الجمعة، 29 يوليو 2016


"راتب كامل" حلم تحقّقه قطر لـ50 ألف موظّف في غزّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – بصورة مفاجئة، أمر أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني في 21 تمّوز/يوليو من عام 2016، بصرف رواتب موظّفي حكومة غزّة السابقة والبالغ عددهم قرابة الـ50 ألف موظّف عن شهر تمّوز/يوليو الجاري، والّتي تقدّر قيمتها بـ113 مليون ريال قطريّ، ما يعادل 31 مليون دولار، للتّخفيف عليهم من الأزمة الماليّة الّتي يواجهونها من جرّاء شحّ الرواتب.

ويتلقّى موظّفو حكومة غزّة السّابقة سلفة ماليّة شهريّة تتراوح بين 1200-4500 شيكل، ما يعادل 311-1168 دولاراً، منذ بداية عام 2014، من جراء الأزمة الماليّة الّتي كانت تعاني منها حكومة غزة السابقة، ورفض حكومة التّوافق الفلسطينيّة الاعتراف بهم كموظّفين رسميّين بزعم أنّهم وظفّوا تحت الأمر الواقع عقب الإنقسام الفلسطينيّ وسيطرة حركة "حماس" على قطاع غزّة في حزيران/يونيو من عام 2007، حيث تقوم وزارة الماليّة في غزّة بتوفير تلك السلفة الماليّة من خلال الأموال الّتي تجبى على شكل ضرائب وبعض المساعدات الماليّة الخارجيّة.

وأكّدت مصادر في اللّجنة القطريّة لإعادة إعمار قطاع غزّة التي تشكلت بعد الحرب على غزة 2012، وتمثلت مهمتها في اعادة ما تدمر جراء الحرب ومساعدة غزة في النهوض ببنيتها التحتية من طرقات ومؤسسات خدماتية فضّلت عدم الكشف عن هويّتها، لـ"المونيتور"، والتي ستصل الأموال من قطر إلى غزة عبر حساباتها البنكية جراء الحصار المالي الإسرائيلي على الحوالات المالية التي تصل بنوك غزة منذ عام 2007، أنّ الأموال الّتي أمر أمير دولة قطر وزارة المالية القطرية بدفعها كرواتب لموظّفي غزّة وصلت بالفعل قبل أيّام عدّة إلى قطاع غزّة على أن يتمّ صرفها في بداية آب/أغسطس المقبل.

وشدّدت المصادر على أنّ السفير القطريّ محمّد العمادي، الّذي وصل ليل الخميس 28 يوليو الجاري إلى غزّة لتفقّد المشاريع القطريّة والمتمثلة في رصف بعض طرقات غزة الرئيسية وبناء منازل دمرت خلال حرب غزة عام 2014، سيعقد إجتماعاً مع المسؤولين في وزارة الماليّة بغزّة السبت 30 يوليو الجاري للإتّفاق معهم على آليّة صرف تلك الرواتب لا سيّما أنّ الكثير من الموظّفين ناشدوا محمّد العمادي ووزارة الماليّة في غزّة أن تصرف تلك الرواتب، بعيداً عن البنوك كي لا يتمّ خصم دفعات قروض الموظّفين منها.

ونفت المصادر الإشاعات الّتي تحدّثت عن تكفّل قطر بصرف رواتب موظّفي غزّة لمدّة 3 أشهر متتالية، موضحة أنّ الأموال الّتي وصلت إلى قطاع غزّة من دولة قطر تكفي فقط لشهر واحد، وتبلغ قيمتها 31 مليون دولار، مشيرة إلى أنّ هناك أطراف عدّة مطّلعة على قضيّة دفع الرواتب، وفي مقدّمتها السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل.

من جهته، أشار وكيل وزارة الماليّة في غزّة يوسف الكيالي لـ"المونيتور" إلى أنّهم ينتظرون الاجتماع بالسفير القطريّ لدى السلطة الفلسطينيّة بعد وصوله أمس الخميس، إلى قطاع غزّة للإجتماع به للتّوافق على آليّة صرف الرواتب، لافتاً إلى أنّ آليّة الصرف وموعده سيتمّ الإعلان عنهما عقب الإنتهاء من الإجتماع بالسفير القطريّ.

وأوضح أنّ المبلغ الّذي تكفّلت قطر بتوفيره يكفي لصرف راتب كامل للموظّفين العسكريّين والمدنيّين، الّذين يتلقّون رواتبهم من وزارة الماليّة في غزّة، والبالغ عددهم قرابة الـ50 ألف موظّف ، متمنيّاً أن تواصل قطر مساعدة موظّفي غزّة بدفع رواتبهم في الأشهر المقبلة.

وعن شكاوى الموظّفين من ضرورة الطلب من البنوك استثناء الراتب الّذي تكفّلت قطر بدفعه من أيّ خصوم، شدّد يوسف الكيالي على أنّ آليّة الصرف الّتي سيتمّ التّوافق عليها مع السفير القطريّ تحدّد ذلك.

ورحّبت حركة "حماس"، الّتي وظّفت غالبيّة الـ50 ألف موظّف في غزّة بتلك الخطوة، فيما هاجمتها حركة "فتح"، وقال عضو لجنتها المركزيّة جمال محيسن في تصريحات صحافيّة بـ23 تمّوز/يوليو من عام 2016: "تلك الأموال بمثابة مساعدات تقدّمها قطر إلى عناصر حركة حماس، وليست إلى الشعب الفلسطينيّ".

وفي السياق ذاته، رحّبت نقابة موظّفي غزّة بالخطوة، وقال الناطق باسمها خليل الزيّان لـ"المونيتور": "جاءت هذه الخطوة في ظلّ وضع إقتصاديّ وماليّ كارثيّ للموظّفين، الّذين لم يتلقّوا رواتب كاملة ومنتظمة منذ بداية عام 2014 وحتّى اليوم بسبب الأزمة الماليّة والحصار الإسرائيليّ ورفض حكومة التّوافق الاعتراف بهم كموظّفين رسميّين".

ودعا خليل الزيّان أمير قطر والشعب القطريّ والدول العربيّة والإسلاميّة الداعمة للقضيّة الفلسطينيّة إلى ضرورة التدخّل لوقف ما وصفه بـ"العمل الإجراميّ"، الّذي تقوم به جهات عدّة تجاه موظّفي قطاع غزّة بحرمانهم من تلقّي رواتبهم، وفي مقدّمة تلك الجهات إسرائيل بفعل حصارها وحظرها لتحويل الأموال إلى بنوك غزّة.

وذكر موقع "واللا" الإسرائيلي في 25 يوليو 2016، أنّ وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان وافق على تحويل الأموال من قطر إلى غزّة لدفع راتب شهر إلى موظّفي حكومة غزّة السابقة، وذلك خلافاً لمواقفه السابقة والرافضة لتحويل الأموال، مشيراً إلى أنّ قضيّة رواتب موظّفي الحكومة السابقة في غزّة كانت أحد الأسباب الرئيسيّة لاندلاع الحرب الأخيرة في صيف عام 2014، وسماح إسرائيل لقطر بتحويل الأموال هذه المرّة من شأنه إبعاد شبح الحرب المقبلة.

وفي هذا الإطار، قال الموظّف أحمد البابلي، 29 عاماً، والّذي يعمل ضمن الأجهزة الأمنيّة لـ"المونيتور": "للوهلة الأولى لم أصدّق الخبر، كون الإشاعات حول الرواتب يضجّ بها البلد في كلّ شهر".

أضاف: "عندما سمعت وكيل وزارة الماليّة في غزّة يتحدّث عبر التلفاز عن تلك المنحة، وقتها فقط صدّقت الخبر، فمنذ عامين ونصف عام لم نتلق راتباً كاملاً، ممّا خلق لدينا أزمات ماديّة متلاحقة".

أمّا الموظّف وسيم جروان، 28 عاماً، فطالب في حديثه لـ"المونيتور" وزارة الماليّة في غزّة والعمادي بأن يتمّ صرف الراتب عن طريق مكاتب البريد المنتشرة في قطاع غزّة أو عن طريق وزارة الداخليّة، وليس عبر البنوك كي لا تقوم (البنوك) بخصم جزء من ذلك الراتب للقروض الّتي اقترضوها قبل سنوات عدّة.

وأوضح أنّ البنوك لم تراع ظروفهم الإقتصاديّة والماليّة الصعبة، وتقوم كلّ شهر بخصم جزء من السلفة الماليّة الّتي يتلقّونها من الحكومة لتسديد القرض.

أدخلت قطر الفرحة إلى منازل أكثر من 50 ألف موظّف في غزّة بدفع رواتب كاملة لهم، ويأمل أولئك الموظّفون في أن تواصل قطر خطواتها في هذا الإتّجاه لتخرجهم من الضائقة الماليّة الّتي يعيشون فيها، في ظلّ رفض حكومة التّوافق الفلسطينيّة الإعتراف بهم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...