"الأنشطة الصيفية" ساحة تنافس محموم لاستقطاب الجيل
الصغير في غزة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – أسابيع قليلة تفصلنا عن انطلاق
الأنشطة الترفيهيّة التي تشهدها غزّة في صيف كلّ عام، فتدخل المؤسّسات والتنظيمات صراعاً محموماً لاستقطاب الجيل الصغير (طلبة
الابتدائية والإعدادية والثانوية) في شكل أساسيّ ليشارك في الأنشطة التي تعقدها
تلك المؤسّسات والتنظيمات، فكلّ منها يضع أهدافاً تختلف عن الأخرى
لتلك الأنشطة التي تمتدّ لأسابيع عدّة.
وتستقطب الأنشطة التي تعقدها وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين في الشرق الأدنى "الأونروا"، إضافة إلى أنشطة
حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ، العدد الأكبر من الجيل الفلسطينيّ الصغير في غزّة،
حيث فتح باب التسجيل للالتحاق بتلك
الأنشطة الصيفيةّ من بداية أيّار/مايو 2016.
أكّد مدير برنامج ألعاب الصيف في "الأونروا" يوسف
موسى لـ"المونيتور" أنّ الإجراءات والاستعدادات قائمة لإطلاق أسابيع
المرح الصيفيّة التي تنظّمها "الأونروا" كلّ عام، والتي من المقرّر أن
تنطلق هذا العام في 23 تمّوز/يوليو 2016، فقد شارك في التسجيل للالتحاق بها أكثر
من 170 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل العمريّة، وينتهي التسجيل قبل انطلاق
أسابيع المرح بأسبوع.
وتوقّع موسى أن يشارك في تلك الأنشطة قرابة الـ120 ألفاً من
أصل 170 ألفاً سجّلوا للالتحاق بها، مشيراً إلى أنّهم أدخلوا أنشطة غير تقليديّة
(التقليدية تتمثل في لعب الكرة والسباحة والجمباز والمسابقات الثقافية) هذا العام،
والتي تمثّلت في تخصيص برنامج ترفيهيّ لكلّ محافظة من محافظات قطاع غزّة الخمس.
فمحافظة رفح جنوب قطاع غزة ستنفذ "الأونروا" فيها
برنامجًا ترفيهيًا يشمل المسابقات الثقافية والدروس التعليمية التي يغلب على لغة
المخاطبة فيها اللغة الإنجليزية، وبرنامجًا لإحياء التراث الفلسطيني حيث سيرتدي
فيه المشاركون الزي التقليدي ويرقصون الدبكة الفلسطينية سينفذ بمدينة خانيونس،
وستهتم (الأونروا) بالأنشطة المتعلقة بالديمقراطية وتعلم ثقافة تقبل الآخر في
المحافظة الوسطى، أما مدينة غزة فستركز النشاط على مهارات استخدام الموارد
الطبيعية كالبلاستيك والكرتون وإعادة تدويرها، وسيكون من نصيب شمال القطاع برامج
الدعم النفسيّ كونه المنطقة الأكثر تدميراً خلال الحرب الإسرائيليّة على غزّة في
عام 2014، كلّ ذلك إلى جانب الأنشطة التقليديّة ككرة القدم والقفز عن الحواجز
والوثب الطويل والرسم وغيرها.
وتوقّع أن تخلق تلك الأنشطة 2200 فرصة عمل مؤقتة للعاطلين عن
العمل في غزّة كمنشطين تربويين وإداريين في تلك الأنشطة، مؤكّداً أنّ أهداف تلك
الأنشطة هي تعويض الطلّاب عن الجانب اللامنهجيّ الذي حرموا منه خلال العام
الدراسيّ، حيث يتعذّر القيام بتلك الأنشطة الترفيهيّة خلال العام الدراسيّ لقلّة
عدد المدارس لشح التمويل المطلوبة لبناء مدارس جديدة وضيق الوقت بسبب وجود فترتين
دراسيّتين في اليوم (صباحيّة ومسائيّة) في مدارس الأونروا ما يعني أن المدارس تكون
مشغولة في فترة النهار ولا مجال للقيام بحصص لا منهجية.
وبيّن أنّ المشاركين سيمارسون تلك الأنشطة بكلّ حريّة وفي مكان
تشرف عليه وكالة "الأونروا"، فقد خصّصت عشرات الأماكن في قطاع غزّة
لتنفيذ تلك الأنشطة (108 مدارس، 9 مراكز أهليّة للمعاقين، 3 أندية رياضيّة).
أمّا مسؤول الوحدة الإعلاميّة في جهاز العمل الجماهيريّ، وهو
الجهة المسؤولة عن تنظيم تلك الأنشطة في حركة حماس محمّد الجمل، فيقول:
"فتحنا باب التسجيل في المساجد أمام من يريد المشاركة في تلك الأنشطة، والتي
من المقرّر أن تنطلق في 10 تمّوز/يوليو تحت عنوان "انتفاضة
القدس"".
وأوضح الجمل لـ"المونيتور" أنّ هدف تلك الأنشطة التي
تعقدها حركته في صيف كلّ عام هو احتواء الجيل الصاعد وتعريفه بقضيّته، متوقّعاً أن
يتراوح عدد المشاركين في تلك الأنشطة بين 50 و80 ألف مشارك من مختلف الفئات
العمريّة، كما العام السابق.
وبيّن أنّ البرامج التي تقدّم للمشاركين متنوّعة تتمثّل في
النشاط الكشفيّ والبحريّ والدورات الإعلاميّة والإداريّة، وبعض الدورات العسكريّة
المبتدئة، مشيراً إلى أنّ مدّة النشاط اليوميّ تصل إلى 6 ساعات، حيث ستستمرّ تلك
الأنشطة حتّى 10 آب/أغسطس 2016.
من جانبه، اعتبر القياديّ في حركة الجهاد الإسلاميّ ومسؤول
ملفّ الأنشطة الصيفيّة أحمد المدلّل، أنّ الأنشطة التي تستعدّ حركته إلى إطلاقها
ضروريّة من أجل إعادة صقل الجيل الصغير والشابّ صقلاً أخلاقيّاً وسلوكيّاً
وثوريّاً ليحمل في المستقبل همّ قضيّته، إضافة إلى إخراج ذلك الجيل من هموم الحياة
اليوميّة ببعض الأنشطة الترفيهيّة والمسلّية وتحديداً السباحة ولعب كرة القدم.
وتوقّع المدلّل في حديث إلى "المونيتور" ألّا يقلّ
عدد المشاركين في تلك الأنشطة التي ستقيمها حركته عن الـ10 آلاف مشارك، موضحاً
أنّه لا يوجد في برامجهم للأنشطة الصيفيّة أيّ نشاط تنظيميّ، فالمشاركون في تلك
الأنشطة يكون هدف مشاركتهم الترفيه واللعب، وليس أخذ البرامج التنظيميّة.
من جانبه، نفى مدير عام وزارة الشباب والرياضة محمود بارود
لـ"المونيتور" أن تكون لوزارته أيّ مشاركة في تلك المخيّمات والبرامج
التي تقدّم فيها أو رقابة عليها، مشيراً إلى أنّ وزارته توقّفت عن تنظيم أنشطة
صيفيّة منذ سنوات عدّة، بسبب شحّ الدعم الماليّ للوزارة، والذي توقّف في شكل شبه
كامل بعد الانقسام الفلسطينيّ.
وبيّن أنّ وزارته كانت تخصّص كلّ عام 200 ألف دولار لتنظيم تلك
الأنشطة، إلّا أنّ رفض حكومة التوافق تحويل الأموال إلى الوزارات في غزّة بسبب
الانقسام بين فتح وحماس عام 2007 يحول دون تنظيمها، مشدّداً في الوقت ذاته على
الدور الكبير الذي توصله تلك الأنشطة إلى الجيل الصغير، بغضّ النظر عن أهداف كلّ
جهّة تقف خلف تلك الأنشطة.
أبدى أولياء الأمور من جانبهم، انقساماً في الوجهة التي
يضعونها نصب أعينهم لمشاركة أبنائهم في تلك الأنشطة، فتقول سهاد نصار، وهي أمّ لـ3
أطفال تتراوح أعمارهم بين الـ8 والـ14 عاماً لـ"المونيتور"، إنّها ترغب
في أن يشارك أبناؤها في أنشطة تعود عليهم بالفائدة، بعيداً عن الأمور التنظيميّة
التي تقدّمها الفصائل، معتبرة أنّ أنشطة وكالة "الأونروا" تشكّل المكان
الآمن الذي يمكن أن توجّه أطفالها إليه، على الرغم من الضغوط التي تعرّض إليها
أطفالها من قبل بعض التنظيمات الفلسطينيّة (رفضت تسميتها) ليشاركوا في أنشطتها.
ورأى محمّد نوفل، وهو أب لطفل واحد يبلغ عمره 10 سنوات في حديث
إلى "المونيتور" أنّ المخيّمات التي تنظّمها حركة
حماس هي الوجهة المفضّلة له لالتحاق ابنه بها، لطبيعة البرامج التي تقدّم فيها،
قائلاً: "أريد أن ينشأ طفلي على حقيقة أنّ بلده محتلّ من الإسرائيليّين، ويجب
أن يتعلّم الفنون العسكريّة ليصبح مقاتلاً في المستقبل ويشارك في تحريرها".
في النهاية، تبقى القناعة المترسّخة عند أولياء الأمور في أنّ
القائمين على إقامة تلك الأنشطة يهدفون إلى بثّ أفكارهم بين الأطفال، أملاً في أن
ينجحوا في جذبهم إلى جانبهم في المستقبل، فيكونون عناصر فعّالة في تلك التنظيمات.
الرابط الأصلي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.