خطّة
وطنيّة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – صادق مجلس الوزراء الفلسطينيّ برام
الله في جلسته الأسبوعيّة التي عقدت في 5 حزيران/يونيو الجاري، على الخطّة الوطنيّة لتعزيز استخدام وسائل
الدفع الإلكترونيّ، والتي تهدف إلى تطوير البيئة القانونيّة بما يتناسب
مع استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّة ويدعمه، وتفعيل دور القطاع المصرفيّ
والمؤسّسات الماليّة، وتعزيز الإطار التنظيميّ لمشغّلي أنظمة التقاص، ومزوّدي خدمات
الدفع في شكل مباشر وآمن.
يوفر نظام الدفع الإلكتروني طريقة
لتنفيذ المعاملات من خلال أداة إلكترونية من دون استخدام الشيكات أو النقد، وتتنوع
أدواته بين بطاقات الدفع الإلكتروني أو الحوالات المصرفية أو المواقع
الإلكترونية الخاصة بعلميات بيع السلع.
كما تهدف الخطّة إلى دعم تنوّع خيارات الدفع الإلكترونيّة، والوصول إليها لتكون أكثر قبولاً، وتلبّي احتياجات القطاعات الماليّة والأفراد، ورفع مستوى المعرفة والثقافة بأدوات الدفع الإلكترونيّ لتكون الأساس في مجال مدفوعات التجزئة، وتعزيز خدمات الدفع الإلكترونيّ في بيئة منخفضة المخاطر.
الخطّة التي تعدّ الأولى من نوعها جاءت في أعقاب العديد من
العقبات التي يواجهها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ، والتي كان آخرها عدم قدرة
المصارف الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة على توفير عملة الدولار عام
2017 وتبديل المهترئ منها بسبب رفض البنوك الإسرائيليّة
لها، وعدم توافر سيولة نقديّة في
قطاع غزّة، بفعل حرمان موظّفي الحكومة من 50%
من رواتبهم، إضافة إلى القيود الكبيرة التي تضعها
إسرائيل على توريد العملات الصعبة والشيكل أيضاً إلى قطاع غزّة، بفعل الحصار
المفروض عليه منذ 12 عاماً.
أكّد مدير عامّ هيئة سوق رأس المال الفلسطينيّ براق النابلسي لـ"المونيتور" أنه من المتوقع إطلاق خطة الدفع الإلكتروني التي وافقت عليها الحكومة خلال شهرين وأن يقوم بتنفيذها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ وسلطة النقد الفلسطينية بالتعاون مع بعض مزودي حلول الدفع الإلكتروني في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف:"إنّ خطّة الدفع الإلكتروني التي أقرّتها الحكومة هي خطّة طموحة للقطاع المصرفيّ والماليّ والشركات وكذلك الأفراد، وستساهم في حل المشكلة التي تعاني منها البنوك الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، جرّاء الصعوبات التي تواجه عمليّة نقل الأموال من البنوك الإسرائيليّة إلى البنوك الفلسطينيّة."
وبيّن أنّ الأراضي الفلسطينيّة متأخّرة مقارنة بالكثير من بلدان العالم في تفعيل خدمات الدفع الإلكترونيّ، مشيراً إلى أنّ التوجّهات الدوليّة حول العالم تسعى إلى تخفيض استخدام الـ"كاش" من قبل المواطنين، والاعتماد على الدفع الإلكترونيّ لسهولة التعامل به، ولنوع الأمان الذي توفّره خدمات الدفع الإلكترونيّ.
وأشار إلى العديد من شركات الدفع الإلكترونيّ الناجحة في الأراضي على مثال PayPal، كاش فلسطين، وغيرهما مشدّداً على أنّ هدفهم في تشجيع المواطنين وللشركات على التعامل فيما بينهم عن طريق خدمات الدفع الإلكتروني.
هذا ويبلغ عدد بطاقات التسوّق الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة قرابة الـ250 ألف بطاقة، وهو عدد قليل مقارنة مع عدد عملاء البنوك في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والبالغ عددهم 1.5 ملايين، يملكون 3.9 ملايين حساب مصرفيّ في 16 مصرفاً فلسطينيّاً.
وأوضح مدير عام شركة PalPay لخدمات الدفع الإلكترونيّ، وهي أكبر شركة لخدمات الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة، إياد قمصيّه لـ"المونيتور" أنّ إقبال المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في تعاملاتهم اليوميّة في ازياد ملحوظ.
وقال قميصه: "لدى شركتنا 4 آلاف نقطة بيع في الضفّة
الغربيّة وقطاع غزّة، وتقدّم 86 خدمة دفع إلكترونيّ، واستطاعت PalPay
جذب 25% من مشتركي الاتّصالات الفلسطينيّة ليسدّدوا فواتيرهم الشهريّة عن طريق
الشركة، ناهيك عن استحواذها على نسبة متقاربة من المتعاملين في الخدمات الأخرى،
ونتّبع المواصفات العالميّة في سرّيّة المعلومات والدفع".
من جانبه، أرجع مدير شركة خدماتي للدفع الإلكترونيّ في غزّة مهدي عجور
في حديث إلى "المونيتور" الارتفاع الملحوظ في عدد المتعاملين بوسائل
الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة إلى ارتفاع نسبة الشباب الفلسطينيّين الذين
يعملون في التجارة والتسويق الإلكترونيّ، وهو ما يحتّم عليهم استخدام وسائل الدفع
الإلكترونيّ في تعاملاتهم.
وبيّن عجور أنّ أحد أهمّ الأسباب التي تجعل الشركات والمواطنين
يعزفون عن استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ هي نسبة العمولة التي تحصل عليها بعض
شركات الدفع الإلكترونيّ في تحويل الأموال أو تبديل العملات والتي قد تصل إلى 10%
من قيمة المبلغ الإجماليّ المحوّل.
هذا وسبق القطاع الخاصّ الحكومة في تحفيز الشركات والمواطنين
على استخدام خدمات الدفع الإلكترونيّ، وذلك عبر إطلاق العديد من الشركات
الإلكترونيّة للسوق الإلكتروني الأوّل في الأراضي الفلسطينيّة في
آب/أغسطس 2017، وتقديم بعض البنوك والشركات جوائز قيّمة لمستخدمي وسائل
الدفع الإلكترونيّ.
وأشار مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ–ماس سمير عبدالله لـ"المونيتور" إلى أنّ العقبات التي تعترض انتشار خدمات الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة هي قلّة نقاط البيع المتعاملة بتلك البطاقات وتحديداً الأسواق والمحلّات التجاريّة.
وبيّن أنّ الخطّة التي أقرّتها الحكومة هدفها توعويّ وتحفيزيّ للمواطنين والشركات، للتعامل بخدمات الدفع الإلكترونيّ وتقليل استخدام الـ"كاش"، جرّاء الصعوبات التي يعاني منها القطاع المصرفيّ الفلسطينيّ في السيولة النقديّة بين فترة وأخرى.
وأوضح أنّ نظام المدفوعات الفلسطينيّ والبنوك الفلسطينيّة مؤهّلة في شكل جيّد للتعامل بتلك الخدمات، ناهيك عن ظهور عدد من الشركات التي تقدّم خدمات الدفع الإلكترونيّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
من جانبه، قال أستاذ العلوم الماليّة والمصرفيّة في جامعة النجاح الوطنيّة معاذ أسمر لـ"المونيتور" إنّ وجود بيئة قانونيّة ولوجستيّة يعمل على توفيرها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ تساعد في شكل كبير على تشجيع المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، منوّهاً بأنّ ذهاب المواطنين في اتّجاه استخدام تلك الوسائل في الدفع سيزيد من نسبة الشمول الماليّ في الأراضي الفلسطينيّة.
والشمول المالي هو عبارة ضمان حصول جميع فئات المجتمع سواء الأفراد والأسر أو المؤسسات – بصرف النظر عن مستوى الدخل- على الخدمات المالية، التي تحتاجها لتحسين حياتها أو عملها.
ويعرّف البنك الدولي "الشمول المالي" على أنه وصول الأفراد والشركات "إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم - كالمعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين - والتي يتم تقديمها بطريقة مسؤولة ومستدامة."
وطالب أسمر البنوك وهيئة سوق المال بالتعاون مع سلطة النقد، بمراجعة الأسباب التي تقلّل من حافزيّة تحوّل المواطنين إلى استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، والتي في مقدّمتها ندرة الأسواق والمحلّات التجاريّة التي لديها خدمة الدفع الإلكترونيّ، إضافة إلى خوف المواطنين من عمليّات القرصنة الإلكترونيّة التي يمكن أن تحدث لبطاقاتهم، ونسبة الفائدة المرتفعة من بعض البنوك والعمولة من قبل الشركات.
وشدّد على أنّ استمرار الحكومة في خطواتها لتحفيز المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ والتجارة الإلكترونيّة مطلب ضروريّ في هذا الوقت، لا سيّما في ظلّ التقدّم التكنولوجيّ المتسارع في العالم وتعامل غالبيّة دول العالم بنظام الدفع الإلكترونيّ.
وعلى ما يبدو، فإنّ الخطّة التي أقرّتها الحكومة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في حاجة إلى وقت ليس بالقليل لفحص إمكان نجاحها في تشجيع المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، في المقابل إنّ الحكومة مطالبة بمساعدة القطاع الخاصّ في توجيه المواطنين لإنجاز تعاملاتهم الحكوميّة الماليّة عبر نظام الدفع الإلكترونيّ.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/06/palestine-electronic-payment-system-national-plan-providers.html#ixzz6F4ldCu4I
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.