الأحد، 5 يونيو 2016


"التحريض عبر فيسبوك" تهمة إسرائيليّة جديدة لزجّ الفلسطينيّات في المعتقلات
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة – شهد نهاية عام 2015 ومطلع عام 2016، إرتفاعاً متصاعداً في أعداد الفلسطينيّين المعتقلين لدى إسرائيل، وتحديداً أولئك المعتقلين على خلفيّة كتاباتهم على صفحات التّواصل الإجتماعيّ، كأحدث تهمة توجّه إلى الفلسطينيّين من قبل السلطات الإسرائيليّة لكبح جماح الإنتفاضة الشعبيّة. لقد شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2015، اعتقال 130 فلسطينيّاً بتهمة التحريض عبر "فيسبوك"، فيما شهد شهر آذار/مارس من عام 2016 فقط اعتقال 148 فلسطينيّاً بسبب تلك التهمة (التحريض عبر فيسبوك).

حيث أفاد مركز "أسرى فلسطين للدراسات" في تقرير صادر عنه في 17 أيّار/مايو من عام 2016، أنّ 28 حال اعتقال نفّذت بحقّ فتيات فلسطينيّات من الضفّة الغربيّة بتهمة "التحريض عبر الفيسبوك"، حيث قضين أحكاماً إداريّة بالسجن تتراوح بين 45 يوماً و6 أشهر، فيما بقيت 4 منهنّ داخل السجون الإسرائيليّة لاستكمال فترة اعتقالهنّ.

وكشفت إسرائيل في 20 شباط/فبراير من عام 2016 عن وحدة "حتسف" المتخصّصة في مراقبة وسائل التّواصل الإجتماعيّ والإعلام الخاصّة بالعرب والفلسطينيّين، والّتي أنشئت منذ 10 سنوات، حيث تقوم الوحدة بإمداد جهاز الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة "أمان" بالمعلومات الّتي يمكن الإستفادة منها في اتّخاذ القرارات والعمليّات الأمنيّة، فيما أطلقت المخابرات الإسرائيليّة 5 آلاف حساب "فيسبوك" باسم فتيات عربيّات لمراقبة الحسابات العربيّة وأخذ المعلومات منها، رغم اتّهام إسرائيل لشركة "فيسبوك" بأنّها تساعد في التّحريض ضدّ الإسرائيليّين ما دفع بالشركة إلى إغلاق العديد من الحسابات والصفحات الفلسطينية.

وفي هذا المجال، ذكر مدير مركز "أسرى فلسطين للدراسات" أسامة شاهين لـ"المونيتور" أنّ تهمة الإعتقال بسبب كتابة منشور (تحريضي ضد الإسرائيليين) على "فيسبوك" لم يكن متعارف عليها سابقاً، فهي تهمة إسرائيليّة جديدة لتبرير إعتقال الشبّان والفتيات الفلسطينيّات بهدف وأد الإنتفاضة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة.

وأشار إلى أنّ مركزه وثّق 300 حال إعتقال على تلك التّهمة (منشورات تحريضية ضد الإسرائيليين ونشر صور منفذي عمليات الدهس والطعن ضد الإسرائيليين) خلال الإنتفاضة الّتي اندلعت أحداثها في بداية تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015 وحتّى منتصف أيّار/مايو من عام 2016، حيث يعتقل الجميع إداريّاً لأنّه لا توجد في القانون الإسرائيليّ تهمة تدين هؤلاء بسبب كتاباتهم على "فيسبوك"، مشيراً إلى أنّ ذلك المبرّر أدّى إلى أنّ تحكم المحكمة الإسرائيليّة على معتقل فلسطينيّ (لم يذكر اسمه) بالسجن 7 أعوام.

وأوضح أنّ المحاكم الإسرائيليّة، هي الّتي شرّعت تلك التّهمة، الّتي تمثّل إنتهاكاً صارخاً لحريّة الرأي والتعبير، ولم يستبعد في الوقت ذاته أن تشرّع إسرائيل قوانين جديدة لتبرير إعتقال الفلسطينيّين.

وإنّ جورين قدح 19 عاماً، هي طالبة جامعيّة من قرية شقبا في رام الله بوسط الضفّة الغربيّة، وإحدى الفتيات الفلسطينيّات اللّواتي اعتقلهنّ الجيش الإسرائيليّ بسبب كتابات على "فيسبوك" فجر 29 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015 من منزلها لتمكث في إحدى السيّارات العسكريّة الإسرائيليّة 18 ساعة، قبل أن يتمّ نقلها إلى سجن هشارون ومن ثم إلى سجن الرملة ومنه إلى سجن عوفر للتحقيق معها قبل أن تعود مجدداً لسجن هشارون الذي قضت فيه مدة محكوميتها. 

وكشفت جورين لـ"المونيتور" أنّ جلسة التحقيق الّتي استمرّت معها أقلّ من نصف ساعة تركّزت فيها أسئلة المحقّقين حول كتاباتها على "فيسبوك"، مؤكّدة أنّها تعرّضت لتحرّش لفظيّ من قبل أحد المحقّقين الإسرائيليّين، حيث طالبها بخلع حجابها ليرى شعرها.

وذكرت أنّ بعد عرضها على المحكمة الإسرائيليّة، أمر القاضي الإسرائيليّ في 1 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2015 باعتقالها إداريّاً لمدّة 3 أشهر، من دون أن يفصح عن التّهمة الّتي بسببها ستقضي مدّة الإعتقال، واكتفى بالقول: "ملف الإتّهام سريّ، وكشفه يضرّ بمصدر المعلومات، فجورين تفاخرت بعمليّات قتل الإسرائيليّين عبر فيسبوك"، مشيرة إلى أنّ المنشور الّذي وضعته على "فيسبوك" لا علاقة له بالإسرائيليّين، بل هو منشور إجتماعيّ.

وكذلك، اعتقلت مجد عطوان 22 عاماً، وهي فلسطينيّة ثانية من بيت لحم - جنوب الضفّة الغربيّة، بسبب منشوراتها على "فيسبوك" المساندة للإنتفاضة الفلسطينيّة، معتبرة أنّ ما قامت به حريّة شخصيّة يكفلها لها القانون، ومشدّدة على أنّها ستستمرّ في الكتابة على "فيسبوك"، وقالت لـ"المونيتور": "تعرّضت منذ اللّحظة الأولى لاعتقالي من منزلي فجر 19 نيسان/إبريل من عام 2016 إلى ضرب وتعذيب، تركّز على قدمي اليسرى، وعلى بطني حيث كنت قد أجريت في وقت سابق عمليّة جراحيّة".

وأشارت إلى أنّ المحقّق سألها لماذا تكتبين منشورات كهذه على "فيسبوك"؟ فقالت له: إنّه حقّ شخصيّ، وسأستمرّ في الكتابة.
وحكمت المحكمة الإسرائيليّة على عطوان بالسجن 45 يوماً، وغرامة ماليّة تقدّر بـ3 آلاف شيقل ليفرج عنها قبل انتهاء حكمها في 19 أيّار/مايو من عام 2015.

ومن جهتها، ذكرت والدة المعتقلة الفلسطينيّة في السجون الإسرائيليّة سعاد زريقات، وهي إحدى الفلسطينيّات اللّواتي يتهمهنّ الجيش الإسرائيليّ بالتحريض عبر "فيسبوك" أنّ الجيش الإسرائيليّ اقتحم فجر 3 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2015 منزلها الكائن في بلدة تفوح - شمال الخليل، واعتقلت سعاد في شكل همجيّ.

وقالت الوالدة لـ"المونيتور": إنّ مركز أسرى فلسطين للدراسات أبلغهم أنّ لائحة الإتّهام الّتي اطّلعوا عليها تحتوي على اتّهام لابنتها سعاد بأنّها تحرّض ضدّ الإسرائيليّين عبر "فيسبوك" من خلال المنشورات والصور الّتي تنشرها، وحكم عليها بالسجن الإداريّ 6 أشهر، قبل أن يتمّ التجديد لها 4 أشهر أخرى.

وأشارت إلى أنّها وأبناءها الذكور ممنوعون من زيارة سعاد تحت ذرائع أمنيّة، فيما سمحت إسرائيل لشقيقات سعاد الصغيرات فقط بزيارتها، مشيرة إلى أنّ ابنتها خاضت إضراباً عن الطعام داخل الزنزانة الإنفراديّة الّتي مكثت فيها 20 يوماً قبل أن تنهي إضرابها بعد استجابة مصلحة السجون الإسرائيليّة لمطلبها بإخراجها من العزل الإنفراديّ ووضعها في سجن الأسيرات بهشارون.

من جهته، اتّهم مدير فرع المركز الفلسطينيّ لحقوق الإنسان في الضفّة الغربيّة سميح محسن إسرائيل بعدم احترام القوانين الدوليّة الخاصّة بحقوق الإنسان وبأنّها شرّعت إعتقال الكثيرين بسبب آرائهم، مشيراً إلى أنّ المادّة 19 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والمادّة 19 من العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة تنصّان على احترام حريّة الرأي والتعبير.

وأوضح لـ"المونيتور" أنّ بعد الأحداث (الإنتفاضة) الّتي شهدتها الضفّة الغربيّة بداية تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015، خصّصت إسرائيل وحدة لمراقبة ما يكتبه الفلسطينيّون على مواقع التّواصل الإجتماعيّ، واعتقلت الكثيرين بسبب الكتابات على "فيسبوك" أو التعبير عن موقف معارض للإحتلال، وهو ما اعتبره حال إفلاس من قبل المؤسّسة الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة.

ويبقى التساؤل الأهمّ عند أولئك الّذين اعتقلتهم إسرائيل على خلفيّة الكتابات على "فيسبوك"، لماذا لا يتمّ إعتقال الإسرائيليّين، الّذين يحرّضون على الفلسطينيّين عبر "فيسبوك"؟.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...