الأحد، 8 يناير 2017


بعد قرار ادانة الاستيطان... الفلسطينيّون يقلّلون من جديّة قرار إسرائيلي بوقف التنسيق المدنيّ
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أصدر وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان قراراً في 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2016، لمنسّق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في المناطق الفلسطينيّة يوآف مردخاي، لوقف أشكال التنسيق واللقاءات المحليّة والسياسيّة كافّة مع المسؤولين الفلسطينيّين، وذلك ردّاً على قرار مجلس الأمن في 23 كانون الأوّل/ديسمبر 2016، الذي يدين المستوطنات الإسرائيليّة.

القرار الذي استثنى التنسيق الأمنيّ، نظراً إلى أهميّته بالنسبة إلى الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ، وتحديداً في ملاحقة العناصر التي تتّهمها إسرائيل بالتحضيرات لهجمات ضدّ أهداف إسرائيليّة، اعتبره المسؤولون الفلسطينيّون أنّه مجرّد فقاعة إعلاميّة، موجّهة إلى الشارع الإسرائيليّ، بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهتها المعارضة الإسرائيلية إلى حكومة نتنياهو بعد قرار مجلس الأمن.

وانتقد رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس في 30 ديسمبر 2016، قرار وزير الدفاع الإسرائيليّ، وأكّد أنّه يرفض هذا الأسلوب في تعامل إسرائيل مع الفلسطينيّين، مشدّداً على أنّ التنسيق الأمنيّ بين الطرفين سيستمرّ باعتباره مصلحة مشتركة للفلسطينيّين والإسرائيليّين.

صوّت لصالح القرار الذي اعتبره الفلسطينيّون تاريخيّاً، 14 دولة، فيما امتنعت الولايات المتّحدة الأميركيّة عن التصويت من دون أن تستخدم الفيتو، فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، القرار بـ"المخجل"، واتّهم إدارة باراك أوباما بالوقوف خلف ذلك القرار.

وقال عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة واصل أبو يوسف في حديث إلى "المونيتور": "إنّ المصلحة الفلسطينيّة تقتضي إنهاء أشكال التنسيق المدنيّ والسياسيّ والأمنيّ كافّة مع إسرائيل، وتحميلها المسؤوليّة عن كلّ الجرائم التي ارتكبتها ضدّ الشعب الفلسطينيّ".

وبيّن أبو يوسف أنّ إسرائيل مهما اتّخذت من إجراءات عقابيّة ضدّ الفلسطينيّين، فلن تدفعهم إلى التراجع عن انتزاع حقوقهم عبر المؤسّسات الدوليّة، داعياً في الوقت ذاته السلطة الفلسطينيّة إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزيّ لمنظّمة التحرير في 5 آذار/مارس 2015، والتي تضمّنت وقف أشكال التنسيق كافّة مع إسرائيل، بما فيها الأمنيّ.

وأشار إلى أنّ إسرائيل لا يمكنها أن تقدم على خطوات عقابيّة تجاه الفلسطينيّين، أكثر ممّا تقوم به في هذه الأيّام من مصادرة للأراضي في الضفّة الغربيّة وبناء المستوطنات والإعدامات الميدانيّة للفلسطينيّين، موضحاً أنّ الخطوة التالية التي تحضّر لها السلطة الفلسطينيّة هي التأكيد على موقف مجلس الأمن بإدانة البناء الاستيطاني خلال مؤتمر باريس للسلام الذي سيعقد في 15 كانون الثاني/يناير الجاري، وإلزام اسرائيل بتنفيذ القرار.

من جانبه، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنيّة مصطفى البرغوثي قرار ليبرمان بـ"التهديدات الجوفاء"، والتي لا رصيد لها على أرض الواقع، كون إسرائيل تعاقب الفلسطينيّين في كلّ يوم.

وقال البرغوثي لـ"المونيتور": "إذا أرادت إسرائيل وقف التنسيق المدنيّ، فيجب على السلطة الفلسطينيّة وقف التنسيق الأمنيّ أيضاً، وتطبيق قرار المجلس المركزيّ الفلسطينيّ التي طالبت بتحديد العلاقة مع إسرائيل، ووقف أشكال العلاقة والتنسيق كافّة مع إسرائيل".

وطالب السلطة الفلسطينيّة بعدم الخضوع إلى التهديدات الإسرائيليّة والأميركيّة، وتحديداً الصادرة عن الرئيس الأميركيّ المنتخب دونالد ترامب ومساعديه، بأنّ الوضع سيتغيّر بعد 20 كانون الثاني/يناير الجاري في مجلس الأمن، وبتقديم وعود إلى إسرائيل بنقل السفارة الأميركيّة من تلّ أبيب إلى القدس، وتشجيع المستوطنات في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة.

دعا عضو المكتب السياسيّ للجبهة الشعبيّة كايد الغول في حديثه إلى "المونيتور" السلطة الفلسطينيّة إلى عدم ترك زمام المبادرة في يدّ الحكومة الإسرائيليّة في قضيّة وقف التنسيق، سواء المدنيّ أم الأمنيّ، مطالباً إيّاها (السلطة) بالتقدّم على إسرائيل في ذلك، ووقف أشكال التنسيق كافّة معها.

ورأى أنّ أيّ خضوع من قبل السلطة الفلسطينيّة إلى التهديدات الإسرائيليّة، بعد قرار وقف التنسيق المدنيّ وما يمكن أن يتضمّنه من وقف تحوّل الأموال إلى السلطة الفلسطينيّة، ومنع سفر بعض المسؤولين، أو تقليص تصاريح العمل للعمّال الفلسطينيّين، سيضرّ بالقرارات الدوليّة التي اتّخذت لصالح القضيّة الفلسطينيّة أخيراً.

وطالب الغول السلطة الفلسطينيّة بالتحلّل من الاتّفاقيّات التي تربط الفلسطينيّين بإسرائيل، وإعادة بناء الاستراتيجيّة الداخليّة الفلسطينيّة القائمة على نبذ الانقسام والتوحّد أمام المخطّطات الإسرائيليّة القاضية بتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وعدم الالتفات إلى تهديدات ترامب ومساعديه، باستخدام حقّ النقض ضدّ أيّ قرار يمسّ إسرائيل بعد 20 كانون الثاني/يناير الجاري.

الـ"فيتو" الأميركيّ استخدمته أميركا 33 مرّة منذ عام 1979 حتّى عام 2014، ضدّ قرارات تتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، والتي كان آخرها في كانون الأوّل/ديسمبر 2014، على مشروع قرار تقدّمت به المجموعة العربيّة في مجلس الأمن، يدعو إلى إعلان الدولة الفلسطينيّة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ خلال عام 2017.

استبعد أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الإسلاميّة في غزّة وليد المدلّل في حديث إلى "المونيتور" أن تنفّذ إسرائيل قرار وقف التنسيق المدنيّ مع السلطة الفلسطينيّة، لما في ذلك مصلحة للطرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، معتبراً أنّ ذلك القرار هدفه توجيه رسالة إلى الجمهور الإسرائيليّ بعد انتقادات المعارضة لنتنياهو لردّ الاعتبار إلى الحكومة الإسرائيليّة بعد قرار مجلس الأمن.

ورأى المدلّل أنّ من السخافة الاقتناع بأنّ قرار إدانة المستوطنات سيمثّل رادعاً لإسرائيل، كون الاستيطان تجاوز القرارات الدوليّة والادانات، ووصل إلى مرحلة من الصعب أن يتمّ التغلب عليه وإزالة المستوطنات في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقية، مرجّحاً في الوقت ذاته أن يربك القرار إسرائيل سياسيّاً ودبلوماسيّاً ليس أكثر.

وتوافق المحلّل السياسيّ محمّد هواش مع سابقه في التقليل من أهميّة الإجراءات العقابيّة الإسرائيليّة تجاه الفلسطينيّين، والتي استبعد أن تكون أقسى ممّا تفرضه الآن على قطاع غزّة من حصار بدأ عام 2006، ومصادرة للأراضي في الضفّة الغربيّة، وتوسّع المستوطنات.

وحذّر هواش في حديثه إلى "المونيتور" من أنّ القلق الفلسطينيّ لا يتعلّق بالإجراءات الإسرائيليّة العقابيّة المعلنة، بل في الخوف من قيام إسرائيل بتجاهل المجتمع الدوليّ في قضيّة وقف الاستيطان والعودة إلى المفاوضات لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيّة.

يربط الفلسطينيّون الذين يقلّلون من جديّة قرار إسرائيل ذلك بارتياح إسرائيل لوعود إدارة ترامب والتي يمكن أن تعمل (إدارة ترامب) على إلغاء قرار مجلس الأمن بشأن إدانة المستوطنات بعدما تتولّى مهامها في 20 كانون الثاني/يناير الجاري، ناهيك عن أنّ إسرائيل لن تلتزم بقرار مجلس الأمن.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...