إلى "المونيتور" أنّ هناك العديد من المشاريع والمقترحات وضعت منذ سنوات أمام الحكومة الفلسطينيّة لحلّ المشكلة، والمتمثّلة في زيادة كميّة الكهرباء الواصلة من إسرائيل إلى غزّة عبر خطّ 161 والذي اقترحته سلطة الطاقة في غزة، إضافة إلى مشروع الربط الثمانيّ مع الدول العربيّة والذي انضمت إليه السلطة عام 2012، وتوقف العمل به لعدم وجود قرار من السلطة الفلسطينية بالتنفيذ، ومدّ خطّ غاز طبيعيّ اقترحته قطر لشركة الكهرباء في غزّة وغيرها من المشاريع، ولكنّها لم تنفّذ.

وتوافق المحلّل السياسيّ أسعد أبو شرخ مع سابقه في أنّ السلطة الفلسطينيّة تتحمّل المسؤوليّة عن قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ مشكلة الكهرباء بدأت مع قيام السلطة الفلسطينيّة في عام 1994، وإنشائها محطّة الكهرباء في غزة بتروبينات جودتها ضعيفة، ناهيك عن سحبها (السلطة) صلاحيّة توزيع الكهرباء وجباية الأموال من بلديّات قطاع غزّة، ووضعها في يدّ شركة ومحطّة الكهرباء في غزة التي كانت تديرها سابقاً، ومن ثم أصبحت سلطة الطاقة (مهمتها توفير مصادر الكهرباء) التي يديرها موظفون عينهم حماس تقوم بتلك المهمة منذ عام 2007، فيما تقوم شركة الكهرباء في غزة (قطاع خاص) بجباية الأموال من المواطنين.

ورأى في حديثه إلى"المونيتور" أنّ السلطة الفلسطينيّة تولي اهتماماً للضفّة الغربيّة دون قطاع غزّة، بعد سيطرة حركة حماس عليه.

لا تلوح في الأفق حلول جذريّة لمشكلة الكهرباء في غزّة، فيما تشير التوقّعات أنّ تلك الأزمة ستعود إلى الواجهة من جديد بعد نفاذ كميّات الوقود التي تبرّعت بها قطر وتركيا، والتي تكفي لثلاثة أشهر فقط.



الثلاثاء، 10 يناير 2017


السلطة الفلسطينية تسعى لترميم علاقتها "المتقلبة" مع مصر
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة - تسعى السلطة الفلسطينية إلى ترميم علاقتها مع مصر في ظل حالة التوتر التي سادت بين الجانبين في أعقاب رفض الرئيس محمود عباس التجاوب مع "خارطة الطريق" العربية، والتي تقودها الرباعية العربية (السعودية ومصر والامارات والأردن) بهدف إجراء مصالحة داخلية في حركة فتح بين الرئيس عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، ومن ثم مصالحة بين حركتي فتح وحماس.

الرئيس الفلسطيني أوفد في 30 ديسمبر 2016، أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير صائب عريقات في زيارة مفاجئة إلى القاهرة التقى خلالها عريقات بوزير الخارجية المصري سامح شكري في 31 ديسمبر 2016، وبحث الجانبان الأزمة التي اندلعت بينهما في أعقاب سحب مصر مشروع قرار إدانة البناء الاستيطاني من مجلس الأمن في 22 ديسمبر 2016، لتقدمه (مشروع القرار نفسه) نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال مجدداً للتصويت في 23 ديسمبر 2016، وينال المشروع الأغلبية بـ14 صوتاً، فيما امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.

مصدر في وزارة الخارجية المصرية بالقاهرة فضل عدم الكشف عن هويته، صرح لـ"المونيتور"، أن زيارة عريقات جاءت لتؤكد على أن العلاقات بين السلطة الفلسطينية ومصر هي علاقات قوية، هذا بالإضافة إلى التباحث في آليات تفعيل قرار مجلس الأمن الأخير بشأن إدانة البناء الاستيطاني.

وبين المصدر أن الجانبين بحثا التنسيق فيما بينهما الخطوات المقبلة التي يمكن أن تقوم بها المجموعة العربية للتحرك على المستوي الدولي لتحقيق تقدم في القضية الفلسطينية، وتحديداً السعي مجدداً لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

فيما كشف مصدر في حركة فتح لصحيفة الرسالة المحلية في 31 ديسمبر 2016، أن عريقات بحث مع وزير الخارجية المصري أيضاً إمكانية عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني المقبلة في العاصمة المصرية، ومدى قبول القاهرة لذلك الطرح، واستعدادها لاستقبال الفصائل الفلسطينية كافة على أراضيها.

هذا ومن المقرر أن تعقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة اللبنانية بيروت في 10 و11 يناير الجاري، لضمان مشاركة الفصائل الفلسطينية كافة فيها، ولأن عقدها في الضفة الغربية سيحول دون وصول قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين أعلنتا موافقتهما على المشاركة في الجلسة بسبب منعهم من دخول الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل التي تحكم سيطرتها على المعابر بين الضفة الغربية والأردن.

من جانبه قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد لـ"المونيتور": "إن زيارة عريقات للقاهرة جاءت لتؤكد على عدم وجود أي أزمة أو توتر في العلاقة بين السلطة الفلسطينية ومصر"، مضيفاً: "مصر كانت وستبقى الدولة العربية الحاضنة للقضية الفلسطينية".

وأوضح الأحمد أن عريقات بحث مع المسئولين المصريين آليات تطبيق قرار مجلس الأمن (2334) الخاص بإدانة البناء في المستوطنات، على أرض الواقع، وتنسيق الجهود مع مصر استعداداً لمؤتمر باريس للسلام الذي سيعقد منتصف يناير الجاري.

ورفض الأحمد الحديث عن ضغوطات عربية، وتحديداً من مصر على الرئيس عباس لعقد مصالحة مع دحلان، مؤكداً أن قضية دحلان وغيره من المتجنحين أصبحت خلفهم ظهورهم، ومنوهاً إلى أن القاهرة لا يمكنها أن تربط مصير القضية الفلسطينية بشخص (يقصد دحلان).

التحرك الفلسطيني لترميم العلاقة مع "الرباعية العربية" وفي مقدمتها مصر جاء بعد زيارة الرئيس محمود عباس إلى السعودية في 21 ديسمبر 2016، والتي جاءت بعد انتهاء أعمال مؤتمر فتح السابع الذي عقد بين 29 نوفمبر و4 ديسمبر الجاري بمدينة رام الله، واستطاع خلاله الرئيس عباس تثبيت مكانته ونفوذه داخل حركة فتح على حساب تيار دحلان الذي قام بتهميشه.

مصر التي أفسحت المجال أمام نشاطات تيار دحلان على أراضيها، والتي جاءت نكاية في الرئيس عباس الذي يرفض خارطة الطريق العربية للمصالحة مع دحلان، وصلها الأخير في 1 يناير الجاري، أي بعد يوم واحد فقط من زيارة عريقات، وأكدت مصادر مقربة منه (دحلان)، لصحيفة اليوم السابع المصرية في 1 يناير الجاري، أنه سيلتقى العديد من المسئولين المصريين لبحث التطورات على الساحة الفلسطينية، وفي مقدمتها جهود تحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية، والتطرق لخارطة الطريق العربية لإنقاذ القضية الفلسطينية.

المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة الرسالة النصف أسبوعية والمقربة من حركة حماس وسام عفيفة رأى أن السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس تعي جيداً أهمية الدور المصري بالنسبة للقضية الفلسطينية، وهو ما يحتم عليها (السلطة) إعادة ترتيب العلاقة مع مصر في ظل حالة التوتر التي تطغى على العلاقة بين الطرفين بعد الضغوطات المصرية على الرئيس عباس لتحقيق المصالحة مع دحلان.

وأشار عفيفة في حديث مع "المونيتور" إلى أن الرئيس عباس وبعد أن نجح في تحصين نفسه داخلياً في حركة فتح بعد المؤتمر السابع، يسعى لتحصين مكانته كرئيس فلسطيني وزعيم لحركة فتح لدى الدول العربية، وفي مقدمتها الرباعية العربية.

وأوضح عفيفة أن عودة العلاقات إلى سابق عهدها في هذا الوقت تحديداً أمر مستبعد في ظل عدم تخلي مصر عن دحلان واستقباله بين فترة وأخرى، وفي المقابل رفض الرئيس عباس للمتطلبات المصرية في هذا الاطار (مصالحة دحلان).

وتوافق المحلل السياسي محسن أبو رمضان مع سابقه في أن مصالح مشتركة للجانبين تدفع باتجاه ترطيب العلاقة بينهما، لافتاً إلى أن تلك العلاقة لن تعود بدرجة الحميمية التي كانت في السابق لإصرار الرئيس عباس على عدم استجابته للمساعي العربية في قضية المصالحة مع دحلان من جهة ومع حماس من جهة أخرى.

وبين أبو رمضان لـ"المونيتور" أن الرئيس عباس حاول استبدال الرعاية المصرية للمصالحة الداخلية مع حماس بالرعاية التركية القطرية وحاول أيضاً التمحور بعيداً عن الرباعية العربية، إلا أنه عاد مجدداً لها لقناعته مدى أهمية تلك الدول العربية في تحركاته الدبلوماسية في المحافل الدولية.

السلطة الفلسطينية التي تدرك أهمية مصر كحاضنة للقضية الفلسطينية على مدار عقود سابقة، لا يمكنها بسهولة أن تدير الظهر لها في ظل انشغال العديد من الدول العربية بخلافاتها الداخلية، أو مع دول الجوار كالسعودية وحربها في اليمن، فهي بأمس الحاجة إلى حاضنة عربية تساعدها في التحرك على المستوي الدولي لنيل الحقوق الفلسطينية.



الأحد، 8 يناير 2017


بعد قرار ادانة الاستيطان... الفلسطينيّون يقلّلون من جديّة قرار إسرائيلي بوقف التنسيق المدنيّ
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أصدر وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان قراراً في 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2016، لمنسّق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في المناطق الفلسطينيّة يوآف مردخاي، لوقف أشكال التنسيق واللقاءات المحليّة والسياسيّة كافّة مع المسؤولين الفلسطينيّين، وذلك ردّاً على قرار مجلس الأمن في 23 كانون الأوّل/ديسمبر 2016، الذي يدين المستوطنات الإسرائيليّة.

القرار الذي استثنى التنسيق الأمنيّ، نظراً إلى أهميّته بالنسبة إلى الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ، وتحديداً في ملاحقة العناصر التي تتّهمها إسرائيل بالتحضيرات لهجمات ضدّ أهداف إسرائيليّة، اعتبره المسؤولون الفلسطينيّون أنّه مجرّد فقاعة إعلاميّة، موجّهة إلى الشارع الإسرائيليّ، بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهتها المعارضة الإسرائيلية إلى حكومة نتنياهو بعد قرار مجلس الأمن.

وانتقد رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس في 30 ديسمبر 2016، قرار وزير الدفاع الإسرائيليّ، وأكّد أنّه يرفض هذا الأسلوب في تعامل إسرائيل مع الفلسطينيّين، مشدّداً على أنّ التنسيق الأمنيّ بين الطرفين سيستمرّ باعتباره مصلحة مشتركة للفلسطينيّين والإسرائيليّين.

صوّت لصالح القرار الذي اعتبره الفلسطينيّون تاريخيّاً، 14 دولة، فيما امتنعت الولايات المتّحدة الأميركيّة عن التصويت من دون أن تستخدم الفيتو، فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، القرار بـ"المخجل"، واتّهم إدارة باراك أوباما بالوقوف خلف ذلك القرار.

وقال عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة واصل أبو يوسف في حديث إلى "المونيتور": "إنّ المصلحة الفلسطينيّة تقتضي إنهاء أشكال التنسيق المدنيّ والسياسيّ والأمنيّ كافّة مع إسرائيل، وتحميلها المسؤوليّة عن كلّ الجرائم التي ارتكبتها ضدّ الشعب الفلسطينيّ".

وبيّن أبو يوسف أنّ إسرائيل مهما اتّخذت من إجراءات عقابيّة ضدّ الفلسطينيّين، فلن تدفعهم إلى التراجع عن انتزاع حقوقهم عبر المؤسّسات الدوليّة، داعياً في الوقت ذاته السلطة الفلسطينيّة إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزيّ لمنظّمة التحرير في 5 آذار/مارس 2015، والتي تضمّنت وقف أشكال التنسيق كافّة مع إسرائيل، بما فيها الأمنيّ.

وأشار إلى أنّ إسرائيل لا يمكنها أن تقدم على خطوات عقابيّة تجاه الفلسطينيّين، أكثر ممّا تقوم به في هذه الأيّام من مصادرة للأراضي في الضفّة الغربيّة وبناء المستوطنات والإعدامات الميدانيّة للفلسطينيّين، موضحاً أنّ الخطوة التالية التي تحضّر لها السلطة الفلسطينيّة هي التأكيد على موقف مجلس الأمن بإدانة البناء الاستيطاني خلال مؤتمر باريس للسلام الذي سيعقد في 15 كانون الثاني/يناير الجاري، وإلزام اسرائيل بتنفيذ القرار.

من جانبه، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنيّة مصطفى البرغوثي قرار ليبرمان بـ"التهديدات الجوفاء"، والتي لا رصيد لها على أرض الواقع، كون إسرائيل تعاقب الفلسطينيّين في كلّ يوم.

وقال البرغوثي لـ"المونيتور": "إذا أرادت إسرائيل وقف التنسيق المدنيّ، فيجب على السلطة الفلسطينيّة وقف التنسيق الأمنيّ أيضاً، وتطبيق قرار المجلس المركزيّ الفلسطينيّ التي طالبت بتحديد العلاقة مع إسرائيل، ووقف أشكال العلاقة والتنسيق كافّة مع إسرائيل".

وطالب السلطة الفلسطينيّة بعدم الخضوع إلى التهديدات الإسرائيليّة والأميركيّة، وتحديداً الصادرة عن الرئيس الأميركيّ المنتخب دونالد ترامب ومساعديه، بأنّ الوضع سيتغيّر بعد 20 كانون الثاني/يناير الجاري في مجلس الأمن، وبتقديم وعود إلى إسرائيل بنقل السفارة الأميركيّة من تلّ أبيب إلى القدس، وتشجيع المستوطنات في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة.

دعا عضو المكتب السياسيّ للجبهة الشعبيّة كايد الغول في حديثه إلى "المونيتور" السلطة الفلسطينيّة إلى عدم ترك زمام المبادرة في يدّ الحكومة الإسرائيليّة في قضيّة وقف التنسيق، سواء المدنيّ أم الأمنيّ، مطالباً إيّاها (السلطة) بالتقدّم على إسرائيل في ذلك، ووقف أشكال التنسيق كافّة معها.

ورأى أنّ أيّ خضوع من قبل السلطة الفلسطينيّة إلى التهديدات الإسرائيليّة، بعد قرار وقف التنسيق المدنيّ وما يمكن أن يتضمّنه من وقف تحوّل الأموال إلى السلطة الفلسطينيّة، ومنع سفر بعض المسؤولين، أو تقليص تصاريح العمل للعمّال الفلسطينيّين، سيضرّ بالقرارات الدوليّة التي اتّخذت لصالح القضيّة الفلسطينيّة أخيراً.

وطالب الغول السلطة الفلسطينيّة بالتحلّل من الاتّفاقيّات التي تربط الفلسطينيّين بإسرائيل، وإعادة بناء الاستراتيجيّة الداخليّة الفلسطينيّة القائمة على نبذ الانقسام والتوحّد أمام المخطّطات الإسرائيليّة القاضية بتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وعدم الالتفات إلى تهديدات ترامب ومساعديه، باستخدام حقّ النقض ضدّ أيّ قرار يمسّ إسرائيل بعد 20 كانون الثاني/يناير الجاري.

الـ"فيتو" الأميركيّ استخدمته أميركا 33 مرّة منذ عام 1979 حتّى عام 2014، ضدّ قرارات تتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، والتي كان آخرها في كانون الأوّل/ديسمبر 2014، على مشروع قرار تقدّمت به المجموعة العربيّة في مجلس الأمن، يدعو إلى إعلان الدولة الفلسطينيّة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ خلال عام 2017.

استبعد أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الإسلاميّة في غزّة وليد المدلّل في حديث إلى "المونيتور" أن تنفّذ إسرائيل قرار وقف التنسيق المدنيّ مع السلطة الفلسطينيّة، لما في ذلك مصلحة للطرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، معتبراً أنّ ذلك القرار هدفه توجيه رسالة إلى الجمهور الإسرائيليّ بعد انتقادات المعارضة لنتنياهو لردّ الاعتبار إلى الحكومة الإسرائيليّة بعد قرار مجلس الأمن.

ورأى المدلّل أنّ من السخافة الاقتناع بأنّ قرار إدانة المستوطنات سيمثّل رادعاً لإسرائيل، كون الاستيطان تجاوز القرارات الدوليّة والادانات، ووصل إلى مرحلة من الصعب أن يتمّ التغلب عليه وإزالة المستوطنات في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقية، مرجّحاً في الوقت ذاته أن يربك القرار إسرائيل سياسيّاً ودبلوماسيّاً ليس أكثر.

وتوافق المحلّل السياسيّ محمّد هواش مع سابقه في التقليل من أهميّة الإجراءات العقابيّة الإسرائيليّة تجاه الفلسطينيّين، والتي استبعد أن تكون أقسى ممّا تفرضه الآن على قطاع غزّة من حصار بدأ عام 2006، ومصادرة للأراضي في الضفّة الغربيّة، وتوسّع المستوطنات.

وحذّر هواش في حديثه إلى "المونيتور" من أنّ القلق الفلسطينيّ لا يتعلّق بالإجراءات الإسرائيليّة العقابيّة المعلنة، بل في الخوف من قيام إسرائيل بتجاهل المجتمع الدوليّ في قضيّة وقف الاستيطان والعودة إلى المفاوضات لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيّة.

يربط الفلسطينيّون الذين يقلّلون من جديّة قرار إسرائيل ذلك بارتياح إسرائيل لوعود إدارة ترامب والتي يمكن أن تعمل (إدارة ترامب) على إلغاء قرار مجلس الأمن بشأن إدانة المستوطنات بعدما تتولّى مهامها في 20 كانون الثاني/يناير الجاري، ناهيك عن أنّ إسرائيل لن تلتزم بقرار مجلس الأمن.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...