الأحد، 23 يوليو 2017


حلونجيّات... نساء يكسرن احتكار الرجال لصناعة الحلويات في الأراضي الفلسطينيّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة نابلس، الضفّة الغربيّة – مع صباح كلّ يوم، تتوجّه إسلام أبو فية (24 عاماً) من مدينة نابلس في شمال الضفّة الغربيّة و19 من زميلاتها إلى مصنع أبو صالحة الذي يعدّ أحد أكبر مصانع الحلويات في مدينتها، يمارسن عملهنّ في صناعة الحلويات النابلسيّة التي ذاع صيتها منذ مئات السنوات.

تشكّل أبو فية وزميلاتها اللواتي يطلق عليهنّ لقب "حلونجيّات" نصف عدد العاملين في ذلك المصنع، وهي سابقة في حرفة بقيت حكراً على الرجال منذ سنوات طويلة، غير آبهات ببعض الأصوات في المجتمع التي استغربت جرأتهنّ على اقتحام تلك الحرفة، ومزاحمة الرجال فيها.

تقول أبو فية لـ"المونيتور": "تخرّجت من قسم الإعلام في جامعة النجاح قبل عامين، ومنذ ذلك الحين وأنا أبحث عن عمل في مجال تخصّصي ولكن لم أجد، ممّا اضطرّني إلى الذهاب إلى حرفة صناعة الحلويات بهدف العمل وكسب المال".

وتضيف: "التحقت بالعمل في المصنع قبل شهرين فقط بعدما رأيت إعلاناً على أحد المواقع الإلكترونيّة يعلن فيه المصنع عن حاجته إلى عاملات، وما هي إلّا أسابيع قليلة حتّى أتقنت صناعة بعض أنواع الحلويات التي يتمّ إنتاجها في المصنع".

وعن نظرة المجتمع إليها وإلى زميلاتها الأخريات، أوضحت أبو فية أنّه للوهلة الأولى، يستغرب بعض الأقارب والأصدقاء عمل المرأة في أماكن يعمل فيها رجال، جرّاء العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، مستدركة: "ولكن مع مرور الوقت، تتلاشى تلك النظرة ويحلّ محلّها التشجيع والتحفيز من أجل الاستمرار في العمل".

وتوافقت العاملة مي حسّونة (25 عاماً) مع سابقتها في أنّ النظرة الأولى من المجتمع تجاه المرأة العاملة تكون على شكل مفاجأة واستغراب أن يشاهد امرأة تعمل في مهنة اعتاد على رؤية الرجال فيها، مشيرة إلى أنّ والدها كان وما زال الشخص الأكثر تشجيعاً لها للاستمرار في العمل.

وتقول حسّونة لـ"المونيتور": "التحقت بالعمل في شهر أيلول/سبتمبر 2014، وكنت المرأة الأولى التي تعمل في المصنع، وبدأت العمل كبائعة للحلويات في المعرض التابع إلى المصنع، ثمّ تدرّجت إلى قسم تغليف الحلويات، وصولاً إلى العمل على صناعتها بعدما أتقنتها من خلال مشاهدتي اليوميّة للعاملين إلى جانب دورة حصلت عليها في المصنع.

وعن الأجر الماديّ الذي تتلقّاه حسّونة وزميلاتها في المصنع، ترى أنّه أقلّ من الأجور التي يتلقّاها العاملون الذكور، فهي تتلقّى 1500 شيكل شهريّاً، فيما يحصل العمّال الذكور على ضعف المبلغ تقريباً، وهو أمر لم تستطع أن تقدّم له تفسيراً.

يوضح المستشار القانونيّ للمصنع وأحد القائمين عليه مجدي أبو صالحة لـ"المونيتور" أنّ فكرة إفساح المجال أمام عمل النساء في المصنع بدأت في عام 2014، عندما استقدم 6 طالبات خرّيجات من جامعة النجاح الوطنيّة في نابلس للعمل، وذلك جرّاء حالة الفتور التي تصيب العاملين الذكور بين فينة وأخرى.

ووصف أبو صالحة حالة الاستغراب التي رآها من قبل شركائه في المصنع، وبعض الزبائن لرؤية النساء العاملات بـ"الحادّة" في البداية، إلّا أنّه ومع مرور الوقت بدأوا بتقبّل الأمر، بل وطلب الشركاء منه استجلاب المزيد من النساء العاملات بعدما وجدوا كفاءة منهنّ أكثر من الرجال في صناعة الحلويات.

ويشير أبو صالحة إلى أنّ جميع الفتيات الجدد يخضعن إلى دورة تدريبيّة مكثّفة في صناعة الحلويات تمتدّ من شهرين إلى 4 أشهر لإتقان المهنة، ومن ثمّ يبدأن العمل، منوّهاً بأنّهم يقومون بصرف راتب 1500 شيكل لكلّ عاملة في المصنع، ويبدأ ذلك الراتب بالارتفاع وفقاً للكفاءة التي تظهرها العاملة.

وكشف أنّهم، وبالتعاون مع المؤسّسات التي ترعى حقوق المرأة ووزارة العمل ومحافظة نابلس، يسعون إلى افتتاح أكاديميّة لتعليم صناعة الحلويات، وتكون خاصّة بالنساء، بهدف إفساح المجال في شكل أكبر للمرأة كي تأخذ نصيبها في سوق العمل.

وأظهر تقرير مسحيّ سنويّ للقوى العاملة الفلسطينيّة لعام 2016، صادر عن جهاز الإحصاء المركزيّ الفلسطينيّ في نيسان/أبريل 2017، أنّ نسبة مشاركة الإناث العاملات خلال العام المنصرم 2016، بلغت 19,3% مقابل 71,6% للذكور.

من جانبها، أكّدت مسؤولة دائرة المرأة في الاتّحاد العامّ لنقابات عمّال فلسطين عائشة حموضة لـ"المونيتور" أنّ حلونجيّات نابلس يمثّلن نموذجاً للمرأة الفلسطينيّة العاملة التي تسعى إلى العمل من أجل كسب المال وإعالة أسرتها، منوّهة بأنّها تابعت التحاقهنّ بالعمل في المصنع منذ البداية، ووجدت بعض الصعوبات في إقناع تلك الفتيات بالخروج إلى الإعلام والتحدّث عن خبرتهنّ، بهدف تشجيع النساء العاطلات عن العمل للالتحاق بهنّ وغيرهنّ من الفتيات في حرف أخرى، والسبب في ذلك الخوف من نظرة المجتمع إليهنّ.

وأشارت حموضة إلى أنّه ومع مرور الوقت، بدأت الفتيات واحدة تلو الأخرى بالاقتناع بالخروج إلى الإعلام والتحدّث عن تجربتهنّ في هذا المجال، لا سيّما وأنهنّ أثبتن كفاءتهنّ في حرفة صناعة الحلويات، وحرف أخرى كالزراعة والتعليم.

ولفتت إلى أنّ اقتحام الإناث لمهن بقيت حكراً على الرجال له ما يبرّره من الأسباب، ومن أهمّها عدم وجود برامج لدى الحكومة لدمج النساء في قطاعات أخرى من العمل.

وتشكّل النساء العاملات في المجتمع الفلسطينيّ قرابة الـ20% من نسبة العاملين، تقسم مناصفة بين القطاع الحكوميّ والخاصّ، على الرغم من أنّ عدد الطلبة الخرّيجين من الإناث أكثر من عدد الذكور، فمقابل 100 طالب خرّيج كلّ عام تتخرّج 145 طالبة، وذلك وفقاً لوزيرة المرأة الفلسطينيّة هيفاء الأغا.

أشارت الوزيرة الأغا لـ"المونيتور" إلى أنّ نسبة النساء العاملات في الأراضي الفلسطينيّة تبقى متدنّية، إذا قورنت بدول غربيّة وأوروبيّة تعمل فيها المرأة كما الرجل في غالبيّة المهن، مضيفة أنّ غالبيّة النساء العاملات في القطاع الخاصّ يقتصر عملهنّ على بعض الحرف الخدميّة كالبنوك والمصانع والزراعة والتعليم.

وأقرّت الأغا بأنّ الأجور التي تقدّم إلى النساء العاملات وتحديداً في القطاع الخاصّ متدنّية، مقارنة بالراتب الذي يحصل عليه الرجل، كاشفة عن جهود تبذلها وزارتها مع وزارة العمل من أجل إلزام أرباب العمل في القطاع الخاصّ بإعطاء النساء الحدّ الأدنى من الأجور.



الخميس، 6 يوليو 2017


بين ترحيب وتحذير... المصادقة على قانون الجرائم الإلكترونيّة في الأراضي الفلسطينيّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – صادق رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس في 24 حزيران/يونيو الماضي على قانون الجرائم الإلكترونيّة، الذي يهدف إلى تنظيم المعاملات والمواقع الإلكترونيّة الإعلاميّة ومواقع التواصل الإجتماعيّ، وفرض عقوبات على من يخلّ بالسلوك العام أو يحرّض من خلال تلك المواقع.

المصادقة على القانون جاءت بعد أن قدّم النائب العام الفلسطينيّ أحمد البرّاك، في 15 آذار/مارس من عام 2016، مسودّة أوليّة بمشروع القرار إلى مجلس الوزراء الفلسطينيّ، فيما شكّل المجلس في 13 حزيران/يونيو الماضي لجنة خاصّة لدراسته قبل أن يتمّ إقراره حسب الأصول.

وسبق ذلك القانون، تشكيل أحمد البرّاك في 2 كانون الثاني/يناير من عام 2017، نيابة للجرائم الإلكترونيّة، بهدف تهيئة الظروف القانونيّة والتسريع في إصدار القانون، ليحلّ محلّ قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، والذي جاءت نصوصه عامّة وغير رادعة ويخلو من أيّ نص حول الجرائم الإلكترونيّة المرتكبة، والتي تتطوّر وسائلها بتطوّر العصر.

وأشار الناطق باسم الشرطة الفلسطينيّة لؤي ازريقات لـ"المونيتور" إلى أنّ الأهميّة القانونيّة والقضائيّة لذلك القانون تنبع من أنّه جاء ليعالج الجرائم الإلكترونيّة التي ارتفعت معدّلاتها في الأراضي الفلسطينيّة خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2015، بلغ عدد تلك الجرائم 502 جريمة. وفي عام 2016، بلغ العدد 1327 جريمة. وحتّى نهاية النصف الأوّل من عام 2017، تلقّت الشرطة الفلسطينيّة 700 بلاغ عن الجريمة الإلكترونيّة.

ولفت لؤي ازريقات إلى أنّهم في جهاز الشرطة الفلسطينيّة أنشأوا خلال عام 2013، وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونيّة، وتمّ تزويدها بضابط ومهندسين يمتلكون خبرة كبيرة في ذلك المجال، ويقومون بمهمّة متابعة الجرائم الإلكترونيّة التي تمسّ بالأشخاص والمؤسّسات، وتتمّ متابعتها بالطرق الفنيّة وبالتّعاون مع النيابة العامّة الفلسطينيّة.

وعن الجرائم الإلكترونيّة الأخيرة، التي تعاملت معها الشرطة الفلسطينيّة في الأراضي الفلسطينيّة، قال ازريقات: "تمكّنت الشرطة الفلسطينيّة في 21 أيّار/مايو الماضي من القبض على شاب فلسطينيّ في مدينة نابلس أخذ بطرق الاحتيال مبلغ 90 ألف شيكل (25 ألف دولار) و68 ألف دولار من فتاة فلسطينيّة، بعد أن أوهمها بالزواج منها. وخلال التواصل عبر الإنترنت بينهما، حصل على صور عدّة خاصّة بها وهدّدها بنشرها على الإنترنت إن لم تواصل دفع مبالغ ماليّة له. 

وبعد أن أفلست الفتاة، توجّهت إلى الشرطة، وتقدّمت ببلاغ ضدّ الشاب قبل أن يتمّ اعتقاله". وأشار إلى أنّ عقوبة الجرائم الإلكترونيّة التي يتمّ إيقاعها على المجرمين، وفقاً لقانون الجرائم الأردنيّ رقم 16 لعام 1960، ليست رادعة، إذ تتراوح مدّة العقوبة بين أسبوع و6 أشهر، متوقّعاً أن ينجح القانون الفلسطينيّ الجديد في إيجاد عقوبات رادعة ومناسبة للحدّ من تلك الجرائم.

هذا وشكّلت فئة الشباب والفتيات النّسبة الأكبر التي وقعت عليها الجرائم الإلكترونيّة في الأراضي الفلسطينيّة خلال الأعوام الأخيرة، إذ بلغت نسبة الضحايا من الإناث 37 في المئة، فيما بلغت 63 في المئة نسبة ضحاياها من الشباب والمؤسّسات العامّة والخاصّة وذلك وفقاً لإحصائيات فلسطينية.

وأكّدت مديرة الدائرة القانونيّة في محافظة نابلس لينا عبد الهادي لـ"المونيتور" أنّ إقرار القانون سينصف كلّ من تعرّض إلى جريمة إلكترونيّة، سواء أكان شخصاً أو مؤسّسة، ولم ينجح القانون الأردنيّ 1960 بإعطائه حقّه نتيجة القصور الذي يعاني منه.

ولفتت إلى أنّ الجرائم اتّخذت أشكالاً عدّة منها؛ الابتزاز الجنسيّ، إنشاء مواقع إلكترونيّة للدعارة وتجارة الأطفال جنسيّاً، ترويح المخدّرات من خلال الإنترنت، جرائم نشر الفيروسات واقتحام المواقع الإلكترونيّة، والنصب والاحتيال وانتحال شخصيّات عبر وسائل التواصل الإجتماعيّ.

وشدّدت على أنّ إصدار قانون لتلك الجرائم، في ظلّ قصور قانون العقوبات الأردنيّ المعمول به في المحافظات الفلسطينيّة، كان مطلب فئات كثيرة من المجتمع الفلسطينيّ، مشيرة إلى أنّ التوعية على مخاطر تلك الجرائم بدأت تنتشر في أوساط الشارع الفلسطينيّ من خلال المؤسّسات الرسميّة والأهليّة، ويتم ذلك عبر الندوات التثقيفية أو بعض النشرات الإلكترونية المصورة التي يتم ترويجها للمواطنين عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

من جهتها، هاجمت نقابة الصحافيّين الفلسطينيّين القانون، وقال عضو أمانتها العامّة نبهان خريشة في تصريحات لصحيفة "القدس العربيّ" بتاريخ 27 حزيران/يونيو الماضي: "إنّ القانون نسخة متخلّفة ستدفع بالفلسطينيّين إلى الابتعاد عن توجيه النقد البنّاء للنظام السياسيّ الفلسطينيّ، ومن سيتجرّأ على توجيه النقد للنظام السياسيّ سيقوم بذلك بشكل رمزيّ أو من خلال التشبيه".

وأشار إلى أنّ النظرة الرسميّة الفلسطينيّة للقانون، بعد إقراره من قبل الرئيس، تختلف عن نظرة بعض المواطنين والصحافيّين الذين يرون أنّه سيغرق مضمون الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعيّ بالرمزيّة ناهيك عن أنّه أقرّ لمواجهة حركة "حماس" والنائب محمّد دحلان. وذلك في إشارة إلى قرار البرّاك في 15 حزيران/يونيو الماضي حجب أكثر من 11 موقعاً إلكترونيّاً مقرّباً من "حماس" ومحمّد دحلان.

وينص قانون العقوبات الفلسطيني لعام 2017، في مادته رقم 21 "كل من أنشأ موقعاً، أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لأية مجموعة تدعو لتسهيل برامج وأفكار وترويجها، ومن شأنها الاخلال بالنظام والآداب العامة، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات".

بدوره، رأى أستاذ القانون الجنائيّ في جامعة "النجاح الوطنيّة" فادي شديد أنّ هناك ضرورة ملحّة أدّت إلى إصدار ذلك القانون، وهي ارتفاع معدّلات الجريمة الإلكترونيّة في الأراضي الفلسطينيّة، وعدم وجود نصوص قانونيّة واضحة لمعالجة تلك الجرائم في ظلّ الثورة الإلكترونيّة التي يشهدها العالم، والقاعدة القانونيّة تقول "لا جريمة ولا عقوبة، إلاّ بنص".

وأشار إلى أنّ أشخاصاً كثيرين يفلتون من العقاب في تلك الجرائم، نظراً لعدم وجود نص قانونيّ يجرّم أفعالهم، فكان لا بدّ من التصدّي لتلك الظاهرة، وقال لـ"المونيتور": إنّ دولاً خليجيّة عدّة كالإمارات العربيّة المتّحدة وقطر سنّت قوانين منذ سنوات عدّة لمواجهة الجرائم الإلكترونيّة.

ولفت إلى أنّ بداية تطبيق القرار بالتأكيد ستشهد معوقات، لا سيّما أنّ الأمر يحتاج إلى خبرة كبيرة كون غالبيّة تلك الجرائم تحدث عبر الفضاء الافتراضيّ، مشيراً إلى أنّ المعضلة الأكبر التي يمكن أن تعيق تطبيق القانون على بعض مرتكبي تلك الجرائم تتمثل في هروبهم إلى مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيليّة أو خارج الأراضي الفلسطينيّة، وقال: لا تعاون بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل في مجال تسليم مطلوبين للعدالة وقعت عليهم تهم جنائيّة.

وبعد إقرار القانون، تنتظر فئات مجتمعيّة أن ينصفها القانون الجديد ويحميها وأخرى تخشى أن يشكّل ذلك القانون أداة قمع لها.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...