الخميس، 31 مايو 2018


إسرائيل تحبط المحاولة الفلسطينيّة الأولى لكسر الحصار عن قطاع غزّة بحريّاً
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: سيطرت قوّات البحريّة الإسرائيليّة مساء 29 أيّار/مايو الجاري على القارب الفلسطينيّ الأوّل الذي انطلق من ميناء غزّة وعلى متنه 17 فلسطينيّاً بهدف كسر الحصار الإسرائيليّ، واقتادتهم إلى ميناء إسدود في جنوب إسرائيل، وذلك بعد أن قطع القارب 14 ميلاً بحريّاً من قطاع غزّة باتّجاه ميناء ليماسول القبرصيّ في البحر المتوسّط.

وواكبت عشرات القوارب الفلسطينيّة الصغيرة التي حملت على متنها طواقم إعلاميّة محليّة ودوليّة ونشطاء فلسطينيّين، القارب الذي أقلّ المسافرين من الجرحى والمرضى والطلاّب صباح 29 أيّار/مايو الجاري، لأميال بحريّة عدّة في مياه قطاع غزّة، قبل أن تتركه ليكمل مسيرته وحيداً باتّجاه الميناء القبرصيّ.

هذا وتفرض إسرائيل حصاراً بريّاً وبحريّاً على قطاع غزّة منذ 12 عاماً، في أعقاب فوز حركة "حماس" بالإنتخابات البرلمانيّة خلال عام 2006، ويحرم بفعل ذلك الحصار عشرات الآلاف من السفر بحراً أو برّاً عبر المعابر مع قطاع غزّة، وتحديداً عبر معبر رفح البريّ الذي يربط مصر بقطاع غزّة ويفتح أيّاماً قليلة خلال العام منذ طرد "حماس" للسلطة الفلسطينيّة من قطاع غزّة خلال عام 2007.

ولقد حمّل رئيس اللجنة الحكوميّة لكسر الحصار في غزة علاء الدين البطّة في حديث لـ"المونيتور" إسرائيل المسؤوليّة الكاملة عن الاعتداء الذي تعرّض له القارب الفلسطينيّ، واصفاً ما حدث بـ"القرصنة الإسرائيليّة"، مشيراً إلى أنّهم تواصلوا مع مؤسّسات دوليّة عدّة في قطاع غزّة، وفي مقدّمتها الصليب الأحمر، ووضعوها في صورة ما قامت به قوّات البحريّة الإسرائيليّة ضدّ القارب ومن عليه من مسافرين.

وأوضح علاء الدين البطّة أنّ عناصر البحريّة الإسرائيليّة حاصرت القارب على بعد 14 ميلاً بحريّاً من ميناء غزّة، ونقلت المسافرين الـ17 إلى ميناء إسدود بعد أن تمّ اعتقالهم ليفرج عنهم بعد ساعات باستثناء القبطان الذي ما يزال رهن الاعتقال لدى إسرائيل، مشدّداً على أنّهم تواصلوا خلال الأيّام القليلة الماضية مع مؤسّسات دوليّة عدّة حول العالم، وفي مقدّمتها الأمم المتّحدة لحماية القارب ومنع البحريّة الإسرائيليّة من الاعتداء عليه وحماية المشاركين فيه.

وأشار إلى أنّ هدفهم من تسيير تلك الرحلة هو لفت أنظار العالم إلى المعاناة التي يعاني منها مليونا فلسطينيّ في قطاع غزّة بفعل الحصار الإسرائيليّ المتواصل.

وجاء انطلاق القارب في الذكرى السنويّة الثامنة لاستهداف إسرائيل أسطول الحريّة، الذي ضمّ سفناً عدّة انطلقت من دول عدّة حول العالم بهدف كسر الحصار الإسرائيليّ في 31 أيّار/مايو من عام 2010، وقتلت إسرائيل آنذاك 10 من المتضامين الأتراك الذين كانوا على متن سفينة مرمرة التركيّة قرب المياه الإقليميّة لقطاع غزّة.

من جهته، أكّد الناطق الإعلاميّ للهيئة الوطنيّة لكسر الحصار عن غزّة أدهم أبو سلميّة في حديث لـ"المونيتور" أنّهم سيواصلون الرحلات البحريّة في الفترة القريبة المقبلة، رغم القرصنة التي تعرّض لها القارب الفلسطينيّ.

ودعا الفلسطينيّين في قطاع غزّة الراغبين بالسفر عبر البحر من خلال تلك القوارب إلى التسجيل في المكتب الذي افتتح حديثاً للتسجيل.

هذا وافتتحت الهيئة التنسيقيّة لمسيرة العودة وكسر الحصار في 27 أيّار/مايو الجاري مكتباً لتسجيل الفلسطينيّين الذين ينوون السفر عبر البحر من خلال سفن كسر الحصار، حيث شهد التسجيل إقبالاً ملحوظاً (180 شخصاً قبل مغادرة الرحلة الأولى) وفق الهيئة التنسيقيّة لمسيرة العودة.

وعزا الجريح الفلسطينيّ محمود أبو عطايا (25 عاماً)، وهو أحد الذين شاركوا في الرحلة، خلال حديث مع "المونيتور" قبل انطلاقه في الرحلة بوقت قصير، الهدف من مشاركته، إلى حرمانه من السفر عبر المعابر البريّة مع مصر وإسرائيل لاستكمال علاجه في إحدى الدول العربيّة أو الأوروبيّة من الإصابة التي تعرّض لها في 30 آذار/مارس الماضي، خلال مشاركته في مسيرة العودة - شرق قطاع غزّة.

وقال: "أصبت بطلق ناريّ متفجّر في قدمي اليمنى، وأحدث ذلك الطلق إعاقة في قدمي من جرّاء تهتّك العظام وقطع الأوتار. وبسبب قلّة الرعاية الطبيّة في قطاع غزّة، بدأت إصابتي تسوء، وقرّرت المجازفة عبر المشاركة في الرحلة البحريّة، أملاً في أن أصل إلى دولة أوروبيّة لأتلقّى العلاج".

بدوره، قال المسافر على متن القارب شادي النقلة (28 عاماً) لـ"المونيتور": "إنّ هدفي من المشاركة في الرحلة البحريّة الأولى من قطاع غزّة باتّجاه قبرص هو إكمال دراستي، فأنا حاصل على درجة البكالوريوس منذ 6 سنوات في علم النفس من كلية فلسطين التقنية، وحتّى اللحظة لم أستطع السفر عبر معابر قطاع غزّة لإكمال دراستي، ولم يتبق أمامي إلاّ هذه الطريقة للسفر".

وأكّد أنّ مشاركته في الرحلة جاءت بمحض إرادته، رغم توقّعاته بتعرّضهم لمخاطر من قبل البحريّة الإسرائيليّة، متمنياً أن تنجح الرحلة التي يشارك بها في كسر الحصار المفروض على قطاع غزّة وتكون بمثابة نقطة البداية لتسيير عشرات الرحلات البحريّة مستقبلاً.

هذا وكانت إسرائيل قد منعت خلال السنوات الماضية تحرّكات بحريّة عدّة قام بها نشطاء عرب وغربيّون لكسر الحصار المفروض على قطاع غزّة، وهاجمت كلّ السفن التي كانت تصل قرب المياه الدوليّة لقطاع غزّة، وقامت باقتيادها إلى ميناء إسدود لتفرج بعد ذلك عن المشاركين وتقوم بترحيلهم إلى دولهم.

دان مسؤول اللجنة القانونيّة في الهيئة الوطنيّة العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار صلاح عبد العاطي في حديث مع "المونيتور" مهاجمة البحريّة الإسرائيليّة للقارب الفلسطينيّ، معتبراً ذلك انتهاكاً إسرائيليّاً جديداً ضدّ الفلسطينيّين السلميّين.

وحمّل إسرائيل المسؤوليّة عن سلامة من كانوا على متن القارب، وطالبها بسرعة الإفراج عنهم، لافتاً إلى أنّ هدف المشاركين هو كسر الحصار المفروض على قطاع غزّة، والذي يرقى إلى مستوى جريمة حرب ضدّ الإنسانيّة بفعل التداعيات الكارثيّة التي فعلها بسكّان قطاع غزّة.

وبيّن أنّ ذلك الحصار واجه إدانة دوليّة واسعة، كان آخرها مطالبة مجلس حقوق الإنسان في 19 أيّار/مايو الجاري، إسرائيل برفعه فوراً.

ورغم إحباط إسرائيل المحاولة الفلسطينيّة الأولى لكسر الحصار بحراً من قطاع غزّة، يبدو أنّ الفلسطينيّين سيستمرّون في محاولاتهم خلال المستقبل القريب بتسيير قوارب جديدة، أملاً في أن تنجح إحدى تلك المحاولات بكسر الحصار الإسرائيليّ.



الخميس، 24 مايو 2018


لماذا أنهت حركة فتح مشاركتها في مسيرة العودة الكبرى؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – بشكل مفاجئ ومنفردٍ، أعلنت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في بيان صادر عنها بتاريخ 16 مايو الجاري، عن وصول مسيرة العودة الكبرى إلى نهايتها عبر المسيرة التي شهدها قطاع غزة يومي 14 و15 مايو الجاري، وذلك بخلاف الفصائل الفلسطينية الأخرى التي تشارك في تلك المسيرة تحت اسم اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة والتي أعلنتاستمرار تلك المسيرة حتى الخامس من يونيو المقبل وهو ذكرى احتلال إسرائيل للقدس عام 1967.

وطالبت فتح في بيانها بتشكيل لجنة فصائلية من أجل تقييم مسيرة العودة، ومعالجة الأخطاء (لم تذكرها) التي ظهرت خلال الأيام السابقة، مؤكدةً أن أي خطوة لاحقة تتعلق بالنظر في نشاطات مستقبلية يجب أن تتم في إطار لجنة القوى الوطنية والإسلامية.

وكانت مسيرة العودة الكبرى انطلقت في 30 مارس الماضي بمشاركة شعبية وفصائلية واسعة في قطاع غزة، بهدف لفت أنظار العالم إلى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجروا منها عام 1948، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وأقامت اللجنة التنسيقية لتلك المسيرة تجمعات دائمة لها في 5 مناطقحدودية على طول الشريط الحدودي مع إسرائيل.

القيادي في حركة فتح يحيى رباح برر في حديث مع "المونيتور" انتهاء مشاركة حركته في مسيرة العودة إلى قيام فصائل فلسطينية في مقدمتها حركة حماس باستخدام تلك المسيرة لأهداف غير تلك التي انطلقت من أجلها وألصقت بها هدف كسر الحصارعن قطاع غزة.

وقال رباح: "ما تقوم به حماس أسلوب رديء وغير وطني ولن نكست عن أخطائها في تلك المسيرة"، مشددا ًعلى أن حركة فتح قدمت في تلك المسيرة عشرات الشهداء ومئات الجرحى منذ انطلاقتها في 30 مارس الماضي.

من جانبه، اعتبر الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم في حديث مع "المونيتور" انسحاب حركة فتح من تلك المسيرة بالأمر المؤسف والمخالف للإجماع الوطني الفلسطيني الداعم والمشارك في مسيرة العودة، متمنياً أن تتراجع حركة فتح عن انسحابها وتعود إلى الاجماع الوطني.

وأكد قاسم أن حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى ستواصل مسيرة العودة حتى تحقيق أهدافها على الرغم من انسحاب حركة فتح، مشيراً إلى أن المسيرة أعادت الاعتبار للحق الفلسطيني بالعودة إلى الأماكن التي هجر منها رغم كل محاولات طمس ذلك الحق بالقرارات الأمريكية والسلوك التفاوضي للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل على مدار سنوات سابقة.

وبين أن الشعب الفلسطيني من خلال مشاركته القوية والفعالة في تلك المسيرة أكد أنه لن يقبل باستمرار الأوضاع الانسانية المتردية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً، ناهيك عن رفضه المطلق لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والذي تم في 14 مايو الجاري.

وأحصت وزارة الصحة الفلسطينية حتى الـ 20 من مايو الجاري، استشهاد 112 فلسطينياً وإصابة أكثر من 13 ألفاً آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي الذي تعرض لانتقادات لاذعة على مستوى العالم جراء القمع العنيف الذي واجه به المسيرة السلمية على طول الحدود مع قطاع غزة.

أما عضو اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة أحمد أبو ارتيمة فأوضح لـ"المونيتور" أن مسيرة العودة خيار شعبي جامع بغض النظر عن انسحاب فصيل أو طرف من الأطراف التي كانت تشارك فيها، مشدداً على أن تلك المسيرة أسست لمرحلة من النضال السلمي وستستمر وستطور نفسها طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وأشار أبو ارتيمة إلى أن المسيرة أعادت قضية العودة لتتصدر الاهتمامات العالمية، ناهيك عن حشدها كل الحالة الفلسطينية الداخلية خلفها كون حق العودة هو أهم القضايا التي يناضل من أجل الشعب الفلسطيني طوال 70 عاماً.

ونوه عضو اللجنة التنسيقية إلى أن تلك المسيرة شكلت عامل ضغط حقيقي على إسرائيل وأزالت الصورة المزيفة التي رسمتها (إسرائيل) لنفسها حول العالم، مبيناً أن الشعب الفلسطيني قرر اختيار المقاومة السلمية في هذا الوقت رغم امتلاكه خيارات تقليدية أخرى كالمقاومة المسلحة.

المحلل السياسي والكاتب في صحيفة الأيام الفلسطينية طلال عوكل رأى في حديث مع "المونيتور" أن انسحاب حركة فتح سيؤثر على مسيرة العودة وزخمها، لافتاً إلى أن ذلك الانسحاب سيشكل تحدي للفصائل الفلسطينية الأخرى في تعويض ذلك التأثير والنقص العددي للمشاركين عبر القيام بحشد متواصل.

وبين أن المسيرة أصبحت منضبطة خلال الأيام التي تلت المجزرة الإسرائيلية بحق المتظاهرين في 14 مايو الجاري،والتي راح ضحيتها 60 شهيداً و2771 جريحاً، ولوحظ ذلك من خلال تراجع أعداد الشهداء والجرحى الفلسطينيين، معتبراً أن تلك المسيرة ستبقى مصدر ازعاج لإسرائيل رغم سلميتها.

وتوقع عوكل حدوث تفاهمات سياسية بين القائمين على تلك المسيرة وفي مقدمتهم حركة حماس والسلطات المصرية التي حرصت على عدم انزلاق تلك المسيرة إلى مواجهات مسلحة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو ما انعكس على بقاء المتظاهرين في مسافة بعيدة نوعاً ما عن الحدود.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي المقرب من حماس ورئيس التحرير السابق لصحفية فلسطين المحلية مصطفى الصواف في حديث مع "المونيتور" أن مبررات حركة فتح للانسحاب من تلك المسيرة هي مبررات واهية وغير حقيقية، لافتاً إلى أن مشاركة حركة فتح منذ بداية المسيرة كان رمزياًوليس حقيقياً.

وقال الصواف: "من شاهد مسيرة الجمعة 18 مايو الجاري، وهي التي تلت إعلان حركة فتح انسحابها من تلك المسيرة يظهر له أن مشاركتها كانت رمزية وغير مؤثرة، فالأعداد المشاركة كانت ضخمة ولم يؤثر عليها انسحاب حركة فتح أو المجزرة الوحشية التي ارتكبتها الجيش الإسرائيلي بحقهم في 14 مايو الجاري".

المسيرة والتي تراجع زخمها خلال الأيام القليلة الماضية لعوامل عدة أهمها دخول شهر رمضان والمجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المتظاهرين، والأحاديث عن مفاوضات سياسية بين القائمين على تلك المسيرة وجمهورية مصر وقطر يبدو أنها ستتواصل وستستمر حتى الخامس من يونيو المقبل وهو الموعد النهائي الذي حدده المنظمون لتلك المسيرة.



الخميس، 17 مايو 2018


هل يتأثّر الدعم الإيرانيّ للفصائل الفلسطينيّة بعد العقوبات الأميركيّة الجديدة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أثار انسحاب الولايات المتّحدة الأميركيّة من الاتّفاق النوويّ مع إيران في 8 أيّار/مايو الجاري، وفرض عقوبات جديدة عليها في 10 أيّار/مايو الجاري، العديد من التساؤلات حول مدى تأثير تلك العقوبات على الدعم الماليّ والعسكريّ الذي تقدّمه إيران إلى الفصائل الفلسطينيّة، وتحديداً إلى حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ.

وأعادت إيران الدعم المالي والعسكري إلى حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ في أيّار/مايو 2017، بعد توقّف شهده ذلك الدعم في نهاية عام 201، في أعقاب مواقف الحركتين من الصراع في سوريا واليمن ووقوفهما على الحياد.

وذكرت وكالة رويترز في 2 كانون الثاني/يناير 2018، عن قائد هيئة الأركان الإسرائيليّ غادي أيزنكوت قوله: "في الأشهر الأخيرة تنامى كذلك الاستثمار على الساحة الفلسطينية بدافع رغبة في بسط النفوذ، بزيادة في التمويل (السنوي) بقطاع غزة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مئة مليون دولار". فيما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط السعوديّة في 25 أيّار/مايو 2016، أنّ إيران تقدّم 70 مليون دولار إلى حركة الجهاد الإسلاميّ سنويّاً.

مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام أكد لـ"المونيتور" أن قرار الجمهورية الإيرانية الإسلامية دعم المقاومة الفلسطينية قرار استراتيجي ولا يمكن التراجع عليه، قائلاً: "هدفنا في إيران تقوية محور المقاومة في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان في وجه محور الاستكبار الذي تقف به أمريكا وإسرائيل".

وأشار إلى أن علاقة بلاده مع فصائل المقاومة الفلسطينية تتطور مع مرور الوقت، وتحديداً مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتان تسعيان إلى تحرير بلادهما من الاحتلال الإسرائيلي.

وقال ممثّل حركة حماس في طهران خالد القدّومي لـ"المونيتور": "إنّ إيران تمثّل حليفاً استراتيجيّاً دأب على مدار سنوات على دعم القضيّة الفلسطينيّة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينيّ ومقاومته على قدر المستطاع"، مشدّداً على أنّهم في حركة حماس والمقاومة الفلسطينيّة يواجهون إلى جانب إيران وكلّ مكوّنات الأمّة العربيّة والإسلاميّة، عدوّاً مشتركاً يتمثّل في الاحتلال الإسرائيليّ.

وبيّن القدّومي أنّ إيران واصلت دعمها لحركة حماس وللشعب الفلسطينيّ وقواه المقاومة سياسيّاً وعسكريّاً ودبلوماسيّاً وماليّاً، منوّهاً بأنّ الدول المانحة للشعب الفلسطينيّ تعرف واجبها تجاه فلسطين والقدس، وبأنّهم في حركة حماس يراعون الظروف الصعبة التي قد تمرّ بها الدول التي تقف إلى جانب الشعب الفلسطينيّ.

وأشار ممثّل حماس أنّ السياسة الأميركيّة في الإدارة الحاليّة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تنحى منحاً تصعيديّاً مع منطقة الشرق الأوسط.

وفي السياق ذاته، ذكر الناطق باسم حركة الجهاد الإسلاميّ داوود شهاب في حديث إلى "المونيتور" أنّ أحد أسباب العقوبات التي فرضت سابقاً وحديثاً من الإدارة الأميركيّة على إيران، هو الدعم الذي تقدّمه الأخيرة إلى القضيّة الفلسطينيّة ورفضها إقامة علاقات مع إسرائيل.

وقال شهاب: "ما سمعناه من المسؤولين الإيرانيّين، أنّهم ملتزمون بدعم القضيّة الفلسطينيّة ونضال الشعب الفلسطينيّ، وأنّ ذلك الدعم لن يرتبط بفرض عقوبات على الجمهوريّة الإيرانيّة أو رفعها عنها".

وأضاف الناطق باسم الجهاد الإسلاميّ: "إسرائيل تعمل جاهدة على أخذ المواقف الإيرانيّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة كمادّة للتحريض ضدّ إيران، ولا تريد أو تقبل (إسرائيل) أن يتعاطف أحد مع الشعب الفلسطينيّ الذي هو ضحيّة الإرهاب الإسرائيليّ".

أكّد النائب في مجلس النوّاب الإيرانيّ ومستشار الرئيس الإيرانيّ السابق أحمدي نجاد، مجتبى رحماندوست لـ"المونيتور" أنّ الدعم الذي تقدّمه الجمهوريّة الإيرانيّة إلى الفصائل الفلسطينيّة لن يتأثّر بالعقوبات الأميركيّة الجديدة ضدّها، لافتاً إلى أنّ القيادة الإيرانيّة ستزيد من دعمها للفصائل الفلسطينيّة ولكلّ الحركات التي تواجه إسرائيل في المنطقة العربيّة، كردّ على السياستين الأميركيّة والإسرائيليّة.

وقال رحماندوست: "الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة تعرّضت في السنوات التي سبقت توقيع الاتّفاق النوويّ مع الدول الغربية في عام 2015، إلى مقاطعة وحصار من الكثير من دول العالم، إلّا أنّ ذلك لم يؤثّر على دعمها السياسيّ والماليّ والعسكريّ للمقاومة والشعب الفلسطينيّ، إضافة إلى حركات المقاومة الأخرى في المنطقة كحزب الله".

واستنكر النائب الإيرانيّ تهجّم ترامب على إيران في مؤتمره الصحافيّ الذي أعلن فيه انسحاب الولايات المتّحدة الأميركيّة من الاتّفاق النوويّ، والذي اتّهم فيه إيران بدعم حزب الله وحماس، قائلاً: "نحن ندعم حركات مقاومة تسعى إلى استعادة أرضها من الاحتلال الإسرائيليّ، أمّا أميركا فتقدّم دعمها إلى إسرائيل التي تحتلّ فلسطين وتهدّد الدول العربيّة والإسلاميّة".

وكان المبعوث الأميركيّ لعمليّة السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ذكر في تغريدة له على "توتير" في 4 شباط/فبراير 2018، أنّ إيران تقدّم 100 مليون دولار سنويّاً إلى حركة حماس لشراء الأسلحة وبناء الأنفاق لمهاجمة إسرائيل.

ورأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة الأيّام الفلسطينيّة أكرم عطا الله في حديث إلى "المونيتور" أنّ الدعم الإيرانيّ للفصائل الفلسطينيّة سيتأثّر بالعقوبات الجديدة التي فرضتها أميركا على إيران، مشيراً إلى أنّ حجم ذلك التأثير يتوقّف على ما إذا لحقت الدول الغربيّة الأخرى والأوروبّيّة بالولايات المتّحدة الأميركيّة وفرضت عقوبات على إيران أم لا.

وبيّن أنّ عودة تشديد العقوبات على إيران ستضرّ بالاقتصاد الإيرانيّ في شكل كبير، وسينعكس ذلك على الدعم الذي تقدّمه إلى حلفائها وإلى حركات المقاومة في المنطقة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تباطؤ نموّ القدرات العسكريّة لتلك الحركات.

أمّا المحلّل السياسيّ وأستاذ الدراسات الفلسطينيّة في جامعة طهران هادي برهاني فقال لـ"المونيتور": "العقوبات الأميركيّة يمكن أن تؤثّر على الاقتصاد الإيرانيّ، ولكن في الوقت نفسه إيران مستعدّة لمواجهة هذه العقوبات عبر التنسيق الكبير الذي تقوم به مع الدول الأوروبّيّة التي تتعاون مع إيران للبقاء في الاتّفاق النوويّ".

وشدّد برهاني على أنّ دعم فصائل المقاومة الفلسطينيّة يمثّل أولويّة لدى القيادة الإيرانيّة، مستبعداً أن يتأثّر ذلك الدعم بالعقوبات الأميركيّة.

وأوضح أنّ الجهد الإيرانيّ ينصبّ حاليّاً على توحيد جهود الحركات التي تواجه إسرائيل في المنطقة العربيّة من أجل مواجهة الخطر الاستعماريّ للولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل اللتين هما سبب المأساة التي تعيشها الشعوب العربيّة.

ويبدو أنّ إيران ستواصل دعمها للفصائل الفلسطينيّة، وإن تأثر ذلك الدعم قليلاً بالعقوبات الأميركيّة الجديدة، وذلك في ظلّ ارتفاع حدّة التصعيد العسكريّ بينها (إيران) وبين إسرائيل في سوريا بتاريخ 10 آيار/ مايو الجاري، وحاجة إيران إلى تلك الحركات للوقوف إلى جانبها في أيّ مواجهة عسكريّة مقبلة. وهو ما أعلنه القيادي في حركة حماس أسامة حمدان في مقابلة مع قناة الميادين اللبنانية في شباط/ فبراير 2018، والتي قال فيها إن أي عدوان على أي جبهة من جبهات المقاومة سوريا ولبنان وغزة هو عدوان على كل الجبهات، ولن تكون المقاومة الفلسطينية بعيدة عنه.



الأربعاء، 16 مايو 2018


توقّعات بزيادة العجز الماليّ في الموازنة العامّة الفلسطينيّة بفعل قانون إسرائيليّ
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة: صادق الكنيست الإسرائيليّ في 7 أيّار/مايو الجاري بالقراءة الأولى على مشروع قانون تقدّم به وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان ويقضي باقتطاع وزارة المالية الإسرائيلية جزء من عائدات الضرائب الفلسطينيّة ليوضع المبلغ المقتطع في صندوق إسرائيليّ لتعويض عائلات الإسرائيليّين الذين قتلوا أو أصيبوا بفعل العمليّات العسكريّة الفلسطينيّة.

وكانت اللجنة الوزاريّة للتشريع الإسرائيليّة قد صادقت على مسودّة القانون في 18 شباط/فبراير الجاري، قبل أن تحيله على الكنيست، فيما ينتظر القانون المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة ليصبح نافذاً، وتعهّد أفيغدور ليبرمان في تصريحات نشرها في حسابه الشخصيّ على "تويتر" بـ7 أيّار/مايو الجاري أن يمرّر ذلك القانون بتلك القراءتين على وجه السرعة تجبي إسرائيل هذه الضرائب على المعابر والموانئ التجاريّة لصالح السلطة الفلسطينيّة باستمرار، وذلك تحت ذريعة دفع الأخيرة مبلغ 300 مليون دولار من تلك العائدات إلى الأسرى الفلسطينيّين وعائلاتهم على شكل رواتب شهريّة.

هذا وتشكّل أموال الضرائب الفلسطينيّة ما قيمته 80 في المائة من الموازنة العامّة السنويّة للحكومة الفلسطينيّة فيما تغطّي الـ20 في المائة المتبقّية من الموازنة عبر المنح الخارجيّة من دول كالسعودية.

ودانت الحكومة الفلسطينيّة في بيانها الوزاريّ الأسبوعيّ بـ8 أيّار/مايو الجاري مصادقة الكنيست الإسرائيليّ على القانون بالقراءة الأولى، واعتبرته بمثابة قرصنة إسرائيليّة وسرقة للأموال الفلسطينيّة، مشيرة إلى أنّ إسرائيل مقابل الأموال التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينيّة تتقاضى ما نسبته 3 في المئة من عائدات الضرائب، والتي تصل إلى 21 مليون شيكل شهريّاً تقريباً.

وقالت الحكومة: "إنّ سياسة الخصم والاحتجاز، التي تتّبعها الحكومة الإسرائيليّة وإصرارها على التصرّف بالأموال الفلسطينيّة بإرادتها المنفردة، مرفوضة جملة وتفصيلاً، وهي انتهاك فاضح للاتفاقيّات والمواثيق الدوليّة، ومخالفة واضحة وخرق فاضح لالتزامات إسرائيل وفق الاتفاقيّات الموقّعة".

وتنصّ اتفاقيّة باريس الاقتصاديّة بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل الموقّعة في عام 1994، في المادة رقم 3 بند رقم 15 على ما يلي: "إنّ مقاصّة الإيرادات من كلّ ضرائب الاستيراد والرسوم الأخرى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة (..)، فإنّ هذه الإيرادات الضريبيّة ستخصّص للسلطة الفلسطينيّة، وحتّى لو قام مستوردون إسرائيليّون بالاستيراد عندما يكون المقصد قد ذكر بوضوح على وثائق الاستيراد أنّ شركة الاستيراد مسجّلة لدى السلطة الفلسطينيّة، وتقوم بنشاط تجاريّ في المناطق، وسيتمّ تخليص هذا الإيراد خلال ستّة أيّام عمل من يوم جباية الضرائب والرسوم المذكورة".

وأكّد عضو اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة أحمد مجدلاني في حديث لـ"المونيتور" أنّ السلطة الفلسطينيّة لن تخضع لسياسة الابتزاز الإسرائيليّة وستستمرّ في دفع رواتب أهالي الشهداء والأسرى الفلسطينيّين حتّى لو اقتطعت إسرائيل تلك الأموال من العائدات الضريبيّة الفلسطينية، لافتاً إلى أنّ ما تقوم به السلطة الفلسطينيّة هو نوع من الرعاية الاجتماعيّة لتلك الأسر.

وأوضح أحمد مجدلاني أن الأموال التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينيّة هي حقّ للفلسطينيّين وليست منّة منها، مشيراً إلى أنّ إسرائيل باقتطاعها تلك الأموال تواصل سياسة القرصنة الماليّة على الأموال الفلسطينيّة وانتهاك الاتفاقيّات الثنائيّة الموقّعة.

من جهته، أكّد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين في السلطة الفلسطينيّة عيسى قراقع لـ"المونيتور" أنّ القيادة الفلسطينيّة قرّرت عقب مشروع ذلك القانون الاستمرار في دعم الأسرى والشهداء وعائلاتهم، معتبراً أنّ إسرائيل تحاول من خلال مشروع ذلك القانون إظهار الأسرى والشهداء الفلسطينيّين على أنّهم إرهابيّون، مطالباً البرلمانات الدوليّة والمؤسّسات التابعة للأمم المتّحدة برفض مشروع ذلك القانون وإدانته ومقاطعة الكنيست الإسرائيليّ الذي اتّهمه بأنّه يصادق على قوانين عنصريّة وضدّ الإنسانيّة عبر حرمان أهالي الشهداء والأسرى من أموال الرعاية الاجتماعيّة.

هذا وجاءت المصادقة على مشروع القانون الإسرائيليّ، بعد تصاعد الأصوات الإسرائيليّة المنادية بوقف تحويل تلك الأموال إلى السلطة الفلسطينيّة خلال العام الماضي وبداية العام الجاري، وفي مقدّمة تلك الأصوات رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو وليبرمان ووزير التعليم نفتالي بينت.

ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم في حديث لـ"المونيتور" أنّ اقتطاع إسرائيل مبلغ 300 مليون دولار سنويّاً من عائدات الضرائب الفلسطينيّة سيزيد من العجز الماليّ، الذي تعاني منه الموازنة الفلسطينيّة ويقارب الـ500 مليون دولار، لافتاً إلى أنّ ذلك العجز سيرتفع إلى 800 مليون دولار بعد القانون الإسرائيليّ الجديد.

وبيّن أنّ الخيارات التي قد تلجأ إليها الحكومة لتعويض ذلك العجز تتمثّل في خفض الإنفاق الحكوميّ على قضايا حيويّة ومهمّة للمواطن الفلسطينيّ من تعبيد طرق وبناء مؤسّسات، أو الاقتراض من مؤسّسات القطاع الخاص والبنوك، أو زيادة الجباية الداخليّة (الضرائب) على المواطن، لافتاً إلى أنّ كلّ تلك الخطوات ستشكّل ضرراً على الاقتصاد الفلسطينيّ عموماً، والمواطن خصوصاً، معتبراً أنّ هدف إسرائيل من ذلك القانون، إلى جانب الضغط على السلطة الفلسطينيّة لعدم دفع رواتب الشهداء والأسرى وعائلاتهم، هو تقييد حركة الاقتصاد الفلسطينيّ ومنع أيّ نموّ قد يحقّقه في المستقبل القريب.

وتوافق رئيس تحرير صحيفة "الاقتصاديّة" في غزّة محمّد أبو جياب في حديث لـ"المونيتور" مع سابقه في أنّ الخيارات التي تتوافر أمام الحكومة لسدّ العجز الماليّ الجديد والطارئ الذي سينجم عن مشروع ذلك القانون، هي ترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات المحليّة من خلال زيادة الضرائب على المواطن.

ولم يستبعد أن تزيد الحكومة الفلسطينيّة نسبة الخصم الذي تقتطعه من رواتب موظّفي الحكومة في قطاع غزّة للمساهمة في سدّ ذلك العجز، مشيراً إلى أنّ الخصوم التي قامت بها الحكومة الفلسطينيّة على رواتب موظّفي الحكومة في غزّة، والتي وصلت إلى 50 في المائة عن آذار/مارس الماضي سدّدت من خلالها العجز الشهريّ في الديون التي على الحكومة دفعها للقطاع الخاص.

وعلى ما يبدو، فإنّ السلطة الفلسطينيّة ستبقى تقدم الرواتب إلى الآلاف من أهالي الأسرى والشهداء، والتي تشكّل لهم تلك الرواتب مصدر دخلهم الوحيد، في ظلّ اعتقال أبنائهم أو استشهادهم خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيليّ، هذا إضافة إلى أنّ وقف السلطة الفلسطينيّة لتلك الرواتب سيمثل انتحاراً سياسيّاً لها.



الثلاثاء، 15 مايو 2018


خطّة وطنيّة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – صادق مجلس الوزراء الفلسطينيّ برام الله في جلسته الأسبوعيّة التي عقدت في 5 حزيران/يونيو الجاري، على الخطّة الوطنيّة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، والتي تهدف إلى تطوير البيئة القانونيّة بما يتناسب مع استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّة ويدعمه، وتفعيل دور القطاع المصرفيّ والمؤسّسات الماليّة، وتعزيز الإطار التنظيميّ لمشغّلي أنظمة التقاص، ومزوّدي خدمات الدفع في شكل مباشر وآمن.

يوفر نظام الدفع الإلكتروني طريقة لتنفيذ المعاملات من خلال أداة إلكترونية من دون استخدام الشيكات أو النقد، وتتنوع أدواته بين بطاقات الدفع الإلكتروني أو الحوالات المصرفية أو المواقع الإلكترونية الخاصة بعلميات بيع السلع.

كما تهدف الخطّة إلى دعم تنوّع خيارات الدفع الإلكترونيّة، والوصول إليها لتكون أكثر قبولاً، وتلبّي احتياجات القطاعات الماليّة والأفراد، ورفع مستوى المعرفة والثقافة بأدوات الدفع الإلكترونيّ لتكون الأساس في مجال مدفوعات التجزئة، وتعزيز خدمات الدفع الإلكترونيّ في بيئة منخفضة المخاطر.

الخطّة التي تعدّ الأولى من نوعها جاءت في أعقاب العديد من العقبات التي يواجهها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ، والتي كان آخرها عدم قدرة المصارف الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة على توفير عملة الدولار عام 2017 وتبديل المهترئ منها بسبب رفض البنوك الإسرائيليّة لها، وعدم توافر سيولة نقديّة في قطاع غزّة، بفعل حرمان موظّفي الحكومة من 50% من رواتبهم، إضافة إلى القيود الكبيرة التي تضعها إسرائيل على توريد العملات الصعبة والشيكل أيضاً إلى قطاع غزّة، بفعل الحصار المفروض عليه منذ 12 عاماً.

أكّد مدير عامّ هيئة سوق رأس المال الفلسطينيّ براق النابلسي لـ"المونيتور" أنه من المتوقع إطلاق خطة الدفع الإلكتروني التي وافقت عليها الحكومة خلال شهرين وأن يقوم بتنفيذها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ وسلطة النقد الفلسطينية بالتعاون مع بعض مزودي حلول الدفع الإلكتروني في الأراضي الفلسطينية. 

وأضاف:"إنّ خطّة الدفع الإلكتروني التي أقرّتها الحكومة هي خطّة طموحة للقطاع المصرفيّ والماليّ والشركات وكذلك الأفراد، وستساهم في حل المشكلة التي تعاني منها البنوك الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، جرّاء الصعوبات التي تواجه عمليّة نقل الأموال من البنوك الإسرائيليّة إلى البنوك الفلسطينيّة."

وبيّن أنّ الأراضي الفلسطينيّة متأخّرة مقارنة بالكثير من بلدان العالم في تفعيل خدمات الدفع الإلكترونيّ، مشيراً إلى أنّ التوجّهات الدوليّة حول العالم تسعى إلى تخفيض استخدام الـ"كاش" من قبل المواطنين، والاعتماد على الدفع الإلكترونيّ لسهولة التعامل به، ولنوع الأمان الذي توفّره خدمات الدفع الإلكترونيّ.

وأشار إلى العديد من شركات الدفع الإلكترونيّ الناجحة في الأراضي على مثال PayPal، كاش فلسطين، وغيرهما مشدّداً على أنّ هدفهم في تشجيع المواطنين وللشركات على التعامل فيما بينهم عن طريق خدمات الدفع الإلكتروني.

هذا ويبلغ عدد بطاقات التسوّق الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة قرابة الـ250 ألف بطاقة، وهو عدد قليل مقارنة مع عدد عملاء البنوك في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والبالغ عددهم 1.5 ملايين، يملكون 3.9 ملايين حساب مصرفيّ في 16 مصرفاً فلسطينيّاً.

وأوضح مدير عام شركة PalPay لخدمات الدفع الإلكترونيّ، وهي أكبر شركة لخدمات الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة، إياد قمصيّه لـ"المونيتور" أنّ إقبال المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في تعاملاتهم اليوميّة في ازياد ملحوظ.

وقال قميصه: "لدى شركتنا 4 آلاف نقطة بيع في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وتقدّم 86 خدمة دفع إلكترونيّ، واستطاعت PalPay جذب 25% من مشتركي الاتّصالات الفلسطينيّة ليسدّدوا فواتيرهم الشهريّة عن طريق الشركة، ناهيك عن استحواذها على نسبة متقاربة من المتعاملين في الخدمات الأخرى، ونتّبع المواصفات العالميّة في سرّيّة المعلومات والدفع".

من جانبه، أرجع مدير شركة خدماتي للدفع الإلكترونيّ في غزّة مهدي عجور في حديث إلى "المونيتور" الارتفاع الملحوظ في عدد المتعاملين بوسائل الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة إلى ارتفاع نسبة الشباب الفلسطينيّين الذين يعملون في التجارة والتسويق الإلكترونيّ، وهو ما يحتّم عليهم استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في تعاملاتهم.

وبيّن عجور أنّ أحد أهمّ الأسباب التي تجعل الشركات والمواطنين يعزفون عن استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ هي نسبة العمولة التي تحصل عليها بعض شركات الدفع الإلكترونيّ في تحويل الأموال أو تبديل العملات والتي قد تصل إلى 10% من قيمة المبلغ الإجماليّ المحوّل.

هذا وسبق القطاع الخاصّ الحكومة في تحفيز الشركات والمواطنين على استخدام خدمات الدفع الإلكترونيّ، وذلك عبر إطلاق العديد من الشركات الإلكترونيّة للسوق الإلكتروني الأوّل في الأراضي الفلسطينيّة في آب/أغسطس 2017، وتقديم بعض البنوك والشركات جوائز قيّمة لمستخدمي وسائل الدفع الإلكترونيّ.

وأشار مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ–ماس سمير عبدالله لـ"المونيتور" إلى أنّ العقبات التي تعترض انتشار خدمات الدفع الإلكترونيّ في الأراضي الفلسطينيّة هي قلّة نقاط البيع المتعاملة بتلك البطاقات وتحديداً الأسواق والمحلّات التجاريّة.

وبيّن أنّ الخطّة التي أقرّتها الحكومة هدفها توعويّ وتحفيزيّ للمواطنين والشركات، للتعامل بخدمات الدفع الإلكترونيّ وتقليل استخدام الـ"كاش"، جرّاء الصعوبات التي يعاني منها القطاع المصرفيّ الفلسطينيّ في السيولة النقديّة بين فترة وأخرى.

وأوضح أنّ نظام المدفوعات الفلسطينيّ والبنوك الفلسطينيّة مؤهّلة في شكل جيّد للتعامل بتلك الخدمات، ناهيك عن ظهور عدد من الشركات التي تقدّم خدمات الدفع الإلكترونيّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

من جانبه، قال أستاذ العلوم الماليّة والمصرفيّة في جامعة النجاح الوطنيّة معاذ أسمر لـ"المونيتور" إنّ وجود بيئة قانونيّة ولوجستيّة يعمل على توفيرها الجهاز المصرفيّ الفلسطينيّ تساعد في شكل كبير على تشجيع المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، منوّهاً بأنّ ذهاب المواطنين في اتّجاه استخدام تلك الوسائل في الدفع سيزيد من نسبة الشمول الماليّ في الأراضي الفلسطينيّة.

والشمول المالي هو عبارة ضمان حصول جميع فئات المجتمع سواء الأفراد والأسر أو المؤسسات – بصرف النظر عن مستوى الدخل- على الخدمات المالية، التي تحتاجها لتحسين حياتها أو عملها.

ويعرّف البنك الدولي "الشمول المالي" على أنه وصول الأفراد والشركات "إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم - كالمعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين - والتي يتم تقديمها بطريقة مسؤولة ومستدامة."

وطالب أسمر البنوك وهيئة سوق المال بالتعاون مع سلطة النقد، بمراجعة الأسباب التي تقلّل من حافزيّة تحوّل المواطنين إلى استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، والتي في مقدّمتها ندرة الأسواق والمحلّات التجاريّة التي لديها خدمة الدفع الإلكترونيّ، إضافة إلى خوف المواطنين من عمليّات القرصنة الإلكترونيّة التي يمكن أن تحدث لبطاقاتهم، ونسبة الفائدة المرتفعة من بعض البنوك والعمولة من قبل الشركات.

وشدّد على أنّ استمرار الحكومة في خطواتها لتحفيز المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ والتجارة الإلكترونيّة مطلب ضروريّ في هذا الوقت، لا سيّما في ظلّ التقدّم التكنولوجيّ المتسارع في العالم وتعامل غالبيّة دول العالم بنظام الدفع الإلكترونيّ.

وعلى ما يبدو، فإنّ الخطّة التي أقرّتها الحكومة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ في حاجة إلى وقت ليس بالقليل لفحص إمكان نجاحها في تشجيع المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّ، في المقابل إنّ الحكومة مطالبة بمساعدة القطاع الخاصّ في توجيه المواطنين لإنجاز تعاملاتهم الحكوميّة الماليّة عبر نظام الدفع الإلكترونيّ.


مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...