الأربعاء، 29 مارس 2017


للمرّة الأولى في الأراضي الفلسطينيّة... حكم بإعدام متّهمين بتجارة المخدّرات في غزّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إقامة السلطة الفلسطينيّة في عام 1994، أصدرت المحكمة العسكريّة في مدينة غزّة بـ18 آذار/مارس الجاري حكماً بالإعدام على مدانين اثنين بتهمة الإتجار بالمخدّرات، وآخرين بالحبس مع الأشغال الشاقّة، الأمر الذي لاقى ترحيباً شعبيّاً ورفضاً من قبل مؤسّسات حقوق الإنسان.

وبحسب لوائح الاتهام، التي قدّمت بحقّ المدانين ونشرت وزارة الداخلية نصها، فإنّهم جميعاً ضبطوا من قبل وحدة مكافحة المخدرات وفي حوزتهم كميّات كبيرة من الموادّ المخدّرة قاموا بتهريبها عبر الحدود الجنوبيّة مع قطاع غزّة بعد وصول معلومات استخبارية عن عملهم، فيما أفسح المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ بغزّة في القانون رقم 7 لعام 2013 الذي أقرّه حول المخدّرات والمؤثرات العقليّة، والذي تصل العقوبة فيه إلى درجة الإعدام لتجّار المخدرات، المجال أمام تطبيق تلك العقوبة.

وأكّد رئيس هيئة القضاء العسكريّ ناصر سليمان خلال مؤتمر صحافيّ عقده في 18 آذار/مارس الجاري بمدينة غزّة أنّ الأشخاص الصادرة بحقّهم أحكام الإعدام سبق أن حوكموا بتهمة الإتجار بالمخدّرات، وعادوا لارتكاب هذه الجريمة من جديد، ممّا يعني أنّ الأحكام السابقة لم تردعهم.

وأوضح أنّ 30 قضيّة إتجار بالمخدّرات موجودة أمام القضاء العسكريّ للنظر فيها، مشيراً إلى أنّ جرائم الإتجار بالمخدّرات أحيلت لاختصاص القضاء العسكريّ منذ 3 أشهر، بعد أن كانت من اختصاص القضاء المدنيّ، وذلك لاعتبار تلك الجرائم تمس بالأمن العام، إضافة إلى أنّ عمليّات التهريب تتمّ عبر المناطق الحدوديّة، التي هي خاصّة بسيطرة قوّات الأمن الوطنيّ، بحسب سليمان.

من جهته، كشف الناطق باسم وزارة الداخليّة في غزّة إياد البزم لـ"المونيتور" أنّ عمليّات إدخال تلك المخدّرات تتمّ بشكل أساسيّ عبر الحدود الجنوبيّة (مع مصر) والشرقيّة (مع إسرائيل) لقطاع غزّة، لافتاً إلى أنّ الإجراءات والملاحقات الأمنيّة التي قامت بها وزارة الداخليّة أحبطت إدخال الكميّات الأكبر من تلك الموادّ المخدّرة واعتقلت مروّجيها، حيث قدرت الكميات المهربة خلال الربع الأول من عام 2017، 1200 فرش حشيش و 400 ألف قرص مخدر.

وشدّد الناطق باسم الداخليّة على أنّ وزارته لن تسمح بتدمير المجتمع الفلسطينيّ داخليّاً عبر تلك المخدّرات، وستبذل كلّ جهد من أجل تحصين جيل الشباب تحديداً من هذه الآفة الخطيرة، لافتاً إلى أنّ عامي 2015 و2016 شهدا ارتفاعاً في نسبة تهريب المخدّرات إلى قطاع غزّة.

أمّا مدير دائرة التخطيط في جهاز مكافحة المخدّرات الفلسطينيّة حسن السويركي فأوضح أنّ شهر كانون الثاني/يناير من عام 2017، شهد ضبط أكبر كميّة من المخدّرات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، مطالباً في حديث لـ"المونيتور" القضاء العسكريّ في غزّة بسرعة تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقّ المدانين لتكون رادعة لمن يفكّر مجدّداً بتهريب تلك الموادّ إلى قطاع غزّة، وقال: رغم الكميّات الكبيرة التي ضبطت من المخدّرات خلال الأشهر الماضية، إلاّ أنّ نسبة المدمنين عليها شهدت تراجعاً ملحوظاً.

ورفض حسن السويركي إعطاء رقم عن عدد متعاطي المخدّرات في قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ مراكز التأهيل والإصلاح والرعاية الأوليّة التابعة لوزارة الداخليّة نجحت في علاج الكثير من حالات الإدمان، بعد أن قام أصحابها بتسليم أنفسهم طلباً للعلاج.

ونظّم المئات من النشطاء والمواطنين في قطاع غزّة وقفات احتجاجيّة في 19 آذار/مارس الجاري، وأطلقوا هاشتاجاً على "فيسبوك" تحت عنوان #محاكمة_تجار_الموت، طالبوا خلالها بإنزال أقسى العقوبات بحقّ تجّار المخدّرات ومروّجيها، ورحّبوا في الوقت ذاته بالأحكام القضائيّة الصادرة بحقّ بعضهم.

أمّا مؤسّسات حقوق الإنسان فرفضت أحكام الإعدام، وقال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس لـ"المونيتور": "نحن ضدّ عقوبة الإعدام، وضدّ الأحكام التي صدرت في 18 آذار/مارس الجاري، والتي تمثل اعتداء على القضاء المدنيّ من قبل القضاء العسكريّ لأنّ قضايا المخدّرات تقدّم أمام المحاكم المدنيّة".

ودعا عصام يونس الجهات الحكوميّة في غزّة إلى التراجع عن تلك العقوبة، والبحث في الأسباب التي أدّت إلى ارتكاب أولئك الأشخاص تلك الجرائم، مشيراً إلى أنّ قطاع غزّة والضفّة الغربيّة مناطق تعيش حالاً من الانقسام والحصار والبطالة وترتفع فيها حالات الفقر، وهي أمور تشكّل بيئة خصبة لارتكاب الجرائم.

وأشار إلى أنّ الإتجار بالمخدّرات جريمة لا يمكن لأحد أن يتغاضى عنها، ويجب أن يعاقب مرتكبوها، ولكن ضمن القانون الذي يصون حقوق الإنسان وحياته، متسائلاً: "هل عقوبة الإعدام - التي تحتاج إلى مصادقة الرئيس محمود عبّاس إن تقرّر تنفيذها- تشكّل رادعاً للجرائم؟".

وفي السياق ذاته، اعتبر المركز الفلسطينيّ لحقوق الإنسان المحاكمات السابقة أنّها ظاهرة خطيرة، ولا يوجد نص قانونيّ يدعم تطبيق حكومة الإعدام على جريمة حيازة المخدّرات، إضافة إلى أنّ المحكمة العسكريّة نظرت في قضيّة مدنيّة بالكامل من حيث الموضوع والأشخاص.

وقال المركز في بيان صادر عنه بـ19 آذار/مارس الجاري: "نعبّر عن بالغ قلقنا تجاه هذه التطوّرات الخطيرة في استخدام عقوبة الإعدام، ونؤكّد خطورة استخدامها أو إقرارها في قضايا المخدّرات، خصوصاً في ظلّ غياب ضمانات المحاكمة العادلة، ووجود الكثير من التقارير التي تتحدّث عن استخدام واسع للتعذيب خلال فترة التحقيق، لا سيّما في جرائم المخدّرات".

وأحصى المركز تنفيذ 35 حكما ًبالإعدام منذ تأسيس السلطة الفلسطينيّة في عام 1994، منها 33 حكماً في قطاع غزّة، وحكمان اثنان في الضفّة الغربيّة، في قضايا مختلفة (كالتخابر مع إسرائيل وجرائم قتل)، ونفّذت غالبيّتها من دون موافقة رئيس السلطة الفلسطينيّة.



الثلاثاء، 28 مارس 2017


تحذيرات في غزّة من الغشّ التجاريّ بعد قرار إلغاء الوكالات التجاريّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – حذّر العديد من وكلاء الشركات التجاريّة والخبراء الاقتصاديّين في قطاع غزة من أنّ قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ الفلسطينيّة إلغاء الوكالات التجاريّة والذي يدخل حيّز التنفيذ في 1 نيسان/أبريل المقبل سيفتح المجال أمام حالات الغشّ والتزوير التجاريّ في الكثير من البضائع والعلامات التجاريّة التي يتمّ استيرادها من خارج قطاع غزّة.

وأعلنت وزارة الاقتصاد الوطنيّ في قطاع غزّة في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي عن منحها 6 أشهر إلى أصحاب الوكالات التجاريّة من أجل تصريف ما لديهم من بضائع، تمهيداً إلى إلغاء كلّ الوكالات التجاريّة، وفتح المجال أمام الجميع للاستيراد، بهدف ما أسمته محاربة الاحتكار الذي يقوم به العديد من أصحاب الوكالات التجاريّة، وفي المقابل العمل على فتح باب المنافسة في السوق، ممّا ينعكس إيجاباً على المستهلك جرّاء انخفاض الأسعار.

وأكّد الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة طارق لبد لـ"المونيتور" أنّ الوكالات التجاريّة حسب قانون تنظيم أعمال الوكلاء التجاريّين رقم 2 لسنة 2000، لا تحميها وزارة الاقتصاد الوطنيّ، بل تحميها الجهّة المورّدة من خلال الاستمرار في توريد البضائع إلى الوكيل في شكل حصريّ، وليس إلى غيره من التجّار الآخرين المنافسين.

وبيّن لبد أنّ الهدف من القرار جاء لمنع الاحتكار وتخفيض الأسعار للمستهلك، والتي من المتوقّع أن تهبط بنسبة 20 إلى 50% في الكثير من السلع الاستهلاكيّة، مشيراً إلى أنّ شكوى بعض التجّار من قرار إلغاء الوكالات التجاريّة وترويجهم فكرة أنّ ذلك سيفتح باب الغشّ والتزوير التجاريّ هدفهما استمرار احتكارهم تلك السلع.

وقال لبد: "عدد الوكالات التجاريّة في قطاع غزّة يتراوح بين 40 و50 وكالة تجاريّة، وأصحابها هم الجهّة التي تستورد البضائع من الخارج وبعضهم يتلاعب بالأسعار، في ظلّ حالة الحصار الإسرائيليّ المطبق على غزّة"، مشدّداً على أنّ وزارته هدفها حماية المستهلك في المقام الأوّل.

من جانبه، اعتبر الوكيل الحصريّ لـ"دهانات طمبور الإسرائيليّة" في غزّة أحمد أبو شعبان أنّ قرار الوزارة الذي يدخل حيّز التنفيذ خلال الأيّام المقبلة، يضرّ بهم كوكلاء وبتجارتهم التي قاموا بترويجها على مدار سنوات طويلة، مشيراً إلى أنّه وفق الوكالة الممنوحة له، يوفّر أنواع السلع كافّة المتعلّقة بالدهانات وبأسعار مناسبة للمستهلك.

وحذّر في حديثه إلى "المونيتور" من أنّ إلغاء الوكالات سيفسح المجال أمام صغار التجّار للتوجّه إلى أيّ تاجر في أنحاء العالم لشراء بضائع بسعر أقلّ من المورّد الأصليّ للسلعة بهدف التهرّب من الضريبة، وهو ما سيؤدّي إلى تلاعب أولئك التجّار الصغار في الأسعار كونهم يبحثون عن الربح السريع، وبالأسعار التي يضعونها.

ورفض أبو شعبان الهدف الذي أعلنته وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة من قرار إلغاء الوكالات التجاريّة وهو "الاحتكار"، قائلاً: "هدف الوزارة هو جباية الأموال والضرائب من عدد أكبر من التجّار والمستوردين، وما دفعته من ضرائب خلال شهر شباط/فبراير الماضي دليل على ذلك، فقد وصلت الضرائب التي دفعتها إلى وزارتي الاقتصاد الوطنيّ في غزّة ورام الله لبما في ذلك الضريبة على استيراد، إلى 35 ألف شيكل على بضاعة ثمنها 100 ألف شيكل".

وفي السياق ذاته، أكّد التاجر نبيل اليازجي، وهو صاحب وكالة تجاريّة لاستيراد بطّاريّات السيّارات والشاحنات لـ"المونيتور" أنّ الضرر الأكبر الذي حمله قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة سيعود على المستهلك قبل صاحب الوكالة التجاريّة، جرّاء حالة الغشّ والتزييف التجاريّ التي ستعمّ أسواق غزّة.

وأوضح اليازجي أنّ أصحاب الوكالات التجاريّة كانوا في السابق يتحمّلون أيّ مسؤوليّة عن البضائع التي يقومون باستيرادها، أمّا بعد قرار إلغاء الوكالات فلن تستطيع وزارة الاقتصاد الوطنيّ تحديد التاجر الذي أدخل البضاعة الأصليّة أو المقلّدة.

قرار إلغاء الوكالات التجاريّة في غزّة وما حمله من إيجابيّات وسلبيّات، لم يكن الأوّل من نوعه في الأراضي الفلسطينيّة، فقد سبقه قبل ذلك قرار في الضفّة الغربيّة في عام 2012، يقضي أيضاً بإلغاء الوكالات التجاريّة وفتح الباب أمام الجميع للاستيراد، جرّاء ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكيّة.

أمّا مدير العلاقات العامّة في الغرفة التجاريّة الفلسطينيّة ماهر الطبّاع فطالب وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة بضرورة إيجاد حلول تراعي أصحاب الوكالات التجاريّة والمستهلك في آن واحد، محذّراً في الوقت ذاته من أنّ المشكلة الأبرز في ذلك القرار هو حالات تزوير بعض العلامات التجاريّة، وهو ما يتطلّب رقابة عالية من قبل الوزارة والجهّات المعنيّة الأخرى.

وأوضح أنّ الحصار الإسرائيليّ المستمرّ على قطاع غزّة منذ 10 سنوات أفقد العديد من التجّار تصاريح العمل الخاصّة بهم، إضافة إلى فقدانهم الوكالات التي حصلوا عليها من شركات عربيّة وعالميّة، ممّا جعل عدد من يمتلكون وكالات تجاريّة حاليّاً في قطاع غزّة قليلاً جدّاً (قرابة الـ50).

ورفض الطبّاع في حديثه إلى "المونيتور" اعتبار الوكالة التجاريّة احتكاراً، معتبراً أنّ استيراد التاجر الصنف الاستهلاكيّ من المورّد جاء بعد اتّفاقيّات وعقود يراعي فيها مصلحة المورّد والوكيل التجاريّ والمستهلك.

ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزّة معين رجب أنّ ذلك القرار هدفه إشعال حالة التنافس بين التجّار، وهو ما ينعكس إيجاباً على المستهلك الذي سيجد انخفاضاً في الأسعار جرّاء تلك المنافسة، مشيراً إلى أنّ الوكالات التجاريّة كانت سبباً في احتكار بعض السلع الاستهلاكيّة وتحكّم التجّار في أسعارها.

وتوافق رجب مع سابقيه في أنّ أحد أهمّ السلبيّات في قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ إلغاء تلك الوكالات، هو الخوف من تزييف بعض العلامات التجاريّة، وإدخال بضائع رديئة أو مقلّدة إلى الأسواق وبيعها إلى المستهلك على أنّها أصليّة أو جيّدة.

واستبعد رجب أن يفقد الكثير من أصحاب الوكالات التجاريّة وكالاتهم،إذ بإمكان المورد أن يرفض توريد البضائع لغير الوكيل الحصري وذلك لطبيعة العلاقة التي نشأت بين المورّد والوكيل التجاريّ خلال سنوات من العمل بينهما، ناهيك عن قناعة المورّد بأنّ العمل مع الوكيل أكثر استمراريّة من العمل مع التاجر الصغير الذي يمكن له أن يعزف عن الاستيراد في حال تعرّض إلى أيّ خسارة ولو كانت صغيرة.

وعلى الرغم من الجوانب الإيجابيّة والسلبيّة التي حملها قرار وزارة الاقتصاد الوطنيّ في غزّة إلغاء الوكالات التجاريّة، إلّا أنّ حالة التنافس بين التجّار وانخفاض الأسعار يبدو أنها ستبقى محدودة وليس كما هو متوقّع في ظلّ الحصار الإسرائيليّ على قطاع غزّة، وسماح إسرائيل بإدخال كميّات محدّدة من السلع الاستهلاكيّة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.



الاثنين، 20 مارس 2017


للمرّة الأولى منذ 10 سنوات... مصر تسمح بإدخال معدّات إنشائيّة ثقيلة إلى غزّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – استمراراً لحالة الانفتاح المصريّة الأخيرة تجاه قطاع غزّة، سمحت السلطات المصريّة في 9 آذار/مارس الجاري بإدخال عشرات الشاحنات المحمّلة بالموادّ الإنشائيّة والغذائيّة إلى قطاع غزّة عبر معبر رفح البريّ، إضافة إلى إدخالها وللمرّة الأولى منذ الحصار المطبق على قطاع غزّة شاحنات إنشائيّة ثقيلة، وتحديداً مضخّات الخرسانة والتي حظّرت إسرائيل إدخالها كباقي الموادّ المحظورة منذ 10 سنوات إلى غزّة، كونها تعتبرها ذا استخدام مزدوج.

الشاحنات الإنشائيّة تلك والتي يتوقّع القطاع الصناعيّ في غزّة أن تساهم في سدّ العجز الذي يعاني منه ذلك القطاع في حال واصلت مصر إدخالها إلى قطاع غزّة، أدّت إلى انزعاج إسرائيل التي اعتبرت إدخال تلك الشاحنات إضراراً بمصلحتها لتخوّفها من استخدام حماس تلك الشاحنات والموادّ الإنشائيّة الأخرى في بناء الأنفاق الهجوميّة من غزّة في اتّجاه إسرائيل.

تجدر الإشارة إلى أن العجز ناتج عن تدمير إسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة (2014) أكثر من 65 بالمائة من منشآت البناء في قطاع غزة بما تحويه من معدات إنشائية ضخمة.

وجاءت حالة الانفتاح المصريّة تجاه قطاع غزّة في أعقاب الزيارات المتعدّدة التي قامت بها قيادات من حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزّة في بداية كانون الثاني/يناير الماضي إلى مصر ولقائها العديد من المسؤولين المصريّين لتجاوز حالة التوتّر في العلاقة بين الجانبين، والتي ارتفعت وتيرتها مع وصول الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي إلى الحكم في عام 2014، واتّهام القاهرة حركة حماس بالتدخّل في الشأن المصريّ.

أكّد مدير العلاقات العامّة والإعلام في وزارة النقل المواصلات الفلسطينيّة خليل الزيّان أنّ تلك الشاحنات وصلت إلى القطاع الخاصّ في غزّة، بعد اتّصالات أجراها أصحاب شركات الخرسانة مع الشركات المصريّة المتخصّصة في صناعة تلك المعدّات، بعد رفض إسرائيل إدخال مثل تلك الشاحنات إلى غزّة.

وتوقّع الزيّان في حديث إلى "المونيتور" أن تساهم المعدّات الإنشائيّة والهندسيّة الثقيلة التي سمحت مصر بإدخالها إلى قطاع غزّة في تنشيط القطاع الصناعيّ الذي يعاني حالة من الانهيار عقب الحصار الإسرائيليّ المفروض على قطاع غزّة منذ عام 2007، وما تخلّلها من حروب إسرائيليّة ثلاث دمّرت خلالها الكثير من تلك المعدّات، وبطّأت عجلة إعادة إعمار قطاع غزّة.

وأوضح الزيّان أنّ إدخال تلك الشاحنات والمعدّات يتمّ بموافقة وزارة النقل والمواصلات في غزّة، التي تقدّم تسهيلات متعدّدة إلى المستوردين والشركات الفلسطينيّة، مساهمة منها في إعادة تأهيل قطاع الإنشاءات ومصانع الخرسانة في غزّة، متمنّياً أن تواصل مصر إدخال مثل تلك المعدّات خلال الأيّام المقبلة. إن إدخال الشاحنات تم على مدار 3 أيام من فتح معبر رفح البري (6-8 مارس الجاري) ولكن هي المرة الأولى التي يتم فيها إدخال شاحنات ثقيلة من مصر إلى غزة، وبعد إدخال تلك الشاحنات أغلقت مصر المعبر مجدداً وسط توقعات بأن يتم إعادة فتحه بداية الشهر المقبل

من جانبه، ذكر مسؤول اتّحاد الصناعات الإنشائيّة الفلسطينيّ في قطاع غزّة محمّد العصار لـ"المونيتور" أنّ قطاع الإنشاءات في قطاع غزّة في حاجة إلى 20 مضخّة خرسانة على الأقل وضعف ذلك العدد 40 من شاحنات نقل الخرسانة ليتمكّن من سدّ حاجة السوق المحليّة في قطاع غزّة في ظلّ حركة البناء الكبيرة التي يحتاجها القطاع.

وبيّن أنّ العديد من أصحاب شركات الخرسانة يتواصلون في هذه الأيّام مع شركات صناعة المعدّات الإنشائيّة الثقيلة في مصر، من أجل شراء العديد من تلك المعدّات بعد سماح السلطات المصريّة بإدخالها أخيراً إلى قطاع غزّة، مشيراً إلى أنّ سعر الشاحنة الواحدة من تلك الشاحنات يتجاوز النصف مليون دولار، وهو رقم كبير جدّاً مقارنة مع الأسعار المعروضة في السوق الأوروبيّة (بين 100 و150 ألف دولار للشاحنة الواحدة)، ولكنّ منع إسرائيل الفلسطينيّين من استيراد تلك الشاحنات وإدخالها إلى قطاع غزّة اضطرّهم إلى شرائها بسعر كبير من مصر.

وأوضح العصار أنّ اتّحاد الصناعات الإنشائيّة الفلسطينيّ تواصل مع الجانب الإسرائيليّ والسلطة الفلسطينيّة في رام الله في السنوات الأخيرة مرّات عدّة من أجل إدخال تلك المعدّات إلى غزّة، إلّا أنّ إسرائيل ترفض ذلك، وتبرّره بالخوف من أن تستخدمها الفصائل الفلسطينيّة في بناء الأنفاق الهجوميّة.

وتضع إسرائيل منذ فرض الحصار على غزّة في عام 2007، قائمة طويلة بأسماء السلع المحظور إدخالها إلى قطاع غزّة أو ما تسمّيها بـ"مزدوجة الاستخدام" خوفاً من استخدامها في أعمال معادية ضدّها، وتضمّ تلك القائمة الشاحنات والرافعات الثقيلة.

وفي السياق ذاته، قال صاحب مصنع التحرير لصناعة الخرسانة في قطاع غزّة أيمن البحيصي إنّ "33 مصنعاً لصناعة الخرسانة تعاني من عدم قدرتها على تحديث المعدّات الخاصّة بها منذ 10 سنوات"، مشيراً إلى أنّ مضخّات الخرسانة التي يمتلكها يعود تاريخ إنتاجها إلى عام 1988، ويضطرّ إلى إجراء صيانة متواصلة عليها في ظلّ عدم قدرته على استيراد معدّات حديثة.

وأضاف: "تكلفة صيانة المعدّات المتهالكة لديّ تفوق الـ30 ألف شيكل للشاحنة الواحدة، وهو مبلغ في استطاعتي أن أستورد به شاحنة مستعملة، ولكنّها في حالة جيّدة من الجانب الإسرائيليّ كما كان قبل فرض الحصار على قطاع غزّة"، منوّهاً في الوقت ذاته بأنّ قطع الغيار لتلك المعدّات أيضاً تمنع إسرائيل إدخالها إلى قطاع غزّة، ويضطرّ إلى البحث عن قطع قديمة لدى بعض المصانع التي أغلقت أبوابها لشرائها وصيانة المعدّات الخاصّة بمصنعه.

ولفت في حديثه إلى "المونيتور" إلى أنّ سماح مصر بإدخال عدد من الشاحنات الثقيلة إلى القطاع الإنشائيّ والصناعيّ في غزّة و-إن كان قليلاً- إلّا أنّه أعاد الأمل إلى الكثير من أصحاب الشركات ومصانع الخرسانة، في إمكان تحديث ما لديهم من معدّات.

أمّا مدير العلاقات العامّة في الغرفة التجاريّة الفلسطينيّة والمحلّل الاقتصاديّ ماهر الطبّاع، فاعتبر أنّ المعدّات الحديثة التي دخلت إلى غزّة عبر معبر رفح البريّ من مصر ستوفّر كثيراً على أصحابها، عناء صيانة المعدّات القديمة التي من المفترض أنّها خارج الخدمة منذ سنوات، وبالتالي ستزيد من أرباح تلك الشركات.

وأوضح الطبّاع لـ"المونيتور" أنّ قطاع غزّة يحتاج إلى مئات المعدّات الإنشائيّة والصناعيّة الثقيلة لتتمكّن عجلة الاقتصاد من الدوران من جديد، بعد تدهور استمرّ سنوات طويلة بفعل الحصار والحروب الإسرائيليّة المتلاحقة على قطاع غزّة، متوقّعاً أن تشهد الفترة القليلة المقبلة إدخال معدّات في شكل أكبر في ظلّ الحديث عن تبادل تجاريّ تعدّ له مصر مع قطاع غزّة.

يبقى التساؤل الأهمّ لدى أصحاب المصانع والشركات الفلسطينيّة في قطاع غزّة: هل ستستمرّ مصر في إدخال تلك المعدّات إلى غزّة وتساهم في إنعاش الاقتصاد الغزيّ، أم سترضخ إلى الضغوط الإسرائيليّة وتوقف توريدها إلى قطاع غزّة؟.



الخميس، 9 مارس 2017


لماذا ترفض الفصائل الفلسطينيّة نشر قوّات دوليّة في قطاع غزّة؟
أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو خلال لقائه في مدينة سيدني وزيرة الخارجيّة الأستراليّة جولي بيشوب في 25 شباط/فبراير الماضي، عن إمكانيّة دراسة مقترح أستراليّ لنشر قوّات دوليّة في الأراضي الفلسطينيّة للحفاظ على الأمن ومواجهة ما أسماه (نتنياهو) بـ"الإرهاب"، غضباً لدى الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة.

تصريحات بنيامين نتنياهو تلك، نفاها مصدر مقرّب منه في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة (ريشيت بيت) بتاريخ 26 شباط/فبراير الماضي، وأوضح أنّ مقترح نشر قوّات دوليّة جاء من قبل وزيرة الخارجيّة الأستراليّة ورفضه نتنياهو، وتحديداً في ما يتعلّق بنشر تلك القوّات الدولية في الضفّة الغربيّة.

وأكّد المصدر على لسان نتنياهو، أنّ حلّ القضيّة الفلسطينيّة يتمثل بسيطرة أمنيّة كاملة لإسرائيل على كلّ المناطق الفلسطينيّة، وأن تكون السيادة الفلسطينيّة جزئيّة فقط"، فيما ذكرت القناة الإسرائيليّة الثانية في 26 شباط/فبراير الماضي أنّ نتنياهو أبدى خلال لقاء الوزيرة الأسترالية إمكانيّة نشر تلك القوّات الدولية في قطاع غزّة فقط.

مقترح نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة لم يكن وليد أيّام ماضية فقط؛ بل طرح أكثر من مرّة خلال السنوات الماضية عبر مسؤولين دوليّين ومنهم لويزا مورغانتيني رئيسة لجنة التنمية في البرلمان الأوروبي السابقة، أو من خلال مطالبة السلطة الفلسطينيّة الأمم المتّحدة بنشر تلك القوّات في الأراضي الفلسطينيّة كافّة، وتحديداً في قطاع غزّة الذي شهد 3 حروب إسرائيليّة في أقلّ من 10 سنوات.

وأكّد أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير ومسؤول ملف المفاوضات في السلطة الفلسطينيّة صائب عريقات لـ"المونيتور" أنّه من حقّ الشعب الفلسطينيّ المطالبة بقوّات دوليّة في كلّ الأراضي الفلسطينيّة (الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وشرق القدس)، في ظلّ تصاعد الجرائم الإسرائيليّة.

وأوضح أن الرئيس محمود عبّاس عاد وطالب خلال كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان في 27 شباط/فبراير الماضي بتوفير الحماية إلى الشعب الفلسطينيّ والعمل بالقرار الدوليّ رقم 904، والذي اتّخذه مجلس الأمن في أعقاب مذبحة الحرم الإبراهيميّ التي وقعت في شباط/فبراير من عام 1994، مشدّداً على أنّ السلطة الفلسطينيّة ستبقى تواصل السعي عبر المؤسّسات الدوليّة لتوفير تلك الحماية، والتي تعدّ القوات الدوليّة جزءاً منها.

موقف السلطة المؤيّد لنشر قوّات دوليّة في الأراضي الفلسطينيّة، ومن ضمنها قطاع غزّة، تعارضه الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة، إذ رفض الناطق باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع في 28 شباط/فبراير الماضي خلال تصريحات لـموقع "المركز الفلسطينيّ للإعلام" المقرّب من حركة "حماس" بشكل قاطع نشر تلك القوّات في قطاع غزّة.

وأّكد أنّ حركته تعدّ دخول أيّ قوّات دوليّة إلى قطاع غزّة أمراً خطيراً، وهدفه حماية إسرائيل، مشدّداً على أنّ المطلوب من المؤسّسات الدوليّة العمل على إنهاء الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة.

كما رفض الناطق باسم "حركة الجهاد الإسلاميّ" أحمد المدلّل فكرة نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة، والذي اعتبر أيضاً أنّ هدفها حماية إسرائيل، موضحاً أنّ تلك القوّات لا يمكنها حماية الشعب الفلسطينيّ من الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة، وقال لـ"المونيتور": "لا نقبل بأن تكون هناك أيّ جهات دوليّة على الأرض الفلسطينيّة، فهدفها الأساس سيتمثّل في الوقوف أمام المقاومة الفلسطينيّة التي تدافع عن شعبها وأرضها في وجه الجرائم الإسرائيليّة"، مطالباً الفصائل الفلسطينيّة الأخرى بالعمل في شكل موحّد لإحباط تلك الدعوات.

وفي الإطار ذاته، رفض القياديّ في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين كايد الغول نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة، وقال: "نشر تلك القوّات بالرؤية التي تريدها إسرائيل والمتمثّلة في منع المقاومة وتكبيل يدها عن ممارسة دورها في حماية الشعب الفلسطينيّ وردّ الاعتداءات الإسرائيلية أمر مرفوض"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ توفير الحماية للشعب الفلسطينيّ مسؤوليّة تقع على عاتق المؤسّسات الدوليّة في شكل أساسيّ، وقال لـ"المونيتور": "توفير الحماية بأشكالها المختلفة للشعب الفلسطيني مطلب عادل، والتي من ضمنها نشر قوّات دوليّة على الأرض الفلسطينيّة، بشرط أن تعمل على وقف الاعتداءات الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينيّين، لا أن تعمل وفق ما تريده إسرائيل".

وأشار إلى أنّ مقترحات نشر قوّات دوليّة في قطاع غزّة تحديداً تأتي في إطار مشروع إسرائيل المتمثل في فصل غزّة عن الضفّة الغربيّة، بعد أن تستكمل إسرائيل مشروع الاستيطان في الضفّة الغربيّة، لافتاً إلى إنّ إسرائيل تعتبر غزّة هي الكيان الفلسطينيّ المستقبليّ، ونشر قوّات دوليّة فيها هو جزء من الترتيبات الأمنيّة لمنع المقاومة الفلسطينيّة من العمل.

الرفض الفلسطينيّ لتلك القوّات الدوليّة جاء بعد فشل البعثة الدوليّة المتعدّدة الجنسيّات التي نشرت في مدينة الخليل بأيار/مايو من عام 1994 عقب مجزرة الحرم الإبراهيميّ، في حماية أهالي المدينة من الاعتداءات الإسرائيليّة، واقتصرت مهمّتها على أعمال مراقبة الاعتداءات الإسرائيليّة وكتابة التقارير عن أوضاع السكّان في الخليل.

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة "النجاح الوطنيّة" عبد الستّار قاسم في حديثه مع "المونيتور" ألاّ فائدة من نشر تلك القوّات في الأراضي الفلسطينيّة، في ظلّ القناعة السائدة لدى الفلسطينيّين بأنّ أيّ قوات ستدخل إلى الأراضي الفلسطينيّة ستكون وفق الشروط الإسرائيليّة، التي ستكون أهمّها مراقبة الفصائل الفلسطينيّة وأعمالها العسكريّة ضدّ إسرائيل.

وأوضح أنّ إسرائيل لن تقبل بوجود أيّ قوّات دوليّة في الضفّة الغربيّة، والتي ترغب في استمرار بسط سيطرتها العسكريّة عليها لاستكمال الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينيّة. وفي المقابل، تبدي استعدادها لنشر تلك القوّات الدوليّة في قطاع غزّة بهدف جعل تلك القوّات في مواجهة عناصر المقاومة الفلسطينيّة.

بدوره، اعتبر المحلّل السياسيّ ورئيس التحرير السابق لصحيفة "فلسطين المحليّة" مصطفى الصوّاف أنّ أيّ قوّات دوليّة ستدخل إلى قطاع غزّة لن تكون لصالح الشعب الفلسطينيّ، بل ستعتبر من قبل الفلسطينيّين أنّها جزء من الإحتلال الإسرائيلي، موضحاً أنّ الشعب الفلسطينيّ يحتاج إلى جهات دوليّة تردع الإحتلال بطرق ناجعة وليس بطرق كهذه، وقال لـ"المونيتور": إنّ القوّات الدوليّة تنشر بين الدول ذات السيادة، والتي بينها نزاعات.

وأشار إلى أنّ الشعب الفلسطينيّ ما زال تحت الإحتلال، ومن حقّه أن يدافع عن نفسه.

وعلى ما يبدو، فإنّ مقترحات نشر قوّات دوليّة في الأراضي الفلسطينيّة، ستبقى بعيدة التطبيق على أرض الواقع، في ظلّ رفض الفصائل الفلسطينيّة تلك القوّات، وقناعة الكثير من الفلسطينيّين بأنّ هدفها الوصاية على الشعب الفلسطينيّ، وليس حمايته.



الجمعة، 3 مارس 2017


هل تنجح دعوات "توحيد الجبهات" بين فصائل غزّة و"حزب الله"؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - دعا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلاميّ رمضان شلح في كلمة أمام المؤتمر السادس لدعم الإنتفاضة في العاصمة الإيرانيّة طهران بـ21 شباط/فبراير الجاري، إلى ضرورة توحيد جبهات القتال بين الفصائل الفلسطينيّة في غزّة و"حزب الله" في لبنان، في حال أقدمت إسرائيل على شنّ حرب جديدة على أيّ من تلك الأطراف.

دعوة رمضان شلح تلك لم تكن الأولى فلسطينيّاً، فقد سبقتها في 22 كانون الثاني/يناير من عام 2015، دعوة مشابهة من قبل قائد الجناح العسكريّ لحركة "حماس" محمّد الضيف في رسالة أرسلها إلى الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله معزّياً بعناصره، التي قتلت في بلدة القنيطرة السوريّة بغارة إسرائيليّة في 18 كانون الثاني/يناير من عام 2015، والتي دعا فيها إلى ضرورة توحيد الجهود في الأمّة العربيّة والإسلاميّة لتدير معركة واحدة تتقاطع فيها النيران فوق إسرائيل.

ما طرحه شلح، وإن لم يرد عليه "حزب الله" في شكل علنيّ حتّى اللحظة، فتح باب الأسئلة في الشارع الفلسطينيّ عن توقيت وأهداف تلك الدعوة التي رفضتها السلطة الفلسطينيّة وأيّدتها "حماس" وفصائل فلسطينيّة أخرى. وفي المقابل، نظر بعض وسائل الإعلام الإسرائيليّة، وتحديداً موقع "قناة 20" بنوع من القلق إلى تلك الدعوة.

وحذّر العميد في الجيش الإسرائيليّ يؤيل ستريك، والذي شغل سابقاً منصب قائد الجبهة الداخليّة، وسيتولّى في الأسابيع المقبلة منصب قيادة المنطقة الشماليّة، خلال مقابلة مع موقع "ديفينس نيوز" الأميركيّ نشرت في 26 شباط/فبراير من عام 2017، من تساقط آلاف الصواريخ يوميّاً على إسرائيل في حال اندلعت حرب مع "حزب الله" أو الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، متوقّعاً أن تمتدّ تلك الحرب لأسابيع يتمّ فيها إجلاء مئات آلاف الإسرائيليّين من منازلهم.

من جهته، أكّد القياديّ في حركة الجهاد الإسلاميّ خضر حبيب لـ"المونيتور" أنّ الدعوة التي أطلقها شلح جاءت في سياق تهديدات إسرائيل المتكرّرة بشنّ حرب جديدة على قطاع غزّة أو على جنوب لبنان، مشيراً إلى أنّ وحدة فصائل المقاومة الفلسطينيّة أمر ضروريّ لمواجهة إسرائيل المدجّجة بكلّ وسائل القوّة، وقال: "نتمنّى أن تلقى تلك الدعوة آذاناً صاغية من الأطراف التي قصدها شلح في كلمته (حزب الله)".

وكشف عن وجود تنسيق على الأرض بين الفصائل الفلسطينيّة في غزّة ومنظّمة "حزب الله"، التي تقدّم الكثير من المساعدات والمعلومات والتدريب إلى فصائل المقاومة الفلسطينيّة.

وفي ردّه على سؤال إذا ما ستدخل حركة الجهاد الإسلاميّ أيّ معركة إلى جانب "حزب الله" في مواجهة إسرائيل، قال: هذا الأمر سابق لأوانه، وما زال في طور الدراسة الجديّة من قبل حركته والفصائل الفلسطينيّة الأخرى.

كما أكّد الناطق باسم لجان المقاومة الشعبيّة أبو مجاهد أنّ الجهد والتنسيق بين فصائل المقاومة في غزّة و"حزب الله" على أعلى مستوى، مشدّداً على أنّ ذلك الجهد ستكون له ثمرته في أيّ معركة قد تفرضها عليهم إسرائيل، مشيراً في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ فتح أكثر من جبهة عسكريّة على إسرائيل في أيّ معركة مقبلة سيكون لصالح فصائل المقاومة الفلسطينيّة، وقال: إنّ الفصائل في غزّة تقوم بالاستعدادات العسكريّة المطلوبة، بالتنسيق مع "حزب الله" الذي يقوم بتهريب السلاح عبر طرق سرية ومنذ سنوات إلى الفصائل في غزة، لحماية الشعب الفلسطينيّ.

المعضلة الأبرز التي يجمع عليها المتخصّصون السياسيّون والعسكريّون، والتي يمكنها أن تعيق إتفاقاً عسكريّاً كهذا (توحيد الجبهات)، تبقى في العلاقة التي شهدت توتّراً بين حركتي "حماس" والجهاد الإسلاميّ مع "حزب الله بفعل الصراع في سوريا ورفضهما للتدخّل أو الانحياز لطرف من دون آخر.

ورأى اللواء المتقاعد والخبير العسكريّ واصف عريقات أنّ تلك الدعوة يمكن أن تطبّق في حال وجدت موقفاً سياسيّاً يتوافق عليه الطرفان في غزّة وجنوب لبنان، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنّ قدرات المقاومة في غزّة محدودة، وهي للدفاع عن النفس، مقارنة بقدرات "حزب الله" الذي يتلقى الدعم المالي والعسكري من إيران، وقال في حديث لـ"المونيتور": إنّ حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينيّة في غزّة لا يمكنهما هزيمة إسرائيل وطردها من المنطقة بشكل كامل، فما يمتلكانه من عتاد يكفي لردع إسرائيل فقط، فالأخيرة تتلقّى دعماً عسكريّاً وماليّاً وسياسيّاً من قبل الدول الغربيّة، وفي مقدّمها الولايات المتّحدة الأميركيّة.

وتوافق الخبير العسكريّ يوسف الشرقاوي مع سابقه في أنّ توحيد الجبهات بين غزّة ولبنان يتطلّب موقفاً سياسيّاً بين تلك الأطراف من جانب، وبين الفصائل الفلسطينيّة في ما بينها من جانب آخر، معتبراً أنّ توحيد الجبهات وتقاطع النيران فوق إسرائيل أمران في غاية الأهميّة للفلسطينيّين واللبنانيّين ليثبتوا تفوّقهم في أيّ مواجهة مقبلة مع إسرائيل، وقال: إنّ أهمّ عنصر في تلك المعادلة هو حركة حماس، التي تمثل أكبر فصيل مقاوم في غزّة، وتقف مع المعسكر القطريّ المعادي لإيران وحزب الله.

وأشار إلى أنّ بقاء "حماس" في ذلك المعسكر يدلّل على أنّ دعوات توحيد الجبهات تبقى نوعاً من التمنّي.

ولم يستبعد يوسف الشرقاوي أن تكون دعوة شلح تلك، نوعاً من الغزل الذي يقدّمه إلى الإيرانيّين و"حزب الله" للحصول على المزيد من الدعم العسكريّ والماليّ، محذّراً في الوقت ذاته من أنّ نوايا إسرائيل التي تظهر في تضخيم قدرات المقاومة الفلسطينية تدلّل على مواجهة عسكريّة قريبة بين الطرفين.

تبقى المواجهة العسكريّة المقبلة هي الاختبار الحقيقيّ للتعرّف على مدى استجابة الأطراف المعنيّة بدعوة توحيد الجبهات لتطبيقها.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...