عبّاس
يضع شروطاً لحلّ مشكلة كهرباء غزّة وحماس تتّهمه بافتعال الأزمة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – لا تزال أزمة انقطاع التيّار الكهربائيّ
في قطاع غزّة تلقي بظلالها على مناحي الحياة كافّة، وسط تبادل الاتّهامات بين السلطة
الفلسطينيّة وسلطة الطاقة في رام الله من جانب، وحركة حماس وسلطة الطاقة في قطاع
غزّة من جانب آخر، حول أسبابها، حيث وصلت نسبة العجز إلى أكثر من 50% من كمية الكهرباء التي
يحتاجها قطاع غزة يومياً.
تلك الأزمة والتي تشتدّ خلال فصل الشتاء نتيجة
الاستهلاك الكبير للكهرباء، بدأت عقب قيام إسرائيل بقصف أجزاء من محطّة
الكهرباء الوحيدة في وسط قطاع غزّة، وتدميرها في 28 حزيران/يونيو 2006، ممّا أدخل
غالبيّة مدن قطاع غزّة ومخيّماته في الظلام، وحرم أكثر من 700 ألف مواطن من
الكهرباء لأيّام طويلة، وهو الأمر الذي أدخل إعادة ترميم تلك المحطّة وغيرها من
مصادر الكهرباء وتطويرها، في آتون الصراعات السياسيّة بين الحكومة وحركة حماس.
طالب رئيس الحكومة الفلسطينيّة رامي الحمد الله
حركة حماس في مؤتمر صحافيّ عقده في 16 كانون الثاني/يناير الجاري بتسليم القطاعات
الحكوميّة كافّة في قطاع غزّة بالكامل إلى حكومة التوافق، بما فيها ملفّ الكهرباء
لحلّ المشكلة، وذلك في ردّ على بيان لحركة حماس صادر في 11
كانون الثاني/يناير الجاري، والتي أبدت فيه حماس موافقة على اقتراح الفصائل
الفلسطينيّة إعادة تشكيل مجلس إدارة شركة الكهرباء أو تشكيل مجلس أعلى للطاقة في
قطاع غزّة.
فيما جاءت تصريحات رئيس السلطة
الفلسطينيّة محمود عبّاس على هامش مؤتمر صحافيّ في رام الله في 17 كانون
الثاني/يناير الجاري، والتي قال فيها: "هناك الكثير من الأخطاء والخطايا تجري
في ملفّ الكهرباء في غزّة، أخطاء تتعلّق بالنفط وأخرى بتوزيع الكهرباء وأخرى بجمع
الاشتراكات، والتي تتحمّل مسؤوليّتها شركة الكهرباء في غزّة وحركة حماس التي تسيطر
على قطاع غزّة"، لتزيد من حدّة الاتّهامات المتبادلة.
وأضاف: "عندما تصحّح كلّ الأمور، نحن جاهزون لأنّ نبذل
كلّ ما نستطيع حتّى نوفّر الكهرباء". وهو ما دفع حماس إلى اعتبار تصريحات الرئيس عبّاس
تلك أنّها دليل على دوره في افتعال أزمة الكهرباء والتضييق على سكّان قطاع غزّة
والتحريض على حماس.
وشهد قطاع غزّة خلال الشهر الجاري تظاهرات احتجاجيّة على استمرار أزمة الكهرباء، وهو
ما دفع حركة حماس التي تدير قطاع غزّة إلى البحث عن حلول عاجلة تمثّلت في مباحثات
أجراها نائب رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس اسماعيل هنيّة مع الرئاسة التركيّة
وأمير قطر، أثمرت عن تبرّع تركيا في 14 يناير
الجاري، بـ15 ألف طنّ من السولار الصناعيّ اللازم لتشغيل محطّة الكهرباء الوحيدة
في قطاع غزّة، فيما أوعز أمير قطر في 16 يناير الجاري، بتحويل مبلغ 12 مليون دولار لشراء
الوقود أيضاً.
زادت الجهود تلك والتي أثمرت
عن حلّ جزئيّ لمشكلة الكهرباء ساعات وصول التيّار الكهربائيّ إلى المواطنين، فيما
اعتبرها رئيس سلطة الطاقة في الضفّة الغربيّة ظافر ملحم بتاريخ 16 يناير الجاري،
أنّها حلول آنيّة، ولا يمكنها حلّ
المشكلة في شكل جذريّ، مطالباً بتمكين حكومة التوافق وسلطة الطاقة في رام الله من
العمل بحريّة في غزّة لحلّ المشكلة في شكل جذريّ.
وقال النائب في المجلس التشريعيّ والقياديّ في حركة حماس يحيى
موسى لـ"المونيتور": "حلّ مشكلة الكهرباء في يدّ السلطة
الفلسطينيّة، فهي الجهّة المعترف بها دوليّاً في عقد الاتّفاقيّات وليس حركة
حماس"، مطالباً الرئيس عبّاس بمصارحة الشعب، والاعتراف بأنّه هو من يعطّل
توقيع الاتّفاقيّات والمشاريع
الدوليّة لحلّ المشكلة منها مشروع قطري لإنشاء محطة
للطاقة الشمسية شرق غزة، ومشروع خط الكهرباء المسمى
(161) من إسرائيل، ومشروع إماراتي لإنشاء محطة للكهرباء تزود القطاع
بـ 500 ميغاوات.
من جانبه، ذكر مدير العلاقات العامّة والإعلام في شركة
الكهرباء في غزّة محمّد ثابت لـ"المونيتور" أنّ عدد اشتراكات الكهرباء
في غزّة تبلغ 252 ألف اشتراك، ويتخلّف 60 ألف مشترك عن دفع الفاتورة الشهريّة، وهو
ما يمكّنهم من تحصيل 48% فقط من فاتورة الكهرباء الشهريّة لقطاع غزّة، والتي
تتراوح بين 45 و50 مليون شيكل شهريّاً.
وأوضح أنّ الشركة ستقوم خلال الأيّام المقبلة باتّخاذ إجراءات قانونيّة تلاحق
بموجبها المتخلّفين عن سداد الفاتورة، ولديهم القدرة الماليّة على دفعها، معتبراً
أنّه في حال التزم المشتركون كافّة بسداد الفاتورة الشهريّة، فإنّهم سيساعدون في
حلّ جزء من المشكلة.
وتتنوّع مصادر الكهرباء لقطاع غزّة
بين ما يتمّ إنتاجه من محطّة الكهرباء التي تعمل بنصف طاقتها (60 ميغاوات)
وأحياناً أقلّ بعد قصفها، فيما توفّر خطوط الكهرباء الواصلة من إسرائيل قرابة
الـ120 ميغاوات، والخطوط الواصلة من جمهوريّة مصر العربيّة 32 ميغاوات، وهو ما
يعني وصول التيّار الكهربائيّ 8 ساعات يوميّاً، حيث تحتاج غزّة قرابة 400 ميغاوات
يوميّاً، وما يصلها الآن هو فقط 212 ميغاوات.
حمّل المحلّل السياسيّ محسن أبو رمضان السلطة الفلسطينيّة
المسؤوليّة عن حلّ مشكلة الكهرباء في قطاع غزّة، وذلك لما تملكه من صلاحيّات
لتوقيع الاتّفاقيّات مع الدول، مطالباً حماس في الوقت ذاته بتطبيق ما اتّفقت عليه الفصائل الفلسطينيّة خلال ورشة عمل في
غزّة في 14 كانون الثاني/يناير، وأهمّها تشكيل هيئة متابعة وطنيّة لحلّ المشكلة،
إضافة إلى إلزام المؤسّسات الحكوميّة التي تديرها في قطاع غزّة بدفع ما تقوم
باستهلاكه من كهرباء.
وبيّن في حديث إلى "المونيتور" أنّ هناك العديد من المشاريع والمقترحات وضعت
منذ سنوات أمام الحكومة الفلسطينيّة لحلّ المشكلة، والمتمثّلة في زيادة كميّة
الكهرباء الواصلة من إسرائيل إلى غزّة عبر خطّ 161 والذي اقترحته سلطة
الطاقة في غزة، إضافة إلى مشروع الربط الثمانيّ مع الدول العربيّة والذي انضمت إليه
السلطة عام 2012، وتوقف العمل به لعدم وجود قرار من السلطة الفلسطينية
بالتنفيذ، ومدّ خطّ غاز طبيعيّ اقترحته قطر
لشركة الكهرباء في غزّة وغيرها من المشاريع، ولكنّها لم تنفّذ.
وتوافق المحلّل السياسيّ أسعد أبو شرخ مع سابقه في أنّ السلطة
الفلسطينيّة تتحمّل المسؤوليّة عن قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ مشكلة الكهرباء بدأت
مع قيام السلطة الفلسطينيّة في عام 1994، وإنشائها محطّة الكهرباء في
غزة بتروبينات جودتها ضعيفة، ناهيك عن سحبها (السلطة) صلاحيّة توزيع الكهرباء
وجباية الأموال من بلديّات قطاع غزّة، ووضعها في يدّ شركة ومحطّة الكهرباء في غزة
التي كانت تديرها سابقاً، ومن ثم أصبحت سلطة الطاقة (مهمتها توفير مصادر الكهرباء)
التي يديرها موظفون عينهم حماس تقوم بتلك المهمة منذ عام 2007، فيما تقوم شركة
الكهرباء في غزة (قطاع خاص) بجباية الأموال من المواطنين.
ورأى في حديثه إلى"المونيتور" أنّ السلطة
الفلسطينيّة تولي اهتماماً للضفّة الغربيّة دون قطاع غزّة، بعد سيطرة حركة حماس
عليه.
لا تلوح في الأفق حلول جذريّة لمشكلة الكهرباء في غزّة، فيما
تشير التوقّعات أنّ تلك الأزمة ستعود إلى الواجهة من جديد بعد نفاذ كميّات الوقود
التي تبرّعت بها قطر وتركيا، والتي تكفي لثلاثة أشهر فقط.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/01/gaza-power-crisis-electricity-shortage-foreign-projects.html#ixzz6F09bAXSc
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/01/gaza-power-crisis-electricity-shortage-foreign-projects.html#ixzz6F09bAXSc