أسواق
غزّة تستقبل رمضان بزينة مغرية وحركة شرائيّة خجولة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة - فوانيس وأضواء تسحر العيون وموادّ
غذائيّة من الأشكال والأصناف كافّة... بهذه المكوّنات تزيّنت أسواق غزّة في أول
أيام شهر رمضان. زينة مغرية تختلف عن العامين السابقين اللذين تلا الحرب الإسرائيليّة
على غزّة في عام 2014، فالتوقّعات عند التجّار والباعة تتّجه إلى أنّ الموسم
الحاليّ سيشهد تحسّناً ولو طفيفاً على الحركة الشرائيّة.
وقد شهدت البضائع التي دخلت إلى قطاع غزّة عبر معبر "كرم
أبو سالم"، وهو المعبر التجاريّ الوحيد لسكّان القطاع زيادة طفيفة في
الكميّات بعد التسهيلات التي صادق عليها وزير وزير الدفاع
الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وخصوصاً تلك التي تتعلّق بحاجات السوق في شهر رمضان
كالسلع الغذائية من تمور وأجبان وغيرها، وزيادة ساعات العمل على المعابر التجارية
والخاصة بمرور الأفراد.
أكّد محمّد البلعاوي، وهو أحد شركاء شركة البلعاوي للتمور في
وسط مدينة غزّة، لـ"المونيتور" أنّ كميّات التمور التي دخلت إلى قطاع
غزّة عبر معبر "كرم أبو سالم" في جنوب قطاع غزّة تغطّي حاجات أسواق غزّة
التي تستهلك أكثر من 800 طنّ من التمور خلال شهر رمضان.
وأوضح البلعاوي أنّ أصنافاً متعدّدة وذات جودة عالية من التمور
دخلت إلى غزّة هذا العام بكميّات أكبر من الأعوام السابقة التي أعقبت الحرب
الإسرائيلية على قطاع غزة، وتحديداً التمر من نوع "مجهول"، فإسرائيل
تتحكّم في أنواع التمور التي يتمّ توريدها إلى قطاع غزّة وكميّاتها، وذلك وفقاً لاتّفاقيّة باريس الاقتصاديّة التي تنصّ على أنّ
استيراد السلع الاستهلاكيّة يكون وفق تقديرات الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ.
وأظهر تقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة غزة منتصف أبريل 2016،
أن الربع الأول من عام 2016، شهد ارتفاعاً في عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة،
حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة 33006 شاحنة مقارنة مع 16978 شاحنة واردة في نفس
الفترة من عام 2015, و11303 شاحنة في نفس الفترة من عام 2014، من مختلف الأصناف
المسموح دخولها إلى قطاع غزة.
وبيّن البلعاوي أنّ أسعار التمور المتوافرة حاليّاً في السوق
تتراوح بين 9 و27 شيقلاً (2.3 و7 دولارات) للكيلو الواحد، إلّا أنّ الحركة
الشرائيّة حتّى اللحظة خجولة وعلى غير التوقّعات بسبب الأوضاع المالية الصعبة
للمواطنين وعدم تلقي موظفي حكومة غزة السابقة لرواتبهم حتى اليوم، مبدياً تخوّفه
وتخوّف التجّار من تكبّد خسائر كبيرة، كما الأعوام السابقة التي أعقب الحرب
الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، إن بقيت الحركة الشرائيّة على هذا المستوى.
وفي السياق ذاته، توقّع صاحب محلّات "بلال للألعاب"
أحد المعارض الكبيرة لبيع ألعاب شهر رمضان وزينته في مخيم النصيرات بالمحافظة
الوسطى لقطاع غزّة التاجر علي أبو صخر، أن تشهد الأسواق تحسّناً طفيفاً خلال
الأيّام المقبلة لا سيّما مع تلقّي الموظّفين العموميّين رواتبهم، حيث تمثل تلك
الرواتب المصدر الرئيس في نشاط الحركة التجارية بالأسواق كون تلك الطبقة (الموظفين)
هي من تملك السيولة المالية في ظل انتشار البطالة بقطاع غزة.
وقال أبو صخر لـ"المونيتور": "جلبت كميّات
كبيرة من فوانيس رمضان وزينته، التي يقبل عليها أهالي قطاع غزّة في الأيّام الأولى
من شهر رمضان، ولكن حتّى اللحظة لم أتمكّن من بيع سوى 30% من الكميّات التي
لديّ".
وأضاف: "الكثيرون يأتون للمشاهدة وقليل منهم من يقوم
بالشراء، على الرغم من أنّ أسعار تلك الفوانيس تترواح بين 5 و10 شواقل (1.3 و2.6
دولارات)، وهي الأسعار المناسبة للمواطنين بسبب أوضاعهم الماديّة الصعبة".
من جانبه، أوضح مدير دائرة الإعلام والناطق الإعلاميّ في وزارة
الاقتصاد في غزّة عبد الفتّاح أبو محسن أنّ كميّات السلع الاستهلاكيّة التي دخلت
إلى قطاع غزّة بداية شهر يونيو 2016، عبر معبر "كرم أبو سالم" تكفي
حاجات المستهلكين خلال شهر رمضان، مستدركاً بالقول: "ما يهمّنا كفلسطينيين هو
التنوّع في تلك السلع التي تدخل إلى غزّة، فما تزال إسرائيل تفرض حظراً على أنواع مختلفة من السلع منها الغذائيّة،
إضافة إلى تلك التي نحتاج إليها في قطاع الزراعة، كالأسمدة والمواد الكيميائيّة
التي تستخدم للمزروعات".
وعزا أبو محسن في حديث إلى "المونيتور" الحركة
الشرائيّة الضعيفة في الأسواق إلى نسبة البطالة التي يعاني
منها قطاع غزّة، والتي قاربت الـ43%، إضافة إلى تلقّي موظّفي حكومة غزّة السابقة 45% من رواتبهم فقط منذ أعوام.
وطالب الناطق باسم الوزارة إسرائيل بإعادة فتح المعابر مع قطاع
غزّة كافّة (التجارية والخاصة بعبور الأفراد)، لأنّ ذلك يساهم في تحسّن الوضع
الاقتصاديّ في غزّة، ويفسح المجال في شكل أكبر أمام الأيدي العاملة، ممّا ينعكس
إيجاباً على الحركة الشرائيّة في المواسم كافّة.
وأغلقت إسرائيل المعابر
التجاريّة كافّة مع قطاع غزّة منذ عام 2007، والبالغ عددها 6 معابر، عقب سيطرة
حماس على قطاع غزّة، وأبقت فقط على معبر "كرم أبو سالم" في جنوب قطاع
غزّة كمعبر تجاريّ، ممّا شدّد الخناق على أهالي القطاع، وساهم في شكل كبير في
تدمير الاقتصاد الفلسطينيّ.
رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزّة معين رجب أنّ
استيراد التجّار البضائع بكميّات كبيرة قبل شهر رمضان هو أمر بديهيّ، وذلك أملاً
منهم في أن يستطيعوا بيعها إلى المستهلكين الذين يقبلون على شراء الموادّ
الاستهلاكيّة في شكل مضاعف في شهر رمضان، مقارنة بالأشهر الأخرى من السنة.
وبيّن لـ"المونيتور" أنّ المعضلة الأكبر تبقى في
السيولة الماديّة في أيدي المستهلكين، والتي هي شحيحة بسبب الأوضاع الاقتصاديّة
الصعبة التي يعاني منها قطاع غزّة، بفعل الحصار والحروب المتلاحقة والقروض والديون
المتراكمة على كاهل المواطنين.
وشدّد على أنّ الحكم على الحركة الشرائيّة في حاجة إلى بعض
الوقت، وإن كانت المؤشّرات الأوّليّة تدلّ على أنّها ضعيفة. فإسرائيل لا تزال تفرض
قيوداً على دخول السلع إلى قطاع غزّة، متوقّعاً أن تشهد الحركة الشرائيّة تحسّناً
في الأسواق، في حال قدّمت إسرائيل تسهيلات جدّيّة على الموادّ الاستهلاكيّة التي
تدخل إلى غزّة.
عبّر المواطنون من جانبهم في أحاديث منفصلة
لـ"المونيتور" عن رضاهم عن السلع المعروضة في الأسواق، إلّا أنّهم
يضطرّون إلى شراء القليل منها بسبب شحّ الأموال التي بين أيديهم.
وقالت ربّة البيت سهاد رجب (42 عاماً)، والتي التقاها
"المونيتور" في سوق النصيرات المركزيّ في وسط قطاع غزّة أثناء شراء
فوانيس رمضان لصغارها: "البضائع المعروضة كثيرة ومغرية لكي يقتني منها
الإنسان، والأسعار في متناول الجميع"، موضحة أنّها تواظب كلّ عام على شراء
فوانيس رمضان للأطفال كونها تزرع البهجة والفرح في نفوسهم.
أمّا الموظّف في حكومة غزّة السابقة وسيم يوسف (30 عاماً)،
فقال لـ"المونيتور": "لم أشتر حاجات رمضان حتّى اللحظة، فلا أعلم
متى سأتقاضى السلفة الماليّة من قبل الحكومة، والتي لا تتجاوز الـ45% من راتبي
الأساسيّ"، مضيفاً: "رمضان هذا بالنسبة إليّ وإلى أطفالي الثلاثة كما
العامين السابقين، يمرّ علينا بتقشّف وبالقليل من الحاجات".
تشكّل الأيّام المقبلة اختباراً حقيقيّاً للتجّار والباعة الذي
جلبوا بضائع كبيرة هذا الموسم، أملاً منهم في بيعها خلال شهر رمضان، بعد التوقّعات
التي تكوّنت لديهم بأنّ الحركة الشرائيّة ستكون أفضل من الأعوام الماضية.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/06/gaza-markets-ramadan-goods.html#ixzz6EyuMYKBo
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/06/gaza-markets-ramadan-goods.html#ixzz6EyuMYKBo
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.