أحمد أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – جدّدت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيليّة
منذ بداية كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، أحاديثها حول مباحثات تجري في العاصمة
المصريّة القاهرة لمحاولة التوصّل إلى اتّفاق هدنة طويل الأمد مع الفصائل
الفلسطينيّة في قطاع غزّة، فيما أعلن رئيس الوزراء
الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في 6 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، أنّ مباحثات الهدنة
الطويلة تسير على قدم وساق.
ترافقت الأحاديث والتصريحات الإسرائيليّة مع زيارة قامت بها قيادات حركتي
حماس والجهاد الإسلاميّ إلى القاهرة في 2 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، والتي جاءت
بدعوة مصريّة للتباحث في تثبيت اتّفاق وقف إطلاق النار الأخير مع
إسرائيل والذي تمّ إبرامه برعاية مصريّة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وكذلك
التعرّف على آخر جهود تفاهمات التهدئة التي تمّ التوصّل إليها بين الفصائل
الفلسطينيّة وإسرائيل في تشرين الأوّل/أكتوبر 2018، وملفّي المصالحة الداخليّة
والانتخابات العامّة.
نفت حركتا حماس والجهاد الإسلاميّ في بيانات صحافيّة وتصريحات إعلاميّة لقادتها
في 10 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، تلقّيهما أيّ عروض من أيّ طرف أو وسيط دوليّ
لاتّفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل، ووصفتا تلك الأحاديث بـ"الكاذبة"،
واتّهمتا رئيس الوزراء الإسرائيليّ بالترويج لتلك الأفكار بهدف استغلالها في
دعايته الانتخابيّة للانتخابات الإسرائيليّة الثالثة والمقرّر انعقادها في بداية
آذار/مارس المقبل.
أكّد القياديّ في حركة الجهاد الإسلاميّ أحمد المدلّل في
حديث إلى "المونيتور" رفض حركته المبدئيّ أيّ اتّفاق هدنة طويل الأمد مع
إسرائيل يصل إلى سنوات، مضيفاً: "استراتيجيّتنا قائمة على مبدأ الاشتباك
المستمرّ مع إسرائيل التي تحتلّ أرضنا الفلسطينيّة وتسرق مقدّراتنا وتطبق بحصارها
علينا".
وأوضح المدلّل أنّ أيّ اتّفاق هدنة طويل الأمد سيوفّر لإسرائيل
حالة من الهدوء والاستقرار تستغلّها في مصادرة ما تبقّى من أراضي الفلسطينيّين
ومقدّراتهم في الضفّة الغربيّة والقدس، ناهيك عن أنّها ستعطّل قدرات المقاومة
وسلاحها لسنوات طويلة وتجعلها غير ذي جدوى، وبالتالي إطالة عمر احتلال إسرائيل
للأراضي الفلسطينيّة.
ونفى القياديّ في حركة الجهاد الإسلاميّ أن تكون القاهرة
قد عرضت عليهم أيّ مقترحات في شأن تلك الهدنة، مشيراً إلى أنّ تلك الأحاديث مصدرها
الإعلام الإسرائيليّ.
وتنصّ الوثيقة السياسيّة
لحركة الجهاد الإسلاميّ التي صدرت في شباط/فبراير 2018، على التالي: "النهج
الثابت للجهاد هو استمرار المواجهة مع العدو الصهيونيّ، واستنزاف طاقاته وقدراته،
وزعزعة أمنه واستقراره، لإجباره على الرحيل عن أرضنا، وصولاً للتحرير الكامل
لفلسطين".
لم تكن حركة الجهاد الإسلاميّ وحدها في رفضها أيّ اتّفاق هدنة
طويل الأمد مع إسرائيل، حيث انضمّت إليها الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، التي
أكّد القياديّ فيها جميل مزهر في 7 كانون
الأوّل/ديسمبر الجاري، رفض حركته أيّ هدنة طويلة مع إسرائيل.
من جانبه، قال رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعيّ
والقياديّ في حركة حماس يحيى موسى في حديث إلى "المونيتور": "لم
نتلقّ أيّ عروض لهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل أو نناقشها، وأيضاً لم نعرض في حماس
على إسرائيل التوصّل إلى اتّفاق هدنة طويل".
وبيّن أنّ ما يجري بينهم وبين إسرائيل هو تفاهمات برعاية من
الوسطاء المصريّين والقطريّين والمنسّق الخاصّ لعمليّة السلام في الشرق الأوسط
نيكولاي ملادينوف، بهدف كسر الحصار الإسرائيليّ المفروض على قطاع غزّة.
وعلى الرغم من نفي حركتي حماس والجهاد الإسلامي مقترح الهدنة
الطويلة، إلّا أنّ السلطة الفلسطينيّة وحركة فتح تبديان تخوّفهما من قضيّة
الهدنة الطويلة بل وحذّرتا منها، وذلك في ظلّ التقدّم في تطبيق تفاهمات التهدئة
بين حماس وإسرائيل، والتي كان آخرها سماح إسرائيل في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ببناء المستشفى الميدانيّ
الأميركيّ في شمال قطاع غزّة، واستمرار تدفّق الأموال القطريّة إلى قطاع غزّة عبر
إسرائيل، والسماح للصيّادين الفلسطينيّين بالإبحار لمسافات بعيدة في بحر قطاع
غزّة.
اعتبر المحلّل السياسيّ المقرّب من حركة الجهاد الإسلاميّ حسن
عبدو في حديث إلى "المونيتور" أنّ أيّ اتّفاق هدنة طويل الأمد سيشكّك في
شرعيّة وجود حركات المقاومة الفلسطينيّة وفي مبرّراته، لا سيّما وأنّ تلك الحركات
انطلقت من أجل مقاومة احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينيّة.
وأوضح عبدو أنّ ارتفاع وتيرة الحديث حول الهدنة كان من طرف
واحد، وهو إسرائيل، بهدف إيجاد حالة من التشويش والتراشق الإعلاميّ بين الفصائل
الفلسطينيّة المؤيّدة لأيّ مقترحات في هذا الخصوص والمعارضة لها، لافتاً إلى أنّ
ذلك الهدف عملت عليه إسرائيل خلال جولة القتال التي اندلعت بين حركة الجهاد
الإسلاميّ وإسرائيل في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عبر الترويج أنّ حماس تركت
الجهاد الإسلامي وحدها في تلك الجولة.
ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة في
12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، عن مصادر في الجيش الإسرائيليّ خشيتها من أن تؤدّي
الأزمة السياسيّة في إسرائيل إلى تعطيل التوصّل إلى اتّفاق هدنة طويل مع قطاع
غزّة، مشيرة إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ يعتقد أنّ الفرصة مؤاتية للتوصّل إلى تلك
الهدنة، بعدما تلقّت حركة الجهاد الإسلاميّ ضربة قويّة في جولة القتال التي انعدلت
في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وامتناع حركة حماس عن المشاركة في القتال
آنذاك.
وتوافق المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة فلسطين المحلّيّة
إياد القرا في حديث إلى "المونيتور" مع سابقه في أنّ كلّ ما يثار حول
قضيّة الهدنة مصدره إسرائيل، مشيراً إلى أنّ ذلك المقترح لا رصيد له على أرض
الواقع، في ظلّ الأزمة السياسيّة الداخليّة التي تعيشها إسرائيل، وعدم وجود حكومة
إسرائيليّة يمكنها المضي في مفاوضات حول الهدنة.
وبيّن أنّ الفصائل الفلسطينيّة تعي أنّ التوصّل إلى أيّ اتّفاق
هدنة طويل الأمد في المستقبل القريب يمثّل هديّة لإسرائيل التي تسعى إلى تحييد
جبهة قطاع غزّة والتفرّغ في شكل كامل للملفّ الإيرانيّ، وذلك في ظلّ التقديرات الإسرائيليّة
الصادرة في نهاية يوليو الماضي، أنّ حماس وإيران قد اتّفقتا على فتح جبهة غزّة إذا
اندلعت حرب بين إسرائيل وحزب الله.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2019/12/gaza-islamic-jihad-denies-israel-reports-long-term-truce.html#ixzz6FGpbVO31
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2019/12/gaza-islamic-jihad-denies-israel-reports-long-term-truce.html#ixzz6FGpbVO31
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.