دعم
قطريّ جديد لقطاع غزّة يثير التساؤلات لدى الفلسطينيّين حول توقيته وأهدافه
أحمد
أبو عامر – المونيتور
مدينة غزّة، قطاع غزّة – أعلن صندوق قطر للتنمية (مؤسسة
حكومية) عزمه تقديم مساعدات ماليّة
ومشاريع إغاثيّة إلى قطاع غزّة في 11 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، تقدّر بـ150
مليون دولار، وذلك بتوجيه من أمير الدولة تميم بن حمد آل ثاني، فيما أطلقت العديد
من المؤسّسات القطريّة في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، حملة إغاثيّة تحت عنوان
"غزّة تستحقّ الحياة"
بإشراف هيئة تنظيم الأعمال الخيرية ومشاركة مؤسسة قطر الخيرية، والهلال الأحمر
القطري، ومؤسسة التعليم فوق الجميع، ومؤسسة سلتك، تهدف إلى جمع ملايين الدولارات
لتقديمها كمساعدات إنسانيّة ومشاريع إغاثيّة إلى قطاع غزّة.
وتهدف الحملة التي تمتدّ لمدّة أسبوعين من تاريخ إطلاقها (حتى
21 أكتوبر الجاري) وتشارك فيها 5 مؤسّسات قطريّة، إلى تقديم الاحتياجات العاجلة
إلى سكّان القطاع في 5 مجالات هي: الصحّة، والتعليم، والرعاية الاجتماعيّة،
والمياه، والتمكين الاقتصاديّ، وذلك عبر جمع التبرعات من المؤسسات والأشخاص، وبلغت
قيمة التبرعات حتى تاريخ 16 أكتوبر الجاري، أكثر من 5 مليون ريال قطري. وسبق
المساعدات الماليّة والإغاثيّة تلك تقديم قطر 60 مليون دولار
لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطّة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزّة، وذلك بالتعاون
مع إسرائيل ومبعوث الأمم المتّحدة نيكولاي ملادينوف الذي شكته السلطة الفلسطينيّة
إلى الأمين العامّ للأمم المتّحدة، وقالت إنّه يتدخّل في الشأن الفلسطينيّ
الداخليّ، ودخل قطاع غزة 11 شاحنة وقود
في الفترة بين 9-12 أكتوبر الجاري، قبل أن يتوقف إدخال الشاحنات في 13
أكتوبر الجاري، بأمر من وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وذلك رداً على
تصاعد التظاهرات الفلسطينية على الحدود مع إسرائيل يوم 12 أكتوبر الجاري.
عبّرت السلطة الفلسطينيّة عن غضبها من تقديم المساعدات الرسميّة القطريّة، وذلك
جرّاء وصول بعضها إلى قطاع غزّة في صورة مباشرة وليس من خلال المؤسّسات الحكوميّة
الفلسطينيّة، محذّرة من أنّ ذلك الدعم يهدف إلى مقايضة الحقوق السياسيّة
الفلسطينيّة مقابل مساعدات إنسانيّة، وصولاً إلى انفصال قطاع غزّة عن الضفّة
الغربيّة.
الكثير من المشاريع التنموية القطرية والتي نفذت في قطاع
غزة بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والتي كان آخرها افتتاح السفير القطري محمد
العمادي في 16 سبتمبر الماضي، افتتاح قصر العدل بحضور وزير
الأشغال في حكومة التوافق مفيد الحساينة، وكذلك اطلاق الجزء الثاني من تعبيد
الطريق الرئيسي في قطاع غزة والذي يربط شمال القطاع بجنوبه.
كشف مدير مكتب الهلال الأحمر القطريّ في قطاع غزّة أكرم نصّار
لـ"المونيتور" أنّ حملة "غزّة تستحقّ الحياة" تهدف إلى تقديم
12 مشروعاً إنسانيّاً إلى سكّان قطاع غزّة ودعمها لها، لدعم قطاعات الصحّة والمياه
والإصحاح البيئيّ والتنمية الاجتماعيّة وغيرها، وتبلغ القيمة الإجماليّة للمشاريع
53 مليون ريال قطريّ (15 مليون دولار أميركيّ).
وبيّن نصّار أنّ حالة التدهور الإنسانيّ وتراجع الخدمات
الأساسيّة وتفاقم الفقر والبطالة في قطاع غزّة من أهمّ الأسباب التي دفعتهم
كمؤسّسات قطريّة إلى إطلاق تلك الحملة، مشيراً إلى أنّ بدء وصول المساعدات وتمويل
المشاريع سيبدأ فور الانتهاء من الحملة، وتوافر المبالغ المستهدفة لتنفيذ
المشاريع.
قدّم الهلال الأحمر القطريّ منذ بداية عمله في القطاع في عام
2008، 80 مشروعاً إغاثيّاً وتنمويّاً شملت قطاعات الصحّة والتعليم والمياه
والإيواء الموقّت، بمبلغ إجماليّ هو 110 ملايين دولار، واستفاد منها أكثر من مليون
نسمة في قطاع غزّة، وفقاً لنصّار.
من جانبها، أعلنت مؤسّسة قطر الخيريّة
في 14 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، وهي إحدى المؤسّسات المشاركة في الحملة، أنّها
تقدّم مساعدات ومشاريع يستفيد منها 800 ألف مواطن فلسطينيّ في قطاع غزّة في شكل
سنويّ، وهو ما يعادل 40% من السكّان.
وتهدف قطر من خلال دعمها للفلسطينيين أن يكون لها مكانة سياسية في منطقة الشرق
الأوسط، وتحديداً في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، لا سيما في ظل علاقاتها الجيدة
مع حركة حماس وقيامها في يوليو 2018، بإجراء وساطة غير مباشرة بين حماس
وإسرائيل للتوصل لاتفاق تهدئة بين الجانبين في ظل تصاعد التظاهرات الفلسطينية على
الحدود الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل، بالإضافة إلى دعمها الإنساني للفلسطينيين
الذين يعانون بفعل الحصار والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة.
جاءت الأوضاع الاقتصاديّة والإنسانيّة الصعبة التي يعشيها قطاع
غزّة بفعل الحصار الإسرائيليّ المفروض على القطاع منذ 12 عاماً، وقيام السلطة بتقليصات ماليّة في
آذار/مارس 2017 على رواتب الموظّفين الحكوميّين في قطاع غزّة، ووقف الولايات المتّحدة
الأميركيّة منذ بداية العام الجاري، أكثر من 500 مليون دولار كانت توجّه كمساعدات
إنسانيّة إلى وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين في الشرق
الأدنى الأونروا ودعم مشاريع تنمويّة في الأراضي الفلسطينيّة.
قال عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير أحمد مجدلاني لـ"المونيتور":
"لن نقف متفرّجين أمام الأطراف التي ساهمت في اللعبة القذرة عبر تجاوز
القيادة والحكومة الفلسطينيّة في تقديم مساعدات إلى قطاع غزّة، بما في ذلك
ملادينوف والذي لم يعد مقبولاً لدينا التعامل معه، وطالبنا الأمين العامّ للأمم
المتّحدة بضرورة وقف تجاوزاته". فيما جاء رد الأمين العام للأمم
المتحدة في 12 أكتوبر الجاري، أنه يدعم بشكل كامل جهود ملادينوف.
وأشار إلى أنّ ما يجري هو تقديم دعم إلى حركة حماس تحت ذريعة
المساعدات الإنسانيّة، وذلك بهدف ترسيخ حكمها في قطاع غزّة وإعطائه طابعاً شرعيّاً
وتأهيله ليكون شريكاً مستقبليّاً في المخطّط الأميركيّ بفصل الضفّة الغربيّة عن
قطاع غزّة.
وتستفيد شرائح مختلفة في قطاع غزة من المشاريع القطرية التي
تنفذ بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، لا سيما في جانب إعادة الإعمار، وتأهيل
البنية التحتية لقطاع غزة، وأكد السفير القطري محمد العمادي في 22 فبراير 2018، لوكالة رويترز أن الأموال التي تحولها قطر لإغاثة
الفلسطينيين تأتي بتعاون ومباركة من واشنطن، وهو (التعاون) دليل على أن قطر لا
تدعم حماس، بل تهدف لمساعدة إسرائيل في تجنب حرب جديدة أخرى في غزة.
وأبلغت السلطة الفلسطينيّة السفير القطريّ محمّد العمادي خلال زيارته إلى الأراضي
الفلسطينيّة في 13 أيلول/سبتمبر الماضي، بأنّ أيّ مساعدات أو مشاريع يجب أن تمرّ
من خلال الحكومة الفلسطينيّة وأيّ تجاوز غير مقبول، وفقاً لمجدلاني.
فيما أكّد رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس اسماعيل هنيّة في 13 تشرين
الأوّل/أكتوبر الجاري، خلال تشييع جثامين 7 فلسطينيّين قتلوا برصاص الجيش
الإسرائيليّ في الاحتجاجات المستمرّة على طول الحدود الشرقيّة لقطاع غزّة، أنّهم
لن يقبلوا بأيّ حلول لا تتضمّن رفع الحصار كلّيّاً عن قطاع غزّة، مضيفاً: "لن
نقايض مسيرات العودة بالسولار والدولار، على الرغم من تقديرنا كلّ جهد عربيّ
ودوليّ لمساعدة سكّان غزّة".
وأظهر تقرير صادر عن البنك
الدوليّ في 24 أيلول/سبتمبر الماضي، أنّ قطاع غزّة يشهد انهياراً اقتصاديّاً
متصاعداً، وأنّ المساعدات والمنح التي تقدّم إلى الفلسطينيّين في هذه الآونة عاجزة
عن توفير أيّ نموّ اقتصاديّ، فقد بلغت نسبة البطالة 53% (70% منهم من فئة الشباب)،
حيث يعاني واحد من أصل اثنين من الفقر.
رأى المحلّل السياسيّ والكاتب في صحيفة الأيّام المحلّيّة طلال
عوكل في حديث إلى "المونيتور" أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة
وإسرائيل تستعجلان تطبيق صفقة القرن، وذلك تحت عنوان تأهيل قطاع غزّة وتقديم
المساعدات الإنسانيّة والاقتصاديّة إليه من قبل بعض الأطراف كدولة قطر.
وأشار إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة مدركة تماماً لما تخطّط له
الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل، بعكس حماس التي ترى أنّ تلك المساعدات
ثمرة مسيرات العودة التي بدأت في نهاية آذار/مارس الماضي، على طول الشريط الحدوديّ
لقطاع غزّة مع إسرائيل.
أمّا الكاتب والمحلّل السياسيّ حسام الدجني فاعتبر في حديث إلى
"المونيتور" أنّ بدء تدفّق المساعدات إلى قطاع غزّة يعبّر عن مزاج دوليّ
وإقليميّ بدأ بالتحوّل في ظلّ تصاعد مسيرات العودة وكسر الحصار، هذا إضافة إلى
استغلال بعض تلك الأطراف تقديم المساعدات، بهدف لعب دور سياسيّ في الملفّ
الفلسطينيّ.
ساهم الدعم القطريّ لقطاع غزّة، والذي شهد زخماً كبيراً منذ
انتهاء الحرب الإسرائيليّة الثانية على القطاع في عام 2012، في تأهيل العديد من القطاعات الخدماتيّة والبنية
التحتيّة لقطاع غزّة.
الرابط الأصلي:
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/10/palestine-gaza-hamas-qatar-aid-pa-anger.html#ixzz6F6Bp53YY
https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2018/10/palestine-gaza-hamas-qatar-aid-pa-anger.html#ixzz6F6Bp53YY