"أزمة"... تطبيق فلسطينيّ يثير المخاوف الأمنيّة
الإسرائيليّة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزة، قطاع غزة – تشكّل الحواجز الإسرائيليّة التي تفصل
بين المدن الفلسطينيّة معاناة كبيرة للفلسطينيّين، وتهدر ساعات طويلة من أوقاتهم
أثناء التنقّل من خلالها، بسبب الإجراءات الإسرائيليّة الصارمة التي يتّبعها
الجنود من إغلاق للحواجز وفتح لها بصورة عشوائية، أو تفتيش للسيّارات والأفراد
عليها، حيث بلغ عدد تلك الحواجز حتى نهاية عام 2015، أكثر من 400 حاجز منتشرة في أنحاء
الضفة الغربية.
دفعت تلك المعاناة شابّاً فلسطينيّاً يدرس في الجامعة العبريّة
في القدس إلى تصميم تطبيق أطلق عليه اسم "أزمة"، لمساعدة
الفلسطينيّين على التنقّل بين الحواجز الإسرائيليّة بنوع من السهولة، بدلاً عن
إهدار أوقاتهم أو تعطيل مصالحهم في شكل يوميّ، وذلك من خلال إشعار المشتركين في
التطبيق بالحالة المروريّة على الحاجز الذي ينوون المرور عليه قبل وصولهم إليه.
وقال مصمّم التطبيق، الطالب في الجامعة العبريّة باسل صادر
لـ"المونيتور": "جاءت فكرة التطبيق من المعاناة الكبيرة التي
يواجهها أبناء شعبي على الحواجز الإسرائيليّة، والتي تهدر ساعات طويلة من أوقاتهم،
وفي بعض الأحيان، يستغرق الأمر أيّاماً من أجل الوصول إلى مبتغاهم. وقلت في نفسي،
يجب أن أغيّر هذا الوضع وأساهم قدر المستطاع في حلّ، ولو جزئيّ، للمشكلة".
وأضاف: "التطبيق بسيط جدّاً، ولا يحتاج إلى صعوبة في
التعامل معه. فقط ما يحتاجه هو توافر الإنترنت أو خدمة الـ3G،
ليتمكّن الشخص من إرسال إشارة بالحالة التي عليها الحاجز في ذلك الوقت. ومن خلال
إشارته، يوضح إلى الراغبين في المرور على الحاجز الحالة التي عليها، سواء أكان
مغلقاً أم مزدحماً أم يتمّ المرور عليه بسهولة".
وأوضح صادر أنّه بدأ في العمل بالمشروع في بداية تشرين
الأوّل/أكتوبر 2015، وفي منتصف ذلك الشهر استطاع أن يطلقه إلى الجمهور الفلسطينيّ،
ووجد عليه إقبالاً كبيراً، حيث وصل عدد المشاركين في ذلك التطبيق إلى 12 ألف
مشترك، 2500 منهم في حالة نشطة، فيما يستخدمه في شكل يوميّ من 500 إلى 600 شخص.
الجنة مستوطنات الضفّة الغربيّة تقدمت بطلب إلى الحكومة
الإسرائيليّة من أجل وقف التطبيق بحجّة تهديده حياة الجنود الإسرائيليينّ وإمكان
استخدامه من قبل الفلسطينيّين في تنفيذ هجمات ضدّ إسرائيليّين، وفق ما ذكره عضو
لجنة المستوطنات في الضفّة الغربيّة ساجي كايزلر لقناة BBC
في 3 آذار/مارس 2016، الذي رأى أنّ التطبيق يمكن أن يوفّر معلومات للفلسطينيّين عن
حواجز الجيش الإسرائيليّ المفاجئة، وتحديد أماكن تواجد الجيش، وبالتالي تعريض حيات
عناصره إلى الخطر.
وهو ما نفاه مصمّم التطبيق، حيث استبعد أن تقوم الحكومة
الإسرائيليّة بحجبه لعدم وجود مسوّغ قانونيّ لذلك، مستدركاً: "ولكنّ
الإسرائيليّين يستطيعون فعل كلّ شيء، فهدفهم في النهاية إبقاء قيودهم على حياة
الفلسطينيّين"، مشيراً إلى أنّ تركيزه الآن ينصبّ على تطوير التطبيق من خلال
التغلّب على مشكلة الإنترنت وخدمة الـ3G
التي لا تتوافر عند بعض الحواجز الإسرائيليّة، وذلك من خلال إجرائه بعض المباحثات
مع شركات تقنيّة فلسطينيّة للقيام ببعض الأمور الفنيّة، التي فضّل عدم الكشف عنها
الآن، لجعل التطبيق يعمل حتّى في ظلّ عدم وجود إنترنت أو خدمة الـ3G،
وهو ما لاقى ترحيباً من بعض تلك الشركات وأبدت موافقتها على تقديم المساعدة له.
من جانبه، فنّد أستاذ علم الحاسوب في كليّة الهندسة
والتكنولوجيا في جامعة بيرزيت مصطفى جرار لـ"المونيتور"، إمكان استخدام
التطبيق من أجل إرسال الفلسطينيّين إرشادات أو شيفرات معيّنة يمكن أن تضرّ بالجيش
أو بالمستوطنين الإسرائيليّين، كون التطبيق بدائيّ، ويمكن لمن يريد أن يرسل شيفرات
معيّنة أن يقوم بذلك من خلال تطبيقات أخرى.
وبيّن أنّ التطبيق يوفّر للمستخدم فقط الضغط على خيار من
خيارات عدّة موجودة داخل التطبيق المثبت على الهواتف الذكية لتحديد الحالة
المروريّة على الحاجز الذي يتواجد في القرب منه، من دون إرسال أيّ كلمة من خلاله،
مشيراً إلى أنّه على الرغم من بدائيّة التطبيق، إلّا أنّه ساعد الفلسطينيّين في
شكل كبير على التنقّل بين الحواجز، مضيفاً: "أنا من ضمن الأشخاص الذين
يستخدمونه ويعتمدون عليه في شكل كبير".
واستبعد استطاعة إسرائيل حظر التطبيق، لاستضافته عند شركات
عالميّة كبيرة مثل "جوجل" و"أبل"، ولكنّه توقّع أن يقوم
الإسرائيليّون بالتلاعب بالتطبيق من خلال وضع معلومات خاطئة عليه لتضليل
الفلسطينيّين، فالتطبيق المفتوح للجميع لا يحتوي على خيارات تمكّن القائمين عليه
من تمييز المعلومة الصحيحة من الخاطئة.
واستغرب جرار التحريض الإسرائيليّ على التطبيق، قائلاً:
"هناك تطبيق إسرائيليّ مشابه لتطبيق "أزمة" الفلسطينيّ وأكثر
تقدّماً اسمه waze،
ويستخدمه الإسرائيليّون في شكل سهل للتنقّل بين المدن وعلى الطرق، بل ويوفّر خدمات
أكبر للإسرائيليّين من الفلسطينيّين الذين قد يستخدمون التطبيق، والذي قامت بشرائه شركة جوجل، وعلى الرغم من ذلك، لم يعترض
عليه أحد من الفلسطينيين".
أبدى الفلسطينيّون الذين يستخدمون التطبيق، نوعاً من الرضا
للخدمة التي يوفّرها في رصد حركة الحواجز الإسرائيليّة ومعرفة الحالة المروريّة
عليها، ممّا جنّبهم المعاناة التي كانوا يتكبّدونها أثناء تنقّلهم على الحواجز.
وقالت سلمى العويوي التي تسكن في مدينة رام الله
لـ"المونيتور": "اشتركت في التطبيق لحاجتي إليه، ولأنّه ساعدني في
شكل كبير على التنقّل بين مدينة القدس ورام الله، حيث أذهب بمعدّل 3 مرّات
أسبوعيّاً إلى مدينة القدس لزيارة أقربائي ولشراء بعض الحاجات وللصلاة في المسجد
الأقصى، وأضطرّ إلى المرور عبر حاجز قلنديا".
وأضافت: "عندما أجد إشعارات بأنّ المرور عبر الحاجز سهل،
أسرع لأنزل إلى مدينة القدس، وفي المقابل عندما أصل إلى الحاجز، أقوم بتوصيف
الحالة وإرسالها عبر البرنامج كي يستفيد منها غيري، لا سيّما في هذه الأيّام التي
تشهد إغلاقات متكرّرة للحاجز، بسبب المواجهات بين الفلسطينيّين والجيش
الإسرائيليّ".
أمّا المواطن م. ع، والذي فضّل ذكر الحرفين الأوّلين من اسمه،
فكان من أولئك الذي يحتاجون إلى المرور على حاجز قلنديا في شكل يوميّ، وتطبيق
"أزمة" شكّل له راصداً لحركة الحاجز، حيث يصطحب إخوته الصغار إلى مدرسة
القدس الإسلاميّة التي تقع في الجانب الآخر من الحاجز، ممّا وفّر عليه عناء مجازفة
الخروج المبكر من المنزل.
وأشار لـ"المونيتور" إلى أنّ أكثر ما يشكّل تحدّياً
له ولبعض المشتركين هو انقطاع الإنترنت، وعدم توافر خدمة الـ3G
في مناطق الضفّة الغربيّة الأخرى، والتي تتوافر عند بعض الحواجز الإسرائيليّة
كقلنديا الذي يتنقّل عليه.
فبين التحريض الإسرائيليّ على التطبيق، والرفض الفلسطينيّ لتلك
الاتّهامات بإمكانية استخدام هكذا تطبيقات لشن هجمات، يبدو أنّ الطرفين أمام ساحة
مواجهة جديدة في ما بينهما في مجال التكنولوجيا، تكون امتداداً لحالة الصراع
المتصاعدة، وتحديداً في ظلّ الهجمات الإسرائيليّة ضدّ
وسائل الإعلام الفلسطينيّة والتي تتّهمها إسرائيل بـ"التحريض على
العنف".
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/03/west-bank-smartphone-app-israel-checkpoints.html#ixzz6EyZO7yly
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/03/west-bank-smartphone-app-israel-checkpoints.html#ixzz6EyZO7yly
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.