الاثنين، 20 يوليو 2015


"مدينة الديناصورات" في غزّة: متحف يربط التعليم بالترفيه
أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة – قطاع غزة – بأصواتها الحيّة التي تسمع من مسافة عشرات الأمتار، وعبر مجسّم ضخم لرأس أحدها وضع كبوّابة إجباريّة لدخول مكان تواجد تلك المخلوقات الضخمة التي قرأنا عنها كثيراً في الكتب المدرسيّة وشاهدناها في أفلام الإثارة، توجد "مدينة الديناصورات" الأولى من نوعها في قطاع غزّة، بل في كلّ الأراضي الفلسطينيّة، والتي تجعل زائريها يعيشون بعض اللحظات الواقعيّة أمام مجسّمات تلك المخلوقات المنقرضة.

تعدّ "مدينة الديناصورات" المقامة على مساحة صغيرة نسبيّاً (1000 متر مربّع) جنوب مدينة غزّة جزءاً من مدينة الألعاب الترفيهيّة "شارم بارك" والمصنّفة بالأكبر والأكثر تطوّراً في مدن الألعاب القليلة في قطاع غزّة، ويقول القائمون عليها إنها تشهد إقبالاً كبيراً (150-200 زائر يومياً) من سكّان القطاع الذين سمعوا عن المدينة ويريدون مشاهدة تلك المخلوقات.

يجد الزائر أمامه، وبمجرّد دخوله إلى المدينة، كائنات ضخمة تتحرّك وتصدر أصواتاً لحظة اقتراب أيّ شخص منها، حيث صنعت تلك المجسّمات من هياكل حديديّة تكسوها طبقة من الإسفنج والجلد ومجسّمات داخليّة، فيما توجد أمام كلّ مخلوق بطاقة تعريفيّة باسم الديناصور ونوعه والزمن الذي عاش فيه.

وقد أكّد المشرف على المدينة والمكلّف بتقديم شرح إلى الزوّار عن الكائنات عبدالله جودة لـ"المونيتور"، أنّ الهدف الأوّل من إنشاء المدينة جاء لربط الجانب التعليميّ الذي يتلقّاه الطلّاب في المدارس والجامعات بالجانب الترفيهيّ والواقعيّ، حيث اجتمع عدد من المهندسين في مدينة الألعاب وقدّموا العديد من الأفكار بعد اطّلاعهم على مشاريع مشابهة حول العالم، وبعد ذلك تمّ التشاور والتوافق على الشكل الذي توجد به المدينة الآن.

تحفّظ القائمون على تكلفة إنشاء المدينة التي افتتحت في 14 حزيران/يونيو 2015، بسبب التنافس مع أصحاب مدن الألعاب الأخرى في قطاع غزّة، ومنها مدينتا أصداء وكيدز لاند وغيرهما.

وأوضح جودة أن السلطات الإسرائيليّة احتجزت منتصف مارس 2015 المعدّات الخاصّة بها لشهرين في ميناء أسدود الإسرائيليّ وفي المعبر التجاريّ الوحيد لقطاع غزّة كرم أبو سالم الواقع شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزّة لمدة أسبوعين، من دون أن تقدّم أيّ مبرّر لذلك، ممّا كبّد القائمين على المدينة خسائر كبيرة رفض صاحب المشروع أيضاً الكشف عن قيمتها، ليفرج عنها منتصف شهر مايو 2015 ويبدأ القائمون على المدينة بإنشائها.

وأضاف جودة: "عند دراستنا المشروع شتاء 2014، تبيّن لنا أنّ هناك 250 عائلة من الديناصورات المنقرضة، فقمنا باختيار 10 عائلات كبيرة ومنها (باكيرنيصوراص، سيراتو صور، مايا صورا، إيوارتبور) والتي يتغذى بعضها على الأعشاب وأخرى على الأسماك، ومن كلّ عائلة اخترنا مخلوقاً واحداً ليوضع في المدينة، وأرسلنا النماذج إلى مهندسين ألمان يعملون في مصنعٍ بمدينة شيكاغو الصينية المتخصّص في صناعة مجسّمات الأفلام، وقاموا بصناعتها وفق مواصفات الجودة العالميّة، واستغرق الأمر 3 أشهر".

وحول أسعار تذاكر الدخول، أوضح أنّها مناسبة للجميع، فسعر التذكرة للكبار 7 شواقل أي ما يعادل الدولارين و3 شواقل للصغار أي ما يعادل الدولار الواحد، مشيراً إلى أنّ العام المقبل سيشهد تطوّراً للمشروع الحاليّ ليكون أكبر وأكثر جذباً وإثارة، حيث أنهم وعدوا بتقديم مفاجآت جديدة للزوار في كل عام.

وقالت الطفلة مرام يونس (11 عاماً) التي كانت تتجوّل في المدينة لحظة إعدادنا التقرير، لـ"المونيتور": "تلقّيت بعض المعلومات عن الديناصورات في المنهاج الدراسيّ وقرأت العديد من القصص والروايات وشاهدت بعض الأفلام عنها، إلّا أنّني شعرت بالفرق بعدما رأيت تلك المجسّمات في المدينة". وأضافت: "هذه هي المرّة الثانية التي أزور فيها المدينة خلال أسبوع، وأتمنّى الحضور باستمرار".

وتابعت: "تشعرك الأصوات والحركات التي تقوم بها تلك الكائنات بأنّها حيّة، وقد غيّرت الصورة النمطيّة التي كنت تحملها لتلك الكائنات بعد مشاهدة العديد من الأفلام عنها بأنّها مرعبة ومخيفة. فتبدو على أرض الواقع ممتعة ولا تملّ من كثرة النظرة إليها".
ورأى الشاب أحمد البردويل (27 عاماً)، وهو موظّف حكوميّ، خلال حديثه إلى "المونيتور" أنّ هذه المدينة تمثّل نقلة نوعيّة في الجانب الترفيهيّ لمدن الألعاب في قطاع غزّة، والتي كان من الصعب التصوّر أنّها يمكن أن توجد هنا في يوم من الأيّام بسبب ما يعانيه قطاع غزّة من حصار وشحّ في الإمكانات والموادّ.

ولفت إلى أنّه شعر بسعادة كبيرة وهو يشاهد تلك المخلوقات على أرض الواقع، حيث أنّه كان يشاهدها في الأفلام بكثرة كونه مدمن على أفلام الإثارة، لا سيّما الأفلام التي فيها مخلوقات غريبة سواء تلك التي كانت تعيش على الأرض أو الكائنات الفضائيّة.

ويعتقد العلماء أنّ الديناصورات ظهرت في أواخر العصر الترياسيّ (منذ حوالى 230 مليون سنة) حتّى نهاية العصر الطباشيريّ (منذ حوالى 65 مليون سنة)، فيما دلّت الحفريّات الحديثة في أماكن متفرّقة من العالم على هياكل عظميّة لها، عكف العلماء على دراستها والخروج بتصوّر تقريبيّ لهيئتها.

من جانبه، اعتبر نائب رئيس اللجنة الاجتماعيّة في وزارة التربية والتعليم مدحت الزطمة أنّ المدينة تشكّل نقلة نوعيّة ومهمّة في الجانب الترفيهيّ والعلميّ، لما تحمله من تجسيد لبعض المخلوقات التي كانت تعيش في أزمنة ساحقة في التاريخ.

وشدّد في حديثه إلى "المونيتور" على أنّ مثل هذه المحاكاة لبعض ما يتمّ تعليمه في المناهج، يوضح المعلومة ويرسّخها في ذهن الطالب، إضافة إلى أنّها تخلق حالة من التشويق للطلّاب وحتّى لكبار السنّ لمشاهدة تلك المخلوقات التي كانت تشغل بالهم كثيراً.

وبيّن أنّ أيّ فكرة يتمّ تطبيقها على أرض الواقع، تكون أسهل بالتأكيد في الوصول إلى المتلقّي وتعطي نتائج أفضل من إيصالها عبر الجانب النظريّ، مشيراً إلى أنّهم لا يمانعون أن تقوم المدارس بتسيير رحلات للطلّاب لزيارة تلك المدينة والتعرّف على المخلوقات التي تحتويها.

ويجد سكّان قطاع غزّة في تلك الأماكن الترفيهيّة متنفّساً لهم من حالة الضيق التي يعيشون فيها بسبب الحصار الإسرائيليّ المطبّق عليهم منذ عام 2006، حيث يحرم الكثيرون من السفر، ولا يجدون للتخفيف فيها عن أنفسهم من الضغط النفسيّ، إلّا الذهاب إلى شاطئ البحر والأماكن الترفيهيّة على قلّتها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...