الجمعة، 3 يوليو 2015


النائب العام في غزّة يغلق مقرّ شركة "جوّال" بسبب التهرّب الضريبيّ
أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزّة – قطاع غزة – في خطوة هي الأولى من نوعها، أغلق النائب العام في غزّة المستشار إسماعيل جبر فرع شركة الهواتف المحمولة الوحيدة في القطاع "جوّال" صباح 30 يونيو/حزيران، بعد ما اتّهمها بـ"التهرّب الضريبيّ".

لقد تفاجأ الفلسطينيّون الّذي كانوا يمرّون من أمام فرع الشركة في شارع الجلاء بوسط مدينة غزّة من وجود ملصقات على أبواب الفرع وجدرانه كتب عليها "مغلق بأمر من النائب العام"، فيما انتشرت عناصر من الشرطة الفلسطينيّة في محيطه، ومنعت أيّ شخص من الاقتراب من المكان. وجاءت هذه الخطوة، بعد يومين فقط من إمهال النائب العام في غزّة بـ27 يونيو/حزيران الشركة 48 ساعة لدفع الضرائب المستحقّة عليها لوزارة الماليّة في غزّة، إسوة بما تقوم به من دفع أموال الضرائب لوزارة الماليّة في الضفّة.

ورفض النائب العام في غزّة إسماعيل جبر التحدّث إلى وسائل الإعلام، رغم المحاولات المتكرّرة الّتي قام بها مراسل "المونيتور" للّتواصل معه.

وأكّد وكلاء شركة "جوّال" في قطاع غزّة كـ"معرض الإسراء فون، شركة زياد مرتجى، القدوة" أنّهم تلقّوا تحذيراً في 30 يونيو/حزيران من قبل الأجهزة الأمنيّة في غزّة بفرض غرامة ماليّة قدرها 5000 شيقل، ممّا يعادل 1300 دولار تقريباً لكلّ من يتعامل مع شركة "جوّال" أو يقدّم خدماتها إلى الجمهور.

وفي هذا السّياق، قال أحمد القدوة المدير الإداريّ في شركة "القدوة"، وهي إحدى وكلاء شركة الإتّصالات المعتمدين في قطاع غزّة لـ"المونيتور": "تمّ تحذيرنا من قبل جهاز المباحث العامّة من عدم تقديم أيّ خدمة إلى المواطنين تابعة لشركة جوّال".

وأوضح القدوة أنّهم يمتلكون 16 فرعاً في قطاع غزّة، ويعمل لديهم 75 موظفاً كلّ واحد منهم يتقاضى راتباً يتراوح بين 1000 – 1300 شيكل، ممّا يعادل 300-400 دولار، لافتاً إلى أنّ خطوة كهذه يمكن أن تكبّدهم كشركة خسائر كبيرة في حال استمرّت أياماً عدّة.

وتعدّ شركة "جوّال" جزءاً من مجموعة الإتّصالات الفلسطينيّة "بالتل"، (قطاع خاص) والّتي تضمّ شركات عدّة تعمل في مجال الإتّصالات والإنترنت في الأراضي الفلسطينيّة، وهي: الإتّصالات، جوّال، وحضارة.

ولقد تضامنت بقيّة الشركات في المجموعة مع "جوّال" ضدّ قرار النائب العام، وأغلقت مقرّاتها في غزّة.

ومن جهته، أكّد الرّئيس التنفيذيّ لمجموعة الإتّصالات الفلسطينيّة عمّار العكر لـ"المونيتور" أنّ شركته ملتزمة القوانين والإجراءات الرسميّة الّتي أقرّتها السلطة الفلسطينيّة، بما في ذلك إلتزامها سداد الإلتزامات الضريبيّة لحكومة الوفاق الوطنيّ.

وشدّد على استحالة فصل الملفّات الضريبيّة ما بين غزّة والضفّة، لأنّ فصلها يساهم في تعزيز الانقسام، ويعرّض المؤسّسات الإقتصاديّة الوطنيّة الّتي تعمل ضمن منظومة عالميّة إلى مساءلات وعقوبات قد تتسبّب بضرر كبير لها.

وأعطى مثالاً على ذلك ما حدث للبنك العربيّ، الّذي اتّهم بأنّه يموّل نشاطات إرهابيّة، وصدر ضدّه قرار من محكمة أميركيّة في 29 سبتمبر/أيلول من عام 2014، فقد أدانت المحكمة البنك العربي بـ 24 تهمة متعلقة بتحويل أموال لحركة حماس ودعم الإرهاب.

وأشار إلى أنّ مثل هذه الممارسات الّتي قام بها النائب العام في غزّة تضرّ بشكل مباشر بمصلحة المواطنين، ممّا يفاقم من معاناة سكّان قطاع غزّة، الّذي لا يزال يتعرّض إلى الحصار ويعاني من آثار العدوان الإسرائيليّ الأخير يوليو 2014.

وكشف مدير العلاقات العامّة في شركة "بالتل" محمّد جودة لـ"المونيتور" أنّ لدى الشركة 1.2 مليون مشترك في قطاع غزّة من أصل 2.8 مليون مشترك في الأراضي الفلسطينيّة، وبلغت أرباحها (بالتل) خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي 65.2 مليون دينار أردنيّ، وذلك وفقاً للتقرير المالي الصادر عن الشركة.

وكانت كتلة "حماس" البرلمانيّة قد أقرت في بداية أبريل/نيسان 2015 قانوناً أسمته بـ"التكافل" بهدف جمع أموال الضرائب من الشركات والمؤسّسات في غزّة، وخصوصاً تلك المتهرّبة ضريبيّاً لسدّ العجز الماليّ الّذي تعاني منه الوزارات في الميزانيّات التشغيليّة ودفع رواتب الموظّفين الّذين عيّنتهم حركة "حماس"، مع العلم أنّ حكومة التّوافق تواصل عدم الاعتراف بهم أو صرف رواتب لهم، ولكن ذلك القانون لم يفعّل بعد، وفق ما صرح به أكثر من مسؤول في المجلس التشريعيّ ووزارة الماليّة بغزّة لوسائل الإعلام.

وأكّد النائب في المجلس التشريعيّ عن حركة "حماس" ورئيس لجنة الرّقابة وحقوق الإنسان يحيى موسى لـ"المونيتور" أنّ المجلس التشريعيّ لا علاقة له بما حدث مع شركة "جوّال"، وما جرى إجراء قانونيّ قام به النائب العام.

وعن تصريحاته الإعلامية لـصحيفة الرسالة المحلية قبل أيّام عدّة حول امتلاك "حماس" لبدائل في حال أغلقت شركة "جوّال" مكاتبها في غزّة، قال موسى: "إنّ كلامي فهم على غير مقصده، إذ قصدت أنّ لدى حماس بدائل في الحلول مع الشركة، وليس بدائل عنها".

أضاف: "لسنا في معركة مع الشركة، والمطلوب منها أن تؤدّي ما عليها من واجبات مقابل الخدمات الّتي تقدّم إليها في غزّة".
أمّا المحلّل السياسيّ والباحث في شئون المجتمع المدني محسن أبو رمضان فقال لـ"المونيتور": "هناك أزمة ماليّة يمرّ فيها الموظّفون الّذين عيّنوا من حكومة حماس السّابقة والبالغ عددهم 40 ألف موظّف بسبب رفض حكومة الوفاق الاعتراف بهم ودفع رواتب لهم".

أضاف: "هناك شركات في غزّة تابعة للقطاع الخاصّ لا تدفع ضرائب إلى الطرف الّذي يدير غزّة (وزارة المالية التي يعمل بها ويديرها موظفون عينوا من حكومة حركة حماس السابقة)، رغم أنّه يفترض أن تكون قد دفعت الضريبة إلى حكومة الوفاق، الّتي يجب عليها حلّ مشكلة الموظّفين الّتي كانت السبب وراء دفع من يديرون غزّة بخطواتهم تلك لتساهم بنسبة ولو قليلة في دفع رواتب الموظّفين".

واعتبر أنّ خطوة إغلاق فرع الشركة غير مفيدة وتعمّق الانقسام وربّما تؤثّر على الشركات وتدفعها إلى توقيف خدماتها نهائياً، وهو ما سيدخل غزّة بأزمة جديدة في حال عدم توافر بدائل.

ومن جهته، رأى أستاذ الإقتصاد في الجامعة الإسلاميّة بغزّة محمّد مقداد أنّ الوضع الطبيعيّ في أيّ دولة بالعالم أن تقوم الشركات بدفع الضرائب المطلوبة منها، وإذا تهرّبت تقوم الحكومة بمحاسبتها، وقال في حديث مع "المونيتور": إنّ المقرّ الرئيسيّ لشركة "جوّال" في الضفة الغربيّة، وحكومة التّوافق الّتي تسيطر في شكل كامل هناك منحتها بعض الاعفاءات الضريبيّة، إلاّ أنّ من يدير قطاع غزّة (الوزارات التي يعمل بها ويديرها موظفون عينوا من قبل حكومة حركة حماس السابقة) يطالب الشركة بدفع ضرائب أيضاً. وبالتّالي، أصبحت الشركات ضحيّة للانقسام السياسيّ القائم.

وأشار إلى أن هناك آثاراً إقتصاديّة سلبيّة كبيرة ستحدث إذا أغلقت الشركة مقرّها في غزّة بشكل دائم، بحيث سيتمّ الاستغناء عن مئات الموظّفين، ناهيك عن توقّف خدماتها للمواطنين.

وقد علمت "المونيتور" من مصادر خاصة في وزارة المالية بغزة فضلت عدم الكشف عن هويتها أن هناك مباحثات تجري مع شركة "جوال" للوصول إلى حل لهذه الأزمة خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة منعاً لتفاقم المشكلة التي حدثت والمتمثلة في إغلاق مقر الشركة في قطاع غزة.

وكشفت تلك المصادر أن شركة "جوال" عرضت أن تقوم بدفع المستحقات التي عليها لشهر (أبريل، مايو، يونيو) كي تسوي الأمر، إلا أن وزارة المالية في غزة رفضت ذلك، وطالبتهم بدفع الضرائب التي عليها حتى نهاية العام الجاري مقدماً قبل أن يتم اتخاذ أي إجراءات عقابية جديدة ضد الشركة (جوال).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...