الأربعاء، 19 فبراير 2020

تحرّكات مصريّة لاحتواء التصعيد بين "حماس" وإسرائيل

أحمد أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – استأنفت المخابرات المصريّة وساطتها بين حركة "حماس" وإسرائيل، في 10 شباط/فبراير الجاري، بهدف خفض حالة التوتّر التي سادت الحدود بين إسرائيل وقطاع غزّة منذ منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك في أعقاب إطلاق مجموعات فلسطينيّة بالونات متفجّرة وقذائف صاروخيّة من قطاع غزّة باتّجاه جنوب إسرائيل، وهو الأمر الذي قابلته إسرائيل بقصف جويّ ومدفعيّ لمواقع عسكريّة تابعة لحركة "حماس" في القطاع.

التوتّر العسكريّ بين الجانبين، جاء على خلفيّة اتّهام حركة "حماس" إسرائيل بالتلكّؤ في تنفيذ تفاهمات التهدئة التي تمّ التوصّل إليها في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2018، ناهيك عن الغضب الفلسطينيّ من إعلان الإدارة الأميركيّة خطّتها للسلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلاميّاً باسم "صفقة القرن".

ووصل وفد مصريّ مكوّن من 4 ضبّاط كبار يرأسهم مسؤول الملف الفلسطينيّ في جهاز المخابرات المصريّ أحمد عبد الخالق إلى قطاع غزّة في 10 شباط/فبراير الجاري، قادماً من إسرائيل، وأجرى مباحثات مع حركة "حماس" والفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، قبل أن يغادر القطاع بعد ساعات عدّة، عائداً إلى إسرائيل.

وكشف مسؤول مصريّ مقرّب من جهاز المخابرات، طلب عدم الإفصاح عن هويّته، لـ"المونيتور" أنّ المباحثات التي أجراها الوفد المصريّ مع قيادات من حركة "حماس" هدفت إلى الطلب من الحركة ضبط الحالة الأمنيّة على طول الحدود مع قطاع غزّة والعمل على وقف إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجّرة باتّجاه جنوب إسرائيل، وذلك لتجنّب أيّ ردّ فعل إسرائيليّ قد يفضي إلى مواجهة عسكريّة كبيرة قبل الانتخابات الإسرائيليّة بداية آذار/مارس المقبل.

وأوضح أنّ إسرائيل حذّرت أكثر من مرّة أنّها لن تصمت على استمرار إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجّرة باتّجاه جنوب إسرائيل، وأنّ صبرها بدأ ينفد، مشيراً إلى أنّ قادة حركة "حماس" أكّدوا خلال المباحثات مع الوفد المصري أنّهم لا يسعون إلى أيّ تصعيد عسكريّ مع إسرائيل، وأنّ إطلاق الصواريخ يأتي من بعض الجماعات غير المنضبطة في قطاع غزّة.

وبيّن المسؤول أنّ حركة "حماس" أكّدت أنّه لا يمكنها ضبط الحالة الأمنيّة بشكل تامّ في قطاع غزّة، في ظلّ حالة التضييق التي تقوم بها إسرائيل وتلكّئها في تنفيذ تفاهمات التهدئة، لافتاً إلى أنّ الوفد المصريّ غادر قطاع غزّة باتّجاه إسرائيل لوضعها في صورة المباحثات التي تمّت مع حركة "حماس".

بشكل مفاجئ، أعادت إسرائيل في 14 توسيع مساحة الصيد أمام الصيادين في بحر قطاع غزة لتصبح 15 ميلاً بحرياً بعد أن كانت قلصتها إلى 10 أميال بحرية في 5 فبراير الجاري، رداً على استمرار إطلاق القذائف والبالونات المتفجرة من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل، كما وأعادت التصاريح للتجار الذين يدخلون إسرائيل من قطاع غزة، قبل أن تتراجع مرة أخرى في 15 فبراير الجاري، وتقوم بإلغاء تلك الخطوات بعد سقوط صاروخين في منطقة كيسوفيم جنوب إسرائيل أطلقا من قطاع غزة.

فيما نقل تلفزيون I24 الإسرائيلي في ساعة متأخرة من مساء 13 فبراير الجاري، عن مسئول أمني إسرائيلي أن حماس أرسلت رسالة لإسرائيل تتعلق بوقف إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجرة باتجاه جنوب إسرائيل، وذكر المسئول الأمني أن نهاية الأسبوع الجاري، ستكون بمثابة اختبار للاستقرار في الأحداث. وأفاد مراسل "المونيتور" أن إطلاق البالونات المتفجرة توقف بشكل شبه تام من قطاع غزة منذ صباح الـ 14 فبراير الجاري، فيما استمر إطلاق الصواريخ وكان آخرها في 15 فبراير الجاري.

يأتي ذلك، بعد أن صعّدت إسرائيل من تهديداتها تجاه قطاع غزّة خلال الأيّام الماضية، وذلك في ظلّ استمرار إطلاق البالونات المتفجّرة والقذائف الصاروخيّة من القطاع. وقال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في تصريحات نقلها موقع "إسرائيل أوف تايمز" بـ11 شباط/فبراير الجاري: "لا أسعى إلى الحرب، لكنّنا نعدّ لحماس مفاجأة حياتها، لن أكشف عنها، لكنّها تختلف عمّا كان في السابق".

من جهتها، ردّت حركة "حماس" على تلك التهديدات، وقال القياديّ لديها ورئيس اللجنة الاقتصاديّة في المجلس التشريعيّ عاطف عدوان لـ"المونيتور": "إنّ التهديدات الإسرائيليّة لا تخيفنا، ونعلم أنّ وتيرتها ترتفع مع قرب كلّ انتخابات إسرائيليّة، وذلك أنّ المرشّحين والأحزاب الإسرائيليّة يعتقدون أنّ تهديداتهم لقطاع غزّة وحركة حماس يمكن أن ترفع من رصيدهم في الانتخابات".

أضاف: "يمكن لإسرائيل أن تنفّذ تهديداتها وتقوم بشنّ بعض العمليّات العسكريّة أو الأمنيّة في قطاع غزّة، لكنّها تعلم جيّداً أنّها إذا ما بدأت بأيّ عدوان فلا يمكنها تحديد متى سيقف، وما هي نتائجه".

وشدّد على أنّ "حماس" لا تريد الحرب ولا تسعى إليها، لكنّها لن تسمح بأن تعيش إسرائيل في حالة من الهدوء، بينما يعاني سكّان قطاع غزّة بفعل الحصار الإسرائيليّ.

وبيّن عاطف عدوان أنّ الوفد المصريّ حمل وعوداً إسرائيليّة بالعودة إلى تطبيق التفاهمات، في حال عاد الهدوء إلى الحدود وأوقف إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجّرة من قطاع غزّة، وقال: "نحن لا نثق بالوعود الإسرائيليّة، وسنواصل الضغط على إسرائيل للتقدّم بشكل حقيقيّ في تلك التفاهمات".

زيارة الوفد المصريّ لقطاع غزّة جاءت بعد فترة غياب طويلة، إذ كانت زيارته الأخيرة في 8 أيلول/سبتمبر من عام 2019، بهدف تثبيت حالة الهدوء بين إسرائيل وقطاع غزّة، فيما ألغى الوفد المصريّ زيارته التي كانت مقرّرة بداية كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك بسبب حالة الغضب المصريّ من زيارة رئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة لطهران في 6 كانون الثاني/يناير الماضي، للتعزية في مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ قاسم سليماني.

ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانيّة، في 11 شباط/فبراير الجاري، عن مسؤول في قطاع غزّة، لم تذكر اسمه، قوله: إنّ قائد حركة "حماس" في غزّة يحيى السنوار اعتذر عن عدم حضور اللقاء الذي جرى مع الوفد المصري، وذلك خشية اغتيال إسرائيل له.

ورأى الكاتب والمحلّل السياسيّ في صحيفة "فلسطين" التابعة لحركة "حماس" إياد القرا خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ زيارة الوفد المصريّ نجحت بشكل جزئي في احتواء التصعيد بين الجانبين، وهو ما يفسر توقف إطلاق البالونات من قطاع غزة باتجاه إسرائيل.

واستبعد أن يمضي بنيامين نتنياهو في تطبيق التفاهمات الموقّعة مع حركة "حماس"، في ظلّ قرب الانتخابات الإسرائيليّة بداية آذار/مارس المقبل، وذلك خشية تآكل الأصوات الانتخابيّة لحزبه، متوقّعاً أن تشهد الحدود بين قطاع غزّة وإسرائيل حالة من التصعيد العسكريّ المستمرّ خلال الأيّام المقبلة.

وتوافق المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة طلال عوكل خلال حديث مع "المونيتور" مع سابقه في أنّ إسرائيل لن تتقدّم في ملف التفاهمات مع حركة "حماس"، قبل الانتخابات الإسرائيليّة المقبلة.

ورغم ارتفاع حدّة التهديدات الإسرائيليّة لقطاع غزّة وتراجع إسرائيل عن بعض التسهيلات الاقتصاديّة التي قدّمتها إلى قطاع غزّة بداية شباط/فبراير الحاليّ، من منع إدخال الاسمنت لقطاع غزة ومنع تصدير بعض المنتوجات الزراعية وتقليص مساحة الصيد، إلاّ أنّه من المستبعد أن يصل الجانبان إلى مواجهة عسكريّة مفتوحة، وذلك في ظلّ عدم رغبة الطرفين بها.

الرابط الأصلي:


الاثنين، 17 فبراير 2020

محاولات فلسطينية وإسرائيلية لإحياء خطة "أولمرت" في مواجهة "صفقة القرن"


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت مؤتمراً صحافياً في 11 فبراير الجاري، بمدينة نيويورك لمعارضة خطة السلام الأمريكية والمعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، وللبحث في إعادة إحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تفاوض حولها الطرفان عام 2008، قبل أن تُجمد جلسات التفاوض تلك في أعقاب تقديم أولمرت لاستقالته في سبتمبر 2008، على خلفية اتهامه بالفساد.

وجاء المؤتمر الصحفي على هامش أعمال الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي والتي عقدت في 11 فبراير الجاري، للتشاور في خطة السلام الأمريكية، والتي أعلن خلالها الرئيس عباس رفضه للخطة الأمريكية، كما وعرض قائمةً تحمل تواقيع 300 ضابط إسرائيلي يرفضون خطة السلام الأمريكية.

وأبدى الرئيس عباس موافقته خلال المؤتمر الصحفي على استكمال المفاوضات مع أولمرت من حيث انتهت عام 2008، مشترطاً بأن تستكمل تلك المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية، وليس على أساس خطة "الضم الأمريكية الإسرائيلية".

مسئول فلسطيني مقرب من مؤسسة الرئاسة الفلسطينية كشف لـ"المونيتور" أن اللقاء بين عباس وأولمرت جاء بطلب من الأخير بهدف إيجاد بديل لخطة السلام الأمريكية، وطرح الخطة التي عرضها أولمرت على عباس عام 2008، مجدداً للتفاوض.

وأوضح المسئول أن أولمرت جدد طلبه من الرئيس عباس خلال لقاء جمع بينهما قبل المؤتمر الصحفي بالموافقة على الخطة من أجل قطع الطريق على خطة السلام الأمريكية، إلا أن الرئيس عباس رفض ذلك، وبين أن الخطة بحاجة للمزيد من النقاشات والمفاوضات كي تصبح مقبولة للفلسطينيين، وتحديداً في قضايا الحدود والقدس واللاجئين.

وحول الانتقادات الفلسطينية التي تعرض لها الرئيس عباس جراء لقاءه مع أولمرت قال المسئول: "لا يمكننا في هذا الوقت رفض أي صوت أو جهة تريد أن تقف لجانبنا في رفض خطة السلام الأمريكية"، مضيفاً: "كل صوت يصطف إلى جانبنا يقوي موقفنا أمام العالم، ولا مشكلة لدى الرئيس عباس بالجلوس مع شخصيات إسرائيلية أخرى تعارض الخطة الأمريكية".

في المقابل تعرض أولمرت لحملة انتقادات إسرائيلية واسعة عقب اللقاء مع الرئيس عباس، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 12 فبراير الجاري، خطوة أولمرت بأنها "محطة انحطاط في تاريخ إسرائيل"، وسبق ذلك وصف مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون في 11 فبراير الجاري، اللقاء بـ"المخز"، قائلاً: "في نفس اليوم الذي فشل فيه أبو مازن في محاولته إدانة الولايات المتحدة وإسرائيل في مجلس الأمن، أولمرت يؤيد عباس، إنه لأمر مُخز".

وتضمنت خطة أولمرت لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، يسبقها تبادل للأراضي بين الجانبين بحيث تأخذ إسرائيل 6.5 من أراضي الضفة الغربية والتي تضم عدد كبير من المستوطنات الإسرائيلية مقابل إعطاء الفلسطينيين مساحة 5.8 من المناطق العربية في إسرائيل والقريبة من شمال الضفة الغربية، كما وتتضمن الخطة إخلاء إسرائيل لـ 10 مستوطنات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية وغور الأردن، وأن يربط قطاع غزة مع الضفة الغربية بممر بري وغيرها من القضايا.

الرئاسة الفلسطينية كانت قد رفضت الخطة في أغسطس 2008، واعتبرتها مخالفةً لقرارات الشرعية الدولية، وأكدت أنها لن تقبل بأقل من دولة على حدود حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمةً لها، مع إخلاء كامل للمستوطنات من الضفة الغربية، وكذلك ربط الضفة الغربية وقطاع غزة عبر ممر بري.

النائب في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية الموحدة جمال زحالقة ذكر في حديث مع "المونيتور" أن لقاء عباس – أولمرت يهدف لخلق حالة معارضة داخل إسرائيل لخطة السلام الأمريكية، عبر الترويج مجدداً لخطة "أولمرت".

واستبعد زحالقة أن تنجح محاولة إحياء تلك الخطة، وذلك بسبب التأثير السياسي الضعيف لأولمرت في إسرائيل، ناهيك عن رفض الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة لتلك الخطة، محذراً في الوقت نفسه الفلسطينيين من القبول مجدداً بالتفاوض حولها والتي قال إنها لا تقل خطورةً عن خطة السلام الأمريكية، وتحديداً في جوانب القدس والحدود وقضية اللاجئين.

اللقاء بين الزعيمين ألقى بظلاله على عناوين الصحف الإسرائيلية الصادرة في 12 فبراير الجاري، أما فلسطينياً فقد شن عضو مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس باسم نعيم في 12 فبراير الجاري، هجوماً على اللقاء واعتبره "بيع للوهم والسراب"، وأضاف: "من المؤسف جدًا في هذه اللحظة أن يلتقي الرئيس عباس برجل ساهم مباشرةً في قتل الآلاف من الفلسطينيين".

من جانبه، رأى مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني في رام الله علاء الريماوي خلال حديث مع "المونيتور" اللقاء بين عباس وأولمرت بأنه من أسوء اللقاءات التي جرت بين مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين، معتبراً أن مستشاري الرئيس عباس قد خدعوه عندما أقنعوه بلقاء أولمرت وإجراء مؤتمر صحفي معه لرفض "صفقة القرن" كون الأخير متهم بالفساد ومنتهي سياسياً.

وأوضح الريماوي أن المحاولات التي يقوم بها الزعيمان لإحياء خطة "أولمرت" لن تجدي نفعاً، وذلك في ظل المعارضة الإسرائيلية والفلسطينية لتلك لخطة، لافتاً إلى أن اللقاء أظهر حالة الإفلاس وانعدام الخيارات أمام السلطة الفلسطينية في مواجهة خطة السلام الأمريكية.

وتوافق أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية البرفسور عبد الستار قاسم في حديث لـ"المونيتور" مع سابقه في أن اللقاء يهدف لإحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، محذراً من قبول السلطة الفلسطينية بالعودة إلى طاولة المفاوضات لمناقشة الخطة في ظل انعدام أي خيارات سياسية أمامهما لمواجهة "صفقة القرن".

ورأى قاسم أن مواجهة خطة السلام الأمريكية لا يكون بمثل هكذا لقاءات، وإنما بالقيام بخطوات جدية من قبل السلطة الفلسطينية لإنهاء الانقسام الداخلي، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية لتقوم بدورها بشكل فعال، وتشجيع المقاومة بكافة أشكالها.

لا يبدو أن المحاولات الإسرائيلية والفلسطينية لإحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيكتب لها النجاح، وذلك في ظل غياب راعٍ دولي لها، بالإضافة إلى تبني الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة لخطة السلام الأمريكية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية يناير الماضي.

الرابط الأصلي:


الأربعاء، 5 فبراير 2020

"صفقة القرن" تقّلص فرص التوصّل إلى اتفاق تسوية بين حماس و"إسرائيل"


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: تصاعدت حدة التوتر العسكري بين إسرائيل وقطاع غزة منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 كانون الثاني/ يناير الجاري، عن خطته للسلام في الشرق الأوسط والمعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، وأطلق الفلسطينيون منذ 29 كانون الثاني/ يناير الجاري، عدد من الصواريخ وقذائف الهاون تجاه المواقع العسكرية للجيش الإسرائيلي وكذلك مدينة سديروت جنوب إسرائيل احتجاجاً على نشر الخطة، في المقابل رد الجيش الإسرائيلي في 31 كانون الثاني/يناير الجاري، بقصف مواقع تابعة لحركة حماس في جنوب قطاع غزة.

الجيش الإسرائيلي وإزاء تصاعد إطلاق الصواريخ والقذائف من قطاع غزة هدد في 31 كانون الثاني/ يناير الجاري، برد قاسٍ فيما توقعت مصادر إسرائيلية أن يتدهور الوضع الأمني على جبهة قطاع غزة.

وفي ذات السياق، تواصلت الاحتجاجات الشعبية الرافضة للخطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحمل المتظاهرون في 31 كانون الثاني/ يناير الجاري، الأعلام الفلسطينية ورفعوا شعارات منددة بالخطة، وحرقوا الأعلام الأمريكية، ورشقوا الجيش الإسرائيلي بالحجارة، وسبق ذلك عقد القيادة الفلسطينيّة، بمشاركة الفصائل الفلسطينيّة كافة، اجتماعاً طارئاً في مدينة رام الله بـ28 كانون الثاني/يناير الجاري، للتباحث في خطوات الردّ على الخطّة، وكان أهمّ قراراته البدء الفوريّ بالإجراءات الهادفة إلى تغيّر الدور الوظيفيّ للسلطة الفلسطينيّة.

وتتضمّن الخطّة، وفقاً لدونالد ترامب، إقامة دولتين فلسطينيّة وإسرائيليّة والتأكيد أنّ القدس عاصمة موحّدة لإسرائيل، ووقف الأنشطة التي وصفها بـ"الخبيثة" لحركتيّ "حماس" و"الجهاد الإسلاميّ"، فيما ذكر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو خلال كلمته بالبيت الأبيض في 28 كانون الثاني/يناير الجاري، أنّ نزع سلاح "حماس" في قطاع غزّة يأتي كبند من بنود الخطّة، وهو الأمر الذي أثار التساؤلات حول انعكاس تلك الخطّة على جهود التسوية بين إسرائيل وحركة "حماس".

وقال رئيس اللجنة الاقتصاديّة في المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ القياديّ في حركة "حماس" عاطف عدوان لـ"المونيتور": "لا حديث في هذا الوقت عن تفاهمات أو تسويات مع إسرائيل، في ظلّ الخطر الكبير الذي تتعرّض له القضيّة الفلسطينيّة بعد نشر الإدارة الأميركيّة خطّتها".

ولفت إلى أنّه "لن يؤخذ على حماس أنّها عقدت اتفاقاً مع إسرائيل، في وقت كانت القضيّة الفلسطينيّة في حاجة إلى الحركة وفصائل المقاومة لإحباط الخطّة الأميركيّة"، موضحاً أنّ الخطّة منحازة بشكل سافر لإسرائيل وهدفها تصفية القضيّة الفلسطينيّة.

وأشار عاطف عدوان إلى أنّ التفاهمات بين "حماس" وإسرائيل في الأشهر الماضية كانت لأهداف إنسانيّة واقتصاديّة للتخفيف عن سكّان قطاع غزّة، الذين يقبعون تحت حصار إسرائيليّ خانق منذ 13 عاماً، لافتاً إلى أنّ إغراءات إسرائيل الاقتصاديّة التي تقدّم إلى الحركة عبر وسطاء مصريّين وقطريّين لم تتوقّف، بل ازدادت في الأيّام التي سبقت إعلان "صفقة القرن".

إسرائيل، وفي محاولة منها لامتصاص أيّ غضب فلسطينيّ من قطاع غزّة قبيل إعلان الخطّة، قدّمت في 28 كانون الثاني/يناير الجاري، العديد من التسهيلات الاقتصاديّة، وسمحت بإدخال سلع لم تدخل قطاع غزّة منذ فرض الحصار على القطاع. وكذلك، سمحت بتصدير بعض السلع والمنتوجات الفلسطينيّة كمحصول الفراولة.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة مقالاً للخبير العسكريّ الإسرائيلي رون بن يشاي، في 24 كانون الثاني/يناير الجاري، رأى فيه أنّ "حماس" تعتبر خطّة السلام الأميركيّة خطوة من التيّار الإنجيليّ المسيحيّ في الولايات المتّحدة، بالتعاون مع اليمين الإسرائيليّ، مناوئة للإسلام، مشيراً إلى أنّ نشر الخطّة سيؤدّي إلى الابتعاد عن إبرام تسوية بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزّة.

وأبدى عضو في اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة، طلب عدم الكشف عن هويّته، في حديث مع "المونيتور"، عن توجّس القيادة الفلسطينيّة من أن تمهّد التفاهمات التي تجري بين "حماس" وإسرائيل الطريق لتطبيق جزء مهمّ من خطّة السلام الأميركيّة عبر فصل قطاع غزّة عن الضفّة الغربيّة سياسياً تحت ذريعة تسهيلات اقتصاديّة لسكّان القطاع.

وبيّن أنّ الرئيس محمود عبّاس أصرّ على دعوة قيادة "حماس" إلى حضور الاجتماع الطارئ الذي عقد في مدينة رام الله بـ28 كانون الثاني/يناير الجاري، للبحث في تداعيات نشر خطّة السلام الأميركيّة، بهدف توحيد الصفّ الداخليّ الفلسطينيّ والسماع من قادة "حماس"، الذين حضروا الاجتماع، موقفهم الواضح من الخطّة الأميركيّة، وكذلك التعرّف على المباحثات التي تجريها الحركة مع إسرائيل عبر وسطاء.

وشدّد المسؤول الفلسطينيّ على أنّ قادة "حماس" أعطوا جواباً واضحاً إلى القيادة الفلسطينيّة أنّه لا يوجد أيّ اتفاق تسوية مع إسرائيل، وأكّدوا وقوف حركتهم خلف القيادة الفلسطينيّة في مواجهة خطّة السلام الأميركيّة.

ودأبت السلطة الفلسطينيّة وفصائل منظّمة التحرير على مهاجمة حركة "حماس" خلال الأشهر الأخيرة، في ظلّ الحديث الإسرائيليّ عن تفاهمات تجري مع "حماس" بهدف التوصّل إلى اتفاق هدنة طويل الأمد بين الجانبين، واتّهمتا "حماس" بمحاولة فصل قطاع غزّة عن الضفّة الغربيّة وإلغاء دور منظّمة التحرير الكيان الوحيد المخوّل بتوقيع الاتفاقيّات السياسيّة بين الفلسطينيّين والدول الأخرى.

واستبعد مدير "مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيليّ والفلسطينيّ" في الضفّة الغربيّة علاء الريماوي خلال حديث لـ"المونيتور" التوصّل إلى اتفاق تسوية بين "حماس" وإسرائيل تحديداً في الوقت الحاليّ، وذلك بسبب البنود التي تضمّنتها خطّة السلام الأميركيّة، مشيراً إلى أنّ استراتيجيّة حركة "حماس" منذ انطلاقتها لم تصمت عن أيّ اتفاق يهدف إلى القضاء على القضيّة الفلسطينيّة، بل عملت على عرقلته، وهو ما حدث مع اتفاق أوسلو في عام 1993، إذ شنّت الحركة بعد الاتفاق سلسلة عمليّات تفجيريّة في إسرائيل.

وأوضح علاء الريماوي أنّ الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة مرشّحة لتصعيد مضبوط شعبيّاً وعسكريّاً، رفضاً للخطّة الأميركيّة، لافتاً إلى أنّ الأمور قد تذهب إلى مواجهة عسكريّة واسعة بين "حماس" وإسرائيل، في حال أقدمت إسرائيل على تطبيق فعليّ لبعض بنود الخطّة وأعلنت بشكل رسميّ ضمّ مناطق في الضفّة الغربيّة إلى إسرائيل.

وتوافق المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة "الأيّام" الفلسطينيّة طلال عوكل خلال حديث مع "المونيتور" مع سابقه في أنّ فرص التوصّل إلى اتفاق بين "حماس" وإسرائيل تراجعت بصورة كبيرة مع نشر خطّة السلام الأميركيّة، وذلك لأنّ البنود التي احتوتها الخطّة تنهي أيّ حلم فلسطينيّ بإقامة دولة مستقلّة على حدود حزيران 1967.

وتوقّع طلال عوكل أن تنشط حركة الوسطاء خلال الأيّام المقبلة إلى قطاع غزّة وتحديداً مصر وقطر -الأولى دعت لدراسة الخطة والثانية رحبت بالجهود الأمريكية لتحقيق السلام- بهدف الضغط على "حماس" من جانب، وإغرائها بالمحفّزات الاقتصاديّة من جانب آخر، لضمان صمتها ومنعها من القيام بأيّ خطوة قد تفجّر الأوضاع، ردّاً على نشر خطّة السلام الأميركيّة.

يبدو أنّ الجانبين يبتعدان عن التوصّل إلى اتفاق تسوية في المستقبل القريب، وذلك في ظلّ تهديد "حماس" بإفشال الخطّة الأميركيّة التي تتضمّن نزع سلاحها، وسط توقّعات بأن تواصل إسرائيل تقديم تسهيلات اقتصاديّة إلى سكّان قطاع غزّة، منعاً لتفجّر الأوضاع الميدانيّة.

الرابط الأصلي:


مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...