الجمعة، 30 ديسمبر 2016


الأولى منذ عام 2007... المجلس التشريعيّ يعقد جلسة بمشاركة نوّاب من فتح
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – عقد المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ جلسة طارئة في 21 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري في حضور عدد من نوّاب حركة فتح المحسوبين على التيّار الإصلاحيّ، وذلك للمرّة الأولى منذ أحداث الانقسام الفلسطينيّ يونيو 2007، وتعطّل عمل المجلس، لمناقشة قرار رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس الذي اتّخذه في 9 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري برفع الحصانة عن 5 نوّاب من حركة فتح وفي مقدمتهم النائب محمد دحلان.

وشارك في الجلسة التي عقدت في مقرّ المجلس التشريعيّ في مدينة غزّة 80 نائباً من أصل 132 نائباً هم أعضاء المجلس غالبيّتهم محسوبون على حركة حماس، فيما جاءت مشاركة نوّاب المجلس في الضفّة الغربيّة عبر الهاتف، لتعذّر عقد تلك الجلسة في مقرّ المجلس في مدينة رام الله، والمغلق منذ عام 2007 بقرار من الرئيس عبّاس. أما البقية التي لم تشارك معتقلين في السجون الإسرائيلية والبعض الآخر ينتمون لحركة فتح المعارضين لتيار دحلان.

وأكّد رئيس اللجنة القانونيّة في المجلس محمّد الغول خلال كلمة في الجلسة أنّ قرارات الرئيس عبّاس المتعلّقة برفع الحصانة عن عدد من النوّاب منعدمة، كونها فاقدة للمشروعيّة القانونيّة والدستوريّة، مشيراً إلى أنّ المجلس هو صاحب الولاية على أعضائه.

وينصّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ في مادّته رقم 53 على أنّه "لا يجوز لعضو في المجلس التشريعيّ التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس، ولا تسقط الحصانة بانتهاء العضويّة، وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدّة العضويّة".

واعتبر الغول أنّ كلّ القرارات والإجراءات التي أدّت إلى قرار رفع الحصانة عن النوّاب باطلة، وفي مقدّمتها قرار تشكيل المحكمة الدستورية في 2 أبريل 2016، التي أباحت للرئيس عبّاس رفع الحصانة عن النوّاب، محمّلاً في الوقت ذاته السلطة الفلسطينيّة والرئيس عبّاس المسؤوليّة عن تلك القرارات التي تضرّ بالنظامين السياسيّ والقضائيّ الفلسطينيّ.

من جانبه، رفض النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعيّ حسن خريشة في حديثه إلى "المونتيور"، قرار الرئيس الفلسطينيّ رفع الحصانة عن النوّاب، مطالباً إيّاه بالتراجع عن كلّ القرارات التي اتّخذها في هذا الشأن، وإبعاد المجلس التشريعيّ عن المناكفات السياسيّة.

واعتبر خريشة أنّ القرارات التي خرج بها المجلس في جلسته الطارئة في 21 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري ليست ملزمة للرئيس الفلسطينيّ بقدر ما تعطيه مؤشّراً على أنّ نوّاب المجلس التشريعيّ المنتخبين من قبل المواطنين في الضفّة الغربيّة وغزّة يرفضون قراراته المتعلّقة بتشكيل المحكمة الدستوريّة، وفصل عدد من نوّاب المجلس التشريعيّ.

وطالب خريشة النوّاب بالاستمرار في عقد مثل هذه الجلسات في ظلّ اكتمال النصاب القانونيّ (67 عضواً كحد أدنى) بمشاركة نوّاب حركة فتح، مشدّداً على أنّ المجلس أقرّ في توصياته خلال الجلسة تشكيل لجنة من المجلس لمتابعة آليّات تفعيل الجلسات البرلمانيّة في الأيّام المقبلة.

وفي السياق ذاته، أعرب النائب عن حركة فتح والذي شارك في الجلسة في مدينة غزّة أشرف جمعة، عن أمله في أن يوقف الرئيس عبّاس قراراته التي تمثّل تدخّلاً واعتداء على السلطتين القضائيّة والتشريعيّة، متوقّعاً أن تستمرّ مشاركة نوّاب فتح في الجلسات المقبلة للمجلس. وتوقع جمعة أن تحدث منتصف يناير المقبل من غير تحديد جدول أعمال أو ما سيتم مناقشته خلال الجلسة المقبلة.

وقال جمعة في حديثه إلى "المونيتور": "الرسالة الأولى التي أرسلتها هذه الجلسة إلى الرئيس عبّاس هي أنّ غالبيّة نوّاب الشعب الفلسطينيّ يرفضون قرارته الأخيرة، وفي مقدّمتها رفع الحصانة عن بعض النوّاب، وإلصاق بعض التهم بهم (كالاختلاس وتجارة الأسلحة) تمهيداً لمحاكمتهم".

أمّا رئيس كتلة فتح البرلمانيّة عزّام الأحمد فقلّل في تصريحات صحافيّة له في 22 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري من عقد تلك الجلسة وقال: "المجلس التشريعيّ يعقد دوراته واجتماعاته وفق نصوص القانون الأساسيّ، ونظام المجلس التشريعيّ الداخليّ، وما دون ذلك لا قيمة قانونيّة له". الأحمد لم يحضر الجلسة لأنه ونواب فتح يرفضون منذ الانقسام 2007 المشاركة في جلسات المجلس الذي تحوز حركة حماس على الأغلبية به.

وأضاف: "المجلس معطّل منذ 12 تمّوز/يوليو 2007، ولم يعقد أيّ اجتماع له منذ ذلك التاريخ بسبب الانقسام، ولم أسمع أحداً قال إنّ المجلس اجتمع"، في إشارة إلى رفضه تلك الجلسة.

رأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة الأيّام الفلسطينيّة أكرم عطاالله أنّ الجلسة التي جاءت بمشاركة نوّاب من حركة فتح للمرّة الأولى منذ الانقسام الفلسطينيّ لن تغيّر من الواقع السياسيّ الفلسطينيّ شيئاً، لافتاً إلى أنّ الكثير من القرارات التي اتّخذها المجلس التشريعيّ في غزّة لم تنفّذ من قبل السلطة في الضفّة الغربيّة كقانون التكافل الاجتماعي، وكذلك قرارات الرئيس عبّاس لم تنفّذ من قبل المجلس التشريعيّ في غزّة التي تسيطر عليها حركة حماس.

وبيّن في حديثه إلى "المونيتور"، أنّ هدف الجلسة في الأساس هو خطوة استباقيّة من قبل نوّاب من حركة فتح يخشون مصير زملائهم الخمسة (محمد دحلان، شامي الشامي، نجاة أبو بكر، جمال الطيراوي، ناصر جمعة) الذين رفعت عنهم الحصانة البرلمانيّة من قبل الرئيس عبّاس لانتمائهم إلى تيّار محمّد دحلان، الذي هو الخصم الأبرز لرئيس السلطة الفلسطينيّة.

وأشار إلى أنّ النظام الفلسطينيّ مهدّد بالانهيار جرّاء الخطوات التي يقوم بها السلطة الفلسطينيّة والرئيس عبّاس من جانب، والقوانين والخطوات التي يقرها المجلس التشريعيّ في غزّة من جانب آخر، مشدّداً على أنّ الحلّ الأمثل للخلاف القائم هو تحقيق الوحدة الداخليّة بين فتح وحماس.

ويستند الرئيس الفلسطينيّ في إصداره تلك القرارات على المادّة 43 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ التي تنصّ على أنّه "لرئيس السلطة الوطنيّة في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعيّ، إصدار قرارات لها قوّة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعيّ في أوّل جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات، وإلّا زال ما كان لها من قوّة القانون، أمّا إذا عرضت على المجلس التشريعيّ على النحو السابق، ولم يقرّها، زال ما يكون لها من قوّة القانون".

وتوافق المحلّل السياسيّ ورئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين المحليّة مصطفى الصوّاف مع سابقه على أنّ الجلسة لن تشكّل أيّ ضغط على الرئيس عبّاس، تجعله يتراجع عن القرارات التي اتّخذها أخيراً، من تشكيل المحكمة الدستوريّة وفصل النوّاب وتقديم بعضهم إلى المحاكمة.

وقال الصوّاف لـ"المونيتور": "كان على المجلس التشريعيّ التحرّك منذ اللحظة التي قرّر فيها الرئيس عبّاس تعطيل الجلسات البرلمانيّة، وإغلاق المجلس في الضفّة الغربيّة عام 2007، إلّا أنّ نوّاب المجلس في غزّة اكتفوا ببعض البيانات حتّى تغوّل الرئيس عبّاس على السلطتين التشريعيّة والقضائيّة".

يرى المتابع للعمليّة السياسيّة في الأراضي الفلسطينيّة أنّ تلك الجلسة لن تمثّل أيّ مخرج لتعطّل النظام السياسيّ الفلسطينيّ أو تدفع بالرئيس عبّاس الذي لم يصدر أي موقف أو تعقيب على الجلسة التي عقدت إلى التراجع عن قراراته المتعلّقة بفصل النوّاب، في ظلّ رفض الأخير الدعوة إلى انعقاد المجلس.



الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016


القضاء... ساحة المواجهة الجديدة بين عبّاس ودحلان
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – لم تمض ساعات على قرار الرئيس محمود عبّاس في 12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، رفع الحصانة عن 5 نوّاب في المجلس التشريعيّ، وفي مقدّمتهم النائب المفصول من حركة فتح محمّد دحلان، تمهيداً للتحقيق معهم في تهم "اختلاس أموال وتجارة أسلحة"، حتّى سارعت محكمة الفساد الفلسطينيّة في 14 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، بتوجيه تهمة الاختلاس إلى النائب دحلان، والحكم بسجنه 3 سنوات وتغريمه 16 مليون دولار.

جاء قرار المحكمة الذي لم يكن مفاجئاً للكثيرين في الشارع الفلسطينيّ نتيجة تفاقم الخلاف يين الرئيس عبّاس وخصمه دحلان الذي بدأ بعد وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات 2004،على إثر تبادل اتهامات بين الطرفين بالقيام بإغتيالات وأعمال فساد والتعامل مع إسرائيل، ليصبّ المزيد من الزيت على نار الخلافات بين الرجلين، ممّا دفع الأخير إلى رفض ذلك القرار المفاجئ عبر تصريح لموقع "أمد" المقرب منه بتاريخ 14 ديسمبر الجاري، ومطالبته بتشكيل لجنة تحقيق وطنيّة ومحايدة للبحث في الاتّهامات التي وجّهتها إليه المحكمة، مع تسليمه سلفاً بالقرارات التي ستتّخذها في حقّه.

واتّهم دحلان في 14 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري من خلال تصريحات صحفية له نشرتها الكثير من وسائل الإعلام الفلسطينية الرئيس عبّاس باختلاس 6 ملايين دولار من أحد البنوك الفلسطينيّة عنوة، والتي كانت جزءاً من مبلغ 20 مليون دولار تبرّعت به إحدى الدول العربيّة التي لم يسمّها كدعم للأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة لشراء معدّات، حيث كان يعمل دحلان آنذاك منسّقاً للشؤون الأمنيّة في الرئاسة الفلسطينيّة في عامي 2007 و2008.

ونشر موقع فلسطين الآن الإخباريّ في 16 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري وثيقة يعود تاريخها إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، مرسلة من هيئة مكافحة الفساد في رام الله إلى الرئيس الفلسطينيّ عبّاس تطالب فيها موافقته على إجراءات الإسراع في تجهيز ملفّ الاتّهام ضدّ دحلان ومحاكمته.

أكّد النائب المفصول من حركة فتح عبد الحميد المصري، وهو إحدى الشخصيّات المقرّبة من دحلان، لـ"المونيتور" أنّ النائب دحلان سيخرج خلال أيّام قليلة للإعلام، ليردّ على اتّهامات محكمة الفساد له، والتي اعتبرها أداة في يدّ الرئيس عبّاس.

وقال المصري: "منذ فترة طويلة، يوظّف عبّاس القضاء وكلّ أجهزة السلطة الفلسطينيّة ومنظّمة التحرير لأهدافه الشخصيّة، ولم يتورّع يوماً عن استخدام القضاء والأجهزة الأمنيّة، وكلّ مقوّمات السلطة ضدّ خصومه".

وأضاف: "الرئيس عبّاس وأبناؤه هم أكثر الناس اختلاساً لأموال السلطة الفلسطينيّة"، مشيراً إلى أنّ العام الجاري شهد إساءة كبيرة من قبل الرئيس عبّاس إلى القضاء الفلسطينيّ، عبر تشكيله المحكمة الدستوريّة والتي منحته الأحقّية في رفع الحصانة عن نوّاب المجلس التشريعيّ، على الرغم من أنّ ذلك الأمر يتعارض مع القانون الأساسيّ الفلسطينيّ.

أمّا عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح عبّاس زكي فكشف لـ"المونيتور" أنّ العديد من التقارير والملفّات التي تحمل تهماً ضدّ عدد من نوّاب المجلس التشريعيّ وصلت إلى القضاء، ممّا دفع المحكمة الدستوريّة إلى منح الرئيس عبّاس صلاحيّة رفع الحصانة عن النوّاب المتّهمين من أجل التحقيق معهم.

وأوضح أنّه في حال لم تثبّت على النائب تهم من التي ذكرت في حقّه، فستتم إعادة الحصانة البرلمانيّة إليه، مشيراً إلى أنّ كلّ دول العالم تتعامل بهذا الأسلوب، ومشدّداً على أنّه لا يجوز أن يكون النائب فوق القانون.

من جانبه، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ حسن خريشة لـ"المونيتور": "تلقّينا بصدمة كبيرة رفع الرئيس عبّاس الحصانة عن 5 نوّاب، وبعدها بيوم واحد إدانة نائب بالسجن 3 سنوات وبغرامة ماليّة كبيرة تقدّر بـ16 مليون دولار".

وأضاف: "كلّ التوقّعات كانت تشير إلى أنّ مرسوم الرئيس عبّاس في 3 نيسان/أبريل الماضي تشكيل محكمة دستوريّة هدفه حلّ المجلس التشريعيّ، أو القيام بخطوات أخرى تتعلّق بتعديل القوانين، من دون الرجوع إلى المجلس التشريعيّ، إلّا أنّ الرئيس عبّاس فاجأ الجميع وذهب في اتّجاه رفع الحصانة عن بعض النوّاب الذين يشكّلون خصوماً سياسيّين له".

وشدّد على أنّه لا يوجد في القانون الأساسيّ الفلسطينيّ أيّ مسوّغ قانونيّ يعطي للرئيس عبّاس الأحقّية في رفع الحصانة عن أيّ نائب، داعياً جميع نوّاب المجلس التشريعيّ إلى التحرّك في شكل جماعيّ لوقف تلك الممارسات غير القانونيّة التي يقوم بها الرئيس عبّاس.

وتنصّ المادّة 53 من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ على أنّه "لا يجوز لعضو المجلس التشريعيّ التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس، ولا تسقط الحصانة بانتهاء العضويّة، وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدّة العضويّة".

اعتبر المختصّ القانونيّ ومدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجيّة – مسارات صلاح عبد العاطي لـ"المونيتور" أنّ رفع الحصانة عن النوّاب، ومحاكمة النائب دحلان بتهمة الاختلاس لا يجوزان قانوناً، فهناك نصوص واضحة في القانون الأساسيّ الفلسطينيّ تخصّ حصانة النوّاب، وأنّه لا يجوز رفع الحصانة عن أيّ نائب أو مساءلته أمام القضاء أو استجوابه في دعوى مدنية أو جنائية.

وبيّن أنّ حصانة النوّاب لا تنتهي بولاية المجلس التشريعيّ، بل تنتهي بتشكيل مجلس تشريعيّ جديد، وهو ما لم يحدث منذ آخر انتخابات تشريعيّة في عام 2006، جرّاء الانقسام الفلسطينيّ، معتبراً محاكمة نائب في المجلس التشريعيّ بعد رفع الحصانة عنه تغوّل من السلطة التنفيذيّة على السلطتين التشريعيّة والقضائيّة.

وحذّر من أنّ استمرار تفرّد الرئيس عبّاس بإصدار المراسيم والقرارات من دون الرجوع إلى المؤسّسات الرسميّة الفلسطينيّة أو القانون، يهدّد النظام السياسيّ الفلسطينيّ برمّته، والتي كانت آخر فصولها محاكمة نائب بعد يوم واحد فقط من رفع الحصانة عنه.

من جانبه، استغرب أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأقصى في غزّة رياض الأسطل محاكمة دحلان ورفع الحصانة عنه وعن 4 نوّاب آخرين في خلاف، هو في الأصل تنظيميّ، ويخصّ حركة فتح داخليّاً ولا علاقة للمؤسّسات العامّة به، مشيراً إلى أنّه لا مبرّر لسحب أيّ مناصب يشغلها النوّاب خارج التنظيم، كون الشعب هو من أعطاهم هذه المناصب عبر الانتخابات.

ورأى الأسطل في حديثه إلى "المونيتور" أنّ قرار محكمة الفساد في حقّ النائب دحلان، هو محاولة جديدة من قبل الرئيس عبّاس لإقصاء خصومه عن طريق القضاء، مشيراً إلى أنّ الشرخ داخل حركة فتح يزداد مع تلك الخطوات والتي توقّعها البعض بعد المؤتمر السابع لحركة فتح والذي عقد نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ذهبت التساؤلات المثارة في الشارع الفلسطينيّ في اتّجاه ما إذا كانت السلطة الفلسطينيّة تقدم على تقديم طلب للإنتربول الدوليّ لاعتقال النائب دحلان والذي يستقرّ في الإمارات العربيّة المتّحدة حاليّاً، وذلك في حال نجحت السلطة الفلسطينيّة في الانضمام إلى تلك المؤسّسة الدوليّة.



الخميس، 15 ديسمبر 2016


البرغوثي يتمسّك بالمنصب... الصراع يتجدّد داخل فتح على كرسي نائب الرئيس
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – انتهت أعمال المؤتمر السابع لحركة فتح في 4 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، من دون اختيار شخصيّة من الفائزين في الانتخابات الداخليّة لمنصب نائب رئيس حركة فتح، كما أعلن عن ذلك أكثر من قياديّ في الحركة قبل المؤتمر، لتؤجّل المشاورات الداخليّة لاختيار منصب نائب الرئيس إلى جلسة اللجنة المركزيّة المقبلة، والتي يتوقّع أن تعقد نهاية الشهر الجاري.

ونال الأسير في السجون الإسرائيليّة مروان البرغوثي أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الداخليّة لحركة فتح لاختيار أعضاء اللجنة المركزيّة، والتي جرت في 3 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري بحصوله على 936 صوتاً، وهو ما يؤهّله لمنصب نائب الرئيس، فيما حلّ جبريل الرجوب في المرتبة الثانية بـ838 صوتاً.

وفي التعقيب الأوّل له عقب إعلان نتائج الانتخابات، قال البرغوثي في تصريحات نقلتها صحيفة الغد الأردنيّة على لسان محاميه الياس صبّاغ في 6 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري: "إنّ هذه الثقة التي أولاني إيّاها الأحبّة في حركة فتح، وخوّلتني الحصول على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزيّة للحركة، تجعلني أتمسّك بالخطّ السياسيّ الذي أسير عليه، وسأواصل مسار الوحدة الوطنيّة (..)، وإعادة الاعتبار لخطاب التحرّر الوطنيّ والخيار الديمقراطيّ".

كشف مصدر مقرّب من الأسير البرغوثي لـ"المونيتور" تمسّكه بمنصب نائب الرئيس كونه حاز على أعلى الأصوات في الانتخابات الداخليّة، والتي اعتبرها أنّها بمثابة مكانة (منصب نائب الرئيس) منحها له أعضاء المؤتمر ويجب عليه أن يتحمّل مسؤوليّته في شغلها، حتّى وإن كان أسيراً في السجون الإسرائيليّة.

وأكّد المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته أنّ هناك مشاورات تجري مع أعضاء اللجنة المركزيّة المنتخبين من أجل التوافق على شغل البرغوثي منصب نائب الرئيس، متوقّعاً أن تظهر نتائج تلك المشاورات مع نهاية شهر كانون الأوّل/ديسمبر الجاري.

تواصل "المونيتور" مع المرشّح الأقوى لشغل المنصب الرجوب، إلّا أنّه رفض التعقيب على القضيّة واكتفى بالقول: "فلننتظر قادم الأيّام. فالأمر لا يتعلّق بمنصب نائب الرئيس فقط، بل بتغيير النظام الداخليّ للحركة لمواكبة التطوّرات الحاصلة في التنظيم، وضمان العضويّة والمساواة لجميع الأعضاء".

وينصّ النظام الأساسيّ لحركة فتح في مادّته رقم 64 على انتخاب اللجنة المركزيّة من بين أعضائها أميناً للسرّ ونائبين للرئيس، إلّا أنّ حركة فتح تعيّن نائباً واحداً فقط، ويشغل ذلك المنصب حاليّاً إلى جانب منصب أمين السرّ، القياديّ أبو ماهر غنيم والذي اختير لشغل المنصبين عقب المؤتمر السادس للحركة، الذي عقد في آب/أغسطس 2009.

وأكّد عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح عزّام الأحمد لـ"المونيتور" أنّه لا يشترط لشغل منصب نائب الرئيس حصول العضو على أعلى الأصوات في الانتخابات الداخليّة التي تمّت خلال المؤتمر السابع، بل يتمّ اختياره وفق إجماع على العضو من قبل أعضاء اللجنة المركزية الـ18".

وشدّد الأحمد على أنّ منصب نائب الرئيس سيحسم خلال اجتماع اللجنة المركزيّة المقبل، مشيراً إلى أنّ الاجتماع الأوّل للّجنة المركزيّة المنتخبة والذي تمّ في 5 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري كان بمثابة لقاء برتوكوليّ فقط، ولم يتمّ فيه توزيع الملفّات والمهام على الأعضاء.

فيما أعلن عضو اللجنة المركزيّة توفيق الطيراوي دعمه البرغوثي في شغل ذلك المنصب على حساب الرجوب الذي لا تربطه به علاقة جيّدة بعد تصاعد الخلافات بينهما جراء التنافس على كسب كل طرف لأصوات الأعضاء في المؤتمر السابع، قائلاً في تصريحات صحافيّة له في 6 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري: "يستحقّ ذلك المنصب، لما له من تاريخ نضاليّ (..) وعلى اللجنة المركزيّة أن تنتصر له".

أثار حصول البرغوثي على أعلى الأصوات غضب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو الذي قال في تصريحات صحافيّة في 6 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري: "انتخاب البرغوثي لمركزيّة فتح دليل على تزايد ثقافة الإرهاب والتطرّف، حيث أعطت الدعم لإرهابيّ مدان بالعمل ضد إسرائيل، ولم تكتف فتح بالتحريض في المدارس، ولا بتسمية شوارع على اسم منفّذي عمليّات، لا بل هي الآن تضعهم على القمّة، حركة فتح تبعد السلام".

اعتقل البرغوثي من قبل الجيش الإسرائيلي في 15 نيسان/ أبريل 2002، من أحد المنازل بمدينة رام الله، وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات و40 عاماً، بعد أن اتهمته إسرائيل بقيادة تنظيم حركة فتح في الضفة الغربية، والمسؤولية عن عمليات مسلحة نفذها الجناح العسكري لحركة فتح (كتائب شهداء الأقصى)، وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين.

اعتبر أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر ناجي شراب في حديثه إلى "المونيتور" أنّ حصول البرغوثي على أعلى الأصوات في انتخابات المؤتمر السابع دلالة على أنّه الشخصيّة الأكثر قبولاً داخل الحركة بعد الرئيس محمود عبّاس، وبالتالي، يرغب من اختاره في أن يشغل منصب نائب الرئيس.

وأوضح شراب أنّ اختيار البرغوثي في منصب نائب الرئيس يمثّل الاختبار الحقيقيّ الأوّل الذي تواجهه اللجنة المركزيّة المنتخبة، لأنّ اختياره يعني تصدّي تلك اللجنة وحركة فتح للخطاب السياسيّ والدعاية التي تروّجها إسرائيل ضدّ البرغوثي بالقول إنّه "إرهابيّ".

إلّا أنّ شراب توقّع أن تختار اللجنة المركزيّة الرجوب لمنصب نائب الرئيس كونه حلّاً ثانياً بعد البرغوثي، الذي يقبع في السجون الإسرائيليّة، وبالتالي سيكون الرجوب مرشّح حركة فتح في أيّ انتخابات رئاسيّة فلسطينيّة مقبلة.

من جانبه، رأى الإعلاميّ والمحلّل السياسيّ الفلسطينيّ علاء الريماوي أنّ قضيّة البرغوثي أصبحت رمزيّة، وبناء على ذلك، ليس هناك تفكير جديّ داخل حركة فتح لأن يكون له دور في الحركة بسبب وجوده في السجن، مستدركاً بالقول: "من يريد أن يكون للبرغوثي دور في الحركة، وفي سلّم قيادتها، عليه أن يعمل على إطلاق سراحه أوّلاً".

وبيّن الريماوي لـ"المونيتور" أنّ من يقف على رأس هرم التأثير في الحركة هو الرجوب الذي قد يكون الأوفر حظّاً لمنصب نائب الرئيس، على الرغم من أنّ هناك شخصيّات داخل اللجنة المركزيّة تعتبر نفسها أحقّ منه كناصر القدوة.

وشدّد على أنّ الخلاف الذي تعيشه الحركة واللجنة المركزيّة تحديداً لاختيار منصب نائب الرئيس ليس بالسهل حسمه، في ظلّ حالة التنافس الشديد على ذلك المنصب، معتقداً أنّ الأهمّ من التنافس على منصب نائب الرئيس هو البرنامج السياسيّ للحركة، والذي بقي كما هو بعد المؤتمر، ويعاني من حالة جمود أدّى بالحركة إلى التراجع على الصعد كافّة.

الراجح عند أغلب المتابعين لما يحدث في حركة فتح، هو شغل الرجوب المنصب بسبب علاقته الوطيدة بالرئيس عبّاس، إضافة إلى قناعتهم بأنّ الرئيس عبّاس لا يرغب بالبرغوثي نائباً له خوفاً من حالة التحريض التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل ضدّ السلطة الفلسطينيّة.



الجمعة، 9 ديسمبر 2016


لماذا لم يناقش المؤتمر السابع لحركة "فتح" تقرير لجنة التّحقيق في وفاة عرفات؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – انفضّت جلسات المؤتمر السابع لحركة "فتح"، والذي عقد بين 29 تشرين الثاني/نوفمبر و4 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري بمدينة رام الله، من دون أن تتمّ مناقشة تقرير لجنة التّحقيق في وفاة الرئيس الفلسطينيّ السابق ياسر عرفات، كما كان متوقّعاً من قبل العديد من الشخصيات في حركة فتح، وكما أعلن الناطق باسم اللّجنة التحضيريّة للمؤتمر فهمي الزعارير في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والذي قال: "إنّ تقرير لجنة التّحقيق في وفاة عرفات سيطرح خلال جلسة سريّة في المؤتمر السابع، وجرى تثبيت ذلك على جدول الأعمال"، إلاّ أنّ ذلك لم يحدث، وخلا البيان الختامي للمؤتمر من أيّ إشارة إلى قضيّة وفاة ياسر عرفات.

وشهد اليوم الأوّل للمؤتمر خلافاً بين الأعضاء المشاركين فيه، وفي مقدّمهم اللّواء توفيق الطيراوي، وهو رئيس لجنة التّحقيق في وفاة عرفات ورئاسة المؤتمر، وفق ما ذكره موقع "دنيا الوطن" المقرّب من حركة "فتح" في 1 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، بعد توزيع جدول الأعمال على الأعضاء في المؤتمر من دون إدراج مناقشة تقرير لجنة التّحقيق على الجدول.

وتحدّث الناطق باسم المؤتمر العام السابع لحركة "فتح" محمود أبو الهيجا لـ"المونيتور" عن أسباب عدم إدراج مناقشة تقرير لجنة التّحقيق في وفاة عرفات على جدول الأعمال، فقال: "إنّ التقرير لم يوضع منذ البداية على جدول الأعمال، لأنّ التحقيقات في القضيّة لم تنته بعد، فعند انتهائها يمكن أن تعرض داخل الأطر القياديّة لحركة فتح، وتعرض للجمهور الفلسطينيّ".

وعن اعتراض توفيق الطيراوي على عدم إدراج مناقشة التقرير على جدول أعمال المؤتمر، قال محمود أبو الهيجا: "تقرير وفاة الرئيس عرفات لم يسلّم إلينا كلجنة تحضيريّة للمؤتمر لنضعه على جدول الأعمال، نظراً لوجود إجراءات تقنيّة لم تنته في التحقيقات". ولفت إلى أنّ من حقّ أيّ عضو في المؤتمر الاعتراض على جدول الأعمال.

وتواصل "المونيتور" مع الطيراوي، الذي اكتفى في ردّه على الأسئلة التي طرحناها عليه بالقول، وبنبرة غاضبة: "طالما لم يتمّ طرح ملف وفاة الرئيس عرفات خلال جلسات المؤتمر لن أتحدّث في القضيّة".

ومن جهته، قال أمين سرّ المجلس الثوريّ لحركة "فتح" أمين مقبول لـ"المونيتور": "إنّ اللّجنة المركزيّة لحركة فتح في آخر اجتماع لها بـ18 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ناقشت آخر ما توصّلت إليه التحقيقات في قضيّة وفاة الرئيس عرفات، ولم تجد جديداً يذكر في القضيّة، ورأت ألاّ داعي لطرحه للنقاش خلال جلسات المؤتمر".

ويتناقض حديث أمين مقبول ذلك مع ما ذكره الرئيس محمود عبّاس في 10 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إذ قال في كلمته خلال المهرجان المركزيّ لإحياء الذكرى الـ12 لوفاة عرفات في مدينة رام الله: "أنا أعرف من قتل عرفات، لكنّ شهادتي لا تكفي، وستدهشون من النتيجة ومن الفاعل"، في إشارة إلى إحراز تقدّم ملموس في سير التحقيقات، لكنّ محمود عبّاس أردف بالقول: "لجنة التحقيق الفلسطينيّة المكلّفة بهذه القضيّة قطعت شوطاً كبيراً في الوصول إلى الحقيقة، وحين تتوصّل هذه اللّجنة إلى نتائج نهائيّة سيتمّ إطلاع شعبنا عليها".

ودفعت تصريحات عبّاس آنذاك بالقياديّ المفصول محمّد دحلان إلى الردّ عليه في تصريحات نشرها عبر صفحته على "فيسبوك" في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قال فيها: "ينبغي التوقّف فوراً عن المتاجرة الرخيصة بقضيّة استشهاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ولقد آن الأوان لوضع ملف التحقيقات في سياقه القانونيّ والعمليّ، لكشف كلّ خبايا كبرى جرائم العصر، بدلاً من التلاعب والتوظيف الرخيص والمغرض الذي يمارسه البعض بصورة موسميّة (..)، ومن العار السكوت عن شخص مثل محمود عبّاس، وهو يدّعي معرفة منفّذي تلك الجريمة الكبرى".

وأوضح مقبول أنّ تصريحات عبّاس السابقة كان يقصد بها ما ذكره وزير الإعلام الأردنيّ السابق صالح القلاب في مقال نشره بصحيفة "الرأي" الأردنيّة بـ14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي ذكر فيها أنّ عبّاس تسلّم وثائق جديدة ومهمّة تحمل أدلّة مثبّتة حول الشخص الذي قتل عرفات، ولكن يبقى الأمر متروكاً للجنة التّحقيق المكلّفة بملف وفاة عرفات لتقول كلمتها.

وذكرت القناة الإسرائيليّة "العاشرة" في 4 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري أنّها حصلت على وثيقة داخليّة من لجنة التّحقيق بوفاة عرفات تقول: "إنّ المنافس الرئيسيّ لعبّاس، وهو محمّد دحلان، هو من أرسل عن طريق وفد أجنبيّ علبة الدواء، التي تمّ استبدالها بالسمّ للرئيس عرفات الذي كان يرقد في بريسي العسكريّ في ضواحي باريس".

ومن جهته، وصف القياديّ في التيّار الإصلاحيّ لحركة "فتح" أشرف جمعة لـ"المونيتور" عدم طرح تقرير لجنة التّحقيق في وفاة عرفات خلال جلسات المؤتمر السابع بـ"الأمر المريب"، ويدلّل على أنّ هناك من يحاول إبقاء ملف التّحقيق في وفاة عرفات حبيس أوراق لجنة التّحقيق فقط، بهدف تغييب الحقائق، وقال: "ليس فقط المشاركون في مؤتمر حركة فتح السابع كانوا يريدون معرفة نتائج التّحقيق، بل كلّ الشعب الفلسطينيّ يريد ذلك".

واستغرب قبول أعضاء المؤتمر بأن تنتهي أعماله من دون أن تتمّ مناقشة التقرير، رغم أنّ قناعة غالبيّة الفلسطينيّين أنّ إسرائيل تقف خلف وفاته.

ورجّح المحلّل السياسيّ محمّد هواش في حديث لـ"المونيتور" عدم توصّل لجنة التّحقيق الفلسطينيّة إلى دليل قاطع حول الشخص الذي يقف خلف وفاة عرفات، رغم ما يشاع عن أنّ اللّجنة تمتلك أدلّة جديدة ومهمّة في القضيّة، مشيراً إلى أنّ استمرار اتّهام الفلسطينيّين لإسرائيل بالوقوف خلف وفاة عرفات من دون وجود أدلّة واضحة هو أمر غير مفيد.

لم تعلن لجنة التّحقيق الفلسطينيّة، التي تشكّلت في 19 أيلول/سبتمبر من عام 2010، إلى يومنا هذا أيّ نتائج في ملف وفاة عرفات، رغم أنّها تعلن بين فترة وأخرى توصّلها إلى نتائج وأدلّة جديدة حول أسباب الوفاة، الأمر الذي يثير الشكوك في الشارع الفلسطينيّ حول دوافع عدم نشر ما توصّلت إليه اللّجنة.

الرابط الأصلي:


الأربعاء، 7 ديسمبر 2016


قلق رسميّ فلسطينيّ... هل تعيد مصر افتتاح قنصليّتها في غزّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - أثارت التسريبات الإعلاميّة، التي نشرتها وسائل إعلام مقرّبة من القياديّ المفصول من حركة "فتح" محمّد دحلان كموقع "صوت فتح الإخباري" في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن أنّ مصر هدّدت الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس بنقل مقرّ السفارة المصريّة من مدينة رام الله إلى غزّة، في حال رفض تأجيل المؤتمر السابع لحركة "فتح"، الذي انطلقت أعماله في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إلى حين إتمام المصالحة مع محمّد دحلان، التكهّنات حول مدى إمكانيّة قيام مصر بتلك الخطوة.

التسريبات تلك سبقها افتتاح مقرّ القنصليّة المصريّة في غرب مدينة غزّة بـ21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وذلك للمرّة الأولى منذ إغلاقها في عام 2007 بعد سيطرة حماس على غزة، للقيام بأعمال تنظيفات وترميمات في داخلها. وهي خطوة تدلل على أنها قد تفتتح في أي لحظة وقد تسهل على المواطنين الفلسطينيين قضية السفر عبر معبر رفح وتسهل التعاملات اليومية للجالية المصرية في غزة.

فيما طالب مقرّر المؤتمر الشعبيّ لإنهاء الانقسام ورئيس وفد القطاعات المجتمعيّة في مؤتمر "عين السخنة 2" عاكف المصريّ في 7 نوفمبر الماضي الحكومة المصريّة بإعادة فتح القنصليّة المصريّة في قطاع غزّة.

وتواصل "المونيتور" مع السفارة المصريّة في رام الله لأخذ موقفها على تلك التسريبات، إلاّ أنّها رفضت الإدلاء بأيّ تصريحات حول القضيّة، فيما نقلت صحيفة "الخليج أون لاين" في 26 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن مسؤول في وزارة الخارجيّة المصريّة، لم تكشف عن اسمه، أنّ هناك توجّهاً مصريّاً لإعادة افتتاح القنصليّة في غزّة.

وقال عبد الحميد المصريّ، وهو من الشخصيّات المقرّبة من محمّد دحلان لـ"المونيتور": "إنّ مقرّ القنصليّة المصريّة في غزّة لا يزال موجوداً، وإعادة افتتاحه قريباً من دون التأثير على العلاقات المصريّة الرسميّة بمنظّمة التحرير أو عمل السفارة المصريّة في رام الله، أمر وارد جدّاً".

أضاف: "المعطيات التي لدينا في التيّار الإصلاحيّ لحركة فتح أنّ وفداً أمنيّاً وسياسيّاً مصريّاً سيصل إلى غزّة خلال الأيّام المقبلة (إذ مصر تنتظر ما سينتج عن مؤتمر فتح السابع من قرارات وقيادة جديدة للحركة) بهدف الاطّلاع على الأوضاع في قطاع غزّة والتشاور مع الفصائل في خطوات النهوض بالقضيّة الفلسطينيّة وتحقيق المصالحة الداخليّة".

وتابع: في حال أقدمت مصر على إعادة عمل قنصليّتها في غزّة، وطبّقت ما تعهّدت به من تسهيلات لقطاع غزّة من تطوير معبر رفح البري وزيادة أيام عمل المعبر للسماح بسفر أكبر قدر من الفلسطينيين وإقامة منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر، فيعني ذلك بداية تعامل جديدة من مصر تجاه قطاع غزّة، بعد سنوات من حال الاستقطاب والخلاف السائدة، وتحديداً مع حركة "حماس"، التي تحكم القطاع.

من جهته، قال أحمد مجدلاني عضو اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير والشخصيّة المقرّبة من عبّاس في تعليقه على تسريبات افتتاح القنصليّة المصريّة في غزّة لـ"المونيتور": "إنّ الوضع في غزّة غير طبيعيّ، وفيه حكومة أمر واقع وغير شرعيّة (يقصد حماس)، وأيّ تعامل معها غير مقبول".

أضاف: "إنّ سفارتنا في القاهرة تقوم بكلّ ما يلزم من أجل سفر المواطنين من قطاع غزّة وإليه عبر معبر رفح".

واعتبر مجدلاني أنّ شائعات توجّه مصر إلى إعادة عمل قنصليّتها في غزّة، بعد تفاقم الخلافات بين عبّاس والرباعيّة العربيّة بسبب المصالحة مع دحلان هي أوهام ينشرها البعض في الإعلام بهدف الإيحاء بأنّ مصر تقف بجانب شخص (يقصد دحلان)، مقابل سلطة شرعيّة هي السلطة الفلسطينيّة المعترف بها عربيّاً ودوليّاً، وقال: في حال فكّرت مصر بإعادة عمل قنصليّتها في غزّة، فستتعامل مع من يسيطر على غزّة، وهي حماس، وليس مع محمّد دحلان الذي لا يحظى بنفوذ قويّ في غزّة. ولفت إلى أنّ التسهيلات التي تقوم بها مصر تجاه قطاع غزّة هي محلّ احترام القيادة الفلسطينيّة وتقديرها.

لقد شهدت العلاقات بين مصر وقطاع غزّة خلال الأسابيع الماضية حالاً من الانفراجة، في ظلّ دعوة مصر لوفود فلسطينيّة سياسيّة وإقتصاديّة وإعلاميّة من قطاع غزّة إلى زيارة مصر للتباحث في الوضع الفلسطينيّ الداخليّ، ومحاولة عقد حوار وطنيّ فلسطينيّ برعاية القاهرة، فيما قال القياديّ في حركة "حماس" خليل الحيّة خلال تصريحات صحافيّة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي: "هناك رؤية مصريّة جديدة تجاه قطاع غزّة هدفها مدّ جسور التخفيف من وطأة الحصار المفروض على سكّان غزّة".

ومن جهته، قال الديبلوماسيّ في وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة بغزّة والمحلّل السياسيّ حسام الدجني في حديثه مع "المونيتور": من ناحية العرف الديبلوماسيّ يحقّ لأيّ دولة افتتاح مقرّ سفارتها في منطقة ما، وإلحاقها بممثليّات في مناطق أخرى من تلك الدولة، وهو ما ينطبق على الوضع الفلسطينيّ، وتحديداً في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة، حيث بينهما فاصل جغرافيّ (إسرائيل).

وأوضح أنّ ذلك الانفصال الجغرافيّ يعطي الكثير من الدول كقطر وأخرى لألمانيا وأخرى للسويد التي لها سفارات لدى السلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربية، ومنها مصر، مبرّراً بأن تعيد افتتاح قنصليّتها في غزّة، والتي تتبع للسفارة المصريّة في رام الله، إلاّ أنّ الحديث المتصاعد عن إعادة عملها جاء في سياق الخلافات المتصاعدة بين عبّاس ودحلان، وقال: مهما كانت المبرّرات لإعادة افتتاحها، فإنّها ستخدم سكّان غزّة والجالية المصريّة فيها.

وتوقّع حسان الدجني أن يشهد شهر ديسمبر/كانون الأوّل الجاري تطبيق ما وعدت به مصر من تسهيلات لغزّة، وتحديداً في قضيّة إنشاء المنطقة التجاريّة الحرّة على الحدود بين مصر وغزّة، إضافة إلى تطوير معبر رفح البريّ وزيادة أيّام تشغيله في الشهر الواحد.

وبدوره، استبعد أستاذ العلاقات الدوليّة في الجامعة الإسلاميّة بغزّة تيسير محيسن في حديثه مع "المونيتور" أن تقدم مصر على إعادة فتح قنصليّتها بغزّة في هذا الوقت تحديداً، وقال: في عرف العلاقات الدوليّة، إنّ القيام بخطوة افتتاح قنصليّة ما في منطقة تشهد خلافات داخليّة يمثّل انحيازاً لطرف على آخر.

وتوقّع أن تصطدم تلك الخطوة، إن تمّت، برفض رسميّ فلسطينيّ.

وشدّد على أنّ مصر لا تزال تنظر إلى قطاع غزّة، الذي تحكمه "حماس"، على أنّه مصدر تهديد أمنيّ لها، رغم الخطوات والتسهيلات المصريّة الأخيرة التي قدّمت إلى غزّة، والتي تهدف من خلالها إلى محاولة رسم معالم جديدة في العلاقات مع الفلسطينيّين، في ظلّ فشل تطبيق خارطة الطريق العربيّة لإنهاء الخلافات الفتحاويّة الداخليّة بسبب رفض عبّاس المصالحة مع دحلان، والخلافات بين "فتح" و"حماس".

الأيّام المقبلة تحمل في طيّاتها الإجابة عمّا إذا كانت مصر ستقدم على خطوة افتتاح قنصليّتها في غزّة التي تتوقع زيارة الوفد المصري لقطاع غزة في أي لحظة، وهو ما سيعني انحيازها لصالح تيّار دحلان في مواجهة عبّاس، الذي لا يزال مصرّاً على رفض المصالحة مع دحلان. فلأول مرة مصر لم ترسل وفداً رسمياً للمشاركة في مؤتمر فتح السابع، ومن حضر هو وزير الخارجية الأسبق محمد عرابي وألقى كلمة خلال المؤتمر بصفته الشخصية.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...