الخميس، 20 يونيو 2019

السلطة الفلسطينية تمنع إقامة بيوت عزاء لـ"مرسي" في الضفة الغربية

أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – خلقت حادثة وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 17 يونيو الجاري، أثناء محاكمته في العاصمة المصرية القاهرة حالة من التعاطف الكبير بين الفلسطينيين، أظهرتها منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك نعي الفصائل الفلسطينية له كحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتقبل قائد حماس السابق خالد مشعل للتعازي في وفاة مرسي بالعاصمة القطرية.

التعاطف مع وفاة مرسي جاء كشكر على الجهود التي قدمها الرئيس المصري السابق للفلسطينيين، وتحديداً في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، والتي تربطها علاقة أيديولوجية مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعد مرسي أحد قادتها، فالأخير كان له دور كبير في وقف العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في نوفمبر 2012، وسماحه بفتح معبر رفح للمسافرين الفلسطينيين لأيام متواصلة خلال عامي 2012 و2013، بعد أن كان يفتح لأيام قليلة في السنوات التي سبقت حكمه.

وأقام بعض الفلسطينيين بمبادرات فردية بيوت عزاء في عدة مدن بقطاع غزة، أما حركة حماس فاكتفت بنعي الرئيس المصري السابق ببيان رسمي، وكذلك مهاتفة رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في 18 يونيو الجاري، لزوجة مرسي لتعزيتها، وذلك على ما يبدو حرصاً منها على إبقاء العلاقات مع النظام المصري الحالي بصورة جيدة.

أما في الضفة الغربية فكان الأمر مختلفاً؛ فالتزمت قيادات السلطة الفلسطينية الصمت حيال وفاة مرسي، فيما منعت الأجهزة الأمنية التابعة لها إقامة بيوت عزاء له، وذلك خوفاً من توتر العلاقة مع النظام المصري، ناهيك عن حالة العداء التي تغلب على علاقة السلطة الفلسطينية بجماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي الذي اتهمه الرئيس محمود عباس في أكتوبر 2014، بأنه حاول الإضرار بالقضية الفلسطينية عبر طرحه منح مساحة من سيناء للفلسطينيين.

وكالة معاً الإخبارية نقلت عن مصادر أمنية فلسطينية لم تذكر اسمها في 18 يونيو الجاري، أن السلطة الفلسطينية قررت منع إقامة بيوت عزاء للرئيس المصري السابق محمد مرسي في الضفة الغربية.

وهددت تلك المصادر باتخاذ إجراءات صارمة بحق من يخالف ذلك القرار، وبررت ذلك بالقول: "الأوضاع التي تمر بها القضية الفلسطينية في هذه الأيام حساسة، ولن نسمح بتحويل البوصلة ضد الأهداف الوطنية والانجرار وراء خلافات جانبية".

تواصل "المونيتور" مع العديد من المسئولين الأجهزة الأمنية الفلسطينية للتعقيب على قرار المنع إلا أنهم رفضوا التعليق، وأصدر الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري في 18 يونيو الجاري، تصريحاً صحفياً نفى فيه أن يكون هناك قرار بمنع إقامة بيوت عزاء لمرسي بالضفة الغربية.

العديد من النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية أكدوا في أحاديث منفصلة مع "المونيتور" منع السلطة لهم إقامة بيوت عزاء، وقال كريم عياد أحد وجهاء مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم لـ"المونيتور": "تفاعلت مع مبادرة أطلقها الحراك الشبابي في مخيم الدهيشة في 18 يونيو الجاري، لفتح عزاء لمرسي كموقف انساني منهم تجاه الرئيس الذي وقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وتكفلت بتوفير قاعة مؤسسة رعاية أهالي الشهداء بالمخيم لإقامة العزاء فيه، إلا أن طلب الأجهزة الأمنية منا وقف تلك التحركات أحبط كل شيء".

من جانبه، أكد المحامي الفلسطيني طارق الحزام لـ"المونيتور" أنه ومجموعة من الشباب في مدينة نابلس أطلقوا مبادرة عبر الفيسبوك في 18 يونيو الجاري، لإقامة بيت عزاء لمرسي في المدينة، وتكفل أحد التجار في المدينة بتوفير قاعة لإقامة العزاء، إلا أنه تفاجئ باتصال من ضابط في جهاز الأمن الوقائي يطلب منه وقف تلك المبادرة وإزالة المنشور عبر الفيسبوك.

وأوضح الحزام أن الضابط الذي تحدث معه برر له منع إقامة العزاء بأن هناك قرار سياسي ولا يردون توتر في العلاقة مع مصر"، منوهاً إلى أنه التزم بذلك، وأنزل منشوراً آخراً اعتذر فيه عن إقامة بيت العزاء.

أما التاجر هاني المصري والذي عرض توفير القاعة الخاصة به لإقامة بيت عزاء لمرسي أكد لـ"المونيتور" أن ضابطاً في جهاز الأمن الوقائي هاتفه وطلب منه العدول عن الفكرة.

حالة العداء التي تغلب على العلاقة بين السلطة الفلسطينية وجماعة الإخوان المسلمين جاءت امتداداً للخلافات التي ظهرت مع نشأة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في ستينات وسبعينات القرن الماضي، على البرامج السياسية وآليات العمل المسلح ضد إسرائيل، وتصاعد العداء مع نشأة حركة حماس نهاية عام 1987، والتي مثلت فرع الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية.

القيادي في حركة فتح عبد الله عبد الله شدد في حديث مع "المونيتور" أن لدى السلطة الفلسطينية وحركة فتح قراراً بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، معتبراً أن وفاة مرسي حدث مصري داخلي.

واستدرك: "رغم ذلك لم نمنع أحداً من التعبير عن مشاعره تجاه وفاة مرسي".

مواقع إعلامية مقربة من حركة حماس ذكرت في 19 يونيو الجاري، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية اعتقلت 11 فلسطينياً، بتهمة نشرهم نعي أو تعزية لمرسي أو تعليقهم على منشورات تتحدث عنه.

وقال النائب في المجلس التشريعي والقيادي في حركة حماس بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية نايف الرجوب لـ"المونيتور": "السلطة الفلسطينية لم تمنع فقط إقامة بيوت عزاء لمرسي في الضفة الغربية؛ بل خلقت حالة من الإرهاب وقمع الحريات، عبر اعتقال العديد من النشطاء بسبب تعاطفهم في كتاباتهم مع مرسي".

وعقب منع السلطة الفلسطينية إقامة بيوت عزاء لمرسي في الضفة الغربية، تحدى بعض النشطاء والمدونين القرار، وأعلنوا عبر صفحاتهم عبر فيسبوك أنهم قرروا فتح منازلهم لإقامة عزاء لمرسي.

علاء الريماوي مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني في رام الله أحد الذين أعلنوا فتح بيوتهم، قال لـ"المونيتور": "أعلنت من خلال حسابي عبر فيسبوك في 18 يونيو الجاري، فتح منزلي لإقامة عزاء لمرسي بعد منع السلطة إقامة بيوت عزاء في العديد من مناطق الضفة الغربية، وذلك كشكر منا كفلسطينيين لرئيس ساعد القضية الفلسطينية خلال فترة حكمه".

الوضع السياسي الفلسطيني الداخلي المتردي منذ الانقسام الداخلي عام 2007، والذي وصل حد العداء بين حركتي فتح وحماس، دفع ثمنه المواطن الفلسطيني من أبسط حقوقه في الحياة وهي حرية الرأي والتعبير.

الرابط الأصلي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...