غزّة
تستعدّ إلى إطلاق التخصّص الجامعيّ الأوّل لدراسة فنّ السينما في الأراضي
الفلسطينيّة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – تستعدّ غزّة إلى إطلاق التخصّص
الجامعيّ الأوّل في الأراضي الفلسطينيّة لدراسة السينما، في بداية كانون
الثاني/يناير المقبل، وذلك في ظلّ تعطّش البيئة الأكاديميّة
والسينمائيّة إلى هكذا تخصّص، جرّاء تعذّر سفر مئات الطلبة الراغبين بدراسته إلى
خارج قطاع غزّة، بسبب إغلاق المعابر مع قطاع غزّة، وتحديداً معبر رفح البريّ.
وعلى الرغم من الصعوبات التي يمكن أن يواجهها إطلاق ذلك
التخصّص، في ظلّ قلة الإمكانات المطلوبة من مقرّرات دراسيّة ومعدّات للعمل، إلّا
أنّ القائمين عليه وهم مجموعة من الأشخاص الذين
يحملون الشهادة الجامعية الأولى من كليات الفنون بالجامعات المصرية يسعون إلى
التغلّب عليها عبر جلب بعضها من الخارج، أو الاستفادة من بعض الأدوات العلميّة
والعمليّة المتواضعة المتوافرة في غزّة بعد حصولهم على الموافقة المبدئية من قبل
وزارة الثقافة بداية شهر أكتوبر الجاري.
قالت الأكاديميّة مي نايف، وهي أحد القائمين على ذلك التخصّص،
لـ"المونيتور"، إنّ "أهمّ الدوافع وراء إعدادهم ذلك التخصّص يعود
إلى افتقار الجامعات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة إلى هكذا تخصّص،
على الرغم من الأعداد الكبيرة من الطلبة الذين يرغبون بدراسة تخصّص السينما".
وأضافت: "غزّة تحديداً فيها أرضيّة خصبة وبيئة حاضنة
لنموّ هكذا تخصّص ونجاحه، والدليل على ذلك ما تنتجه غزّة من أعمال فنيّة ودراميّة كلّ
عام، والتي تبلغ ذروتها في شهر رمضان من مسلسلات وبرامج".
وأوضحت أنّ ممثّلي غزّة ومخرجيها ومصوّريها السينمائيّين
يقومون بأعمالهم من واقع الخبرة وفي شكل ارتجاليّ، وليس ذلك نابعاً من خلفيّة علميّة
يتبعها خبرة في العمل، وهو ما يسعون إليه من خلال إعداد تخصّصهم الجامعيّ الجديد
وتنفيذه، منوّهة بأنّ عشرات المخرجين والمصوّرين السينمائيّين ومتخصّصي الإضاءة
السينمائيّة وكاتبي السيناريو تواصلوا معها، ومع أعضاء الفريق من أجل الاستفسار عن
البرنامج وموعد إطلاقه للالتحاق به.
وكشفت أنّ الكتب الدراسيّة التي ستدرّس خلال المساقات
الدراسيّة، سيتمّ جلبها من مصر جرّاء شحّ مكتبات غزّة من تلك الكتب الدراسيّة،
مشيرة إلى أنّهم يسعون في هذه الأثناء إلى عقد اتّفاقيّة مع أكاديمية الفنون في مصر من أجل توريد الكتب
الدراسيّة، إضافة إلى التعاقد مع بعض الأكاديميّين المصريّين لإعطاء محاضرات في
ذلك التخصّص عبر الـ"فيديو كونفرانس" أو برنامج "سكايب".
من جانبه، توقّع محمّد البيومي الحاصل على درجة الدكتوراه في
السينما من أكاديمية الفنون في مصر وأحد القائمين على التخصّص، أن يشهد البرنامج
إقبالاً كبيراً من قبل المهتمّين بدراسة السينما، لافتاً إلى أنّهم يولون الجانب
العمليّ قدراً يوازي الجانب النظريّ خلال الدراسة كي يضمنوا أن يتخرّج الطلّاب
ولديهم الخبرة الجيّدة للانخراط في سوق العمل.
وبيّن في حديثه إلى "المونيتور" أنّ أهمّ المجالات
التي سيتمّ التركيز عليها خلال الدارسة تتمحور حول "التمثيل، كتابة
السيناريو، الإخراج السينمائيّ، التصوير السينمائيّ"، متوقّعاً أن يتمكّن
الطلبة بعد دراستهم (سنتان، يبدأ بداية 2017 وينتهي نهاية 2018) وانخراطهم في سوق
العمل أن يشاركوا بأعمالهم في المهرجانات السينمائيّة الكبيرة في غزّة وخارجها.
وأشار البيومي إلى أنّهم وضعوا شروطاً عدّة لاختيار من سيقومون
بتدريس ذلك التخصّص، تتضمّن امتلاك الشخص الشهادة الجامعيّة الأولى في السينما،
إضافة إلى امتلاكه خبرة في هذا المجال، ناهيك عن امتلاكه عدداً لا بأس به من
الجوائز الشخصيّة على أعمال سينمائيّة قام بصناعتها.
رأى المخرج الفلسطينيّ عبد الله الغول في حديثه إلى
"المونيتور" أنّ مثل هكذا تخصّص يشكّل فرصة مغرية للكثير من المخرجين
والممثّلين والمصوّرين في غزّة، على الرغم من امتلاكهم الخبرة الجيّدة في مجال
السينما، إلّا أنّهم يطمحون إلى الحصول على شهادة علميّة في هذا المجال.
ولفت إلى أنّ بيئة غزّة مليئة بالكثير من الأحداث والقصص
الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي يمكن أن تخرج إلى العالم على شكل أفلام
قصيرة أو حتّى مسلسلات، متمنّياً أن تساهم مثل هكذا خطوات في عودة الاهتمام
بالسينما الفلسطينيّة التي انطلقت في ثلاثينيّات القرن
الماضي.
واحتضنت غزّة عشرة دور للعرض السينمائيّ،
أوّلها أقيم في عام 1944، وأطلق عليه اسم "سينما السامر"، وسط مدينة
غزّة، إلّا أنّها أصبحت جميعها خارج الخدمة جرّاء هدمها أو إغلاقها في شكل تامّ،
أو تحويل بعضها إلى منشآت عامّة، وكانت تعرض أفلاماً عربيّة وغربيّة يتمّ جلبها من
الخارج.
وفي السياق ذاته، أكّدت مديرة دائرة السينما في وزارة الثقافة
الفلسطينيّة لينا بخاري لـ"المونيتور" أنّ وزارتها تدعم مثل هكذا
مبادرات بهدف الارتقاء بواقع السينما الفلسطينيّة، مشدّدة على أنّ وضع السينما في
غزّة متقدّم في شكل كبير عنه في الضفّة الغربيّة.
وشدّدت على أنّ تظافر الجهود بين جامعة
غزّة التي ستطلق البرنامج بالتعاون مع وزارة الثقافة، وغيرها من
المؤسّسات، يمكن أن يؤدّي إلى صناعة بنية تحتيّة جيّدة لإطلاق ذلك التخصّص،
وتحديداً في مجال تجهيز ميدان العمل وتوفير المعدّات والمراجع الأكاديميّة.
أرجعت المصوّرة آلاء سليمان، وهي ممّن ينتظرون فتح باب الالتحاق
بتخصّص صناعة السينما، في حديثها إلى "المونيتور" رغبتها في الالتحاق
بذلك التخصّص، إلى لتحقيق طموحها بأن تكون مخرجة سينمائيّة في المستقبل، مشيرة إلى
أنّها تعمل الآن مصوّرة تلفزيونيّة في فضائية الأقصى، جرّاء اقتصار
التخصّصات العمليّة في الجامعات على تخصّصات الإعلام المرئيّ والمقروء والمسموع.
وتوقّعت سليمان أن تجد صعوبات في البداية من قبل المجتمع
لاقتحامها مجالاً هو حكر على الرجال فقط، وهو ما حدث معها عندما بدأت العمل في
مجال التصوير التلفزيونيّ قبل 3 سنوات من الآن في عام 2013، إلّا أنّها واصلت
الاستمرار بالعمل غير آبهة بتلك الأصوات.
أمّا الطالب الفلسطينيّ نهاد أبو صلاح فأكّد
لـ"المونيتور" أنّه قرّر وقف إجراءات الانتساب إلى كليّة الفنون الجميلة
في جامعة الأقصى في غزة في قسم الديكور، وانتظار إطلاق تخصّص صناعة السينما في
جامعة غزّة والذي من المقرّر أن يفتح باب الانتساب إليه في بداية العام المقبل.
وبيّن أنّ هوايته تنصبّ على جانب التمثيل، خصوصاً وأنّه شارك
في العديد من التجارب الناجحة، منذ أن كان طالباً في المدرسة، ويسعى الآن إلى
تطوير مهارته تلك من خلال الدراسة العلميّة، واكتساب المزيد من الخبرة عبر ذلك
التخصّص الجامعيّ.
يبقى موعد إطلاق ذلك التخصّص الجامعيّ، الاختبار الحقيقيّ الذي
يمكن من خلاله قياس مدى نجاح القائمين عليه في استقطاب الراغبين بدارسته، إضافة
إلى معرفة مدى قدرتهم على تخطّي العقبات التي أمامهم في توفير كادر تدريسيّ
ومقرّرات دراسيّة تفتقدها غزّة.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/10/gaza-university-film-studies-major-students.html#ixzz6EzZ2e9H1
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/10/gaza-university-film-studies-major-students.html#ixzz6EzZ2e9H1