الطائرات
الورقيّة الحارقة مبرّر إسرائيل الجديد للاستيلاء على أموال الضرائب الفلسطينيّة
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة - قطاع غزّة: أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيليّ
بنيامين نتنياهو في تغريدة نشرها في حسابه
الرسميّ على "تويتر" بـ3 حزيران/يونيو الجاري، طلبه من رئيس هيئة الأمن
القوميّ الإسرائيليّ مائير بن شبات بدء العمل على خصم التعويضات التي تدفعها
إسرائيل إلى مزارعي البلدات المتاخمة لقطاع غزّة، والتي تكبّدت أضراراً من جرّاء الحرائق
بفعل الطائرات الورقيّة الحارقة التي يطلقها
الفلسطينيّون من أموال الضرائب الفلسطينيّة، حالة من الغضب لدى الفلسطينيّين.
واعتبرت الحكومة الفلسطينيّة في بيانها الوزاريّ بـ5
حزيران/يونيو الجاري، القرار الإسرائيليّ بمثابة قرصنة على الأموال الفلسطينيّة،
في حجّة تعويض المستوطنين المتاخمين لقطاع غزّة.
وأكّد بيان مجلس الوزراء أنّ القيادة الفلسطينيّة ستلجأ إلى
المؤسّسات الدوليّة والقضاء الدوليّ، ليس فقط للردّ على القرصنة الإسرائيليّة على
أموال الشعب الفلسطينيّ، وإنّما للتعويض عن كلّ ما لحق به نتيجة احتلال إسرائيل
للأراضي الفلسطينيّة.
هذا وابتكر الفلسطينيّون المشاركون في مسيرة العودة المستمرة حتى
اليوم والتي انطلقت في 30 آذار/مارس الماضي، أداةً للردّ على القمع الذي واجه به
الجيش الإسرائيليّ المسيرة التي قتل فيها 123 فلسطينيّاً
وجرح 13672 آخرين، وتتمثّل في الطائرات الورقيّة التي توضع في أسفلها شعلة ناريّة
ويسقطونها على الأحراش الزراعيّة القريبة من مستوطنات غلاف غزّة وتحدث حرائق
كبيرة.
وذكر وزير الدفاع الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان في تصريحات بـ4 حزيران/يونيو الجاري أنّ الفلسطينيّين
أطلقوا 600 طائرة ورقيّة منذ بدء الاحتجاجات الفلسطينيّة في 30 آذار/مارس الماضي،
تمكّن الجيش الإسرائيليّ من اعتراض 400 منها بوسائل تكنولوجيّة، فيما سقطت 200 في
الأراضي الإسرائيليّة وتسبّبت في إحراق 9000 دونم زراعيّ. كما أعلنت وزارة المالية الإسرائيليّة
أنّها ستبدأ فوراً بتعويض المزارعين
المتضرّرين.
من جهته، وصف عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير
الفلسطينيّة واصل أبو يوسف في حديث مع "المونيتور" القرار الإسرائيليّ
بالسرقة والابتزاز اللذين تمارسهما الحكومة الإسرائيليّة ضدّ الشعب الفلسطينيّ
ومؤسّساته، إضافة إلى انتهاك تلك الحكومة الاتفاقيّات الموقّعة بين الجانبين في ما
يتعلّق بأموال الضرائب والمقاصة الفلسطينيّة.
وتنصّ اتفاقيّة باريس الاقتصاديّة
بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل الموقّعة في عام 1994، في المادّة رقم 3 بند رقم
15 على ما يلي: "إن مقاصة الإيرادات من كل ضرائب الاستيراد والرسوم الأخرى
بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ستعتمد على مبدأ مكان المقصد النهائي، بالاضافة
لذلك، فإن هذه الايرادات الضريبية ستخصص للسلطة الفلسطينية، وحتى لو قام مستوردون
إسرائيليون بالاستيراد عندما يكون المقصد قد ذكر بوضوح على وثائق الاستيراد أن
شركة الإستيراد مسجلة لدى السلطة الفلسطينية، وتقوم بنشاط تجاري في المناطق، وسيتم
تخليص هذا الإيراد خلال ستة أيام عمل من يوم جباية الضرائب والرسوم
المذكورة."
وأوضح أبو يوسف أنّهم كفلسطينيّين غير ملزمين بالتمسّك بتلك
الاتفاقيّة، طالما أنّ إسرائيل تنتهكها باستمرار، مشيراً إلى أنّ وقف العمل بها
وبغيرها من الاتفاقيّات ستتمّ مناقشته في اجتماع اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة
التحرير، والذي يتوقّع أن يعقد قبل نهاية الشهر الجاري.
وكان الكنيست الإسرائيليّ قد صادق
في 7 أيّار/مايو الماضي بالقراءة الأولى على مشروع قانون تقدّم به وزير الدفاع
الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان ويقضي باقتطاع وزارة الماليّة الإسرائيليّة جزءاً من
عائدات الضرائب الفلسطينيّة (300 مليون دولار سنويّاً)
ويعادل المبلغ المقتطع الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات الفلسطينيين
المعتقلين أو الذين قتلوا أو أصيبوا في المواجهات العسكريّة مع إسرائيل.
وقال أحد صانعي الطائرات الورقيّة في شرق مدينة غزّة، الذي
فضّل إخفاء هويّته، لـ"المونيتور" إنّ "الطائرات الورقيّة،
التي نطلقها بشكل يوميّ تجاه المستوطنات والمواقع العسكريّة الإسرائيليّة القريبة
من الحدود مع قطاع غزّة، هي إحدى 'أدوات المقاومة السلميّة' التي نقوم بها لمواجهة
الجيش الإسرائيليّ الذي يستخدم ضدّنا الرصاص الحيّ."
أضاف: "أقود مجموعة من الشبّان الذين يقومون بصناعة ما
بين 3- 5 طائرات ورقيّة يوميّاً، بعضها ينجح في الوصول إلى داخل الحدود
الإسرائيليّة، وبعضها الآخر يسقط في الأراضي الفلسطينيّة قبل الحدود".
وأكّد أنّ هناك طائرات يصنعونها تحمل شعلة ناريّة حارقة، وليست
كلّها.
في 4 حزيران / مايو، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية
أن الجيش الإسرائيلي يفكر في إجراءات لمكافحة الطائرات الورقية مثل نشر طائرات
بدون طيار (الدراونات) لاعتراض هذه
الطائرات الورقية قبل عبورها إلى إسرائيل إلاّ أنّ الأيّام الأولى من حزيران/يونيو
الجاري، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الحرائق
التي اشتعلت في الحقول الإسرائيليّة بفعل إطلاق الفلسطينيّين، إلى جانب الطائرات
الورقيّة، بالونات صغيرة معبّأة بغاز الهيليوم وتحمل شعلات حارقة إلى أحراش
مستوطنات غلاف غزّة.
وطالب أستاذ الاقتصاد والمال في جامعة الأزهر بغزّة معين رجب
في حديث مع "المونيتور" السلطة الفلسطينيّة بعدم الصمت على قرارات
إسرائيليّة كهذه، لافتاً إلى أنّ صمتها سيفتح شهيّة إسرائيل على التمادي في اتخاذ
قرارات كهذه تصادر من خلالها الحقوق الفلسطينيّة، موضحاً أنّ الفلسطينيّين لديهم
خيارات عدّة للتصدّي لتلك القرارات، وأهمّها التلويح بورقة وقف التنسيق الأمنيّ،
والذي يمثّل أهمّ ما يربط العلاقة بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل لما يشكّله من
فائدة كبيرة للأخيرة، وتحديداً في الضفّة الغربيّة.
وتعتبر إسرائيل أن التنسيق الأمني يساعدها على كشف وإحباط
العمليات المسلحة الفلسطينية قبل وصولها إلى إسرائيل مما قد يدفعها للتراجع عن
الاستمرار في اجراءات اقتطاع الأموال الفلسطينية.
من جهته، رأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة
"الأيّام" الفلسطينيّة أكرم عطا الله في حديث لـ"المونيتور"
أنّ إسرائيل صاغت الاتفاقيّات مع السلطة الفلسطينيّة بدهاء كبير، صعّبت من خلالها
على الفلسطينيّين الانسحاب منها، وتحديداً تلك المتعلّقة بالجانب الاقتصاديّ،
مبيّناً أنّ لا بدائل للسلطة الفلسطينيّة في استيراد البضائع والسلع سوى ميناء
أسدود الإسرائيليّ.
ولفت إلى أنّ الحلّ الوحيد، الذي يمتلكه الفلسطينيّون، يتمثّل
في حلّ السلطة الفلسطينيّة، وبالتّالي تحلّلهم من الاتفاقيّات الموقّعة مع
إسرائيل، مشيراً إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة في ظلّ عدم اتّخاذها قراراً بحلّ
نفسها، فهذا يجعلها تتماشى مع القرارات الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينيّين، رغم رفضها
لتلك القرارات.
هذا ويبدو أنّ قرار بنيامين نتنياهو الاقتطاع من أموال الضرائب
الفلسطينيّة سيزيد من العجز الماليّ الذي تعاني
منه الحكومة الفلسطينيّة، فيما يواصل الفلسطينيّون في قطاع غزّة إطلاق تلك
الطائرات الورقيّة تجاه المستوطنات، رغم دعوة وزير الأمن الداخليّ الإسرائيليّ جلعاد أردان في 5
حزيران/يونيو الجاري، الجيش الإسرائيليّ إلى التعامل مع مطلقي تلك الطائرات
الورقيّة كإرهابيّين واطلاق النار عليهم.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/06/palestine-israel-bill-deduct-funds-pa-fire-kites-compensate.html#ixzz6F4kQjtke
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/06/palestine-israel-bill-deduct-funds-pa-fire-kites-compensate.html#ixzz6F4kQjtke
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.