الأحد، 23 أكتوبر 2016


غزّة تستعدّ إلى إطلاق التخصّص الجامعيّ الأوّل لدراسة فنّ السينما في الأراضي الفلسطينيّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – تستعدّ غزّة إلى إطلاق التخصّص الجامعيّ الأوّل في الأراضي الفلسطينيّة لدراسة السينما، في بداية كانون الثاني/يناير المقبل، وذلك في ظلّ تعطّش البيئة الأكاديميّة والسينمائيّة إلى هكذا تخصّص، جرّاء تعذّر سفر مئات الطلبة الراغبين بدراسته إلى خارج قطاع غزّة، بسبب إغلاق المعابر مع قطاع غزّة، وتحديداً معبر رفح البريّ.

وعلى الرغم من الصعوبات التي يمكن أن يواجهها إطلاق ذلك التخصّص، في ظلّ قلة الإمكانات المطلوبة من مقرّرات دراسيّة ومعدّات للعمل، إلّا أنّ القائمين عليه وهم مجموعة من الأشخاص الذين يحملون الشهادة الجامعية الأولى من كليات الفنون بالجامعات المصرية يسعون إلى التغلّب عليها عبر جلب بعضها من الخارج، أو الاستفادة من بعض الأدوات العلميّة والعمليّة المتواضعة المتوافرة في غزّة بعد حصولهم على الموافقة المبدئية من قبل وزارة الثقافة بداية شهر أكتوبر الجاري.

قالت الأكاديميّة مي نايف، وهي أحد القائمين على ذلك التخصّص، لـ"المونيتور"، إنّ "أهمّ الدوافع وراء إعدادهم ذلك التخصّص يعود إلى افتقار الجامعات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة إلى هكذا تخصّص، على الرغم من الأعداد الكبيرة من الطلبة الذين يرغبون بدراسة تخصّص السينما".

وأضافت: "غزّة تحديداً فيها أرضيّة خصبة وبيئة حاضنة لنموّ هكذا تخصّص ونجاحه، والدليل على ذلك ما تنتجه غزّة من أعمال فنيّة ودراميّة كلّ عام، والتي تبلغ ذروتها في شهر رمضان من مسلسلات وبرامج".

وأوضحت أنّ ممثّلي غزّة ومخرجيها ومصوّريها السينمائيّين يقومون بأعمالهم من واقع الخبرة وفي شكل ارتجاليّ، وليس ذلك نابعاً من خلفيّة علميّة يتبعها خبرة في العمل، وهو ما يسعون إليه من خلال إعداد تخصّصهم الجامعيّ الجديد وتنفيذه، منوّهة بأنّ عشرات المخرجين والمصوّرين السينمائيّين ومتخصّصي الإضاءة السينمائيّة وكاتبي السيناريو تواصلوا معها، ومع أعضاء الفريق من أجل الاستفسار عن البرنامج وموعد إطلاقه للالتحاق به.

وكشفت أنّ الكتب الدراسيّة التي ستدرّس خلال المساقات الدراسيّة، سيتمّ جلبها من مصر جرّاء شحّ مكتبات غزّة من تلك الكتب الدراسيّة، مشيرة إلى أنّهم يسعون في هذه الأثناء إلى عقد اتّفاقيّة مع أكاديمية الفنون في مصر من أجل توريد الكتب الدراسيّة، إضافة إلى التعاقد مع بعض الأكاديميّين المصريّين لإعطاء محاضرات في ذلك التخصّص عبر الـ"فيديو كونفرانس" أو برنامج "سكايب".

من جانبه، توقّع محمّد البيومي الحاصل على درجة الدكتوراه في السينما من أكاديمية الفنون في مصر وأحد القائمين على التخصّص، أن يشهد البرنامج إقبالاً كبيراً من قبل المهتمّين بدراسة السينما، لافتاً إلى أنّهم يولون الجانب العمليّ قدراً يوازي الجانب النظريّ خلال الدراسة كي يضمنوا أن يتخرّج الطلّاب ولديهم الخبرة الجيّدة للانخراط في سوق العمل.

وبيّن في حديثه إلى "المونيتور" أنّ أهمّ المجالات التي سيتمّ التركيز عليها خلال الدارسة تتمحور حول "التمثيل، كتابة السيناريو، الإخراج السينمائيّ، التصوير السينمائيّ"، متوقّعاً أن يتمكّن الطلبة بعد دراستهم (سنتان، يبدأ بداية 2017 وينتهي نهاية 2018) وانخراطهم في سوق العمل أن يشاركوا بأعمالهم في المهرجانات السينمائيّة الكبيرة في غزّة وخارجها.

وأشار البيومي إلى أنّهم وضعوا شروطاً عدّة لاختيار من سيقومون بتدريس ذلك التخصّص، تتضمّن امتلاك الشخص الشهادة الجامعيّة الأولى في السينما، إضافة إلى امتلاكه خبرة في هذا المجال، ناهيك عن امتلاكه عدداً لا بأس به من الجوائز الشخصيّة على أعمال سينمائيّة قام بصناعتها.

رأى المخرج الفلسطينيّ عبد الله الغول في حديثه إلى "المونيتور" أنّ مثل هكذا تخصّص يشكّل فرصة مغرية للكثير من المخرجين والممثّلين والمصوّرين في غزّة، على الرغم من امتلاكهم الخبرة الجيّدة في مجال السينما، إلّا أنّهم يطمحون إلى الحصول على شهادة علميّة في هذا المجال.

ولفت إلى أنّ بيئة غزّة مليئة بالكثير من الأحداث والقصص الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي يمكن أن تخرج إلى العالم على شكل أفلام قصيرة أو حتّى مسلسلات، متمنّياً أن تساهم مثل هكذا خطوات في عودة الاهتمام بالسينما الفلسطينيّة التي انطلقت في ثلاثينيّات القرن الماضي.

واحتضنت غزّة عشرة دور للعرض السينمائيّ، أوّلها أقيم في عام 1944، وأطلق عليه اسم "سينما السامر"، وسط مدينة غزّة، إلّا أنّها أصبحت جميعها خارج الخدمة جرّاء هدمها أو إغلاقها في شكل تامّ، أو تحويل بعضها إلى منشآت عامّة، وكانت تعرض أفلاماً عربيّة وغربيّة يتمّ جلبها من الخارج.

وفي السياق ذاته، أكّدت مديرة دائرة السينما في وزارة الثقافة الفلسطينيّة لينا بخاري لـ"المونيتور" أنّ وزارتها تدعم مثل هكذا مبادرات بهدف الارتقاء بواقع السينما الفلسطينيّة، مشدّدة على أنّ وضع السينما في غزّة متقدّم في شكل كبير عنه في الضفّة الغربيّة.

وشدّدت على أنّ تظافر الجهود بين جامعة غزّة التي ستطلق البرنامج بالتعاون مع وزارة الثقافة، وغيرها من المؤسّسات، يمكن أن يؤدّي إلى صناعة بنية تحتيّة جيّدة لإطلاق ذلك التخصّص، وتحديداً في مجال تجهيز ميدان العمل وتوفير المعدّات والمراجع الأكاديميّة.

أرجعت المصوّرة آلاء سليمان، وهي ممّن ينتظرون فتح باب الالتحاق بتخصّص صناعة السينما، في حديثها إلى "المونيتور" رغبتها في الالتحاق بذلك التخصّص، إلى لتحقيق طموحها بأن تكون مخرجة سينمائيّة في المستقبل، مشيرة إلى أنّها تعمل الآن مصوّرة تلفزيونيّة في فضائية الأقصى، جرّاء اقتصار التخصّصات العمليّة في الجامعات على تخصّصات الإعلام المرئيّ والمقروء والمسموع.

وتوقّعت سليمان أن تجد صعوبات في البداية من قبل المجتمع لاقتحامها مجالاً هو حكر على الرجال فقط، وهو ما حدث معها عندما بدأت العمل في مجال التصوير التلفزيونيّ قبل 3 سنوات من الآن في عام 2013، إلّا أنّها واصلت الاستمرار بالعمل غير آبهة بتلك الأصوات.

أمّا الطالب الفلسطينيّ نهاد أبو صلاح فأكّد لـ"المونيتور" أنّه قرّر وقف إجراءات الانتساب إلى كليّة الفنون الجميلة في جامعة الأقصى في غزة في قسم الديكور، وانتظار إطلاق تخصّص صناعة السينما في جامعة غزّة والذي من المقرّر أن يفتح باب الانتساب إليه في بداية العام المقبل.

وبيّن أنّ هوايته تنصبّ على جانب التمثيل، خصوصاً وأنّه شارك في العديد من التجارب الناجحة، منذ أن كان طالباً في المدرسة، ويسعى الآن إلى تطوير مهارته تلك من خلال الدراسة العلميّة، واكتساب المزيد من الخبرة عبر ذلك التخصّص الجامعيّ.

يبقى موعد إطلاق ذلك التخصّص الجامعيّ، الاختبار الحقيقيّ الذي يمكن من خلاله قياس مدى نجاح القائمين عليه في استقطاب الراغبين بدارسته، إضافة إلى معرفة مدى قدرتهم على تخطّي العقبات التي أمامهم في توفير كادر تدريسيّ ومقرّرات دراسيّة تفتقدها غزّة.



الجمعة، 21 أكتوبر 2016


هل تعود حكومة "هنيّة" إلى مزاولة عملها مجدّداً في غزّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة — أثارت التوصية، التي أقرّتها اللّجنة القانونيّة في المجلس التشريعيّ بـ13 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، والتي تقضي بدراسة الطلب المقدّم من قبل بعض نوّاب حركة "حماس" في المجلس لعودة الحكومة الفلسطينيّة الـ11 (حكومة هنيّة)، التي قدّمت استقالتها في 2 حزيران/يونيو من عام 2014، لتشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة رامي الحمد الله عقب إتّفاق الشاطئ إلى مزاولة عملها في غزّة مجدّداً، حالاً من ردود الفعل المتباينة على الساحة الفلسطينيّة.

وبرّر النوّاب رفع الدراسة تلك في 13 أكتوبر الجاري باتّهامهم حكومة التّوافق بالفشل في تنفيذ المهام المطلوبة منها، منذ تشكيلها في حزيران/يونيو من عام 2014، والتي كان أهمّها دمج المؤسّسات الحكوميّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والإعداد للإنتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة والمحليّة والمجلس الوطنيّ، هذا إضافة إلى إلغائها في 4 أكتوبر الجاري الإنتخابات المحليّة التي كان من المقرّر أن تجري في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، مستندين في دعوتهم تلك إلى أنّ حكومة هنيّة يمكنها العودة للعمل وتكون مسيّرة للأعمال جرّاء عدم عرض حكومة التّوافق نفسها أمام المجلس التشريعيّ لتنال الثقة على برنامجها، كما ينصّ القانون الأساسي الفلسطينيّ في مادّته رقم 66.

وتبع تلك التوصية اتّهام حركة "حماس" في بيان رسمي بـ16 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، حكومة التّوافق بـ"الإنقلاب على التّوافق الداخليّ بين حماس وفصائل منظمة التحرير في شأن تشكيلة حكومة التوافق التي شكلت في يونيو 2014، واستبدال عدد من الوزراء بقيادات من حركة فتح، ممّا حوّلها إلى حكومة فتحاويّة، فيما يتصرّف رئيسها رامي الحمد الله كمسؤول في حركة فتح".

من جهتها، ردّت الحكومة في ختام جلستها الأسبوعيّة بـ18 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري على بيان "حماس"، واتّهمت الحكومة الحركة بوضع العراقيل أمام أداء عملها في غزّة، بعد رفضها تسليم الوزارات والدوائر الحكوميّة والمعابر وعدم السماح بعودة الموظّفين (موظّفي غزّة المستنكفين) إلى أماكن عملهم، وقالت الحكومة في بيانها: "من حقّ المواطن كذلك أن يعلم أنّ حركة حماس تقف عائقاً وتضع العراقيل أمام كثير من الإنجازات التي كان يمكن تحقيقها إرضاءً لمصالحها الذاتيّة، وما قامت به أخيراً من عمليّات تدوير في الوزارات والدوائر الحكوميّة يؤكّد أنّها حكومة الأمر الواقع غير آبهة بمعاناة شعبنا".

ورفضت حركة "فتح" أيضاً تلك التوصية، واعتبر الناطق باسمها في غزّة فايز أبو عيطة في تصريح صحافي بـ13 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري تلك الخطوة أنّها مخالفة للقانون وتكرّس الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينيّة، ناهيك عن أنّها تعدّ دعوة إلى انفصال حماس بغزة عن الضفة.

وأوضح أنّ تلك الدعوة تعتبر عملاً لا يحظى بأيّ شرعيّة، لا سيّما في ظلّ وجود حكومة الوفاق الوطنيّ التي تمّ التّوافق عليها بين حركتي "فتح" و"حماس" وفصائل فلسطينيّة شاركت في التّوقيع على إتّفاق الشاطئ، مجدّداً تمسّك حركته بالحكومة باعتبارها الحكومة الشرعيّة التي تمثّل الكلّ الفلسطينيّ، وداعياً حركة "حماس" إلى السماح للحكومة بالعمل في غزّة للقيام بمهامها للتخفيف من معاناة أهالي سكّان قطاع غزّة.

من جهته، أكّد عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس ورئيس اللّجنة الأمنيّة في المجلس وأحد مقدّمي الدراسة إسماعيل الأشقر لـ"المونيتور" أنّ الهدف من تلك الدراسة المقدّمة إلى المجلس التشريعيّ جاء للبحث عن بدائل، في ظلّ تنصّل حكومة التّوافق الفلسطينيّة من المهام التي أوكلت إليها.

وأوضح أنّ فشل الحكومة بتنفيذ تلك المهام تعدّاه لتكون حكومة حزبيّة ناطقة باسم حركة "فتح" وتأتمر بأوامرها، هذا إضافة إلى أنّها لم تعرض على المجلس التشريعيّ لتنال الثقة، كما ينصّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ، ممّا يعني أنّها حكومة غير شرعيّة.
وبيّن أنّ الحكومة الفلسطينيّة الـ11 (حكومة هنيّة) هي الوحيدة التي نالت ثقة المجلس التشريعيّ منذ الإنتخابات التشريعيّة الأخيرة في عام 2006، مشيراً إلى أنّ الدراسة ستتمّ مناقشتها خلال الفترة القليلة المقبلة من قبل المجلس التشريعيّ واللّجان المختصّة به.

وبدورها، رحّبت حركة "الأحرار" الفلسطينيّة بتلك التوصية، وقال المتحدّث باسمها ياسر خلف لـ"المونيتور": "دراسة عودة حكومة هنيّة إلى العمل مجدّداً قرار صائب، في ظلّ فشل حكومة التّوافق التي تأتمر بأوامر رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس في المهام التي كلّفت بها، وتهميشها قطاع غزّة".

وخيّر ياسر خلف حكومة التّوافق بين القيام بمهامها الموكلة إليها في شكل كامل أو أن ترحل، داعياً في الوقت ذاته إلى انتظار الخطوات المقبلة التي سيتّخذها المجلس التشريعيّ بناء على الدراسة المقدّمة إليه.

وكذلك، قال الأمين العام للمجلس التشريعيّ والخبير القانونيّ نافذ المدهون: "إنّ الحكومة الـ11 (حكومة هنيّة)، رغم تقديم استقالتها بعد إتّفاق الشاطئ من أجل تشكيل حكومة التّوافق الحاليّة، فإنّها لا تزال الحكومة الشرعيّة والموكّلة بتسيير الأعمال الحكوميّة من جرّاء عدم نيل حكومة التّوافق الثقة من المجلس التشريعيّ، كما ينصّ القانون الأساسيّ".

أضاف لـ"المونيتور": "حكومة التّوافق تتصرّف بفئويّة بعيداً عن التّوافق الوطنيّ، هذا إضافة إلى أنّ لا رقيب عليها لا من المجلس التشريعيّ ولا من أيّ من المؤسّسات الفلسطينيّة الأخرى".

وشدّد على أنّ الدراسة سيتمّ بحثها من كلّ الجوانب القانونيّة والسياسيّة والإجتماعيّة قبل التصويت عليها، وحتى اللحظة لم يحدث جديد فلم يلتم المجلس التشريعي بعد إقرار تلك التوصية.

أمّا المحلّل السياسيّ مصطفى الصوّاف فرأى أنّ الدراسة جاءت كرسالة إلى رئيس السلطة محمود عبّاس مفادها إمّا أن تأمر الحكومة بأن تكون للكلّ الفلسطينيّ أو من حقّ أهل غزّة أن يجدوا من يدير شؤونهم بعد أن تخلّت حكومة التّوافق عنهم، وقال لـ"المونيتور": إنّ الخيارات أمام حركة "حماس" مفتوحة، بما فيها تشكيل قيادة من كلّ الفصائل الفلسطينيّة لإدارة قطاع غزّة، أو أن ترضى (حماس) بالأمر الواقع وتنتظر حتّى تتّضح الرؤية في المستقبل أمامها. وبعدها، يمكن اللجوء إلى خيارات أخرى في إدارة قطاع غزّة.

الشارع الفلسطينيّ، الذي ملًّ من تبدّل الحكومات من دون أن يلمس تغيّراً في الواقعين الإقتصاديّ والسياسيّ المتردّيين في قطاع غزّة، لا يولي كثيراً تلك الخطوات أهميّة، ويصرّ على دعوة طرفيّ الانقسام إلى عقد مصالحة بينهما كي لا يبقى المواطن هو الضحيّة.



الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016


"المحكمة الإنتخابيّة المختصّة" عقبة جديدة في طريق الإنتخابات المحليّة المقبلة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: فتح قرار محكمة العدل العليا الفلسطينيّة في 3 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، وقف إجراء الانتخابات المحليّة في قطاع غزّة واستكمالها في الضفّة الغربيّة لعدم شرعيّة المحاكم في غزّة، وما تبعها من قرار حكوميّ في 4 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري بوقف كامل للإنتخابات في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة لـ4 أشهر، باب الاجتهاد للبحث عن مقترح يمكن بموجبه تجاوز محاكم البداية في المحافظات، والمختصّة بالنظر في الطعون المقدّمة على المرشّحين، كما ينصّ قانون الانتخابات المحليّة لعام 2005 في مادّته رقم 13.

وشكّلت محاكم البداية في المحافظات نقطة الخلاف الأبرز في الدفع لإلغاء العمليّة الإنتخابيّة، التي كانت ستجري في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي. ففي قطاع غزّة، أسقطت محاكم البداية في 8 أيلول/سبتمبر الماضي 5 قوائم إنتخابيّة لحركة "فتح"، وهو ما أثار غضب الأخيرة، وأعلنت أنّها ترفض الاعتراف بشرعيّة تلك المحاكم التي يشغل المناصب فيها قضاة عيّنتهم حركة "حماس"، رغم توقيع حركة "فتح" على ميثاق الشرف الذي وقّع بين الفصائل الفلسطينيّة كافّة قبل البدء بالعمليّة الإنتخابيّة، والذي جاء في بنده الثاني والعشرين ضرورة "الالتزام بقرارات المحاكم الفلسطينيّة (محاكم المحافظات أو ما يعرف بمحاكم البداية) في ما يخصّ العمليّة الإنتخابيّة".

وكشف وكيل وزارة الحكم المحليّ محمّد جبارين لـ"المونيتور" عن أنّ وزارته قدّمت مقترحاً إلى الحكومة في 4 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي يقضي بتشكيل محكمة مختصّة بالنظر في الطعون المقدّمة خلال مراحل العمليّة الإنتخابيّة المحليّة، أسوة بالمحكمة المؤقتة التي يتم تشكيلها وفق قانون الإنتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة مع الدعوة إلى إجرائها.

وأوضح أنّ المقترح الذي رفعته وزارته إلى الحكومة تضمّن أيضاً بنداً ينصّ على إجراء تعديل على قانون الإنتخابات المحليّة رقم 10 لعام 2005، وتحديداً في قضيّة الجهة المختصّة بالنظر في الطعون الإنتخابيّة، وجعل الجهة المختصّة هي محكمة الإنتخابات الخاصّة التي ستتّخذ دور محاكم البداية في المحافظات بملف الانتخابات.

وتوقّع محمّد جبارين أن يصدر قرار حكوميّ بتشكيل محكمة خاصّة للإنتخابات المحليّة خلال جلسة الحكومة المقبلة الثلاثاء في 11 تشرين الأوّل/أكتوبر، مشيراً إلى أنّه بمجرّد الإنتهاء من تعديل القانون وتشكيل المحكمة يمكن تحديد موعد لإجراء الانتخابات المحليّة في الأراضي الفلسطينيّة كافّة.

من جهته، قال المدير التنفيذيّ للجنة الإنتخابات المركزيّة الفلسطينيّة هشام كحيل لـ"المونيتور": "إنّ قانون الإنتخابات المحليّة رقم 10 لعام 2005، ينصّ على أنّ محاكم البداية في المحافظات هي المختصّة بالنظر في الطعون الإنتخابيّة، وأيّ تعديلات يمكن أن تتمّ على قانون الانتخابات لا علاقة لنا بها، فنحن جهة منفّذة للقانون، وليست مشرّعة".

ونفى هشام كحيل أن يكون للجنة الإنتخابات أيّ علاقة بمقترح تشكيل المحكمة الإنتخابيّة الخاصّة، مشيراً إلى أنّه في حال تشكيلها تكون بمرسوم رئاسيّ من الرئيس محمود عبّاس، ويتمّ حلّها بعد انتهاء العمليّة الإنتخابيّة.

ومن جهتها، أكّدت حركة "فتح" أنّها تدرس بجديّة مقترح تشكيل محكمة إنتخابيّة خاصّة للإنتخابات المحليّة لرؤية الحركة أنّ تلك المحكمة ستكون حلاًّ للمشكلة التي أدّت إلى تأجيل الإنتخابات المحليّة الأخيرة، وهي عدم شرعيّة محاكم غزّة التي تسيطر عليها حركة "حماس"، والتي لا تعترف بها حركة "فتح"، كما أشار أمين سرّ المجلس الثوريّ لحركة "فتح" أمين مقبول، الذي قال لـ"المونيتور" أيضاً: إنّ الحكومة ووزارة الحكم المحليّ تجريان مشاورات مع الفصائل والمؤسّسات الفلسطينيّة لتعديل القانون وتشكيل تلك المحكمة.

وأمل في أن يتمّ التوصّل إلى إتّفاق بين الأطراف الفلسطينيّة حول المحكمة ليتمّ بعدها تحديد موعد الانتخابات المحليّة.

أمّا حركة "حماس" فرفضت تشكيل تلك المحكمة، وقال عضو المجلس التشريعيّ والقياديّ فيها يحيى موسى لـ"المونيتور": "إنّ كلّ الخطوات التي يقوم بها الرئيس عبّاس والحكومة هي تشويه لقانون الانتخابات الفلسطينيّ لصالح حركة فتح بهدف السيطرة على السلطة بأيّ طريقة كانت".

أضاف: "إنّ أيّ تعديل لأيّ قانون فلسطينيّ، فإنّ المجلس التشريعيّ هو المختصّ بذلك، وليست مؤسّسة الرئاسة أو الحكومة التي ليس لوجودها أيّ مصوّغ قانونيّ (الحكومة) لأنّها لم تتّخذ شرعيّتها من المجلس التشريعيّ، كما ينصّ القانون الأساسي في مادّته 66".

المشكلة الأبرز التي يمكن أن تشكّل تحديّاً لتشكيل تلك المحكمة هي قانون الإنتخابات المحليّة، الذي يحتاج إلى تعديل من قبل المجلس التشريعيّ، والذي لم ينعقد منذ سنوات بشكل موحّد في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة من جرّاء الانقسام الداخليّ، ويتعذّر انعقاده حاليّاً للسبب ذاته.

وأشار الخبير الدوليّ في النظم الإنتخابيّة طالب عوض لـ"المونيتور" إلى أنّ مقترح تشكيل محكمة إنتخابيّة خاصّة للإنتخابات المحليّة على غرار المحكمة الإنتخابيّة المتعلّقة بالإنتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة، طرح من قبل مؤسّسات المجتمع المدنيّ والأحزاب الفلسطينيّة في عام 2012، وذلك في أعقاب اختلاف أحكام محاكم البداية في المحافظات أثناء الإنتخابات المحليّة في عام 2012، التي جرت بالضفّة الغربيّة.

ولفت إلى أنّ تشكيل تلك المحكمة يحتاج إلى تعديل في قانون الإنتخابات المحليّة، وما يحتويه من أحكام ينصّ على أنّ محاكم البداية هي المختصّة بالنظر في الطعون، إضافة إلى المدّة الزمنيّة التي يمنحها القانون للمحاكم للردّ على الطعون، وهي 3 أيّام. وأضاف: "يجب تعديل القانون وتمديد عدد الأيّام لأنّ محكمة واحدة ستنظر في الطعون على مستوى الأراضي الفلسطينيّة كافّة، والتي تضمّ 416 دائرة إنتخابيّة".

من جهته، رأى المختصّ القانونيّ ومدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجيّة - مسارات صلاح عبد العاطي في حديثه مع "المونيتور" أنّ المشكلة في أساسها سياسيّة، وليست قانونيّة قبل الحديث عن تشكيل محكمة خاصّة أو تعديل قانون الانتخابات المحليّة، مطالباً بعدم تسييس القضاء وأحكام القانون من كلّ طرف (حماس وفتح) تجاه الآخر، بل عليهما احترامها، والعمل معاً لضمان سيادة القانون ووحدة السلطة القضائيّة واستقلاليّتها.

واعتبر أنّ تشكيل محكمة خاصّة بالإنتخابات المحليّة مخالف للقانون الذي ينصّ على أنّ محاكم البداية هي المختصّة بالنظر في الطعون الإنتخابيّة، مشيراً إلى أنّ القانون بصفته الحاليّة الذي ينصّ على أنّ محاكم البداية هي المختصّة بالنظر في الطعون أفضل من تشكيل محكمة إنتخابيّة واحدة لـ416 دائرة إنتخابيّة.

ويبدو أنّ تلك المحكمة ستشكّل عقبة جديدة في طريق إجراء الإنتخابات المحليّة المقبلة، في ظلّ رفض حركة "حماس" لتشكيلها، إضافة إلى صعوبة تعديل قانون الانتخابات المحليّة لعدم قدرة المجلس التشريعيّ على الانعقاد منذ عام 2007، من جرّاء الانقسام الفلسطينيّ.



الجمعة، 14 أكتوبر 2016


فلسطين عضو في أكبر تجمّع بيئيّ حول العالم
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – شكل فوز فلسطين بعضوية الإتّحاد العالميّ للحفاظ على الطبيعة ومواردها (IUCN)، والذي يعدّ أكبر تجمّع بيئيّ حول العالم إنجازاً سعى له الفلسطينيون طويلاً، لا سيما في ظل التحديات التي تعاني منها المناطق الطبيعية الفلسطينية جراء الممارسات الإسرائيلية والمتمثلة في السيطرة على تلك المناطق وحرمان الفلسطينيين من رعايتها والاستفادة منها.

وجاء فوز فلسطين بالعضوية خلال إجتماعات المؤتمر الدوليّ لحماية الطبيعة IUCN World Conservation Congress، الذي عقد في ولاية هاواي الأميركيّة بين 30 آب/أغسطس – 10 أيلول/سبتمبر الماضي، بمشاركة ألف مندوب من ممثلي الحكومات والمؤسّسات حول العالم، وقرابة 10 آلاف مشارك ناقشوا السياسات الاستراتيجيّة للإتّحاد بين 2017-2020.

وتعدّ مشاركة فلسطين للمرّة الأولى كعضو في إجتماعات ذلك الإتّحاد، الذي تأسّس في 5 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 1948، ويضمّ في عضويّته 1066 منظّمة غير حكوميّة و217 منظّمة حكوميّة من كلّ أنحاء العالم.

إنّ الانضمام ذلك لم يكن ليتمّ لولا اعتراف الأمم المتّحدة بفلسطين كدولة غير عضو فيها، وذلك خلال إجتماعها الـ67 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2012، وانضمامها قبل ذلك إلى اليونسكو التابعة للأمم المتّحدة في 31 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2011، كما قال مدير جمعيّة الحياة البريّة في الضفّة الغربيّة عماد الأطرش لـ"المونيتور".

وأوضح عماد الأطرش أنّ تلك العضويّة ستحقّق مكاسب كبيرة لدولة فلسطين، أهمّها تأهيل الخبراء الفلسطينيّين ليكونوا في الإتّحادات المختصّة بحماية الطبيعة على مستوى العالم، هذا إضافة إلى استطاعتهم ملاحقة إسرائيل على ممارساتها التي أدّت إلى تدمير البيئة، وتحديداً في الضفّة الغربيّة، من خلال بناء المستوطنات وتحويل بعض المحميّات الطبيعيّة إلى مناطق عسكريّة مغلقة أو هدم بعضها لبناء الجدار الإسرائيليّ الفاصل في الضفّة الغربيّة.

وأظهر آخر تقرير صادر عن الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ في كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2014، أنّ الضفّة الغربيّة تحتوي على 47 محميّة طبيعيّة، فيما يحتوي قطاع غزّة على محميّة واحدة فقط، وحدّد بعضها في فترة الانتداب البريطانيّ، وبعضها الآخر خلال فترة الإدارة الأردنيّة للضفّة الغربيّة، وآخرها حدّد خلال فترة احتلال إسرائيل للضفّة، وواحدة أعلنتها سلطة جودة البيئة الفلسطينيّة على أنّها محميّة طبيعيّة في قطاع غزّة، وبلغ مجموع مساحة تلك المحميّات في الضفة الغربية وقطاع غزة 514 كلم2، في حين بلغت الغابات والأحراش 101 كلم2.

من جهته، قال المدير التنفيذيّ لمجموعة الهيدرولوجيّين الفلسطينيّين والفائز بالمنصب ممثلاً عن فلسطين أيمن الرابي لـ"المونيتور": "هدفنا من الانضمام إلى ذلك الإتّحاد هو تعريف العالم بالتحديات والمخاطر التي تواجه الطبيعة في فلسطين، ومساعدتنا من أجل حمايتها، لا سيّما أنّنا تحت الإحتلال الإسرائيليّ".

أضاف: "الإتّحاد خلال مؤتمره الدوليّ الذي يعقد كلّ 4 سنوات يقرّ السياسات والخطط الاستراتيجيّة للأعوام الـ4 المقبلة، وهو ما سيمكّن فلسطين من الاستفادة من الخطط المقبلة للأعوام الممتدّة من 2017-2020، وأهمّها التنوّع الحيويّ والتغيّر المناخيّ والحفاظ على المياه، وصون الطبيعة تحت الإحتلال، وهو مصطلح طلب ممثلو غرب آسيا إضافته إلى الخطط للأعوام المقبلة، وهو ما لاقى قبولاً من الأعضاء المشاركين في الإتّحاد".

وأشار إلى أن منطقة غرب آسيا الممثلة في (IUCN) تضم في عضويتها 71 منظمة، رشح منها 6 أشخاص للتنافس على 3 مقاعد هي حصة منطقة غرب آسيا كتمثيل استشاري في المنظمة، والتي بها 28 ممثلاً اقليمياً حول العالم، وتمكن هو واثنان آخران أحدهما من الأردن والآخر من الامارات من الحصول على أعلى الأصوات، والفوز بذلك المنصب (ممثل استشاري اقليمي).

وعمل معهد الأبحاث التطبيقيّة الفلسطينيّ (أريج) على تشكيل لجنة وطنيّة فلسطينيّة داخل (IUCN) نهاية أغسطس الماضي تضمّ 7 جمعيّات فلسطينيّة تعمل في مجال الحفاظ على الطبيعة بهدف تشكيل زخم وتأثير عند طرح المقترحات الفلسطينية في الاتحاد، وقالت مديرة دائرة التنوّع الحيويّ والأمن الغذائيّ في المعهد روبينا غطّاس لـ"المونيتور": "إنّ 5 جمعيّات فلسطينيّة من أصل 7 شاركت في المؤتمر الدوليّ، الذي عقد نهاية آب/أغسطس الماضي، وشهد فوز فلسطين بعضويّة الإتّحاد في منطقة غرب آسيا".

وأشارت إلى أنّ معهدها عمل، بالتّعاون مع الجمعيّة العربيّة لحماية الطبيعة في الأردن، على إدخال منطقة غرب آسيا كمنطقة متأثّرة بالصراعات السياسيّة والإحتلال في برنامج الإتّحاد للفترة المقبلة، لافتة إلى أنّ الهدف الأساس من ذلك المؤتمر هو تبادل الخبرات والتعارف ما بين الأعضاء، وعرض أهمّ الوسائل والأدوات التي يستخدمها الإتّحاد في فهم حال التنوّع الحيويّ على مستوى العالم، وطرح الخطّة التي سيتمّ العمل عليها خلال السنوات الـ4 المقبلة كي يقوم المشاركون بالاستفادة منها وتطبيقها في بلدانهم.

واعتبرت روبينا غطّاس أنّ وجود فلسطين في الإتّحاد له أهميّة كبرى للطبيعة في فلسطين من خلال وضع المخاطر التي تواجه الطبيعة والبيئة في فلسطين ضمن برنامج (IUCN) للأعوام المقبلة، من أجل العمل عليها ودعمها من قبل الإتّحاد، كونها منطقة تقع تحت الحروب، مشيرة إلى أنّها والفريق الفلسطينيّ المشارك في المؤتمر قدّما خلال الجلسات العديد من أوراق العمل التي اختصّت في التعريف بالتحدّيات التي تواجه المؤسّسات الفلسطينيّة في تنفيذ المعايير الدوليّة في حماية الطبيعة، وتحديداً ممارسات إسرائيل في عدم السماح للجمعيات الفلسطينية برعاية الأماكن الطبيعية في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى طرح قضيّة التحديات التي تواجه الجمعيّات الفلسطينيّة للحصول على المنح الدوليّة المتعلّقة بدعم مشاريع حماية الطبيعة.

ومن جهته، رأى مدير المركز الفلسطينيّ لتطوير الثروة الحيوانيّة (نعم) مرعي شواهنة في حديثه لـ"المونيتور" أنّ المواطنين الذين يسكنون في المناطق المهمّشة، وتحديداً المناطق المعرّفة في إتفاقيّة أوسلو بمناطق C، هم من سيشعرون بالفائدة الأكبر من حصول فلسطين على عضويّة في الإتّحاد، كونها ستعمل على نقل قضيّتهم (انتهاك إسرائيل لمناطقهم الطبيعية وحرمانهم من رعايتها) إلى العالم.

وبيّن أنّ 99 بالمائة من المناطق الفلسطينيّة في مناطق C والمصنّفة على أنّها محميّات طبيعيّة هي مناطق عسكريّة مغلقة أو تمّت مصادرتها من قبل إسرائيل التي تمنع رعايتها أو تطويرها، وتحديداً في منطقة الأغوار وشمال الضفّة الغربيّة، ناهيك عن وصول التحديات إلى اضطرار الفلسطينيّين لاستيراد الأعلاف للقطاع الحيوانيّ من إسرائيل من جرّاء إغلاق تلك المحميّات والمراعي أمام المزارعين ومربّي المواشي.

الفلسطينيّون الذين ينظرون إلى ذلك الانضمام بأنّه خطوة مهمّة على صعيد حماية البيئة الطبيعيّة في الأراضي الفلسطينيّة يأملون في أن ينجح الإتّحاد العالميّ لحماية الطبيعة، بالتّعاون مع الدول الأعضاء، في الحدّ من الممارسات الإسرائيليّة ضدّ البيئة الطبيعيّة في الأراضي الفلسطينيّة.



الاثنين، 10 أكتوبر 2016


أحمد يوسف لـ"المونيتور": أمثّل نفسي في تصريحاتي ولا أتحدّث باسم حماس
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أصدرت حركة حماس بياناً صحافيّاً في 17 أيلول/سبتمبر الماضي استهجنت فيه استمرار بعض وسائل الإعلام في نسب مواقف المستشار السياسيّ السابق لرئيس الوزراء أحمد يوسف إلى الحركة، وأكّدت أنّه يعبّر عن نفسه وآرائه الشخصيّة، ولا يمثّل في مواقفه حماس من قريب أو بعيد.

جاء بيان حماس الرسميّ والأوّل من نوعه في حقّ عضو قياديّ فيها، في أعقاب مقال وتصريحات صحافيّة ليوسف تحدّث فيها عن الانتخابات الداخليّة لحركة حماس وموعدها، إضافة إلى كشفه عن انتهاء حركة حماس من إعداد وثيقة سياسيّة جديدة تتضمّن مواقف الحركة من مجمل الجوانب المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة، والصراع مع إسرائيل، والعلاقة مع الدول العربيّة والإسلاميّة والأجنبيّة.

أحمد يوسف من مواليد 27 كانون الأوّل/ديسمبر 1950، متزوّج وله 8 أبناء (3 ذكور و5 إناث) يسكن في مدينة رفح في جنوب قطاع غزّة. زار أكثر من 30 دولة عربيّة وإسلاميّة وغربيّة، وهو حاصل على درجة الماجستير في الهندسة الصناعيّة من جامعة كولورادو الأميركية عام 1984، وماجستير آخر في الإعلام من جامعة كولومبيا الأميركية عام 1987، ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسيّة من جامعة كولومبيا الأميركية عام 2004.

يرأس حاليّاً مجلس أمناء مؤسّسة بيت الحكمة في غزّة وهو أستاذ جامعيّ، عمل عام 2006، مستشاراً سياسيّاً لرئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينيّة العاشرة والحادية عشرة بين عامي 2006 و2008، ووكيلاً لوزارة الخارجيّة في عام 2009. له أكثر من 30 كتاباً في القضيّة الفلسطينيّة والصراع العربيّ الإسرائيليّ، إضافة إلى قضايا الإسلام والغرب وشؤون الحركة الإسلاميّة، وهو عضو في العديد من الاتّحادات والروابط الفكريّة والسياسيّة حول العالم، أهمها مجموعة أكسفورد للدراسات الاستراتيجية (ORG)، اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز (ADC)، رابطة دراسات الشرق الأوسط (MESA).

وأكد يوسف في الحوار الذي أجراه معه "المونيتور" أنه يتحدث في الإعلام بصفحته الشخصية وليس كناطق باسم حركة حماس، مشيراً إلى أن الأصوات داخل حركة حماس المطالبة بإجراء مراجعات سياسية وفكرية داخلية تزداد، ولا أدل على ذلك من حديث رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس خالد مشعل في مؤتمر علميّ في الدوحة في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وقوله: "لقد أخطأنا في العلاقة مع حركة فتح".

المونيتور:  ما هي صفتك التنظيميّة في حماس؟ وهل تتحدّث نيابة عنها؟
يوسف:  صفتي التنظيميّة في حماس هي عضو قياديّ. أتحدّث في الإعلام باسمي الشخصيّ، فأنا رجل صاحب فكر ولديّ أكثر من 30 كتاباً، والجميع يعرفني مثقّفاً حمساويّاً، صاحب اطّلاع ومعرفة داخل الحركة، ولكنّني أتحدّث كباحث ومفكّر وسياسيّ سابق، فأنا لست ناطقاً باسم الحركة التي لها موقع إلكترونيّ رسميّ خاصّ بها وناطقان رسميّان.

المونيتور:  لماذا طالبت حركة حماس الإعلام عدم التعامل معك كقياديّ فيها أو ناطق باسمها؟ ماذا حدث؟
يوسف:  بيان الحركة جاء كرسالة إلى وسائل الإعلام تقول فيها إنّ الدكتور أحمد يوسف ليس ناطقاً رسميّاً باسم الحركة وإنّما يتحدّث بلسان حاله وشخصه، وإن كان شخصاً قياديّاً، وهذا ما أكّدته أكثر من مرّة في الإعلام. عندي رأي وفكر ربّما أتّفق فيه مع الحركة أو أختلف، إلّا أنّ ذلك يعكس حجم الانفتاح داخل حماس، فهناك تيّار معتدل وآخر متشدّد داخلها.

والحادثة الأبرز التي دفعت بالحركة إلى إصدار ذلك البيان الرسميّ هي إجرائي مقابلات صحافيّة عدّة تحدّثت فيها عن الانتخابات الداخليّة المقبلة لحماس، وانتهاء الحركة من إعداد وثيقة سياسيّة تعكس تطوّراً في فكر الحركة وعلاقاتها الداخليّة والخارجيّة، ربّما ستظهر مستقبلاً.

المونيتور:  هل في اعتقادك أنّ حركة حماس تسعى إلى إقصائك من المشهد السياسيّ؟
يوسف:  لا أعتقد ذلك. حماس تعرف أنّني رجل من الجيل المؤسّس في هذه الحركة، وعمري التنظيميّ تجاوز الـ45 عاماً، وأجد بما أحمل من فكر، حالة من القبول في قواعد الحركة، وبعض مستوياتها القياديّة المتوسّطة. حماس أرادت لفت انتباه الإعلام كي لا يتمّ الخلط بين ما أتحدّث به كمفكّر وبين الموقف الرسميّ لحماس.

المونيتور:  في مقال لك أثار ضجّة إعلاميّة كبيرة داخل صفوف حماس، قلت إنّ انتخابات حماس الداخليّة في عام 2008، شهدت تجاوزات قانونيّة. ما هي هذه التجاوزات؟ وهل طالبت بالتحقيق فيها؟
يوسف:  لا أريد أن أدخل في التفاصيل. أصبحنا الآن نعيش فترة نضوج الحركة في شكل كبير، والمفترض أنّ يكون هناك طرح لرؤى وبرامج وأفكار لكلّ الشخصيّات القياديّة والمعروفة داخل حماس، والتي يجب أن تطرحها تلك الشخصيّات حال فوزها في الانتخابات، وتعمل على تطبيقها خلال فترة وجودها في سلمّ قيادة الحركة في المرحلة المقبلة، كي يتمّ محاسبتها عليها مستقبلاً. فلا يصح أن يتمّ انتخاب شخص ما على أقدميّته في التنظيم، بل يجب أن يكون هناك تنافس بين الجميع في تقلّد المناصب داخل الحركة.

المونيتور:  تعدّ من الأصوات القلائل في حماس التي تنادي بمراجعات سياسيّة وإيجاد برنامج سياسيّ جديد للحركة واضح الرؤية والأهداف، ويراعي التغيّرات الحاصلة في العالم. ما هو مضمون ذلك البرنامج؟
يوسف:  الأصوات التي تنادي بإجراء تلك المراجعات تزيد في شكل كبير ولست وحدي من ينادي بها، وتحديداً بعد ما تحدّث به رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس خالد مشعل في مؤتمر علميّ في الدوحة في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وقوله: "لقد أخطأنا في العلاقة مع حركة فتح". وهذه جرأة غير معهودة في خطابات قيادات الحركة، وأعتقد أنّ تلك التصريحات لمشعل لها ما بعدها من مراجعات ستحدث داخل الحركة، فالمزاج العامّ في المنطقة العربيّة والمتعلّق بحركات الإسلام السياسيّ هو أنّ الكلّ يجري مراجعات لا سيّما بعد الربيع العربيّ، للتعامل والتعايش مع الأنظمة السياسيّة في البلدان العربيّة الحاكمة في ظلّ الهوامش التي تسمح للإسلاميّين بالمشاركة في السلطة.

لا تعني المراجعات أن تتخلّى الأحزاب السياسيّة الإسلاميّة عن ثوابتها، بل هي مراجعات من أجل معرفة ما تريده تلك الحركات لتحقيق قفزة إلى الأمام في التعامل مع الأنظمة السياسيّة القائمة حاليّاً، ومن أكثر النماذج وضوحاً للحركات التي أجرت مراجعات، هي حزب العدالة والتنمية في المغرب، وحزب النهضة في تونس، والميل الآن داخل حماس إلى القيام بتلك المراجعات والعمل على الدخول في تحالفات سياسيّة مع الأحزاب الفلسطينيّة الأخرى.

المونيتور:  الكثيرون في حماس (قيادات وأعضاء) ينتقدونك بسبب مواقفك المتصالحة مع حركة فتح (الخصم السياسيّ لحماس)، لماذا تتّخذ تلك المواقف؟
يوسف:  الحركة تنظر إلى نفسها على أنّها تعرّضت إلى مظلوميّة كبير جدّاً من قبل السلطة الفلسطينيّة وحركة فتح أثناء وجودها في المعارضة، وهي (حماس) غير مسؤولة عن الأخطاء التي قامت بها السلطة عقب فوز حماس في الانتخابات التشريعيّة في عام 2006، من قتل لبعض عناصر حماس في غزّة، وعدم تسليمها الحكم بعد ذلك، ودفعها إلى المواجهة المسلّحة.

المونيتور:  غزّة تعاني من أزمات كثيرة أبرزها الجانب الخدماتيّ والاقتصاديّ بفعل الحصار، هل تؤيّد إجراء حوار مع الإسرائيليّين لمحاولة حلّ تلك الأزمات؟
يوسف:  لا أؤيّد الحوار مع الإسرائيليّين، ولم أدع إلى ذلك يوماً، ولسنا في حاجة في حماس إلى مثل هكذا حوارات، فالمؤسّسات الدوليّة العاملة في قطاع غزّة تقوم بالتفاوض والاتّصال بالإسرائيليّين، وتضغط عليهم لفكفكة حصار غزّة والسماح بدخول المساعدات الإنسانيّة. تجربة السلطة الفلسطينيّة في المفاوضات والاتّصالات مع الإسرائيليّين ليست مشجّعة وغير مريحة، بل تفقد أيّ تنظيم شعبيّته وأوراقه التي بين يديه.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...