الاثنين، 17 فبراير 2020

محاولات فلسطينية وإسرائيلية لإحياء خطة "أولمرت" في مواجهة "صفقة القرن"


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت مؤتمراً صحافياً في 11 فبراير الجاري، بمدينة نيويورك لمعارضة خطة السلام الأمريكية والمعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، وللبحث في إعادة إحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تفاوض حولها الطرفان عام 2008، قبل أن تُجمد جلسات التفاوض تلك في أعقاب تقديم أولمرت لاستقالته في سبتمبر 2008، على خلفية اتهامه بالفساد.

وجاء المؤتمر الصحفي على هامش أعمال الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي والتي عقدت في 11 فبراير الجاري، للتشاور في خطة السلام الأمريكية، والتي أعلن خلالها الرئيس عباس رفضه للخطة الأمريكية، كما وعرض قائمةً تحمل تواقيع 300 ضابط إسرائيلي يرفضون خطة السلام الأمريكية.

وأبدى الرئيس عباس موافقته خلال المؤتمر الصحفي على استكمال المفاوضات مع أولمرت من حيث انتهت عام 2008، مشترطاً بأن تستكمل تلك المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية، وليس على أساس خطة "الضم الأمريكية الإسرائيلية".

مسئول فلسطيني مقرب من مؤسسة الرئاسة الفلسطينية كشف لـ"المونيتور" أن اللقاء بين عباس وأولمرت جاء بطلب من الأخير بهدف إيجاد بديل لخطة السلام الأمريكية، وطرح الخطة التي عرضها أولمرت على عباس عام 2008، مجدداً للتفاوض.

وأوضح المسئول أن أولمرت جدد طلبه من الرئيس عباس خلال لقاء جمع بينهما قبل المؤتمر الصحفي بالموافقة على الخطة من أجل قطع الطريق على خطة السلام الأمريكية، إلا أن الرئيس عباس رفض ذلك، وبين أن الخطة بحاجة للمزيد من النقاشات والمفاوضات كي تصبح مقبولة للفلسطينيين، وتحديداً في قضايا الحدود والقدس واللاجئين.

وحول الانتقادات الفلسطينية التي تعرض لها الرئيس عباس جراء لقاءه مع أولمرت قال المسئول: "لا يمكننا في هذا الوقت رفض أي صوت أو جهة تريد أن تقف لجانبنا في رفض خطة السلام الأمريكية"، مضيفاً: "كل صوت يصطف إلى جانبنا يقوي موقفنا أمام العالم، ولا مشكلة لدى الرئيس عباس بالجلوس مع شخصيات إسرائيلية أخرى تعارض الخطة الأمريكية".

في المقابل تعرض أولمرت لحملة انتقادات إسرائيلية واسعة عقب اللقاء مع الرئيس عباس، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 12 فبراير الجاري، خطوة أولمرت بأنها "محطة انحطاط في تاريخ إسرائيل"، وسبق ذلك وصف مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون في 11 فبراير الجاري، اللقاء بـ"المخز"، قائلاً: "في نفس اليوم الذي فشل فيه أبو مازن في محاولته إدانة الولايات المتحدة وإسرائيل في مجلس الأمن، أولمرت يؤيد عباس، إنه لأمر مُخز".

وتضمنت خطة أولمرت لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، يسبقها تبادل للأراضي بين الجانبين بحيث تأخذ إسرائيل 6.5 من أراضي الضفة الغربية والتي تضم عدد كبير من المستوطنات الإسرائيلية مقابل إعطاء الفلسطينيين مساحة 5.8 من المناطق العربية في إسرائيل والقريبة من شمال الضفة الغربية، كما وتتضمن الخطة إخلاء إسرائيل لـ 10 مستوطنات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية وغور الأردن، وأن يربط قطاع غزة مع الضفة الغربية بممر بري وغيرها من القضايا.

الرئاسة الفلسطينية كانت قد رفضت الخطة في أغسطس 2008، واعتبرتها مخالفةً لقرارات الشرعية الدولية، وأكدت أنها لن تقبل بأقل من دولة على حدود حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمةً لها، مع إخلاء كامل للمستوطنات من الضفة الغربية، وكذلك ربط الضفة الغربية وقطاع غزة عبر ممر بري.

النائب في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية الموحدة جمال زحالقة ذكر في حديث مع "المونيتور" أن لقاء عباس – أولمرت يهدف لخلق حالة معارضة داخل إسرائيل لخطة السلام الأمريكية، عبر الترويج مجدداً لخطة "أولمرت".

واستبعد زحالقة أن تنجح محاولة إحياء تلك الخطة، وذلك بسبب التأثير السياسي الضعيف لأولمرت في إسرائيل، ناهيك عن رفض الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة لتلك الخطة، محذراً في الوقت نفسه الفلسطينيين من القبول مجدداً بالتفاوض حولها والتي قال إنها لا تقل خطورةً عن خطة السلام الأمريكية، وتحديداً في جوانب القدس والحدود وقضية اللاجئين.

اللقاء بين الزعيمين ألقى بظلاله على عناوين الصحف الإسرائيلية الصادرة في 12 فبراير الجاري، أما فلسطينياً فقد شن عضو مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس باسم نعيم في 12 فبراير الجاري، هجوماً على اللقاء واعتبره "بيع للوهم والسراب"، وأضاف: "من المؤسف جدًا في هذه اللحظة أن يلتقي الرئيس عباس برجل ساهم مباشرةً في قتل الآلاف من الفلسطينيين".

من جانبه، رأى مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني في رام الله علاء الريماوي خلال حديث مع "المونيتور" اللقاء بين عباس وأولمرت بأنه من أسوء اللقاءات التي جرت بين مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين، معتبراً أن مستشاري الرئيس عباس قد خدعوه عندما أقنعوه بلقاء أولمرت وإجراء مؤتمر صحفي معه لرفض "صفقة القرن" كون الأخير متهم بالفساد ومنتهي سياسياً.

وأوضح الريماوي أن المحاولات التي يقوم بها الزعيمان لإحياء خطة "أولمرت" لن تجدي نفعاً، وذلك في ظل المعارضة الإسرائيلية والفلسطينية لتلك لخطة، لافتاً إلى أن اللقاء أظهر حالة الإفلاس وانعدام الخيارات أمام السلطة الفلسطينية في مواجهة خطة السلام الأمريكية.

وتوافق أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية البرفسور عبد الستار قاسم في حديث لـ"المونيتور" مع سابقه في أن اللقاء يهدف لإحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، محذراً من قبول السلطة الفلسطينية بالعودة إلى طاولة المفاوضات لمناقشة الخطة في ظل انعدام أي خيارات سياسية أمامهما لمواجهة "صفقة القرن".

ورأى قاسم أن مواجهة خطة السلام الأمريكية لا يكون بمثل هكذا لقاءات، وإنما بالقيام بخطوات جدية من قبل السلطة الفلسطينية لإنهاء الانقسام الداخلي، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية لتقوم بدورها بشكل فعال، وتشجيع المقاومة بكافة أشكالها.

لا يبدو أن المحاولات الإسرائيلية والفلسطينية لإحياء خطة "أولمرت" لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيكتب لها النجاح، وذلك في ظل غياب راعٍ دولي لها، بالإضافة إلى تبني الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة لخطة السلام الأمريكية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية يناير الماضي.

الرابط الأصلي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...