لماذا
ترفض الفصائل الفلسطينيّة نشر قوّات دوليّة في قطاع غزّة؟
أحمد
أبو عامر - المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – أثارت تصريحات رئيس الوزراء
الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو خلال لقائه في مدينة سيدني وزيرة الخارجيّة
الأستراليّة جولي بيشوب في 25 شباط/فبراير الماضي، عن إمكانيّة دراسة مقترح
أستراليّ لنشر قوّات دوليّة في الأراضي الفلسطينيّة للحفاظ على الأمن ومواجهة ما
أسماه (نتنياهو) بـ"الإرهاب"، غضباً لدى الفصائل
الفلسطينيّة في قطاع غزّة.
تصريحات بنيامين نتنياهو تلك، نفاها مصدر مقرّب منه في
حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة (ريشيت بيت) بتاريخ 26 شباط/فبراير الماضي، وأوضح
أنّ مقترح نشر قوّات دوليّة جاء من قبل وزيرة الخارجيّة الأستراليّة ورفضه
نتنياهو، وتحديداً في ما يتعلّق بنشر تلك القوّات الدولية في الضفّة الغربيّة.
وأكّد المصدر على لسان نتنياهو، أنّ حلّ القضيّة الفلسطينيّة
يتمثل بسيطرة أمنيّة كاملة لإسرائيل على كلّ المناطق الفلسطينيّة، وأن تكون
السيادة الفلسطينيّة جزئيّة فقط"، فيما ذكرت القناة الإسرائيليّة الثانية في
26 شباط/فبراير الماضي أنّ نتنياهو أبدى خلال لقاء الوزيرة الأسترالية إمكانيّة نشر تلك القوّات
الدولية في قطاع غزّة فقط.
مقترح نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة لم يكن وليد أيّام
ماضية فقط؛ بل طرح أكثر من مرّة خلال
السنوات الماضية عبر مسؤولين دوليّين ومنهم لويزا مورغانتيني رئيسة لجنة
التنمية في البرلمان الأوروبي السابقة، أو من خلال مطالبة السلطة الفلسطينيّة الأمم المتّحدة بنشر تلك
القوّات في الأراضي الفلسطينيّة كافّة، وتحديداً في قطاع غزّة الذي شهد 3 حروب إسرائيليّة
في أقلّ من 10 سنوات.
وأكّد أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير ومسؤول ملف
المفاوضات في السلطة الفلسطينيّة صائب عريقات لـ"المونيتور" أنّه من حقّ
الشعب الفلسطينيّ المطالبة بقوّات دوليّة في كلّ الأراضي الفلسطينيّة (الضفّة
الغربيّة وقطاع غزّة وشرق القدس)، في ظلّ تصاعد الجرائم الإسرائيليّة.
وأوضح أن الرئيس محمود عبّاس عاد وطالب خلال كلمته أمام مجلس حقوق
الإنسان في 27 شباط/فبراير الماضي بتوفير الحماية إلى الشعب الفلسطينيّ والعمل بالقرار
الدوليّ رقم 904، والذي اتّخذه مجلس الأمن في أعقاب مذبحة الحرم الإبراهيميّ التي وقعت في شباط/فبراير
من عام 1994، مشدّداً على أنّ السلطة الفلسطينيّة ستبقى تواصل السعي عبر المؤسّسات
الدوليّة لتوفير تلك الحماية، والتي تعدّ القوات الدوليّة جزءاً منها.
موقف السلطة المؤيّد لنشر قوّات دوليّة في الأراضي
الفلسطينيّة، ومن ضمنها قطاع غزّة، تعارضه الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة، إذ رفض
الناطق باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع في 28 شباط/فبراير الماضي
خلال تصريحات لـموقع "المركز
الفلسطينيّ للإعلام" المقرّب من حركة "حماس" بشكل قاطع نشر تلك
القوّات في قطاع غزّة.
وأّكد أنّ حركته تعدّ دخول أيّ قوّات دوليّة إلى قطاع غزّة
أمراً خطيراً، وهدفه حماية إسرائيل، مشدّداً على أنّ المطلوب من المؤسّسات
الدوليّة العمل على إنهاء الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة.
كما رفض الناطق باسم "حركة الجهاد الإسلاميّ" أحمد
المدلّل فكرة نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة، والذي اعتبر أيضاً أنّ هدفها
حماية إسرائيل، موضحاً أنّ تلك القوّات لا يمكنها حماية الشعب الفلسطينيّ من
الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة، وقال لـ"المونيتور": "لا نقبل
بأن تكون هناك أيّ جهات دوليّة على الأرض الفلسطينيّة، فهدفها الأساس سيتمثّل في
الوقوف أمام المقاومة الفلسطينيّة التي تدافع عن شعبها وأرضها في وجه الجرائم
الإسرائيليّة"، مطالباً الفصائل الفلسطينيّة الأخرى بالعمل في شكل موحّد
لإحباط تلك الدعوات.
وفي الإطار ذاته، رفض القياديّ في الجبهة الشعبيّة لتحرير
فلسطين كايد الغول نشر القوّات الدوليّة في قطاع غزّة، وقال: "نشر تلك
القوّات بالرؤية التي تريدها إسرائيل والمتمثّلة في منع المقاومة وتكبيل يدها عن
ممارسة دورها في حماية الشعب الفلسطينيّ وردّ الاعتداءات الإسرائيلية أمر
مرفوض"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ توفير الحماية للشعب الفلسطينيّ
مسؤوليّة تقع على عاتق المؤسّسات الدوليّة في شكل أساسيّ، وقال
لـ"المونيتور": "توفير الحماية بأشكالها المختلفة للشعب الفلسطيني
مطلب عادل، والتي من ضمنها نشر قوّات دوليّة على الأرض الفلسطينيّة، بشرط أن تعمل
على وقف الاعتداءات الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينيّين، لا أن تعمل وفق ما تريده
إسرائيل".
وأشار إلى أنّ مقترحات نشر قوّات دوليّة في قطاع غزّة تحديداً
تأتي في إطار مشروع إسرائيل المتمثل في
فصل غزّة عن الضفّة الغربيّة، بعد أن تستكمل إسرائيل مشروع الاستيطان في الضفّة
الغربيّة، لافتاً إلى إنّ إسرائيل تعتبر غزّة هي الكيان الفلسطينيّ المستقبليّ،
ونشر قوّات دوليّة فيها هو جزء من الترتيبات الأمنيّة لمنع المقاومة الفلسطينيّة
من العمل.
الرفض الفلسطينيّ لتلك القوّات الدوليّة جاء بعد فشل البعثة الدوليّة المتعدّدة الجنسيّات التي نشرت في
مدينة الخليل بأيار/مايو من عام 1994 عقب مجزرة الحرم الإبراهيميّ، في حماية أهالي
المدينة من الاعتداءات الإسرائيليّة، واقتصرت مهمّتها على أعمال مراقبة الاعتداءات الإسرائيليّة
وكتابة التقارير عن أوضاع السكّان في الخليل.
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة "النجاح
الوطنيّة" عبد الستّار قاسم في حديثه مع "المونيتور" ألاّ فائدة من
نشر تلك القوّات في الأراضي الفلسطينيّة، في ظلّ القناعة السائدة لدى الفلسطينيّين
بأنّ أيّ قوات ستدخل إلى الأراضي الفلسطينيّة ستكون وفق الشروط الإسرائيليّة، التي
ستكون أهمّها مراقبة الفصائل الفلسطينيّة وأعمالها العسكريّة ضدّ إسرائيل.
وأوضح أنّ إسرائيل لن تقبل بوجود أيّ قوّات دوليّة في الضفّة
الغربيّة، والتي ترغب في استمرار بسط سيطرتها العسكريّة عليها لاستكمال الاستيطان
وسرقة الأراضي الفلسطينيّة. وفي المقابل، تبدي استعدادها لنشر تلك القوّات
الدوليّة في قطاع غزّة بهدف جعل تلك القوّات في مواجهة عناصر المقاومة
الفلسطينيّة.
بدوره، اعتبر المحلّل السياسيّ ورئيس التحرير السابق لصحيفة
"فلسطين المحليّة" مصطفى الصوّاف أنّ أيّ قوّات دوليّة ستدخل إلى قطاع
غزّة لن تكون لصالح الشعب الفلسطينيّ، بل ستعتبر من قبل الفلسطينيّين أنّها جزء من
الإحتلال الإسرائيلي، موضحاً أنّ الشعب الفلسطينيّ يحتاج إلى جهات دوليّة تردع
الإحتلال بطرق ناجعة وليس بطرق كهذه، وقال لـ"المونيتور": إنّ القوّات
الدوليّة تنشر بين الدول ذات السيادة، والتي بينها نزاعات.
وأشار إلى أنّ الشعب الفلسطينيّ ما زال تحت الإحتلال، ومن حقّه
أن يدافع عن نفسه.
وعلى ما يبدو، فإنّ مقترحات نشر قوّات دوليّة في الأراضي
الفلسطينيّة، ستبقى بعيدة التطبيق على أرض الواقع، في ظلّ رفض الفصائل الفلسطينيّة
تلك القوّات، وقناعة الكثير من الفلسطينيّين بأنّ هدفها الوصاية على الشعب
الفلسطينيّ، وليس حمايته.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/israel-deploy-international-forces-gaza-palestine.html#ixzz6F22zxuMK
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/israel-deploy-international-forces-gaza-palestine.html#ixzz6F22zxuMK
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.