الخميس، 18 أغسطس 2016


"التجنّح" تهمة توجب الفصل من حركة "فتح"!
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — عادت الخلافات الداخليّة لتتصدّر المشهد العام لإجتماعات حركة "فتح" ولقاءاتها في بعض المحافظات الفلسطينيّة، والّتي كان آخرها ما أعلنه عضو اللّجنة المركزيّة في الحركة جمال محيسن خلال إجتماع لأعضاء "فتح" في نابلس بـ5 آب/أغسطس من عام 2016، عن أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة وقائد الحركة محمود عبّاس وقّع على قرار فصل 4 من قيادات الحركة بتهمة "التجنّح".

قرار الفصل ذلك، والّذي أكّدته وثيقة مسرّبة صادرة عن جهاز المخابرات الفلسطينيّة وموجّهة إلى محمود عبّاس في 7 آب/أغسطس من عام 2016، ونشرتها وسائل إعلاميّة فلسطينيّة عدّة كوكالة فلسطين الآن، ذكرت أنّ القرار طال 6 من قيادات الحركة، وليس 4، كما أعلن جمال محيسن، وهم: النائبتان نجاة أبو بكر ونعيمة الشيخ عليّ، وعدلي صادق وتوفيق أبو خوصة، فيما لم تكشف تلك الوثيقة عن أسماء القياديّين الآخرين.

وكشف عضو في المجلس الثوريّ لحركة "فتح" وأحد الّذين حضروا الإجتماع، طالباً عدم نشر اسمه، لـ"المونيتور" تفاصيل ما جرى، وقال: "خلال الإجتماع الّذي خصص لمناقشة أمور الحركة الداخليّة مع قرب الإنتخابات المحليّة في تشرين الأوّل/أكتوبر المقبل، طُلب منّا محيسن طرح أسماء من فتح وخارجها لتترشّح للإنتخابات عن محافظة نابلس. وعندما اقترح أحد الحضور أنّه لضمان الفوز في تلك الإنتخابات لا بدّ من وضع شخصيّة مقبولة إجتماعيّاً في القائمة الّتي سيتمّ إنتخابها، اقترح اسم النائبة أبو بكر لرؤيته أنّها الأنسب وتتوافر فيها الشروط المطلوبة".

أضاف: "عندها غضب جمال محيسن، وقال: إنّ الرئيس صادق على قرار فصل أبو بكر و3 آخرين، هم نعيمة الشيخ عليّ وعدلي صادق وتوفيق أبو خوصة، لأنّهم متجنّحون وتربطهم علاقات مع القياديّ المفصول محمّد دحلان".

وأوضح المسؤول أنّهم سمعوا تسريبات من قبل شخصيّات قريبة من عبّاس بوجود قرار بفصل نجاة أبو بكر بعد محاولة اعتقالها واعتصامها في المجلس التشريعيّ بـ25 شباط/فبراير من عام 2016، بعد رفع قضيّة ضدّها من قبل وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، متّهماً إيّاها باختلاس أموال عامّة والتقائها بالقياديّ محمّد دحلان في مصر بداية شباط/فبراير من عام 2016، إلاّ أنّه والحضور تفاجآ بتوقيت كشف محيسن عن ذلك القرار، وهو يعدّ أحد المقرّبين من عبّاس.

وأكّدت أبو بكر، الّتي علمت بالقرار من بعض القيادات الّتي حضرت الإجتماع، لـ"المونيتور"، أنّها لم تتسلّم بعد قرار الفصل، وستواصل عملها في حركة "فتح"، مشيرة إلى أنّ الحركة ليست شركة خاصّة ليتمّ طردها منها.

وردّاً على الاتّهام بأنّ قرار الفصل جاء بسبب العلاقة الّتي تربطها بمحمّد دحلان، قالت أبو بكر: "لو أنّ فصلي تمّ على هذه التّهمة، فبذلك يجب فصل جميع أعضاء المجلس الثوريّ واللّجنة المركزيّة وكلّ شخص في الحركة التقى أو سيلتقي بمحمّد دحلان".

وكانت اللّجنة المركزيّة لحركة "فتح" قرّرت في إجتماعها الّذي عقد في مدينة رام الله بـ12 حزيران/يونيو من عام 2011، فصل دحلان لقضايا أسمتها في حينه اللّجنة "جنائيّة وماليّة وقضايا أخرى"، وتمّت إحالة ملفّه على القضاء الفلسطينيّ، بعد أشهر من تفاقم الخلاف بين عبّاس ودحلان نهاية عام 2010، بسبب النفوذ والحكم.

أمّا نعيمة الشيخ علي فاكتفت في حديثها لـ"المونيتور" بالقول: "هناك مشاورات تجري لمعالجة الأمر، ونأمل أن تعود الوحدة إلى حركة فتح، لا سيّما مع قرب موعد الإنتخابات المحليّة في تشرين الأوّل/أكتوبر المقبل، والّتي تحتّم على الحركة أن تدخلها موحّدة".

فيما رفض عدلي صادق في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "الرسالة" المحليّة بـ7 آب/أغسطس من عام 2016، قرار الفصل، قائلاً: "لن نعترف بأيّ قرار فصل لأيّ عضو في الحركة على خلفيّة ما يسمّونه بالتجنّح، فنحن لسنا ضيوفاً عند جمال محيسن عضو مركزيّة فتح، ولا نعيش عالة عليه، أو على أيّ شخص في التّنظيم".

أضاف: "يعتقد من يصدر قرارات الفصل (عباس ومسئولين مقربين منه) أنّ لديه شعبيّة وبعداً وطنيّاً، لكنّه في الحقيقة ليس سوى عابر في الحركة، ويظنّ أنّنا نعيش في فندقه الشخصيّ ليطردنا منه".

وتابع: "هناك انحراف في بوصلة من يحكمون فتح، ويخرجون بقرارات تفاقم الأزمات الّتي تعيشها القضيّة الفلسطينيّة".

قرارات الفصل تلك، والّتي ليست الأولى من نوعها فقد فصل من قبل 5 قيادات فتحاوية في يونيو 2014 وهم ماجد أبو شمالة، وناصر جمعة، وعبد الحميد المصري، وسفيان أبو زايدة، ورشيد أبو شباك، أثارت مجدّداً الخلافات داخل الحركة، وقال القياديّ عبد الحميد المصريّ أحد الّذين تمّ فصلهم من الحركة قبل عامين (يونيو 2014) بعد اتّهامه بالـ"تجنّح" والولاء لمحمد دحلان: "فصل أيّ قياديّ أو كادر من الحركة من دون وجود تهمة حقيقيّة هو قرار استفزازيّ، وينمّ عن العقليّة الاستبداديّة الّتي تحكم الحركة".

واعتبر في حديثه مع "المونيتور" أنّ من يتمّ فصله بسبب قربه من "التيّار الإصلاحيّ"، الّذي يقوده دحلان تزيد أسهمه بين أنصار "فتح"، لأنّهم يعلمون أنّ فصل أيّ قيادي هو بسبب مطالبته بحقوقه وتصحيح المسار الخاطئ الّذي أخذت به الحركة من قبل بعض الشخصيّات.

وأشار إلى أنّ فتح تتّجه إلى مزيد من الضعف بسبب القرارات غير المبرّرة الّتي تتّخذها وتحديداً قرارات الفصل، متمنّياً أن تنتهي الإشكاليّات تلك، وتتوحّد الحركة وتتّخذ موقعها الطبيعيّ في طليعة الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة.

من جهته، رأى عضو المجلس الوطنيّ والمحلّل السياسيّ فايز أبو شمالة أنّ هناك جهات – لم يسمها- تقصد إضعاف حركة "فتح" بهدف التأثير على القرار السياسيّ الفلسطينيّ، مشيراً إلى أنّ الحديث عن محاولات توحيد الحركة هو مجرّد خداع، لأنّ الصف الفتحاويّ على الأرض منشقّ بين تيّار محسوب على عبّاس وآخر على دحلان.

ونبّه في حديثه لـ"المونيتور" من أنّ استمرار اللّجنة المركزيّة والمجلس الثوريّ لحركة "فتح" في قرارهما المشاركة بالإنتخابات المحليّة في ظلّ القرارات الّتي تتّخذ بفصل قيادات وغيرها، سيؤدّي إلى وجود قائمتين لحركة "فتح" في الإنتخابات المحليّة، وليس قائمة واحدة، كما أعلن المجلس الثوريّ في إجتماعه، الّذي عقد في مدينة رام الله بـ8 آب/أغسطس الماضي.

توقيت القرار أخذ الجانب الأكبر في التفكير عند الكثيرين، لا سيّما أنّ "فتح" تستعدّ لخوص الإنتخابات المحليّة، الّتي ستجري في تشرين الأوّل/أكتوبر المقبل، وغالبيّة التوقّعات تشير إلى أنّها ستدفع ثمن خلافاتها تلك في صندوق الإنتخاب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...