الخميس، 19 أكتوبر 2017


حراك شعبيّ فلسطينيّ للضغط من أجل التطبيق السريع لاتّفاق القاهرة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – يشهد الشارع الفلسطينيّ حراكاً شعبيّاً ونقابيّاً متصاعداً، بهدف الضغط على طرفي الانقسام الفلسطينيّ فتح وحماس، لسرعة تطبيق الاّتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في القاهرة في 12 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، وذلك خوفاً من فشل الاتّفاق كما حدث في مرّات سابقة جرّاء بطء التطبيق ووقوف كلّ طرف عند قضايا جزئيّة في الاتّفاق والتمسّك بها.

بدأت الفعاليّات الشعبيّة والنقابيّة التي شارك فيها المئات من الفلسطينيّين في مناطق متفرّقة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، مع جلسات الحوار الذي انطلق في القاهرة في نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، فيما أكّد غالبيّة القائمين على تلك الفعاليّات في أحاديث منفصلة إلى "المونيتور" أنّها ستتواصل خلال الأيّام المقبلة للضغط من أجل سرعة تطبيق الاتّفاق.

أقامت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري خيمة لدعم جهود المصالحة الفلسطينيّة وإسنادها، وتمنّى المشاركون فيها أن تكون جولة الحوار التي عقدت في القاهرة، والتي توّجت في ما بعد باتّفاق، مختلفة عن سابقاتها من الجولات التي انتهت بالفشل.

وقال مسؤول التيّار الشبابيّ في الجبهة أحمد الطناني لـ"المونيتور": "مشاركتنا في هذه الخيمة وغيرها من الفعاليّات تهدف إلى الضغط على طرفي الانقسام الفلسطينيّ فتح وحماس من أجل التوصّل إلى اتّفاق نهائيّ لا رجعة عنه كما الاتّفاقات السابقة، كي تتفرّغ الفصائل الفلسطينيّة إلى مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ، وليس الانشغال في الخلافات الداخليّة".

وبيّن الطناني أنّ الشباب الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة ملّ حالة الانقسام والفرقة التي أثّرت على مستقبله وحرمته من أبسط حقوقه جرّاء تنازع كلّ من فتح وحماس على السلطة، وأهمّ تلك الحقوق، تعطّل انتخابات مجالس الطلبة في جامعات غزّة، والحرمان من فرص العمل والبرامج التنمويّة.

وأكّد مسؤول التيّار الشبابيّ تواصل الفعاليّات التي يقومون بها للضغط على كلّ من فتح وحماس من أجل تطبيق سريع وجادّ للاتّفاق الذي تمّ التوصّل إليه في القاهرة، متمنّياً أيضاً أن ينصف الاتّفاق شرائح المجتمع كافّة، ولا يكون محاصصة على السلطة بين حماس وفتح فقط.

وفي السياق ذاته، نظّم "حراك أكتوبر" الشبابيّ سلسلة من الفعاليّات في محافظات عدّة من قطاع غزّة، طالب خلالها الفصائل المتحاورة في القاهرة بسماع صوت الشارع وعدم العودة إلى الانقسام الداخليّ، مع سرعة تطبيق ما اتّفقت عليه في القاهرة.

وقال منسّق الحراك مثنى النجّار لـ"المونيتور": "قمنا بفعاليّات فور وصول الفصائل المتحاورة إلى القاهرة للضغط عليها لتتّفق، والآن بعدما وقّع الاتّفاق، سنبدأ في المرحلة الثانية من حراكنا، وهي توسيع القاعدة الشعبيّة المشاركة معنا للضغط أكثر على طرفي الانقسام لتنفيذ الاتّفاق، وعدم الوقوف عند التفاصيل التي قد تعيق التنفيذ". تسعى الحركة إلى تنظيم دعوات وحملات إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف توسيع القاعدة الشعبيّة المشاركة.

وأوضح النجّار أنّهم تلقّوا رسائل عدّة من السلطات المصريّة والمتحاورين الفلسطينيّين في القاهرة مفادها أنّ "صوتكم وصل، ولن تكون هناك عودة عمّا تمّ الاتّفاق عليه"، مشيراً إلى أنّ مرحلة أخرى من حراكهم ستنصبّ بعد ذلك على دعم عمل الحكومة في غزّة من خلال القيام بنشاطات تطوعية ، والمطالبة بفتح معبر رفح لسفر الطلّاب والمرضى، والذي كان من ضمن الاتفاق ولكن بحاجة إلى بعض الترتيبات مع الحكومة الفلسطينية والسلطات المصرية جراء الوضع الأمني الخطير في سيناء.

من جانبه، أكّد عضو سكرتاريا تجمّع "وطنيّون لإنهاء الانقسام" جمال زقوت لـ"المونيتور" أنّ صوت الشارع الفلسطينيّ يجب أن يمثّل رافعة لمساعدة الفرقاء على إنهاء الانقسام، مشيراً إلى أنّ التجمع سيواصل فعاليّاته الشعبيّة والتواصل مع طرفي الانقسام لمراقبة ما تمّ تحقيقه في اتّفاق المصالحة الذي وقّع أخيراً في القاهرة.

وبيّن زقوت أنّ الشروط والاستدراكات التي وضعتها سابقاً كلّ من حماس وفتح هي من تعطّل التطبيق السريع والآمن لأيّ اتّفاق يتمّ التوصّل إليه، مطالباً في الوقت ذاته بضرورة إشراك الفصائل الفلسطينيّة وممثّلي مؤسّسات المجتمع المدنيّ والفعاليّات النقابيّة كافة، كي تساهم في حلّ الخلافات التي تهدّد القضيّة الفلسطينيّة، لا أن يتقاسم طرفا الانقسام السلطة بمفردهما.

انقسم المحلّلون السياسيّون الفلسطينيّون حول قدرة الشارع الفلسطينيّ على الضغط على طرفي الانقسام، واعتبر المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيام" الفلسطينية هاني حبيب في حديث إلى "المونيتور" أنّ الحراك الشعبيّ الفلسطينيّ والذي تصاعد أخيراً يهدف إلى إعطاء إشارة قويّة إلى طرفي الانقسام مفادها أنّ نزولهم إلى الشارع لن يوقفه أحد طالما لم يتوصّلا إلى اتّفاق ينهي أكثر من 10 سنوات من الانقسام التي أثّرت على القضيّة الفلسطينيّة وحياة المواطنين.

وبيّن حبيب أنّ الحراك في الشارع تلاقى مع عناصر أخرى ساهمت في التوصّل إلى اتّفاق في القاهرة، وتمثّلت في الضغط المصريّ الكبير على الفلسطينيّين لطيّ صفحة الانقسام، وقناعة كلّ من حماس وفتح بأنّ استمرار الانقسام في ظلّ انسداد أفق كلّ طرف منهما سيكلّفهما ويكلّف القضيّة الفلسطينيّة مزيداً من الخسائر.

وأبدى المحلّل السياسيّ أسفه لحالة عدم اللامبالاة التي كانت تبديها في السابق الفصائل الفلسطينيّة الكبيرة كحماس وفتح لرأي الشارع الفلسطينيّ، مشيراً إلى أنّ السبب في ذلك يعود إلى ضعف المشاركة الشعبيّة في السابق جرّاء اهتمام كلّ مواطن بالبحث عن لقمة العيش، مقارنة مع المشاركة اليوم التي بدأت بالارتفاع شيئاً فشيئاً.

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر في غزّة مخيمر أبو سعدة أنّ الحراك الشعبيّ مهمّ للضغط على طرفي الانقسام، ولكنّه لم يشكل حتّى اللحظة أيّ قوّة ضاغطة على حماس وفتح نتيجة المشاركة الضعيفة من قبل الجماهير، جرّاء حالة الملل التي وصلت إليها من إنهاء الانقسام.

وبيّن أبو سعدة أنّ حماس تحديداً دون الفصائل الفلسطينيّة الأخرى تمتلك مراكز لاستطلاعات الرأي وقياس المزاج العامّ في الشارع الفلسطينيّ، وتحديداً من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ، ويتمّ الأخذ بها في اتّجاه التقدّم في هذا الملفّ أو ذاك، ومن ضمنها ملفّ المصالحة الداخليّة.

التحرّكات الشعبيّة الفلسطينية، وإن ظهرت هزيلة أحياناً، إلّا أنّها تشكّل مصدر قلق لطرفي الانقسام، وتحديداً في قطاع غزّة الذي تسيطر عليه حركة حماس، جرّاء الأوضاع المعيشيّة الصعبة وانعدام أبرز مقوّمات الحياة الإنسانيّة.



الخميس، 12 أكتوبر 2017


هل يزور الرئيس عبّاس غزّة بعد 10 سنوات من الغياب؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: فتحت زيارة حكومة التوافق الفلسطينيّة لقطاع غزّة في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري الآمال لدى الشارع الفلسطينيّ بزيارة للرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس لقطاع غزّة، وذلك بعد التقارير الإعلاميّة التي ذكرت أنّ محمود عبّاس سيصل إلى غزّة بعد تمكين حكومة التوافق من مهامها في غزّة.

زيارة عبّاس التي إن تمّت ستكون الأولى له منذ سنوات لقطاع غزّة، الذي غادره قبل سيطرة حركة "حماس" عليه في حزيران/يونيو من عام 2007، بما في ذلك منزل عبّاس في غرب مدينة غزّة، والذي أعادته "حماس" إلى الحكومة الفلسطينيّة منتصف آيار/مايو من عام 2014، عقب توقيع اتفاق الشاطئ وحوّلته الأخيرة إلى مجلس للوزراء.

وتزايدت الأصوات الفلسطينيّة في الآونة الأخيرة المطالبة عبّاس بزيارة غزّة ورفع العقوبات التي فرضها في بداية نيسان/إبريل من عام 2017، بهدف الضغط على حركة "حماس" لتسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينيّة، وكانت آخر تلك الأصوات الدعوة التي وجّهها رئيس المكتب السياسيّ لـ"حماس" إسماعيل هنيّة في 3 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري إلى عبّاس لزيارة غزّة بهدف إنهاء الانقسام الداخليّ.

وأكّد أحمد مجدلاني، وهو عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير والشخصيّة المقرّبة من عبّاس لـ"المونيتور"، أنّ زيارة الأخير لقطاع غزّة قد تتمّ في أيّ لحظة، مشيراً إلى أنّ عبّاس سيذهب إلى غزّة لممارسة مهامه كرئيس لكلّ الشعب الفلسطينيّ، لا سيّما في ظلّ الأجواء الايجابيّة التي حقّقتها زيارة حكومة التوافق إلى غزة في منتصف الأسبوع الماضي.

وأوضح أحمد مجدلاني لـ"المونيتور" أنّ عبّاس عقد اجتماعاً للجنة المركزية لحركة فتح في 5 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري للوقوف بشكل تفصيليّ عند تقييم زيارة قطاع غزّة التي وصفها الرئيس بالإيجابية، وبهدف الترتيب للقاء وفد حركة "فتح" مع حركة "حماس" الذي يعقد بالقاهرة في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري. وبعد ذلك، يمكن أن يكون هناك موعد محدّد لزيارة عبّاس لغزّة.

ويبحث وفد حماس برئاسة صالح العاروري ووفد فتح برئاسة عزام الأحمد في مقر المخابرات المصرية بالقاهرة في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، تفاصيل تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية وأهمها تمكين حكومة التوافق من عملها في غزة، وملف موظفي غزة الذين عينتهم حماس منذ 2007، على أن يكون اتفاق القاهرة 2011، قاعدة الانطلاق في تلك المباحثات. 

ولم يرشح أي معلومات عن اللقاء ، فيما سيواصل الوفدان المباحثات خلال اليومين المقبلين 11 و12 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري.

وأكدت حكومة التوافق في ختام اجتماعها الأسبوعي برام الله في 10 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، جاهزيتها لاستلام كافة مهامها في قطاع غزة إذا توصل وفدا حماس وفتح خلال اللقاءات التي تجري بالقاهرة إلى اتفاق في الأيام المقبلة.

وأبدى مجدلاني تفهمّه للكثير من الأصوات التي تطالب عبّاس بالقدوم إلى غزّة، مطالباً في الوقت ذاته بعدم التسرّع وترك الخطوات التي يخطّط لها عبّاس في ملف المصالحة تتمّ خطوة خطوة، مشيراً إلى أنّ الانقسام استمرّ 10 سنوات، وهو يحتاج إلى وقت للتخلّص من آثاره وتبعاته.

من جهتها، قالت حركة "حماس" إنها سترحب بزيارة عبّاس أو أيّ مواطن فلسطينيّ لقطاع غزّة وهو حقّ لا يمكن لأحد أن يعارضه، كون القطاع يشكّل جزءاً من الأراضي الفلسطينيّة.

وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم لـ"المونيتور": "ليست لدينا مشكلة فيمن يدخل أو يخرج من غزّة، وحماس ترحّب بأيّ خطوة تهدف إلى إنهاء الانقسام، لا سيّما الحديث الذي يثار في الإعلام عن نيّة عبّاس زيارة غزّة".

وكان عبّاس تلقّى اتصالاً هاتفيّاً من إسماعيل هنيّة في 1 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري بهدف إطلاعه على ترتيبات المصالحة الفلسطينيّة وتسليم الحكومة مهامها في قطاع غزّة بكلّ حريّة، الأمر الذي قابله عبّاس بترحيب كبير.

واعتبر أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر بغزّة ناجي شراب في حديث مع "المونيتور" أنّ عبّاس يهدف من خلال زيارته التي ينوي القيام بها لغزّة تتويج عمليّة المصالحة الفلسطينيّة، وتحديداً بعد تسلّم الحكومة مهامها، إضافة إلى أنّ زيارة غزّة تمثّل لعبّاس نقطة مهمّة يمكن أن تسجّل له في نهاية حياته السياسيّة.

وشدّد ناجي شراب على أنّ الزيارة ستحمل دلالات سياسيّة عميقة داخليّاً في قضيّة المصالحة وتأكيد سيطرة السلطة على قطاع غزّة، وخارجيّاً من خلال إرسال رسائل إقليميّة ودوليّة يقول فيها إنّه هو الرئيس الشرعيّ لكلّ الشعب الفلسطينيّ، وذلك بهدف سحب الذرائع التي كانت تضعها إسرائيل للتهرّب من استحقاقات عمليّة التسوية السياسيّة التي تقودها الإدارة الأميركيّة وأهم تلك الذرائع التي يقدمها نتنياهو للعالم أن الرئيس عباس لا يملك السيطرة على نصف شعبه.

وأشار إلى أنّ زيارة عبّاس لغزّة أصبحت بمثابة الحلم السياسيّ للمواطن الفلسطينيّ المكلوم في القطاع بفعل الحصار والحروب الإسرائيليّة والأوضاع الاقتصاديّة الصعبة، فالمواطن الفلسطينيّ يرى أنّ زيارة عبّاس قد تفكّك الكثير من الأزمات التي تعصف بغزّة.

بدوره، اعتبر المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة طلال عوكل في حديث مع "المونيتور" أنّ زيارة عبّاس لغزّة هي أمر وارد، لكنّها تحتاج إلى بعض الوقت، لا سيّما في ظلّ فرضيّات الواقع الموجودة في غزّة وبقاء السيطرة الأمنيّة الكاملة لحركة "حماس" وأجهزتها الأمنيّة على الأرض.

ورأى عوكل أنّ الزيارة ستمثل خطوة كبيرة ومهمّة للقضيّة الفلسطينيّة، فزيارته ستعني انتهاء الانقسام الداخليّ بشكل تام، مشيراً إلى أنّ مباحثات القاهرة ومدى التقدّم بها يمكن أن تشكّل مؤشراً على الوقت الذي سيحدّده عبّاس لزيارة غزّة، وتبقى بعد ذلك الترتيبات الفنيّة والإداريّة للزيارة.

في النهاية، يبقى موعد زيارة عبّاس لغزّة الخطوة التالية التي ينتظرها الشارع الفلسطينيّ بفارغ الصبر، وقبل ذلك أمنياته باتخاذ عبّاس قراراً برفع العقوبات التي فرضها على قطاع غزّة وأضرّت بشرائح واسعة من الغزيّين.



الخميس، 5 أكتوبر 2017


حملات رسميّة وشعبيّة لقطف محصول الزيتون في المناطق الساخنة في الضفّة الغربيّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – موعد جديد ينتظره المزارع الفلسطينيّ في بداية تشرين الأوّل/أكتوبر من كلّ عام لحصد محصول الزيتون الذي يعدّ أحد أهمّ المحاصيل الزراعيّة الفلسطينيّة. فإلى جانب كونه محصولاً زراعيّاً موسميّاً، فإنّه يمثّل معاني الصمود والتحدّي للمزارع الفلسطينيّ في أرضه، جرّاء الاعتداءات المتواصلة للمستوطنين الإسرائيليّين، وتحديداً في المناطق المتاخمة للمستوطنات الإسرائيليّة في أنحاء الضفّة الغربيّة.

تتنوّع تلك الاعتداءات والتي تمثّل تحدّياً كبيراً للمزارعين الفلسطينيّين، بين اقتلاع الأشجار وحرقها أو مصادرة الأرض، وإعاقة جني محصول الزيتون في موسمه أو حتّى سرقته، والتي كان آخرها في الثالث من أكتوبر الجاري، الأمر الذي يكبّد المزارع الفلسطينيّ خسائر كبيرة، ممّا دفع بالعديد من القنصليّات الغربيّة، وفي مقدّمتها القنصليّة البريطانيّة والمؤسّسات المحلّيّة كهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وحملة "احنا معكم" إلى مساعدة المزارعين الفلسطينيّين في قطف المحصول، ووقف اعتداءات المستوطنين عليهم، وذلك عبر التواجد المكثف والكبير للمتضامنين الفلسطينيين والأجانب في الأراضي الزراعية.

ويشارك في تلك الحملات مئات المتطوّعين الفلسطينيّين والأجانب، إضافة إلى المزارعين وعائلاتهم، وتمتدّ من أقصى شمال الضفّة الغربيّة إلى أقصى جنوبها، وتستمرّ حتّى نهاية شهر تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري.

وزّعت القنصليّة البريطانيّة في القدس والتي تشارك في تلك الحملات للعام الثالث على التوالي معدات لوجستيّة على 600 مزارع فلسطينيّ في 43 تجمّعاً محلّيّاً في الضفّة الغربيّة، استعداداً لقطف الزيتون، وشملت تلك المعدّات سلالم خشبيّة ومناشير وأمشاط لجني الزيتون ومفارش وغيرها من المعدّات اللازمة، وتقتصر تلك الحملة على شهر أكتوبر فقط من كل عام وهو موسم حصاد محصول الزيتون.

وقال مركز الإعلام والتواصل الإقليميّ التابع إلى الحكومة البريطانيّة ومقرّه دبي في 27 أيلول/سبتمبر الجاري: "يشارك عدد من موظّفي القنصليّة البريطانيّة وممثّلو الحكومات الأوروبّيّة المزارعين في حصاد الزيتون، وخصوصاً في المناطق الأكثر تهميشاً، وهذا بدوره يشكّل جزءاً من التزام المملكة المتّحدة المتواصل في التأكيد على حقّ الفلسطينيّين الثابت في زراعة أراضيه، والتأكيد على إدانة الحكومة البريطانيّة أيّ نشاطات تهدّد في أيّ شكل ممارسة هذا الحقّ".

أوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة إلى منظّمة التحرير الفلسطينيّة وليد عسّاف لـ"المونيتور" أنّ الحملة التي انطلقت في 27 أيلول/سبتمبر الماضي تنقسم إلى ثلاث مراحل، وتتمثّل المرحلة الأولى في توزيع المعدّات اللوجستيّة على المزارعين، والمرحلة الثانية في تنظيم العمل التطوّعيّ بالشراكة مع مؤسّسات المجتمع المحلّيّ والمتطوّعين الأجانب، والمرحلة الثالثة في إيفاد عدد من العمّال والناشطين إلى الأراضي الزراعيّة التي تقع بالقرب من المستوطنات أو خلف جدار الفصل المستوطنات الإسرائيليّة ليقوموا بقطف الزيتون.

وبيّن عسّاف أنّ المواد اللوجستيّة التي قدّمتها الهيئة، بالتعاون مع القنصليّة البريطانيّة والعديد من المؤسّسات المحلّيّة وزّعت على 800 مزارع في الضفة الغربية، وسيستكمل توزيع تلك المواد على باقي المزارعين في المناطق الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة كافّة، منوّهاً بأنّ ذلك الدعم يبقى بسيطاً أمام التحدّيات التي يواجهها المزارعون جرّاء اعتداءات المستوطنين.

وأوضح أنّ تواجد مئات المتطوّعين في الأراضي الزراعيّة الفلسطينيّة أثناء قطف الزيتون يحول دون تنفيذ المستوطنين اعتداءاتهم (التواجد الكبير للمتطوعين في مكان واحد يرهب المستوطنين من شن أي هجمات)، وهو ما شجّعهم على القيام بخطوات إضافيّة من أجل جلب المزيد من المتطوّعين خلال الموسم الحاليّ، لا سيّما الأجانب منهم والذي يبدؤون بالتوافد إلى الأراضي الفلسطينيّة مع بداية تشرين الأوّل/أكتوبر.

وأظهرت التقارير الأسبوعيّة لشهر أيلول/سبتمبر الماضي الصادر عن المكتب الوطنيّ للدفاع عن الأرض التابع إلى منظّمة التحرير الفلسطينيّة، أنّ اعتداءات المستوطنين على الأراضي الزراعيّة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة ارتفعت في شكل كبير، وذلك مع قرب موسم جني محصول الزيتون.

وفي الإطار ذاته، أعلنت الإغاثة الزراعيّة الفلسطينيّة في نابلس عن اكتمال الترتيبات كافّة المتعلّقة بإطلاق حملتها السنويّة التطوّعيّة لقطف الزيتون "إحنا معكم"، وذلك للعام العاشر على التوالي، متوقّعة مشاركة المئات في تلك الحملة.

وقال منسّق الحملة الناشط خالد منصور في تصريح صحافيّ نشرته صحيفة القدس المحلية في 26 أيلول/سبتمبر الماضي: "إطلاق الحملة يأتي في ظلّ تصاعد جرائم المستوطنين ضدّ المزارعين الفلسطينيّين وضدّ الأراضي والممتلكات في القرى والبلدات الفلسطينيّة كافّة، وتقييد حركة المزارعين في القرب من المستوطنات (..)، الأمر الذي يلحق أشدّ الضرر بالمزارعين ويمنعهم من الوصول إلى أراضيهم ويحرمهم من قطف ثمار زيتونهم ونقلها في شكل آمن وحرّ".

ذكر المزارع ياسر الزغاري (47 عاماً)، وهو أحد المزارعين الفلسطينيّين الذين يعانون من اعتداءات المستوطنين على محصولهم الزراعيّة، جرّاء قرب مزرعته من مستوطنة جفعات هارادر في شمال غرب مدينة القدس، لـ"المونيتور" أنّ الحملات التي ينظّمها الفلسطينيّون بمساعدة الأجانب نجحت في السنوات الأخيرة في حمايتهم أثناء جني محصول الزيتون.

وأوضح الزغاري أنّ المستوطنين يقومون قبل بدء الفلسطينيّين بجني المحصول بأيّام، بعمليّة قطع واسعة لأشجار الزيتون في الكثير من الأراضي القريبة من المستوطنات، إضافة إلى إطلاق الجيش الإسرائيليّ قنابل غاز تحتوي على مواد سامّة في اتّجاه الأشجار، أثناء ملاحقتهم الشبّان الفلسطينيّين خلال المواجهات التي تقع بين فينة وأخرى، الأمر الذي يؤدّي إلى تلف المحصول والأشجار.

وبيّن أنّ معاناة المزارعين الفلسطينيّين الذين أصبحت أراضيهم في الجهة الغربيّة من جدار الفصل الذي بدأت إسرائيل في بنائه في عام 2002، هي أكبر من معاناتهم، فالكثيرون منهم يحرمون من الوصول إلى أراضيهم بفعل رفض الجيش الإسرائيليّ بتخطّيهم الجدار عبر البوّابات، ليصلوا إلى أراضيهم.

من جانبها، اعتبرت الناشطة الفرنسيّة Dounia shtewie البالغة من العمر 37 عاماً والتي تساعد الفلسطينيّين في قطف الزيتون في مدينة نابلس في شمال الضفّة الغربيّة، في حديث إلى "المونيتور" أنّ مشاركتها في مساعدة الفلسطينيّين في قطف ثمار الزيتون في المناطق الساخنة جاء بعد أشكال المعاناة التي كانت تسمع عنها، كمتضامنة أجنبيّة مع الفلسطينيّين في وجه الاعتداءات الإسرائيليّة.

وتقول Shtewie التي تقيم في مدينة نابلس منذ تشرين الأوّل/أكتوبر 2015: "مساعدتي والعديد من النشطاء الأجانب للفلسطينيّين في قطف الزيتون تساهم في مساعدة الفلسطينيّين في ممارسة حقّهم في الزراعة وقطف الثمار، ناهيك عن تشجيعهم بالتشبّث في أرضهم التي يحاول الإسرائيليّون أخذها منهم".

وتضيف: "أمضي 10 ساعات يوميّاً في مساعدة الفلسطينيّين في قطف الزيتون، وخلال عملي أقوم بتوثيق اعتداءات المستوطنين بكاميرتي الخاصّة"، مشيرة إلى أنّها تتعرّض مع المزارعين إلى الرشق بالحجارة من قبل المستوطنين الذين يأتون إليهم أثناء عملهم، وهم يصطحبون الكلاب المتوحّشة.

ولم تخف الناشطة الفرنسيّة خوفها من المخاطر التي تحيط بها من قبل المستوطنين الإسرائيليّين، جرّاء ذهابها في شكل مستمرّ إلى المناطق الساخنة، لكنّها عبّرت عن استعدادها لتحمّل المسؤوليّة على اعتبار أنّ ما تقوم به من عمل يستحقّ التجربة والتضحية.

تبقى تلك الحملات وما يقدم من خلالها للمزارعين الفلسطينيين مهم في تخفيض اعتداءات المستوطنين على المزارعين وليس وقفها بشكل كامل، في ظل غض الجيش الإسرائيلي النظر عن تلك الاعتداءات بل والمشاركة بها أحياناً.



الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017


"برونجيّة" لعبة إلكترونيّة فلسطينيّة تجمع الجيل الجديد بالقديم
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – نجحت مجموعة من المبرمجين الفلسطينيّين في تصميم لعبة فلسطينيّة تراثيّة قديمة وبرمجتها، لتصبح متوافرة في شكل إلكترونيّ، بهدف إنقاذها من الاندثار، إضافة إلى استخدامها كجسر ينقل التراث بين الجيلين الفلسطينيّين القديم والجديد.

اللعبة التي يطلق عليها في الوطن العربي اسم "برونجيّة أو إدريس أبو التسع"، وعالميّاً "Nine Men's Morris"، تقوم فكرتها على رسم 3 مربّعات متداخلة تجمع بينها أربعة خطوط، يوضع عليها 18 حجراً، لكلّ لاعب 9 أحجار يقوم بتحريكها على تلك المربّعات بصورة أفقيّة أو رأسيّة. وفي حال تمكّن أحد اللاعبين من تكوين 3 أحجار على خطّ مستقيم من خطوط تلك المربّعات، ففي إمكانه البدء بقتل أحجار الخصم التي تقع في الزاوية القاتلة واحداً تلو الآخر، وهكذا إلى أن تنتهي اللعبة.

قال رئيس فريق بكسل جروب القائم على تصميم تلك اللعبة وبرمجتها سليم المدهون لـ"المونيتور": " تكوّنت الفكرة لدينا كمجموعة مبرمجين فلسطينيّين، بهدف حماية تلك اللعبة من الاندثار كونها من التراث الفلسطينيّ القديم."

اللعبة مشهورة على نطاق واسع في فلسطين والشرق الأوسط، ولكن جذور اللعبة لا تزال تثير جدل كبير. يقول بعض المؤرخين أنه يعود إلى مصر، في حين أن آخرين يربطونه بالإمبراطورية الرومانية.

وأضاف: " وبدأنا في بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2016، بتصميم نماذج إلكترونيّة عدّة منها وبرمجتها، إلى أن استقرّينا على التصميم المتوافر حاليّاً في متجري Google Play وApple Store، والذي أطلقناه في 1 نيسان/أبريل 2017".

وأوضح المدهون أنّ فريقه راعى خلال تصميم تلك اللعبة وبرمجتها سهولة الوصول إليها واستخدامها من الصغار والكبار، إضافة إلى برمجتها باللغة الإنجليزيّة بهدف إيصالها إلى أكبر عدد من المستخدمين حول العالم، ناهيك عن مراعاة توافقها مع مواقع التواصل الحديثة كـ"فيسبوك"، وإمكان لعبها في شكل مباشر بين أيّ شخصين حول العالم.

وكشف رئيس الفريق أنّ العديد من العقبات واجهت فريقه خلال العمل، وانعكست في شكل كبير على الوقت المفترض لإنجاز اللعبة والمقدّر بـ3 أشهر، وتتمثّل في انقطاع التيّار الكهربائيّ لساعات طويلة خلال اليوم، وهو الأمر الذي ضاعف وقت إنجاز تلك اللعبة ليصل إلى 6 أشهر، إضافة إلى مضاعفة التكلفة الماليّة، والتي وصلت إلى 25 ألف دولار توزّعت بين مصاريف تشغيليّة ورواتب للمصمّمين والمبرمجين، وحملة دعائيّة للّعبة.

من جانبه، قال أحد مبرمجي تلك اللعبة عزّ الدين مشتهى لـ"المونيتور": "خلال الأربعة أشهر من إطلاق التطبيق، عثروا على الكثير من الأخطاء البرمجيّة التي استطاعوا معالجتها جميعاً في تلك الفترة، لا سيّما وأنّ اللعبة تعتمد في برمجتها على الذكاء الاصطناعيّ، إضافة إلى احتوائها على ميزات عدّة كتوافر غرف للدردشة بين اللاعبين.

وبيّن مشتهى أنّ عدد المستخدمين الناشطين لتلك اللعبة يصل إلى 18 ألف مستخدم شهريّاً، لافتاً إلى إمكان تحميلها من متجري Google Play وApple Store في شكل مجّانيّ، ومنوّهاً بأنّ غالبيّة المستخدمين لتلك اللعبة يتركّزون في كلّ من فلسطين وإسرائيل وباكستان والهند والأردن والسعوديّة.

أكّد السبعينيّ عبد الحميد عياد، وهو أحد كبار السنّ الفلسطينيّين الذين ما زالوا يتمسّكون بلعب "البرونجيّة"، أنّ تلك اللعبة من الألعاب الفلسطينيّة القديمة التي تعلّمها من خلال أجداده قبل عام 1948، لافتاً إلى أنّها لعبة ذكاء وفي حاجة إلى تفكير عميق قبل تحريك أيّ حجر كما لعبة الشطرنج.

وقال عياد لـ"المونيتور": "منذ سنوات، بدأت بتعليم بعض أحفادي تلك اللعبة فأتقنوها وأصبحوا يرسمونها على لوح خشبي ويلعبونها في شكل جيّد، والآن هم يقومون بتعليمي كيفيّة الولوج إليها، ولعبها عبر الحاسوب بعدما أصبحت تطبيقاً إلكترونيّاً، معتبراً ما قام به أولئك المبرمجون بالخطوة الجيّدة التي أدّت إلى حفظ تلك اللعبة من الاندثار في ظلّ قلّة عدد من يلعبها.

من جانبه، اعتبر مدير عام الفنون والتراث في وزارة الثقافة في غزّة عاطف عسقول في حديث إلى "المونيتور" أنّ مثل تلك الأفكار يقومون بتشجيعها ودعمها، مشيراً إلى أنّهم تواصلوا مع القائمين على المشروع بهدف تكريمهم على جهودهم في برمجة تلك اللعبة، وتقديم أيّ دعم آخر لهم في حال أرادوا إنجاز أيّ عمل آخر يتعلّق بحفظ التراث الفلسطينيّ.

وأقرّ عسقول بأنّ الموازنات التشغيليّة الضعيفة التي تتلقّاها وزارته تحول دون تقديم الدعم الكافي والمطلوب لهكذا مشاريع، منوّهاً بأنّ الحصار الإسرائيليّ والأوضاع الاقتصاديّة والبطالة المرتفعة في غزّة دفعت باللجنة الإداريّة الحكوميّة إلى توجيه أغلب الدعم الماليّ إلى الوزارات الأساسيّة كالتعليم والصحّة والاقتصاد.

أمّا الأديب والناقد الفلسطينيّ يسري الغول فاعتبر أنّ نجاح أولئك المبرمجين في تصميم لعبة "البرونجيّة" وبرمجتها كي تلعب من خلال الأجهزة الحديثة يعدّ وجهاً من أوجه حفظ التراث الفلسطينيّ، مناشداً الرئاسة والحكومة الفلسطينيّيتين والمؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة في دعم مثل تلك الإبداعات والطاقات بهدف تشجيع آخرين على المساهمة في حفظ التراث الفلسطينيّ.

ولفت الغول في حديث إلى "المونيتور" إلى أنّ الكثير من الألعاب الفلسطينيّة القديمة اندثرت وما تبقّى منها على وشك الاندثار، في ظلّ حالة التطوّر التكنولوجيّ الكبيرة، ممّا يحتّم على كلّ فلسطينيّ مواكبة ذلك التطوّر، وجلب التراث الفلسطينيّ القديم وتقديمه إلى العالم في شكل عصريّ وحضاريّ.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...