الأزمة
الماليّة تهدّد أقدم معاهد غزّة بالإغلاق
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – تعصف الأزمة الماليّة التي بدأت
تظهر جلياً مع نهاية عام 2012، بمعهد فلسطين الدينيّ الأزهر، والذي يعدّ أقدم
معاهد غزّة، وقد تأسّس في عام 1955، وتهدّد أبوابه بالإغلاق التامّ، وسط تناقص
ملحوظ في أعداد الطلّاب، التي انخفضت من ألفي طالب سنويّاً خلال تسعينيّات العقد
الماضي إلى أقلّ من ألف خلال العقد الجاري.
ويعدّ معهد الأزهر المؤسّسة التعليميّة الفلسطينيّة
الأولى في قطاع غزّة التي تجمع بين التعليم الدينيّ والأكاديمي، ويتبع السياسة
التعليميّة من حيث شروط القبول والمنهاج ونظام الامتحانات ومنح الشهادات العمليّة،
إلى الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربيّة، ويضم المعهد عدة مدارس دينية مختصة
بتدريس الطلاب في مرحلتي الإعدادية والثانوية بشكل مجاني.
وخصّصت الإدارة المصريّة التي كانت تحكم قطاع غزّة في
خمسينيّات القرن الماضي مساحة تقدّر بـ108 دونمات لإقامة مباني المعهد عليها، بقي
منها 8 دونمات فقط، فيما منحت المساحة الأكبر لإقامة
جامعتي الإسلاميّة في غزّة (1979) والأزهر في غزّة (1992).
أكّد عميد المعاهد الأزهريّة في فلسطين عماد حمتو
لـ"المونيتور" أنّ الأزمة الماليّة أهمّ تحدٍّ يواجه المعهد في هذه
الأيّام، وهي تشكّل تهديداً حقيقيّاً قد يؤدّي إلى إغلاقه، في حال لم تنجح
المناشدات والاتّصالات التي يقومون بها على مستويات عدّة ومع أطراف محليّة عدّة
(مكتب رئيس السلطة محمود عباس) وعربيّة (قطر، سلطة عمان، الكويت) لمساعدة المعهد في
تخطّي أزمته.
وبيّن أنّ ما يملكه المعهد الآن من ميزانيّة تشغيليّة لا
يتعدّى الـ6000 شيكل (1600 دولار تقريباً)، وهي عبارة عن تبرّعات حصل عليها المعهد
خلال فصل دراسي (4 أشهر) من قبل ميسوري الحال في قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ المعهد
في حاجة إلى ميزانيّة تشغيليّة تقدّر بـ20 ألف دولار شهريّاً، يصرف أغلبها كدفعات
ماليّة لباصّات نقل الطلّاب من المعهد وإليه، فيما تبلغ الديون المتراكمة أكثر من
مليون شيكل لشركات نقل الطلاب ورواتب موظفي العقود.
وكشف أنّ العديد من الموظّفين على بند العقود لم يتلقّوا
رواتبهم منذ 3 أشهر، بسبب تلك الأزمة الماليّة، منوّهاً بأنّ المعهد في حاجة إلى
عدد من المدرّسين، ولكنّهم لا يستطيعون التعاقد معهم لتعذّر صرف رواتب أو مكافآت
لهم، ناهيك عن تعذّر تجديد مباني المعهد التي يزيد عمرها عن الـ60 عامّاً، وأصبحت
متهالكة وبعضها آيل إلى السقوط.
من جانبه، قال مدير المعهد جهاد عسّاف
لـ"المونيتور": "إنّ إقبال الطلّاب على الالتحاق بالمعهد كان
كبيراً منذ تسعينيّات القرن الماضي، ولكنّه بدأ بالتناقص في السنوات العشر الأخيرة
لأسباب عدّة، منها ماليّة وأخرى إداريّة تتعلّق بقرارات اتّخذها عميد المعاهد
الأزهريّة السابق يوسف سلامة في عام 2015، من إغلاق لبعض شعب الدراسة (ثانوية
علمي) منتصف عام 2016، لأسباب لم يفصح عنها إلى مجلس إدارة المعهد، إضافة إلى
إصداره قراراً برفع درجة قبول الطلّاب إلى 85% وما فوق، بعدما كان مفتاح القبول 75% وما فوق، قبل أن يعود إلى 75% في بداية العام
الجاري" .
وبيّن أنّ المعهد يضمّ الآن قرابة الألف طالب (70% منهم طلّاب
و30% طالبات)، ويجمع المنهاج التعليميّ الذي يدرّس للطلّاب بين المنهاج الدينيّ
(القرآن الكريم والحديث الشريف) والمنهاج الأكاديمي (أحياء وكيمياء ورياضيّات
وغيرها).
ولفت إلى أنّه في كلّ فصل دراسيّ، يتمّ التواصل مع الأزهر
الشريف في القاهرة لإرسال الكتب الدراسيّة ونماذج الامتحانات والشهادات إلى المعهد
في غزّة، موضحاً أنّ المعهد يتبع السياسة العلميّة للأزهر في القاهرة، فيما تتكفّل
وزارة الماليّة الفلسطينيّة بدفع رواتب الموظّفين، والبالغ عددهم 115 موظّفاً، وذلك
بناء على اتّفاق مسبق بين الأزهر في مصر والسلطة الفلسطينيّة في عام 1994.
أرجع محمّد دبابش (17 عاماً)، وهو طالب ثانويّة عامّة
لـ"المونيتور" سبب التحاقه بالمعهد إلى رغبته في دراسة العلوم الدينيّة،
إضافة إلى الاستفادة من إعفاء المعهد الطلّاب من الرسوم الدراسيّة، وتقديمه منح
دراسيّة كاملة للطلّاب الذين يحصلون على معدّل 65% وما فوق في المرحلة الثانوية،
ويريدون الالتحاق بالجامعة بعد الانتهاء من الدارسة في المعهد، فوضع أسرته الماديّ
صعب وهو في حاجة إلى تلك الامتيازات.
وبيّن أنّ الكثيرين من الأصدقاء رفضوا الالتحاق بالمعهد خلال
الأعوام الأخيرة بعد تقلّص الامتيازات التي كانت تعطى للطلّاب من بعض المنح
الماليّة (محفظة ماليّة) والدراسيّة كالسفر لإكمال الدراسة الجامعيّة في إحدى
جامعات مصر، ويعود السبب في ذلك إلى ضعف الاهتمام بالمعهد، وصعوبة سفر الطلّاب عبر
المعابر مع غزّة.
وكان الأزهر الشريف في القاهرة يقدّم 30 منحة دراسيّة مجّانيّة في العام لمن يرغب في
مواصلة دراسته في مختلف التخصّصات حسب مفتاح القبول في جمهوريّة مصر العربيّة
ولكنّ تلك المنح توقّفت منذ الانقسام الفلسطينيّ الداخليّ في عام 2007، وإغلاق
معبر رفح لفترات طويلة خلال العام.
وفي السياق ذاته، شدّد الطالب يوسف حميد (17 عاماً) في حديثه
إلى "المونيتور" على أنّ رغبته في دراسة العلوم الدينيّة هو السبب
الأبرز الذي دفعه إلى الالتحاق بالمعهد، فالأزهر يعدّ المعهد الوحيد في غزّة
المتخصّص في تدريس العلوم الدينيّة.
وأوضح أنّ عدد الموادّ الدراسيّة الكبير في المعهد (16 مادّة
دراسيّة في العام مقابل 8 موادّ دراسيّة في العام للمدارس الحكوميّة) كان من
الأسباب التي دفعت بعض الطلّاب إلى العزوف عن الالتحاق بالمعهد أو الانسحاب منه،
بعد فصل دراسيّ من بدء الدراسة.
وناشد حميد الرئاسة الفلسطينيّة ممثلة بالرئيس محمود عباس
مساعدة المعهد في تخطّي أزمته الماليّة، وإقامة ترميمات للغرف الدراسيّة التي لم
تطل منذ أعوام طويلة بسبب شحّ الميزانيّات التشغيليّة، إضافة إلى إصلاح المقاعد
الدراسيّة، وغيرها من الأثاث المتهالك.
ويأمل طلّاب المعهد وأكاديميّوه في أن تنجح جهود إدارته بتجاوز
الأزمة، في ظلّ افتقار قطاع غزّة إلى المعاهد والمدراس الدينيّة المتخصّصة، فيما
يتوقّع عميد المعاهد الأزهريّة حمتو أن يكون هناك لقاء قريب مع رئيس السلطة الفلسطينيّة
للمساعدة في تقديم بعض المنح الماليّة للمعهد لإخراجه من أزمته الحاليّة كي لا
يغلق أبوابه.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/02/gaza-al-azhar-religious-institute-financial-crisis.html#ixzz6F0BVerhr
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/02/gaza-al-azhar-religious-institute-financial-crisis.html#ixzz6F0BVerhr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.