حماس
تعقد مؤتمرها العلميّ الأوّل لتقييم أدائها منذ انطلاقها قبل 30 عاماً
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة — بعد مرور 30 عاماً على انطلاقها، عقدت
حركة حماس في قطاع غزّة مؤتمرها العلميّ الأوّل تحت
عنوان "حماس في عامها الثلاثين الواقع والمأمول" في 18 أيلول/سبتمبر
الجاري، بمشاركة قيادات وكوادر الحركة والعديد من المفكّرين والباحثين (قرابة 1200 شخص في قاعتين
متجاورتين بناءً على تقديرات القائمين على المؤتمر) الذين قدّموا أوراقاً علميّة
قيّموا فيها أداء حركة حماس منذ انطلاقها في المجالات كافّة، إضافة إلى تقديمهم
نظرة مستقبليّة لتطوير أدائها.
ونوقش خلال الجلسات العلميّة 38 بحثاً تمحوّرت حول أداء حركة
حماس الفكريّ والسياسيّ والعسكريّ والإعلاميّ والاجتماعيّ والدعويّ والنسويّ منذ
انطلاقها، إضافة إلى تجربتها في الحكم منذ عام 2006، حيث فازت حماس في الانتخابات
البرلمانيّة التي عقدت في عام 2006، في الأراضي الفلسطينيّة، وتمكّنت من السيطرة على قطاع غزّة
عسكريّاً في منتصف حزيران/يونيو 2007، بعد صراعات مسلّحة مع حركة فتح والأجهزة
الأمنيّة.
وانطلقت حركة حماس في عام 1987، عقب اندلاع الانتفاضة
الفلسطينيّة الأولى ضدّ الجيش الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، حيث
أصدرت بيانها الأوّل في ذلك العام، وفي العام اللاحق 1988، وضعت حماس ميثاقها
الحركيّ، فيما أصدرت في عام 2017، وثيقتها السياسيّة التي جاءت
أكثر واقعيّة من الميثاق، لتتواءم مع نضج فكر الحركة السياسيّ وتطوّره، فالوثيقة
غلب عليها الطابع السياسي والقانوني، فيما غلب على الميثاق الطابع الديني.
قال رئيس اللجنة التحضيريّة للمؤتمر وعضو المكتب السياسيّ في
حركة حماس عطا الله أبو السبح لـ"المونيتور": "حركة حماس كأيّ
تنظيم أو حزب سياسيّ في العالم، لا بدّ أن تقيّم أداءها وتقوّمه بعد فترة زمنيّة،
وحماس الآن أصبح عمرها 30 عاماً".
وأشار إلى أنّ حماس أرادت من خلال المؤتمر سماع آراء الباحثين
والمختصّين من داخل حماس وخارجها بأدائها في المجالات كافّة، عبر أبحاث علميّة
ستعمل حماس على نشرها قريباً قبل نهاية العام في كتاب واحد لتكون بين أيدي
المهتمّين، مشدّداً على أنّ حماس ستتبع ذلك المؤتمر بمؤتمرات علميّة أخرى لتقييم
أدائها في كلّ فترة زمنيّة.
وكشف أبو السبح أنّ لجنة المؤتمر عقدت اجتماعاً لها في 23
أيلول/سبتمبر الجاري، لتقييم المؤتمر والذي جاءت نتائجه مرضية، مشيراً إلى أن
اللجنة سترفع التوصيات التي خرج بها وستقدم إلى المكتب السياسيّ لحركة حماس
لدراستها وإقرار ما يريد منها، مؤكّداً أنّ تطبيق تلك التوصيات هو أهمّ خطوة يسعون
إليها من خلال إقامة ذلك المؤتمر.
وحملت العديد من التوصيات التي خرج بها
المؤتمر نقدًا لأداء حركة حماس، لا سيّما في جانب علاقاتها الدوليّة، والتي رأى
الباحثون أنّها في حاجة إلى تطوير، مع إعادة هيكلة مكتب العلاقات الدوليّة للحركة،
وضرورة أن تفعّل حماس وثيقتها السياسيّة التي تنظّم أداءها وتضبط سياستها وخطابها
في علاقاتها الخارجيّة.
وطالب الباحثون حركة حماس بتعزيز بناء شراكات وتحالفات دولية
بينها وبين الدول والأحزاب المؤمنة بالحق الفلسطيني في مقاومته للاحتلال
الإسرائيلي، بالإضافة إلى مطالبتها بدعم وتعزيز نشاطات حركات المقاطعة العالمية
وبناء شبكات تعاونية مع الحركات الشعبية المناهضة للعنصرية حول العالم.
هذا بالإضافة إلى التوصية بضرورة تطوير مناهج حماس الفكريّة،
وبناء نظريّة أمنيّة حديثة وتطويرها بما يتناسب مع التحدّيات المستقبليّة كالجريمة
والتطرف والصراع مع إسرائيل، والعمل على إنهاء الانقسام الداخليّ مع حركة فتح،
ناهيك عن التوصية بإجراء دراسة عميقة
للقضايا ذات التشابك السياسيّ والدينيّ، ومنها قضيّة التفاوض مع إسرائيل.
هذا وبدأت حماس مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل
بوساطة مصريّة وأمميّة وقطريّة في منتصف تمّوز/يوليو 2018، للتوصّل إلى تهدئة
مقابل رفع الحصار عن غزّة، الأمر الذي أثار غضب السلطة الفلسطينيّة، وتعثرت تلك المحادثات نتيجة
تهديدات الرئيس عباس بوقف تمويل غزة إذا ما تم توقيع الاتفاق بعيداً عن منظمة
التحرير، فيما أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطينيّ للبحوث
السياسيّة والمسحيّة في رام الله ونشرت نتائجه في 20 أيلول/سبتمبر الجاري، أنّ 55
من المستطلعة آراؤهم في الشارع الفلسطينيّ يؤيّدون أن تذهب حماس إلى توقيع اتّفاق
تهدئة طويل الأمد مع إسرائيل حتّى لو لم تنجز المصالحة الداخلية.
من جانبه، قال مدير مركز أبحاث المستقبل وأحد المشاركين في المؤتمر
حاتم أبو زايدة لـ"المونيتور": "إنّ أوّل ما يحسب للمؤتمر ولحركة
حماس أنّها كانت الحركة الفلسطينيّة الأولى التي نفّذت مؤتمراً علميّاً يقيّم
تجربتها منذ انطلاقها، بإيجابيّاتها وسلبيّاتها، بهدف استخلاص العبر ووضع نظرة
مستقبليّة عمليّة تسير عليها الحركة".
وأوضح أبو زايدة الذي قدّم بحثاً تحت عنوان "موقف
الولايات المتّحدة الأميركيّة من حركة حماس"، أنّ خلاصة بحثه تدلّل على أنّ
هناك حالة من التنافر بين الإدارات الأميركيّة المتعاقبة وحركة حماس منذ انطلاقها،
مشيراً إلى أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة تنظر إلى حماس على أنّها حركة
إرهابيّة، وذلك منذ أن وضعتها على قائمة الإرهاب في عام 1997،
وأعيد إدراجها في عام 2001.
وبيّن أنّه لا أفق في إنشاء قناة اتّصال بين الإدارة
الأميركيّة وحركة حماس في المستقبل القريب إلّا إذا اعترفت الأخيرة بقرارات
الشرعيّة الدوليّة المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة، وتخلّت عن محاربتها لإسرائيل
واعترفت بها كدولة للإسرائيليّين.
وخاضت حماس منذ سيطرتها على قطاع غزّة في منتصف حزيران/يونيو
2007، 3 حروب قاسية مع إسرائيل،
قتل فيها الجيش الإسرائيليّ قرابة 3900 فلسطينيّ، وأصاب آلاف آخرين بجراح مختلفة،
ودمّرت إسرائيل بنى قطاع غزّة التحتيّة والاقتصاديّة والمؤسّسات الحكوميّة
والخاصّة وآلاف المنازل، فيما قتل عشرات الإسرائيليّين في تلك الحروب، وهدّد وزير الدفاع
الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان في 13 آب/أغسطس الماضي، بأنّ المواجهة العسكريّة
المقبلة مع حماس هي مسألة وقت.
رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزّة مخيمر أبو
سعدة في حديثه إلى "المونيتور" أنّ الأهمّ من عقد المؤتمر العلميّ هو
وجود رغبة حقيقيّة لدى حماس وقيادتها في تطبيق ما خرج به ذلك المؤتمر، لا سيّما في
الجانب السياسيّ وأدائها الحكوميّ، مستبعداً أن تتّجه قيادة حماس إلى تطبيق ما ورد
في ذلك المؤتمر في شكل كامل.
وأشار أبو سعدة إلى أنّ التوقيت الذي عقدت فيه حماس مؤتمرها
العلميّ الأوّل يأتي في ذروة حالة الخناق الذي تشتدّ عليها سياسيّاً وعسكريّاً
وماليّاً، وشحّ الخيارات المطروحة أمامها للخروج من العزلة المفروضة عليها.
في النهاية، يبقى التساؤل حول مدى قدرة حماس على تطبيق ما
حملته الأوراق العلميّة من تقييم لتجربتها في المجالات المختلفة، أملاً في إيجاد
مخرج للتحدّيات التي تعيشها، لا
سيّما في قطاع غزّة جرّاء الحصار الإسرائيليّ، وتراجع العلاقة بينها وبين الأنظمة
العربيّة، منذ انتكاسة ما سمّي بثورات الربيع العربيّ.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/09/hamas-scientific-conference-30-years-reality-expectations.html#ixzz6F63SLK3r
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/09/hamas-scientific-conference-30-years-reality-expectations.html#ixzz6F63SLK3r
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.