الاثنين، 18 يونيو 2018


فلسطين تلغي عقوبة الإعدام
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – وقّع الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس في 6 حزيران/يونيو الجاري، على انضمام دولة فلسطين إلى 7 اتّفاقيّات ومعاهدات دوليّة، من ضمنها البروتوكول الاختياريّ الثاني للعهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وطالب عبّاس وزير الخارجيّة الفلسطينيّ رياض المالكي باستكمال إجراءات تنفيذ هذه الاتّفاقيّات لتصبح فلسطين عضواً كاملاً فيها، إلى جانب 102 دولة ألغتها و33 أوقفت العمل بها.

والبروتوكول الاختياريّ الثانيّ للعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة 44/128 في 15 كانون الأوّل/ديسمبر 1989، وتنصّ المادّة رقم 1 في شقّها الأوّل على أنّه "لا يعدم أيّ شخص خاضع للولاية القضائيّة لدولة طرف في هذا البروتوكول"، فيما ينصّ الشقّ الثاني على أنّه "تتّخذ كلّ دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائيّة".

أكّد النائب العامّ الفلسطينيّ أحمد براك لـ"المونيتور" أنّ عقوبة الإعدام فيها نصّ صريح في القانون الأساسيّ الفلسطينيّ، ولكن فعليّاً لم تطبّق في المناطق الخاضعة إلى سيطرة السلطة الفلسطينيّة منذ عام 2002، ولم يصادق الرئيس عبّاس على أيّ قرار بالإعدام منذ تولّيه منصبه في عام 2005.

وشدّد على أنّهم ينتظرون إبلاغهم من قبل الأمم المتّحدة دخول توقيعهم كفلسطينيّين على البروتوكول حيّز التنفيذ ليقوموا بعدها بإلغاء النصوص كافّة الموجودة في القوانين الفلسطينيّة حول عقوبة الإعدام، منوّهاً بأنّ تلك الإجراءات لا بدّ أن تتبعها خطوات قانونيّة وتشريعيّة لتعديل القوانين المعمول بها في الأراضي الفلسطينيّة حول عقوبة الإعدام.

وأشار براك إلى أنّ الدول في العالم تنقسم في عقوبة الإعدام إلى 3 مدارس، الأولى تؤمن بعقوبة الإعدام وتطبّقها كما في بعض الولايات الأميركيّة وغالبيّة الدول العربيّة، والثانية تنصّ قوانينها على عقوبة الإعدام ولكن فعليّاً لا تطبّقها كفلسطين، والثالثة لا تؤمن بعقوبة الإعدام وتستبدلها بالسجن مدى الحياة، وفلسطين بعد التوقيع على البروتوكول تصبح من أنصار المدرسة الثالثة.

هذا وتحمل المادّة رقم 109 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ نصّاً صريحاً حول عقوبة الإعدام، إلّا أنّها اشترطت تنفيذها بموافقة رئيس السلطة الفلسطينيّة على الحكم، فيما تطبّق السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة قانون العقوبات الأردنيّ رقم 16 لسنة 1960، والذي تنصّ الكثير من مواده على عقوبة الإعدام، كما ويطبّق في قطاع غزّة قانون العقوبات الانتدابيّ البريطانيّ رقم 74 لسنة 1936، والذي تنصّ أيضاً الكثير من مواده على عقوبة الإعدام.

ونفّذ في عهد السلطة الفلسطينيّة منذ تأسيسها في عام 1994 وحتّى نهاية عام 2017، 41 حكماً بالإعدام، منها 39 حكماً في قطاع غزّة، وحكمان اثنان في الضفّة الغربيّة، ومن بين الأحكام المنفّذة في قطاع غزّة 28 حكماً نفّذ منذ الانقسام الفلسطينيّ وسيطرة حركة حماس على قطاع غزّة في عام 2007، وذلك بموافقة المجلس التشريعيّ ومن دون مصادقة الرئيس الفلسطينيّ خلافاً للقانون الأساسيّ.

البروتوكول الذي قد يواجه عقبات في تنفيذه في الأراضي الفلسطينيّة وتحديداً في قطاع غزّة، جرّاء عدم سيطرة السلطة الفلسطينيّة عليه، رفضه عضو اللجنة القانونيّة في المجلس التشريعيّ عن حركة حماس في غزّة أحمد أبو حلبية في حديث إلى "المونيتور"، وحذّر من أنّه يخالف قوانين السلطة الفلسطينيّة منذ إنشائها.

وبيّن أبو حلبية أنّ البرتوكول ليس من مصلحة المجتمع الفلسطينيّ، لأنّ عقوبة الإعدام تحقّق الحماية للمجتمع من جرائم القتل التي لا مبرّر لها بأيّ حال من الأحوال، معتقداً أنّ توقيع الرئيس عبّاس على البروتوكول جاء كنوع من المغازلة للعديد من الجهات الدوليّة -التي لم يسمّها-.

وأكّد أبو حلبية أنّهم كنوّاب في المجلس التشريعيّ سيواصلون دعم تنفيذ تلك العقوبة بغضّ النظر عن توقيع الرئيس عبّاس على بروتوكول إلغاء عقوبة الإعدام، وتحديداً في حقّ المتخابرين مع إسرائيل والذين ثبت تسبّبهم في جرائم قتل، أو ضدّ تجّار المخدّرات ومروّجيها أو مرتكبي القتل العمد.

وشدّد على أنّهم لن يلتزموا بأيّ قرارات بقوانين قد يصدرها الرئيس عبّاس لإلغاء عقوبة الإعدام من القوانين المعمول بها في الأراضي الفلسطينيّة، منوّهاً بأنّ تلك القرارات مخالفة للمادّة رقم 41 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ لعام 2003.

ولاقى توقيع الرئيس عبّاس على البروتوكول الخاصّ بإلغاء عقوبة الإعدام ترحيباً لافتاً من مؤسّسات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة، لا سيّما وأنّ تلك المؤسّسات ناشدت منذ 20 عاماً الرئيس الفلسطينيّ بإلغاء تلك العقوبة لعدم إنسانيّتها وعدم تحقيقها ما يسمّى بالردع العامّ أو السكينة في المجتمع.

اعتبر مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزّة عصام يونس في حديث إلى "المونيتور" أنّ توقيع الرئيس على هذا البروتوكول خطوة في الاتّجاه الصحيح، مستدركاً: "إلّا أنّ كلّ الاتّفاقيّات التي انضمّت إليها السلطة الفلسطينيّة أخيراً في حاجة إلى موائمة مع كلّ التشريعات الفلسطينيّة كي تطبّق في شكل فعليّ وإلّا فلا قيمة لها".

وبيّن أنّ معارضة مؤسّسات حقوق الإنسان عقوبة الإعدام نابع من أنّها لا تشكّل رادعاً لارتكاب الجرائم، مشيراً إلى أنّ العديد من الدول في العالم تنفّذ عقوبة الإعدام، ولكن نسبة الجرائم فيها مرتفعة، ناهيك عن أنّ تلك العقوبة سالبة لحقّ الإنسان في الحياة.

ودعا أستاذ القانون الدوليّ في جامعة بيرزيت ياسر العموري في حديث إلى "المونيتور" الرئيس الفلسطينيّ إلى إصدار قرار بقانون استناداً إلى المادّة رقم 43 من القانون الأساسيّ، يعطل بموجه النصوص كافّة التي تنصّ على تنفيذ عقوبة الإعدام في الأراضي الفلسطينيّة، وذلك إلى حين أن يصار إلى تعديل القوانين في شكل عامّ وخلق منظومة قانونيّة منسجمة مع المواثيق والاتّفاقيّات الدوليّة التي انضمّت إليها السلطة أخيراً.

ورأى العموري أنّ انضمام السلطة الفلسطينيّة إلى هذا البروتوكول هو خطوة متقدّمة في جانب الدفاع عن حقّ الإنسان في الحياة، مطالباً السلطات التشريعيّة الفلسطينيّة بإيجاد بدائل لقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، وقانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936، والتي أصبحت قديمة ولا توائم حالة النهوض الحضاريّ الذي يشهده العالم.

وعلى الرغم من الترحيب الحقوقيّ الذي واجهه انضمام فلسطين إلى بروتوكول إلغاء عقوبة الإعدام، إلّا أنّ تطبيقه سيبقى محلّ شك في قطاع غزّة، لا سيّما في ظلّ رفض المجلس التشريعيّ هناك الالتزام به والاستمرار في دعم تطبيق عقوبة الإعدام.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...